logo

logo

logo

logo

logo

بروغيل (أسرة-)

بروغيل (اسره)

The Brueghel - Les Bruegel

بروغيل (أسرة ـ)

 

بروغيل Les Brughel أسرة من المصورين الفلمنكيين، أبرز أفرادها بيتر الشيخ (الأب) (1530- 1625)، وهو مصورلايُعرف مسقط رأسه على وجه التحديد، فربما كان قرب مدينة بريدة Breda (في هولندة) أو قرب بري Breé (في بلجيكة)، تلقى بيتر بروغيل تعليمه في مدينة أنفرس Anvers، وصار عضواً في جمعية الحرفيين في عام 1551.

زار إيطالية ما بين عامي 1552 و 1553 وتأثر بطبيعتها، ولاسيما جبال الألب الشاهقة ووديان الأنهار العريضة والمناظر البانورامية التي لم تكن معروفة لديه، وظهرت في لوحاته فيما بعد. كذلك كان تأثير هذه الرحلة الإيطالية فيه كبيراً على الصعيد الفكري، فقد خالط فيها شخصيات مهمة وتعرّف المعالم اليونانية واللاتينية والفنون المعاصرة.

عمل بروغيل عند عودته الى أنفرس رساماً لفناني الحفر العاملين لدى جيروم كوك Jérôme Coeck (مصور وحفار فلمنكي وصاحبُ أشهر مطبعة لأعمال الحفر في زمنه)، ونفذ لهم سلسلة من الرسومات التوثيقية من بينها رسوم لمراكب البحر ومناظر طبيعية ومشاهد فلاحية لها طابع نقدي، ومشاهد تصويرية تشرح القصص التعليمية الرمزية والأمثال، ومنها سلسلة رسوم تحمل اسم «الخطايا الأساسية الكبرى » (1556- 1557) وأخرى تحمل اسم «الفضائل السبع» (1559-1560). بعد هذه المرحلة بدأ بروغيل يعمل في التصوير، وفي 1563 استقر في بروكسل حيث خالط العلماء والفلاسفة من دعاة الحركة الإنسانية الذين اهتموا بإحياء أعمال القدماء من اليونان والرومان، كان يرتاد الأعراس الشعبية باستمرار لمتعته الشخصية وليزيد من اطلاعه واحتكاكه بأوساط العامة ولاسيما الفلاحين حتى أطلق عليه اسم بيتر الفكه أو الساخر وبيتر الفلاح.

وقد ظهرت كل هذه المؤثرات، وخاصة تأثير فن جيروم بوش[ر] Jérôme Bosch في أعمال بروغيل؛ إذ عالج موضوعاته بأسلوب متميز لا يخلو من الفكاهة والغرائبية اللتين تحملان في طياتهما نظرة فلسفية عميقة للكون والحياة والبشر.

أشهر أعمال بروغيل هي التي استمدها من الفنون الشعبية (الفولكلور) ومن الأمثال الفلمنكية ومن الحياة الريفية كما هي الحال في سلسلة الأمثال Proverbes، التي استعرض فيها ملامح الجنون الإنساني ومآسي الحياة البشرية في مواكب استعراضية ساخرة (كرنفالية)، يسير فيها المجانين إلى جانب الشحاذين والعميان، ويتجاور فيها الشياطين والرهبان وكبار السن والرضع والرجال المشوهون وبنات الهوى، كما في لوحة «مارغو يشوط بها الغضب».

خلط بروغيل في اللوحات الدينية، العالم الدنيوي بما هو مقدس. ففي لوحات «برج بابل» و«مذبحة الأبرياء» و«الصلب» و«عبادة المجوس» و«تعداد سكان بيت لحم» لا يوجد أي تمييز بين الأسرة المقدسة وبقية الشخصيات التي تمارس أعمال الحياة اليومية. أما لوحة «حمل الصليب» فتُظهر المشهد الديني الحزين ضمن حشد من الناس يتحرك من دون اهتمام بما يحصل، وكأن بروغيل يمثل بذلك لا مبالاة العالم إزاء مقتل الصالحين، وتكوين اللوحة في حد ذاته مثير للاهتمام: فمشهد حمل الصليب يبدو في الصعيد الثاني من اللوحة الذي يحتل المسيح مركزه وكأنه ينتمي إلى الواقع اليومي المعاصر،  في حين تبدو العذراء الباكية ويوحنا والقديسات المنتحبات في الصعيد الأول منها صوراً تنتمي إلى الوعي الجمعي المسيحي. ولا بد من الإشارة هنا إلى أهمية المعاصرة ومعناها في أعمال بروغيل، ففي الصور التي زيّن بها المخطوطات كان يمثل المسيحيين الأوائل في فلسطين وهم يرتدون ملابس من منطقة البلاد الواطئة، وهذا ليس ابتعاداً عن الدقة التاريخية في أعمال مصور كان يُعنى كثيراً بدقة التفاصيل، بقدر ما هو تعبير عن الرغبة في تأكيد استمرارية روح الإنجيل عبر الزمن.

وتعكس لوحات بروغيل نظرة فلسفية خاصة للحياة والبشر لا تخلو من السوداوية الناجمة عن الشعور المرير بمأسوية الوجود، وهو ما يتجلى بوضوح في لوحة «المكفوفين» (متحف نابولي)، ولوحة «الشحاذين» (متحف اللوفر). والواقع أن الإنسان في نظر بروغيل لم يكن مجرد مفهوم ينظر إليه بالمطلق كما لدى المفكرين الإنسانيين في عصره، وإنما هو كائن حقيقي من لحم ودم، هو جزء من كون لا يخلو من العدوانية، كما يظهر في لوحة «العاصفة» الموجودة في متحف فيينة، ولوحة «كاره البشر» (متحف نابولي). أما لوحة «انتصار الموت» فتصور جيشاً كاملاً من الأموات ينتشرون في الأرض وكأنهم يريدون الاستيلاء على الأحياء. لكن مقابل هذه السوداوية في تصوير انتصار الموت، يتجلى انتصار الحياة في اللوحات التي تصور عمل الفلاحين في الأرض، والإغفاءة السعيدة للحصادين بعد التعب، ومتعة تناول وجبات الطعام بنهم بعد الجوع. أما الأعراس والاحتفالات الراقصة، فهي المعادل الفَرِح للحياة التي تقابل الموت وتتحداه، وهذا يبدو جلياً في لوحتي «مأدبة العرس»، و«رقصة الفلاحين»، المرسومتين بألوان زاهية وبتكوينات دائرية مفعمة بالحيوية.

وإلى جانب هذه الأعمال «الواقعية» التي تمثلها لوحات الفلاحين، وتلك التي تشكل إرجاعاً غير مباشر إلى أحداث عصره (البؤس، الإصلاح الديني، السلطة الإسبانية)، تبرز لوحات مثل «سقوط إيكاروس» مستقاة من الأساطير، وأخريات مثل لوحة «أرض النعيم» ولوحة «معركة الكرنفال والصوم الكبير» ولوحة «طائر الهزار على المشنقة» مستمدة من التقاليد الشفوية الفلمنكية أو من الأدب والمسرح، أو من مصادر أخرى غير معروفة ما زالت تثير الجدل بين المختصين.

ولبروغيل أيضاً سلسلة من الأعمال تصور الشهور وسلسلة أخرى تمثل الفصول تحتوي على لوحات مثل «الصيادون في الثلج» في فيينة و«الحصاد» في نيويورك، و«الذبول» في براغ، إضافة إلى «عودة القطعان» و«اليوم القاتم». وهي تظهر عبقريته في تصويره للمناظر الطبيعية وبراعته في نقل التفاصيل وفي تصوير المساحات الشاسعة والمناظر البانورامية التي لم تكن مألوفة في عصره.

 ولبروغيل الأب أبناء وأحفاد برز منهم بيتر الثاني Pieter II، وعرف باسم بروغيل الشاب أو الجحيمي Bruegel d’Enfer، ويان الذي عرف باسم بروغيل المخملي Bruegel de Velours، وهذا الأخير أنجب ثلاثة أولاد يان الثاني Jan II وأمبروزيو Ambrosius وأبراهام Abraham. أما يان الثاني فقد أنجب يان باتيست Jan Batist، وكان خاتمة المصورين في الأسرة.

 

حنان قصاب حسن

 

مراجع للاستزادة:

 

- P.BIANCONI & C. De TOLMAY, Tout l’uvre peint de Bruegel l’Ancien (Paris 1981).

- M.J.FRIEDLANDER, P. Bruegel (Leyde 1937).


التصنيف : العمارة و الفنون التشكيلية والزخرفية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 28
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 603
الكل : 31845240
اليوم : 44783

لينا (فينو)

لينّا (ڤَينو ـ) (1920ـ 1992)   ڤَينو لينّا Väinö Linna، روائي وكاتب مقالات، يُعدُّ الأكثر تأثيراً وشهرة في الأدب الفنلندي بعد الحرب العالمية الثانية. ولد في بلدة أوريَلا Urjala في وسط فنلندا، وتوفي في مدينة تَمْبِره Tampere. كان والده عاملاً في المسلخ المحلي وكانت والدته عاملة زراعية، وهو الابن السابع لعائلته. تعلّم في المدرسة العامة مدة ست سنوات، ثم عمل في مهن مختلفة في البلدة والمزارع المجاورة إلى أن سافر في عام 1938 إلى مدينة تمبره الصناعية الكبيرة حيث عمل في معامل النسيج، وكان يمضي أوقات فراغه في المكتبات العامة يقرأ الأدب الفنلندي والمترجم والتاريخ.
المزيد »