logo

logo

logo

logo

logo

البحيري (حسن-)

بحيري (حسن)

Al-buhairi (Hassan-) - Al-bouhairi (Hassan-)

البحيري (حسن ـ)

(1227 ـ 1419هـ/ 1918 ـ 1998م)

 

حسن البحيري شاعر فلسطيني، ولد في وادي النسناس، أحد أودية جبل الكرمل في مدينة حيفا، وقد جاءت ولادته بعد سبعة أشهر من وفاة والده المرحوم حسن بن محمد حسين البحيري فلم يرث منه سوى الفقر المدقع وضيق الحال. التحق حسن بالمدرسة الابتدائية الأميرية، لكن أوضاعه المعيشية ازدادت سوءاً، إضافة إلى زوج الأم القاسي الذي لا يرحم، فانقطع عن الدراسة عدة مرات باحثاً عن لقمة العيش، وما إن اجتاز الصف الرابع الابتدائي حتى انقطع عن دراسته نهائياً والتحق، ولم يتجاوز من العمر اثنتي عشرة سنة، بالعمل عامل تنظيفات بمحطة الحجاز للسكة الحديدية في حيفا، ولما توفي زوج أمه عاد حسن إلى بيته القديم في وادي النسناس واعتمد على جهده الذاتي في التحصيل العلمي الثقافي فأتقن الإنكليزية والعبرية، إضافة إلى تضلعه من اللغة العربية.

أحب البحيري مدينة حيفا حباً عظيماً بعدما تفتحت حواسه على جمال جبل الكرمل وأوديته، وأشجار صنوبره، والزهور الكثيرة في الحدائق العامة المنتشرة في المدينة، وأجواء البحر وطقوسه وأعمال الصيادين وعاداتهم وحركة المسافرين والقطارات، وتجدد الحياة والأوقات، وبذلك امتلأت روحه بالإحساس المرهف، وتأثرت حياته بما هو جميل موحٍ، ونمت مخيلته وتطورت، فقد تكونت شاعرية البحيري من أمرين اثنين، الأول: قسوة الطفولة التي عاشها ورغباتها المكبوتة، والثاني: رهافة المرئيات وأسرارها، وجمالها، والأمنيات الكبيرة التي تطلع إليها وتاق بعدما حرم من التربية السليمة، والتحصيل العلمي، ومعاشرة الأصدقاء، والمكانة البارزة. ومع كل هذا، سعى البحيري إلى تكوين حظوة له ليس في بيت من بيوت حيفا وحسب، وإنما في المدينة كلها، وذلك حين بدأ ينشد الشعر، بعدما أسرت قلبه فتاة حيفاوية قال فيها أعذب الشعر وأصفاه. ولعل ذلك الحب كان مفتاح شاعريته الأولى الظافرة بعد ما كانت طبيعة حيفا الجميلة، وحياته المعذّبة الصعبة مفتاح شاعريته الأولى المضمرة. وقد تفتحت تلك الشاعرية في زمن الثورات الفلسطينية المهمة، أعني في أثناء ثورة 1936، وما بعدها بقليل حين كان البحيري في بداية العشرينيات من عمره، فجاشت نفسه بالمشاعر الوطنية وهو يرى الثوار يبادلون الإنكليز والعصابات الصهيونية الكرَّ والفرَّ، فاتجه، في وقت مبكر جداً، إلى الهم الوطني فكتب قصائد عديدة تمجد الثوار والثورة الفلسطينية، ولاسيما أنه كان يرى ويسمع ما يحدث في كنيسة القيامة، والمسجد الأقصى من تصرفات إنكليزية ويهودية تستفز مشاعر الغضب لدى المسلمين. يقول:

لقـد كنت يا قلبي على كـل شـدة

 

كأن الحديد الصلب في الصدر كوّنك

ولكن جرحـاً فـي «القيامة» نـازفاً

 

وفي المسجد الأقصى دهاك فأوهنك

وقد تعرف البحيري في سن مبكرة إلى مجموعة من الثوار والشعراء الفلسطينيين من أمثال الشاعر الثائر عبد الرحيم محمود الذي ربطته به صداقة وطيدة قبل مصرع الأخير في معركة الشجرة، كما تعرف إلى الشاعر عبد الكريم الكرمي (أبو سلمى) وتمتنت صداقتهما بعد أن اجتمعا في مدينة دمشق، بعد نكبة فلسطين سنة 1948.

في دمشق عمل البحيري في التدريس حقبة من الزمن، ثم عمل في الإذاعة السورية مشرفاً على البرامج الثقافية فيها، وقام بإعداد الكثير من البرامج الثقافية التي نالت إعجاب الكثير من المثقفين والإعلاميين وتقديرهم ، ومن برامجه الشهيرة «قاموس العربية، من تراثنا، في رياض الشعر، طرائف الصباح، طرائف المساء وغيرها». كما راح يصدر دواوينه الشعرية في دمشق، بعدما أصدر ديوانه الأول «الأصائل والأسحار» في مدينة حيفا، سنة 1943، وأعيد طبعه في مدينة دمشق، سنة 1990. أما ديواناه الثاني «أفراح الربيع» والثالث «ابتسام الضحى» فقد طبعا في القاهرة سنة 1946، ثم أعيد طبعهما في دمشق سنة 1990.

جاء البحيري إلى الشام ومعه دواوين من الشعر الصافي الذي تغنى فيه بطبيعة حيفا، وبطولات الثوار الفلسطينين، وكأن الغربة لفته بكآبتها، فسكت عن قول الشعر مدة من الزمن، إلا أنه هيهات للشاعر المطبوع أن يتوقف عن قول الشعر، فكان أن أصدر ديوانه الشهير «حيفا في سواد العيون» سنة 1973، في دمشق، هذا الديوان الذي اشتمل على صنوف عدة من الحنين إلى حيفا المكان، وحيفا الطفولة، وحيفا الوطن. يقول:

أمسكتُ بالقلمِ المَحْزون أغْمِسه

 

بأدمعي، بل بفيضٍ منْ نَجيع دَمي

وضلَّ عن قَلَمي حَرْفٌ يلمّ به

 

حبري كما ضلَّ نُطْقي عن بَيان فمي

وقد ربطت البحيري صداقة متينة  بنفر من شعراء العربية المعروفين أمثال أحمد رامي[ر]، وبيرم التونسي[ر]، وعمر أبو ريشة[ر] وغيرهم، وعرف البحيري بمواكبته اليومية لأحداث الثورة الفلسطينية قبل عام النكبة سنة 1948، وبعدها، ولاسيما بعد قيام الكفاح المسلح الفلسطيني في أعقاب هزيمة عام 1967. فكان الشاعر المحرض على الثورة والكفاح، والشاحذ للهمم. يقول:

قم بها للكفاحِ بعد الكفاحِ

 

لا تَكِلْها لزَفْرةٍ أو نُواح

دعوة لليقين لم تمضِ يوماً

 

لمرام إلا بماضي السلاح

وقبل النكبة في عام 1948، انتقد الشاعر الانتداب الإنكليزي فوصفه بما هو فيه مستعمراً غاصباً يبدي ما لا يظهر:

 

والإنكليز وإن ألانوا جانباً

 

فبدا عليه تقية وصلاح

يبدون من طَرَفِ اللِّسان تودداً

 

ووراء لين إهابِهم سفاح

أما الطبيعة الجميلة في حيفا، فقد غناها البحيري بشعر صاف رقيق وثّاب. يقول:

ربيعٌ ضائعُ النشر

 

وزهرٌ باسمُ الثغر

وأنسامٌ معنبرة

 

سرَتْ بنوافحِ العطر

أما حين يتذكر تلك الطبيعة، وبحر حيفا، وملاعب الطفولة فيقطر حنيناً. يقول:

وخضرُ رحابٍ كان فيهن للصّبا

 

ملاعبُ أحلامٍ وللحب أربُعُ

قضيت بها شرخ الشباب ملاوةً

 

تولّت ولكن هل لها العمر مرجع

 

وقد توالت دواوين الشاعر البحيري، ففي سنة 1973 أصدر ديوانه «لفلسطين أغني»، ثم ديوانه «ظلال الجمال» سنة 1981، وبعد سنة واحدة أي في عام 1982 أصدر ديوانه «الأنهر الظمأى» ثم جاءت دواوينه «تبارك الرحمن» سنة 1983، وديوانه «جنة الورد»، وديوانه «رسالة في عيد» سنة 1990، وديوانه «لعيني بلادي» سنة 1991 ، ثم ديوانه «سأرجع» سنة 1994، وديوانه «ألوان» سنة 1995 ثم أصدر ديوانين هما «الجد والهزل» سنة 1996، وديوان «قصائد ومقدمات» سنة 1997. أما مكانته الشعرية فهي تتساوى في الرتبة مـع شـعراء الصف الأول الفلسـطيني من أمثال: إبراهيم طوقان، وعبد الكريم الكرمي ويوسف الخطيب، ومطلق عبد الخالق، ومحمود درويش وسميح القاسم، وخالد أبو خالد.

وله غير الشعر رواية عنوانها «رجاء»، وكذلك ترجمات عن الإنكليزية، كان منها «الأمير السعيد وأقاصيص أخرى» لأوسكار وايلد، ومختارات من القصص العالمية لا تزال محفوظة في أوراقه تنتظر الطباعة. وله أيضاً كتاب في السياسة عنوانه «بلادنا لنا» وفيه مجموعة مقالات أذاعها من صوت فلسطين في إذاعة دمشق، نشرها في سنة 1957. وله في مجال المخطوطات التي تنتظر الطباعة دواوين أخرى .

كتب عن البحيري الكثيرمن الدراسات النقدية المطبوعة، وأبرزها كتاب هارون هاشم رشيد مدينة وشاعر ـ حيفا والبحيري، وقد تناولت أشعاره رسائل جامعية عدة في مختلف الجامعات العربية.

رحل البحيري إثر نوبة قلبية، ودفن في مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك.

 

حسن حميد

 

مراجع للاستزادة

 

ـ هارون هاشم رشيد، مدينة وشاعر، حيفا والبحيري، دراسة، الطبعة الأولى (دار الحياة، دمشق 1975).

ـ إسماعيل مروة، البحيري موقف ورسالة، دراسة  (دار البشائر، دمشق 1991).

ـ حسني محمود، الشاعر حسن البحيري صورة قلمية في رحلة الأعماق، دارسة، الطبعة الأولى (مطبعة الصباح، دمشق 1992).

ـ محمد صبحي عبيد، حسن البحيري الشاعر الذي انتصرت فيه العبقرية على الحرمان (ديوان المطبوعات الجامعية، رسالة دكتوراه، جامعة الجزائر 1991).  


التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 748
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1094
الكل : 40567429
اليوم : 97244

فان لو (أسرة-)

ڤان لو (أسرة -)   ڤان لو، هو اسم الشهرة لأسرة فنية فرنسية، اشتهر بعض أفرادها بفنون الرسم والتصوير في القرن الثامن عشر.
المزيد »