logo

logo

logo

logo

logo

تركستان (جغرافيا-)

تركستان (جغرافيا)

Turkestan - Turkistan

تركستان

 

تُطلق هذه التسمية التي تعني «بلاد الترك» على مساحات شاسعة من الداخل الآسيوي، تتألف من عدد من الأقاليم الجغرافية الثانوية الداخلة في إقليم آسيا الوسطى الكبير، وتقع تركستان بين خطي العرض 35درجة و52درجة شمالاً، وخطي الطول 50درجة و94درجة شرقاً. تحدها الظهيرة الكازاخية وجبال ألطاي من الشمال، وليفا في الصحراء المغولية (غوبي) في الشرق، وأقدام جبال كون ـ لون التي تفصلها عن التِبت، ثم هضبة بامير وجبال شمالي أفغانستان وإيران من جهة الجنوب، أما في الغرب فيحدها بحر الخزر (قزوين) والمجرى الأدنى لنهر الأورال، وبذا تصل مساحة تركستان إلى 4.5مليون كم2 تقريباً، وتمتد قرابة 4100كم من الشرق إلى الغرب، ونحو 1650كم من الشمال إلى الجنوب.

 

 

تتألف تركستان من وحدتين جغرافيتين كبيرتين هما تركستان الطورانية (الغربية) أو (الروسية)، وتركستان الصينية (الشرقية)، يفصل بينها إقليم جبلي ـ هضبي، يضم سلاسل تيان شان وبامير. وتغطي تركستان اليوم دول وكيانات سياسية هي جمهوريات تركستان (488100كم2)، وأوزبكستان (447400كم2)، وطاجكستان (143100كم2)، وقرغيزية (198500كم2)، وقرابة نصف أراضي جمهورية كازاخستان (2717300كم2)، وكلها في تركستان الطورانية، أما في تركستان الصينية فتوجد منطقة سينكيانغ ـ ويغور ذات الحكم الذاتي التابعة لجمهورية الصين الشعبية ومساحتها 1600000كم2.

التضاريس

تُقسم تركستان إلى مجموعتين تضريسيتين أساسيتين، هما: السهول والأحواض الواطئة، والجبال والأحواض العالية.

تنتشر التضاريس السهلية في معظم أنحاء تركستان الطورانية (الغربية)، ولاسيما في حوض طوران الذي يقع مستواه على ارتفاع 150م فوق سطح البحر، وهو حوض سهلي واطئ واسع تحيط به الجبال من الشرق والجنوب، والهضاب من الشمال، وبحر الخزر من الغرب، تكوّن بصدوع كبيرة سببت خسف أرضه التي تراجعت عنها مياه بحر داخلي في الحقب الثالث الجيولوجي، ثم غطت معظم سطحه مجروفات وأنقاض عند أقدام المرتفعات وفي دلتات الأنهار والسيول، والرمال المتنقلة في بقية أنحاء الحوض، ولاسيما في صحراء قِزِل قوم وقَره قوم، وتتناثر على السطح تلال وجبيلات وحافات جرفية، وكثير من المنخفضات من نموذج السبخات (ج.سَبْخَة) والخَبْرات (ج.خَبْرَة)، تسمى «شور» و«تاكير» هنا. حوض طوران ـ الخزر حوض مغلق عديم التصريف بعيد عن البحار المفتوحة، وكذلك سباخه وخبراته التي يقع كثير منها دون مستوى سطح البحر بنحو 28-70م.

أما التضاريس الجبلية والأحواض العالية، فتؤلف حزام الجبال والهضاب إلى الشرق من تركستان الطورانية، و«حوض تاريم» المغلق والمطوق بالجبال والهضاب، ويقع على ارتفاع يراوح بين 700 و1300م فوق سطح البحر، تشغله صحراء تكلاماكان الرملية التي تحيط بها أشرطة من الأراضي اللحقية والنقضية والسبخات المسايرة لأقدام الجبال. وفي حوض تاريم أحواض مغلقة صغيرة، أهمها حوض طُرفان الواقع على مستوى-154م دون سطح البحر، كما يقع إلى الشمال الشرقي من تاريم حوض جونغارية (500-750م فوق سطح البحر)، ومن الأحواض العالية حوض فرغانة في أعالي نهر سِرداريا ـ نارِن في قلب الجبال.

تتألف جبال هذه المجموعة من سلاسل جبلية  تبدأ في الشمال بسلسلة ألطاي، تليها في الجنوب الغربي سلاسل تربغتاي وألاتاو وبورخور وكَتْمِن وزايل ألتاو وطَلَس (تلس)، التي تراوح ارتفاعاتها بين 3500 و4500م فوق سطح البحر، ثم سلسلة تيان شان الضخمة الممتدة مسافة 2000كم من سمرقند في الغرب حتى مدينة أورمتشي في الشرق، وفيها قمة تامولا ـ فنغ (بوبيدا سابقاً) التي ترتفع إلى 7439م، وتؤلف تيان شان عارضاً طبيعياً مهماً بين التركستانين، يلتحم في الجنوب الغربي بعقدة هضبة بامير وجبالها التي تعلو قممها لأكثر من 6000-7000م، وأعلاها إلى 7495 في قمة درواز (كومونسم سابقاً)، ومن بامير تنبثق سلسلة جبال كون ـ لون التي ترسم قوساً من السلاسل العالية (5000-6000م)، تحتضن حوض تاريم من الجنوب، تعلوها قمة موزتاغ (7723م فوق سطح البحر).

المناخ والمياه

يتصف مناخ تركستان بالقارية الشديدة الجفاف في طوران وتاريم، والبرودة الشديدة في الشتاء والمعتدلة في الصيف في الجبال. ويميز في تركستان نموذج المناخ الجاف الصحراوي في الأحواض والسهول والصحارى، ونموذج المناخ الجاف السهبي شبه الصحراوي البارد في نطاق أقدام الجبال ومستوياتها المنخفضة، ثم نموذج المناخ البارد الشبيه بمناخ التوندرة في الجبال والمرتفعات، حيث معدل أشد الأشهر حرارة أقل من 10درجات مئوية. وعلى العموم تبين الفروق الحرارية القصوى والدنيا المطلقة التي تصل في تاريم إلى 68.9 درجة مئوية في موقع كوتشا، قسوة الأوضاع الحرارية القارية في تركستان. وتهب على تركستان رياح البوران الجافة الباردة، ورياح القره بوران الحارة، ورياح الأفغاني الحارة الجنوبية، ورياح السوخوفي الحارة الشمالية التي تزيد درجات الحرارة إلى 40 درجة وتخفض الرطوبة النسبية إلى 2٪ في الصيف.

أما الأمطار فقليلة بصورة عامة تراوح بين 200و500مم في المنخفضات وهوامش الجبال وتزيد على 2000مم في الجبال العالية حيث يسقط معظمها ثلوجاً. كذلك فإن مياه تركستان قليلة، ونادرة جداً في الأنحاء الصحراوية، فالمياه السطحية تقتصر على عدد من الأنهار الجارية مثل نهر آمودارية (جيحون) وسرداريا (سيحون) اللذين ينبعان من بامير وتيان شان، وينتهيان في بحر آرال الآخذ بالجفاف والتراجع، منذ تحويل مياه آمودارية عنه إلى قناة ري قره قوم، ونهر تاريم الذي يتجه شرقاً إلى بحيرة لوب نور في تركستان الصينية، ونهر أورنغو في حوض جونغارية، إضافة إلى العديد من الأنهار الصغيرة الهابطة من الجبال المحيطة بالأحواض، وتنتهي في التوضعات اللحقية والرملية عند هوامشها، والأنهار الصغيرة والسيول المنتهية إلى السبخات أوالخبرات أو بحر الخزر في حوض طوران، وتتصف أنهار تركستان وسيولها بأنها تجري في شبكات كثيرة ومغلقة لا تنتهي مياهها إلى البحار المفتوحة، وبأنها ذات نظام تغذية ثلجية غالبة، تفيض مياهها إثر ذوبان الثلوج في الجبال في الفصل الدافئ.

وفي تركستان عدد من البحيرات مثل بحر آرال وبحيرات إيسيك ولوب نور وبوستين وإيبينور وألاكال، إضافة إلى بحيرات السدود على نهر سردارية وغيره، والبحيرات المؤقتة في قيعان السبخات (الشور) والخبرات (التاكير). وفي البلاد مياه جوفية جيدة وعذبة تكثر في هوامش الجبال وأحواضها العالية، حيث تنتشر الآبار وتقل وتتردى نوعيتها وتزداد ملوحتها في مراكز الأحواض، وفي طوران خاصة.

تنتمي نباتات تركستان وحيواناتها إلى زمر البيئتين الصحراوية المنخفضة والجبلية المرتفعة، فنباتات الصحارى والسهول عشبية قليلة الأشجار تغلب عليها أنواع الشيح والحلفا والنجيليات والأعشاب الجفافية والأليفة الملوحة، وأشجارها نادرة تكثر بينها السنطيات والأثل. أما في البيئة الجبلية فتتدرج أنواع النباتات صعداً من المجموعات الصحراوية إلى حدود الغابات والمروج الجبلية في الأعالي.

كذلك تعيش في سهوب وصحارى تركستان أنواع من القوارض والقواضم والعظايا والظبي التركستاني (الجايران)، إضافة إلى الخنازير والثعالب والذئاب وغيرها في أجمات مواطن المياه، ومن طيورها طائر الساكساؤل والغرنوق وطيور المستنقعات والجوارح، أما في الجبال فيعيش الماعز الجبلي ودب تيان شان والنمر المرقط وحيوان الياك (المدجن) وأنواع عدة من الحشرات.

السكان والاقتصاد

يُقدر عدد سكان تركستان بنحو 63.5مليون نسمة (1997) منهم نحو 73.5٪ في تركستان الطورانية (الروسية سابقاً)، والبقية في تركستان الصينية. ترجع البدايات الفعلية للاستيطان في تركستان إلى انتشار قبائل الهون فيها في القرن الثالث ق.م، حين تمكن الصينيون من دفع خطر الهون عن ديارهم وراء السور الكبير. ولا تتوافر معلومات واضحة عن الهون والأتراك الأوائل في تركستان حتى منتصف القرن السادس الميلادي، وقيام ممالك تركية في آسيا الوسطى ومرورها في عهود قوة وضعف وانقسام، دخلت في دائرة التأثير الصيني في الشرق والإيراني في الغرب، ومع ذلك بقي الوضع السكاني والإثني لتركستان التركية بدون تغير ملموس حتى القرن الثالث عشر، حين غزا المغول المنطقة ودخلت في امبراطورية جنكيز خان، مماأدى إلى انقسامها وانفراط عقدها واندماج الغزاة المغول بالسكان المحليين، ومن هؤلاء يتألف سكان تركستان اليوم، إضافة إلى مجموعات أجنبية غريبة حملها الاحتلال الاستعماري الروسي والصيني، استوطنت البلاد واستقرت فيها. وهكذا فإن الغالب على السكان هم أبناء القبائل التركمانية والأوزبكية والكازاخية (الكَزَخية) والقرغيزية، إضافة إلى القره قلبق، ويرجع هؤلاء إلى الأرومة التركية ويتكلمون لهجات مختلفة من مجموعة اللغات التركية في تركستان الغربية، وهم مسلمون. أمّا المغول في الأنحاء الشمالية من تركستان وبنو جلدتهم من القالموق والتورغوت في شمال بحر الخزر، وفي جونغارية وقرغيزية فهم بوذيون ـ لاميون. ومن شعوب تركستان الطاجيك الذين ينتمون إلى الأرومة الإيرانية ويتكلمون لهجة من اللغة الإيرانية، ومواطنهم في طاجكستان وبعض أنحاء أوزبكستان وشمال أفغانستان، ويدينون بالإسلام، ويُعرف طاجيك الشمال باسم «غالتشا» وطاجيك المدن باسم «سارت»، ويفضل السارت الانتساب إلى الأوزبك، لما تحمله هذه التسمية بـ«سارت» معنى تحقير. أما في تركستان الشرقية فيغلب الويغور ذوو الأصول التركية على السكان، إضافة إلى بعض الفئات من أصول إيرانية وهم مسلمون. وفي تركستان مجموعات صغيرة تعتنق الزرادشتية ـ المانوية والمسيحية النسطورية، أما العناصر السكانية الأجنبية فهم الروس والأوكرانيون وغيرهم في تركستان الغربية التي أغرقها الروس بالمستوطنين الذين وصلت نسبتهم في كازاخستان إلى 35.8٪ من السكان و5.5٪ في تركمنستان، كما دخلت أعداد كبيرة من المستوطنين الصينيين تركستان الصينية. ويعيش المستوطنون الروس والصينيون في المدن والبلدات الكبيرة، وأعدادهم آخذة بالتراجع منذ استقلال جمهوريات تركستان الروسية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق عام 1991.

تغلب الحياة الرعوية وتربية الأغنام والخيول على نمط حياة السكان في سهوب صحارى تركستان وهوامشها، ومع ذلك فإن قسماً مهماً من البدو الرعاة تحول إلى الاستقرار والعمل في الزراعة والتعدين والصناعة والخدمات منذ أواسط القرن العشرين. ويتميز سكان الواحات حول حوض تاريم وعلى امتداد هوامش الجبال وعند مخارج الأنهار منها وعلى الأنهار الدائمة الجريان، من السكان الرعاة، بممارسة الأعمال الزراعية والتجارية منذ استقرارهم في مدن وبلدات هي واحات، تتوافر فيها المياه وتمر فيها طرق التجارة القديمة، كما كانت تُمارس فيها بعض أشكال الصناعة التقليدية، وقد تحول الكثير من أشكال الاقتصاد القديمة إلى أنماط حديثة في الصناعة والزراعة والتجارة، فنشأت أقاليم اقتصادية مهمة، مثل إقليم حوض فرغانة وحول المدن الكبرى (عواصم الجمهوريات) وفي أودية الأنهار.

تقوم الزراعة في تركستان على الزراعة المروية، في الواحات وفي مناطق المشاريع الزراعية الحديثة في أودية الأنهار وخارجها، كما دخلتها الأساليب العلمية، ويأتي القطن والحبوب والخضر والفواكه في مقدمة المنتجات الزراعية التي يؤلف قسم منها عماد الصناعة الغذائية والنسيجية المحلية الحديثة.

وفي تركستان ثروات باطنية مختلفة مثل الفحم والنحاس والحديد والرصاص والكروم والبوكسيت والخارصين (التوتياء) والأورانيوم ومواد البناء، في الأنحاء الجبلية، لاسيما في كازاخستان، كما تمتلك مكامن مهمة جداً من النفط والغاز الطبيعي في حوض بحر الخزر (حقل تنغز Tengiz) في أوزبكستان، وفيها صناعات حديثة مهمة مثل صناعة الآلات ومعدات التعدين والصناعة الكيمياوية والكهربائية وصناعة الإسمنت ومواد البناء، إضافة إلى الصناعة النسيجية والغذائية المذكورتين. وقد قطعت الصناعة في بعض المناطق شوطاً متقدماً جعل منها قطباً صناعياً، كما في إقليم فرغانة وحول طشقند وسمرقند وبيشكيك ودوشنبه وغيرها، وفي مراكز تركمذباشي وتنغِز، حيث تقوم أكبر مصافي النفط على الساحل الشرقي لبحر الخزر.

أما في تركستان الصينية، فمازالت الزراعة وتربية الحيوان والصناعات التقليدية والحديثة قائمة على موادها الأولية، والمخصّصة لخدمتها تحتل المقام الأول في الاقتصاد، تليها في الأهمية التجارة التي كانت مزدهرة في المدن والواحات الواقعة على الطرق التجارية وطريق الحرير خاصة. وتعد مقاطعة سينكيانغ ـ ويغور من الأقاليم الصينية النائية والفقيرة إلى الموارد الطبيعية والمحرومة من كثير من الخدمات والاهتمام، لذلك كان تطورها ونموها أبطأ من تطور تركستان الطورانية ونموها.

 

عادل عبد السلام

 

التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 338
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 523
الكل : 31813288
اليوم : 12831

كواتاكه (موكوامي-)

كَواتاكِه (موكوامي ـ) (1816ـ 1893)   يحمل الكاتب المسرحي الياباني موكوامي كَواتاكِه Mokuami Kawatake أسماء متعددة، حسب الجنس المسرحي الذي يكتب فيه، فهو تارة يوشيمورا يوشيسابورو Yoshimura Yoshisaburo، وتارة كواتاكه شِنشيتشيلي Kawatake Shinshichili وتارة أخرى فوروكاوا موكوامي Furukawa Mokuami. ويعد كواتاكه آخر أبرز كتّاب مسرح كابوكي Kabuki [ر. المسرح] في مرحلة توكوغاوا Tokugawa (1603-1867). ولد في العاصمة إيدو Edo (طوكيو حالياً)، وتوفي فيها. وبعد أن تلقى تعليمه الأساسي صار تلميذاً عند الكاتب المسرحي المتخصص في نصوص الكابوكي تسورويا نامبوكو Tsuruya Namboku الخامس. وفي أثناء هذه المرحلة التدريبية كتب كواتاكه في مختلف الأجناس المسرحية المعروفة في التراث الياباني، ثم صار في عام 1843 الكاتب الأول لمؤسسة مسرح كَواراساكي Kawarasaki.
المزيد »