logo

logo

logo

logo

logo

تمبكتو

تمبكتو

Timbuktu - Tombouctou

تْمبُكْتو

 

تْمبُكْتو (أو تنبكتو) Timbuktu (بالفرنسية Timbouktou)، مدينة في إفريقية الغربية اشتهرت بتجارتها ومكانتها العلمية، وكانت حاضرة من حواضر المسلمين الموفورة النشاط لقرون عدة. تقع على خط العرض 16.46درجة شمالاً وعلى خط الطول 3درجات غرباً تقريباًً. وهي اليوم مركز إداري للمنطقة السادسة في جمهورية مالي.

وردت أقدم صيغة لاسمها في رحلة ابن بطوطة «تنبكتو»، أما السعدي في تاريخ السودان فيشرح اسمها في لغة «زناقة» بأنه كان اسم امرأة عبدة كانت حارسةً لأول خيمة بدوية كانت هنا. ولكن الاسم على الأرجح من الجذر (ب ك ت) الذي يعني بعُد مع إضافة ضمير التمليك tin في لغة زناقة Znaga.

تقع المدينة في الشمال الشرقي من انعطاف نهر النيجر على بعد عشرة كيلومترات من مجراه. قدر عدد سكانها المستقرين عام احتلال فرنسة لها عام1894 بنحو سبعة أو ثمانية آلاف، بينما قدر الرحالة الألماني بارت عددهم عام 1853 بنحو 13 ألفاً. ولعلّ عددهم وصل في القرن السادس عشر، عصر ازدهارها الكبير، إلى نحو 20ألفاً.

كانت تمبكتو تاريخياً مركز تجارة القوافل والتزود بالمياه من نهر النيجر لعبور الصحراء الإفريقية الكبرى، كان سكانها خليطاً من عناصر مختلفة، فقد أسستها قبائل صنهاجة الأمازيغية، ولكن استوطن فيها العرب من واحات مختلفة، وجاءها كثير من التجار والعلماء، ويعيد السعدي بداية نشأتها إلى نهاية القرن الخامس الهجري، أي نحو عام 1100م، ولكنها كانت في البداية قليلة الأهمية، ولانسمع عنها إلا في زمن ابن  بطوطة، الذي زارها ووصف سكانها بأنهم من صنهاجة من الملثمين.

جاء أول بيت حكم تمبكتو من مالي، وظل على حكمها من عام 737 إلى عام 837هـ (1336-1433م)، وزارها في هذه الفترة الرحالة الشهير ابن بطوطة عام 753هـ/1352م قادماً من مراكش، ووصف أوضاعها، وذكر أن أهلها كانوا من المسلمين، وكانت قبيلة مسوفة سيدة القبائل فيها.

وثمة بيت آخر حكم تمبكتو أربعين عاماً، وهو بيت طوارق مغشرن، ثم خلفهم غازٍ يدعى سنّي علي دخلها ظافراً عام 873هـ وأعمل فيها القتل والسلب وظل على حكمها حتى عام 898هـ، وكان سيئ السيرة. على أن بيت سنغاي الذي انحدر من هذا الرجل ارتقى بالمدينة، فبلغت شأواً عظيماً، وأعظم سلاطين هذا البيت هو أسكيا الهادي محمد، وكان راعياً للعلم والأدب، ثم انتقلت تمبكتو بعد وفاة آخر سلاطين هذا البيت عام 935هـ إلى حكم مراكش، فغزاها باشا مراكش المدعو محمود عام 999هـ وضمها إلى أملاك سيده مولاي أحمد المنصور سلطان مراكش، وظلت خاضعة للحكم المراكشي حتى عام 1164هـ/1750م، وتميز هذا العهد بالضعف ومظالم الباشاوات وغارات الطوارق الذين سيطروا عليها عام 1207هـ، وتناوبت قبائلهم على حكمها بعد ذلك.

اتصل الأوربيون بتمبكتو في القرن الخامس عشر الميلادي، فأخذت المدينة تتعامل مع إيطالية، وبخاصة فلورنسة، بطريق تونس وطرابلس، وكانت تخرج منها أربعة من طرق القوافل الكبيرة تقصد مصر وتونس ومراكش والسودان. وقد زارها اثنان من الرحالة الأوربيين في ذلك الوقت، ويُستفاد من وصفهما لها أنها كانت من الأماكن المشهورة. وقد وصفها الحسن الوزان المعروف بليو الإفريقي نحو عام 1475م، فذكر أن «المدينة عامرة بالحوانيت، وبها معبد (يقصد مسجداً) من الحجر والكلس بناه مهندس بارع من أهل غرناطة، وقصر رائع يقيم فيه الملك، حُلّي بصور كثيرة وقضبان من الذهب يزن بعضها 1300رطل». وعُرفت المدينة آنذاك بتجارة الذهب والملح خاصة. وانقطعت الصلة بين تمبكتو وأوربة بعد القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي، فكان الأوربيون يتحدثون عن مدينة عزيزة المنال تكتنفها الأسرار، ولكنّها بالغة الجمال وافرة الثروة بسبب إتجارها في الذهب وريش النعام والعاج والعبيد.

وفي عام 1311هـ/1893م، حين دخلت تمبكتو في عداد المستعمرات الفرنسية، لم تعد المدينة متسعة الرقعة، كما كانت أيام ملوك سنغاي القدماء، وقد وُجد فيها كثير من المخطوطات عن تاريخ السودان الغربي ومنها «معجم الباشوات» الذين حكموه. وأشهر كتّاب تمبكتو أحمد بابا الذي ألّف معجماً في التراجم، وأسره المراكشيون عند غزوهم المدينة، وحملوه إلى مراكش التي عاش فيها عدة سنوات قبل أن يعود إلى تمبكتو حيث توفي سنة 1036هـ/1626م.

وازدهرت الحركة  العلمية في تمبكتو من القرن الثامن الهجري إلى القرن الثاني عشر (الرابع عشر إلى الثامن عشر الميلادي). ولازال فيها مثقفون وعلماء يرعون الثقافة العربية الإسلامية.

اشتهرت تمبكتو بجوامعها التي كانت مراكز تعليمية كبرى ومراكز ثقافية وتربوية مهمة شبيهة بمساجد الإسلام الكبرى، ومن أشهر هذه المساجد جامع تمبكتو الكبير وهو أقدمها وأكبرها، ويعود بناؤه إلى القرن السادس الهجري، ثم جُدد في القرن الثامن، وظل موضع عناية عدد كبير من السلاطين والحكام، وهو اليوم من المعالم الأثرية البارزة للمدينة. وهناك أيضاً مسجد سَنكُري الذي تكامل بناؤه في القرن العاشر الهجري، وكذلك مسجد سيدي يحيى التارلسي الذي يعود بناؤه إلى منتصف القرن التاسع الهجري.

وبرز عدد كبير من  العلماء المشهورين الذين لم يكونوا يقلون في مستواهم الثقافي عن علماء معاهد العالم الإسلامي المعاصرين لهم. وكانت طبقة العلماء في تمبكتو تلي طبقة الملوك والأمراء من حيث النفوذ السياسي، إذ كانوا يحظون باحترام الخاصة والعامة وبمكانة اجتماعية رفيعة جعلتهم زعماء شعبيين مرموقين.

 

محمد الزين

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

ابن بطوطة ـ مالي ـ مراكش.

 

مراجع للاستزادة:

 

- S.M.Cissoko, Tombouktou et l’empire songhay (Paris,1975).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 852
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1011
الكل : 59401437
اليوم : 33747

إبراهيم بن حبيب الفزاري

إبراهيم بن حبيب الفزاري (000 - 180هـ/000 - 796م)   أبو إسحاق، فلكي ومنجم عربي، من نسل سَمُرة بن جندب. خدم الخليفة المنصور (136- 158هـ). ترك آثاراً مهمة، ففي سنة 154هـ جاء إلى بغداد وفد هندي ومعه كتاب في الفلك، أصبحت له شهرة كبيرة فيما بعد، وهو كتاب «السند هند الكبير». وضع هذا الكتاب فلكي ورياضي هندي يدعى «براهما غوبتا» للملك «فياكهرمكة» سنة 6 أو 7 للهجرة.
المزيد »