logo

logo

logo

logo

logo

التعليم والتعلم (طرائق-)

تعليم وتعلم (طرايق)

Teaching methods - Méthodes d'enseignement

التعليم والتعلم (طرائق ـ)

 

يطلق على طرائق التعليم والتعلم teaching and learning methods أسماء متعددة، فأطلقت كلمة التلقين didactic اليونانية على الطرائق الإلقائية والإملائية التي يستخدمها المعلم نحو المتعلم، كما أطلقت طرائق الحوار على الطرائق التفاعلية التي استخدمها سقراط [ر] (المعلم الأول) والتي كان يستخرج بها الأفكار من الشخص الآخر وتسمى dialogue، واستخدمها الناس لتعليم الصغار، ويسمى هذا العلم بيداغوجية pedagogy، أو لتعليم الكبار ويسمى علم الكبار أو أندراغوجية andragogy. وإذا استخدمت الطريقة لتحقيق أهداف تعليمية محددة تسمى استراتيجية التدريس أو التعليم، وتسمى أكثر من طريقة طرائق، وقد يطلق بعضهم اسم طرق. ويتوسع بعضهم الآخر في مصطلح الطرائق لتشمل جميع الأساليب المستخدمة في التعليم والتعلم، ومازالت هذه المصطلحات تستخدم في الأدبيات التربوية الواحدة تلو الأخرى.

ويمكن تصنيف طرائق التعليم وفق نظام شمولي يجمع بين نظام التعليم الذي يركز على المعلم، والتعلم الذي يركز على المتعلم، أو التفاعل بينهما، وهي الطرائق التي تنتقل بينهما في مسار متواصل تسمى طرائق الاتصال أو التفاعل، وهي أكثر الطرائق استخداماً في عصر المعلومات، لأنها تواصل التعلم بانتقال المعلومات والتغذية الراجعة بين المعلم والمتعلم أو بين قطبي المرسل والمستقبل في عملية الاتصال.

وفي ضوء التصنيف التفاعلي للتعليم والتعلم يواصل المتعلم التعلم من إنسان بالمواجهة، أو من برنامج حاسوبي، أو من وسائل الإعلام والاتصال الحديثة التي انتشرت في حياتنا اليومية.

وقد يستخدم المتعلم في التعلم حواسَّ متعددة، تسمى أحياناً تقنيات، أو لغات، مثل اللغة الإشارية التي استخدمها الإنسان منذ نصف مليون سنة، ومازال يستخدمها في الحاضر للاتصال والتعلم كإشارات المرور، وإشارات الأصابع، والأيقونات البصرية، والكلمات الشفاهية المسموعة، والرسوم البيانية، والصور البصرية الثابتة والمتحركة وغيرها من الرموز والمعادلات التي تيسر التعليم والتعلم.

ويندرج تحت قطب الطرائق التي تركز على المعلم، الطرائق الإلقائية والمحاضرات وهي الأكثر شيوعاً في مستوى التعليم العالي لأنها تركز على نقل المعلومة من محاضر إلى مستمع، أو مشاهد.

ولكن أكثر الطرائق شيوعاً هي الطرائق التفاعلية والحوارية ويندرج تحتها طرائق منوعة منها الطرائق الاستنتاجية القياسية التي تعتمد على منطق أرسطو في الفلسفة، الذي يبدأ بذكر القاعدة أو النظرية أو الفكرة العامة ثم ينتقل إلى المثل والشرح والإيضاح الذي يبين تطبيقات القاعدة ولذلك يسميها بعضهم طريقة «القاعدة المثل». وقد سادت في العصور الوسطى في تعليم العلوم والقواعد، ومنها ألفية ابن مالك في وضع ألف بيت شعر يمثل قواعد اللغة العربية مع بعض أمثلتها التي تنطبق عليها. وطورت حديثاً إلى طرائق في التعليم تسمى المنظمات المتقدمة، وتسير أيضاً من المنظومة الكلية العامة إلى المنظومات والأمثلة المتفرعة عنها.

ولكن شيوع الطرائق الاستنتاجية والقياس خلال أكثر من ألفي سنة لم يبدع علوماً وكشوفات جديدة، إلى أن عرض فرانسيس بيكون F.Bacon في كتابه «العضو الجديد» New Organon طريقة التفكير والتدريس الاستقرائية التي تبدأ بالتجربة والأمثلة، وبعدها تنتقل إلى القاعدة، وبعد أن بدأت الكشوفات العلمية والجغرافية عندها قام الإنسان بمغامرات التجريب والبحث ليتوصل بعدها إلى النتيجة، وهذا ما يقوم به العالم في الحياة والمخابر العلمية، ومايقترحه المربون في وضع المتعلمين في موقع المكتشف الأول، ولذلك فهي طريق كشفية وإبداعية، ومشوقة أسهمت في تضخم المعلومات في عصر النهضة الأوربية وفي العالم، واستخدمها مدرسو العلوم والقواعد لتدريس المفهومات والمبادئ والنظريات والمعادلات، والأفكار العامة. إلا أنه من الصعب أحياناً وضع المتعلم موضع المكتشف الأول، إما لأن معارفه ومهاراته أقل من المكتشف الأول، وإما لصعوبة إجراء التجربة لنقص الأدوات والتقنيات المستخدمة، ولذلك يقترح بعضهم الجمع بين الاستنتاج والاستقراء معاً في طرائق ينتقل فيها التفكير بين التحليل والتركيب، أو ينتقل فيها المتعلم بين الكل والجزء ثم العودة إلى الكل، وبعدها تطبق على أمثلة جديدة.  وتسمى هذه بالطرائق العلمية الجامعة بين الاستقراء والاستنتاج، وهي الأكثر شيوعاً في طرائق التعليم والتعلم. وتبدو مهارة المتعلم في استخدام الطرائق المناسبة لكل موقف تعليمي دون تفضيل الواحدة عن الأخرى في جميع المواقف والموضوعات.

ويلاحظ أن التنوع في الطرائق مفيد في التعليم والتعلم كما هو مفيد التنوع في تقنيات التعليم، على أن ينظر إلى تقنيات التعليم والأجهزة والبرامج والطرائق في منظومة واحدة، وقد يضاف إليها طريقة استخدام الإنسان لها، وتسمى هذه أنظمة التدريس.

وعندما يستخدم المعلم أو المتعلم الطرائق العلمية، الاستنتاجية والاستقرائية، تجنح الطرائق العلمية نحو قطب التعليم أو التعلم. وفي هذا العصر يركّز على الطرائق التفاعلية، الحوارية في معظم وسائل الإعلام الحديثة وتقنياته، فالإذاعة التي كانت ترسل المعلومات جاهزة إلى المستمعين، صارت تستخدم الحوار والاتصال معهم، إما بالإذاعة والهاتف، أو بالفاكس، أو المراسلة بالبريد العادي أو الإلكتروني أو تسجيل بالمسجلة. وكذلك ترسل البرامج التلفزيونية باتجاه المشاهدين، وتعلم أيضاً بالتفاعل بين العارض والمشاهد. وتحسّن بالسؤال الذي يطرحه العارض أو السؤال الذي يطرحه المشاهد على العارض. وزاد انتشار هذا النمط من الاتصال المتزامن، إلا أنه شاع أيضاً الاتصال غير المتزامن بتسجيل المعلومات في شريط الفيديو أو قرص الحاسوب، أو بالبريد الإلكتروني أو بخدمة الإنترنت. وتتم هذه الاتصالات بالاتجاهين لتأكيد التعلم، وزيادة التفاعل الذي يُعلّم بفاعلية أعلى، ويؤدي إلى جودة أرقى.

وهكذا قامت التقنيات الإلكترونية الحديثة بحفظ المعلومات وخزنها، واسترجاعها مما اضطر الإنسان الحديث ألا يركز على حفظ المعلومات، بل إنتاجها وابتكارها، أو إبداعها، ولذلك صار الاهتمام أكثر بطرائق التفكير وحل المشكلات بطرائق إبداعية، مستفيدة من عملية الإبداع في زيادة المعلومات وتضخمها في عصر سمي بالتفجر المعلوماتي أو المعرفي.

ويضطر المعلم في هذا العصر أن يشارك المتعلم في عملية التعليم والتعلم والتفكير. ويستخدم في التعليم بالصف طريقة عصف الدماغ brain storming أو شحذ الذهن لتحريض المتعلم على التفكير والمشاركة في إبداع الحلول في التعليم. واستخدمت طريقة عصف الدماغ في المصانع أولاً لإيجاد حلول  ومقترحات جديدة لحل مشكلة ما، ولكنها تستخدم أيضاً في التعليم الجمعي بالصف عندما يسأل المعلم الطلاب أسئلة من نوع «ماذا يحدث إذا..» ويقترح موقفاً فرضياً أو «لماذا كانت مواقف فئة من الناس مؤيدة أو معارضة...» أو «كيف ترى أن يكون الحل لمشكلة معقدة..» أو «خمِّن ماذا يكون مصيرنا لو نضبت المياه، أو اشتدت الحرارة». وهذه الأسئلة تستفز العقل إلى التفكير المتعدد الجوانب، ويحاول الحاضرون اقتراح حلول مناسبة، يقبلها المعلم بلا سخرية، وهذا ما يعزز المشاركين على الاستجابة الفعالة في اقتراح الحلول، لو كانت غير مألوفة، فقد تكون هي المناسبة والأكثر واقعية لحل المشكلة مستفيداً من أفكار الآخرين.

واستخدم طرائق التفكير الإبداعية كثير من المربين والمفكرين أمثال: ألكس أوزبورن A.Osborn ودو بونو De Bono في طرائق التفكير الجانبية التي تقلب الأمور في أكثر من جانب ويستخدمها في الجامعات والمدارس والتعليم بالإنترنت.

في عصر المعلوماتية، الذي صار فيه المتعلم مشاركاً في عملية التعلم، وصار الإنسان في هذا العصر مضطراً إلى أن يتعلم كيف يتعلم، وأن يتعلم كيف يبحث عن المعلومات. وهذا التركيز على طريقة البحث والتعليم والتعلم يضطر الإنسان المعاصر إلى استخدام الطرائق جميعها والتقنيات المتعددة في التعليم والتعلم والبحث عن المعلومة.

ولما كان الإنسان يواصل التعليم، لابد أن يكون تعلمه مستمراً مدى حياته للوصول إلى الأهداف بفاعلية عالية، وكلفة قليلة. واستناداً إلى معياري الفاعلية والكلفة يمكن تقويم طرائق التعليم والتعلم، وفق فاعليتها وكلفتها لتحقيق حاجات المتعلم المتغيرة مع الزمن، وينبثق عن هذه الحاجات المتعددة طرائق أخرى لا توضع بتصنيف تقليدي كما في السابق، بل وفق تصنيفات جديدة خاضعة للبحث والتقويم.

 

فخر الدين القلا

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

أرسطو ـ التعليم المستمر وتعليم الكبار ـ تقنيات التعليم ـ سقراط.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ يونس ناصر وفخر الدين القلا، أصول التدريس لدبلوم التأهيل التربوي (مديرية الكتب الجامعية، جامعة دمشق 2001).

ـ فخر الدين القلا ومحمد وحيد صيام، تقنيات التعليم (مديرية الكتب الجامعية، جامعة دمشق 1998).


التصنيف : تربية و علم نفس
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 657
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 475
الكل : 31572679
اليوم : 7534

تعرف الكلام

تعرّف الكلام   أثار موضوع الواجهات التخاطبية الكلامية بين الإنسان والآلة، منذ قرابة خمسة عقود، اهتمام المهندسين وعلماء الكلام معاً. ذلك لأن الكلام هو طريقة التواصل الأسهل والأكثر طبيعية بين البشر منذ عشرات القرون. وتسمح مثل هذه الواجهات للسواد من الناس، بالتواصل مع الشبكات الحاسوبية والحصول على المعلومات دون الحاجة إلى أن يكونوا معلوماتيين. وتتطلب هذه الواجهات تقنيات إنتاج الكلام من الحواسيب (تركيب الكلام)، وفهم الآلة الكلام أو تعرف الكلام speech recognition. ولتعرّف الكلام تطبيقات كثيرة مثل: إعطاء أوامر صوتية وتحكمية كطلب هتف رقم صوتياً، إدخال معطيات صوتية مثل رقم بطاقة الائتمان، إعداد وثائق بنيوية كالوثائق الطبية...وغيرها الكثير. يُعد تعرّف الكلام إجرائية تُحوِّل الإشارة الصوتية، الملتَقَطة من هاتف أو ميكرفون إلى مجموعة كلمات؛ قد تكون هذه الكلمات هي النتيجة المرجوة النهائية، كما في التطبيقات المذكورة سابقاً، وقد تخدم كدخل إلى نظم معالجة لغوية لاحقة للحصول على فهم الكلام لإعطاء تفسير لهذا الكلام والتصرف على أساسه. وقد صار لدينا خوارزميات ونظم تعرف كلام عالية الأداء. موسطات عملية تعرف الكلام ثمة كثير من الموسطات parameters التي تميز نظم التعرف المختلفة: 1ـ طريقة لفظ الكلام: نميز بين نظم تعرف الكلمات المعزولة (مجموعة مفردات) حيث يتوقف المتكلم عن الكلام برهة بين كلمة وأخرى، ونظم تعرف الكلمات المتصلة (مثل أرقام الهواتف) التي لا تتطلب مثل هذا التوقف، ونظم تعرف الكلام العفوي والارتجالي الذي يتضمن مفردات واسعة وانقطاعات في السلاسة، وهو أصعب من النظم السابقة. 2ـ حجم المفردات المختلفة التي يمكن أن يتعرفها النظام: صغير (حتى مئة مفردة)، متوسط (يصل إلى 1000 مفردة)، واسع (يزيد على 1000 مفردة). 3ـ علاقة النظام بالمتحدثين: يمكن أن نميز ثلاثة أنواع من نظم التعرف: نظم مرتبطة بالمتحدث، وهي تتطلب إدخال عينات من كلام كل مستخدم جديد، نظم مستقلة عن المتحدث speaker independent لا تتطلب العملية السابقة، ونظم متكيفة مع المتحدث قادرة على تحسين أدائها بالنسبة لكل متحدث على حدة في أثناء استخدامه للنظام، مع مرور الزمن. 4ـ مقدار المعرفة الصوتية والمعجمية في نظم التعرف: تراوح من نظم بسيطة لا تتضمن أي معلومات لغوية إلى نظم معقدة تكامل المعرفة الصوتية واللغوية النحوية والدلالية والسياقية. نحتاج لتعرف الكلام المستمر، إلى نماذج لغوية وقواعد صنعية لتقييد تراكب الكلمات. يمكن أن يكون النموذج اللغوي بسيطاً، مثل شبكة حالات منتهية، بحيث نصرح عن الكلمات التي يمكن أن تتلو كلمة معينة. أو أن يكون أكثر عمومية، بحيث نقترب من اللغة الطبيعية باستعمال قواعد حساسة للسياق. يمكن قياس صعوبة هذه المهمة بموسط يسمى الإرباك perplexity، ويعرف على أنه المتوسط الهندسي لعدد الكلمات التي يمكن أن تلي كلمة معينة، بعد تحديد النموذج اللغوي. صعوبات تعرّف الكلام وحلولها تكمن صعوبة مسألة تعرف الكلام في تنوع شكل الإشارة الكلامية الموافقة للكلمة نفسها، ويمكن تصنيف هذه التغيرات كما يأتي: 1ـ  تغيرات تتعلق بالمتحدث نفسه: إذ يمكن أن تنشأ تغيرات صوتية بحسب تغيرات الحالة الفيزيولوجية والنفسية للشخص (هل هو مريض أو صحيح، حزين أو فرح أو غاضب...)، وبحسب معدل كلامه (سريع أو بطيء)، وبحسب جودة صوته (يقصد الإفهام أو يتكلم على نحو عارض). 2ـ تغيرات بين المتحدثين: تتبع الخلفية الاجتماعية ـ اللغوية لهم مثل، اللهجة وأبعاد وشكل جهازهم الصوتي الفيزيولوجي vocal tract. 3ـ التحقيق الصوتي للصوتيمات phonemes: وهي أصغر الوحدات الصوتية التي يمكن أن تتركب منها الكلمات، ويعتمد هذا التحقيق اعتماداً كبيراً على السياق الذي تُلفَظ فيه. على سبيل المثال، يختلف لفظ الصوت /ب/ من الكلمة «باب» إلى الكلمة «سبت»، فهو في الأولى /b/ وفي الثانية /p/. 4ـ اختلاف محيط المتحدث: وهذا ناتج عن وجود إشارات صوتية غير مرغوب فيها (متحدثين آخرين، ضجيج، إغلاق باب...)، أو عن تنوع الميكرفونات المستخدمة ومكان توضعها. توجد عدة نماذج لنظم تعرف الكلام منها النموذج الأكثر استخداماً تجارياً وصناعياً؛ وذلك لأنه يصلح مهما تغيرت المفردات أو تبدل المتحدثون أو مجموعة موسطات التمثيل أو خوارزمية البحث، وكذلك لسهولة برمجته وأدائه الجيد. ويستخدم هذا النموذج للتعرف على الكلمات المعزولة والمتصلة. يبين الشكل الآتي المكونات النموذجية لمثل هذا النظام:     يُعمد في البدء إلى تحليل الإشارة الكلامية بهدف تحويلها إلى تمثيل مضغوط قادر على  تمييز الخصائص properties المتغيرة مع الزمن للكلام (موسطات ترددية أو معاملات ترميز التنبؤ الخطي أو غيرها، تحسب على نوافذ زمنية 10-30 ms بسبب الطبيعة المتغيرة للكلام)، أو إلى توصيف إحصائي لتسلسل الأصوات المختلفة ضمن الكلمات (نموذج ماركوف المخفي Hidden Markov Model (HMM). يتطلب هذا النموذج عملية تدريب تسبق عملية التعرف يجري  ضمنها استخلاص سمات مرجعية للمفرادت التي نرغب في تعرفها. من أجل التعرف على مفردة ما نعمد إلى موازنة سماتها مع السمات المرجعية لجميع المفردات المرجعية للبحث على المفردة الأقرب إليها. وللحصول على تعرف أمثل يمكن الإفادة من التقييدات الصوتية والمعجمية والنماذج اللغوية للغة المستعملة. من الجدير بالذكر أن هناك طرق أخرى للتعرف تعتمد على تحديد القطع الصوتية وتصنيفها ثم استعمالها للتعرف على الكلمات، وذلك بالاستفادة من تقانات الذكاء الصنعي التي تحاول تقليد عملية تعرّف الكلام عند البشر. كما يمكن استعمال تقانة الشبكات العصبونية في التعرف مع نموذج ماركوف المخفي المشار إليه سابقاً. تحاول نظم تعرف الكلام، نمذجة مصادر التغييرات المذكورة سابقاً، على عدة مستويات. فعلى مستوى تمثيل الإشارة، طور الباحثون طرق تمثيل تؤكد السمات الحسية الهامة للإشارة الكلامية، المستقلة عن المتحدث، وتخفف من أثر الصفات المعتمدة على المتحدث. وعلى المستوى الصوتي، جرت نمذجة تغييرات المتحدث باستعمال تقنيات إحصائية مطبَّقة على كم هائل من المعطيات. وكذلك، جرى تطوير خوارزميات مواءمة المتحدث، تناسب النماذج الصوتية المستقلة عن المتحدث لتوائم النماذج الصوتية للمتحدث الحالي أثناء استعماله للنظام. كما جرى تدريب النظم على نماذج مختلفة لمقاطع الأصوات في سياقات مختلفة لأخذ تغيّراتها بالحسبان. أما على مستوى الكلمات، فيجري تدريب النظم على مختلف ألفاظ الكلمات وحسب لهجات متعددة، وجرى استعمال نماذج لغوية إحصائية تعتمد على تقدير تردد ورود سلاسل الكلمات لقيادة البحث عن الكلمات الأكثر احتمالاً. الحالة الراهنة يمكن قياس أداء نظم التعرف بمعدل الخطأ الذي يُعرَّف بالعلاقة: E=(S+I+D)*100/N حيث N هو العدد الكلي لمفردات التعرف، S عدد الاستبدالات (تعرف كلمة مكان أخرى)، I عدد الإدراجات (تعرف كلمات غير ملفوظة أصلاً)، D عدد المحذوفات (عدم تعرف كلمة ملفوظة). وقد تطورت تقانات تعرف الكلام كثيراً في الفترة الأخيرة، وأدى هذا إلى خفض معدل الخطأ السابق بنسبة 50٪ (إلى النصف) كل عامين تقريباً. ويعود هذا التطور إلى عدة عوامل منها: 1ـ تطور تقنيات نموذج ماركوف المخفي HMM التي تساعد على الحصول على أداء أفضل بعد معالجة معطيات التدريب آلياً. 2ـ الجهود المبذولة عالمياً لبناء مدونات قياسية ضخمة، لتطبيقات الكلام، ولعدد من اللغات العالمية. 3ـ تقييس تقويم أداء مختلف نظم التعرف، وهذا ما زاد في وثوقية مراقبة تطور هذه النظم. 4ـ أثر التطور الحاصل في مجال التقانات الحاسوبية تأثيراً غير مباشر في تطور هذا العلم. فحواسيب اليوم أسرع من سابقاتها، وأرخص ثمناً وأكثر  سعة. يزداد الاهتمام، اليوم، بنظم التعرف عبر الشبكات الهاتفية والخلوية، حيث يزيد معدل تعرف الكلمات عبر المحادثات الهاتفية على 50٪. فيما يأتي بعض أسماء نظم تعرف الكلام: ـ تحت نظام ماكنتوش:  Dragon Dictation Products ـ تحت نظام وندوز (ومنها وندوز 95 وNT و3.1(:  AT&T Watson Speech Recognition   Cambridge Voice for Windows  * DragonDictate for Windows ـ تحت نظام دوس  DATAVOX - French  Dragon Developer Tools  ـ تحت النظام Unix  AbbotDemo * BBN Hark Telephony Recognizer * EARS: Single Word Recognition Package*Hidden Markov Model Toolkit (HTK) from Entropic  يختلف أداء نظم التعرف بحسب التطبيق والتقانات المستعملة، وفيما يأتي مثالان عن أداء هذه النظم: ـ نظام تعرف الأرقام باللغة الإنكليزية، مستقل عن المتحدث، الأرقام ملفوظة على نحو مستمر وبعرض حزمة هاتفية، معامل الإرباك 11. معدل الخطأ 0.3٪ حين يكون عدد الأرقام في السلسلة معروفاً. - نظام تعرف لأغراض الإملاء، حجم المفردات يتجاوز 20000، معامل الإرباك نحو 200، لكلام مستمر، مستقل عن المتحدث، كان معدل الخطأ في عام 1994 نحو 7.2٪. التوجهات المستقبلية ومجالات البحث إن محاور البحث الآتية يمكن أن تزيد من أداء نظم تعرف الكلام:  1ـ المتانة والمناعة: عدم تأثر أداء النظام كثيراً حين تتغير حالات استثماره عن حالات تدريبه.  2ـ الحَمُولة: عدم الحاجة إلى إعادة تدريب النظم مع اختلاف التطبيقات، لأن الأمر مكلف مادياً وزمانياً.  3ـ نمذجة اللغة: وضع قيود على النماذج اللغوية، مثل القيود النحوية syntactic والدلالية semantic التي لا يمكن نمذجتها بنماذج إحصائية بحتة.  4ـ كلمات من خارج المفردات: تمكين النظام من اكتشاف الكلمات الجديدة من خارج المفردات، بحيث لا تسبب الكلمة الجديدة الخطأ.  5ـ الكلام العفوي: القدرة على التعامل مع مختلف ظواهر الكلام العفوي مثل، إضافة توقفات، أخطاء، بنى غير قواعدية، تردد وإحجام.  6ـ نمذجة الحركة الديناميكية للعضلات الكلامية: كيف ننمذجها ونكاملها ضمن نظام التعرف.    أميمة الدكاك   الموضوعات ذات الصلة:   تحليل الكلام وتركيبه ـ الترميز ـ تعديل الإشارة.   مراجع للاستزادة:   - S.FURUI, Speaker Independent Isolated Word Recognition Using Dynamic Features of Speec Spectrum (IEEE Trans. Acoustics, Speech, and Signal Processing 1986). - RENE BOITE & MURAT KUNT, Traitement de la parole (Presses Polytechniques Romandes, France 1987). - L.R.RABINER & B.H.JUANG, Fundamental of Speech Recognition (Prentice-Hall, Englewood Cliffs, NJ, 1993). - M.RAHIM, ET AL, Robust Utterance Verification for Connected Digit Recognition (Proc. ICASSP-95, WA02.02 May, 1995).
المزيد »