logo

logo

logo

logo

logo

بيرس (سان جون-)

بيرس (سان جون)

Perse (Saint-John-) - Perse (Saint-John-)

بيرس (سان جون ـ)

(1887 ـ 1975)

 

سان جون بيرس Saint-John Perse هو الاسم المستعار للشاعر والكاتب والدبلوماسي الفرنسي اليكسي سان ليجيه Alexis Saint-Léger، وهو سليل عائلة من المستعمرين الفرنسيين الذين استقروا في جزر الأنتيل Antilles منذ القرن السادس عشر. ولد في جزيرة صغيرة يملكها والده في الغوادلوب Guadeloupe وتوفي في بلدة Giens في منطقة الفار Var. تأثرت طفولته الأولى بهذا المناخ المداري بما فيه من أرض ومياه وسماء ونور، وكونت هذه العناصر مجتمعة مصادر إلهامه الأولى وظهرت جلية في كتاباته المبكرة مثل «صور إلى كروزو» (1904) Images à Crusoe و«مدائح» (1911) Eloges.

ونتيجة لتدهور الحالة الاقتصادية في جزر الأنتيل، قرر سان جون بيرس الرحيل والاستقرار نهائياً في فرنسة عام 1899. حصل على الشهادة الثانوية العامة عام 1904 ودرس الحقوق في جامعة بوردو Bordeaux، واختلط بالأوساط الأدبية وتعرّف محرري «المجلة الفرنسية الجديدة» Nouvelle Revue Française: جاك ريفيير Jacques Rivière وفاليري لاربو Valéry Larbaud وأندريه جيد[ر] André Gide الذي ساعده على نشر ديوانه «مدائح». كما تعرف الكاتب الفرنسي بول كلوديل[ر] Paul Claudel وكان دبلوماسياً فشجع بيرس على التقدم لامتحان وزارة الخارجية, وكانت بداية حياته الدبلوماسية التي استمرت ثلاثين عاماً، وتقلد فيها عدة مناصب مهمة. فقد شغل منصب الأمين العام لوزارة الخارجية، وكان معروفاً بمعاداته للنازية لذلك استقال من السلك الدبلوماسي مع نشوب الحرب العالمية الثانية واختار العيش في أمريكة. وفي عهد حكومة فيشي Vichy في فرنسة أسقطت عنه الجنسية الفرنسية، وعمل مستشاراً أدبياً لمكتبة الكونغرس في واشنطن إحدى كبرى المكتبات في العالم لكي يكسب عيشه. ثم عاد إلى عالم الكتابة والتأليف فنشر ديوانيه «منفى» (1942) Exil و«رياح» (1946) Vents الذي يعد أكثر أعماله غنائية. عاد بعد الاستقلال إلى فرنسة واستعاد منصبه سفيراً، ولكنه لم يزاوله وقرر أن يخصص معظم وقته للكتابة والسفر. تزوج سان جون بيرس من امرأة أمريكية عام 1958، وظل متنقلاً بين واشنطن ومكان إقامته في بروفانس Provence. ونشر في هذه الحقبة قصائده «أمطار» Pluies و«طيور» (1962) Oiseaux و«أغنيّها للتي كانت هنا» (1969) Chanté pour Celle qui fut là و«نشيد للاعتدال» (1971) Chant pour un équinoxe و«ليلية» (1973) Nocturne و«جفاف» (1974) Sécheresse، ويضاف إلى ذلك بعض الأعمال النثرية مثل «من أجل دانتي» (1965) Pour Dante و«شعر» (1961) Poésie ومجموعة من المراسلات. بلغت موهبته الشعرية ذروتها في قصيدته «المرارات» Amers التي كتبها عام 1957 ثم في «وقائع» (1959) Chronique، وحصل عام 1960 على جائزة نوبل للأدب.

يعد شعر سان جون بيرس صعباً ومحيراً لكنه يبقى شعراً ساحراً، وتأتي صعوبته من المفردات النادرة أو القديمة التي يستعملها الشاعر والتي يستوحيها من البيئة البحرية ومن عالم الفروسية وعلوم النبات والجيولوجية، ويستخدم المفردات متعددة الدلالات. ويضاف إلى غنى المفردات والمعاني المركبة تعدد الصور البيانية التي تظل غامضة وموحية، يمكن فهمها أحياناً، وتبقى عصية على الفهم أحياناً كثيرة. وتزداد تلك الصعوبة عندما يستخدم الإضمار ellipse الذي يتجلى بحذف الضمائر وحروف العطف.

وبالمقابل اهتم الشاعر ببنية القصيدة فغدت كتلة من الانسجام والترابط، فهو يعتمد أسلوب تكرار المفردات التي تترابط بحسب معناها وتشكل في النهاية سلسلة يفسر بعضها بعضاً. ولا تقتصر العلاقة بين المفردات على المعنى بل تتعداها إلى الأصوات phonétique أيضاً، إذ توجد أصداء صوتية بين الكلمات. وعلى الرغم من عدم استخدامه للعروض بشكله التقليدي إلا أنه استخدم السجع assonance والجناس الاستهلالي allitération مما يجعل الأصوات المتماثلة أو المتشابهة تنسجم في وحدة ذكية من التكرار. لقد اعتمد سان جون بيرس على علم الإيقاع والعروض الذي ورثه عن البلاغة الكلاسيكية الفرنسية، حتى إن أعماله النثرية صارت أعمالاً خطابية حقيقية تتميز باستخدامه جملاً ذات أطوال واحدة واستخدم لهذا الغرض البحر الاسكندري Alexandrin. ويستطيع القارىء أن يقترب من فهم شعره باعتماده على هذا الترابط الناتج من الإشارات والتكرار في المعاني وفي الأصوات.

كان عند سان جون بيرس رغبة عارمة في التعبير عن العالم وعن جماله وعظمته بنوع من الغنائية التي تبرز من خلالها قوى الطبيعة وعوالم النباتات والمعادن والتاريخ الأسطوري والجغرافية والميثولوجية، وحين نشر ديوانه «أناباز» Anabase عام 1924 بعد صمت دام ثلاثة عشر عاماً، قيل عنه إنه شعر «موسوعي» يتطور بحركة دائرية وسردية وينمو خارج حدود الزمن. وتتميز جمله ببنية محكمة تقدم ثبتاً معقداً بعناصر العالم الطبيعي والإنساني عبر تدرج وتطور مهيبين يذكران بالنصوص المقدسة المعروفة. وتأتي أهمية شعره من تفرده وخصوصيته، لأن الشاعر عرف كيف يبتدع لغة خاصة وملائمة لأغراضه. وكان مصدر إلهامه حياة الترحال والحياة الملحمية كما كان تجسيداً لخيال القارئ وأحلامه.

 

ميساء السيوفي

 

مراجع للاستزادة:

 

- C.MURCIAUX, Saint-John Perse (Paris éd universitaires 1960).

- J.CHARPIER, Saint-John Perse (Paris Gallimard 1962).


التصنيف : الآداب اللاتينية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 696
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 581
الكل : 31635615
اليوم : 70470

الموتر

المزيد »