logo

logo

logo

logo

logo

اتفاق هلسنكي

اتفاق هلسنكي

Helsinki Accords - Accords d'Helsinki

اتفاق هلسنكي

 

اتفاق هلسنكي L'accord de Helsinki وثيقة صدرت عن مؤتمر هلسنكي المنعقد في عام 1975 نظمت أسساً جديدة للأمن والتعاون بين الدول الأوربية.

منذ منتصف الخمسينات تقريباً بدأت تظهر فكرة عقد مؤتمر عام للأمن والتعاون في القارة الأوربية من أجل إيجاد حلول للمشكلات القائمة بين الشرق والغرب، وتطويق الأزمات، وترسيخ الأمن والاستقرار، وتغيير نوع العلاقات الدولية القائمة.

وقد اشتركت مجموعة من العوامل المختلفة داخل القارة الأوربية وخارجها في تطوير هذه الفكرة ونقلها من الإطار النظري إلى الواقع العملي، كاتساع العلاقات السياسية الاقتصادية بين دول الكتلة الشرقية (سابقاً) ودول الكتلة الغربية، والتوصل إلى حلول لبعض القضايا المهمة في القارة الأوربية. وتحقيق توازن في الأسلحة الاستراتيجية يضمن عدم قدرة أي طرف على تحقيق انتصار في أية حرب مقبلة، والخسائر الكبيرة التي ستحدثها هذه الأسلحة، وبروز فكرة إمكان التعايش السلمي[ر] بين الأنظمة السياسية الاجتماعية الاقتصادية المختلفة، ودور الأمم المتحدة وحركة عدم الانحياز[ر] في العمل على ترسيخ مظاهر الأمن والاستقرار في العالم، وتعاظم دور الرأي العام العالمي المناهض للحروب.

كان للعوامل السابقة أثر كبير في دفع دول الكتلتين الشرقية والغربية إلى البحث عن وسائل وصيغ عملية لعقد مؤتمر عام للأمن والتعاون الأوربيين.

أخذت فكرة عقد مثل هذا المؤتمر تتطور وتتخذ صيغاً وأشكالاً مختلفة من المقترحات الأحادية الجانب التي أعلنت من قبل الشرق والغرب، مثل خطة وزير الخارجية السوفييتي مولوتوف عام 1954، وخطة أنتوني إيدن وزير الخارجية البريطاني في العام نفسه، ومشروع بولغانين رئيس وزراء الاتحاد السوفييتي عام 1955، ومشروع رابانسكي وزير الخارجية البولوني عام 1957، ومشروع كرستيان هرتر الأمريكي عام 1959.

ثم انتقلت الفكرة إلى الأمم المتحدة في الستينات بمقترحات رابانسكي وزير الخارجية البولوني، وأقرت الجمعية العامة في دورتها العشرين ضرورة بذل الجهود لتقوية السلام والأمن في القارة الأوربية عن طريق اتفاقات جماعية.

وبعد ذلك انتقلت الفكرة لتدرس في الهيئات الرسمية المختصة لحلف وارسو [ر] وحلف الأطلسي (الناتو)[ر].

وفي نهاية الستينات وافق الطرفان على عقد مثل هذا المؤتمر، وتعهدت الدول الاسكندنافية في اجتماع لوزراء خارجيتها بعقد المؤتمر في شهر نيسان 1969، وكلفت فنلندة إنجاز الإجراءات التنفيذية لتحقيق ذلك.

وقد عقد المؤتمر في هلسنكي في 30/7/ - 1/8/1975 بعد اجتماعات عقدها سفراء الدول الأعضاء ووزراء خارجيتها وخبراؤها الدبلوماسيون، وحددت فيها موضوعات المؤتمر وأسلوب عمله. وهو من أهم المؤتمرات الدولية في تاريخ الدبلوماسية الأوربية لأنه ضم دول الكتلتين الشرقية والغربية وبقية الدول المحايدة. وأقر المؤتمر ما عرف بوثيقة هلسنكي التي تضمنت النقاط الرئيسة التالية:

1.  حددت الوثيقة المبادئ التالية أساساً لإقامة علاقات جديدة في القارة الأوربية وهي: المساواة في السيادة، واحترام حقوق السيادة الوطنية لكل دولة، وحصانة حدودها ووحدة أراضيها وسلامتها، وحل الخلافات بالطرق السلمية وعدم استخدام القوة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية بما فيها حرية التفكير والمعتقدات، والمساواة بين الدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وترسيخ مظاهر التعاون بين الدول وتنفيذ الالتزامات والتعهدات الدولية بما ينسجم مع ميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي.

2.   تضمنت الوثيقة مجموعة من الإجراءات رَمَت إلى تدعيم الثقة العسكرية بين الدول المشاركة مثل الإبلاغ المسبق عن المناورات العسكرية التي ستقام في القارة الأوربية، وتحديد هدف المناورات وزمانها والدول وعدد القوات المشاركة فيها، وتبادل المراقبين والخبراء العسكريين للاشتراك في هذه المناورات.

3.  أشارت الوثيقة في مجال نزع السلاح إلى ضرورة بذل الجهود الممكنة للوصول إلى تحقيق نزع عام وشامل للسلاح، وتوفير رقابة دولية فعالة لإنجاح ذلك.

4.  أشارت الوثيقة إلى ضرورة الربط بين الأمن السياسي والعسكري، وبين أمن كل دولة من دول المؤتمر وأمن القارة الأوربية، والربط بين أمن القارة الأوربية والأمن العالمي وأمن منطقة البحر المتوسط، وأكدت أهمية المفاوضات وسيلة لتسوية الخلافات بين الدول وتبادل وجهات النظر.

5.  وأكدت الوثيقة ضرورة قيام الأمن والتعاون الأوربيين على قاعدة واسعة من التعاون المتعدد الجوانب بين الدول المشاركة في المؤتمر، مثل التعاون الاقتصادي والعلمي والتقني والتجاري والصناعي ولاسيما في المشاريع البعيدة المدى ذات المصلحة المشتركة بين الدول المختلفة، وتبادل المعلومات العلمية والزيارات، وتنسيق الخطط التي تسهم في حماية البيئة.

6.  تضمنت الوثيقة ضرورة تمتين الروابط في الحالات الإنسانية، كروابط الاتصال بين شعوب القارة بما فيها الأسر الموزعة في أكثر من دولة، وإعادة تجميع الأسر المتباعدة، والسماح بالزواج بين مواطني الدول المختلفة، والسماح بالسفر بين دول القارة لأسباب شخصية أو مهنية، وتشجيع السياحة واللقاءات المختلفة للشباب.

7.  تضمنت الوثيقة في المجال الإعلامي ضرورة تسهيل نقل المعلومات وانتشارها وتبادلها بين دول القارة بالوسائل الإعلامية المختلفة (راديو، تلفزيون، صحافة)، وتوسيع إطار التعاون الثقافي بالوسائل المختلفة مثل إقامة علاقات بين الجامعات والمعاهد وتسهيل تعليم اللغات المختلفة، وتبادل الزيارات العلمية، والمشاركة في المؤتمرات ذات الصفة العلمية.

8.  تضمنت الوثيقة ضرورة استمرار مؤتمر الأمن والتعاون الأوربيين مستقبلاً بصيغ وأشكال مختلفة. واتفق على عقد المؤتمر التالي في العاصمة اليوغسلافية بلغراد 1977.

كوّن مؤتمر قمة هلسنكي للأمن والتعاون الأوربي خطوة متقدمة على طريق ترسيخ مظاهر الانفراج في العلاقات بين الشرق والغرب، وتطوير مظاهر التعاون المختلفة بين دول القارة الأوربية، ووسيلة لترسيخ مظاهر الأمن والسلام في العالم.

وفي ضوء هذه المبادئ عقدت بعد قمة هلسنكي عدة مؤتمرات أوربية أهمها مؤتمر بلغراد لعام 1977/1978 ومؤتمر مدريد لعام 1980/1981 غير أن كلاً منها كان تراجعاً ملموساً عما حققه مؤتمر هلسنكي سواء على مستوى الحضور، أو على مستوى القضايا التي نوقشت أو على مستوى المناقشات والقرارات المتخذة، ولعل السبب في هذا كله يعود إلى اشتداد المواجهة الدبلوماسية بين طرفي القطبية الثنائية التي كانت تتحكم بالعالم: الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. وقد تبدل الوضع الدولي تبدلاً جذرياً، بعد انحلال الكتلة الاشتراكية وتفرد الولايات المتحدة الأمريكية بالهيمنة الدولية، لاسيما بعد حرب الخليج والآثار التي ترتبت عليها.

ماجد شدود

مراجع للاستزادة:

- ماجد شدود، قضايا عالمية معاصرة، (جامعة دمشق 1986).

-M.PALMER, The Prospects for European Security Conference (London 1981).


التصنيف : السياسة
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 265
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 544
الكل : 29580803
اليوم : 35719

الإسمية

الاسمية   الاسمية nominalism مذهب ينتمي أصحابه، بالمعنى الدقيق، إلى فلسفة العصر الوسيط الأوربي، وهو بالحري حركة منطقية وابستيمولوجية[ر] امتد تأثيرها الموصول إلى ميدان العلم الحديث والمعاصر. وغير خافٍ أن الفلسفة الأوربية في العصر الوسيط تعرف باسم الفلسفة المدرسية philosophie scolastique أو (الاسكولاتية). وقد تميزت بتنهيج الفكر المسيحي متأثراً في مرحلة أولى بالأفلاطونية الأوغسطينية، وهو تيار تقليدي، ويقابله تيار ثوري متسم بسيادة الأرسطية الرُّشْدِيّة ولاسيما بعد ذيوع ترجمات كتب أرسطو المأخوذة عن العرب عامة، وعن ابن رشد المعروف باسم «الشارح» خاصة. وثمة تيار ثالث يسمى التيار الإصلاحي، وفيه ازدهرت الأرسطية التومائية.
المزيد »