logo

logo

logo

logo

logo

الدفاع النفسي (آليات-)

دفاع نفسي (اليات)

Defense mechanisms - Mécanismes de défense

الدفاع النفسي (آليات -)

 

آليات الدفاع النفسي defence mechanisms آلية سيكولوجية لا شعورية، يستخدمها الفرد لإضعاف الحصر (القلق) الناجم عن نزاعات داخلية بين المقتضيات الغريزية والقوانين الأخلاقية والاجتماعية، وهو مفهوم تحليلي نفسي يستخدم في وصف البنى النفسية الثابتة نسبياً والارتكاسات الدفاعية المنفردة اللاشعورية التي يحول الأنا بمساعدتها حماية نفسه من الصراعات النفسية التي يمكن أن تنشأ عن التباعد بين رغبات الهُو ومطالب الأنا الأعلى أو حتى من مطالب الأنا نفسه، وهي جزء من المنظومة النفسية التي تهدف إلى تحديد طاقة الدوافع المهددة والمثيرة للقلق وتلعب دوراً في توازن الشخصية، غير أنها يمكن أن تتحول إلى آليات مرضيات ومعيقة إذا أصبحت هي الشكل الغالب من الدفاع. 

ووفق نظرية التحليل النفسي تستخدم آليات الدفاع النفسي في النمو النفسي السوي إلا أنها تؤدي عند الاستخدام المكثف والطويل الأمد، إلى الاضطرابات النفسية[ر]، وخاصة عندما تصبح هي الآليات النفسية الوحيدة المستخدمة في حل الصراعات النفسية ومواجهتها. إنها عبارة عن أنماط خاصة من السلوك، يتم فيها تحويل إثارات الدافع التي لا تسمح لها الرقابة النفسية بالظهور إلى شكل آخر من الطاقة النفسية التي لا تلحق الأذى الكبير بالشخصية ولا تتناقض مع متطلبات الواقع الخارجي. المحرك الذي يثير حشد آليات الدفاع هو دافع الخوف خاصة، أي عندما يرى الأنا الدافع مهدداً له. ويتجه الدفاع النفسي ضد مثيرات داخلية، أي ضد الدوافع، أو بشكل انتقائي ضد مثير مرتبط بتصور ما (ذكريات وهوامات fantasies)، أو ضد موقف محدد يقود إلى إثارة هذا المثير إذا لم يكن متوافقاً مع التوازن النفسي الداخلي، ويهدد مشاعر الأنا.

وتعد آليات الدفاع الأولية جزءاً من السلوك الدفاعي النفسي الذي يضم أشكالاً متنوعة من السلوك، مثل سلوك التراجع والانسحاب وسلوك العدوان والعدوان المضاد وسلوكيات الدفاع الأخرى التي تشترك جميعها بأنها تهدف إلى صد الأخطار الحقيقية أو المتوقعة وذات المصدر الداخلي أو الخارجي، حيث يمكن تشبيه وظيفتها بوظيفة جهاز المناعة الجسدي الذي يهدف للدفاع عن الجسد ضد الجراثيم والفيروسات. وترى مدرسة التحليل النفسي أن الكثير من الاضطرابات النفسية والنفسية الجسدية عبارة عن نتائج الدفاع النفسي الفاشل تجاه محتويات غير مرغوبة ومهددة للأنا أو للشخصية. ويمكن عدّ آليات الدفاع الأولية خط الدفاع الأخير الذي يحشد أو يجند من أجل التغلب على كل بواعث الدافع غير المرضية أو المرغوبة والمسببة للصراع والقلق.

وكان فرويد[ر] أول من تحدث عن آليات الدفاع الأولية، وخاصة الكبت. ورأى في آليات الدفاع النفسي محاولة مرضية وعصابية للتعامل مع الواقع، ونوعاً من الحل النفسي الاضطراري لتجنب الصراعات بين الدوافع الداخلية المتناقضة وأكد على الجانب المشوِّه والمحرِّف لواقع هذه الآليات، ورأى أن شكل الدفاع اللاحق يتحدد في السنوات الخمس الأولى من الحياة. أما ابنته آنا فرويد Anna Freud فقد كانت أول من عمّق ووسع مفهوم آليات الدفاع وقامت بالتمييز بينها وشرحها، وصنفت عشرة أشكال من آليات الدفاع النفسي، وأضافت إليها ميلاني كلاين Melane Klein ست آليات هي انقسام الموضوع object splitting والتماهي الإسقاطي projective identification وإنكار الواقع النفسي denial of reality والامتلاك أو السيطرة المطلقة على الموضوع object obsession.

أما اليوم فيصنف الباحثون أكثر من أربعين آلية دفاعية منها:

ـ الكبت repression، أي صد الدافع المهدد وكبته في اللاشعور أو بتعبير آخر إعاقة أو منع دخول أو تسرب تصور مسبب للقلق أو نشاط دافع أو نشاط تهيجي إلى ما قبل الشعور أو إلى الشعور. وهو يحتل مكانة خاصة في نظرية التحليل النفسي، وأول آلية دفاعية افترضها فرويد وأخطرها تأثيراً على الشخصية، لأنه يمنع الأنا من التمثل السليم للدافع ولأن المكبوت يظل فاعلاً في اللاشعور ومن ثم يستهلك الجهاز النفسي جزءاً كبيراً من الطاقة النفسية من أجل الحفاظ على المكبوت مكبوتاً، على الرغم من أن حداً من الكبت ضروري لأنه يتيح للفرد التعامل مع المحيط دون أن يظل مرهقاً بذكريات وخبرات مؤلمة.

ـ التصعيد sublimation، وهو بعكس الكبت، أي تحويل الدافع الجنسي أو العدواني المهدد للشخصية على طاقة إبداعية وفنية تلقى القبول والاستحسان من المجتمع. والتصعيد حسب نظرية التحليل النفسي يكمن وراء عملية كل عملية إبداعية وفنية.

ـ النكوص regression، أي العودة إلى مراحل سابقة من النمو النفسي كان قد خَبر فيها الدافع الإشباع.

ـ التثبيت fixation، أي توقف النمو النفسي عند مرحلة ما من مراحل النمو.

ـ التماهي identification أو التماهي بالمعتدي identification with aggressor، أي تبني صفات الآخر الأقوى.

ـ الكظم suppression، أي امتلاك النفس عند الغضب والتوتر.

ـ الاجتياف introjection، أي التمثل الخيالي لمواضيع وصفات تابعة لهذه المواضيع بحيث تصبح جزءاً من الأنا الأعلى.

ـ الإسقاط projection، أي إنكار الميول والأفكار الذاتية لما تسببه من مشاعر ذنب وعزوها للآخرين.

ـ التبرير أو العقلنة rationalization، أي التفسير اللاحق لسلوك مدفوع لا شعورياً وغامض وإعطاؤه تفسيراً عقلانياً خارجياً. ويمثل التبرير حيلة دفاعية تقي الفرد من الاعتراف بالأسباب الحقيقية غير المقبولة لسلوكه، أو تحميه من الاعتراف بالفشل أو العجز. وهو عبارة عن إيجاد مبرر منطقي أو عقلي لتصرف ما من أجل صد مشاعر الفشل والذنب وبالتالي التخفيف من مشاعر القلق.

ـ التكوين العكسي reaction formation، أي صد البواعث والطموحات غير المرغوبة والمسببة للقلق من خلال معناها المعاكس.

ـ الإنكار denial، أي استبعاد الأجزاء المثيرة للقلق من الإدراك وتعويضها من خلال أفكار الرغبات والأحلام النهارية.

ـ الإلغاء والإبطال undoing، أي تلك الحالة المتناقضة من المشاعر كالحب والكره التي توجد مع بعضها ويكتشفها المرء فيحاول تجنب إطلاق حكم على سلوكه من قبل ضميره أو عندما يريد تجنب عقاباً.

ـ التعويض compensation، أي تغليف ضعف ما من خلال المبالغة بإظهار صفة أخرى مرغوبة.

ـ الإزاحة أو النقل displacement، أي تحويل دافع أو رغبة ما من الموضوع الأساسي، حيث يرتبط إشباع هذه الرغبة أو الدافع مع التهديد، إلى موضوع بديل غير مهدد.

ـ الكف inhibition، أي حالة التقيد الوظيفي للأنا من خلال عدم القدرة على ممارسة حركات أو أفعال معينة لأنها اكتسبت معنىً جنسياً وفق نظرية التحليل النفسي.

ـ التنسك أو سلوك الزهد والتقشف والغيرية، أي السلوك الذي يتصف بإنكار الذات وبذل النفس.

ـ العدوان السلبي، أو العدوان على الذات. وهو شكل من أشكال الدفاع، وذلك عندما تضع الرغبات المتناقضة مع بعضها الأنا أمام قرارات واختيارات غير قابلة للحل، فيصبح العدوان السلبي أو العدوان على الذات، كآلية دفاع، هو الآلية المفضلة.

غير أن عدد الآليات التي يستخدمها كل فرد على حدة محدود، فيستخدم الكبت في الهستيريا[ر] والتكوين العكسي والعزل والإبطال في الوسواس القسري، والإسقاط في الزور[ر].

وعلى الرغم من الخلاف حول الأسباب النظرية المفترضة لآليات الدفاع ومدى إسهاماتها في المنشأ المرضي للأمراض والاضطرابات النفسية، فإن وجودها بحد ذاته غير مشكوك به على الإطلاق.

وينظر التحليل النفسي التقليدي لآليات الدفاع على أنها وسائل غير كافية للتغلب على المشكلات النفسية وتقود في النهاية إلى تقوية الميول العصابية. أما اليوم فيتم التشكيك بهذه المقولة والمقولات الأخرى حول آليات الدفاع النفسي، حيث ينظر إليها اليوم على أنها تنمو وتتطور وتتعدل في أثناء مجرى الحياة وليس في السنوات الخمس الأولى فقط، وتنضج من أشكال أقرب للبدائية والعصابية في البداية إلى أشكال أكثر إبداعية أو حكمة، ومن ثم فهي تقوم بوظيفة الحفاظ على الحياة وتحقيق التكيف مع الواقع والصحة النفسية ولا يمكن الاستغناء عنها من أجل تحقيق النمو النفسي السوي، على الرغم من أن جزءاً منها هو من مميزات النمو غير السوي للشخصية.

أهميتها

ـ تساعد آليات الدفاع النفسي في التغلب على إحباطات الواقع المؤلم والتعامل معه، ويمكن تشبيهها بنظام تصفية وفرز معقد يقوم بتصفية وتنقية وفرز الأشكال المختلفة من المواد لتسهيل التعامل معها.

ـ تلاحظ آليات الدفاع النفسي في الأحلام أو الرهابات [ر] أو الأهلاس أو الخبرات الدينية أو في أشكال التعبير الفني. وكل هذه السيرورات تساعد في تمثل الصراعات النفسية وتخفيف الألم.

ـ آليات الدفاع النفسي هي آليات لا شعورية في أغلبها، فمستخدمها لا يعرفها أو يدركها على أنها آليات دفاعية، على الأقل ليس في اللحظة الراهنة التي يستخدمها بها.

ـ تحرف آليات الدفاع وتنكر وتكبت أجزاء جوهرية من الواقع.

ـ إنها آليات نفسية صحية في غالبيتها، وبقدر ما تبدو للملاحظ الخارجي غريبة ولاعقلانية فإنها دليل على دماغ قادر على التكيف وساع للصحة النفسية. إنها في أغلبها أشكال من التأقلم الفعال مع متطلبات الحياة المرهقة.

أقسامها

ـ آليات الدفاع الذهانية: ومنها الإسقاط الذهاني والإنكار وتحريف الواقع أو تشويهه.

ـ آليات الدفاع غير الناضجة: ومنها الإسقاط [ر] والهوامات والمراق (توهم المرض) والعدوان السلبي أو عقاب الذات، والإلغاء أو الإبطال والتفكيك أو الانقسام.

ـ آليات الدفاع العصابية: ومنها الإزاحة والتبرير أو العقلنة والكبت والتكوين العكسي.

ـ آليات الدفاع الناضجة: ومنها الغيرية والتصعيد والكظم والحدس anticipation والفكاهة.

مكانة الآليات الدفاعية النفسية في نظرية التحليل النفسي

تحتل الآليات الدفاعية النفسية مكانة هامة في نظرية التحليل النفسي، بوصفها جزءاً من الآليات الدفاعية التي يمتلكها الأنا في تعامله مع الواقع الخارجي، ومحاولته الدائمة للتوفيق بين متطلبات الواقع الخارجي واندفاعات الهو ونواهي الأنا الأعلى. فعندما يعجز الأنا عن التوفيق بين الواقع الخارجي واندفاعات الهو ونواهي الأنا الأعلى ينشأ الصراع. وعندما يفشل الأنا في حل الصراع تتحول الطاقة النفسية المتضاربة للصراع إلى القلق اللاشعوري الغامض، الذي يشكل تهديداً للأنا أو للشخصية. ومن أجل صد هذا القلق الغامض والتغلب عليه يقوم الأنا بحشد وسائل الدفاع النفسي التي تخفف من حدة القلق. وعندما ينهار الأنا تحت وطأة ضغط الواقع الخارجي واندفاعات الهو ونواهي الأنا الأعلى الذي يشكل الرقيب يحدث المرض أو الاضطراب النفسي، حيث يصبح الدفاع غير الناضج أو العصابي أو الذهاني هو الشكل الغالب. ويعد فهم الدفاع النفسي وشكله والتعامل معه جزءاً مهماً في عملية التحليل النفسي، وفي فهم العلاقة العلاجية التي تسود بين المعالج والمتعالج. وعندما يفهم المريض الدوافع اللاشعورية الكامنة خلف سلوكه وبالتالي شكل الدفاع المستخدم ووظيفته يصبح أكثر قدرة على التعامل مع الواقع ويقلل من تأثير الدفاع غير السليم وإحلال أشكال أكثر نضجاً من الآليات الدفاعية.

سامر جميل رضوان 

الموضوعات ذات الصلة:

الإسقاط ـ الاضطرابات النفسية ـ التحليل النفسي ـ الدوافع ـ فرويد ـ الهستيريا. 

مراجع للاستزادة:

 

ـ سامر رضوان، الصحة النفسية بين السواء والاضطراب، المؤسسة العربية للدراسات والنشر (بيروت 1999).

ـ عباس، فيصل، الشخصية في ضوء التحليل النفسي، دار المسيرة، (بيروت 1982).

ـ فرويد، أنا، الأنا وآليات الدفاع الأولية، تعريب باسمة المنلا، دار قابس (بيروت ودمشق، بلا تاريخ).

- G.EVaillant, The Wisdom of The Ego. (Harvard University Press, Cambridge 1993).


التصنيف : تربية و علم نفس
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 291
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 738
الكل : 32208045
اليوم : 53291

التطبيق الخطي

يُقصد عادةً بالإقلاع والهبوط القصيرين (ستول) short takeoff and landing (STOL) قدرة الطائرة على الإقلاع عن الأرض والهبوط عليها باستخدام مهبط قصير. وليس ثمة اتفاق عالمي موحَّد على التعريف، إذ يختلف باختلاف الهيئات الناظمة والدول والتطبيق (مدني أو عسكري) والزمن.

المزيد »