logo

logo

logo

logo

logo

الإمارات العربية المتحدة

امارات عربيه متحده

United Arab Emirates - Emirats arabes unis

الإمارات العربية المتحدة

 

الإمارات العربية المتحدة United Arab Emirates دولة عربية اتحادية تقع في جنوب غربي قارة آسيا في شبه الجزيرة العربية وعلى أطرافها الشرقية المطلة على الخليج العربي وخليج عمان. تتألف من اتحاد سبع إمارات خليجية اتحاداً فيدرالياً هي: أبو ظبي ودبي والشارقة وعجمان ورأس الخيمة وأم القيوين الواقعة على الخليج العربي، ثم إمارة الفجيرة الواقعة على خليج عُمان. وقد عرفت الدولة في السابق بأسماء مختلفة مثل «المحميات» و«إمارات ساحل عمان» و«ساحل القرصان» و«الساحل المهادن» و«الساحل المتصالح» حتى قيام دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971، وعاصمتها مدينة أبو ظبي[ر].

الموقع والحدود والمساحة

تقع دولة الإمارات العربية المتحدة في البروز الأرضي الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية الذي يضم سلطنة عُمان والإمارات العربية المتحدة. وهي محصورة بين درجات العرض الجغرافي الشمالية 22 درجة و30 دقيقة، و26 درجة و5 دقائق، بين رملة عروق الشيبة في الجنوب ومنطقة شعم ـ القِير في الشمال في شبه جزيرة مسندم. فإذا أضيفت إلى ذلك الجزر الإماراتية في الخليج يكون حدها الشمالي الأقصى هو العرض الجغرافي الشمالي 26 درجة و15 دقيقة، وخط الطول 56 درجة و20 دقيقة شرق غرينتش في أقصى شرقي البلاد عند قرية خطم ملاحة وبروز صخور خورفكَّان على خليج عُمان.

التقسيمات الإدارية لدولة الإمارات العربية المتحدة

وبحسب هذا الموقع الفلكي المطلق فإن دولة الإمارات بلد مداري يمر فيه مدار السرطان الذي يقطع منطقة الظَفْرَة وقلب البلاد من الغرب إلى الشرق جنوب مدينة زايد. وبذلك تمتد أراضي الدولة على أربع درجات عرض و25 دقيقة عرض، وعلى خمس درجات طول وثماني دقائق طول في نصف الكرة الشمالي وشرق خط طول غرينتش. وتشرف على واجهتين بحريتين هما واجهة الخليج العربي في الشمال، ومياه خليج عمان في الشرق. وتتصل بواحدة من أكبر صحارى العالم هي صحراء الربع الخالي المعروفة محلياً «بالرمول».

لا تظهر أهمية الموقع الجغرافي لدولة الإمارات إلا إذا درست بصفتها أحد أقاليم شبه الجزيرة العربية وحوض الخليج. وعلى هذا الأساس يبرز الدور الانتقالي لموقع الإمارات بين عالمين بيئيين كبيرين هما العالم المائي ـ البحري للخليج وخليج عمان وبحر العرب، والعالم الصحراوي القاري القاسي لصحراء الربع الخالي. ويظهر هذا الدور في الشريط الساحلي للخليج الممتد بين شبه جزيرة مسندم وشبه جزيرة قطر بعمق يراوح بين 35-50كم. وكذلك على امتداد الشريط الساحلي لخليج عمان في سهل الباطنة في كل من دولة الإمارات وسلطنة عُمان.

ولقد منح الموقع الجغرافي البلاد أهمية بارزة في المجالين التجاري والاستراتيجي. وهي أهمية ما زالت دولة الإمارات تتمتع بها إلى اليوم، تمثلها خطوط النقل والتجارة البحرية، وكذلك قربها من مضيق هرمز. وتعاظم دور الموقع الجغرافي للإمارات مع التوسع في استخراج النفط والغاز، مما جعل منها واحدة من المناطق ذات القيمة الاقتصادية الاستراتيجية الكبيرة في العالم.

الحدود والمساحة: تحيط بدولة الإمارات العربية من الشرق سلطنة عمان وخليج عمان، ومن الشمال الخليج العربي ومن الغرب والجنوب المملكة العربية السعودية. ويقدر طول حدود الدولة بنحو 1740كم منها 730كم حدود بحرية (90كم ساحلها على خليج عمان، و640كم ساحلها على الخليج العربي). وحدود الدولة ليست ثابتة نهائياً، ولم يُتفق على رسمها رسمياً إلا في أجزاء محدودة منها. إذ مر وضع الحدود بأحداث ومراحل خلافية بين الأطراف ذات المصالح الخاصة.

ترجع البدايات الأولى لرسم الحدود في المنطقة إلى عام 1913 الذي جرى فيه تعيين حدود نجد (السعودية) مع مشيخات الساحل. وعرفت «بالخط الأزرق» الذي نصت عليه اتفاقية 23 تموز من العام نفسه بين الدولة العثمانية وبريطانية، وكان يساير خط الطول 50 درجة و25 دقيقة شرق غرينتش. وباعتراض السعودية على الخط الأزرق جرت مباحثات بينها وبين بريطانية عدل فيها الخط بما عرف «بالخط الأحمر» في 3 نيسان عام 1935، ثم أدخلت عليه بريطانية تعديلاً آخر في 25 تشرين الثاني عام 1935، وصار يعرف بخط الرياض أو «الخط الأخضر»، ولم تعترف به السعودية التي تمسكت بالخط الأحمر. وبقي الأمر معلقاً ليعود النزاع فيحتدم إثر الكشف عن نفط منطقة فهود في إقليم البريمي عام 1949، واحتجاج بريطانية على دخول فرق البحث عن النفط الأمريكية ـ السعودية إلى مناطق تابعة لإمارة «أبو ظبي». إذ طالبت السعودية بحدود لا تترك لأبو ظبي سوى أقل من 20% من مساحتها، وردت عليها أبو ظبي بالمطالبة بحدود تضم مساحات تصل إلى خط العرض 20 جنوباً وإلى حدود قطر في الشمال الغربي وإلى بئر أم الزمول في الشرق وذلك في 30 كانون الثاني عام 1952. لكن بريطانية اقترحت عام 1955 حدوداً جديدة تتفق مع الحدود التي ظلت قائمة بين الإمارات العربية والسعودية حتى عام 1974 واتفق الطرفان بينهما في 21/8/1974 بعد قيام دولة الإمارات العربية المتحدة (1971) على تسوية المشكلات الحدودية والإقليمية المعلقة. أبرزها حصول السعودية على ممر بري يصل إلى مياه الخليج بين قطر والإمارات العربية المتحدة ويمتد من خور الدويهن إلى خور العُديِّد، أما الحدود الجنوبية للإمارات فقد رسمت بحيث تبقى رملة زرارة وحقل نفطها للإمارات. ومع ذلك لم ترسم هذه الحدود ترسيماً نهائياً بعد.

أما من جهة الشرق فتسير الحدود مع سلطنة عمان من بئر أم الزمول في الجنوب باتجاه الشمال أولاً ثم نحو الشرق فالشمال الشرقي حتى خطم ملاحة على خليج عُمان. وتتعرج الحدود الإماراتية العُمانية هنا راسمة جيوباً وألسنة متداخلة أبرزها لسان العين ـ البريمي الإماراتي المتوغل شرقاً في أراضي سلطنة عمان، وقد قامت حول هذا اللسان خلافات جاء ذكرها في بحث البريمي[ر]. وبعد 90كم من ساحل دولة الإمارات على خليج عُمان، يعود خط الحدود البري مع سلطنة عُمان بدءاً من دبا، فيقطع الجبال ثم يساير سفوحها الغربية من الجنوب نحو الشمال ثم نحو الغرب لينتهي على ساحل الخليج قرب شعم ـ القير. وهكذا تفصل الحدود هنا بين محافظة مسندم العُمانية وأراضي إمارة رأس الخيمة. ولا تخلو الحدود الشرقية للإمارات من مشكلات معلقة تتمثل في عدد من الجيوب الأرضية والمناطق المحايدة بين الإمارات وسلطنة عُمان، مثل المنطقة المحايدة عند «حَدَف»، وجيب «وادي مدحة أو مدحاء» العُماني في أرض الإمارات.

تغطي أرض الإمارات مع جزرها مساحة قدرها 83600كم2 أما مساحتها من دون الجزر فنحو 77700كم2 ويزيد عدد الجزر على 200 جزيرة، أكبرها جزيرة أبو الأبيض. ويقترب شكل الدولة من شبه منحرف قائم الزاوية قريب من المثلث. مع امتداد مثلثي شمالي شرقي.

ويعد عدم استقرار الحدود سبباً من أسباب اضطراب الإحصاءات الخاصة بالحدود والسواحل وأطوالها، وكذلك مساحة البلاد وكثافة السكان وغيرها، وتتضارب هذه الإحصاءات والمعطيات بحسب المصادر المختلفة.

الأوضاع الجغرافية الطبيعية

الأرض والتضاريس: تغلب على أرض الإمارات مساحات مترامية من السهول والفيافي المنبسطة والمتموجة التي يراوح ارتفاعها فوق سطح البحر بين 100-250م، وتغطي قرابة 92% من مساحة البلاد. أما الباقي (8%) فهو تضاريس جبلية تؤلف شريطاً يقع في الشرق، هو جزء من جبال عُمان والحجر وقوسها المطل على خليج عُمان وسهل الباطنة.

 

 

يتوافق توزيع التضاريس السهلية والجبلية هذه مع الأرضية الجيولوجية والبنائية لشرقي الجزيرة العربية وحوض الخليج وخليج عمان. ففي الشرق تأثرت التضاريس بالتشوه الأرضي الكبير المعروف بـ «خط عُمان» الذي يمتد حتى جبال الأورال في روسية وعمره نحو 600مليون سنة. إذ خضعت هذه المناطق لمجموعة صدوع والتواءات محلية أهمها صدع دِبا وصدع وادي حام وغيرهما من صدوع كانت وراء تكوين جبال الإمارات عامة، وترجع نشأتها إلى الحقب الجيولوجي الثاني. أما الحركات الالتوائية فقد تأخرت حتى عصر الإيوسين في الحقب الجيولوجي الثالث، وكانت السبب في نشوء الجبال الهامشية الغربية مثل جبل حفيت والفاية ـ المليحة.

أما البقاع الواقعة غرب خط عمان فقد ظلت مغمورة ببحار الحقب الثالث مدة 250مليون سنة، وتوضعت فيها رسوبيات ثخينة تعرضت لحركات بنائية هادئة، وبقي أغلب أجزاء هذه البقاع مغموراً بمياه بحر الحقب الرابع القديم، وخاصة ما كان يقع دون 150-370م فوق سطح البحر. وقد انحسرت المياه عنها في العصر الجليدي قبل 70000- 20000 سنة إلى مستوى -120م عن المنسوب الراهن لمياه الخليج. وأعقب ذلك غمر جديد وارتفاع لمنسوب المياه بدأ قبل 20000 سنة واستمر حتى قبل 5000 سنة إلى أن وصل مستوى المياه إلى منسوبها الراهن. وقد رافق ذلك انقلاب المناخ إلى جاف وحار ثم إلى مناخ صحراوي اليوم.

تتألف بنية الإمارات العربية المتحدة من صخور رسوبية من الحجر الرملي والكلسي وغيرهما، ومن صخور متحولة مثل الكوارتزيت والشيست والمرمر، ومن صخور خضراء باطنية ـ اندفاعية مثل الغابرو والسرنبتينيت، وتنتشر الصخور المتحولة والخضراء وقسم من الصخور الرسوبية في الأنحاء الجبلية، في حين تتألف بقية الأنحاء من الصخور الرسوبية. وعلى هذا الأساس يتألف سطح أراضي دولة الإمارات من إقليمين جيولوجيين وتضريسيين كبيرين هما إقليم الجبال وإقليم السهول اللذان يضمان مناطق عدة هي:

1 ـ منطقة الباطنة (سهل ساحل خليج عمان): وهي شريط سهلي يمتد على سواحل عُمان والإمارات يتوسطه بروز خورفكّان، تراوح ارتفاعاته بين 1-3م و10-30م. نشأ من تراكم المجروفات القادمة من جبال عُمان. لذا فإن تربته خصبة قامت عليها زراعة قديمة وحديثة حول الكثير من القرى.

2 ـ منطقة الجبال: وتتألف من ثلاث كتل جبلية من سلسلة جبال عمان والحجر الداخلة في أراضي دولة الإمارات، وتشغل القسم الشرقي من البلاد ممتدة من الجنوب إلى  الشمال بطول 155كم وعرض 9- 37كم وارتفاعاتها تراوح بين 800 و900م. تعرف الكتلة الأولى بكتلة رؤوس الجبال في الشمال، وفيها أعلى قمة في البلاد (جبل يبير 1527م)، وصخورها كلسية جرداء. تليها كتلة الجبال الوسطى في الجنوب بين وادي دِبا وسلطنة عُمان، طولها 80كم وعرضها 25-37كم وارتفاعاتها بين 500 و600م، وأعلى قمة فيها جبل سماح (1034م). أما الكتلة الثالثة فهي جبال الشميلية المشرفة على سهل الباطنة الشمالية، وأعلى قممها تصل إلى 1153م إلى الشرق من «مسافي»، وصخورها خضراء ومتحولة. وتكثر في جبال الإمارات الأودية الجافة والعميقة أبرزها أودية دِبا وحام وحتا والقور ودلم وضدنة وزكت ومدحة.

3 ـ منطقة سهول الحضيض: وتعرف بالسهول الحصوية أيضاً. وهي شريط منخفض يساير الأقدام الغربية لمنطقة الجبال، وتمتد هذه السهول من الجنوب إلى الشمال مسافة 100كم بعرض 5- 16كم، وتتألف من سهول صير في الشمال ثم جري فالذيد فغريف فمدام (في عُمان) وسهل جوفي الجنوب. وقد نشأت هذه السهول بتراكم المجروفات القادمة من الجبال، مكوّنة تربة خصبة قامت عليها زراعات في مزارع وواحات مثل المعيريض وخِت وخرّان والدقداقة والذيد ومليحة والهير والعين.

4 ـ المنطقة الداخلية الصحراوية: وتشمل نحو 85% من مساحة البلاد إلى الجنوب من السهول الساحلية وغرب الجبال وسهول الحضيض. ترتفع نحو 100- 130م، وتؤلف سهلاً شاسعاً تغطي الأغشية والكثبان الرملية أغلب أنحائها، وتميز فيها وحدات جغرافية أصغر هي: مثلث الإمارات الشمالية الشرقية، وسباخ الختم، والظفرة، والرباض، والبطين ـ اللوا، والبينونة، وسبخة مطي، والمجن. وتعد المنطقة امتداداً لصحراء الربع الخالي.

5  ـ سهل ساحل الخليج: وهو شريط يساير الخليج بعرض 5ـ30كم، ارتفاعاته تراوح بين 6 و8م، غني بالسبخات والأخوار والجزر الساحلية. وهو أكثر أنحاء الإمارات ازدحاماً بالسكان والعمران ومركز نشاطات اقتصادية وسكانية متنوعة.

6 ـ جزر الإمارات: تمتلك الإمارات جزراً متنوعة، يختفي بعضها تحت مياه المد العالي، وهي في الغالب قريبة من الساحل وواطئة. وبعضها بعيد عن الساحل ومرتفع (جزيرة زركوة 164م) أبعدها جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى. وأكثر جزر الإمارات غير مأهول بالسكان.

الأوضاع المناخية: مناخ الإمارات العربية المتحدة مداري صحراوي جاف قاري في الداخل وصحراوي رطب على السواحل، تؤثر فيه عوامل مهمة أبرزها الموقع الجغرافي على العروض المدارية ومدار السرطان. أما عامل مياه الخليج وكتلتها فدوره سلبي لأن دفء مياه الخليج وارتفاع نسبة التبخر يسببان ارتفاع نسبة الرطوبة الجوية في شروط الحرارة العالية. وخاصة على الشريط الساحلي. أما التضاريس فتظهر أهميتها في سماحها للمؤثرات القارية بالتوغل في أنحاء البلاد لقلة ارتفاعها وانعدام الجبال، إلا في شرقي البلاد حيث تنتصب الجبال في وجه الرياح الهابة من بحر العرب مما يزيد في كميات الأمطار الهاطلة فيها.

تتصف درجات الحرارة في البلاد بالارتفاع على مدار السنة، وخاصة في الصيف الذي تصل فيه معدلات الحرارة العظمى إلى 47 درجة مئوية، وإلى 50 درجة في الداخل الصحراوي. أما في الجبال فتحوم حول 40 درجة. وأما معدلات الحرارة الدنيا فتراوح في الشتاء بين 8 و10 درجات مئوية، أي إن المدى الحراري السنوي كبير يراوح بين 35 و40 درجة، في حين تراوح المعدلات السنوية بين 29 و33 درجة مئوية، وهي حرارات ومدى يميزان المناخ الصحراوي ـ المداري عامة.

وتتفق المقادير المرتفعة من الرطوبة الجوية مع درجات الحرارة العالية. إذ يزيد التبخر على 3000مم سنوياً في مياه الخليج. وتراوح المتوسطات السنوية للرطوبة النسبية بين 50 و70%، تنخفض في الداخل إلى أقل من 15- 20% وترتفع على السواحل الشمالية إلى درجات قريبة من الإشباع. كذلك فإن أمطار الإمارات صحراوية مدارية تتصف بالقلة والندرة ويرتبط هطلها بوصول الرياح الشمالية الغربية والمنخفضات الجوية المتوسطية شتاءً. وتسهم الرياح والكتل الهوائية الموسمية القادمة من المحيط الهندي في زيادة الرطوبة وهطل الأمطار الصيفية في سهل الباطنة والجبال الشرقية. وعموماً فإن شرقي البلاد أكثر أمطاراً (122-140مم سنوياً) من غربيها (40- 50مم)، وشماليها (50- 70مم) أكثر أمطاراً من جنوبيها (أقل من 30مم سنوياً). وهي متذبذبة تصل معها الفروق بين سنة مطيرة وسنة جافة إلى 4-6 أضعاف، كما أن نموذج الهطل عاصفي ولا يزيد عدد الأيام المطيرة على 26 يوماً ويقل عن 10 أيام في الصحراء سنوياً.

وتهب على البلاد رياح شمالية وشمالية غربية تلطف الجو وتقلل من وطأة الرطوبة العالية في الصيف أما الرياح القادمة من الشرق والجنوب الشرقي فرطبة، خلافاً للرياح الجنوبية الجافة. ويظهر أثر حركة الرياح واتجاهاتها في محاور الكثبان الرملية وأشكالها وانتقالها في المنطقة الداخلية الصحراوية خاصة.

الميـاه: تخلو البلاد من أشكال الجريان المائي السطحي الدائم، عدا بعض الجداول الصغيرة وبعض العيون المحدودة في الشرق الجبلي وهوامش الجبال، إضافة إلى سيول موسم هطل المطر. لذلك تعتمد دولة الإمارات على مصادرها من المياه الجوفية العذبة والمالحة ومن مياه البحر المحلاّة، وإنتاج محطات مياه الصرف الصحي. وتنحو السياسة المائية في الإمارات نحو زيادة كميات المياه المحلاة، وتخفيف الضغط على مصادر المياه الجوفية لأن مخزونها المقدر بنحو 5280 مليون م3 آخذ بالتناقص ولأنها في الغالب مياه قديمة (مستحاثية) لا تتجدد، وتعجز الأمطار عن تعويض ما يرفع منها. ويبلغ عدد محطات التحلية الرئيسية 13 محطة في أبو ظبي ودبي وجبل علي والشارقة وغيرها. وهناك خطة لتخزين مياه الأمطار وراء سدود تقام في جبال الفجيرة ورأس الخيمة ودبا.

النبيت والوحيش: تعكس نباتات الإمارات الأوضاع الصحراوية، فالأشجار والشجيرات فيها قليلة مبعثرة أبرزها الطرفاء والسِّدر والأرطي والغاف. ومن الشجيرات السبط والكري والخضرم وغيرها. كذلك تقل فيها الأعشاب وأنواعها هي النصي والقرنة واليعاضيد والثمام وغيرها من أنواع نباتية صحراوية. وتنمو على بعض أجزاء السواحل شجيرات القرم (المنغروف) على هيئة أجمات أمام خور أم القيوين وحول جزيرة أبو الأبيض والسينية وسواحل رأس الخيمة وكلباء. وتحظى الشجرة والغطاء النباتي في الإمارات عامة بعناية بالغة، وتبذل جهود من أجل زيادة مساحة البقاع الخضراء، فقد قامت الدولة بغرس نحو 23 مليون نخلة إضافة إلى 107 ملايين شجرة مثمرة وغير مثمرة حتى عام 1997. كما قامت بإنشاء الكثير من المحميات والحدائق الطبيعية في أنحاء البلاد.

 

 

ويلقى وحيش الإمارات اهتماماً بيّناً للحفاظ على الحيوانات ومنها طيورها. ففيها أكثر من 400 نوع من الطيور، وأنواع مختلفة من الثدييات وبقايا الغزال والوضيحي وكذلك المها الذي اندثر وأعيد توطينه، إضافة إلى قلة من الثعالب والذئاب والفئران والجرذان والظربان والعظايا وغيرها من الزواحف والحشرات. وفي البلاد عدد من المحميات الطبيعية من أجل حماية الحياة البرية والحفاظ على البيئة، مثل جزر السمالية وجرنين وصيربني ياس. كذلك تمتلك الإمارات ثروة مهمة من السمك والربيان (القريدس)، ويعمل مركز الأبحاث البحرية في أم القيوين على تطوير وسائل تربيتها وتكاثرها.

السكان

إعمار الإنسان أرض الإمارات قديم تدل عليه مواقع أثرية كبيرة مثل جبل حفيت وجبل أملح، ومواقع أم النار، والهيلي وتل أبرق وكلباء والرميلة ونبت سعود وغيرها. وقد استمر الاستيطان في هذه المنطقة منذ عصور ما قبل التاريخ حتى اليوم. وسكان دولة الإمارات العربية اليوم هم من أصول عربية وقبائل كثيرة كانت منتشرة في أنحاء مختلفة من شبه الجزيرة العربية. هاجرت مجموعات منها من الأزد في اليمن إلى شرقي شبه الجزيرة منذ أواسط القرن السادس الميلادي، واستقرت في عمان والسواحل الشرقية، ورفدتهم مجموعات قبلية عدنانية وصلت المنطقة بعد القرن الخامس الميلادي. ويؤلف هؤلاء جذور السكان الأصليين، وتمثلهم القبائل الراهنة وتفرعاتها وفرقها وتحالفاتها التي تبلورت مع الزمن في تحالفين هما تحالف بني ياس وتحالف القواسم. ويتألف التحالف الأول من العشائر الصغيرة التالية: البوفلاح ويعرفون بـ «الشيوخ» ومنهم أسرة آل نهيّان الحاكمة في أبو ظبي، وعشائر الكبيسات والسودان والمزاريع وآل بوحميد والرواشدة، وفرق الهواميل والرميثات والمشاغين والفريفات وغيرهم. أما تحالف قبيلة القواسم فيضم أكثر من عشرين عشيرة منهم آل علي والعبادلة والمهرة والنقبيون والبومهير والمرر والشويهيون وآل زعاب والحبوس والشحوح وغيرهم، والعشيرتان الأخيرتان جبليتان، ويتكلم الشحوح لغة أو لهجة غير مفهومة من غيرهم. ومن القبائل الرئيسة الأخرى، المناصير والظواهر والعوامر والنعيم والشرقيين، ويعمل العوامر والمناصر في تربية الجمال، والشحوح والحبوس في رعي الضأن والماعز، لكن الغالب على قبائل الإمارات الاستقرار جزئياً أو كلياً، وأعداد البدو منهم قد تراجعت تراجعاً كبيراً منذ ظهور النفط وارتفاع نسبة سكان المدن إلى 84% (1995). وقد تأثر المجتمع الإماراتي بالتحولات المادية والعصرية في البلاد. وفي الإمارات 75% من إجمالي عدد السكان من الوافدين من أصول عربية وغير عربية ينتمون إلى أكثر من ثلاثين جنسية. أغلبهم من العرب ثم الإيرانيين فالهنود والبنغلاديشيين والباكستانيين والفليبنيين والأندونيسيين وغيرهم. ودخول الأجانب المنطقة قديم، ارتبط بالنشاط التجاري وبإنشاء قوة ساحل عُمان أو كشافة عمان Oman Levy لحفظ الأمن في المشيخات عام 1951، وكانت هذه الكشافة من الباكستانيين والبلوش (البلوج) والهنود. لكن أعدادهم ازدادت زيادة كبيرة بعد الكشف عن النفط منذ الستينات من القرن العشرين حتى فاقت ثلاثة أضعاف أعداد المواطنين الأصليين. ويتركز الوافدون في المدن بالدرجة الأولى، وفي المزارع بنسبة أقل، إذ يشكلون القوة العاملة في قطاعات النفط والصناعة والزراعة والمرافق. ويتكلم السكان اللغة العربية اللغة الرسمية للبلاد، إضافة إلى اللغة الإنكليزية الواسعة الانتشار، كما يتكلم الوافدون لغاتهم إلى جانب اللغتين العربية أو الإنكليزية. ويدين أغلب السكان بالإسلام (96%) إضافة إلى أقلية مسيحية (3%) يضمها جزء من الوافدين، وأتباع ديانات أخرى.

الأوضاع الديمغرافية للسكان: قدر عدد سكان البلاد عام 1905 بنحو 72000 نسمة، أصبح 179.247 نسمة عام 1968 (عام التعداد السكاني الشامل الأول السابق لقيام دولة الإمارات)، بلغ عددهم في التعداد السكاني الأول بعد قيام الدولة 557.877 نسمة عام 1975 قفز بعدها إلى 2.377.453 نسمة في تعداد عام 1995، ويقدر بنحو 2.800.000 نسمة لعام 1999. أي إن سكان الإمارات تضاعفت أعدادهم خمس مرات في غضون نحو ربع قرن (1975-1999)، وقد وصل عدد الذكور في عام 1995 إلى 1.579.743 نسمة وعدد الإناث إلى 797.710 نسمة، أي إن نسبة الذكور هي 66.5% ونسبة الإناث 33.5%، وبذا تكون نسبة الجنس 200 ذكر لكل 100 أنثى. في حين أن النسبة الطبيعية هي 104 رجال لكل 100 أنثى. ويرجع هذا الخلل إلى طبيعة الهجرة الوافدة وجنس الوافدين الذين يغلب عليهم الذكور غير المتزوجين أو الذين تركوا أسرهم في أوطانهم الأصلية.

تظهر أعداد السكان أن النمو كان طبيعياً حتى طفرة النفط وفتح أبواب العمل والهجرة لغير العرب والعرب منذ أواخر عقد الستينات وفي عقد السبعينات من القرن العشرين، إذ بدأت مع الهجرة الوافدة نسبة النمو السكاني بالارتفاع حتى وصلت إلى 175 بالألف عام 1975، وراوحت بين 58 و60 بالألف بين عامي 1985-1995. ومع ذلك بقيت نسبة النمو السكاني للسكان الأصليين من دون الوافدين طبيعية، وتحوم حول 19 بالألف بين 1985- 1995 (الولادات 22 بالألف والوفيات 3 بالألف). والعمر المتوسط هو 74 سنة.

ويظهر أثر الهجرة الوافدة واضحاً في التركيب العمري لإجمالي سكان الإمارات، إذ يبين الهرم السكاني عدم الانتظام في توزيع فئات الأعمار، بارتفاع نسبة الفئات العمرية الواقعة بين 15 و59 سنة إلى نحو 69- 70% من إجمالي السكان للعقدين الأخيرين. وهي نسبة عالية جداً، لأن معظم الوافدين من الفئات العمرية المنتجة والقادرة على العمل. وبالمقابل تنخفض نسبة الفئات العمرية الأكبر من 60 سنة إلى نحو 2% وأغلب أفرادها من السكان المواطنين الأصليين، لأن الوافدين يغادرون الإمارات قبل بلوغهم سن الستين إلا ما ندر. كذلك يغلب على فئات الأعمار  الأصغر من 15 سنة أن تكون من السكان المواطنين للأسباب المرتبطة ببنية الوافدين والمواطنين المذكورة. وهي نسبة مرتفعة إذا حسبت إلى إجمالي المواطنين الأصليين فقط، مما يظهر أن المجتمع الإماراتي الوطني (غير الوافد) شاب وفتي ترتفع فيه معدلات الخصب.

التوزع الجغرافي للسكان وكثافتهم: يتصف التوزيع السكاني الجغرافي في الإمارات بعدم الانتظام وبالتباين الشديد بين بقاع مزدحمة بالسكان وبقاع خالية من السكان. ويرجع ذلك إلى الأوضاع الجغرافية الطبيعية وإلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتوافر شروط الاستقرار والعيش.

ويظهر توزع السكان على الإمارات السبع أن إمارة أبو ظبي تضم 628.360 نسمة بكثافة عددية قدرها 12.7 نسمة/كم2، وأن إمارة دبي تضم 674.101 نسمة بكثافة 172.8 نسمة/كم2، وإمارة الشارقة تضم 400.239 نسمة بكثافة 154 نسمة/كم2 تليها إمارة رأس الخيمة وسكانها 144.430 نسمة بكثافة 84.9 نسمة/كم2، فإمارة عجمان وسكانها 118.812 نسمة بكثافة 456.9 نسمة/كم2، فإمارة الفجيرة وسكانها 76.254 نسمة وكثافتهم 58.7 نسمة/كم2، ثم إمارة أم القيوين وسكانها 35.175 نسمة وكثافة 45.1 نسمة/كم2 (عام 1995). إن هذا التوزع إداري ولا يبرز الواقع الجغرافي لتوزع السكان الفعلي الذي يجب أن يؤخذ على مستوى الأقاليم الجغرافية ومناطقها التي تقدم الكلام عنها. وبحسب هذا المبدأ فإن 82% من سكان الإمارات يعيشون على قرابة 19% من المساحة الإجمالية، تشغل شريط سهول الخليج. وخاصة الجزء الممتد بين مدينة أبو ظبي وبلدة شعم في الشمال الشرقي. ففي هذا الجزء توجد ست مدن كبرى ومتوسطة هي أبو ظبي ودبي والشارقة وعجمان وأم القيوين ورأس الخيمة التي تؤلف نوى كثافات عالية. وبالمقابل فإن 2.5% من السكان يعيشون على مساحة 74%، وتشمل المنطقة الداخلية والجبال، وكذلك يعيش نحو 16.5% من السكان على باقي أراضي الدولة (7%).

وعلى العموم فإن الكثافات السكانية التي كانت 2.2 نسمة/كم2 عام 1968، وصلت إلى 28.5 نسمة/كم2 عام 1995، وإلى 33.5 نسمة /كم2 عام 1999. مع نمو سريع لكثافة سكان المدن ونسبة التحضر.

التجمعات السكانية: تقدر نسبة المصنفين بدواً وأشباه بدو في الإمارات عام 1995 بنحو 10% من السكان، لكن نسبة الرحل والذين يسكنون الخيام منهم لا تزيد على 1% من إجمالي السكان، وهي نسبة تتراجع يومياً أمام التحول السكاني ـ الاجتماعي ـ الاقتصادي السريع، وأمام عمليات التوطين المخطط والإسكان الذي ارتفع مبلغ الاستثمارات فيه من 455 مليون درهم عام 1972 إلى 2.7 مليار درهم عام 1995 (الدولار الأمريكي يساوي 3.68 درهماً عام 1998). ورافق ذلك ازدياد عدد المساكن من 66.5 ألف مسكن عام 1972 إلى 414.3 ألف مسكن عام 1995. وكذلك توسعت التجمعات السكانية ونشأت مستوطنات جديدة. ومع ذلك استقطبت المدن نسبة عالية من السكان بلغت 84% من مجموع سكان البلاد لعام 1997. وخاصة في مدنها الرئيسة الثمان وهي أبو ظبي ودبي والشارقة ورأس الخيمة وعجمان والعين والفجيرة وأم القيوين التي يعيش فيها نحو 80% من مجموع سكان البلاد، وفيها مدن أخرى صغيرة مثل دِبا وكلبا (كلباء) وخورفكان والذيد ورمس وغيرها.

تتصف مدن الإمارات وبلداتها وشعبياتها (تجمعات السكن لذوي الدخل المحدود) بخضوع عمرانها الحديث لمخططات هندسية مدروسة. وقد تطور أغلبها من مدن صغيرة مطلة على البحر ويعتمد سكانها عليه، مساكنها مبنية من الطين مسقوف بالدعن (سعف النخيل) فقيرة إلى المرافق والخدمات، إلى مدن حديثة شبه متكاملة. كما اتجه العمران نحو التوسع العمودي لاستيعاب الأعداد المتزايدة للسكان، فكثرت فيها الأبنية العالية التي يزيد عدد طبقاتها على عشر طبقات.

في الإمارات العربية المتحدة تجمعات سكانية صغيرة تصنف قرى أو بلدات لا يزيد عددها على 185 تجمعاً، يتفاوت عدد سكانها بين 110- 200 نسمة، و1000- 5000 نسمة، إضافة إلى بلدات يقرب عدد سكانها من 10.000 نسمة ونيف. وهي قرى مزارعين أو صيادي أسماك أو رعاة من بدو مستقرين. وتنتشر قرى المزارعين في السهل الحضيضي وفي سهل الباطنة وواحات محاضر اللوا (ليوا)، ومزارع حول المدن، في حين تتركز قرى الصيادين على سواحل خليجي عمان والعربي. أما قرى البدو المستقرين فتوجد في مواقع متباعدة من الداخل الصحراوي وفي الجبال.

كما تنتشر في البلاد دساكر هي قصور وفيلات خاصة تتبعها مزارع. ومساكن أغلب قرى الإمارات ودساكرها حديثة وطرقاتها منتظمة ومعبدة ومزودة بالخدمات الضرورية والمرافق العامة. وتقدر نسبة السكان الريفيين ومن هم في عدادهم من البدو المستقرين وأشباههم بنحو 15% من مجموع سكان دولة الإمارات العربية المتحدة لعام 1995.

الأوضاع الاقتصادية

مرت الأوضاع الاقتصادية في دولة الإمارات بمرحلتين هما مرحلة ما قبل النفط وقيام الدولة ومرحلة النفط ونشوء الدولة المستقلة. والفرق بين المرحلتين كبير جداً.

ففي المرحلة الأولى كان السكان يعملون في الزراعة والرعي والصناعة المتواضعة لتوفير حاجاتهم الأساسية في بيئة صحراوية قاسية، كما اتجهوا نحو البحر لصيد السمك واللؤلؤ وللتجارة. وكان النشاط الاقتصادي يواجه صعوبات كثيرة فرضتها الأحوال الطبيعية. فأكثر بقاع الإمارات صحراوية تربتها رملية أو قلوية ومالحة، أو جبلية صخرية، وتفتقر إلى المياه واليد العاملة والخبرات. ولم تكن مساحة الأراضي الزراعية تتجاوز 39650 دونماً (الدونم =1000م2) موزعة على سهل الباطنة والسهول الحضيضية وأنحاء متفرقة أخرى. وكانت الزراعة تعتمد أساليب الري الأولية بالغرافة والدلاء والمجازرة وكذلك مياه الأفلاج (الفقارة أو الفجارة) والآبار، إضافة إلى مياه بعض العيون الصغيرة في المنطقة الشرقية. أما تربية الحيوان فكانت تقوم على الرعي المتجول والنجعة بحثاً عن الكلأ والماء. وكانت حرفتا استخراج اللؤلؤ وصيد السمك من أهم مصادر رزق سكان السواحل، على الرغم من منافسة اللؤلؤ الصناعي الياباني وازدهار حرفة الصيد على حساب استخراج اللؤلؤ. وتأتي حرفة التجارة بعدهما، وهي حرفة عريقة ذات ماضٍ بالغ الأهمية لكثيرين من سكان مدن دبي وأبو ظبي والشارقة، إذ بلغت واردات دبي لعام 1964 نحو 204 ملايين درهم، وواردات أبو ظبي نحو 56 مليون درهم وكانت خطوط الملاحة التجارية تربط المراكز الإماراتية بالمراكز التجارية المشابهة على امتداد سواحل الخليج والهند، وسواحل إفريقية الشرقية والبحر العربي. وكانت صادراتها تتألف من اللؤلؤ والتمور والأسماك المجففة، ووارداتها تشتمل على التمور والخيول والسجاد والسكر والرز والحبوب والذهب والقماش وغيرها.

أما صناعات مرحلة ما قبل النفط فقد اقتصرت على الصناعات التقليدية القديمة الخاصة بسد حاجات السوق المحلية، ومن أبرز تلك الصناعات، صناعة القوارب والمراكب وشباك الصيد والأواني الفخارية والأسلحة الجارحة واللؤلؤ وصياغة الذهب والنجارة والحدادة والصناعات الغذائية المحلية ـ التقليدية.

أما المرحلة الثانية فقد بدأت مع ظهور النفط وتصديره واستخراج الغاز وتصنيعه وتوظيف عائداتهما في تنمية البلاد واقتصادها وتطويرها نحو تخفيف الاعتماد على النفط والغاز. وخاصة بعد النمو المتزايد في إنتاجهما وتطور التصدير والتصنيع في العقدين الأخيرين من القرن العشرين. ومع ذلك يبقى النفط الركيزة الأساسية لدولة الإمارات واقتصادها بصفته أهم ثرواتها الطبيعية.

النفط والغاز: يرجع تاريخ البحث عن النفط في المنطقة إلى عام 1935 حين تأسس فرع لشركة نفط العراق في أبو ظبي تحت اسم (شركة بترول الساحل المهادن). لكن العثور على النفط تأخر حتى عام 1960، بالكشف عنه في بئر مربان رقم 3 وآبار أخرى في اليابسة. أعقب ذلك منح حكومة أبو ظبي حقوق البحث والتنقيب عن النفط في مياهها الإقليمية لشركة أبو ظبي البحرية (أدما) التي عثرت عليه في حقل أم الشيف البحري وصدرته أول مرة عام 1964. تبع ذلك الكشف عن عدد كبير من حقول النفط والغاز في بر دولة الإمارات ومياهها الإقليمية، وأصبحت امتيازات شركات النفط الأجنبية تغطي الإمارات كلها تقريباً. وكان أبرز تطور في هذا المجال التوقيع على اتفاقية المشاركة بين شركة نفط أبو ظبي المملوكة من عدة شركات أجنبية ودولة الإمارات عام 1972، التي تقضي بمشاركة الدولة بحصة قدرها 25%، ارتفعت إلى 60% فيما بعد، وتتقاسم الحصة الباقية (40%) شركات أمريكية وبريطانية ويابانية وفرنسية وإسبانية وألمانية وغيرها. ويأتي أكثر من نصف إنتاج دولة الإمارات البالغ وسطياً نحو 110- 113 مليون طن سنوياً من حقول إمارة أبو ظبي وفيها شركة أبو ظبي للعمليات البرية التي تعد واحدة من أضخم عشر شركات نفط في العالم، وشركة أدما التي تعد ثانية أضخم شركة منتجة للنفط في الإمارات. وتتوزع حقول نفط الإمارات على مجموعتين:

حقول برية وأبرزها حقول مربان وحبشان وبوحصا والعصب وسهل وزرارة والصجعة.

حقول بحرية وأهمها حقول أم الشيف والزكم ومَبرّز وأم الدلخ وفتح ومبارك وغيرها. ويلاحظ أن أغلب مكامن نفط الإمارات تنتشر في وسط إمارة أبو ظبي ومياهها الإقليمية.

أما الغاز الطبيعي المرافق فقد كان يتم إحراقه حتى مطلع السبعينات حين بدأ إنتاجه وتصديره في حالته السائلة عام 1977، وخاصة بعد العثور على مكامن الغاز الطبيعي الحر في حقلي مواعيد والصجعة في إمارة الشارقة، وفي بئر أم القيوين رقم 1 وغيره.. وتنتج إمارتا الشارقة ودبي معاً كميات من الغاز بقدر ما تنتج إمارة أبو ظبي وحدها. ويستهلك قسم من الغاز محلياً ويصدر قسم منه، وتصل نسبة الغاز المصدر إلى نحو 5% من إجمالي صادرات البلاد لعام 1996.

تقدر الثروة الاحتياطية للنفط والغاز الطبيعي في دولة الإمارات العربية المتحدة بحسب تقديرات عام 1997 بنحو 14 مليار طن نفط، وبنحو 5831 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي. ويراوح إنتاج النفط السنوي بين 110 و113 مليون طن. فإن بقي الإنتاج على ما هو عليه، فإن مخزون الدولة من النفط سيكفيها مدة 100- 115 سنة قادمة (للموازنة: 7- 8 سنوات بالنسبة لأمريكة الشمالية، و97 سنة لدول الشرق الأوسط المنتجة للنفط). أما الغاز الطبيعي الذي تنتج منه نحو 25 مليار م3 سنوياً (1995- 1997) فسوف يكفيها نحو 232 سنة قادمة، مما يضع دولة الإمارات العربية المتحدة في طليعة البلدان ذات الركيزة الاقتصادية الغنية بموارد طبيعية تضمن لها تطوراً، وتنمية طويلة الأمد نسبياً.

الثروات الباطنية الأخرى: في الإمارات ثروات طبيعية أخرى أقل أهمية من النفط والغاز، تحتويها الصخور الاندفاعية والمتحولة والخضراء في منطقة الجبال الشرقية، منها خامات النحاس والحديد والمنغنيز وغيرها من معادن لم تدخل حيز الاستخراج بعد. لكن هذه الصخور والصخور الرسوبية المختلفة تقدم مواد أولية مستغلة في مجال الصناعة الإنشائية والبناء، أهمها صناعة الإسمنت والجص واللِّبن الإسمنتي. وتوجد في الإمارات ثروة ضخمة من الرمال التي يمكن أن تقوم عليها صناعة الزجاج وصناعات أخرى، وفيها أيضاً خامات الكروم والنيكل والباريت والملح الصخري والحجر الكلسي والرخام وغيرها من مواد بناء مختلفة. أما أهم ثروة طبيعية دائمة ومتجددة تمتلكها الإمارات فهي الطاقة الشمسية التي لم تستغل بعد، ويمكن لها أن تحل محل النفط والغاز غير القابلين للتجدد.

الصناعة والصناعات: كانت صناعة ما قبل مرحلة النفط تقليدية قديمة ذات رأس مال محدد ويدوية ذات إنتاج صغير، تخدم المستهلك المحلي. وهي اليوم في تراجع مستمر أمام انتشار المنشآت والمؤسسات الصناعية الحديثة من جهة، واستيراد بدائل منتجات الصناعة التقليدية إلا ما ندر. وقد تقدم الكلام على الصناعات التقليدية في فقرة سابقة.

وصل عدد المنشآت والحيازات الصناعية الحديثة المسجلة في دولة الإمارات لعام 1996 إلى أكثر من 1260 منشأة، أكثرها في إمارة الشارقة (434 منشأة)، ودبي (417 منشأة) وأقلها في الفجيرة (19 منشأة). وتتوزع هذه المنشآت على الصناعات الغذائية والغزل والنسيج والملابس وصناعة الخشب والورق والمنتجات الكيماوية ومشتقات النفط ومنتجاته، والصناعة المعدنية والهندسية، وصناعات تحويلية مختلفة. وقد بلغ عدد العاملين في المنشآت والمؤسسات هذه نحو 97.000 عامل لعام 1996. وبلغ مجموع الرساميل الموظفة فيها نحو 14 مليار درهم، استأثرت صناعة منتجات الخامات التعدينية بـ 4.7 مليار درهم منها، والصناعات المعدنية الأساسية بـ 4.6 مليار درهم، والصناعات الغذائية بـ 1.22 مليار درهم، والصناعات الكيماوية بـ 1.14 مليار درهم، والباقي تقاسمته الصناعات الأخرى. ومع تنوع هذه الصناعات فإنها تأتي في المرتبة الثانية بعد الصناعات النفطية والبتروكيماوية، إذ تحتل هذه الصناعات مركز الصدارة في اقتصاد دولة الإمارات وصناعاتها ابتداءً من كشف النفط والغاز واستخراجهما وانتهاءً بتصنيعهما واستغلالهما بصفة طاقة ومصادر لمواد مصنعة مختلفة. وتأتي صناعة تكرير النفط ومشتقاته في رأس قائمة هذه الصناعات، وهي أقدمها، إذ بدأت بمصفاة نفط جزيرة أم النار التي أنشئت عام 1973، ثم توسعت في مشاريع عدة مصاف في دبي والشارقة والفجيرة مع توسع مصفاة أم النار نفسها عام 1994، وتوسيع مصفاة الرويس، إضافة إلى تنويع منتجات مجمع الرويس الصناعي للبتروكيماويات، مثل الإيتيلين والصودا الكاوية، والكلورين والملح واللدائن، وكذلك تصنيع الغاز في حبشان، وتسييله في مصنع جزيرة داس، وجبل علي والرويس.

وفي الإمارات صناعات أخرى مثل صناعة الأسمدة والأمونيا واليوريا في مجمع الرويس، وصناعة الإسمنت التي ازدهرت مع النمو العمراني وتطور البناء، ومصانعه في العين ودبي والشارقة ورأس الخيمة والفجيرة ودبا. وكذلك صناعة اللِّبن الإسمنتي ـ الرملي والرخام والتجهيزات الصحية وغيرها في مناطق كثيرة.

 وقد أنشئ في عام 1977 مصنع قريب من دبي يحول المخلفات المعدنية إلى منتجات حديدية ومعدنية أخرى متعددة الأغراض. كذلك يقوم مصنع صهر خام الألمنيوم المستورد من أسترالية الذي بدأ عمله عام 1975 في منطقة جبل علي، بتصدير إنتاجه إلى الولايات المتحدة وأوربة واليابان. ومن الصناعات الأخرى صناعة المشروبات غير الروحية والورق والألبسة والأحذية والأنابيب والألياف الزجاجية والأدوية وتجميع الأجهزة الكهربائية والإلكترونية والصناعة الغذائية... إضافة إلى صناعة تحلية مياه البحر، وتوليد الطاقة الكهربائية، ومشاغل (ورشات) صيانة الموانئ والسفن والمطارات والطائرات.

يشهد القطاع الصناعي في الإمارات العربية المتحدة تطورات مهمة منها اشتراك مؤسسات كبيرة في مشروعات صناعية، مثل شركة دبي للكابلات (دوكاب) التي تحولت إلى شركة الإمارات للكابلات منذ عام 1996. كما يقوم صندوق القروض الصناعية بتقديم القروض للمشروعات الصناعية ويساعد في إقامة مناطق صناعية جديدة في أبو ظبي والعين والرويس، وتوسيع مصنع الحديد ومصهر الألمنيوم. وتسهم المنطقة الحرة في جبل علي في إمارة دبي إسهاماً بارزاً في نمو القطاع الصناعي والقطاعات الاقتصادية الأخرى، إذ يقدر عدد الشركات المستثمرة فيها بأكثر من 1000 شركة من 74 دولة. وتبلغ صادراتها 11 مليار دولار أمريكي عام 1998. وهناك مناطق حرة أخرى في الشارقة وعجمان وأم القيوين (ميناء أحمد) والفجيرة، لكنها أقل أهمية. وسيكون للمنطقة الحرة الحديثة في جزيرة السعديات دور متمم في المستقبل.

وتقدر نسبة العاملين في القطاع الصناعي كله بنحو 30% من مجموع العاملين في البلاد، وإسهامه في الناتج الإجمالي بنحو 54%.

الزراعة: قفزت مساحة الأراضي الزراعية في دولة الإمارات من نحو 40.000 دونم في مرحلة ما قبل النفط إلى 798000 دونم عام 1996. رافق ذلك توسع في توفير مياه الري وخاصة من مصادر المياه الجوفية. وقد شجعت الدولة السكان على التوسع في هذا القطاع، فمنحتهم الأرض والمال وقدمت للمزارعين الإرشاد والآلات والخبرات، وسهلت لهم حفر الآبار وحضتهم على العمل في الزراعة لتثبيتهم في الأرض. فتوسعت مساحات الزراعة التقليدية في مناطق رأس الخيمة والذيد وفلج المعلا والفجيرة والعين، كما زادت المساحات بإضافة أراضٍ جديدة تم استصلاحها في الصحراء وخاصة في واحات اللوا، إذ بلغت مساحة الأراضي الصحراوية التي تحولت إلى أرض زراعية أكثر من 100.000 هكتار. وارتفع عدد الأشجار من 1.722.000 نخلة وشجرة عام 1977 إلى 130 مليون شجرة منها 25 مليون شجرة نخيل.

تنتج دولة الإمارات الخضر بأنواعها وخاصة البندورة والكرنب والملفوف والباذنجان والقرع والبصل وغيره من مساحة تقدر بأكثر من 161.000 دونم، كما تنتج الفواكه والثمار من مساحة تزيد على 25.500 دونم، أما أشجار النخيل فتحتل مساحة 210054 دونم وتنتج 244.644 طناً من التمور (عام 1996). كذلك تزرع الحبوب والأعلاف في المزارع البالغ عددها قرابة 21194 مزرعة للعام نفسه، بزيادة أعدادها بنسبة 173% عما كان عليه عددها عام 1977. وقد طبقت في الزراعة أساليب الري الحديثة من تنقيط ورش وغيره، ومع ذلك يبقى الإنتاج الزراعي النباتي متواضعاً ولا يغطي الطلب المتزايد على المنتوجات من قبل سكان تتزايد أعدادهم بنسبة نمو مرتفعة.

ويتمثل الإنتاج الزراعي الحيواني بإنتاج مزارع الأبقار الحلائب من الألبان في كل من إمارات أبو ظبي ودبي والفجيرة بالدرجة الأولى، إضافة إلى مزارع تربية الضأن والمعز والإبل وغيرها. ويلاحظ أن تربية الإبل قد تراجعت تراجعاً كبيراً مع انتشار وسائل النقل الحديثة والانصراف إلى تربية الحيوانات الأخرى. أما تربية الدواجن فقد كانت إمارة أم القيوين أول من أدخل إنتاج الدواجن والبيض في مداجن ومزارع حديثة إلى البلاد، وتنتشر اليوم في أغلب الإمارات مع ازدياد استهلاك البيض ولحوم الدواجن والطيور (240 مليون بيضة و34 ألف طن من لحوم الدواجن عام 1995).

تمتلك دولة الإمارات ثروة سمكية وغير سمكية مهمة في مياهها، تشتمل على أنواع مختلفة من الأسماك والقشريات والمحار وغيره. ويمارس مهنة الصيد البحري نحو 14143 صياداً ينتجون أكثر من 106800 طن من السمك (1997) تكفي الحاجة المحلية ويصدر الفائض إلى الخارج، مع الإشارة إلى أن معدل استهلاك الفرد الإماراتي للسمك هو من أعلى المعدلات في العالم ويقدر بنحو 26 كغ في السنة. وقد أولت الدولة هذا القطاع اهتماماً ملحوظاً فدعمت إنشاء أسطول وطني حديث مؤلف من أكثر من 6000 مركب صيد، مع الحفاظ على مستوى جيد خاضع لإجراءات ناظمة للصيد. كما أنشأت في أم القيوين مركز أبحاث الثروة البحرية، يعمل منذ عام 1984 في مجال تطوير أساليب زيادة الثروة السمكية والرُبيان (القريدس)، كما شجعت المواطنين على إقامة مزارع لتربية الأسماك لاقت إقبالاً ونجاحاً. وتعد دولة الإمارات المنتج الأول للأسماك والربيان في حوض الخليج، إذ تنتج أكثر مما تنتجه دوله مجتمعة. ومن ثروات البحر الأولى محار اللؤلؤ الذي تراجع صيده، لكن نتاجه من اللؤلؤ ما زال يعد سلعة للتصدير.

أما عدد العاملين في القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني فيقدر بنحو 78200 عامل من أصل القوة العاملة في البلاد المقدرة بنحو 1050800 عامل لعام 1996، أي ما يعادل 7.4% من العاملين، ولا يزيد إسهام هذا القطاع في الناتج الإجمالي للبلاد على 3%.

التجارة والمواصلات: لسكان الإمارات ماض عريق في التجارة الخليجية، وفي المحيط الهندي. لكنها اليوم تحتل المرتبة الثالثة من حيث إسهامها في الناتج الإجمالي بعد الصناعة والخدمات بنسبة قدرها 9.9% لعام 1996. وقد حقق الميزان التجاري للدولة فائضاً بلغ 28 مليار درهم بزيادة قيمة الصادرات (121 مليار درهم) على قيمة الواردات (93 مليار درهم) للعام نفسه. وتشتمل قائمة الصادرات على النفط الخام (48%) والغاز (6%) وعلى المنتجات النفطية الأخرى (5%) والباقي سلع غير نفطية مثل التمور والحيوانات والأسماك واللؤلؤ، وسلع مختلفة يعاد تصديرها. وتتعامل فيها مع اليابان والهند وسنغافورة وكورية الجنوبية وإيران وعُمان وتايلند وغيرها.

وتستورد الإمارات الآلات ووسائل النقل وتجهيزاتها والسلع المصنعة والمواد الغذائية والكيماوية والكمالية، من اليابان والولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين وألمانية والهند وإيطالية وغيرها.

وقد ساعد على ازدهار التجارة الانفتاح الاقتصادي للبلاد، وعضويتها في منظمة التجارة العالمية وتحرير التجارة وتشجيع الشركات الخاصة حتى وصل عددها إلى 16718 شركة خاصة و838 شركة تجارية كبيرة.

تملك دولة الإمارات العربية المتحدة شبكة مواصلات برية وجوية وبحرية متطورة، بلغت فيها أطوال الطرق السريعة الأتوسترادات 655كم. وربطت الطرق الإسفلتية الجيدة بين التجمعات السكانية المختلفة ومواقع العمل والإنتاج. وتزداد كثافة شبكة الطرق البرية في الشمال الشرقي وعلى امتداد الشريط الساحلي للخليج، وفي المنطقة الشرقية. وهناك الطريق السريع أبو ظبي ـ العين، ودبي ـ العين. كما امتدت الطرق الجيدة إلى قلب الصحراء في واحات ليوا. وقد رافق التطور السريع لشبكة الطرق البرية ونوعيتها تطور في المواصلات الجوية، إذ أصبحت دولة الإمارات من أهم بلدان الخليج العربي في مجال الطيران المدني بمطاراتها الدولية الستة في الشارقة ودبي وأبو ظبي والعين ورأس الخيمة والفجيرة، وهي تستقبل نحو 13 مليون راكب سنوياً، وطائرات نحو 100 شركة طيران عالمية تنتظم في أكثر من 110 آلاف رحلة طيران، إضافة إلى رحلات شركة طيران الإمارات التي تمتلكها الدولة، كما تمتلك حصة كبيرة في شركة طيران الخليج، وفي شركة الخليج لصيانة الطائرات (جامكو) أكبر شركة من نوعها في الشرق الأوسط.

أما المواصلات البحرية فقد شهدت نمواً سريعاً أيضاً في مرحلة ما بعد النفط، ركيزته موروث تاريخي في الملاحة البحرية، إذ كانت مراكب الإمارات تجوب المياه المحيطة بشبه الجزيرة العربية وشرقي إفريقية وجنوبي آسيا. وتنتشر على سواحل الدولة اليوم عشرات الفرضات والموانئ البحرية، منها 15 ميناءً تجارياً مهماً أكبرها موانئ زايد وراشد وجبل علي وخالد وعجمان وصقر وخورفكّان والفجيرة. وقد بلغ عدد السفن الإماراتية 3700 سفينة حديثة أو مركب خشبي مزود بمحرك. وتستقبل موانئ الإمارات أعداداً كبيرة من السفن التجارية وناقلات النفط الأجنبية.

الخدمات: كانت الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية وغيرها محدودة جداً أو شبه معدومة حتى قيام الدولة وتوظيف عائدات النفط والغاز في تنمية البلاد، إذ تحققت فيها قفزات نوعية وكمية. فوصل عدد التلاميذ والطلاب إلى أكثر من 312.000 فرداً في المدارس الحكومية و200.000 فرداً في المدارس الخاصة، وأصبح عدد المدارس 1068 مدرسة (عام 1997- 1998). كما افتتحت في مدينة العين جامعة الإمارات (عام 1977)، إضافة إلى كليات التقنية العليا في الإمارات السبع وعدد من الجامعات الحكومية والخاصة في أبو ظبي والشارقة وعجمان. كذلك تطورت الخدمات الصحية فأصبح في البلاد أكثر من 41 مستشفى تتسع لنحو 4500 سرير، إضافة إلى نحو 100 مركز صحي، وأصبح معدل الأطباء طبيباً واحداً لكل 1200 نسمة. ومن نتائج الرعاية الصحية ارتفاع معدل عمر الفرد إلى 76 عاماً للرجال و74 عاماً للنساء، مع انخفاض ملحوظ في معدل الوفيات.

رافق تطور الخدمات المذكورة توفير الكهرباء والمياه النقية وتزويد التجمعات السكانية بالمرافق الحيوية الضرورية، والخدمات الأخرى الأساسية. وزودت المدن المهمة بشبكات الصرف الصحي، أقيمت على اثنتين منها محطتان لمعالجة المياه المالحة هما شبكة العين وشبكة دبي.

أما في مجال الإعلام والثقافة والاتصالات فقد قطعت الإمارات شوطاً كبيراً، إذ أصبح فيها ست محطات تلفزة وأربع محطات إذاعة، وتصدر فيها خمس صحف عربية وأربع إنكليزية وصحف أخرى ومجلات ودوريات وكتب. إضافة إلى شبكة متطورة من وسائل الاتصال.

وتعد الخدمات السياحية من القطاعات الحديثة الآخذة بالنمو والتطور مع ازدهار صناعة السياحة في البلاد، إذ ارتفع عدد السياح من 370.000 سائح عام 1983 إلى نحو المليونين عام 1997. ومقومات السياحة في الإمارات، الشمس والصحراء والمياه البحرية الدافئة وتوافر الخدمات ومراكز الترفيه والتسوق والمعارض.

تاريخ الإمارات العربية المتحدة

كشفت التنقيبات الأثرية عن مواقع استيطان قديمة أغلبها على سواحل الخليج العربي للدولة في عجمان وأم القيوين والشارقة وأبو ظبي وعدد من الجزر. ففي جبل بحايص (الشارقة) وساحل أم القيوين عثر على مدافن جماعية تحت الأرض، وفي جبل حفيت (قرب العين) مدافن فوق سطح الأرض تعود إلى نحو 5000-2500ق.م. وقد تطور التاريخ القديم للمنطقة بظهور القرى الزراعية الأولى بين 2500- 2000ق.م التي تزامنت مع بناء تحصينات وانتشار مدافن دائرية في جزيرة أم النار والهبلي (أبو ظبي) وحتا (دبي) وتل أبرق (أم القيوين) وغيرها. وقد استمر إعمار المواقع المختلفة في الحقبة ما بين 2000- 1200ق.م مع ازدياد الاهتمام بالموارد البحرية (السمك والمحار) وبدء استعمال الحديد، وأعقب ذلك حقبة مهمة امتدت من 1200ق.م حتى 300ق.م شهدت ترويض الجمل واستخدامه، ودخول نظام الأفلاج في الزراعة المروية، مما زاد في رقعة التوسع الاستيطاني. كما انتشر استخدام الحديد على نطاق أوسع، وكذلك بناء الحصون لحماية المستوطنات الزراعية والأفلاج، كما في مناطق العين والفجيرة وبحايص وغيرها.

استمر إعمار مستوطنات المنطقة في القرن الثالث ق.م وما بعده، وعثر فيها على لقى تؤكد اتساع نطاق التبادل التجاري والحضاري بينها وبين مراكز حضارية في الخليج وبلاد الرافدين وحتى حوض البحر المتوسط. كذلك تم الكشف عن معبد يعود إلى 100ق.م - 100م في مستوطنة الدور المهمة قرب أم القيوين، التي عثر فيها على آثار ولقى من أصول هندية ورافدية وإغريقية ورومانية، منها نقود وفخاريات وغيرها. وتحمل بعض نقود موقع مليحة والدور نقشاً باسم «أبيعل» يعتقد أنه اسم حاكم المنطقة قبل الإسلام.

اتصفت حقبة ما قبل الإسلام بانتشار النفوذ الساساني في المنطقة إضافة إلى وصول الديانة المسيحية وبناء دير يوحنا (343- 346) على إحدى الجزر يرجح أنها صير بني ياس التي كشفت فيها آثار كنيسة. وقد برزت مدينة دبا على خليج عمان مركزاً تجارياً مهماً يرتاده تجار السند والهند والصين وبلدان الخليج، تقابلها مدينة توام (البريمي) في الداخل.

أما السكان فإنهم من أصول عربية موغلة في القدم تنتمي إلى القبائل العربية التي عاشت في شرقي شبه الجزيرة العربية، ورُفدت بأعداد من قبائل عربية أخرى، حملتها هجرات حصلت في القرن الثاني ق.م وبعده، وتبعتها هجرات قادمة من اليمن وأواسط شبه الجزيرة العربية، حملت إلى المنطقة قبائل عدنانية (منذ القرن الخامس الميلادي) وقبائل قحطانية من أزد وشنوءة وعمران (أواسط القرن السادس الميلادي). تؤلف مجموعها أسلاف القبائل العربية الراهنة في كل من دولة الإمارات وسلطنة عُمان.

تمثلت بوادر انتشار الإسلام في رسالة الرسول عليه السلام إلى أهالي دبا سنة 620م التي دعاهم فيها إلى الإسلام. وكانت دبا نفسها مركزاً للقيط بن مالك زعيم حركة الردة في تلك المنطقة. وقد شهدت المنطقة وجوارها أحداث عهود صدر الإسلام والأمويين والعباسيين والدويلات الإسلامية المختلفة. وازدهرت التجارة والملاحة البحرية على سواحل المنطقة بين القرنين السابع والسابع عشر الميلاديين. ونمت فيها مراكز حضرية وموانئ مهمة مثل دبا وجلفار وجميرة (قرب دبي). ومن أشهر بحارتها أحمد بن ماجد[ر]. وقد استفاد البرتغاليون من خبرة الملاحين العرب في المنطقة للإبحار في المحيط الهندي وشملت كشوفهم بحر العرب والخليج  ودمروا الكثير من الموانئ العربية مثل خورفكان وجلفار في القرن السادس عشر. ثم حل البريطانيون محلهم في بسط نفوذهم على المنطقة. وقد جوبه البريطانيون بقوة بحرية عربية هي أسطول القواسم[ر] الذي كان يتألف من 60 سفينة كبيرة و20.000 بحار دافعوا عن المنطقة ووقفوا في وجه توسع الإنكليز في الخليج وشرقي شبه الجزيرة العربية. لكن الإنكليز تمكنوا من تدمير أسطول القواسم، وتخريب مدن ساحل رأس الخيمة وثبتوا مركزهم في المنطقة والخليج منذ عام 1820م. وعقدوا اتفاقيات مع شيوخ الإمارات عززوها بهدنة سميت المنطقة على أثرها «الساحل المهادن أو المتصالح» عوضاً عن «ساحل القرصان» الذي وصم به الإنكليز بحارة القواسم المدافعين عن بلدهم ومياههم في وجه الغزو الأجنبي. وبقيت مشيخات الساحل المهادن خاضعة للاستعمار البريطاني مدة 151 سنة، وظلت تتبع حكومة الهند البريطانية حتى استقلت الهند عام 1947، فأتبعت المشيخات إلى لندن مباشرة.

وكان السكان يعانون الاستعمار والفقر حتى ظهر النفط في أبو ظبي ودبي. تبع ذلك قرار بريطانية الانسحاب من منطقة الخليج (شرق السويس)، وبداية مشاورات إقامة اتحاد بين أبو ظبي ودبي أولاً عام 1968، ثم انضمت إليها الإمارات الأخرى بحسب اتفاق دبي وبنوده التي نصت على بداية العمل بالاتحاد في 20 آذار 1968. لكن عقبات وصعوبات كثيرة حالت دون ذلك حتى 2 كانون الأول عام 1971 تاريخ إعلان قيام الاتحاد وولادة دولة الإمارات العربية المتحدة بعد انسحاب القوات البريطانية من المنطقة في السنة نفسها.

قضايا إقليمية معلقة: تعد قضية جزر الإمارات الثلاث في الخليج العربي، أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، من أهم القضايا الإقليمية وهي من القضايا الخلافية بين دولة الإمارات وإيران ولم تحل بعد.

وهناك أيضاً مساحات وجيوب أرضية متنازع عليها في المناطق المحايدة بين الإمارات وسلطنة عُمان في منطقة الجبال. ويدخل في إطار هذه القضايا مسألة داخلية هي تبعثر قطاعات الوحدات الإدارية التي تؤلف أغلب الإمارات (دبي: وحدتان، الشارقة: أربع وحدات، رأس الخيمة: وحدتان، عجمان: ثلاث وحدات، الفجيرة: أربع وحدات). الأمر الذي يربك العلاقات الإدارية والاقتصادية ـ الاجتماعية أحياناً.

نظام الحكم والوحدات الإدارية

الإمارات العربية المتحدة دولة اتحادية (فيدرالية)، أنشئت عام 1971، وكانت تتألف من ست إمارات هي أبو ظبي والشارقة وعجمان وأم القيوين والفجيرة، ثم انضمت إليها إمارة رأس الخيمة عام 1972، وكان لها دستور مؤقت أصبح دائماً بدءاً من عام 1996. والسلطة العليا في الدولة ممثلة بالمجلس الأعلى الذي يتألف من حكام الإمارات السبع، ويرأسه رئيس الدولة. ولإمارتي أبو ظبي ودبي وهما أكبر الإمارات حق الرفض (الفيتو) في هذا المجلس. ويتولى شؤون الحكم في البلاد مجلس للوزراء، ومجلس وطني اتحادي أنشئ عام 1971، ويتألف من 40 عضواً، وهو السلطة التشريعية في البلاد، والإمارات السبع ممثلة فيه بواقع ثمانية أعضاء لكل من إمارتي أبو ظبي ودبي وستة أعضاء لكل من إمارتي الشارقة ورأس الخيمة، وأربعة أعضاء لكل من الإمارات الأخرى، بحسب تكوين المجلس لعام 1997.

حدد الدستور سلطات المؤسسات والمجالس في نظام الحكم الاتحادي، فميز سلطات المؤسسات الاتحادية التي تشمل الشؤون الخارجية وشؤون الدفاع والجنسية والهجرة والمجال الجوي والمياه الإقليمية وعلاقات العمل والمصارف من سلطات المؤسسات المحلية الخاصة بكل إمارة وتشمل جميع السلطات التي لم يعهد بها الدستور للاتحاد. وبحسب الدستور تقسم الدولة إلى سبع وحدات إدارية هي الإمارات السبع ولكل منها حاكمها الذي يقيم في عاصمة كل إمارة وتحمل اسمها، إضافة إلى تقسيم إمارة أبو ظبي إلى المنطقة الشرقية والمنطقة الغربية ولكل منها حاكمها.

عادل عبد السلام

 

الموضوعات ذات الصلة

 

الخليج ـ شبه الجزيرة العربية ـ عمان ـ المملكة العربية السعودية ـ النفط.

 

مراجع للاستزادة

 

ـ الكتاب السنوي لدولة الإمارات المتحدة (1997).

ـ دولة الإمارات العربية المتحدة، دراسة مسحية شاملة (القاهرة 1987).

ـ كتاب العالم السنوي (فيشر 1999، فرانكفورت 1998 بالألمانية).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 423
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1011
الكل : 59401437
اليوم : 33747

تورّيس بوذيت (خايمه-)

المزيد »