logo

logo

logo

logo

logo

الأميبات (داء-)

اميبات (داء)

Amoebiasis - Amoebiasis

الأميبات (داء ـ)

 

داء الأميبات amebiasis مرض طفيلي يصيب الأمعاء خاصة وكذلك بعض النسج فيسبب أعراضاً دموية وعائية تختلف باختلاف موضع الإصابة. وينجم عن نوع من وحيدات الخلية الحيوانية ينتمي لفصيلة المتحولات الداخلية Endamoebidae من صف جذريات الأرجل ويدعى المتحولة الداخلية الحالة للنسج Entamoeba histolytica.

اكتشف الروسي لوش Lôsch هذا الطفيلي عام1875 في براز شخص يشكو من إسهال زحاري، كما اكتشفه في قرحات أمعائه الغليظة فأطلق عليه اسم الأميبة القولونية. لكن الألماني شاودين ميّزه عام 1903 من المتحولة القولونية وأطلق عليه اسم المتحولة الداخلية الحالة للنسج أي Entamoeba histolytica تمييزاً لها من الأميبات التي تعيش خارج الجسم. ويعدّ داؤه المسمى داء الأميبات من أمراض البلاد المعتدلة والحارة والمدارية خاصة حيث يكون مستوطناً في معظمها.

يعيش الطفيليّ في لُمْعَة أمعاء الإنسان الغليظة بين الزغابات المعوية وفي خبايا غددها المسماة غدد ليبركون حيث يتغذى بالإفرازات المخاطية، وبمستقلبات الجراثيم المعوية. وقد ينخر غشاء الأمعاء المخاطي ويجتازه ليتغذى بالكريات الحمر، وبأجزاء الخلايا، وبالنسج المنحلة بفعل خميرة يفرزها.

شكل الطفيلي

يمر الطفيلي في أثناء حياته بأربعة أطوار. أحدها يقوم بجميع وظائف الحياة من حركة وتغذ وتكاثر فيطلق عليه اسم الفرد المتغذي أو الإعاشي trophozoite، أما الطور الثاني فهو شكل مقاوم يتكون فقط في لمعة أمعاء الإنسان، ويطلق عليه اسم الكيسة أو الكيس cyst، وأما الطوران الآخران فهما طوران انتقاليان يتكونان في الأمعاء، أحدهما قبل تشكل الكيسة ويدعى سليفة الكيسة أو الكيس procyst والثاني ينتج من الكيسة قبل تشكل الفرد المتغذي ويطلق عليه خليفة الكيسة metacyst ولا يشاهد هذا الطور في البراز في حين ترى الأطوار الثلاثة الأولى فيه.

الفرد المتغذي أو الإعاشي

خلية ذات شكل غير ثابت وقياس يختلف باختلاف شدة نشاطها بين عشرة مكرو مترات وستين مكرومتراً. وتتكون من طبقتين من الهيولى، إحداهما باطنة تقوم بوظائف الحياة والأخرى ظاهرة شفافة صافية تحيط بالسابقة وترسل استطالات إصبعية باتجاهات مختلفة فتوفر للخلية حركة نشيطة غير منتظمة تتعذر متابعتها بالنظر إليها، كما تستولي الخلية بوساطتها على غذائها وتطرح بها فضلاتها.

سليفة الكيسة

إذا أصبح الفرد المتغذي أو الإعاشي في شروط لا تلائم نشاطه وحياته طرح مخلفات استقلابه وتحول إلى شكل كروي أو بيضوي أصغر حجماً من الفرد الإعاشي وقلَّص هيولاه الظاهرة واختزن مواده الغذائية البروتينية بشكل أجسام صبغانية chromatoid body عصوية الشكل، ومواده الغليكوجينية ضمن فجوات خاصة.

الكيسة: تنجم الكيسة عن سليفة الكيسة بعد أن تحاط بغلاف أملس رقيق تفرزه الهيولى الظاهرة، فتبدو مجهرياً بشكل جسم كروي أو بيضوي كاسر للضوء، زجاجي المظهر قطره من 5 إلى 10 مكرومترات. وتضم الكيسة الحديثة التشكل غير الناضجة، جسمين صبغانيين عصويي الشكل مدوري النهايات يتلاشيان مع تقدم نضج الكيسة، ونواة واحدة لا تلبث أن تنقسم لتصبح أربع نوى فيتم بذلك نضج الكيسة.

خليفة الكيسة: تنجم عن انطلاق الطفيلي من الكيسة التي انشق غلافها. وهي خلية صغيرة ذات أربع نوى غير محاطة بغلاف لا تلبث هيولاها أن تنقسم أربعة أجزاء ينجم عنها أربعة طفيليات صغيرة.

أنواع المتحولات

أمكن بدراسة حركة الطفيلي الناشط، وفجواته الغذائية، وحجم أكياسه وعدد النوى في الأكياس الناضجة، وكذلك بدراسة بنية الطفيلي في أطواره المختلفة بعد تأثير صبغه باليود أو بالهيماتوكسيلين الحديدي لإظهار صفات النواة وما تحتويه الأكياس من مواد مدّخرة، أمكن تمييز عدة أنواع للمتحولات، منها ما يشاهد في الأمعاء كالمتحولة الداخلية الحالة للنسج، والمتحولة الداخلية الهرتمانية E.hartmanni، والمتحولة الداخلية القولونية E.coli، والمتحولة اليودية البُتشلية Iodamoeba butschlii، والوئيدة الَقَزَمة Endolimax nana، ومنها ما يشاهد في الجملة العصبية كالمتحولة المشوكة Acanthamoeba. وكلتا المتحولتين الحالة للنسج والمشوكة ممرضتان للإنسان أما الأنواع الأخرى فهي طفيليات غير مؤذية للبشر.

تكاثر المتحولات: تتكاثر المتحولة الداخلية الحالة للنسج داخل النسج وفي لمعة الأمعاء. أما في النسج فتتكاثر بطريقة بسيطة هي طريقة الانشطار الثنائي  فتنقسم فيه النواة أولاً جزأين، ثم تنقسم الهيولى جزأين يختص كل منهما بجزء من النواة. أما في لمعة الأمعاء فيتم التكاثر إما بالانشطار الثنائي، كما في النسج، أو بالتكيس وذلك بانقسام النواة مرتين من دون انقسام الهيولى ويصبح الكيس بعدها ناضجاً يحتوي طفيلياً ذا أربع نوى. وبعد انطلاق الطفيلي من الكيس تنقسم الهيولى إلى أربعة أجزاء فينتج عن الكيس الواحد أربع متحولات.

دورة حياة المتحولة الداخلية الحالة للنسج وانتقالها: الإنسان هو المضيف الأساسي ومستودع المتحولة الداخلية الحالة للنسج مع وجود أخماج عفوية في الكلاب والقطط والأرانب والجرذان، لأن هذه الحيوانات لا تتشكل فيها الأكياس، مما يجعل دورها بسيطاً في نقل الخمج إلى الإنسان. تعيش الأفراد المتغذية المتحولة الحالّة للنسج في خبايا الأمعاء الغليظة وفي نسج جدار الأمعاء حيث تتكاثر بالانشطار، أو تتحول ضمن لمعة الأمعاء إلى أشكال كيسية مقاومة يطرح قسم كبير منها مع مفرغات الأمعاء، فإذا كان البراز سائلاً، طرحت المتحولات قبل تحولها  إلى أشكال مقاومة. لذلك تشاهد فيه الأفراد المتغذية فقط، وإذا كان البراز ليناً طرحت بشكل أفراد متغذية وسلائف أكياس وأكياس غير ناضجة، أما في البراز المتماسك فتطرح بشكل أكياس غير ناضجة وأكياس ناضجة. وبعد خروج هذه الأشكال من جسم الإنسان تؤثر فيها العوامل الطبيعية، فتتأثر الأفراد المتغذية بسرعة وتتلف بفعل الحرارة سواء أكانت فوق الدرجة 37ْ مئوية أم دون ذلك، أما سلائف الأكياس والأكياس غير الناضجة فإنها أقل تأثراً بالحرارة وقد تتابع الأكياس غير الناضجة تطورها لتصبح أكياساً ناضجة شديدة المقاومة، فقد تبين أن الأكياس الناضجة تقاوم حرارة مقدارها 68ْ مئوية، كما أنها تقاوم محلول حمض كلور الماء بنسبة 5% مدة 30 دقيقة، ويمكنها البقاء حية في الماء مدة تختلف بين 8 أيام و35 يوماً بحسب درجة حرارة الماء وكمية الجراثيم الموجودة فيه، فتقلُّ المدة كلما ارتفعت الحرارة وزادت كمية الجراثيم. لأن الجراثيم تعيقها عن التغذي لاستهلاكها جزءاً كبيراً من الغذاء كما شوهدت الأكياس الناضجة حيَّة في مفرغات الذباب والصراصير وإقيائها بعد 48 ساعة من دخول الأكياس إلى معدة هذه الحشرات، لذلك تعدّ الأكياس الناضجة الطور المخمج للإنسان ويتم انتقالها إليه مباشرة بالأيدي الملوثة، أو بطريقة غير مباشرة بوساطة الماء والطعام وأدواتهما الملوثة، فتدخل الجسم عن طريق الفم وتجتاز المعدة مقاومة حموضتها، ثم تمر بالأمعاء الدقيقة حتى تبلغ نهايتها حيث يتحرر الطفيلي من كيسه وتبدأ هيولاه بالانقسام أجزاءً مساوية لعدد النوى، فينتج من ذلك أميبات جديدة نشيطة تنتقل إلى لمعة الأمعاء الغليظة لتستقر في مناطقها الهادئة حيث تبدأ بالتكاثر، وقد تتكيس من جديد فتطرح مع البراز لتعيد دورة حياتها، أو تهيج بتأثير عوامل مختلفة تتعلق بعدد الطفيليات وسلالاتها وشروط المضيف الغذائية والمناعية فتجتاز جدار الأمعاء لتنتشر في المناطق المجاورة أو تنتقل بالدوران الدموي إلى مناطق مختلفة كالكبد والرئة والطحال والدماغ والجلد.

الإمراض

تتوضع المتحولات بعد انطلاقها من الأكياس وبلوغها الأمعاء الغليظة بين الزغابات المعوية حيث تبقى مدة من الزمن من دون أن تغزو الغشاء المخاطي، لذلك لا تحدث أيّ تبدل نسجي في أمعاء الإنسان أو نسجه، وفي مثل هذه الحالة يكون المضيف حاملاً للطفيلي لا تظهر عليه أعراض الإصابة وفي شروط خاصة وبتأثير بعض العوامل المثيرة تخترق المتحولات جدار الأمعاء وتحدث فيه قرحات صغيرة، ما تزال آلية تكونها غير واضحة تمام الوضوح.

وتكون الآفة البدئية السائدة نخراً سطحياً على هيئة سحجات غير منظورة تتوضع في طبقة الخلايا الظهارية لمخاطية القولون، أو انتباجاً في مركزه فتحة صغيرة متصلة بجوف يستقر في الطبقة السطحية. ثم تمتد الآفة عمقاً بحسب مقاومة المضيف فإذا كانت مقاومته شديدة، تكونت قرحة سطحية مستديرة ولا تترافق بخمج جرثومي، بل بارتكاس ترممي ينجم عنه تكون نسيج مخاطي جديد وسليم، أما إذا كانت مقاومة المضيف ضعيفة والطفيليات كثيرة العدد وشديدة الفوعة، امتد النخر جانبياً وعمقاً ضمن الطبقة العضلية المخاطية، واتسعت القرحة وأصبح قطرها نحو 1سم، وقد تعبرها الجراثيم مسببة خمجاً جرثومياً ثانوياً ضمن الجيوب النخرة فيتكون حول الآفة تفاعل التهابي. وقد يصيب النخر الأوعية الدموية مسبباً نزفاً شديداً. أو يصل إلى طبقة الصفاق peritoneun فيثقبها، وتدخل المتحولات جوف البطن مسببة التهاب الصفاق الأميبي الموضّع أو المعمم.

أو تحدث التصاقات بين العرى المعوية القريبة من القولون أو بين غلاف القولون الصفاقي والثرب، أو بينه وبين أعضاء البطن المجاورة.

ليس ضرورياً أن يبقى الخمج المتحولي معوياً بل قد تدخل المتحولات الأوعية اللمفية فتسبب التهاب العقد وضخامتها، أو تدخل الأوعية الدموية فتنتقل إلى أعضاء مختلفة. فدخولها وريد الباب يوصلها إلى الكبد، ودخولها الوريد الباسوري السفلي يوصلها إلى الوريد الأجوف السفلي ومنه إلى الرئة، ودخولها الأوردة قرب الفقارية يوصلها إلى القناة السيسائية فالدماغ، وحيثما وصلت تحدث التهاباً ونخراً، وكثيراً ما تترمم الآفات البدئية المعوية في هذا الانتقال فتشفى التقرحات فيها.

وليس من المؤكد كذلك أن ترافق داءَ الأميبات الداخلي آفاتٌ أو أعراض متحولية معوية. أما الإصابات المعوية فتتوضع غالباً في المناطق القولونية التي يكون فيها انسياب محتويات المعي بطيئاً، وتكون في ثلثي الإصابات مبعثرة في الأماكن التالية مرتبة بحسب كثرة الإصابة: الأعور والقولون الصاعد والشرج والسينيّ والزائدة وزاوية القولون اليسرى والقولون المعترض وزاوية القولون اليمنى والقولون النازل.

الأعراض

لا يبدي 50% من الأشخاص المخموجين أي عرض بسبب توضع الطفيلي في لمعة الأمعاء أو بسبب الإصابات الخفيفة والتبدلات النسيجية السطحية والمحدودة العدد ويذكر 15% من هؤلاء المخموجين إصابة زحارية في سوابقهم، وتظهر في 25% منهم بعض الأعراض غير النموذجية  بسبب حساسية أبدانهم. أما الذين تظهر فيهم الأعراض فهم في حدود 10% من المصابين  ويتظاهر المرض بشكل زحار سريري.

تبيّن بالتجربة أن ظهور الأكياس في البراز يتطلب ثمانية أيام بعد دخولها جهاز الهضم وقد تتدنى المدة ليوم واحد أو تمتد حتى أربعة أيام أو أربعين يوماً، في حين تمتد حضانة الخمج العرضي من عشرين يوماً حتى خمسة وتسعين يوماً، وهي في الجوائح دون أربعة أسابيع عند ثلثي المصابين(64.7%) وأقل من أسبوع واحد عند 6.7% منهم: وقد تستمر عدة سنين عند الحملة الذين لا تبدو فيهم أعراض المرض ولكنهم قد يبدون في أيّ وقت أعراض الزحار السريري.

وتنجم الأعراض غير النموذجية المشاهدة في 25% من المصابين بخمج متحولي، عن حساسية في أجسامهم وتبدو بشكل اضطراب معدي معوي يرافقه بالتناوب إمساك خفيف وإسهال، وبانتفاخ بعد الطعام، وآلام قولنجية في أسفل البطن تزول بعد حركات مفرغة للأمعاء، وآلام عضلية مبهمة، وقد يشعر المصاب بغثيان خفيف قبل الطعام أو بعده كما قد ينقص وزن المصاب.

الزحار الحاد

تتظاهر الآفة إذا كانت شديدة ومنتشرة أو متوضعة في نهاية الأمعاء الغليظة، بهجمة حادة يشكو المريض في أثنائها من ألمٍ بطنيٍ وحمى خفيفة قد تصل الحرارة فيها إلى 37.8 مئوية، ومن نافض chill وإسهال متوسط الشدة أو شديد يرافقه في ذروة الهجمة زحير tenesmus مجهد يتكرر أربع مرات إلى خمس في اليوم، فيفرغ المريض في كل جلسة برازاً حامضي التفاعل يضم كثيراً من الكريات الحمر الصغيرة المستحيلة والمتراصة، وكمية كبيرة من المواد المخاطية، وقليلاً من الكريات البيض المتعددة النوى والحمضة كما يحتوي البراز خلايا بطانية وظهارية وبلورات شاركوـ ليدن Charcot-Leyden. وقد يشكو المريض من غثيان وقيء وانسمام دموي toxemia وإعياء prostration وضعف weakness وخمول عقلي mental depression وتجفاف وهزال emaciation ونقص في الوزن.

ويظهر بفحص الدم فقر دموي وزيادة الكريات البيض التي تبلغ 1107 ألف/مم3. ومما يميز الإصابة الزحارية أزماتها وقابلية زوال أعراضها تلقائياً لتعود من جديد بعد مدد زمنية متفاوتة.

الزحار المزمن

وإذا أزمن داء الأميبات المعوي، كثرت الندب وزاد التليف في جدار الأمعاء مما يؤثر في حركات الأمعاء، فيضطرب إفراغ البراز. ويظل المريض يشكو من أعراض غير وصفية تشبه الأعراض السابقة، حتى بعد شفائه من الطفيليات والجراثيم المشاركة.

داء الأميبات الكبدي

تبدأ الإصابة بالتهاب كبدي قرب البابي غير نوعي، وتتظاهر بحمى وضخامة كبدية مؤلمة مع زيادة عدد الكريات البيض، ويكون المريض قد أصيب سابقاً بالزحار الحاد.

وقد تتحول الإصابة إلى خراج كبدي وحيد غالباً، يتوضع في الجزء الخلفي من الفص الكبدي الأيمن، ثم يتطور الخراج إما خلسة فيتظاهر بحمى وتعرق وضخامة كبدية خفيفة الألم ونقص في الوزن. وإما فجاءة فيحدث عند المريض نافض وحمى ليلية شديدة مطبقة أو مترددة تصل حتى 40 درجة مئوية، وتعرق غزير، كما يصاب بغثيان وقيء وألم شديد في الناحية الكبدية ينتشر إلى الكتف اليمنى.

ويبدي فحص الدم زيادة شديدة في عدد الكريات البيض قد يصل إلى عشرين ألف كريَّة في الميلي متر المكعب مع زيادة في سرعة تثفل الدم.

داء الأميبات الجنبي الرئوي

يصاب الجنب الأيمن والرئة اليمنى بالمتحولات نتيجة امتداد الخراجة الكبدية الأميبية وانفتاحها على الجنب عند 10ـ20% من المصابين، فيشكو المريض من ألم جنبي وحمى وسعال ويكشف الفحصان السريري والشعاعي وجود انصباب جنبي كبير يبدو بالبزل بشكل سائل قيحي بني اللون.

التشخيص

يصعب سريرياً تمييز الزحار المتحولي من الزحار العصوي الجرثومي أو من الزحار الناجم عن طفيليات أخرى أو عن أمراض معوية أخرى: كالتهاب القولون، والتهاب المعدة المزمن، والتهاب الأمعاء، والتهاب الزائدة المزمن، والأرجية[ر] الغذائية. كما يصعب تشخيصه عندما يتشارك بخمج ثانوي أو باختلاط إضافي.

لذلك يعتمد التشخيص على شكل البراز وصفاته ورؤية الطفيلي في البراز أو النسج بالفحص المجهري.

ولرؤية الطفيلي في البراز يجب أخذ النموذج لفحصه مجهرياً قبل إعطاء مضادات الإسهال والحموضة والصادات، وكذلك قبل إعطاء كبريتات الباريوم المستعملة في التصوير الشعاعي. ويتم أخذ النموذج إما من المواد البرازية أو من المواد المخاطية المرتشفة من داخل الأمعاء بعد تطبيق منظار المستقيم، أو من رشافة الخراجة الكبدية أو الانصباب الجنبي أو من الخزعة النسيجية ثم يفحص النموذج بالمجهر مباشرة عقب الحصول عليه من دون تلوين. فتشاهد الأفراد المتغذية ذات الحركة النشيطة بفضل أرجلها الكاذبة المؤنفة النهاية وملاحظة الكريات الحمر داخل فجواتها الغذائية أو برؤية أكياسها أو بفحص النموذج بعد التلوين لتعرف الأفراد المتغذية للمتحولة وأكياسها استناداً إلى صفاتهما الشكلية والبنيوية السابقة الذكر.

وإذا أخفق فحص البراز مجهرياً يزرع إذا كانت الإصابة معوية، أو تجري الفحوص المصلية المناعية في الإصابات النسيجية. وقد أثبتت هذه الفحوص وجود داء الأميبات عند 1.5% من الحالات التي لم تشخص مجهرياً.

وتشخص الإصابات المعوية المزمنة والناكسة المترافقة بتبدلات ندبية التئامية بتصوير الأمعاء الغليظة شعاعياً، كما تشخص الخراجات الكبدية الأميبية بالتصوير الشعاعي، وتميز من الخراجات الأخرى بعدم ظهور مستوى سائل فيها، أو بالتفرس scanning الومضاني بالنظائر المشعة، أو بالتفرس فوق الصوتي أو بالاختبارات المصلية التي تكون نتائجها إيجابية في أكثر من 90% من المصابين. ويمكن في بعض الأحيان إثبات التشخيص بطريقة المعالجة.

المعالجة

توجد أدوية كثيرة تقتل الأفراد المتغذية للمتحولات أو أكياسها، ولكن يختلف تأثيرها باختلاف توضع الطفيلي. فالدواء القاتل للطفيلي في لمعة الأمعاء قد لا تؤثر فيه عند توضعه في النسج وبالعكس.

فمن الأدوية المهلكة للمتحولات في لمعة الأمعاء والتي تعطى عن طريق الفم: الأملاح اليودية الكينية والأميدات والصادات: (إريتروُميسين، باروموميسين، تِتْراسكلين، فوماجلّين، باسيتراسين) التي قد تؤثر أيضاً تأثيراً غير مباشر في المتحولات المتوضعة ضمن جدار الأمعاء وذلك بتأثيرها في الزمرة الجرثومية المشاركة للمتحولات.

ومن الأدوية المهلكة للمتحولات في جدار الأمعاء والنسج الإمتين والدِهدروإمتين، والكلوروكين الذي يعطى عن طريق الفم فيمتص بسرعة من بدء الأمعاء.

ومن الأدوية المهلكة للمتحولات بطوريها الناشط والكيسي، وبتوضعاتها المختلفة في لمعة الأمعاء أو جدار الأمعاء أو النسج: المترونيدازول الذي يعطى عن طريق الفم لمدة عشرة أيام فقط، تجنباً للتأثيرات الجانبية، لكن هذه المدة غير كافية لتحقيق استئصال تام للخمج المعوي لذلك لا بد من متابعة المعالجة لمدة شهر كامل، وهذا يتطلب استعمال عدة أدوية متواقتة أو متعاقبة بحسب نوع الدواء وتوضع الإصابة.

فالمعالجة التامة لجميع توضعات الإصابة وأشكالها تتم بإعطاء المترونيدازول 35-50 ملغ/كغ يومياً ثم متابعة المعالجة بإعطاء الديودوكين.

وإذا لم يمكن استعمال المترونيدازول، أعطي المصاب بداء الأميبات المعوي الحاد الأمتين مع مراقبة قلبه وضغطه. ويشرك مع هذا الدواء الأوكسي تتراسيكلين. والديودوكين ثم تتبع المعالجة بإعطاء الكلوروكين.

أما في الخراجة الكبدية المتحولية فيعطى الإمتين والديودوكين والكلوروكين. وقد يلزم إضافة إلى ما سبق إعطاء المسكنات ومضادات التشنج ومقويات القلب، كما تطبق على المريض حمية مائية في البدء ثم حمية خالية من المواد الدهنية.

الوبئيات

داء الأميبات من أمراض المناطق الحارة والمعتدلة وهو يستوطنها كما يشاهد في المناطق الباردة على هيئة إصابات فرادية أو أوبئة صغيرة ومحدودة زمناً ومكاناً.

وتكثر إصاباته في المناطق التي تهمل القواعد الصحية حيث تصل نسبة المخموجين في تلك المناطق إلى 80% من سكانها.

الوقاية والمكافحة

تعتمد الوقاية على تجنب الإصابة بالمتحولات الداخلية الحالة للنسج؛ وذلك بمنع وصول طورها المعدي إلى جهاز الإنسان الهضمي.

لما كانت الأفراد المتغذية للمتحولات وسلائف أكياسها غير مقاومة لتبدلات الحرارة ولا لحموضة المعدة فإنها غير مسؤولة عن انتقال الخمج من إنسان إلى آخر. في حين تشكل الأكياس الطور الهام لانتقال الخمج وذلك لشدة مقاومتها للحرارة. إذ يمكنها الحياة في درجة التجمد كما يمكنها البقاء حية مدة خمسة وثلاثين يوماً في درجة +5 مئوية ومدة سبعة عشر يوماً في مياه الصنابير وتسعة أيام بدرجة 25 مئوية ودرجة الحرارة المتلفة لها 68ْ درجة مئوية.

وتقاوم الأكياس المواد الكيماوية والكلور الممزوج بالماء عندما تكون كثافته في الحدود المستعملة لحماية الماء من الجراثيم الممرضة.

أما الجفاف فيؤثر في الأكياس ويتلفها لذلك لا تبقى مدة طويلة على الأيدي الملوثة، ولما كان المصابون بالزحار الحاد لا يطرحون الأكياس في برازهم، لعدم تشكلها نتيجة طرح الأفراد المتغذية بسرعة، فإنهم لا ينقلون الخمج إلى أشخاص آخرين.

أما الأشخاص حملة المتحولات والمخموجون اللاعرضيون والناقهون فإنهم يطرحون مع برازهم كمية كبيرة من الأكياس، فيبلغ متوسط ما يطرحه الشخص الواحد يومياً 14.5 مليون كيس، لذلك يكون هؤلاء الأشخاص مصدر العدوى التي تتم إما بطريقة مباشرة، أو بطريقة غير مباشرة: بوساطة الطعام أو الخضار أو المياه الملوثة أو بوساطة الحشرات الناقلة كالذباب والصراصير خاصة.

يتم تلوث الأيدي بملامستها للبراز. ولكن ثبت بالتجربة صعوبة رؤية الأكياس على الأيدي الملوثة أو تحت أظافرها بعد غسلها بالماء جيداً.

ويتلوث الطعام في أثناء تحضيره بالأيدي الملوثة أو بوقوف الذباب عليه أو بطرح مفرغاته الملوثة عليه. وتتلوث الخضار بوصول المفرغات البشرية إليها باستعمال مياه المجاري لري الأرض المزروعة أو باستعمال الأسمدة العضوية.

وتتلوث المياه بسبب وجود صدوع في الأرض بين حفر تجمع البراز والآبار أو لحدوث تخرب في التمديدات الصحية.

لذلك تعتمد الوقاية على اتباع ما يلي:

ـ غسل الأيدي جيداً بعد كل تبرز.

ـ ستر المراحيض وإغلاقها ومنع الذباب من الوصول إليها.

ـ ستر الطعام بمنخل أو حفظه بعيداً عن الذباب والصراصير.

ـ غسل الأيدي جيداً قبل كل طعام.

ـ عدم تناول الخضراوات أو الفاكهة الملامسة للتراب إلا بعد طهيها أو وضعها في ماء درجة حرارته 80ْ درجة مئوية لمدة نصف ساعة.

ـ عدم استعمال المياه الملوثة أو شربها إلا بعد ترشيحها أو وضع اليود فيها بمعدل حبة لكل ليتر من الماء.

ـ عدم استعمال مياه المجاري في الري.

وتعتمد المكافحة على:

ـ التوعية الصحية بوسائل الإعلام.

ـ تأمين العلاج المفيد.

ـ معالجة المرضى جيداً كي لا يصبحوا حملة للطفيلي.

ـ مراقبة كل من يعمل بالتغذية والمطاعم وإجراء فحوص مخبرية دورية لهم ومعالجة الحملة منهم.

ـ ضمان سلامة التمديدات الصحية.

ـ مكافحة الذباب والصراصير.

ـ منع استعمال السماد العضوي وتوفير السماد الكيماوي.

برهان الدين الحفار

 

مراجع للاستزادة

 

ـ هاريسون، مبادئ الطب الباطني، المجلد الثاني (وزارة التعليم العالي، دمشق 1978).

- DAVID L.BELDING, Textbook of Clinical Parasitology (D.Appleton – Century Company, New York 1942).

- Craig and Faust's Clinical Parasitology (Lead & Febiger 1957).


التصنيف : طب بشري
النوع : صحة
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 677
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1079
الكل : 40583319
اليوم : 113134

نيرفي (بيير لويجي-)

نيرڤي (بيير لويجي ـ) (1891 ـ 1979)   نيرفي: "قصر الرياضة في روما" بيير لويجي نيرڤي Pier Luigi Nervi مهندس معماري إيطالي، وأحد أبرز ممثلي فن العمارة الحديث ليس في إيطاليا فحسب؛ وإنما على المستوى العالمي أيضاً.
المزيد »