logo

logo

logo

logo

logo

بوالو (نيقولا-)

بوالو (نيقولا)

Boileau (Nicolas-) - Boileau (Nicolas-)

بوالو (نيقولا ـ)

(1636 ـ 1711)

 

نيقولا بوالو Boileau Nicolas ناقد وشاعر فرنسي، ينحدر من عائلة برجوازيّة برلمانيّة باريسية، وهو أحد ستة عشر ولداً لأبيه. وقد أطلقت العائلة في وقت مبكر على الطفل نيقولا لقب ديبريو Despréaux نسبة إلى اسم أرض تمتلكها أسرته. ويبدو أن طفولة نيقولا لم تكن سعيدة إذ توفيت والدته وهو لا يزال في شهره العشرين. ولم يعرف طعم العلاقات الإنسانية إلا من خلال مدرسة بوفيه Beauvais حيث بدأ هناك بدراسة اللاهوت ثم القانون ليصبح بعدها محامياً لم يرافع عن أي قضية رسمياً أبداً. كان أحد أشقائه المدعو جيل Gilles الذي يكبره بخمس سنوات كاتباً هجائيّاً وعضواً في الأكاديمية الفرنسية منذ عام 1659.

وكان نيقولا، كأخيه، معادياً لذلك النوع من الشعر الذي يمتدح الوزراء والناس المرموقين. لكن علاقته بأخيه اهتَزت، مؤقتاً، حينما قبل الثاني معونة مادية من الشاعر شابلان Chapelain الذي كان على خلاف مع آراء نيقولا.

كان نيقولا شديد الإعجاب بموليير[ر] Molière، ولاسيما بمسرحيته «مدرسة النساء»، فوقف مدافعاً عنها إلى جانب مؤلفها إزاء الحملة الانتقاديّة  التي تعرضت لها يوم نشرها. أما علاقته بلافونتين[ر] La Fontaine فقد ظلت دائماً فاترة، ولم يرتبط بصداقة مع راسين[ر] Racine إلا بعد عام 1670.

بدأ نيقولا بإلقاء أشعاره الهجائية الأولى نحو عام 1663، وبعد ثلاث سنوات ألقى حواريته المعروفة بـ«أبطال الرواية» Dialogue des héros de roman في أحد المقاهي الفنيّة أمام بعض أصحابه المتحررين. وقد أبرزت طريقته المعبّرة جداً في الإلقاء، تلك الإيحاءات الجدلية والساخرة والتي اتسم بها كل من شعره ونثره. وقد ظهر تأثير موليير واضحاً في هجائياته Satires الأولى، وقد أهداه نيقولا هجائيته الثانية، أما الرابعة فأهداها إلى أفضل أصدقائه القس لوفاييه L’abbé le Vayer. وتتضمن الهجائية الخامسة مقطعاً غنائياً يحاكي أحد المقاطع الطويلة في مسرحية دون جوان لموليير.

تميّزت هجائيات بوالو الأولى بلغة سليمة وقوية، وبحركة حادة عموماً. وبدا بوالو شاعراً يتميّز بالقريحة، والابتعاد عن الرتابة، إذ نادراً ما تقيّد بالقطع الشطري الذي سيتحدث عنه في «فن الشعر» L’art Poétique. وقد أدى لجوؤه إلى التنويع الإيقاعي إلى إحداث ما يشبه المفاجأة لدى مستمعيه الذين أحبوا عنده هذا الأمر وأعجبوا به.

دفعه موليير بين عامي 1668و1670 للهجوم على السوربون والتيار السكولاستي (المدرسي) Scolastique. ومن هنا بدا بوالو محدثاً على الأقل، في ميداني الفلسفة والعلوم كما ظهر في هجائيته الثامنة.

ثم التقى بوالو بأرنولد العظيم le Grand Arnauld فتأثر به تأثراً دفعه إلى الانخراط في اتجاه جديد، فترك عندها الهجاء طيلة ربع قرن ليبدأ اهتمامه في كتابة الرسائل الأخلاقية وانفصل عن أصدقائه البيرونيين Pyrrhoniens (نسبة إلى بيرون الإغريقي Pyrrhon) وعن معجبيه من جماعة المقهى الفني. ثم صار يشارك في جلسات أكاديمية لاموانيون Lamoignon حيث دعته للكتابة حول فن الشعر واقترحت عليه موضوع اللوتران Lutrin «المِقرأ للترتيل». وفي هذه المرحلة دخل كل من بوالو وراسين تحت حماية المركيزة دي مونتيسبان De Montespan. وفي عام 1674 قدمته إلى الملك لويس الرابع عشر فحصل منه على إعانة مالية كبيرة.

ظهر كتاب بوالو «فن الشعر» في صيف عام 1674، وهو تلخيص للمذهب الاتباعي (الكلاسيكي) كما شاع في فرنسة في النصف الأول من ذلك العصر. والحقيقة أنَّ الكتاب لا يتضمن أي جديد، لكنه تميز من غيره من الكتابات المتعلقة بهذا النوع كونه منظوماً شعراً، ويسعى إلى الإعجاب أكثر من سعيه إلى التعليم. وقد كتبه المؤلف ليستخدمه رجال المجتمع فلاقى عندهم نجاحاً منقطع النظير.

واللوتران Lutrin محاكاة ساخرة، طويلة نسبياً ذات أسلوب ملحمي، تدور أحداثها حول صراع بين الكهنة. وتتميز بعض مقاطعها بقريحة لطيفة، إذ وضع بوالو حياته إطاراً لها. فالفعل يجري في سانت لا شابل Sainte La Chapelle، وفي القصر، وفي حانوت باربان Barbin، وهي أماكن يعرفها بوالو جيداً ولها علاقة ببعض جوانب حياته.

وحينما أثارت مسرحية «فيدر» Phèdre عام 1677 موجة عداوة إزاء مؤلفها راسين وصديقه بوالو، قامت السيدة دومونتيسبان بحمايتهما وطلبت من الملك تعيينهما مؤرخين. لكن ثمار جهودهما في تلك المرحلة ضاعت كلها في حريق نشب عام 1726.

كان بوالو ذا مزاجٍ معادٍ لعصره، وهو حينما يدافع عن القدماء لا يكف عن مهاجمة معاصريه. صحيح أنه كان معجباً ببعض الشعراء اللاتينيين، لكن حججه في الدفاع عن هوميروس[ر] وبندار[ر]، كانت ضعيفة جداً، واتضح من خلال تلك الصراعات أن بوالو كان بعيداً عن عصره.

عاد بوالو في عام 1694 إلى الهجاء، ولاسيما هجاء النساء، إذ تجددت قريحته في هذا الميدان، لكنه انتهز تلك الفرصة ليهاجم المحدثين ومن يسمون بحلاّلي المشاكل الضميرية Casuistes. وكان هذا الصراع آخر الصراعات التي يخوضها متسلحاً بعلم المنطق، وأخلاقيات دير ومدرسة بور رويال Port Royal الجانسينية المضطهدة آنذاك من جانب الكنيسة الكاثوليكية. وتوفي في الثالث عشر من شهر آذار عام 1711 تاركاً فنه الشعري وهجائياته التي تعكس صور أبناء عصره، ودفاعه عن الاتباعية وعزلته عن معاصريه.

وإذا كان بوالو شاعراً مهماً، فإن دوره كناقد كان أهم. فقد تقاسم مع معاصريه بعض الأفكار المسبقة، وعجز عن فهم ماهيّة القرون الوسطى أو عن فهم شاعر مثل رونسار[ر] Ronsard وكان أفضل ناقد عَرف كيف يحلل أعمال معاصريه، فهاجم الإدعاء والهزل، ورأى فيهما عائقاً حقيقياً أمام انتشار الاتباعية لما فيهما من المبالغة. وقد أثّر بوالو إيجابياً في ذوق الجماهير، وكان شجاعاً في تصديه لشابلان حينما قال عن ملحمته بأنها مجرد عمل يدعو إلى السخرية. وفي المقابل فقد وقف إلى جانب موليير وراسين وشجعهما وعمل على إبراز شهرتهما، ولم يقصر في مدح كورنيي[ر] Corneille فأسهم في إيصال أعماله إلى الأجيال اللاحقة.

 

قاسم المقداد

 

مراجع للاستزادة:

 

- A.Adam, Histoire de la littérature française au XVII siècle, T. lll (Paris 1952-1956).

- P.Clarac, Boileau (Paris 1964).


التصنيف : الآداب اللاتينية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 449
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 541
الكل : 31745423
اليوم : 20884

سيلبا (خوسه أسونثيون-)

سيلْبا (خوسِهْ أسونثيون ـ) (1865 ـ 1896)   خوسِهْ أسونثيون سيلْبا José Asunción Silva شاعر وناقد كولومبي، وُلِد في بوغوتا وترعرع بين الكتب واللقاءات الأدبية التي كانت تُقيمها «مجموعة فسيفساء الأدبية» في دار والده ريكاردو سيلبا الذي كان كاتباً بدوره، فتشرّب الآداب الاجتماعية والتربية الرفيعة. درس في أفضل المراكز التربوية في العاصمة، ولم يكن يُشارك زملاءه لهوهم ولعبهم، فقد كان شغوفاً بالقراءة والمطالعة.
المزيد »