logo

logo

logo

logo

logo

دار الحرب

دار حرب

Dar al-harb - Dar al-harb

دار الحرب

 

نشأت هذه الفكرة بسبب حالة الحرب أو العداء بين المسلمين وغيرهم، بعد الهجرة النبوية، من مكة إلى المدينة، سواء من المشركين الوثنيين داخل الجزيرة العربية، أو خارجها مع الفرس والرومان. وليس في ذلك نص تشريعي يقرر هذا الوصف، إلا ما جاء في الأثر عن الإمام جعفر الصادق منسوباً إلى النبي r: «ألا إنني بريء من كل مسلم ترك مع مشرك في دار الحرب»، وفي لفظ آخر: «إنما الغريب الذي يكون في دار الشرك».

عرّف محمد بن الحسن الشيباني في شرح السير الكبير دار الحرب بقوله: «الملاك في عنوان الدار السيادة، والقدرة العسكرية على تنفيذ القوانين». أو هي الدار التي لا تطبق فيها أحكام الإسلام الدينية والسياسية، لوجودها خارج نطاق السيادة الإسلامية. أو هي بلاد غير المسلمين التي يطبقون فيها أحكامهم، ولا معاهدة سلمية بينهم وبين المسلمين، فلا يأمن فيها المسلم على نفسه وماله.

وقد يطلق عليها «دار الشرك» وهي الدار التي أمرها للمشرك، يُجري فيها الأحكام الشركية، لا يردّ عنها، ويقابلها «دار التوحيد» وتظل الدار لدى الإباضية دار عدل، ولو غلب عليها أهل الضلال، مشركين أو منافقين، مادام يمكن لأهل العدل إظهار دينهم فيها.

واشترط الإمام أبو حنيفة أن تكون متاخمة لديار الإسلام، بحيث يتوقع منه الاعتداء على دار الإسلام[ر] ويمكن تحقيق تعاون الحربيين مع بعضهم ضد المسلمين. وعلى هذا، يكون معيار تمييز هذه الدار عن دار الإسلام، هو وجود السلطة وسريان الأحكام، فإذا كانت إسلامية، كانت الدار دار إسلام، وإذا كانت غير إسلامية، كانت الدار دار حرب.

والسبب الآخر في وجود هذا الوصف عدم توافر الأمن والسلام للمسلمين فيها، خلافاً لدار الإسلام. ويتغير وصف الدار إلى دار حرب ضمن إطار نظريات ثلاث عند الفقهاء.

تشمل دار الحرب كل البلاد غير الإسلامية، والتي لم يفتحها المسلمون ولم يستقر وجودهم فيها، وتكون فيها السلطة غير مسلمة، والأحكام النافذة غير إسلامية. وهذا يشمل اليوم كل الدول الشرقية أو الغربية إذا لم تكن بينها وبين المسلمين معاهدة سلام وأمان. فإن وجدت هذه المعاهدات، كانت الدار دار عهد أو صلح[ر].

وليس المراد من نفاذ الأحكام فقط أحكام العقيدة والعبادة والأحوال الشخصية، من زواج وطلاق وإرث ووصية ووقف، وإنما المراد أيضاً الأحكام القضائية المدنية والجنائية والسياسية التي لا تطبق أو لا تنفذ إلا في دار الإسلام. وهذه الأحكام أو القوانين المعمول بها في دار الحرب لا تكون إلا في بلد حكومته غير إسلامية، وقوانينه غير إسلامية، بشرط ألا تكون البلاد مغتصبة من الأعداء، وزال وجود المسلمين منها نهائياً، ولم يتمكنوا من إقامة شعائرهم فيها، وهاجروا منها[ر.دار الإسلام]. فإن فلسطين مثلاً بلد إسلامي - وإن كانت السيادة أو السلطة فيها اليوم غير إسلامية - لوجود المسلمين فيها، وأدائهم فيها شعائر دينهم. وأما إسبانية مثلاً فلم تعد دار إسلام، ومثلها البرتغال، وقسم كبير من أوربة الشرقية، وعدد من الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوڤييتي، وأقسام من دول الشرق الأقصى، ومناطق من الصين، وخاصة من قارة آسيا، كانت جزءاً من دار الإسلام، ثم تغير وصفها.

أحكام هذه الدار

يسمى رعايا دار الحرب «حربيين»، والحربي: من بيننا وبين بلاده عداوة وحرابة، فلا صلح ولا أمان ولا معاهدة سلمية معهم، وهذا ينطبق على الصهاينة في فلسطين ونحوهم من المعتدين. فإذا زالت العداوة أو الحرابة، سموا «معاهدين»، وتكون الأحكام المقررة للحربيين ولدار الحرب ما يأتي:

1- الجنسية والإقامة والهجرة: لا يجوز شرعاً التجنس بجنسية أهل الحرب، ولو كانوا معاهدين، إلا لضرورة قصوى، أو حاجة ملحّة، كالمبعد أو الهارب من بلده، أو لمصلحة تجارية أو علمية، لأن الجنسية انتماء يترتب عليها الالتزام بقوانين الدولة، ومنها المشاركة في الحروب والمعارك ضد دولة أخرى، قد تكون مسلمة، وبشرط المحافظة على الجنسية الأصلية.

وتصح الإقامة المؤقتة في دار الحرب للضرورات أو الحاجات المذكورة، ولا تجوز الإقامة الدائمة فيها، وتجب الهجرة منها عند الإمكان، والعجز عن إظهار دينه حال إقامته فيها، لما رواه أبو داود والترمذي عن جرير بن عبد الله من حديث: «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، قالوا: يا رسول الله، ولِمَ؟ قال: لا تتراءى ناراهما» سواء في ذلك الرجل أو المرأة، إلا من عجز عن الهجرة لمرض أو إكراه أو ضعف، كالنساء والولدان، قال الله تعالى في الآية الكـريـمة: )إِلاّ المُسْتَضْعَفِين مِنَ الرِجَالِ والنسَاءِ والوِلْدان( (النساء 98). وتستحب الإقامة في دار الحرب إن قدر الشخص على إظهار دينه، والدعوة إلى الإسلام، لما يرجى من دخول غيره في الإسلام. قال الشافعية: تستحب الهجرة ما لم يرج ظهور الإسلام هناك بمقامه، فإن رجاه فالأفضل له أن يقيم. ولو قدر على الامتناع بدار الحرب والاعتزال، وجب عليه المقام، لأن موضعه دار إسلام، فلو هاجر منه لصار دار حرب، فيحرم عليه، كأهل فلسطين مثلاً.

لكن إن رجا نصرة المسلمين بهجرته، فالأفضل أن يهاجر، قاله المارودي: وإن أمكنه إظهار دينه، استحب له الهجرة، وإلا «إن لم يمكنه إظهار دينه أو خاف فتنة فيه» وجبت عليه الهجرة، رجلاً كان أو امرأة، وإن لم تجد محرماً.

ولم يوجب الحنفية الهجرة من دار الحرب، لما أخرجه البخاري ومسلم وأحمد عن ابن عباس من حديث : «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية».

2- الجهاد والأمان: من المقرر أن أساس العلاقة بين المسلمين وغيرهم حالة السلم، لكن يجب جهاد الحربيين عند العدوان، و حينئذٍ تعدّ أموالهم ودماؤهم مباحة، وتعصم أنفسهم وأموالهم إذا دخلوا دار الإسلام بأمان.وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان منهم، ترك خيانتهم. وأباح أبو حنيفة ومحمد أخذ أموالهم بالعقود الفاسدة كالربا[ر] لإضعافهم، ولكن من غير خيانة ولا غدر، لأن الأصل في أموالهم الإباحة، لكن لا تجوز تقويتهم بسلاح أو مال أو وضع أموال المسلمين عندهم ولو بالفائدة، لتقويتهم بذلك عليهم. وإذا أسلم الحربي في دار الحرب حقن دمه وماله.

3- التجارة: تجوز التجارة باتفاق الفقهاء إلا ما يستعين به الحربيون على الحرب، كالحديد والسلاح. وكره المالكية المتاجرة معهم.

4- الزواج والتوارث: اتفق الفقهاء على كراهة الزواج بين المسلمين وأهل الحرب، سداً لباب الفتنة والفساد في الذرية والتأثر بدينهم. ويمنع التوارث بين المسلمين والحربيين. أما بين المسلم والمسلم فلا يؤثر اختلاف الدار.

5- إقامة الحدود: لا تقام الحدود في دار الحرب، ولا في دار الإسلام عند الحنفية، على المسلم إذا ارتكب فيها ما يوجب الحد كالسرقة والزنا والقذف والقتل وشرب الخمر، حتى لا يلحق بالحربيين، وإنما تجب الدية فقط في القتل. وقال سائر الفقهاء: تقام الحدود على المسلم بعد رجوعه إلى دار الإسلام، حتى القصاص إذا قتل مسلماً، ولو في دار الحرب، لأن أحكام الشريعة تطبق في أي مكان، فإن لحق بالحربيين فهو أشقى له.

وهبه الزحيلي 

الموضوعات ذات الصلة:

الأمان في الإسلام ـ الجهاد ـ دار الإسلام ـ دار العهد. 

مراجع للاستزادة:

ـ محمد بن أحمد بن سهل السرخسي، شرح السير الكبير (الهند 1335هـ).

ـ محمد أطّفَيِّش، شرح النيل وشفاء العليل ( مصر 1343هـ).

ـ محمد الشربيني الخطيب، مغني المحتاج إلى شرح المنهاج (مطبعة البابي الحلبي، 1352هـ/1933م).

ـ موفق الدين عبد الله بن أحمد المقدسي، المغني على مختصر الخرقي (دار المنار 1367هـ).


التصنيف : الشريعة
النوع : دين
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 105
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 547
الكل : 29627313
اليوم : 7323

لانغ (فريتس-)

لانغ (فريتس ـ) (1890 ـ 1976)   فريتس لانغ Fritz Lang مخرج سينمائي ألماني، ولد في ڤيينا بالنمسا وتوفي في لوس أنجلس (الولايات المتحدة الأمريكية). كان والده يعمل مهندساً معمارياً، وأمضى فريتس دراسته الابتدائية في مسقط رأسه. وبعد ذلك درس العمارة لبعض الوقت وسرعان ما تركها لينصرف إلى دراسة الفنون في ميونيخ وباريس. وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى عاد إلى ڤيينا، وأصيب بجرح أتاح له البقاء في المستشفى ليكتب أول سيناريو له. استقر لانغ في برلين عام 1918. وفي عام 1919 أتاح له المنتج إيريك رومر- الذي أصبح لاحقاً مدير كبرى الشركات السينمائية الألمانية «أوفا» - إخراج أول أفلامه: «نصف عرق» Halbblut.
المزيد »