logo

logo

logo

logo

logo

الإضاءة

اضاءه

Lighting - Eclairage

الإضاءة

 

الإضاءة lighting هي إسقاط ضوء على سطوح الأشياء يمكّن من رؤيتها بالعين المجردة أو من تبيّن شكلها وتسجيل وجودها بوسائل أخرى تتحسس بالضوء. والضوء المرئي إشعاع طاقة حرارية على شكل موجات كهرمغنطيسية، تنتشر في الفراغ بسرعة ثابتة قدرها 3×10 8م/ثا وبتواتر محدد بين 7.5×10 14 و 4×10 14 هرتز أي إن أطوال تلك الموجات تتراوح بين 750 نانو متر (الضوء الأحمر) و400 نانومتر (الضوء البنفسجي) في مجال الطيف الكهرمغنطيسي الذي يتألف من الألوان: البنفسجي فالأزرق فالنيلي فالأخضر فالأصفر فالبرتقالي فالأحمر. أما الإشعاعات الضوئية التي لا تحس بها العين فهي خارج الطيف المرئي، وقد تكون موجاتها أقصر كالأشعة فوق البنفسجية، أو أطول كالأشعة تحت الحمراء، ولا يمكن كشف هذه الإشعاعات إلا بوسائل خاصة كأجهزة التصوير وغيرها.

تكمن أهمية الإضاءة في أن البشر يلتمسون المعرفة ويحصلون على القسم الأعظم من معلوماتهم عن العالم المحيط بهم بطريق الرؤية أو الإبصار، كما أن الإضاءة تسهم في تحقيق الاستقرار النفسي للإنسان في عمله وفي أوقات راحته إلى جانب إسهامها في المحافظة على صحة الإنسان وسلامته. فعندما تكون الإضاءة حسنة والرؤية جيدة يزداد مردود العمل ويتحسن نوعه وتتناقص إصابات العمل وأخطاؤه، وتنخفض حوادث الطرق وتتحسن أحوال المعيشة. ولا شك في أن الإنفاق على تحسين شروط الإضاءة كبير الجدوى وسريع التعويض اقتصادياً. والإضاءة النموذجية rational هي الإضاءة التي تستجيب لمتطلبات الصحة والاقتصاد معاً، وهي مسألة معقدة جداً وتدخل في صميم مهمات هندسة الصحة العامة. وتعد المتطلبات الصحية المنطلق الأساسي في دراسة خصائص الرؤية عند الإنسان مثل حساسية العين للضوء وقدرتها على تمييز الألوان والتباين، وحدة البصر، وسرعة الإدراك البصري، وثبات الرؤية الواضحة، فالإضاءة الجيدة توفر شروطاً ملائمة للعيش ولممارسة مختلف الأنشطة الإنسانية، وعند إضاءة أماكن العمل إضاءة مقبولة تراعى، على سبيل المثال، درجة الدقة في تنفيذ العمل المطلوب، وتباين الأشياء عن خلفياتها، وضرورة تمييز القطع السريعة الحركة أو البعيدة، ومدة الأعمال المنفذة والأخطار التي قد تنجم عن تعب العين إضافة على ضرورة تجنب البهر وضرورة توزيع الضوء توزيعاً عادلاً فوق السطوح وفي المحيط المجاور لمكان العمل، وكذلك اختيار الطيف الضوئي المناسب والمريح للعين وتوجيه سقوطه توجيهاً صحيحاً. أما الإضاءة السيئة فقد تتسبب في حدوث إصابات مرضية مختلفة في العين وإصابات جسمية متنوعة إلى جانب إرهاق البصر والإرهاق العام وما ينتج منها جميعاً من سوء إنتاج وتعب نفسي. والإضاءة إما أن تكون طبيعية أو صنعية أو مختلطة.

الإضاءة الطبيعية

هي التي تأتي من مصادر ضوء طبيعية، وهي الإضاءة الأكثر ملاءمة فيزيولوجياً للإنسان، غير أنها تتبدل وتختلف باختلاف الوقت والفصل والموقع والبعد عن خط الاستواء، وحالة الطقس، وغير ذلك، وتراوح درجة الإضاءة الطبيعية الواقعة على السطوح الأفقية في الأماكن المكشوفة عادة بين «0.0005» لُكُس في الليلة المظلمة (غير القمراء)، و«0.3» لُكس في الليلة القمراء التامة البدر، و«100000» لُكس تقريباً تحت أشعة الشمس المباشرة (انظر تعريف اللُكس فيما بعد). ويتم تقويم الإضاءة الطبيعية داخل المباني بحسب مُعامل الإضاءة الطبيعية، وهو النسبة بين الإضاءة الساقطة على مساحة من الداخل والإضاءة الخارجية على مساحة تساويها نتيجة لتناثر الضوء الصادر عن القبة السماوية. ومعامل الإضاءة الطبيعية هذا مرهون بحجم المنبع الضوئي ووضعه وشدة الضوء الصادر عنه والمواد الحاجبة له وقدرة السطوح الداخلية على عكس الضوء، ويعتمد معظم الدول معدلات محددة لمعامل الإضاءة الطبيعية طبقاً لقيمة البناء والغاية منه، وقد تراوح بين 0.25% و10% في أماكن الإنتاج المغلقة.

وتكون النوافذ الجانبية أو المناور العلوية أو كلها هي منافذ الإضاءة الطبيعية في المباني. فإذا أحسن تخطيط الأبنية والشقق السكنية في المدن ووجهت التوجيه الصحيح وطليت جدران الغرف بالبياض أو الألوان الزاهية (الفاتحة) وجعلت النوافذ متسعة مزدوجة الأطر أمكن التوصل إلى إضاءة طبيعية داخلية مقبولة. ولوقاية الغرف من دخول أشعة الشمس المباشرة أكثر من المطلوب تزود الأبنية عادة بطنف واقية، وتركب على النوافذ والمناور أخصاصٌ وشبابيك وستائر تخفف من شدة الضوء.

الإضاءة الصنعية ووسائلها

لا تستطيع الإضاءة الطبيعية توفير جميع الشروط الضرورية لممارسة الإنسان نشاطاته في جميع الأوقات، كذلك قد تفرض بعض المسوغات الاقتصادية والتقنية إقامة مبان لا تدخلها الإضاءة الطبيعية لضرورات شتى كالمحافظة على درجة حرارة أو درجة رطوبة ثابتتين أو الإبقاء على المكان المغلق نظيفاً أو تطبيق نظام ضوئي خاص به أو غير ذلك.

لمحة تاريخية

برزت حاجة الإنسان منذ عصور ما قبل التاريخ إلى سد نقص الإضاءة الطبيعية بالإضاءة الصنعية فاستغل النيران والمشاعل والشموع والسرج والمصابيح وغيرها، وكانت الغاية من استخدام الأضواء الصنعية منذ البداية توفير إمكان الرؤية في الظلام من جهة، وتحقيق المؤثرات البصرية طبقاً لحاجة الإنسان من جهة أخرى. ولقد تطورت تقنيات الإضاءة مع تطور قدرة الإنسان على التحكم في النيران، وتوصله إلى مصادر للضوء ذات فعالية ومردود كبيرين، وإلى إيجاده الوسائل المناسبة للتحكم فيها، فوضع الشمعة على شمعدان ليزيد في ضيائها ويضفي جمالاً على نورها بتزييناته الزجاجية الموشورية، وركب للسراج أو المصباح الزيتي عدداً من العاكسات تساعد على تركيز الضوء، واستعمل فيه فتيلاً من القطن قابلاً للضبط، وجعل للمصباح منافذ تسمح بمرور تيار من الهواء يوفر له أكثر كمية من الأكسجين اللازم للاحتراق كما في مصباح أرغاند Argand سنة 1784م، وركب له زجاجة أسطوانية (بلّورة) مكوّرة الوسط تزيد من تركيز الإضاءة، وبعد اكتشاف النفط استبدل بالزيت الكيروسين (زيت الكاز) وزيت البارافلين لتحسين نوعية الاحتراق، وأدى ذلك كله إلى الحصول على مصابيح سهلة الصنع قليلة التكلفة وأمينة يمكن الاعتماد عليها، فبطل استخدام الشموع وإن ظلت للزينة.

شهدت بداية القرن التاسع عشر تطوراً كبيراً في تقنيات الإضاءة الصنعية عندما استخدم الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة وكندا ثم الغاز المستخرج من الفحم الذي استعمله وليم مردوك الاسكتلندي William Murdock حين كلف إضاءة أحد شوارع لندن سنة 1820، ثم غاز الأسيتلين، ورافق ذلك صنع أجهزة خاصة لحرق هذه الغازات والإفادة من ضوئها توجت جمعيها باختراق «قميص ويلزباخ» Welsbach montle سنة 1880 الذي يتألف من شبكة دقيقة أسطوانية أو كروية من القطن المحبوك thorium  والسيزيوم cesium، وعندما يستعمل هذا القميص في جهاز الإضاءة (اللوكس) تحترق المواد التي عولجت بها ويبقى القميص هشاً سريع التلف، غير أنه يعطي ضوءاَ شديد البياض مائلاً قليلاً إلى الخضرة بسبب أملاح الثوريوم، ويزداد توهجه بازدياد ضغط الغاز عند المدخل.

ومع كثرة سيئات وسائل الإضاءة الآنفة الذكر فقد ظلت جميعها أو بعضها يستخدم حتى اليوم في مختلف أرجاء العالم لسبب أو لآخر، غير أن اكتشاف الكهرباء في أواسط القرن التاسع عشر أحدث ثورة عالمية في تقنيات الإضاءة كان لها أطيب الأثر في تبدل معيشة الإنسان.

الإضاءة بالكهرباء: استخدمت الكهرباء في الإضاءة بادئ ذي بدء بالقوس الكهربائية بين قطبين من الكربون، وطور هذا النوع ليستخدم في إنارة الشوارع في المدن الكبرى معطياً ضوءاً ساطعاً قريباً من الضوء الطبيعي. إلا أن اختراع المصباح الكهربائي ذي السلك الفحمي المتوهج سنة 1878 كان الخطوة العلمية الأولى في الإضاءة بالكهرباء. وبسبب أهمية هذا المصباح فقد نشب جدل كثير حول من توصل أولاً إلى ابتكاره ويدعي كل من الفرنسيين والروس والبريطانيين والأمريكيين نسبته إليهم، والحقيقة أن الفضل الأول في صنع المصباح الكهربائي المتوهج المفرغ من الهواء واستعماله تجارياً إنما يعود إلى توماس إديسون [ر] Thomas Edison في الولايات المتحدة الأمريكية لأن عمله هذا كان جزءاً من مشروع متكامل للإضاءة الكهربائية شمل توليد الطاقة ونقلها وتوزيعها، وأقامت شركته عرضاً تاريخياً سنة 1879 للإضاءة بالكهرباء في حديقة منلو Menlo Park عُدَّ الأول من نوعه في العالم، ولم يقتصر إسهام إديسون على ابتكار المصباح واستعماله وإنما رافق ذلك الكثير من الفكر العملية المطبقة حتى اليوم، ومن بينها نظام الربط (الوصل) على التفرع (التوازي) المعمول به حالياً في جميع أرجاء العالم الذي لا يعدو كونه ترجمة لفكرة إديسون الأولى. ومنذ ذلك الحين احتلت المصابيح الكهربائية مكانتها المهمة في الاستثمار الصناعي واشتغل كبار الفيزيائيين والمنتجين في العمل على تحسين أنواعها وإطالة أعمارها (استعمال سلك التنغستين، واستعمال الوشائع المضاعفة، واختيار الضوء الأبيض المائل للصفرة، وملء الحبابة بغاز الأرغون ثم الهالوجين واليود وغير ذلك).

كانت الخطوة التالية في الإضاءة الصنعية بالكهرباء ابتكار أنابيب التفريغ الغازية (أنابيب التبخير vapour tubes)، وهي أنابيب الإضاءة التي تعمل بمبدأ القوس الكهربائية داخل أنبوب مفرغ من الهواء يحوي كمية قليلة من بخار عنصر ما كالنيون مثلاً (الضوء الأحمر) أو بخار الزئبق (الضوء الأزرق والأبيض المائل للزرقة). وقد شاع استعمال هذه الأنابيب في الإضاءة المنزلية وفي المصانع ولتزيين الواجهات منذ الثلاثينات من القرن العشرين حتى غدت بعد تحسينها من أفضل الوسائل العملية في الإضاءة الداخلية، وهي المعروفة اليوم باسم مصباح التألق الغازي أو الفلورسنت fluorescent. ولقد طرأت تحسينات كثيرة في غضون النصف الثاني من القرن التاسع عشر على أنابيب التفريغ الغازية هذه فابتكر مصباح تفريغ بخار الزئبق العالي الضغط ومصباح التفريغ الصوديومي العالي الضغط أيضاً الذي استعمل في إضاءة الشوارع وواجهات المباني الحجرية والآثار كما استعمل في الأجهزة التي تحتاج إلى إضاءة شديدة، وكان من آخر ما أنجز في هذا الصدد مصباح التفريغ الزنوني (غاز الزنون الخامل xenon) ذو الطاقة العالية والضوء المشابه لضوء الشمس تقريباً، ثم مصباح الألق الكهربائي (المصباح الوضاء الكهربائي electro luminescent) الذي يجعل الجدران والسقوف وكأنها ذاتية الإضاءة، الأمر الذي قد يصبح وسيلة الإضاءة الأساسية في المستقبل.

وخلاصة القول أن لعلم الإضاءة اليوم من أنواع المعرفة ما يمكن من تلبية جميع احتياجات الإضاءة العامة والخاصة بحسب الغرض منها: للإضاءة الداخلية في المنازل وفي المصانع أو لإضاءة الشوارع والمباني، أو تزيين الواجهات والإعلانات، أو للاستعمال في المنارات وفي المناور الكاشفة، أو إضاءة المساحات الكبيرة إضاءة غامرة flood lighting  كمهابط الطائرات مثلاً، أو للاستعمال في التصوير المجهري وأجهزة التنظير الطبية، أو لنقل الضوء بوساطة الألياف البصرية المرنة flexibel optic fibres أو لتوفير الإضاءة بأحد عناصر الطيف المرئي أو الأشعة فوق البنفسجية أو تحت الحمراء وغير ذلك.

الأسس المعتمدة في الإضاءة

يجب أن يراعي تنظيم الإضاءة وظيفتها والغاية المرجوة منها. وثمة معدلات وضوابط متفق عليها عند تصميم إضاءة مكان ما إذ يختلف حساب الإضاءة لشارع أو ساحة عن حساب الإضاءة في «ورشة» عمل، ويرتكز هذا الحساب أساساً على قوانين الفيزياء العامة وقوانين الإشعاع التي تضبط انتشار الضوء وتمكن من قياس شدته وكثافته وانعكاسه ومردوده. فالمعروف أن إشعاع الضوء هو انتقال للطاقة على شكل موجات كهرمغنطيسية:

 

حيث l (لامدا) = طول الموجة وE طاقة الإشعاع

وتحسب طاقة الإشعاع بالقانون:  

حيث  V(نو)= تواتر (تردد) الإشعاع

h (هـ) = ثابت بلانك =6.62506×10-34جول

C (س)= سرعة انتشار الضوء = 3×10 8م/ثا.

كذلك يستفاد من معادلات مكسويل في حساب انتشار الضوء وامتصاصه وانعكاسه وتبدده في الفراغ والتغيرات التي تطرأ عليه في الأوساط المختلفة وهذا يساعد على تحديد القيم القياسية لتقنيات الإضاءة التي يعبر عنها كماً، وأهم هذه القيم:

 شدة الإضاءة Luminous intensity (1): وهي القوة الزاوية لضوء صادر عن منبع ضوئي، مصباح مثلاً، معبراً عنها بالشمعة (الكانديلا candela) أي إن شدة إضاءة منبع ضوئي نقطي (شمعة واحدة) تساوي تدفقاً ضوئياً قيمته لومَنٌ واحد في زاوية مجسمة solid angle قيمتها استراديان واحد steradian.

 I=df/dω كانديلا

 التدفق الضوئي Luminous flux: وهو معدل إصدار الضوء من المنبع، وواحدة قياسه «اللومن» lumen (lm)، ويقصد به السيالة الضوئية التي يصدرها منبع ضوئي نقطي بزاوية مجسمة تساوي استرادياناً واحداً وشدتها كانديلا واحدة, ويمكن تقدير الضوء الصادر من أي منبع ضوئي باللومن، فالشمعة العادية تشع 13 لومناً، والمصباح السلكي ذو الاستطاعة 100واط يشع 1300 لومن، وأنبوب التألق الغازي بطول 120سم يشع نحو 5000 لومن.

الاستطاعة الإشعاعية radiant power: وهي القدرة التي يشعها منبع ضوئي في الفراغ المحيط به في واحدة الزمن وتقدر بالواط «watt» فاستطاعة الشمعة واط واحد تقريباً.

 الضياء illuminance أو illumination : وقد يعرف أيضاً بالسيالة الضوئية، وهو التدفق الضوئي على مساحة محددة من السطح المقابل لمصدر الضوء في أي نقطة من نقاطه. ويقاس الضياء في أي نقطة من نقاطه. ويقاس الضياء في المقاييس المترية باللكس، وهو وحدة قياس تكافئ الضوء المباشر الساقط على سطح يبعد متراً واحداً عن مصدر ضوئي نقطي يعادل شمعة واحدة، وهو يساوي أيضاً لومناً واحداً في المتر المربع. ويقاس الضياء في الولايات المتحدة الأمريكية باللومن/قدم2 أو شمعة/قدم2 أي كمية الضوء الصادرة عن شمعة واحدة على سطح مساحته قدم مربعة واحدة على مسافة قدم واحدة (30سم). أي إن اللومن/قدم2 يعادل 10.76 لكس. ويقدر ضياء ضوء النهار المباشر من سماء تغطيها غيوم بيضاء ناصعة بنحو 10.000 لكس أي 1000لومن/قدم2 تقريباً، أما الضياء اللازم لمعمل في الشروط الاعتيادية مع استعمال أنابيب التألق الغازية فهو في حدود 1000 لكس.

 الفاعلية الضوئية luminous efficacy: وهي العامل الذي يحدد نسبة التدفق الضوئي مقدراً باللومن إلى الاستطاعة الكهربائية الفعلية اللازمة لتحقيق الإشعاع الضوئي بالواط، وتقاس هذه الفاعلية باللومن/واط.

الفاعلية الضوئية النسبية relative luminous efficiency: وهي قدرة الضوء على التأثير في عين الإنسان وتعبر عن حساسية العين البشرية للطيف المرئي، أي في حدود أطوال الموجات 760-380 نانو متر. أما القيمة العظمى لحساسية العين فتساوي الواحد عند اللون الأخضر المصفر أي عند طول الموجة 555 نانومتر.

 عامل الانعكاس reflectance: وهو قابلية سطح ما لعكس الضوء الساقط عليه ليراه الناظر. فالسطح الأبيض يعكس الضوء بنسبة 100%، في حين لا يزيد عامل الانعكاس للسطح الأسود على 2%، ويبلغ عامل الانعكاس للسطح الرمادي نحو 40% من الضوء الساقط عليه، فإذا كان السطح ناثراً للضوء في جميع الاتجاهات كالسطوح الكامدة أو المخمل القاتم فإن عامل الانعكاس يقترب من الواحد وتصبح الاستضاءة مرهونة مباشرة بالضياء، أي بكمية الضوء الساقط على ذلك السطح.

 الاستضاءة أو الألق luminance أو brightness: وهي القياس الكمي لمعامل الانتفاع utilance من الإضاءة، أي النسبة بين شدة الإضاءة الصادرة عن المنبع الضوئي وشدتها على السطح المضاء وتقدر باللامبرت lambert أو الميلي لامبرت (0.001 لامبرت)، واللامبرت الواحد يعادل شمعة واحدة في السنتمتر المربع مقسومة على π. ووحدة قياس الاستضاءة في الولايات المتحدة هي لامبرت/قدم. أما العلاقة بين الاستضاءة والضياء وعامل الانعكاس فتحدد على النحو التالي:

الاستضاءة (لامبرت) = الضياء (شمعة) × عامل الانعكاس.

فإذا كان الضياء 10 لُكس وكان عامل انعكاس سطح أبيض ناثر للضوء 50% فإن استضاءة هذا السطح تعادل 5 لامبرت.

ولحساب كمية الضوء اللازمة لإضاءة سطح ما يجب أن يراعى معامل الانتفاع الفعلي في هذا الضوء، وهو نسبة الاستضاءة الفعلية الواقعة على السطح المطلوب إلى الاستضاءة الصادرة عن المنبع الضوئي، أو مجموع المنابع الضوئية في الغرفة، لأن الجدران والأثاث وحوامل الإضاءة نفسها تنثر الضوء أو تعكسه أو تمتصه فلا يبلغ السطح المطلوب إلا قسم منه مرهون بشدة الإضاءة وبعدد منابع الضوء وتوزعها وبأبعاد الغرفة نفسها. وإن حساب معامل الانتفاع مسألة معقدة وتتوافر لها جداول خاصة أو تحسب بمساعدة الحاسوب، ويراوح معامل الانتفاع عادة بين 15% من الإضاءة الكلية غير المباشرة (الموجهة نحو السقف) وبين 60% من الإضاءة المباشرة الموجهة بعاكسات إلى السطح نفسه، مع العلم بأن معامل الانتفاع يتناقص بمرور الزمن بسبب تناقص المردود الضوئي للمنبع وتراكم الغبار، الأمر الذي يضطر مهندسي الإضاءة إلى تجاوز معامل الانتفاع عادة عند حساب الإضاءة اللازمة. ولقياس شدة الضوء الصادر عن مصباح مكشوف يوضع مستقبل للضوء على بعد معين عن المصابح وفي جميع الاتجاهات، ثم تحسب كمية الضوء الساقطة على هذا المستقبل بقانون التربيع العكسي للإشعاع الذي ينص على أن الضياء (E) في نقطة ما يتناسب طرداً مع شدة إضاءة المنبع (I) وعكساً مع مربع المسافة (D2) بين المنبع وتلك النقطة. فإذا كان السطح في تلك النقطة متعامداً مع شعاع الضوء الوارد عليه يصبح القانون:

 

 

الشكل (1) تزايد مساحة بقعة الضوء كلما بعد السطح المضاء عن المنبع

الشكل (2) توزع الضوء بسويات واحدة

ويكون القانون صحيحاً إذا كان الضوء نقطة، وقريباً من الصحيح إذا كانت المسافة D كبيرة بالموازنة مع أبعاد المنبع. ولما كان توزع الضياء من منبع نقطي منتظماً في الفراغ فإن البقع الضوئية التي يحدثها هذا الضوء عند سقوطه على سطح متعامد معه تزداد اتساعاً كلما بعد السطح عن المنبع (الشكل 1)، فإذا كان بعد البقعة الثانية ضعفي بعد البقعة الأولى عن المنبع تكون مساحة البقعة الثانية أربعة أمثال مساحة الأولى، والضياء فيها ربع الضياء في الأولى. أما توزع الضوء فيكون بسويات ثابتة منتظمة عند سطوح محددة في الفراغ، ويوضح الشكل رقم 2 توزع الضوء من منبع ضوئي نقطي عند مبدأ الإحداثيات محسوباً بقانون التربيع العكسي، فإذا كانت أبعاد النقاط المضيئة واحدة تكون الإضاءة عندئذ ثابتة في سويات معينة بسبب انتظام انتشار الضوء في الفراغ، وتمثل هذه السويات عادة منحنيات تدعى مخططات السوية الضوئية isophot diagrams غير أن معظم تصميمات الإضاءة ولاسيما الإضاءة الداخلية والإضاءة الغمر تعتمد نشر الضوء في مساحة واسعة وبسوية متماثلة، ويتطلب ذلك دراسة توزع الضوء من كل منبع على حدته عن طريق المنحنيات القطبية (الشكل 3) إذ يمثل المحور الشاقولي زاوية الصفر وتحدد المنحنيات القطبية توزع شدة الإضاءة بزوايا مجسمة بالنسبة للمستوى العمودي المار من محور المنبع الضوئي، وتراعى هنا مسألة التناظر في توزع الإضاءة فيمكن الاكتفاء بدراسة جزء واحد فقط من الأجزاء المتناظرة. ومن ثم يمكن ترتيب جداول لقيم الضياء المتوسطة بالنسبة لأضواء متناظرة على مسافات معينة. ويمكن التفريق بين طرائق ثلاث من توزيع الضوء هي: التوزيع المباشر والتوزيع غير المباشر والتوزيع العام، فأما التوزيع المباشر فيعني تسليط الضوء كلية نحو السطح المطلوب كإضاءة أمكنة العمل مثلاً، وأما التوزيع غير المباشر فيعني الإفادة من خاصة الانعكاس وتناثر الضوء لإضفاء الإضاءة الكافية على المكان. وأما التوزيع العام فيعني توزيع الضوء توزيعاً متساوياً وكافياً في جميع أرجاء المكان وفي جميع الاتجاهات لكي يصل قسم منه إلى مكان العمل مباشرة ويصل القسم الآخر إلى ذلك المكان بعد انعكاسه وتناثره. إن اختيار التوزيع المناسب لا يحدد حسابات تصميم الإضاءة فحسب بل يحدد نوعيتها أيضاً، لأن لكل توزيع منها حسناته وسيئاته، فتسليط الضوء كله على مكان العمل مثلاً يمكن من تركيز إضاءة جيدة على السطح المطلوب، إلا أن السقف يبقى معتماً ويصبح إجهاد البصر كبير الاحتمال في حين تعطي الإضاءة غير المباشرة منظراً بهيجاً ومريحاً، ويكاد يشبه ضوء السماء المنتثر، غير أن مثل هذه الإضاءة تجلب النعاس وتتعب البصر عند القراءة وعند القيام بأعمال دقيقة، وأخيراً فإن الإضاءة العامة والمختلطة تجمع بين محسنات الطريقتين السالفتين، وتخفي سيئاتهما وربما كانت هي المفضلة في بعض الأحيان.

 

الشكل (3) توزع الضوء ممثلاً على المنحنيات القطبية

سويات الإضاءة: لما كان الضوء الساقط على السطح المضاء هو العامل الوحيد الذي يؤثر في عين الإنسان تأثيراً مباشراً ويحدد قدرته على الرؤية فقد وجد مهندسو الإضاءة أن حساب الضياء والاستضاءة والانعكاس عند السطح المذكور، أي ما يعرف بسويات الإضاءة، هو الأساس في تصميمها، وأن هذه السوية تتناسب ـ كما أشير إلى ذلك في فقرة الأسس المعتمدة في الإضاءة ـ طرداً مع الضياء وعكساً مع عامل الانعكاس على أن تؤخذ في الحسبان العوامل التالية عند حساب سوية الإضاءة المطلوبة:

ـ توافر إضاءة كافية للرؤية وغير متعبة للعين وفق المتطلبات التي يفرضها علم البصريات الفيزيولوجي وهندسة الصحة العامة.

ـ مراعاة شروط العمل انطلاقاً من راحة البصر وفاعلية الرؤية لمدة طويلة.

ـ ثبات الإضاءة واستقرار الضوء باستمرار واختيار الطيف المناسب للرؤية.

ـ تجنيب الإبهار وسقوط الضوء المباشر في العين، ومنع اللمعان المزعج على السطوح المضاءة.

ـ توزع الضوء توزعاً متساوياً على سطوح العمل وفي المجال المتاخم لها.

ـ مراعاة تكلفة الأجهزة والأدوات المستعملة في الإضاءة ونفقات استهلاك الطاقة.

ولكل دولة من الدول شروطها التي تحدد سويات الإنارة في مؤسساتها ومنشآتها المختلفة، إضافة إلى النظم العامة التي تحددها اللجان والمنظمات الدولية المعنية.

ويبين الجدول 1 بعض سويات الإضاءة المعمول بها في الدول الكبرى واللجنة الدولية للإضاءة.

 

الجدول 1: سوية الإضاءة مقدرة باللكس LX

المنشأة

روسية الاتحادية

بريطانية

فرنسة

ألمانية

اللجنة الدولية للإضاءة

مكاتب

300

500

320

250-500

500

قاعات عامة، مصارف، واجهات العرض

500

750

800

1000

1000

قاعات مطالعة، مكتبات

300

300

400

500

500

قاعات مؤتمرات

500

500

160

250

300

صالات طعام في المطاعم

200

100

240

120

200

أدراج الأبنية

75

150

160

120

150

مطابخ في الفنادق والمطاعم

200

500

200

500

500

قاعات الاستقبال

-

50

150

-

100

غرف النوم

-

50

56

-

50

غرف الأطفال

-

-

160

120

150

الحمامات

-

100

80

120

100

غرف الجلوس والمطالعة

-

300

320

500

500

 

البيئة والتحكم في الإضاءة: إن أهم ما يجب مراعاته عند تصميم الإضاءة في مكان ما هو توفير ضوء كاف يسمح برؤية جيدة ولا يرهق العين، فالإضاءة على علاقة وثيقة بحاسة البصر عند الإنسان، لأن العين تتكيف تماماً مع نوع الإضاءة التي تحيط بها، وهي قادرة على الرؤية في ضوء القمر مع أن الضياء في هذه الحالة لا يتجاوز جزءاً من مليون جزء من ضياء الشمس. ولا يتوقف تكيف العين عند هذا القدر ولكنه يؤثر في الإحساس الناتج من وجود ضوء مهما كانت شدته وكميته، فقد يبدو سطح في شارع مضيئاً ساطعاً في الليل وتراه أقل ضياء في النهار، وهذا ما يمكن أن يسمى الضياء الظاهري أو النسبي، ويقابله الضياء الفيزيائي أو الكمي ويتوقف تحديد ذلك على معرفة العلاقة بين الإضاءة والرؤية، إذ يمكن تحليل آلية الإبصار عند الإنسان إلى عوامل أساسية ثلاثة هي: حدة الإبصار visual ecuity وإدراك التباين contrast والحركة movement وعلى هذا الأساس تم التوصل إلى اتفاق عالمي حول طرائق تحديد مستويات الإضاءة وتحديد كمية الضوء اللازمة للرؤية المجدية والمريحة، وحول طرائق التخفيف من العوامل المزعجة كالضوء الشديد والبهر. ولقد سعت بعض الدول إلى وضع قوانين ناظمة للإضاءة وفهارس لراحة البصر visual comfort index أو لدرجة السطوع (البهر) glare index، ولكن مهندسي الإضاءة غالباً ما يصطدمون بعقبات كثيرة تضطرهم إلى التغاضي عن تطبيق مثل هذه القوانين والفهارس زيادة أو نقصاناً، ناهيك عن التضارب الذي قد ينتج من اختلاف وجهات النظر في التصميم بين هندسة الإضاءة والهندسة التزيينية (الديكور) والعمارة.

الإضاءة الداخلية: تميل معظم البلدان إلى تبني نماذج متشابهة تقريباً في الإضاءة الداخلية من حيث مصادر الضوء وطراز العمارة واحتياجات الإضاءة في أماكن الراحة والعمل، ولقد أثبتت الدراسة أن متطلبات الإضاءة في الوقت الحاضر أكبر بكثير مما كانت عليه قبل عقد من الزمن، وأنها ازدادت خمسين ضعفاً عنها في النصف الأول من القرن العشرين، وليس السبب في ذلك ضعف الرؤية أو تلف البصر عند الإنسان المعاصر، وإنما ميل الناس إلى الرؤية الواضحة حيثما كانوا من دون أن يضطروا إلى الاقتراب من منبع الضوء أو انتظار بزوغ الشمس للقيام بأعمالهم. وغدت الإضاءة المركبة أو المختلطة هي الأكثر قبولاً في الإضاءة الداخلية، الأمر الذي يتطلب تعاوناً بين مهندس الإضاءة ومهندس التزيين الداخلي أو ما يسمى «الديكور» من أجل توفير بيئة داخلية مفيدة ومريحة.

1- في دور السكن: ما يزال الضوء المركزي المتدلي من السقف، وسواء كان مصباحاً مفرداً أو ثريا متعددة المصابيح، هو الأسلوب الأكثر شيوعاً في إضاءة المنازل العادية، وغالباً ما يكمله ضوء جداري واحد أو ضوءان مع ضوء أرضي محجوب على منضدة العمل أو قائم في أحد الزوايا، وتعد هذه الإضاءة من أفضل الطرائق المعتمدة لراحة البصر وأكثرها اقتصاداً، إذ تكون العين أكثر فاعلية وأقل إجهاداً عندما تكون الإضاءة في مكان العمل (عند القراءة مثلاً) أكثر بقليل منها فيما يحيط بذلك المكان، ولكن من غير الجائز أبداً الاكتفاء بضوء منضدة واحد في الغرفة لأنه يجعل الغرفة أشد إظلاماً ويؤدي إلى إرهاق البصر. وثمة مصابيح تنثر ضوءاً عاماً مع تركيز حزمة من الضوء على مكان محدد في آن واحد، وهي من أفضل مصادر الضوء اقتصاداً لإضاءة أماكن العمل ضمن المنازل. ويعد المصباح الكهربائي المتوهج ذو السلك المعدني أكثر المصابيح ملاءمة لجو المسكن الاجتماعي بسبب لون ضيائه المائل للصفرة لأنه يشعر الإنسان بالدفء والراحة. أما مصابيح التألق الغازية (الفلورسنت) فهي المفضلة في بعض الأماكن من المنزل كالمطابخ، وغير مرغوب فيها في غرف الجلوس والنوم بسبب حجم مصباحها من جهة ولمشابهة ضوئها ضوء النهار الذي قد يرغب الناس عنه.

وأما الإضاءة المفضلة لمشاهدة التلفزيون فهي مثار جدل كبير، ويفضل معظم الناس أن تكون الإضاءة عادية من دون أن يلحق ذلك أي أذى بالعين، غير أن الضوء الأبيض المسلط على الشاشة الملونة مباشرة يشوه ألوانها، وتتوقف سوية الإضاءة عند مشاهدة التلفزيون على الإحساس الشخصي مع تجنب انعكاسات الضوء المزعجة، ويفضل في معظم الأحوال أن تكون الإضاءة خلفية وأن تكون سويتها أقل بقليل من تلك المستعملة في القراءة أو العمل.

2- في المدارس: تميل بعض الدول إلى جعل الإضاءة في المدارس شبيهة بإضاءة المنازل، في حين تصر دول أخرى على وضع مصدر الضوء فوق ساحة العمل كمقاعد الدرس والسبورة، وتفضل إضاءة المدارس بمصابيح التألق الغازية المثبتة في السقف، أو بإضاءة السقف إضاءة شديدة لا تترك ظلالاً على سطح العمل.

3- في المكاتب: كان الضوء الطبيعي الداخل من النوافذ أساس الإضاءة في المكاتب في النهار لذا وجب أن تكون النوافذ عريضة وموجهة، في حين كانت الإضاءة الصنعية مخصصة للعمل بعد حلول الظلام أو في المكاتب التي لا يدخلها الضوء الطبيعي. وقد أظهرت الدراسات اللاحقة ميزات التكامل بين الإضاءتين الطبيعية والصنعية من أجل تحسين نوعية العمل، فلم تعد ثمة ضرورة لجعل النوافذ كافية لتوفير الضوء اللازم في ساعات النهار، غير أن وجودها مهم جداً لأنها تربط العاملين في المكتب بالعالم الخارجي، وقد اعتمد هذا المبدأ في معظم البلدان، ولم يؤخذ به في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يفضل العمل بالإضاءة الصنعية ليلاً ونهاراً ولو بإسدال الستائر لتخفيف وهج الضوء الطبيعي.

وتعتمد إضاءة المكاتب عادة على مصابيح التألق المثبتة في السقف، ظاهرة أو مخفية، لكي تعطي ضوءاً متجانساً فوق ساحة العمل كلها، وتسمح بترتيب حجرة المكتب بحسب مقتضيات العمل وذوق شاغله، ولا تقل سوية الإضاءة في المكتب عادة عن 10% إلى 20% من الضوء الطبيعي، إذ يعتقد أن هذه هي الدرجة المثلى للإضاءة عند استعمال الورق الأبيض.

4- في المشافي: يميل الأمريكيون إلى عدم استعمال الألوان في طلاء الجدران، والإقلال من استعمال المعلقات (لوحات أو صور) مع توفير مستويات عالية من الإضاءة بمصابيح التألق ظاهرة أو مخفية في السقف وفوق رؤوس الأسرة مباشرة، في حين يأخذ معظم البلدان الأخرى، وفي أوربة خاصة، بمبدأ توفير الإضاءة المريحة بسويات منخفضة نسبياً مع تلوين الجدران والستائر بأسلوب يمنح المرضى شعوراً بالراحة كما لو كانوا في منازلهم. أما غرف العمليات فتتطلب بطبيعة الحال تركيز إضاءة بسوية عالية خالية من الظلال فوق سطوح العمل بصرف النظر عن مكان وقوف الجراح أو حركته. وغالباً ما يوفر ذلك من مصدر ضوئي كبير جداً ومتعدد الأضواء معلق فوق طاولة العمليات، وهو الحل الأقل تكلفة، أو من سقف إهليلجي عاكس مضيء إضاءة كلية يضم عدداً من المنابع الضوئية الصغيرة الموجهة إلى ساحة العمل يتحكم الجراح نفسه في توزيع ضوئها أو اتجاهه بأزرار في متناول يده، ومن المهم جداً أن تتمم هذه الإضاءة بإضاءة عامة لغرفة العمليات خالية من الظلال كي يتمكن مساعدو الجراح من القيام بعملهم بكفاية من غير إجهاد للبصر.

5- في المصانع والمعامل: تعد إضاءة سطوح العمل إضاءة كافية مطلباً أساسياً، وغالباً ما تكون الإضاءة فيها بمصابيح تألق غازية ذات سوية عالية مثبتة في السقف. ومن المتفق عليه عالمياً أن تراوح شدة الإضاءة بين 10% و25% من الضوء الطبيعي في يوم مشرق. وتختلف مشكلة الإضاءة هنا عنها في المكاتب، لأن التعامل في المكاتب غالباً مع الورق الأبيض، في حين يرتبط العمل في المصنع بمواد مختلفة متباينة الألوان أقل عكساً للضوء من الورق توفر راحة أكثر للبصر مهما كانت شدة الإضاءة، وقد أثبتت الخبرة الطويلة أن ارتفاع سوية الإضاءة في المعامل يزيد الإنتاج ويعطي مردوداً يعوض ما ينفق عليها. والجدير بالملاحظة هنا أن بعض المهمات الصناعية الدقيقة تتطلب إضاءة إضافية أو متممة قد تبلغ سويتها سوية الإضاءة الطبيعية في نهار مشرق كتجمع الآلات الدقيقة والساعات وآلات التصوير، وكذلك مكاتب الرسم التي يفضل الرسامون العاملون عليها سوية عالية من الإضاءة. ويراعي مصممو الإضاءة في المصانع عادة سهولة تنظيف مصادر الضوء وصيانتها، لأن حرارة المصابيح تسبب تياراً هوائياً صاعداً يحمل معه ذرات الغبار والهباب من أماكن العمل فتتوضع على السطوح العاكسة للضوء وتخفف من ضيائها، كما أن الحرارة المنبعثة من مصادر الضوء ومن الآلات ومن أجسام العمال أنفسهم تفترض توفير تهوية كافية لمصادر الضوء تخفف من حرارتها وتحافظ على تألقها، لأن الحرارة المفرطة تقلل من تألق الضوء وتخفف مردوده.

يتبع في إضاءة المصانع أسلوبان أساسيان أولهما الإضاءة من علو مع ترك فرجات ومسافات متناظرة بين الأضواء، وثانيهما الإضاءة المتتابعة والمستمرة على صفوف.

والأسلوب الأول أكثر مواءمة للعنابر الكبيرة المرتفعة الأسقف كحظائر الطائرات، حيث تكون الإضاءة متجانسة من غير تداخل نظراً لسعة المكان. أما الأسلوب الثاني فيمكن من تركيب الأضواء فوق خطوط العمل على ارتفاع مناسب لكي تتكامل مع ضوء النهار أو تحل محله تماماً في الليل. وقد يستخدم بعض المصانع السقوف المضيئة كلية ولاسيما تلك التي تتطلب تحكماً دقيقاً في مناخها الداخلي.

6- في المتاجر والحوانيت: تعتمد الإضاءة بحسب وظيفة المتجر ومكوناته. فتضاء صالات العرض ومخازن البضاعة إضاءة كافية تمكن من رؤية محتوياتها بوضوح مع توفير التأثير الضوئي الملائم للإعلان عنها، وغالباً ما ترتب مصابيح الإضاءة متناظرة ومنسجمة مع التزيين الداخلي للمتجر وتصميمه. ويراعى فيها تجنب الوهج الشديد واختيار سوية تتناسب مع نوعية البضاعة المعروضة، كأن تضاء المفروشات مثلاً إضاءة منخفضة وموزعة توزيعاً مناسباً في حين تضاء الألبسة والطنافس والسجاد إضاءة بهيجة متألقة. وتهتم المتاجر خاصة بتزيين واجهات العرض وإضاءتها للدعاية لمعروضاتها لكي تبرز عما يجاورها وتظهر النواحي الجمالية فيها، ويراعى هنا إخفاء مصادر الضوء عن النظر المباشر واستعمال المصابيح الملونة واستعمال المصابيح المتغيرة الشدة والمرايا العاكسة وغير ذلك.

الإضاءة الخارجية: تقسم الإضاءة الخارجية إلى إضاءة استثمارية (خدمية) إلزامية وإضاءة تأثيرية أو تزيينية، والغاية الأساسية للإضاءة الاستثمارية هي توفير الأمن والشروط الملائمة للعمل والحركة في الخارج. وتتطلب الإضاءة الخارجية الاستثمارية في معظمها خبرة خاصة لا تتوافر إلا في مهندس الإضاءة المختص، فإضاءة المطارات والملاعب والشوارع عمل اختصاصي يحتاج إلى مهارة ودراية، وقد يكون من الخطر تركه لممارس غير ذي خبرة، لأن إضاءة مهبط في مطار ما لا تحدد موقعه وبعده فحسب وإنما تمكن الطيار من معرفة طريقه، وكيفية هبوطه بدقة متناهية ومن مسافة كبيرة. أما إضاءة الشوارع فهدفها الرئيس تحقيق أمن حركة وسائل النقل والمشاة والإقلال من حوادث الطرق، فالمعروف أن حوادث الطرق في الشوارع الجيدة الإضاءة تقل بنسبة 30% عنها في الطرق غير المضاءة. وتخضع الإضاءة الاستثمارية عموماً لمعدلات محددة توفر الوضوح والتوجه الصحيحين مع تجنب التأثير الباهر للأضواء المستعملة.

تهتم الإضاءة التأثيرية lighting for effect أو التزيينية decorative lighting بإحداث تأثيرات معينة في العين البشرية وإضفاء ظلال وانعكاسات وبقع شديدة الضياء على الأشياء التي تسلط عليها الأضواء، فتمنحها منظراً خلاباً بغض النظر عن قدرة العين على تمييز تفصيلاتها أو قراءة ما هو مكتوب عليها كإضاءة الآثار والحدائق العامة.

1- إضاءة المدن والشوارع: تعتمد هذه الإضاءة اعتماداً كبيراً على مخطط المدن وعلى أجهزة الإضاءة ومواضعها. ولقد أدرك الإنسان منذ القدم أهمية إضاءة الطرق بوصفها عامل أمن وعائقاً للجريمة، وقد عرفت شوارع المدن الكبرى الإضاءة منذ قرون، وكان الناس في دمشق والقاهرة في العصر المملوكي يلزمون بوضع مصابيح على أبواب دورهم، وبحمل مصابيح عند تجولهم ليلاً، وشاع استعمال مصابيح الغاز في عواصم العالم منذ أواخر القرن التاسع عشر ثم حلت محلها مصابيح القوس الكهربائية فالمصابيح ذات السلك. ومع تطور صناعة السيارات وازدياد حركة المرور على الطرق ليلاً اكتسبت إضاءة الشوارع أهمية جديدة وتطلب الأمر استعمال مصابيح شديدة التوهج كمصابيح بخار الزئبق والصوديوم.

وتبنت الدول المختلفة مبادئ متباينة لإضاءة مدنها وشوارعها لعل أفضلها ما تم تبنيه في القارة الأوربية من اعتماد مبدأ الرؤية الطبيعية بإضاءة السطوح المطلوبة مع إبقاء الخلفية مظلمة، وقد تضاف إليها أو تكملها إضاءة تزيينية عامة وأضواء واجهات المحال التجارية.

ويراعى عند إضاءة الشارع عرضه واتجاه السير فيه، فقد تكون الإضاءة على أحد الجانبين إذا كان عرض القسم المخصص للمرور أقل من 12 متراً، وتكون الإضاءة على محور الشارع إذا لم يزد عرضه على 18 متراً وتصبح الإضاءة على كلا الجانبين عندما يصل العرض إلى 48 متراً، ويجب ألا تزيد المسافة الفاصلة بين القنديل أو المصباح والآخر على 4-5 أضعاف ارتفاعه عن سطح الشارع، ويضاف إلى هذا كله مؤشرات الطرق المضيئة والإشارات الضوئية التي تنظم السير.

2- إضاءة الملاعب وحلبات الرياضة: كانت الألعاب الرياضية مقتصرة على ضوء النهار في تاريخها الطويل، غير أن تطور مصادر الطاقة ومنابع الضوء وفر الجدوى الاقتصادية الضرورية لإضاءة حلبات الرياضة وملاعبها. وكانت الإضاءة في البدء تعتمد على أضواء معلقة فوق الملعب مباشرة إلا أن الأسلوب الأساسي المتبع اليوم هو استخدام صفوف من المناوير الضخمة projectors في زوايا الملعب أو على محيطه. وتستعمل في هذه الحالة مصابيح خاصة ذات مردود ضوئي مرتفع وحياة طويلة نسبياً مثل مناوير التنغستين ـ هالوجين tungsten-hologen projectors. وربما شهدت الملاعب قريباً مصابيح أكثر فاعلية من نوع مصابيح الزنون التي يجري العمل على تطويرها.

3- إضاءة المنشآت الأثرية والعامة: إن الغاية الأساسية من إضاءة هذه المنشآت هي الإضاءة التأثيرية التزيينية وغالباً ما يكون الأسلوب المتبع هو «إضاءة الغمر»، والقصد منها إضاءة الواجهات والنصب والنوافير والرايات واللافتات والمساحات الخضراء بمناوير وكشافات متعددة الألوان متباينة الشدة.

والمبدأ العام هنا، كما في إضاءة الملاعب هو تسليط الضوء على الشيء المراد إبرازه من مسافة كافية، فتنار المنشأة من دون ما يجاورها. والغاية من «إضاءة الغمر» توزيع الضوء بالاتجاه وبالكمية اللازمين لإنارة جميع أجزاء الواجهة فتبرز منحوتاتها ورسوماتها وأشكالها كما تبدو في وضح النهار. وقد يلجأ إلى تعليم حواف الأبنية بمصابيح التألق أو بالمصابيح الملونة الظاهرة أو المخفية، وإلى إبراز معالم البناء المعمارية بأضواء تنبعث من الداخل من خلال السطوح الزجاجية أو بوضع أضواء خلف المنشأة تضفي عليها ظلالاً خاصة، ويضاف إلى ذلك كله تنوع الإعلانات واللوحات المضيئة التي تعطي المشاهد التأثير المطلوب.

وأخيراً فإن الجمع بين الإضاءة الاستثمارية والإضاءة التزيينية جمعاً ماهراً مدروساً يؤلف عنصراً مهماً في إعطاء المدينة والشارع والمنشآت جميعها مسحة جمالية منسجمة تمنحها طابعها الخاص.

 

محمد موسى، محمد وليد الجلاد

 

 

التصنيف : التقنيات (التكنولوجية)
النوع : تقانة
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 662
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 590
الكل : 31242102
اليوم : 67259

سكالجيرو (جوليو شيزاره-)

سكالِجيرو (جوليو شيزارِه ـ) (1484 ـ 1558)   جوليو شيزارِه سكالِجيرو Giulio Cesare Scaligero عالم لغوي وشاعر ومنظِّر أدبي إنساني فرنسي من أصل إيطالي. ولد في ريفا دِل غاردا  Riva del Garda وتوفي في بلدة أجِن Agen جنوبي فرنسا. ادعى أنه سليل أسرة دِلاّ سكالا Della Scala العريقة من فيرونا Verona وشكك النقاد في مصداقيته. بدأ دراسة الطب في إيطاليا وزاول مهنته في أجن طبيباً لأسقف المدينة حيث استقر نهائياً منذ عام 1525 بعد زواجه من فرنسية. كان يتمتع بقدرة كبيرة على العمل وبذاكرة قوية، كما اكتسب معرفة علمية واسعة أدهشت معاصريه، ونشر جميع مؤلفاته باللغة اللاتينية الحديثة.
المزيد »