تركمنستان
تركمنستان
Turkmenistan - Turkménistan
تركمنستان
تركمنستان Turkmenistan إحدى جمهوريات آسيا الوسطى. تحيط بها أوزبكستان من الشمال والشرق، وبحر الخزر من الغرب، وكازاخستان من الشمال والغرب، ومن الجنوب إيران وأفغانستان. تمتد تركمنستان بين خطي العرض 36درجة و42درجة شمالاً، وخطي الطول 53درجة و67درجة شرقاً، بمسافة قدرها 488100كم2.
الأوضاع الطبيعية
التضاريس: تُقسم تضاريس تركمنستان إلى تضاريس ساحلية وأخرى داخلية، فالساحلية على بحر الخزر سهلية طينية رملية ومستنقعية سباخية في الجنوب، سواحلها قليلة التعاريج، تصبح في الشمال خليجية واسعة مثل قره بوغازغول الذي يمثل بحيرة ماء ملح أجاج، وإلى جنوبه خليج كراستا فودسك، ويحمل اسم المدينة التي تعد الميناء الأساسي، وإلى الجنوب منه يظهر خليج تركمنستان المفتوح بسعة على البحر، والسواحل هنا كذلك رملية طينية غنية باللاغونات (السبخات الساحلية)، فيها العديد من أشباه الجزر مثل كراسنا فودسك وتشيكلين ودارجة.
وتُقسم التضاريس الداخلية إلى قسمين واسعين هما: القسم الشمالي وهو الأقل مساحة، ويُعرف بهضبة «زا أونغوز»، التي لا يزيد ارتفاعها المتوسط على (60-80م)، وأعلى جزء منها يصل إلى 203م. تغطي الهضبة التشكلات الصخرية الحجرية والحصوية، وفيها الكثير من الحفر الحتية والبنائية الغنية بالرمال والطين والحصى، وبعضها سباخ مختلفة السعة.
إلى الجنوب من هذه الهضبة منخفض بنائي ـ حتّي، يُعرف بـ«أونغوز»، يصل طوله إلى 470كم، وتطل عليه سفوح منحدرة شمالية، وأخرى جنوبية أقل ارتفاعاً وانحداراً، والمنخفض يُقسم إلى الكثير من الحوضات بفواصل تضريسية شديدة الانحدار، وفي المنخفضات تكثر الرمال والوحول والسباخ.
القسم الجنوبي ويشغل الجزء الأكبر من البلاد، وهو هضبة نشأت عن حوض بحري سابق تكثر فيه الصخور الغنية بالأملاح الكربونية والسولفانية الصودية والجص والكونغلوميرا. وقد تعرض هذا الجزء للارتفاع في بداية الحقب الرابع، كمانهضت كذلك المرتفعات الجبلية الجنوبية، ورافق ذلك تشكل منخفض بنائي بين الهضبة والجبال سلكته بعض الأنهار، مثل أموداريا (جيحون) ومورغابا وتيجين، وأسهمت توضعاتها بفعالية في تكوين تضاريس صحراء قره قوم (الرمل الأسود)، وهذه الصحراء هي الأوسع وسط الصحارى الرملية في آسيا الوسطى، وتمتد جنوبي البلاد من مشارف بحر قزوين إلى أفغانستان بمساحة تزيد على نصف البلاد، وهي منخفضة (80-150م) غنية بالرمال، المثبت أكثرها بالنباتات.
إلى الجنوب من صحراء قره قوم تمتد سهول أقدام جبال ترتفع إلى (250-2350م)، ومكونة من التوضعات اللوسية، وإلى خلفها تمتد قرب الحدود مع إيران وأفغانستان سلسلة من الجبال، أهمها سلسلة تركستان ـ خراسان، وكوبت داغ، وتصل الارتفاعات في ريزية إلى 2942م وإلى 3147م في خزار مسجد في إيران، وهي جبال نشطة بنائياً وغنية بمياهها المعدنية.
المناخ: تركمنستان بلد تسيطر فيه السهول والهضاب، فتتغلغل فيه كتل هوائية متباينة الأصول، وبخاصة القطبية وشبه القطبية الباردة شتاءً، والمدارية وشبه المدارية صيفاً بحرية تامة. يتميز المناخ بالجفاف الكبير والقارية الشديدة، كما أن عناصر المناخ، وبسبب ما تقدم، تتعرض لتبدلات كبيرة في خصائصها، وبخاصة شتاءً وصيفاً، إذ لكل فصل مناخه المميز.
يمكن القول إنّ مناخ تركمنستان قاري، ومما يزيد من فعاليته القارية، البعد الكبير عن المحيطات والبحار وقلة الهطل وعدم انتظامه، وبسبب ذلك يحدث تباين حراري كبير بين الصيف والشتاء، ففي الصيف تصل الحرارة إلى 30-32درجة جنوباً و25-30 درجة مئوية شمالاً وفي الجبال الجنوبية، أما في الشتاء وبسبب وصول الكتل الهوائية القطبية الباردة الجافة، تنخفض الحرارة في كانون الثاني إلى أقل من الصفر، وكحد أقصى إلى -25ـ -30 درجة مئوية.
وترتبط حالة الرطوبة الصعبة بالظروف الحرارية وحركة الهواء الفصلية، فالهطل قليل وهو ثلجي شتاء ومطري في الربيع والخريف، والصيف حار وجاف جداً، وأشد المناطق جفافاً هي صحراء قره قوم المركزية، التي يراوح معدل أمطارها السنوية بين 50-70مم، ويزداد الهطول نسبياً في الشمال (100-170مم)، ويرتفع في مناطق الجبال، إذ يبلغ (250-400مم) عند أقدام الجبال، وأكثر من ذلك في الجبال نفسها.
المياه: تركمنستان فقيرة إلى المياه الجارية، بسبب سيطرة الجفاف والصحارى وقلة الجبال، ولايوجد فيها جريان سطحي حقيقي إلا عند الحدود الجبلية الجنوبية والجنوبية الشرقية على طول حدودها مع إيران وأفغانستان، ومن أهم الأنهار نهر أموداريا الذي يصب في بحر آرال[ر] الآخذ بالجفاف حالياً، ويصل طوله إلى 1425كم وصبيبه المتوسط 2000م3/ثا والأعظمي الربيعي الصيفي 7000-9000م3/ثا، وتشارك في تغذية النهر بالمياه هطولات الربيع وذوبان الثلوج صيفاً، ويحمل النهر كميات كبيرة من الطمي، وقد اشتُقت منه قناة قره قوم التي تروي أراضي واسعة بمحاذاة السفوح الجبلية الجنوبية حيث ترب السيروزم اللوسية الجيدة، وتصل القناة إلى ما وراء عشق أباد باتجاه الشمال الغربي. ومن الأنهار الأخرى التي تنبع من الجبال الأفغانية والإيرانية نهر مورغابا (مورغ ـ آب) وتيجين Tebjen، وتستغل مياههما في الري.
البحيرات في تركمنستان قليلة، وتشاهد في المنخفضات البنائية والحتّية والكارستية، وأغلبها مَلِح ويحتوي على أملاح كلور الصوديوم وكبريتات الصوديوم والصودا، أما المياه الباطنية فقليلة كذلك، وهي مَلِحة عادة قرب شواطئ قزوين، وأفضل قليلاً في وسط البلاد وجنوبيها، واستثمارها مازال محدوداً. وفي الصحارى تُجمع مياه الأمطار في آبار مغطاة بالرمال لعرقلة التبخر وتُعرف بـ«الجيرلي» Tcherli، وتستعمل لشرب البدو وإرواء الماشية، وتوجد في الأودية وقرب الخبرات (التاكيرات).
النبات: تتنوع النباتات في تركمنستان بسبب تباين الظروف الحرارية والصخرية وتأثير الجوار، وعليه يمكن تمييز النماذج الآتية: 1ـ نباتات الصحارى العشبية، 2ـ نباتات صحارى الأشجار والشجيرات، 3ـ نباتات التربة الرملية، 4ـ نباتات الأماكن المنخفضة الطينية والمالحة. وتكثر في الصحارى السهلية الحصوية والحجرية النباتات الأليفة للجفاف الشديد، وتكثر الحشائش الحولية والمعمرة الربيعية، وفي السبخات والمنخفضات الطينية الملحة تكثر ألياف الملوحة، وتكثر الأشجار والشجيرات الشوكية في مناطق الرمال، وهي صغيرة ومتساقطة الأوراق (نفضية) وعميقة الجذور ومن أهمها الساكساؤول والأثل، ومعها تكثر الأعشاب والحشائش المختلفة.
الترب: اتصفت ترب تركمنستان بالرداءة بنية وبناءً وخصوبة لشدة الجفاف وبرودة الشتاء، وضآلة دور الكائنات الحية واحتواء الصخور على الأملاح، وتستثنى من ذلك الترب السيروزمية الجنوبية المتاخمة للجبال وترب الأودية النهرية. ولتنوع الصخور أثر بارز في تنوع الترب وذلك لشدة الجفاف، إذ يبرز أثر القاعدة الصخرية أكثر من أثر العناصر الأخرى المكونة للتربة، وعليه توجد في البلاد الترب الأساسية الآتية:
1ـ الترب الرمادية البنية (السيروزمية): وتقع في السهول الهامشية الجبلية الجنوبية، وتنمو فوق قاعدة لوسية هشة نفوذة غنية بالمركبات الكربونية، وهي من الترب الجيدة.
2ـ أما في الشمال حيث الهضبة الحصوية الحجرية، فالترب رديئة مشبعة بالكربونات، ولا تخلو من أملاح ضارة سهلة الانحلال، ودور النبات محدود كثيراً، وهي مناطق رعي ربيعية بالدرجة الأولى.
3ـ الترب الرملية: واسعة الانتشار في المناطق الصحراوية الرملية، وهي ترب نفوذة خفيفة القوام سهلة التذرية قليلة الخصوبة، ولكنها غير مَلِحة، ولا تُستغل سوى بالري والرعي.
4ـ ترب المنخفضات الطينية والملحية: وهي ترب ملحة بدرجات مختلفة وغير صالحة للزراعة، وتوجد في بطون الأودية العريضة وفي نهاياتها وبين الكثبان الرملية وفي مناطق الصحراء الحجرية الحصوية.
أما في شواطئ بحر قزوين فتكثر ترب السبخات والمستنقعات، وكلها ملحة بشكل واضح، وفي الأودية القديمة وفي مصاطب البحر ومصاطب الأنهار ترب صالحة إلى حد ما.
السكان
يتألف سكان البلاد من التركمان والأوزبك والكازاخ والتتار والأذريين، وكلهم ينتمون إلى المجموعة اللغوية التركية، وهي جزء من العائلة اللغوية الألطائية، ويؤلف التركمان والشعوب المذكورة مجموعة عرقية مميزة، تربطها وشائج اللغة والدين والتاريخ والثقافة والأرومة المشتركة، وتنتشر فوق مساحة واسعة من آسيا والقفقاس (أذربيجان) وما وراءه.
يلاحظ أن الروس يؤلفون أكثر مجموعة عرقية غير تركية في البلاد، ولقد بدأ استيطانهم فيها منذ القرن الثامن عشر، إبان الاحتلال الروسي القيصري لتركمنستان وآسيا الوسطى، وتوطد الاستيطان الروسي في العهد الشيوعي، وتقوم هذه المجموعة بدور بارز في الحياة العلمية والوظائف الإدارية وخاصة في العهد الشيوعي السابق.
تنامى عدد السكان في تركمنستان بوتيرة عالية، بدءاً من النصف الثاني من القرن العشرين، إذ بلغت نسبة التزايد في عقدين من الزمن (1959-1979) أكثر من 52بالألف، وهي في المدة بين 1985و1995 نحو 33بالألف، ولم يزد عدد السكان على 1.4مليون نسمة عام 1941، ثم تدنى العدد قليلاً لمدة قصيرة إثر الحرب العالمية الثانية، لكنه ما لبث أن تزايد بفعالية، وخاصة الذكور، فبلغ العدد 2.2مليون نسمة في الستينات، ثم ارتفع إلى2.97مليون نسمة في بداية الثمانينات (1982)، ويُقدر عددهم عام 1995 بـ 4508000نسمة. ويعود تزايد عدد السكان هذا إلى أمرين: الأول ارتفاع معدل المواليد، وإلى تناقص ملحوظ في وفيات الأطفال خاصة. إن وراء ذلك في الواقع عوامل عدة، من أبرزها تحسن الواقع الاقتصادي والصحي في البلاد والنسبة العالية لسكان الريف، إذ بلغت نسبتهم 65٪ من السكان سنة 1990، وتدنت إلى 55٪ لعام 1994، ويتميز السكان بالإنجاب الكبير وبالزواج في سن مبكرة، إذ تشير الإحصاءات إلى أن القسم الأعظم من الفتيات اللواتي تراوح أعمارهن بين 16 و19سنة متزوجات، ونادراً ما يتجاوز سن الزواج سن الثانية والعشرين للفتيات، والرابعة والعشرين للذكور، يضاف إلى ذلك الارتفاع الملحوظ في العقود الأولى من القرن العشرين لمعدلات المواليد التي بلغت 38.8بالألف في الريف و30بالألف في المدن، وتبلغ نحو 30بالألف لعموم السكان للمدة بين 1985-1995. ولقد تقلص الفارق في معدل المواليد بين الأرياف والمدن، بسبب الواقع الصحي والاقتصادي والاجتماعي الأفضل. أما الوفيات فقد شهدت تركمنستان تطوراً معاكساً، فلقد كانت الوفيات عالية كثيراً في بداية القرن العشرين ولا تقل عن 30بالألف، إلا أنها انخفضت أكثر من ثلاث مرات في الثمانينات في البلاد وفي جمهوريات آسيا الوسطى كلها، كما تدنت وفيات الأطفال كثيراً، إذ كانت في مطلع القرن العشرين (100-150بالألف) انخفضت إلى (15-20بالألف) في الخمسينات، وتقدر نسبة وفيات الرضع 69بالألف ووفيات الأطفال 85بالألف لعام 1995، أما نسبة الوفيات عامة فهي 7بالألف للعام نفسه.
يعد المجتمع التركماني مجتمعاً فتياً خصباً، ويؤلف الأطفال والشباب الذين تقل أعمارهم عن عشرين سنة نسبة لا تقل عن 65٪ من مجموع السكان. وتركمنستان بلد قليل السكان إذا ما أُخذت مساحة البلاد (488.100كم2) بعين الاعتبار، ولكن الواقع هو أن ما لا يقل عن 80٪ من البلاد تشغلها الصحارى والأراضي القاحلة، حيث لا تزيد كثافة السكان عن شخص في كل كم2، ويرتفع العدد إلى 20-30نسمة/كم2 في الأرياف، ويرتفع إلى 50-100نسمة/ كم2 في المناطق الزراعية المروية، والكثافة العامة هي 9.2نسمة/ كم2 تقريباً.
اللغة التركمانية اللغة الرسمية للدولة، تليها في الأهمية اللغة الروسية، التي تتكلم بها كل الطبقة المتعلمة في البلاد، ولكن دورها آخذ بالتقلص بعد الاستقلال.
عدد المدن في الجمهورية غير كبير وتتمركز في الشريط الجنوبي من البلاد، وفي شرق بحر قزوين حيث المراكز الصناعية الكبرى، وأكبر هذه المدن مدينة عشق أباد (أشقباد)[ر] العاصمة ويصل عدد سكانها إلى 517200نسمة (عام 1993)، وهي مركز ثقافي كبير تشتهر بجامعاتها وبأكاديميتها وبكثير من المعاهد المتخصصة، كما أنها تحتضن العديد من المصانع (صناعات تحويلية وغذائية ومكائن وصناعات نفطية وكيمياوية)، وتشتهر بصناعة السجاد والحرير الطبيعي. في المدينة أربعة مسارح وخمسة متاحف. تليها في الأهمية مدينة كراسنا فودسك، وهي الميناء الأساسي في البلاد وعدد سكانها 59500نسمة (1993)، وفيها صناعات نفطية وكيمياوية وسمكية متطورة. وتحتل تشارجو (166400نسمة) المركز الثالث في الأهمية، وتتميز بالصناعات الغذائية والقطنية والصوفية والحرير والسجاد.
هنالك مدن أخرى مهمة مثل مدينة تاشوز (117000نسمة)، ومدينة ماري (94900) الواقعة على نهر مورغابا، وهي مركز زراعي مهم.
نظام الحكم والإدارة
كانت تركمنستان جمهورية اتحادية تابعة للاتحاد السوفييتي سابقاً، تحكمها موسكو حتى عام 1990، حين أعلنت سيادتها على أرضها في 22/8/1990، ثم أعلنت استقلالها التام في 27/10/1991، إثر انهيار الاتحاد السوفييتي السابق، وأصبحت جمهورية ذات سيادة، نظام الحكم فيها جمهوري رئاسي يسير على هدي الدستور الذي وُضع عام 1992، يدير دفته برلمان يُعرف بـ«المجلس»، عدد أعضائه 50عضواً يُنتخبون كل خمس سنوات، إضافة إلى مجلس شعبي يُعرف بـ«خلق مسلاخاتي»، يتألف من خمسين عضواً منتخباً وعشرة أعضاء معينين، يمثلون المقاطعات والمناطق الإدارية البالغ عددها 5مقاطعات و24منطقة و15مدينة، إضافة إلى 50عضواً يتم انتخابهم مباشرة لمدة خمس سنوات أيضاً.
وفي تركمنستان أحزاب سياسية، هي الحزب الديمقراطي التركماني، والحزب الشيوعي الذي خَلَف الحزب الشيوعي السابق. وقد تأثرت تركمنستان من أحداث الدول المجاورة إذ دخلها قرابة 20ألف لاجئ من طاجكستان و2000لاجئ من أفغانستان (حتى نهاية عام 1996)، كما تعاني من الآثار المدمرة لتحويل مياه نهر أموداريا إلى قناة ري قره قوم في العهد الشيوعي، والتخريب البيئي في المجرى الأدنى للنهر وتجفف مياه بحر آرال.
الاقتصاد
اقتصاد تركمنستان زراعي ونفطي وغازي متطور، وفيها صناعات كيمياوية وتحويلية وغذائية مهمة، وتقسم البلاد إلى خمس مناطق اقتصادية:
1ـ المنطقة المركزية (عشق أباد) وهي زراعية صناعية.
2ـ المنطقة الغربية (كراسنا فودسك) صناعية نفطية غازية وكيمياوية.
3ـ المنطقة الجنوبية الشرقية (ماري) زراعية.
4ـ المنطقة الشرقية (تشارجو) صناعية زراعية.
5ـ المنطقة الشمالية (تاشوز) زراعية.
الصناعة: ازداد حجم الإنتاج الصناعي 70مرة، منذ 1920 وحتى الآن، وتشكل الصناعات نصف الدخل القومي، والدور الأساسي فيها للصناعات النفطية والغازية ثم الصناعات الكيمياوية والتحويلية والغذائية وإنتاج المواد الخام. ويحتل النفط المركز الأول بين موارد تركمنستان، إذ يُقدر إنتاج النفط حالياً بنحو 16مليون طن سنوياً، والبلاد مرشحة لقفزة إنتاجية كبرى بعد اكتشاف مكامن نفطية مهمة في منطقة بحر قزوين، وهنالك تنافس دولي لاستثمار النفط.
تتمركز مكامن النفط في غربي البلاد (سواحل بحر قزوين) وفي شمالها الغربي وفي وسطها، وفي البلاد مراكز تكرير نفطية عديدة مثل كراسنا فودسك وتشارجو، ولكنها لا تستوعب كل إنتاج النفط الخام. أمّا الغاز الطبيعي فيُقدر إنتاجه بأكثر من 52مليار م3، وينتج ويصنّع في غربي البلاد (كراسنا فودسك) وسائل إنتاج وتقطير النفط والغاز.
ويغطي إنتاج الطاقة حاجة البلاد، ولقد ازداد بأكثر من 50مرة عما كان عليه عام 1930، ويعادل نحو 7.2مليار كيلو واط ساعي، ويتم إنتاج الطاقة من محطات الطاقة الغازية والمائية (السدود المائية)، ومن أبرز محطات التوليد محطة ماري وكراسنا فودسك وتشارجو وبيزميت.
تستخرج من سواحل بحر قزوين العديد من الأملاح ذات القيمة الاقتصادية الكبيرة، مثل ملح الطعام والكبريت والصودا واليود والبوتاس، ولهذه الأملاح أهمية كبرى لصناعة الأسمدة الكيمياوية التي يصل إنتاجها إلى أكثر من نصف مليون طن، علماً أن حاجة البلاد لا تقل عن مليون طن. وينتَج الإسمنت في أماكن متعددة من البلاد، ويقدر إنتاجه بنحو 600ألف طن، وهي كمية غير كافية فيستورد المزيد من جمهوريات آسيا الوسطى وروسية الاتحادية. والصناعات التحويلية في تركمنستان متطورة، ومن أبرزها حلج القطن والصناعات النسيجية والورقية، إضافة إلى صناعة الحرير الطبيعي والسجاد، وفيها صناعات غذائية (زيوت، أغذية، لحوم) تغطي حاجة البلاد تقريباً.
الاقتصاد الزراعي: الزراعة التركمانية متطورة لاعتمادها الأسس العلمية في الزراعة والإنتاج ولتوافر وسائل الإنتاج، فهناك في الكُلخوزات والسوفخوزات (السابقة) أكثر من 42ألف جرار و7000حصادة و14ألف شاحنة نقل، وفي البلاد مراكز تصنيع لهذه المكائن، كذلك فإن الأسمدة المصنعة محلياً والمستوردة متوافرة، أضف إلى ذلك غلبة الزراعات المروية، إذ أن ما يزيد عن 85٪ من الزراعات مروية، فمن 813ألف هكتار يروى 779ألف هكتار، وتشغل الأراضي الرعوية 53.2 مليون هكتار، وتتمركز في الأجزاء الجنوبية والجنوبية الشرقية من البلاد، وذلك في المناطق الجبلية (كبيت داغ) ومناطق الكثبان الرملية المثبتة بالنباتات القريبة من الحدود الأفغانية.
اعتمدت الزراعات المروية على مياه قناة قره قوم التي يصل طولها إلى 1400كم، وتروي مع فروعها البالغ طولها 2500كم أكثر من 440ألف هكتار، أما بقية الأراضي المروية فتوجد في مجرى نهر أموداريا وواديه، وفي واحات بعض الأنهار كمورغاب وتيجين.
تحتل مساحة الأرض المزروعة بالقطن 60٪ من الأراضي المروية، ويزيد الإنتاج على مليون طن سنوياً، في حين لا تزيد مساحة الأرض المنتجة للحبوب (قمح وشعير وذرة) على 15٪، وما بقي من الأرض تشغله زراعة الخضر والأشجار المثمرة، ونصف مساحتها تحتله زراعة كروم العنب التي تقوم عليها صناعة النبيذ والخمور.
تربية الحيوان: استخدمت الطرق العلمية في تربية الحيوانات، والمراعي الجيدة تحتل مساحات واسعة من جنوبي وجنوبي شرقي البلاد، وفي مناطق انتشار أقنية الري، ولقد أُقيمت منشآت لتخزين المياه في أماكن كثيرة لتأمين مياه الشرب للماشية، ويعتمد الاقتصاد الحيواني خاصة على تربية الأغنام من النوع المعروف بقره قول (العبد الأسود)، ويتميز بصوفه الممتاز وتزيد نسبته على 60٪ من مجموع الأغنام، ويبلغ متوسط عدد الأغنام والماعز 4.5مليون رأس، وتحتل تربية الأبقار المركز الثاني (700ألف رأس) وتليها الخنازير ثم الجمال والخيول. وتشتهر تركمنستان بتربية خيول سلالة (أكال تيكه) التي تعد من السلالات العريقة في العالم وتُعرف بـ«أبولو الخيول» لجمالها وأصالتها، وتتصدر شعار الدولة وتربى في مزارع الدولة، ويُقدر عددها بنحو 16000رأس (1996). وقد قامت الصناعات الغذائية من أسماك وزيوت ولحوم وألبان، في مراكز أغلب المدن اعتماداً على الإنتاج الحيواني الآنف الذكر.
المواصلات
تربط السكك الحديدية غربي البلاد مع شرقيها، وتتمركز خاصة في الأجزاء الجنوبية والجنوبية الشرقية، ويصل طولها إلى 2200كم، أما الطرق المعبدة فلا تقل أطوالها عن 9500 كم، والمائية 1000كم في مجرى نهر أموداريا و420كم في قناة قره قوم. ويصل طول أنابيب النفط حالياً إلى 650كم، والغاز إلى 1320كم.
نبذة تاريخية
ارتبط سكان تركمنستان بشعوب آسيا الوسطى ولاسيما سكان الصحارى من القبائل، مثل الداخي والمصّاغيت وقبائل أخرى أصغر، وتمثل جميعها نواة الشعب التركماني. وفي النصف الأول من الألف الأولى ق.م، ومع قيام الدولة الميدية أصبحت المنطقة تابعة لها، أعقبتها الدولة الأخمينية. وفي القرن الرابع ق.م احتل الاسكندر المقدوني أجزاء واسعة من البلاد، ومن ثم تشكلت مملكة بارفان قرب عشقباد، وفي القرن السابع الميلادي وصلها العرب المسلمون وانتشر الإسلام بين أكثر القبائل التركمانية، وفي القرنين التاسع والعاشر الميلادي، هيمن الطاهريون ثم السامانيون على البلاد، وبرزت قبائل الأوغوز Ogouz، ولربما أصل التسمية هي أوكوز (الثور)، التي اعتنقت الإسلام وتشكلت على إثرها الدولة السلجوقية، وحدث في ظلها تمازج بين مختلف القبائل، واختفت تدريجياً تسمية الأوغوز وحلت مكانها تسمية تركمان واستقرت وشاعت.
ومع اجتياح جنكيز خان الدولة السلجوقية، نزحت قبائل تركمانية كثيرة إلى شمال وشمال شرق البلاد مثل الأنيلي واليازير والصّايد. تلا ذلك غزو تيمورلنك للبلاد وامتداد نفوذ خانات بخارى وخيوه إلى شرقي البلاد وجنوبيها، وكذلك امتداد نفوذ الصفويين الإيرانيين إليها. ومع ذلك سيطر العنصر التركماني على كل أنحاء البلاد، وفي هضبة أوست يورت ومانغيشلاب بدءاً من القرن السادس عشر. ومع بدء علاقات تجارية وسياسية قوية مع روسية القيصرية بالظهور، ونتيجة للصراع القبلي من جهة والصراع مع الدول المجاورة (إيران)، استنجدت بعض القبائل التركمانية بالروس، فأرسل هؤلاء جيشاً كبيراً تمركز في مدينة كراسنا فودسك التي كانت معسكراً لهم، ومنها انطلق الروس شرقاً، ليحتلوا عام 1882 كامل البلاد. وفي العهد البلشفي انتقلت السلطة للشيوعيين عام 1924، حتى نالت البلاد استقلالها عام 1991 إثر انهيار الشيوعية.
شاهر جمال آغا
الموضوعات ذات الصلة: |
الاتحاد السوفييتي ـ آرال (بحرـ) ـ آسيا ـ تركستان.
مراجع للاستزادة: |
ـ س.إ.بروك، سكان العالم (موسكو 1984).
ـ مجموعة من المؤلفين، آسيا الوسطى (أكاديمية العلوم، موسكو 1968).
التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 346
مشاركة :اترك تعليقك
آخر أخبار الهيئة :
- صدور المجلد الثامن من موسوعة الآثار في سورية
- توصيات مجلس الإدارة
- صدور المجلد الثامن عشر من الموسوعة الطبية
- إعلان..وافق مجلس إدارة هيئة الموسوعة العربية على وقف النشر الورقي لموسوعة العلوم والتقانات، ليصبح إلكترونياً فقط. وقد باشرت الموسوعة بنشر بحوث المجلد التاسع على الموقع مع بداية شهر تشرين الثاني / أكتوبر 2023.
- الدكتورة سندس محمد سعيد الحلبي مدير عام لهيئة الموسوعة العربية تكليفاً
- دار الفكر الموزع الحصري لمنشورات هيئة الموسوعة العربية
البحوث الأكثر قراءة
هل تعلم ؟؟
الكل : 59401432
اليوم : 33742
المجلدات الصادرة عن الموسوعة العربية :
-
المجلد الأول
-
المجلد الثاني
-
المجلد الثالث
-
المجلد الرابع
-
المجلد الخامس
-
المجلد السادس
-
المجلد السابع
-
المجلدالثامن
-
المجلد التاسع
-
المجلد العاشر
-
المجلد الحادي عشر
-
المجلد الثاني عشر
-
المجلد الثالث عشر
-
المجلد الرابع عشر
-
المجلد الخامس عشر
-
المجلد السادس عشر
-
المجلد السابع عشر
-
المجلد الثامن عشر
-
المجلد التاسع عشر
-
المجلد العشرون
-
المجلد الواحد والعشرون
-
المجلد الثاني والعشرون