logo

logo

logo

logo

logo

بيكابيا (فرنسيس-)

بيكابيا (فرنسيس)

Picabia (Francis-) - Picabia (Francis-)

بيكابيا (فرانسيس ـ)

(1879 ـ 1953)

 

فرانسيس بيكابيا Francis Picabia مصوّر فرنسي، ولد في باريس ومات فيها، وكان أفضل من جسّد روح القطيعة والرفض في تاريخ التصوير في القرن العشرين، وفي عداد روّاد الفن الحديث.  بدأ عهده بالتصوير مصوراً انطباعياً متأخراً شأنه في ذلك شأن كثير ممن سبقوه. تلقى نصائح المصور الفرنسي بيسّارّو[ر] Pissarro الذي التقى به أول مرة في عام 1903، وكان من شأن النجاح الذي أصابه معرضه الفردي الأول الذي أقيم  في عام 1905، والعقد المريح الذي أبرمه جرّاءه مع تاجر اللوحات دانتون بين عامي 1906 و1909، أن يصرفاه إلى التصوير بجدية، و يشجعاه على المضي فيه بحثاً وتجريباً، وكان وقتها مصوراً شاباً يتطلع إلى أن يغدو فناناً متمرداً يرسم لمتعته الشخصية. وأيّاً كانت دوافعه العميقة، فسرعان ما ضجر من النهج الانطباعي ليبدأ تجاربه منذ عام 1909 بالوحشية fauvisme وببنائية قوية نزع فيها إلى اعتماد المخططات اعتباطياً، وتصوير لوحاتٍ مجانيةٍ في ظاهرها مثل لوحة كاوتشوك Caoutchouc التي رسمها في عام 1909، والمحفوظة في المتحف الوطني للفن الحديث في باريس، وتعد اللوحة اليوم في شواهد الفن اللاموضوعي arrt non-figuratif الأولى، ولكن بيكابيا لما يكن قادراً بعد على أن يُتبع لوحته كاوتشوك بأعمالٍ تكمل هذا المنحى، فراح يحلل الأشكال هندسياً بوعي وتصميم، وينقل تحليله هذا إلى إطار المنظر الطبيعي كما فعل في اللوحتين: «توت» Cassis التي رسمها في عام 1909، و«آدم وحواء»، في عام 1911، ثم نقل تحليله هذا ليشمل المسرح أيضاً كما فعل في لوحته «رقص حول الينبوع»، التي رسمها في عام 1912، والمحفوظة في متحف الفن في فيلادلفية. وسرعان ما استحالت لوحاته إلى قطع متشظية مبعثرة من الأشكال الهندسية الموحّدة الألوان والمعدّلة بإيجاز شديد، تلك اللوحات التي يُلمس فيها ابتعاد بيكابيا عن التكعيبيين، ورغبته في ترجمة الدينامية التي سبق وعبر عنها بعنوانات استخدمها في لوحاته من قبيل «تارانتل» Tarentelle، و«رقص حول الينبوع». إن هذا الميل إلى الحركة يدفع إلى الافتراض أن بيكابيا قد تأثّر بالحركة المستقبلية[ر]، وبالمعرض الأول الذي أقيم في باريس في عام 1912 لمصورين تحلقوا حول الكاتب الإيطالي مارينيتّي[ر] Marinetti، وأن ثمة تقاربات شكلية لا يمكن إغفالها بين لوحات بيكابيا التي رسمها في عام 1912 وأعمال المصور الإيطالي سيفيريني Severini مثل لوحة «الجادّة» Le Boulevard، و«رقصة بان ـ بان في مونيكو» La danse du Pan-Pan au Monico، ولوحات مثل: «أودني» Udnie الموجودة في المتحف الوطني للفن الحديث في باريس، و«إدتاونيل» Edtaonisl الموجودة في معهد الفن، في شيكاغو، و«أتذكر عزيزتي أودني» المحفوظة في متحف الفن الحديث في نيويورك، وكلها كما قال فيها الشاعر الفرنسي أبولينير[ر] Appollinaire «أعمال ملتهبة ومحتدمة ومجنونة تسرد الصراعات المدهشة للمادة التصويرية والخيال»، وتنأى بنفسها بعيداً عن الصيغ الفنية الموجودة كلها. وقد قاد بيكابيا مبدأ التقطيع العشوائي الاعتباطي لمعطيات الواقع إلى تراكب عجيب لأشكال لا تجمع بينها أرومة واحدة، ولا يربطها مع العالم الخارجي رابط. ولم يبلغ بيكابيا مطلقاً هذا المستوى من الإبداع التشكيلي، وهذه الإجادة التصويرية والكثافة الشعرية سوى بلوحاته الثلاث التي رسمها في عام 1913، والتي يمكن مقارنتها آنذاك مع لوحات المصور الروسي كاندينسكي[ر] Kandinsky.

من الممكن أن يعد بيكابيا مصوراً مستقبلياً متشدداً تجاوزغيره من الفنانين في تنفيذ البرنامج الذي اختطه لنفسه، إذ افتتح في نيويورك عام 1915 مرحلته التي سميت «الآلية»، واستمرت هذه المرحلة  حتى عام 1919، لكن بيكابيا لا يحتفي بالآلة احتفاء الإيطاليين، فرفض تصوير الآلة في حمأة عملها، واعتمد طريقة استوحاها من المخططات التي يستخدمها المهندسون الآليون، موفراً على نفسه كل مغالاة في التصوير. وقد قدمت له الآلة أنموذجاً لعلاقاتٍ عاطفية عبّر عنها في لوحته «الكأس الكبيرة». وفي الوقت الذي تناول فيه صديقه المصور دو شان[ر] Du Champ بعض الأدوات، أو بعض الصورالصناعية في لوحاته من غير أن يعدل أو يحوّر فيها، اعتمد بيكابيا، بالتوازي، صورالآلات التي نجدها في المؤلفات التقنية من غير أن تطالها ريشته بالتعديل أو التحوير. لكنه كان، بالمقابل،  يحرص على إضافة لمسته الشخصية عليها سواء أكان ذلك بعنوانات لوحاته أم باستخدامه لكتاباتٍ ساخرة و شعرية، وقام بيكابيا بفضل المجلة التي أصدرها تحت عنوان «391» بين عامي 1917 و1924، بدور رئيس في تجميع نشاطات الحركة الدادية[ر] على المستوى الدولي.

وفي المدة ما بين عامي 1920 و1922 طوّر بيكابيا مجموعة من الأعمال الفنية تقوم فيها الأشكال الهندسية، والدوائر خاصة، بدور رئيس. ويترافق انطفاء الحركة الدادية عنده مع عودته إلى تصوير الأشياء على نحوٍ تقليدي، ويظهر هذا بداية في مجموعة أعماله التي سميت «وحوش» Monstres التي رسمها ما بين عامي 1923 و1927، ثم في مجموعته شفافيات Transparences التي استحوذت عليه حتى بدايات الحرب العالمية الثانية، وكان مبدأ هذه المجموعة يرتكز على توضّع عشوائي لأشكال قابلة أوغير قابلة للتآلف فيما بينها مثل لوحة فراشات papillons التي رسمها في عام 1939، ليعود، منذ عام 1945 حتى وفاته، إلى تجريدٍ يخلو من الصرامة لكنه حرٌّ كلياً، وقد قال فيه الكاتب الفرنسي أندريه بروتون[ر] Breton: «رسم بيكابيا أعمالاً مؤسسةً جميعها على سيادة النزوة، وعلى رفض اتباع الآخرين ومجاراتهم، أعمالاً قوامها الحرية حتى في تكدير من يراها». ولخص بيكابيا معنى أعماله بقوله: «لم أكتب يوماً من أجلي أنا، ولم أصوّر يوماً لنفسي، ولم أفعل شيئاً  لذاتي؛ كتبي مغامرات ولوحاتي كذلك».

ترك بيكابيا، مع حياته البائسة وفقره المدقع، ألفاً ونيّف من اللوحات والرسومات، إضافة إلى كتاباته الشعرية، ونصوصه للسينما والباليه.

 

 نبيل اللو

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

الانطباعية الجديدة ـ الدادية ـ السريالية.


التصنيف : العمارة و الفنون التشكيلية والزخرفية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 758
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1009
الكل : 59401438
اليوم : 33748

العيافة (مصطلح-)

العِيافة (مصطلح ـ)   العِيافةُ: زجْرُ الطَّير والتَّفاؤل بأَسمائها وأَصواتها ومَمَرِّها، وهو من عادة العرب، كثيرٌ في أخبارهم وأَشعارهم. وفي لسان العرب «عافَ يَعِيف عَيْفاً إِذا زَجَرَ وحدَسَ وظَنَّ»، وعُرِفَ قومٌ بالمهارة فيه، فمنهم بنو لِهْب؛ وهم قومٌ من الأَزْد من اليمن، وهؤلاء أعيفُ كلِّ حيٍّ في العَرَبِ، ويقول فيهم كُثَيِّر بن عبد الرَّحمن الخُزاعيُّ: تَيَمَّمْتُ لِهْباً أَبتغي العِلمَ عندَهُم       وَقد رُدَّ عِلـمُ العَائِفيـنَ إلى لِهْـبِ
المزيد »