بييرو ديلا فرانشيسكا

بييرو ديلا فرانشيسكا

Piero della Francesca - Piero della Francesca

بييرو ديلا فرانشيسكا

(نحو 1415ـ 1492)

بييروديلا فرانشيسكا Piero della Francesca مصور إيطالي ولد في قرية بورغو سانسيبولكرو Borgo Sansepolcro، وتوفي في مدينة أريتزو Arezzo. غادر قريته الصغيرة وتوجه إلى فلورنسة لدراسة الرياضيات، فتحول الى دراسة الفنون الجميلة تلميذاً للفنان دومينيكو فيسيانو، يرافقه في جولاته المتعددة في ريف أومبريا لرسم الكثير من اللوحات والجداريات (الفريسك)، واستقر أخيراً في محترف خاص به، لينفذ أعمالاً فنية عدة في كل من أوربينو وفيرارا وأريتزو.

أفاد فرانشيسكا من طريقة الفنانين الفلورنسيين الشهيرين، من أمثال فيليبو ليبي ومازاتشو وأوتشيلو، وقدم أسلوباً فنياً، جمع فيه بين أسلوبين مهمين من أساليب فن عصر النهضة الإيطالي، الفلورنسي والأوربينوي، فطور الفن الفلورنسي بربطه بالهندسة المعمارية، ودمج بين الفن والمنظور الهندسي، معالجاً اللوحة من جوانبها كافة، فتميز في فنه وتفرد، ومنح مدرسة أومبريا فناً خاصاً بها، ليزدهر لاحقاً على يد فنانين آخرين.

تعكس لوحاته الأولى تأثير الفنان مازاتشو من حيث البساطة في التعبير، واستخدام الكتل الملونة الضخمة في الأشخاص. ويتجلى ذلك في لوحته «عذراء الرحمة» (1442) التي يملكها متحف مسقط رأسه، ولوحة «تعميد السيد المسيح» (1445) الموجودة في متحف الناشيونال غاليري في لندن. وتمثل اللوحتان بداية تكوين أسلوبه الشخصي. أما لوحته «الجلد بالسياط» (1452)، التي علقت في متحف مدينة أوربينو، فإنها تعكس بداية ارتباط الفن بما هو هندسي ورياضي، وفيها توزع الأشخاص ضمن فراغات كبيرة توحي بالضياع الذي أصابهم، وقد أبرزت العمارة هذا الفراغ باحتلالها حيزاً كبيراً منه، فإن للموضوع هنا أهمية كبيرة لما قدمه من مفاهيم جديدة أفاد منها الفنانون الحديثون.

ورسم بييرو ديلا فرانشيسكا لوحة جدارية ضخمة تعد واحدة من روائع فن عصر النهضة الإيطالي، ظل يعمل على إنجازها مدة اثني عشر عاماً متواصلة، وذلك بين عامي 1452- 1464، لوضعها في كنيسة مدينة أريتزو خلف فرقة المنشدين، وقد أَطلق على اللوحة اسم «القصة الحقيقية لحياة السيد المسيح»، واختار من القصص الدينية ما يلائم اللوحة، فلم يقتصر على حياة السيد المسيح فحسب، بل رسم ما رآه جديراً بالرسم أيضاً، وكان عليه أن يصوغ كل جزء من اللوحة بحسب الموضوع الذي يعالجه، فاستفاد من تجزئة اللوحة إلى أجزاء، ليقدم طريقة مختلفة لرسم الموضوعات، ويدرس التأليف وفق المنظور والألوان، انطلاقاً من رؤيته الفنية لمثل هذا العمل، وهكذا رسم لوحته «موت آدم» بشكل يختلف عن الرسم في اللوحات الأخرى، إذ لجأ إلى التكوين البسيط، الأقرب للواقعية، واختار شخوصه من الحياة اليومية، فصور آدم نقلاً عن شخص هرم تقف حواء إلى جانبه، ولكن تأثير مازاتشيو ما زال واضحاً، إلا أنه هنا أعمق تعبيراً وأشد ألماً، فعرض للموت من خلال الهزال والألوان الملائمة. أما لوحته «استقبال ملكة سبأ» فقد اختلفت الألوان فيها فأصبحت واقعية، وبرزت كتل الأشكال بدلاً من هزالها، وانتظم التكوين في موضوع مركب، وحركي متداخل، بدلاً من سكونه وهدوئه المطبق في لوحات أخرى. وتختلف لوحته «انتصار قسطنطين» بحلولها المستحدثة التي منحت الأولوية للخيول والأعلام والحركة، التي تميز لوحات المعارك، وقد توصل إلى بعض الحلول الهندسية في بعض اللوحات التي يتطلبها الموضوع، وقدم عدة أبحاث فنية، وتجارب هندسية في المنظور وغيره، ولم تكن هذه التجارب ممكنة لو اقتصر على رسم لوحة واحدة كما فعل ميكلانجلو في سقف السيستين.

صور الفنان، في المرحلة الأخيرة من حياته، الكثير من اللوحات والجداريات، ولكن الأغلبية العظمى من النقاد يرون أن أهم لوحاته هي لوحة «فريدريكو دي مونتفيلتري» (1465)، وفيها دفعته واقعيته إلى إبراز المساحات والمشاهد في عمق اللوحة، وهذا دليل على مدى قدرته على رسم الأشخاص، وعلى تصوير الملامح الشخصية ودراسة المنظور. أما لوحة «عذراء سانيغاليا» فقد قيل إن فيها تأثيرات المدرسة الهولندية في الفن، مع احتفاظه بأسلوبه الفني من حيث المنظور والكتل.

ويصف ألدوس هكسلي عظمة بييروديلا فرنشيسكا قائلاً: «هي عظمة طبيعية غير مصطنعة. وهو جليل دون أن يكون متكلفاً أو مسرحي التأثير، وهو في جلاله على غرار جلال هيندل لاجلال فاغنر... فثمة شيء في أعماله يذكرنا على الدوام بالنحت المصري القديم، وإذا بالوجوه كأنها نحت في صخر صلب، مما تتعذر معه الإبانة عن تفاصيل الأخاديد والتجاعيد، فهي وجوه مثالية على غرار وجوه آلهة المصريين وفراعنتهم».

طارق الشريف

إيطالية ـ عصر النهضة ـ مازاتشو.

ـ تايميس وهدسون، الفن والفنانون (لندن 1966).

ـ أكسفورد كومبانيون للفن (لندن 1957).

ـ تاريخ الفن، عصر النهضة (طبع هورون، لندن 1966).

التصنيف : العمارة و الفنون التشكيلية والزخرفية

النوع : أعلام ومشاهير

المجلد: المجلد الخامس

رقم الصفحة ضمن المجلد : 811

آخر أخبار الهيئة :

معجم المصطلحات

الأطلس الجغرافي

البحوث الأكثر قراءة

اصدارات الموسوعة العربية

أسماء الباحثين

هل تعلم ؟؟

• - هل تعلم أن الأبلق نوع من الفنون الهندسية التي ارتبطت بالعمارة الإسلامية في بلاد الشام ومصر خاصة، حيث يحرص المعمار على بناء مداميكه وخاصة في الواجهات

• - هل تعلم أن الإبل تستطيع البقاء على قيد الحياة حتى لو فقدت 40% من ماء جسمها ويعود ذلك لقدرتها على تغيير درجة حرارة جسمها تبعاً لتغير درجة حرارة الجو،

• - هل تعلم أن أبقراط كتب في الطب أربعة مؤلفات هي: الحكم، الأدلة، تنظيم التغذية، ورسالته في جروح الرأس. ويعود له الفضل بأنه حرر الطب من الدين والفلسفة.

• - هل تعلم أن المرجان إفراز حيواني يتكون في البحر ويتركب من مادة كربونات الكلسيوم، وهو أحمر أو شديد الحمرة وهو أجود أنواعه، ويمتاز بكبر الحجم ويسمى الش

• هل تعلم أن الأبسيد كلمة فرنسية اللفظ تم اعتمادها مصطلحاً أثرياً يستخدم في العمارة عموماً وفي العمارة الدينية الخاصة بالكنائس خصوصاً، وفي الإنكليزية أب

• - هل تعلم أن أبجر Abgar اسم معروف جيداً يعود إلى عدد من الملوك الذين حكموا مدينة إديسا (الرها) من أبجر الأول وحتى التاسع، وهم ينتسبون إلى أسرة أوسروين

• - هل تعلم أن الأبجدية الكنعانية تتألف من /22/ علامة كتابية sign تكتب منفصلة غير متصلة، وتعتمد المبدأ الأكوروفوني، حيث تقتصر القيمة الصوتية للعلامة الك

شراء النسخة الورقية