logo

logo

logo

logo

logo

تل البيعة (توتول)

تل بيعه (توتول)

Tell al-Bei’ah - Tell al-Bei’ah

تل البيعة (توتول)

 

يقع تل البيعة في شمال شرق مدينة الرقة على بعد 3كم شمال الفرات، و3كم غرب البليخ فوق بروز أرضي من ضفة النهر. وهو منفصل عن التل الأحدث عهداً بمنخفضات طبيعية حوارية، ويخترقه خندق قناة قديم يعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد.

وتُظهِر أطلال التل سمات مدينة قديمة واسعة، تتألف من هضبة مركزية، يحيط بها سور، هي مدينة توتول التي كانت تتمتع بنفوذ واسع في الألف الثاني قبل الميلاد. تبلغ أبعاد التل 700×800م، ويتصل به من طرفه الجنوبي الشرقي خارج سور المدينة تل منخفض مستطيل الشكل تقريباً، يعتقد أنه يحوي في داخله أطلال بناء من العصور البيزنطية.

تقوم بعثة ألمانية برئاسة إيفا شترومنغر E.Stromenger بالتنقيب الأثري في تل البيعة منذ عام 1980، بدعم وتمويل جمعية الأبحاث الألمانية، وقد أنهت البعثة أعمالها الأولية عام 1995، وتفرغت لدراسة مكتشفاتها منذ ذلك الحين، وسوف تستأنف أعمال التنقيب بعد الانتهاء من نشر أبحاثها ودراساتها عن الموقع.

أدت أعمال التنقيب في تل البيعة إلى الكشف عن لقى أثرية، وبقايا عمرانية يعود أقدمها إلى عصر أورك في الألف الرابع قبل الميلاد، وأحدثها إلى العصر الزنكي.

وقد ارتبط عصر أوروك ـ نسبة إلى مدينة أوروك في جنوبي بلاد الرافدين ـ باختراع الكتابة التصويرية في نحو منتصف الألف الرابع ق.م. ولم تخضع طبقات هذا العصر إلى دراسة موسعة لوجود طبقات ترابية كثيفة، وقد أدت التنقيبات إلى الكشف عن بقايا عمرانية أهمها:

ـ معبد من النماذج المنتشرة في شمالي سورية ووسطها والمعروف باسم المعبد ذو الرواق Templumin Antes، ويقع خلف سور المدينة بالقرب من البوابة الغربية.

ـ معبد رئيس لإله المدينة المعروف باسم «دجن»، ويقع في المنطقة الشرقية من التل المركزي. كما كشف هناك عن سلسلة من القصور تقع في التل المركزي، تظهر هذه القصور تبايناً في النماذج المعمارية، مما يعكس التأثيرات والتبدلات الحضارية والسياسية التي خضعت لها المدينة. أهمها مادعي بالقصر المحترق، أو القصر «ب» العائد إلى الألف الثالث ق.م والقصر «آ» العائد إلى العصر البابلي القديم في الألف الثاني ق.م، الذي يحيط بالممر المؤدي إليه برجان بارتفاع 12م لكل منهما، والذي عثر فيه على عدد كبير من الرُّقُم المسمارية ذات الطبيعة الإدارية. كما وجدت في أماكن مختلفة في مركز التل أبنية ذات طبيعة تعود إلى عصور مختلفة، وتحوي في داخلها مستودعات وتنانير وبيوت سكن تعود إلى مختلف عصور حضارة توتول، وهي ذات نماذج معمارية متباينة، إضافة إلى مدافن للسكان من مختلف الطبقات شيدت داخل بيوت خاصة وفي ساحات مكشوفة، وفي مقبرة خارج أسوار المدينة. كما عثر على قبور ملكية تعود بتاريخها إلى النصف الأول من الألف الثالث ق.م، وهي مبنية بطوب غير مشوي فوق الأرض مباشرة، ويبدو أنها معاصرة لأبنية قصر لم تكتشف بعد. وتبين أن أسوار المدينة قد شيدت بلبن غير مشوي، وتبلغ سماكة سور المدينة الأقدم (8م)، كما عثر على بوابة في الطرف الغربي.

بدأت مدينة توتول تفقد أهميتها تدريجياً منذ منتصف الألف الثاني ق.م، وقد ورد اسمها آخر مرة في القرن الثاني عشر ق.م على أنها مركز حدودي بين الحثيين والآشوريين، ثم تلاشت أهميتها نهائياً في عصور لاحقة. وقد أسس السكان مدينة جديدة في القرن الثالث ق.م باسم نيكفوريون Nikephorion إلى الجنوب من أطلال مدينة توتول، واستخدموا المدينة القديمة لدفن موتاهم، وفي القرن السادس الميلادي شيدت كنيسة في مركز أطلال مدينة توتول القديمة، ذات أرضية مفروشة بمشاهد فسيفسائية رائعة، ومنذ ذلك الحين أصبحت توتول تدعى بتل البيعة نسبة إلى الكنيسة.

تلقي النصوص المسمارية المكتشفة في تل البيعة أضواء على أهمية مدينة توتول من الناحية الدينية والاقتصادية والسياسية، وكان إله المدينة «دجن» يتبوأ مركزاً مرموقاً في مجمع آلهة شمالي بلاد الرافدين، إذ تذكر النصوص أن صرغون ملك آكاد قد صلى في معبده في أثناء حملته على سورية، وأن حفيده «نارام سن» طلب منه المساعدة لتدمير مدينة إبلا، كما أن ملوك ماري المتأخرين كانوا يطلبون منه منحهم القوة والبأس.

 

ذُكر اسم توتول أكثر من مئة مرة في وثائق إبلا دون أن تشير هذه الوثائق إلى أسماء حكامها، وتبقى الأحداث السياسية في عصر فجر السلالات الباكر والعصر الأكادي غير معروفة جيداً، وكل ما نعرفه أن الوثائق من عصر «إمار ـ سن» وهو من حكام سلالة أور الثالثة، تذكر أمير مدينة توتول. غير أن النصوص المكتشفة في قصر ماري، والتي تؤرخ في العصر البابلي القديم، تعطينا صورة أوضح عن العلاقة بين المدينتين، وعن الأوضاع السياسية والدينية، ولاسيما فيما يتعلق بعبادة الإله «دجن»، وعن التجارة وطرق السفر، والموقع الاستراتيجي المهم، ووفرة الغلال الزراعية.

كانت توتول تتمتع بعلاقات متميزة مع جنوبي بلاد الرافدين وعيلام، وبعلاقات أوثق مع سورية الداخلية في عصر حضارة أوروك، وقد نمت هذه العلاقة لتشمل حوض البليخ وتل خويرة في عصري أور الثالثة والبابلي القديم، كما لوحظ وجود علاقات قوية بينها وبين بلاد بابل وآشور.

 

شوقي شعث

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ إيفا شترومنغر، تل البيعة، دليل الآثار السوري الأوربي (دمشق 1996).

ـ تل البيعة، وقائع الندوة الدولية لتاريخ الرقة وأثارها (1984).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 813
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 486
الكل : 31257944
اليوم : 6132

الأمان في الإسلام (نظام-)

الأمان في الإسلام (نظام ـ(   الأمان في الإسلام نظام جاءت به الشريعة الإسلامية لتنظيم علاقة غير المسلمين الذين يفدون من بلاد لا تدين بالإسلام (دار الحرب) إلى دار الإسلام للإقامة  فيها والتعايش مع أهلها. ويرى بعض الفقهاء فيه واحداً من أصول «المركز القانوني للأجانب[ر]» في التشريع الوضعي. دار الإسلام ودار الحرب مع أن النزعة العالمية للإسلام، هي اتجاهه إلى مجتمعٍ إنسانيٍ واحدٍ بنظام قانوني هو «الشريعة الإسلامية"، فإنه لم يمتد إلى جميع أرجاء العالم، لذا أوجد الفقهاء المسلمون في الماضي تقسيماً نظرياً للعالم إلى مجتمعين مختلفين، هما دار الإسلام ودار الحرب.
المزيد »