logo

logo

logo

logo

logo

البلقان

بلقان

Balkan - Balkans

البلقان

 

البلقان Balkans شبه جزيرة في جنوب شرقي القارة الأوربية، تساير حدودها الشمالية نهرَيْ الدانوب وسافا، أما حدودها الشرقية فتبدأ بنقطة تقاطع خط العرض44 شمالاً مع نهر الدانوب، وتنتهي بالبحر الأسود، وتطل السواحل البلقانية في الغرب على البحرين الأدرياتي والأيوني. وتجاور شبه الجزيرة من الشرق شواطئ بحر مرمرة والدردنيل والبحر الأسود ومضيق البوسفور وبحر إيجة. حيث تكثر الجزر ومنها جزيرة كريت.

 

 

الأوضاع الجغرافية الطبيعية

البلقان كلمة تركية الجذور، تعني الجبل أو المرتفع من الأرض، وتأخذ شبه الجزيرة شكل مثلث عريض القاعدة في الشمال، ضيق ومجزأ في الجنوب.

تنتشر السلاسل الجبلية بكثافة في غربي البلقان وجنوبيّه، وتنبسط السهول في الشمال على امتداد نهري الدانوب وسافا، إلا أن الجبال تنهض في الشرق كذلك، حيث تكثر السهول الجبلية البينية البنائية المنشأ، وهي سهول خصبة وواسعة أحياناً، ومن أبرز السلاسل في الشرق جبال رودوب وكثيراً ما تزيد ارتفاعاتها على2500م، وتصل في الجبال المذكورة الواقعة شرقي العاصمة البلغارية صوفية إلى 2925م، في قمة ريلا Rila وهي أعلى قمم البلقان. وتحاذي هذه الجبال من جهة الغرب الجبال المكدونية والصربية الغربية، وفيها يشمخ جبل الأولمب المشهور(2917م)، وجبل سرداغ، والجبال هنا كتلية مصدعة وقديمة هرسينية العمر، ولقد تعرضت لحركات نهوض وتشوه والتواء وتصدع كبيرة في الحقبة البنائية الألبية. وتكثر فيها الصخور الغرانيتية والغنايسية والصفاحية المتبلورة، ومن أبرز الكتل الجبلية كتلة جبل ستراندج Strandje. وإلى الشمال من جبل رودوب تصادف منخفضات بنائية واسعة تفصل بين المرتفعات الجبلية السابقة وسلسلة مرتفعات أكبر هي جبل البلقان أو ما يعرف باسم بلانينا القديمة stara _ Planina ، وهذه السلسلة تنخفض تدريجياً نحو الشمال مكونة منطقة الدانوب السهلية التلية، وطبقات الصخور الرسوبية البحرية الأفقية الامتداد.

وفي الأجزاء الغربية من شبه جزيرة البلقان تنهض جبال الألب الثلاثية العمر، وهي جبال التوائية ضخمة تعد امتداداً للسلاسل الجبلية الألبية. وتشغل سلاسل الجبال الدينارية والألبية الألبانية الجزء الشمالي من الساحل الغربي للبلقان، تليها جنوبـاً جبال بيندا وجبال شبه جزيرة البيلوبونيز  Piloponnes. تتصف السلاسل الغربية بسفوحها الشديدة الانحدار وبخوانقها ووهادها العميقة، وتكثر فيها القمم المائدية والهضاب. أما في الجبال المركزية والشرقية فالسفوح محدبة والقمم قبابية الشكل، تكثر في هذه الجبال التضاريس الكلسية (الكارستية). وتعرف سلاسل شبه جزيرة البلقان بنشاطها البنائي (التكتوني) المستمر منذ النيوجين، وتهزها من حين إلى آخر الحركات الزلزالية، والأجزاء الجنوبية أكثر نشاطاً من الشمالية والوسطى.

الصخور في البلقان رسوبية غالباً، ولكن تُصادَفُ صخورُ متحولة وباطنية مهلية، الأمر الذي سمح بظهور معادن متنوعة، كالنحاس والزئبق في شرقي صربية، والبوكسيت في جبال السلاسل الأدرياتية الغربية وفي شمال شواطئ خليج كودينفسكي، كما أن ألبانية ومكدونية تشتهران بالكروم والرصاص والتوتياء، وتوجد هذه المعادن في جنوبي صربية وبلغارية وجنوبي مكدونية وشبه جزيرة أتيكّا في اليونان. والحديد متوافر في شرقي البلقان وغربي بلغارية وفي شبه جزيرة أتيكا، والنفط موجود في ألبانية.

المناخ

تقسم شبه جزيرة البلقان مناخياً إلى جزأين: الأول  متوسطي السمات، يشمل الأجزاء الجنوبية والغربية المطلة على البحر الأدرياتي، والشرقية المطلة على بحري إيجة ومرمرة، والثاني، يشمل الأجزاء الشمالية والداخلية من البلقان، والمناخ فيها قاري متوسطي، وهنالك مناخات إقليمية انتقالية بين النموذجين الرئيسين السابقين، كما أن التنوع المناخي المحلي يرتبط بالواقع التضاريسي. يبلغ متوسط حرارة شهر تموز في الشمال (22-23) درجة مئوية وفي الجنوب (25-27) درجة مئوية. وفي شهر كانون الثاني يكون متوسط الحرارة بالتتالي (-1ـ-2) في الشمال و(8-11) في الجنوب، وتنخفض في الجبال المرتفعة إلى (-5) درجات مئوية وسطياً.

الهطل جيد عامة ويبلغ (1000-1500) مم في جبال سواحل الأدرياتي، ويزيد في منطقة خليج كوتور على (5000 مم). أما في المناطق الشرقية فإن الهطل، فيما عدا الجبال، لا يزيد على (1000 مم) وقد تهبط إلى (500 مم) أو أقل في بعض الأماكن.

شبه جزيرة البلقان غنية جداً بالأنهار، إلا أن أكثرها صغير وبعضها يجف صيفاً، ومن أهم أنهارها ماريتسا Maritsa ومورافا Morava وسافا والدانوب. وهي في الجبال سريعة الجريان تزداد غزارتها في الشتاء والربيع، وتقل مناسيب المياه صيفاً. البحيرات كثيرة كذلك ومن أبرزها: سكادارسكو Skadarsko وأوهريدسكو Ohridsko وبريسبانسكو Prespansko.

الترب متنوعة في شبه جزيرة البلقان بسبب تنوع الأحوال المناخية وتأثير الواقع التضاريسي الجبلي، ففي الأجزاء الدافئة نسبياً تسيطر الترب البنية شبه المدارية، والترب البنية الجبلية والكلسية كما تظهر الترب البنية شبه المدارية، والترب البنية الجبلية والكلسية، كما تظهر الترب الحمراء (التيراروزا) في المناطق الكارستية، وخاصة قرب السواحل الأدرياتية. أما في الجبال الشمالية والمركزية فتسيطر الترب الغابية الرمادية والسمراء، وفي سهول الدانوب تتكون الترب السوداء (التشيرنوزيوم) خاصة، وكذلك الترب البنية الأقل انتشاراً.

الغطاء النباتي غني متنوع، وتصادف بكثرة نباتات البحر المتوسط كالبلوط والسرو والصنوبر، ويكون نطاق النباتات واضحاً في الجبال، إذ تتبدل النباتات المتوسطية في الأسفل إلى نباتات انتقالية سهبية باردة ثم غابية متوسطة ثم غابات المناطق الباردة وتليها نباتات المروج الألبية وحشائش التوندرة. وفي وسط البلاد وشماليها تسيطر الحشائش النجيلية السهبية وغابات الأشجار العريضة الأوراق والمتساقطة الأوراق التي تنمو في شمالي أوربة عادة. وتكثر الزراعات الفصلية في المنخفضات كالذرة والقمح والشعير والأشجار المثمرة والكرمة، وفي الأماكن المحمية الدافئة تزرع الحمضيات.

أما العالم الحيواني فقد عانى كثيراً تدخل الإنسان، وبقيت حيوانات البحر المتوسط وحيوانات العروض المتوسطية ومنها بنات آوى والثعالب والذئاب والدببة والوشق (القط البري)، إضافة إلى الأيائل وبعض أنواع الغزلان، والزواحف الكثيرة الأنواع، وكذلك الطيور، وأكثرها لا يستقر في مكانه.

دول البلقان

تضم شبه الجزيرة دولاً كثيرة هي: ألبانية وبلغارية واليونان ويوغوسلافية (صربية والجبل الأسود) وسلوفينية والبوسنة والهرسك ومقدونية وكرواتية، والجزء الأوربي من تركية وبعض مناطق رومانية.

البلقان تاريخياً

وجدت آثار سكنى للإنسان في شبه جزيرة البلقان منذ العصر الحجري القديم، وتنامى الاستيطان مع بدء ممارسة الزراعة وتدجين الحيوان ونشأة القرى والتنظيمات الاجتماعية والسياسية في العصرين الحجري الحديث والنحاسي. وفي الألفين الثالث والثاني قبل الميلاد بدأت هجرات القبائل الإليرية والتراقية والإغريقية ثم تلتها الغزوة الإيجية نحو عام 1200ق.م، التي تركت آثاراً عميقة في جنوب البلقان، وقضت على الحضارة الموكينية في بلاد اليونان. ومنذ القرن السابع ق.م بدأت التأثيرات الحضارية الإغريقية بالانتشار في أجزاء واسعة من البلقان وخاصة المناطق الساحلية المطلة على شواطئ بحر إيجة ومرمرة والأسود مع تأسيس المستعمرات والمدن الإغريقية.

ظهر الرومان في أواخر القرن الثالث ق.م على الساحة البلقانية ومدوا نفوذهم شرقاً فقضوا أولاً على المملكة الإليرية في الغرب، ثم أخضعوا مقدونية واليونان وباقي المناطق وجعلوا منها ولايات تابعة لهم، وهكذا أصبحت البلقان بأكملها جزءاً من الامبراطورية الرومانية على مدى خمسة قرون، وتأثرت بمظاهر حضارتها فطغت اللاتينية على اللغات الإليرية والتراقية والداكية وأسهم الإليريون والتراقيون في الدفاع عن الامبراطورية، وخرج منهم عدد من كبار الأباطرة في القرن الثالث الميلادي ، ومن أشهرهم أورليان وديوقليسيان وقسطنطين.

ومن الأحداث الكبيرة في تاريخ البلقان، تأسيس مدينة القسطنطينية عام 330 عاصمة للامبراطورية الرومانية (الشرقية)، والتي كان لها تأثير عظيم على مسيرته التاريخية والحضارية. وفي القرنين الخامس والسادس الميلاديين، بدأت هجرة القبائل السلافية إلى منطقة البلقان، ثم لحق بهم الآفار (أقرباء الهون) الذين طردوا بقايا الجرمان القوط، وأخضعوا السلاف لسيطرتهم حتى هزمهم البيزنطيون عام 626، وعادت البلقان تدريجياً إلى النفوذ البيزنطي الذي دام نحو ألف سنة وبدرجات متفاوتة. ومع مطلع الألف الثاني كانت الشعوب السلافية قد استقرت في مواطنها الحالية تقريباً.

ولكن منذ القرن الرابع عشر، بدأ الأتراك العثمانيون يمدون نفوذهم إلى منطقة البلقان، التي تساقطت بلدانها الواحد تلو الآخر في أيديهم وتمكنوا من التغلب على التحالفات البلقانية التي قامت ضدهم وخاصة في معركة قوصوه (1389) ومعركة فارنا (1444)، كما هزموا الحملات الصليبية التي تصدت لهم بقيادة ملك المجر، وأخيراً نجحوا في فتح القسطنطينية عام 1453 والقضاء على المملكة البيزنطية، ثم بسطوا سلطتهم على البلقان بأكمله نحو خمسة قرون. غير أن السيطرة العثمانية واجهت مقاومة وطنية متنامية، وغدت شبه جزيرة البلقان مركزاً للثورات والصراعات السياسية والدبلوماسية في القرن التاسع عشر، وقد أدى تدخل القوى الأوربية الساعية إلى إضعاف الامبراطورية العثمانية واقتسام ممتلكاتها إلى نشأة عُرِف باسم «المسألة الشرقية»، فقد ثار الصرب في سبيل الاستقلال بدعم من روسية القيصرية، وثارت اليونان عام 1820، وحققت استقلالها بمعونة الدول الأوربية، ونشبت حرب القرم بين روسية والدولة العثمانية (1877-1878)، وبعد مؤتمر برلين 1878 حصلت كل من بلغارية ورومانية وصربية والجبل الأسود على استقلالها، بينما احتلت النمسة إقليم البوسنة والهرسك.

ولكن الحركات القومية السلافية والحركات الوطنية ومصالح الدول الأوربية الكبرى أدت إلى نشوب سلسلة من الحروب عُرفت باسم:

حروب البلقان: التي اندلعت أولاها عام 1912 عندما أعلنت أربع دول بلقانية متحالفة هي بلغارية وصربية واليونان والجبل الأسود الحرب على الدول العثمانية مستغلة الانقلاب الذي حصل فيها عام (1908-1909)، والحرب الإيطالية التركية في طرابلس الغرب 1911/1912، وأحرزت انتصارات كبيرة، ولكن انفرط عقد هذا التحالف بسبب الاختلاف على تقاسم غنائم الحرب. وهكذا نشبت حرب البلقان الثانية (1913-1914) بين كل من صربية واليونان ورومانية وتركية من جهة، وبلغارية منن جهة أخرى، والتي كانت كارثة على الأخيرة إذ فقدت المناطق التي احتلتها في الحرب الأولى.

شكلت شبه جزيرة البلقان إحدى ساحات الحرب العالمية الأولى، وكانت منطلقاً لها، وقد تحالفت بلغارية والدولة العثمانية مع ألمانية والامبراطورية النمسوية ـ المجرية ضد الحلفاء، وكان من نتائجها تفكك الامبراطورية العثمانية، وأخيراً لم يبق لتركية من ممتلكاتها في شبه جزيرة البلقان سوى تراقية الشرقية.

كما كانت البلقان مسرحاً لعمليات عسكرية ومعارك طاحنة في الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، والتي نجم عنها أن غدت معظم دول البلقان تحت النفوذ السوفييتي، وقامت فيها أنظمة شيوعية متحالفة مع الاتحاد السوفييتي (ماعدا اليونان ويوغسلافية). وفي نهاية الثمانينات من القرن العشرين، انهارت هذه الأنظمة في رومانية وألبانية وبلغارية، وبدأت يوغسلافية الاتحادية بالتفكك منذ عام 1991 عندما أعلنت أربع جمهوريات انفصالها، وهي سلوفينية وكرواتية والبوسنة والهرسك ومقدونية، ودارت حرب أهلية ضروس بين هذه الجمهوريات من جهة والصرب من جهة أخرى، أدت إلى تكريس انقسام يوغسلافية السابقة إلى جمهوريات مستقلة. كما أدى احتدام النزاع بين الصرب وألبان كوسوفو إلى تدخل حلف شمال الأطلسي وإعلانه الحرب على جمهورية الصرب عام 1999، التي انتهت بحصول الإقليم على الحكم الذاتي تحت حماية دولية.

وهكذا فإن التدخل الخارجي والصراعات السياسية والقومية والدينية تركت بصماتها الواضحة على تاريخ البلقان، كما أدت الغزوات المتتابعة إلى انقسام شبه جزيرة البلقان وتجزئتها السياسية، مثلما أدت إلى اختلاف السمات الوطنية بين شعوبها، وتنوع كبير في المؤثرات والظواهر الثقافية والحضارية. ونشأ عن كل هذه الأوضاع والأحداث المصطلح السياسي الحديث المعروف بـ«البلقنة» Balkanization الذي يدل على الانقسام والتشرذم والصراعات العرقية والسياسية والدينية.

 

شاهر جمال آغا ـ محمد الزين

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

الأدرياتي (البحر ـ) ـ الأسود (البحرـ ) ـ ألبانية ـ بلغارية ـ صربية ـ يوغسلافية ـ اليونان. 

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ س. م. يروك، سكان العالم (موسكو 1986).

ـ ت. ف. فلاسغا، جغرافية القارات الطبيعية (موسكو 1986).

ـ ف. ف. كارتاشيف، الجيوتيكتونيكا (منسك 1985).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 307
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 557
الكل : 31622960
اليوم : 57815

بوزويل (جيمس-)

بوزويل (جيمس ـ) (1740 ـ 1795)   جيمس بوزويل James Boswell كاتب اسكتلندي وُلد في إدنبره، وهو الابن الأكبر لألكسندر بوزويل الذي كان قاضياً في المحاكم العليا في اسكتلنده، وتمتع بلقب لورد أوكنلك Lord of Auckinleck. أُرسل عند بلوغه الخامسة من العمر إلى مدرسة اقتصرت على النخبة، لكنّ ذلك لم يمنع كراهيته لها، فتعلم في المنزل ابتداءً من سن الثامنة حتى الثالثة عشرة. درس الآداب والفنون في جامعة إدنبره ما بين أعوام 1753 - 1759، وتابع دراسة القانون المدني في المنزل بإشراف والده منذ عام 1760 وحتى 1762، ومن ثم في جامعة أوترخت Utrecht بهولندة عام 1763، واختتم فترة الدراسة تلك بجولة ٍفي القارة الأوروبية التقى فيها فولتير[ر] وروسّو[ر] انتهت به في جزيرة كورسيكا حيث التقى الزعيم الكورسيكي باسكال دي باولي Pascal de Paoli الذي أُعجب به إعجاباً شديداً لما كان لديه من قدرةٍ وطلاقةٍ في التعبير.
المزيد »