logo

logo

logo

logo

logo

البقر (جنون-) تطبيقية

بقر (جنون) تطبيقيه

Mad cow disease - Maladie de la vache folle

البقر (جنون ـ)

 

جنون البقر Mad Cow Disease أو اعتلال الدماغ الإسفنجي Bovine Spongiform Encephalopathy (B. S. E) مرض خمجي  يصيب الأبقار، ويتميز بطول فترة الحضانة وظهور أعراض عصبية تبدأ بفرط التنبه والحساسية والإثارة يليه اختلاج ووهن في العضلات ثم السقوط المتكرر وعدم التناسق الحركي، وينتهي بالشلل والرقود ثم النفوق. كما يتميز بظهور فجوات في الدماغ عند إجراء الفحص النسيجي المرضي.

لمحة تاريخية

سُجِّل مرض جنون البقر رسمياً أول مرة في بريطانية في تشرين الثاني عام 1989بعد تشخيصه نسيجياً في أدمغة أبقار نفقت بسببه. وتزايد انتشاره في مناطق مختلفة من المملكة المتحدة فبلغ عدد الإصابات به حتى 5/4/1996 نحو 148000 إصابة، وبدأت الشكوك حول إمكانية انتقال هذا المرض إلى الإنسان مما أدى إلى مقاطعة عالمية (بما فيها دول السوق الأوربية المشتركة) لمعظم المنتجات الحيوانية من المملكة المتحدة. وقد وجد أن نسبة حدوث المرض في الأبقار الحلوب أعلى منها في أبقار اللحم وأنها مرتفعة جداً في الأبقار التي يزيد عمرها على خمس سنوات بسبب طول مدة الحضانة.

سجل المرض رسمياً في إيرلندة عام 1989 وفي سويسرة في تشرين الثاني عام 1990، وسجلت أول حالة في فرنسة في شباط عام 1991، وتوالى ظهوره بعد ذلك في البرتغال وألمانية والدانمارك وإيطالية وجزر الفوكلند وكندا وسلطنة عمان.

تسبب البريونات Prions (البروتينات المعدية) أمراضاً للحيوان والإنسان تدعى أمراض اعتلال الدماغ الإسفنجي Spongiform- Encephalopathy Diseases، ومن أهمها وأقدمها مرض رعاش الضأن، وتشترك جميعها في تكوين فجوات في الدماغ تؤدي إلى ظهور أعراض عصبية تختلف مظاهرها باختلاف المضيف وتنتهي بالشلل والموت.

سبب المرض

ينتمي مسبب جنون البقر إلى زمرة البريونات ويرمز له بـ PrP sc.

تتصف البريونات بكونها أصغر من الفيروسات بنحو 500- 1000 مرة ولا يتجاوز أكبرها وزناً 50000 دالتون (في حين يبلغ وزن فيروس نقص المناعة المكتسبة AIDS، الذي يعد أصغر الفيروسات، 5 ملايين دالتون). وهي لا تتأثر بالعقاقير على اختلاف أنواعها ولا يستطيع الجسم تكوين أجسام مضادة لها، ولا تكوين الأنترفيرون[ر] interferone الذي تنتجه بعض الفيروسات، ولا تُحدث ارتفاعاً في درجة الحرارة، كما أنها لا تتأثر بالمطهرات الإشعاعية والكيمياوية ولا بالغليان لعدة ساعات، إلا أنها تتلف بدرجة حرارة تراوح بين 132ْ-138ْ في مدة 18 دقيقة. وقد أثبتت إمكانية إحداث العدوى في فئران حُقنت بمستخلص من دماغ أبقار مصابة بجنون البقر فظهرت الأعراض على الفئران بعد مرور 300 يوم على حقنها في الدماغ والصفاق، وعلى الأبقار السليمة التي حُقنت بالمستخلص نفسه في أدمغتها وأوردتها فظهرت أعراض جنون البقر بعد مرور 500 -650 يوماً. كما أثبتت أبحاث أخرى انتقال العدوى إلى الفئران بعد إطعامها أدمغة أبقار مصابة وأصيبت القطط بعد تناولها لحوم الحيوانات المصابة ومخلفاتها.

انتقال المرض

ظهر هذا المرض في عدة بلدان بعد نحو عام من ظهوره في المملكة المتحدة، وأثار ذلك قلق المسؤولين ولاسيما بعد التحقق من بعض القرائن القوية الموحية بوجود علاقة بين مرض جنون البقر وداء كرويتزفيلد جاكوب Creutzfeldt-Jakob Disease الذي يصيب الإنسان. وأجرت السلطات البريطانية المختصة دراسة استقصائية وبائية على القطعان التي وجدت بها نسبة مرتفعة من الإصابات فتبين وجود عامل مشترك بينها هو أن جميع الحيوانات المصابة تناولت علائق بروتينية مركزة محتوية على مسحوق اللحم والعظم الذي يصنع من نفايات الحيوانات المذبوحة والذبائح التالفة، وخاصة الأغنام المصابة بمرض الرعاش، مما أسهم في انتقال هذا المرض إلى الأبقار عن طريق العلف. ودفع ذلك السلطات في المملكة المتحدة إلى منع استعمال مخلفات ذبائح الحيوانات والذبائح المستبعدة من الاستهلاك البشري والحيوانات النافقة، ولاسيما المجترات، في علائق الأبقار ظناً منها أن المرض سيتلاشى في سنوات معدودة. وكذلك أظهرت الدراسات الحديثة إمكانية انتقال العدوى من الأم إلى الجنين كما هي الحال في مرض رعاش الأغنام، وأما الانتقال المباشر من حيوان إلى آخر فلم يثبت حدوثه ولا وجود العامل المسبب في حليب الحيوانات المصابة.

وتوقعت منظمة الأغذية والزراعة ظهور هذا المرض في نحو مئة دولة من دول شرقي أوربة والشرق الأوسط وغربي آسيا. وقد شُخِّص في النصف الثاني من عام 2000 أكثر من 100 إصابة بجنون البقر في فرنسة، حيث قامت السلطات الفرنسية بإعدام الأبقار المخالطة للبقرة المصابة، وظهرت بعض الإصابات في إيطالية وألمانية، وقررت جمعية الأطباء البيطريين في الاتحاد الأوربي منع استعمال الأعلاف الحيوانية المنشأ في تغذية المجترات، وقد أدى ظهور هذا المرض في معظم دول الاتحاد الأوربي إلى امتناع الكثير من دول العالم عن استيراد الحيوانات واللحوم ومنتجاتها إلا الحليب ومشتقاته.

الأعراض

يصيب هذا المرض الأبقار التي تجاوزت عامها الثالث، وتراوح مدة الحضانة ما بين 1ـ 4 سنوات ويكثر حدوثه في الأبقار العالية الإدرار.

ويمكن تقسيم تطور أعراض المرض إلى أربع مراحل كما يأتي:

 1ـ مرحلة الانعزال وفرط الحساسية: ينعزل الحيوان المصاب عن القطيع، ويبدو خائفاً ويصير شديد الحساسية والاستثارة المفاجئة باللمس والضوء والصوت ولاسيما حين يكون ذلك مفاجئاً، فيقوم برفس الحيوانات الأخرى أو الحلاّبين.

 2ـ المرحلة العدوانية: ينطح الحيوان المصاب الحيوانات الأخرى ويرفسها، ولايطيع أوامر المشرفين عليه ويقفز على الحيوانات الأخرى، وتضطرب منعكساته الحسية فيلحس أنفه أو خاصرتيه لحساً متواتراً. وعندما يلحس ظهره فإن ذلك يؤدي إلى انثناء طرفيه الخلفيين وتقوس ظهره مما قد يؤدي إلى سقوطه.

 3ـ مرحلة الوهن وتدني الإنتاج: يصاب الحيوان بضعف عام مع فقدان الطبقة الدهنية تحت الجلد وينخفض إنتاج الحليب وتظهر علامات بداية الجفاف.

 4ـ مرحلة الهبوط والشلل: مع استمرار الحالة يبدي هبوطاً شديداً وترنحاً وحركة غير متناسقة في أثناء المشي إضافة إلى تباعد القائمتين الخلفيتين والذهول، ثم تبدأ علامات الشلل بالظهور تدريجياً فيتكرر سقوطه على الأرض لضعف القائمتين الخلفيتين، ثم يرقد على الأرض بسبب إصابة الجزء الخلفي من الجسم بالشلل، وينتابه ارتعاشات، وتزداد حركة أذنيه ويرتجف رأسه ارتجافاً عنيفاً، ويتدلى إلى الأسفل وغالباً ما ينفق بعد مدة قصيرة.

التشريح المرضي

يمكن تمييز الآفات الآتية:

ـ الآفات التشريحية: يلاحظ فقد للدهون في أماكن اختزانها مع تحول في العضلات ويصير الدماغ إسفنجياً وخاصة في مادته الرمادية.

ـ الآفات النسيجية المرضية: يتميز مرض جنون البقر، كسائر أمراض اعتلال الدماغ الإسفنجي، بآفات غير التهابية تظهر على هيئة فجوات خلوية دقيقة متماثلة على جانبي الدماغ، أو فجوات كبيرة فارغة تدفع نوى الخلايا العصبية نحو المحيط. وتتركز هذه الفجوات في البصلة السيسائية وفي المادة الرمادية للدماغ المتوسط والمنطقة حول البطينية للوطاء والمهاد والمنطقة الحاجزية، في حين تكون قليلة الانتشار في المخيخ والحُصَيْن Hippocampus وفي قشرة الدماغ والنواة القاعدية.

آفات التشريح المرضي بالمجهر الإلكتروني: تظهر عند فحص مقاطع من أدمغة أبقار مصابة، لييفات شبيهة بتلك التي تشاهد في مرض رعاش الضأن.

تشخيص المرض

يجري تشخيص المرض بعد ظهور أعراضه ودراسة تاريخ الإصابة والعلائق المقدمة إلى الحيوان ويُتحقق بإجراء الفحص النسيجي المرضي للدماغ بعد الموت كما يمكن كشف اللييفات المشابهة لتلك المرافقة لمرض رعاش الضأن. ومايزال البحث جارياً للكشف عن طرائق لتشخيص المرض في الحيوانات الحية المشتبه فيها من دون اللجوء إلى قتل الحيوان أو ذبحه.

الأمراض المشابهة عند الحيوانات الأخرى

ثمة الكثير من الأمراض والحالات المرضية المشابهة لمرض جنون البقر التي تصيب أنواعاً أخرى من الحيوانات وتسببها البريونات أهمها:

1ـ مرض رعاش الضأن: يعد هذا المرض أقدم أمراض مجموعة اعتلال الدماغ الإسفنجي، فقد اكتشف في أوربة، وخاصة بريطانية وإيرلندة وفرنسة وألمانية، منذ أكثر من 200 عام، كما شخص أيضاً في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا ومنطقة الهيملايا وجنوب إفريقية ومعظم دول العالم. وتؤكد الأبحاث والمشاهدات أن العامل المسبب لهذا المرض قد انتقل إلى الأبقار عن طريق تناولها لمركزات العلف الحيوانية.

يصيب هذا المرض الضأن وبنسبة أقل المعز وينتقل في الطعام الملوث بالعامل المسبب، وقد ثبت أيضاً انتقال العدوى من الأم إلى الجنين، ويؤدي استيراد الحيوانات التي تكون في مدة الحضانة أو الحاملة للعدوى أثراً خطيراً في انتشاره.

تظهر أعراض هذا المرض بعد مدة حضانة تراوح بين 1-4 سنوات وقد تصل إلى عشر سنوات. تتركز الإصابة في الجهاز العصبي إذ تؤدي إلى حدوث فجوات في هيولى الخلايا العصبية في الدماغ وتتناسب الأعراض الناتجة مع شدة حدوث الفجوات وانتشارها.

 2ـ مرض اعتلال الدماغ المُعْدي عند المنك Mink: شُخِّص هذا المرض عام 1947 في بعض مزارع المنك في ولاية وسكنسون الأمريكية، وتبين أنه انتقل إلى هذا الحيوان بعد تغذيته بالمركزات العلفية الحيوانية.

 3ـ مرض اعتلال الدماغ المزمن عند الأيائل أو الارتعاش المزمن: ظهر هذا المرض عند الأيل المربى في الأسر وفي ظبي الجبال الصخرية  Cervus elaphus nelsoni، وذلك قبل ظهوره عند الأبقار، وسُجِّل ما يزيد على 100 إصابة به منذ عام 1967.

وقد انتقل المرض إلى أنواع أخرى من الأيليات منذ عام 1986، ولاسيما حيوانات حدائق الحيوان. وظهرت حالات من اعتلال الدماغ في القطط الأهلية اليافعة في بريطانية منذ كانون الأول عام 1990.

الوقاية من مرض جنون البقر

تتم الوقاية وفق ما يأتي:

ـ منع استيراد الحيوانات الحية واللحوم الطازجة والمعلبة والمجمدة ومسحوق اللحم والعظم ومخلفات المسالخ والمنتجات الحيوانية من الدول التي ظهر بها مرض جنون البقر، وكذلك من الدول التي تعمل وسيطاً لبيع منتجات تلك الدول وتصنيعها وتسويقها.

ـ منع استعمال مسحوق اللحم ومسحوق اللحم والعظم ومخلفات المسالخ والمنتجات الحيوانية في تغذية الحيوان والدواجن منعاً باتاً.

ـ عدم استخدام اللقاحات والأدوية والمنتجات والمواد الطبية المصنعة من مواد حيوانية والمنتجة في بلاد ظهر المرض فيها، وكذلك عدم استيرادها من البلاد التي تستورد هذه المنتجات من الأقطار المصابة.

ـ توعية المواطنين إلى خطورة تناول المخ والنخاع الشوكي والطحال والعقد البلغمية والغدة الصعترية والعيون والقولون في الوجبات الغذائية لثبوت تركز العامل المسبب فيها، وعدم إطعامها للكلاب والقطط.

ـ التعقيم الجيد للأدوات الجراحية المستعملة في العمليات الجراحية البشرية والبيطرية.

لم يتأكد وجود أي حالة من مرض جنون البقر في القطر العربي السوري، وإن لوحظ بعض الحالات المشابهة للمرض. ولا توجد أي إحصائيات حول هذا المرض لدى وزارة الصحة. ولابد من إقامة مركز للبحث والتقصي عن أمراض اعتلال الدماغ الإسفنجي في الإنسان والحيوان تشارك فيه كليات الطب البيطري وكليات الزراعة ووزارة الزراعة ووزارة الصحة.

 

إبراهيم محمد مهرة

 

 

 


التصنيف : الزراعة و البيطرة
النوع : صحة
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 214
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 587
الكل : 31873811
اليوم : 73354

بورتر (كاثرين آن-)

بورتر (كاثرين آن ـ) (1890 ـ1980)   كاثرين آن بورتر Katherine Anne Porter كاتبة قصص قصيرة وروائية أمريكية. ولدت في إنديان كريك Indian Creek، في ولاية تكساس، وتلقت تعليمها في مدرسة للراهبات، إلا أنها رفضت ما كان يقال عنها بأن خلفيتها الفكرية هي تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. ذهبت إلى المكسيك في عام 1920 لدراسة الفن، وأبان إقامتها هناك انخرطت في الحركات السياسية الثورية اليسارية.
المزيد »