logo

logo

logo

logo

logo

تعز

تعز

Ta'izz / Taiz - Ta'izz

تَعِزْ

 

هي ثالث مدن الجمهورية اليمنية بعد صنعاء وعدن، تقع في الجنوب الغربي منها، عند تقاطع خط العرض 13درجة و35دقيقة شمالاً مع خط الطول 44درجة و4دقائق شرقاً، وتمتد على سفوح جبل صَبر (3006م)، وقد بلغ عدد سكانها نحو 400ألف نسمة في عام 1998.

خضعت لنفوذ دولة أوسان اليمنية في القرن السابع ق.م، وذلك اعتماداً على ماورد في نقش النصر للمكرب السبئي «كرب إل وتر».

حين بدأ الإسلام ينتشر في اليمن على يد الصحابي معاذ بن جبل، ازدادت معرفتنا بتاريخ تعز، ففي عام 9هـ انتقل من صنعاء إلى الجَنَد (12كم شمال تعز)، واتخذها مقراً لدعوته، وفي عهد الدولة الصُّليْحية (149-532هـ/1045-1138م)، شرع السلطان عبد الله بن محمد الصليحي ببناء حصن جديد على أكمة شامخة بين حصني صبر والتعكر، وسمّي باسم تَعِز (صيغة فعلية من عَزّ)، وبدأت تنشأ حوله قرى في الجهات المختلفة.

وفي عهد الدولة الأيوبية (569-626هـ/1173-1229م)، اتخذ توران شاه أخو الناصر صلاح الدين الأيوبي تعز مقراً لإقامته، بدل زبيد ذات المناخ الحار، واختط البقاع المحيطة بها.

ازداد الاهتمام بها في عهد أخيه وخليفته طغتكين الذي بنى قصوراً ودوراً ومدارس، فاتصل عمرانها، وغدت مليئة بالبساتين والأشجار.

عُرفت المدينة في مطلع عهد الدولة الرسولية، بأسماء أحيائها المتعددة الممتدة حول حصن تعز، والتي أصبحت تُعرف مجتمعةً باسم تعز، وباتت عاصمةً للدولة الرسولية، وذلك في عهد المظفر يوسف الرسولي (647-694هـ/1249-1295م)، فازدهرت في عهده ونشط فيها العمران وازدادت المدارس، وتوافد إليها الفقهاء والعلماء، وانتشرت فيها الأفكار الصوفية، وأُنشئت فيها دار لضرب السكّة.

تابع خلفاؤه النشاط العمراني فيها، وشيّدوا عدة قصور في ضواحيها، أشهرها قصر المعقلي الذي بناه المؤيد داود عام 708هـ/1309م، كما بنوا عشرات المدارس والمساجد والحمامات، ومازالت آثار كثيرة منها باقية، وتتميز بطابعها المعماري وأسلوبها الهندسي الفريد.

شهدت تعز في العقود الأخيرة من العهد الرسولي سلسلة من الأوبئة المهلكة، وضعف نفوذ الدولة، وسادت الفوضى حتى قيام الدولة الطاهرية، التي فقدت تعز في عهدها أهميتها السياسية والعلمية والتجارية، وساءت الأوضاع الاجتماعية فيها، وصار حصنها بمنزلة سجن.

وفي عام 912هـ/1515م، وصل المماليك إلى اليمن، وبعد معارك عدة احتلوا مدن الحديدة وزبيد وتعز وغيرها، وقضوا على الدولة الطاهرية. ظهرت في هذه الأثناء الحركة الإمامية الزيدية في الشمال، واستولى المطهر بن شرف الدين على تعز في عام 941هـ/1535م، وولّى عليها الفقيه النصيري الذي شُرِعَ في عهده ببناء سور المدينة الذي مازالت أجزاء منه باقية.

أرسل السلطان العثماني سليمان القانوني حملة إلى اليمن لمطاردة الإفرنج البرتغاليين، وقد امتنعت تعز على العثمانيين، وصمدت زمناً أمام حملاتهم، ولكن ظلم الأئمة دفع بأهلها أخيراً إلى الاتصال بالعثمانيين والتحالف معهم، فدخلتها جيوشهم في عام 952هـ/1545م.

دام الحكم العثماني الأول لليمن قرابة قرن (945-1044هـ/1538-1635م)، ولكنه لم يكن مستقراً بسبب المقاومة الشديدة التي كان يتزعمها الأئمة الزيديون، إلى حد أن اليمن وُصفت آنذاك بـ «مقبرة الأناضول»، وكانت تعز من المدن التي تناوبت فيها السيادة العثمانية والإمامية حتى سيطرة العثمانيين التامة عليها في 976هـ/1510م، وصار حصنها الذي امتلأ بالمعتقلين يُعرف باسم «القاهرة». ثم دحرت الدولة القاسمية العثمانيين من تعز عام 1038هـ/1629م، وأخرجتهم من اليمن نهائياً (1045هـ/1635م). وعندما ظهرت خلافات شديدة بين حكام الدولة القاسمية قرر بعض المتنفذين استدعاء الأتراك العثمانيين إلى بلادهم، فعادت الجيوش العثمانية للسيطرة على البلاد نحو نصف قرن (1289-1337هـ/1872-1918م).

شهدت تعز إبان الحكم العثماني الثاني ثورات عارمة، وكانت أجزاء البلاد تخضع للعثمانيين وللأئمة في الشمال وللإنكليز في الجنوب، وتسود فيها الخلافات المذهبية. واضطر العثمانيون إلى مغادرة اليمن في أعقاب انتصار الإنكليز في الحرب العالمية الأولى.

تفرد شيوخ القبائل بحكم مناطق لواء تعز، في حين بقيت المدينة تابعة لحكم الإمام يحيى في صنعاء، ويبدو أن أهلها كانوا ينوون الاستقلال عنه، فوجه حملة ضخمة بقيادة علي الوزير الذي أخضع المدينة وتولى الحكم فيها 23عاماً نائباً عن الإمام يحيى، ويعود الفضل إليه في إحداث تجديدات متنوعة في المدينة. تولى الحكم في تعز بعد ذلك الأمير سيف الإسلام أحمد ابن الإمام يحيى، وفي عهده ساءت أوضاعها الاجتماعية والصحية، وتراجع مستوى التعليم، وغدت تعز معقلاً أساسياً لحركة الأحرار اليمنيين.

أثمرت سنوات من الكفاح في القضاء على الإمام يحيى (17شباط 1948)، ولكن ابنه وولي عهده أحمد نجا بنفسه، وهرب إلى حجّة في الشمال، وعاد إلى تعز التي اتخذها عاصمة جديدة بدلاً من صنعاء.

لم يكن عدد سكان تعز آنذاك يتجاوز سبعة آلاف نسمة، وقد طرأت على العاصمة الجديدة تحسينات خدمية، وأُنشئ فيها مطار صغير، وتحسن الاتصال بالعالم الخارجي وتزايد قدوم الوافدين العرب والأجانب إليها لأغراضٍ شتى، وظهرت فيها سفارات وقنصليات، وصدرت صحف عدة.

شهدت تعز عام 1955 حركة انقلابية، وتمكنت من عزل الإمام أحمد وتنصيب أخيه عبد الله، ولكن الإمام المعزول استطاع بعد أسبوع واحد القضاء عليها، وإعادة بسط سيطرته. وبعد موته في عام 1962، بويع ابنه الإمام البدر بالإمامة، ولكن إذاعة صنعاء أعلنت بعد أسبوع فقط (26أيلول 1962)، عن مقتله وقيام الجمهورية العربية اليمنية وعاصمتها صنعاء.

بقيت تعز مدينة عامرة تحفل بالنشاط الفكري والسياسي، وموطناً للثوار المدافعين عن الجمهورية، كما أصبحت سنداً للثوار المناضلين في الجنوب من أجل طرد المستعمر الإنكليزي، ونشطت فيها النهضة العمرانية، وتأسست فيها مصانع كثيرة حكومية وخاصة في عهود الحكومات الجمهورية المتتالية، ولاسيما في عهد إبراهيم الحمدي (1974-1977)، وبعد إعلان الوحدة النهائية بين اليمنين 1994.

أُنشئت فيها أربع كليات تابعة لجامعة صنعاء، ثم استقلت باسم جامعة تعز (1995)، التي تضم خمس كليات عدد طلابها نحو عشرين ألف طالب، وفيها بعض الجامعات الخاصة. ولعل أبرز ما تتميز به تعز هو التطور التعليمي والنشاط الثقافي فيها، ولذلك يُطلق عليها الكثيرون تسمية «عاصمة اليمن الثقافية».

 

فاروق إسماعيل

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

اليمن.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ محمد يحيى الحداد، التاريخ العام لليمن، التاريخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي منذ بداية التاريخ اليمني القديم حتى العصر الراهن (منشورات المدينة، شركة التنوير للطباعة والنشر، بيروت 1407هـ/1986م).

ـ محمد محمد المجاهد، مدينة تعز غصن نضير في دوحة التاريخ العربي (المعمل الفني للطباعة، تعز 1997).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 629
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 600
الكل : 31559753
اليوم : 76158

بيكاريا (سيزار بونيزانا-)

بيكاريا (سيزار بونيزانا ـ) (1738ـ 1794)   سيزار بونيزانا مركيز دي بيكاريا Cesare Benesana, marchese di Beccaria واحد من كبار رجال القانون والاقتصاد في إيطالية، ممن تجاوزت شهرتهم حدود بلادهم إلى أوربة والعالم. ولد في ميلانو (وكانت دوقية تخضع لسلطة النمسة) وحصل في العشرين من عمره على شهادة دكتوراه في القانون. ووجهته مواهبه الرياضية نحو علم الاقتصاد، فكان كتابه الأول عام 1762 عن «فوضى الوضع النقدي وعلاجه في ميلانو»، وكان قد ألّف مع آخرين جمعية علمية، كان من أعضائها صديق له يعمل «حامياً لسجون ميلانو»، وكان هذا يشارك الآخرين خبراته وتجربته عن نظام القمع والعقوبة في عصره، وبتأثيره كتب بيكاريا عام 1764 كتابه الثاني «الجرائم والعقوبات».
المزيد »