logo

logo

logo

logo

logo

تل براك

تل براك

Tell Brak - Tell Brak

تل براك

 

تل براك (نَغَرْ أو ناجار القديمة) تل أثري في سورية يقع على بعد 40كم شرق مدينة الحسكة، قرب وادي نهر جغجغ رافد نهر  الخابور، وهو من أكبر التلال الأثرية في شمالي سورية، تبلغ مساحته 800 ×600م، ويرتفع عن سوية السهل المجاور 43م.

تحيط به مجموعة من التلال الصغيرة، تعود بتاريخها إلى عصر أوروك حتى العصر الروماني، عُثر على سطحه على كُسر فخارية تعود بعهودها إلى 6000سنة ق.م تقريباً، ويبدو أن الموقع استُوطن منذ ذلك الحين واستمر فيه الاستيطان إلى الألف الأول ق.م.

تشير المكتشفات التي عُثر عليها في تل براك وفي المواقع المجاورة، مثل تل بيدر، إلى أن الموقع يخفي في داخله مدينة نَغَر Nagar القديمة، التي كانت من أهم المدن في شمالي سورية في الألف الثالث ق.م، وكانت تحتل الموقع نفسه مثل مدن كيش وماري في قوائم محفوظات إبلا.

عثر مهندسون فرنسيون في الموقع على تمثال بازلتي عام 1930، معروض في متحف اللوفر في فرنسة، وقام «بيير بواديبار»، الذي كان مسؤولاً عن تصوير المواقع الأثرية من الجو في المنطقة بنشر بحث عنه، كما قام بتنفيذ أسبار صغيرة في تل براك ليتحقق من موقع التمثال في الأصل. ومن عام 1937 إلى عام 1938، نقب فيه ماكس مالون Max Mallowan، وعُثر على معبد العيون الشهير جداً والمُؤرخ في نهاية الألف الرابع ق.م، كما كُشف عن بناء نُسب إلى الملك الأكادي «نارام سن»، ومنذ عام 1976 تقوم بعثة إنكليزية بإدارة «ديفيد أوتس» مع زوجته David and Joan Oates بالتنقيب في الموقع، وانصب جهدهما في السنوات الأولى على دراسة معالم المدينة في الألف الثالث ق.م، وبشكل خاص خلال الحكم الأكادي، إذ جعل الحكام الأكاديون منها مقراً إدارياً لمملكتهم. وفي الثمانينات ركزا اهتمامهما على تاريخ المدينة، خلال الحكم الميتاني، في النصف الثاني من الألف الثاني، ويجهدان حالياً في الكشف عن طبقات الألف الرابع ق.م، أي عصر حضارة أوروك، حيث كان تل براك في ذلك العصر من أكبر المدن في غربي آسيا.

العصور التاريخية الرئيسية في تل براك

ما قبل التاريخ: كان تل براك من أهم المواقع الحضارية في الألف الخامس ق.م، إذ شهد حضارتي حلف والعُبيد، إلا أن طبقات هاتين الحضارتين كانت متوضعة تحت طبقات حضارات الألف الرابع والثالث ق.م، وكان من المتعذر الوصول إليهما بسهولة، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أهمية الموقع في عصور ما قبل الكتابة.

عصر أوروك (الألف الرابع ق.م): شهدت حضارة أوروك نشوء المدن وأصول الكتابة، وكان يُعتقد أن موطن هذا الإنجاز الحضاري هو جنوبي بلاد الرافدين، إلا أن لدينا من الشواهد في تل براك ما يدحض هذا الاعتقاد، فقد كشفت تنقيبات عام 1997 عن سور ضخم للمدينة وبوابة تعود إلى بواكير الألف الرابع ق.م، كما عُثر على كتابات تصويرية أقدم من عصر أوروك نفسه. وقد وصلت مساحة الموقع، في منتصف الألف الرابع ق.م إلى ما يزيد على 100هكتار (عصر أوروك الوسيط)، وبذا تكون مدينة تل براك إحدى أقدم مدن العالم قاطبة، ويشير مخطط المدينة وأبنيتها، إضافة إلى ثروتها من الذهب والعاج، إلى نظام مدني متطور سبق نشوء الكتابة نفسها.

ومن الناحية المعمارية، ذات الأهمية البالغة، لابد من الإشارة إلى ما يسمى بمعبد العيون، الذي كشف عنه «مالون» في الثلاثينات من القرن العشرين، فقد عُثر في داخله على مذبح متقن الزخارف، معروض اليوم في متحف حلب، إلى جانب سلسلة من المعابد مشيدة فوق مصطبة عالية لايتعدى أحدثها 4000 سنة ق.م، إلا بوقت قصير، وتمثل أقدم معابد بلاد الرافدين مع ملحقاتها من المخازن.

وعرف تل براك في أواخر عصر حضارة أوروك صناعة الأختام، وطبعات سدادات الجرار الفخارية التي تختلف عن مثيلاتها في جنوبي الرافدين، كما عُثر على شواهد صناعات معدنية وأدوات صوانية وأدوات من حجر السبج (الأوبسيديان)، وحين حلت حضارة «جمدة نصر» مكان حضارة أوروك في جنوبي بلاد الرافدين استمرت حضارة أوروك في تل براك، وتابعت تجارتها بالمعادن والمواد الأخرى التي نُقلت من الأناضول، وكان النحاس من أهم المواد المستوردة من مناجم شرقي الأناضول، في حين كان الصوف السلعة المفضلة محلياً في الألف الرابع ق.م.

حضارة الألف الثالث ق.م: عرف تل براك حضارة نينوى، إلا أن طبقات هذه الحضارة بحاجة إلى مزيد من الدراسة والكشف، والمعروف من خلال الرُّقُم المسمارية المكتشفة في إبلا، وتل بيدر، أن تل براك تبوأ أوج ازدهاره السياسي في الألف الثالث ق.م، وتفيد رقم إبلا أنه نحو العام 2400 ق.م، كانت «نَغَر» من أهم مدن سورية الشمالية المشهورة بتربية الخيول المهجنة، التي كان سكان إبلا على استعداد لدفع أثمان باهظة في سبيل الحصول عليها.

وفي عام 2330 ق.م تقريباً، فتح صرغون الأكادي بلاد سومر، وشنَّ هجوماً عسكرياً من غربي إيران إلى الفرات، وادعى أنه دمّر إبلا، وبذا يمكن القول إن صرغون وخلفاءه تمكنوا من تأسيس أول امبراطورية في التاريخ، وجعل حفيده «نارام سن»، أو ربما أحد أولاده، من تل براك عاصمة المنطقة.

حضارة الألف الثاني ق.م: تحتل مدينة الألف الثاني ق.م، مساحة واسعة في أعلى قمة التل الشمالية، ويبدو أنه في العصر الميتاني (أواخر عصر البرونز) احتلت المدينة الخارجية أراضي شمالي التل.

وقد عُثر في بيوت هذا العصر على فخار من نموذج «نوزي» و«الخابور»، كما عثر على معبد وقصر من العصر الميتاني كانا يحويان عدداً من النصوص المسمارية، وقطعاً نادرة من الحديد والنحاس والزجاج والعاج. وقد سُجل على نصين من الألواح المسمارية قسمٌ قاطع، تم بحضور الملكين «تواشرتا» و«أرتاشومارا»، وعلى كلا النصين الختم الملي للملك «ساوستتار». ويفيد من نص آخر، أن «نغر» كانت تُلفظ «نَوار» Nawar في نهاية الألف الثالث وبداية الألف الثاني ق.م، وتقع في مقاطعة المدينة الميتانية المهمة «تعيدو».

حاصر تل براك مرتين الملكان «أددنيراري الأول» و«شلمانصر الأول» في بداية القرن الثالث عشر ق.م، وكانا قد دمرا القصر والمعبد بما فيهما، حيث عُثر داخلهما على بقايا من مخلفات الحديد والنحاس وقوالب لصب المعادن، وأدوات برونزية، إضافة إلى كميات من عاج الفيل وفرس النهر وكتل زجاجية وقطع من الخزف المزجج، وتمثال من الحجر الكلسي.

حضارة الألف الأول ق.م: لا يوجد علمياً ما يشير إلى بقايا أثرية تعود إلى أواخر العصر الآشوري، ويُعزى وجود بعض كسر تماثيل بازلتية إلى الآراميين، وقد عثر على تمثال حجري من هذا العصر، قرب تل براك في الثلاثينات من القرن العشرين. وهناك موقعان رومانيان يقعان أسفل تل براك، أحدهما على شكل قلعة، والآخر قرية صغيرة، إضافة إلى مخاضة رومانية تعبر وادي جغجغ بالقرب من تل براك.

أهمية تل براك التاريخية

تعود أهمية تل براك إلى موقعه الجغرافي، إذ كان بوابة تتحكم بالطرق التجارية المنطلقة من جنوبي بلاد الرافدين إلى بلاد الأناضول شمالاً، وإلى الفرات والبحر المتوسط غرباً. كان تل براك مدينة ذات أهمية بالغة منذ بداية الألف الرابع ق.م. وأثبتت الحفريات أهمية التواصل الحضاري للموقع، سواء من ناحية التحضر أو التنظيم الإداري، وصار تل براك (نَغَر) في نهاية الألف الثالث ق.م أكبر المواقع في حوض الخابور وأهمها، إذ إنه كان يتحكم بمعظم الطرق التجارية القادمة من بلاد الرافدين، التي تنقل بوساطتها المواد الخام إلى الأناضول وإلى الغرب، وتشهد الأبنية المشيدة في أواسط الألف الثالث ق.م، على تطور معماري لا مثيل له. وتشير اللقى الأثرية الفريدة إلى نظام إداري دقيق في عصر الامبراطورية الأكادية، وبذلك يكون تل براك المركز المهم الثاني إضافة إلى تل موزان، من العصر الحوري ـ الميتاني في نهاية الألف الثالث، علماً بأن التل قد سُكن باستمرار حتى العصر الروماني، مما يدل على أهميته الاستراتيجية.

 

ديفيد وجون أوتس، محمد وحيد خياطة

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

الآثار (علم ـ) ـ الأكاديون ـ البرونز (عصر ـ) ـ الحوريون ـ عصور ماقبل التاريخ ـ الميتانيون.

 

مراجع للاستزادة:

 

- M.Mallowan, Excavations of Brak and Chagar Bazar (Iraq 1947).

- David and Joan Oates, and H.McDonald, Excavations at Tell Brak, the Mitanni and Old Babylonien Periods (Cambridge 1998).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 810
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 685
الكل : 32173940
اليوم : 19186

لوين (كورت-)

لوين (كورت ـ) (1890ـ 1947)   كورت لوين Kurt Lewin عالم نفس ألماني أمريكي، ولد في مجيلنو Mogilno في بروسيا، التابعة حالياً لبولونيا. تعلّم في جامعة برلين ثم أصبح عضو الهيئة التدريسية في إحدى كلّياتها. عُرف بدراساته في علم النفس وإسهاماته المهمة في مدرسة الغشتالت Gestalt خاصة، وكان له تأثير كبير في البحوث الحديثة في علم النفس، حتى إنه يُعد في نظر كثيرين المؤسس الفعلي لعلم النفس الاجتماعي الحديث. هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1932، وتولى مهام التدريس في عدد من جامعاتها (ستانفورد Stanford وكورنل Cornell وآيوا Iowa)، وانتهى إلى تولي إدارة مركز البحوث حول القوى المحركة للجماعة group dynamics الذي أسسه في معهد مساتشوستس Massachusetts للتكنولوجيا (M.I.T) عام 1944. وفي سياق عمله هذا، درس المسائل المتعلقة بالتحفيز motivation عند الأفراد والجماعات.
المزيد »