logo

logo

logo

logo

logo

التجديد (الاستعاضة)

تجديد (استعاضه)

Regeneration - Régénération

التجديد (الاستعاضة)

 

التجديد regeneration هو تصحيح الكائن الحي للأجزاء المقطوعة من جسمه سواء بحادث أو على نحو عفوي أو ذاتي. وظاهرة التجديد عامة في المملكة الحيوانية والنباتية إلا أنه يختلف بعضها عن بعض في المجموعات المختلفة من دون أن يعرف وجود علاقة واضحة بين القدرة على التجديد ودرجة التطور. وهي تُذَكِّرُ كثيراً بالتكاثر اللاجنسي لدى الحيوانات.

تشاهد هذه الظاهرة لدى الكثير من الحيوانات مثل اللاسعات Cnidaires والكثير من الحلقيات Annélides وكذلك عند بعض الحشرات وشوكيات الجلد Echinodermes. كما أن لبعض الفقاريات القدرة على استبدال بعض الأجزاء المخربة من جسمها. والمثال النموذجي لها هو تجديد ديدان المهتزات لجسمها، إذ إن شطر أحد المهتزات طولياً إلى شطرين يدفع كل شطر لأن يجدد نفسه ليتكون حيوانين متمايزين. كما أن تقطيع الدودة إلى أكثر من قطعة يدفع كل واحدة منها لتشكيل دودة جديدة (الشكل ـ 1). وكذلك تكاثر الإسفنجيات بتقطيع فرد منها إلى عدد كبير من القطع الصغيرة التي يجدد كل منها نفسه ليتكون فرد جديد.

 

مراحل التجديد

تميز عامة، بعد القطع على المستوى النسيجي، ثلاث مراحل متتالية هي:

 1 ـ الاندمال cicatrisation: أي تشكل مباشر لغطاء ندبي مؤقت، وذلك بالتقلص العضلي أو تراكم  خلوي (خلايا جوفية Coelomique) عند الحلقيات، أو تجلط دموي أو تجمع خلايا مصورة للألياف الغرائية عند الفقاريات، يتم بعدها استمرار الظهارة وإعادة تشكل الأنسجة ابتداء من خلاياها الخاصة. وتتوقف عند هذه المرحلة عمليات التصحيح في العديد من الحالات، إلا أن التجديد لا يتم في الحقيقة إلا بتتابع المرحلتين التاليتين:

 2ـ توضع الأصل المولد blastème: وذلك بتجمع خلايا ذات صفات جنينية غير متمايزة غنية بالحمض النووي الريبي وذات إمكانية وقدرة عالية على الانقسام، أو خلايا طرأ عليها ارتداد التمايز[ر] dédifférecies تهاجر باتجاه المنطقة المصابة حيث تتضاعف بنشاط.

 3ـ تمايز الأصل المولد: يترافق ذلك عادة بتشكل الجزء الناقص الذي يمكن أن يؤدي أحياناً إلى تشكل عملاق. فمن العصوية (حشرة تشبه الورقة التي تعيش عليها) hasme يتشكل طرف عوضاً عن قرين استشعار وفي العظاء ينمو ذيل عوضاً عن طرف مقطوع.

إن هذه الوقائع والملاحظات، وكذلك الدراسات التجريبية القديمة، أدت إلى تشكيل فرضية عن الآليات المنظمة لتمايز الجذع، تقول بوجود نسيج يمكن مقارنته مع ما يمكن ملاحظته في أثناء مراحل التنامي الجنيني. ومن الواضح أن الأجزاء المتبقية تتدخل ويكون عملها منشطاً في البداية ثم يكون مثبطاً للتصحيح التشكلي.

آليات التجديد

تعود الملاحظات الأولى عن التجديد إلى نهاية القرن السابع عشر حين أظهر أبراهام تريمبلي Abraham Trembley عام 1742 أن قطعتين صغيرتين من هيدرية الماء العذب متفتتتين تلتحمان وتشكلان حيواناً كاملاً. وفي العام نفسه اكتشف ريمور Reamur قدرة التجديد في الدودة المنبسطة planaria التي يمكن في بعض أنواعها أن تشكل كل قطعة حيواناً كاملاً من جديد، وذلك بعد قطعها بكل الأشكال الممكنة.

ويبقى السؤال مطروحاً عن الآليات المسؤولة عن التجديد التي تذكر بتلك التي تتدخل إبان تطور الجنين، وتظهر عقبات الدراسة نفسها إضافة إلى العقبات الناجمة عن وجود الأجزاء القديمة. من المحتمل أن تتدخل في الأمر خلايا ذات إمكانيات كلية لها القدرة على الهجرة وذات آليات تنظيم وراثي من الطبيعية نفسها التي تُلحظ في عمليات ارتداد التمايز والتمايز الخلوي، إلا أنه يبدو أن جهازاً إضافياً يتدخل في الأمر لتوجيه حركة الخلايا المهاجرة  وكذلك تحقيق الجزء المتجدد regenerat، وذلك بانسجام مع الجزء المتبقي من الجسد، وقد يكون ذلك هو الجهاز العصبي والمواد الكيمياوية المنتشرة. إن الكثير من التجارب التي أجريت حول ذلك في مجموعات مختلفة، وخاصة عند البرمائيات المذنبة Urodeles والحلقيات لم تعط إجابات قاطعة ولم تجب عن التساؤلات المختلفة.

يبدو أن أحد الشروط الضرورية في مثل هذا التجديد هو تحرير، بعد التندب، مفرزات عصبية مخية من طبيعة بروتينية، تسمح بتركيب بروتين سكري في الخلايا الجوفية له تأثير منشط في الأنسجة المجروحة. وقد يكون الجهاز العصبي هو المحدد الأساس، إلا أن عمله هو بلا شك ليس خاصاً، إذ يتعلق توجه التجديد أكثر بالأرضية المستقبِلة، وكذلك من الأفعال المثبطة التي تحد من التجديد وتعيقه من تجاوز هدفه.

 

محمد علي السطلي

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

ارتداد التمايز والتحلل النسيجي ـ التكاثر ـ الجنين.


التصنيف : علم الحياة( الحيوان و النبات)
النوع : علوم
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 35
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 2631
الكل : 45608657
اليوم : 9340

التعزيز في علم النفس

التعزيز في علم النفس   التعزيز reinforcement مصطلح في علم النفس استخدمه أول مرة إيفان بافلوف[ر] وتبناه جيمس واطسن[ر]، مؤسس المدرسة السلوكية في علم النفس، وتوسع به بورس فردرك سكنر[ر] في «علم التعلم وفن التعليم» لضبط السلوك بأساليب جذابة بدلاً من الأساليب القهرية. وطبّق مفهومه إدوارد ثورندايك[ر] في علم النفس الربطي، كما طبقه أصحاب المدرسة الغشتالتية في علم النفس، والمدرسة المعرفية الحديثة في مفهوم التغذية الراجعة feedback الشائع أيضاً في نظرية النظم الشمولية في التربية، والمعلوماتية والسبرانية الحاسوبية، وهناك أبحاث حديثة في علم الأحياء كشفت عن أثر هرمون الدوبامين[ر] dopamine الذي يفرزه الدماغ في زيادة المتعة واللذة من ثم في التعزيز للتحكم بسلوك الكائنات الحية، وأثره أيضاً في إدمان الخمر والتدخين والمخدرات وغيرها. ولابد من استعراض موجز لدور التعزيز الإيجابي والسلبي أو التغذية الراجعة الإيجابية والسلبية في التحكم بسلوك الحيوان والإنسان، ولكن الإنسان القديم استخدم دور التعزيز بالطعام والشراب واللمس في تهجين الحيوانات وتدريبهاعن طريق الغذاء والماء والجنس، وفقاً للفروق النوعية بين الحيوانات وهي معززات أولية، وهناك معززات أخرى بديلة تسمى ثانوية، كما أن هناك معززات تقوي السلوك في كل موقف وتسمى المعززات المعممة مثل المال الذي يلبي حاجات الإنسان الأساسية والثانوية. وهكذا يتناوب على التحكم بسلوك الإنسان قطبان من المعززات الإيجابية والسلبية يعبر عنها بعبارات التعزيز والتعزير، والثواب والعقاب، والجنة والنار وما شابه ذلك من التحكم بالسلوك عن طريق الرحمة والرفق والإحسان مقابل النقمة ونظيرتها من المصطلحات السلبية، واستخدمت هذه المصطلحات متوازنة بالسلوك في الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية، وفي الأمثال والحكم الشائعة بين الشعوب. والمهم هو في تنويع المعززات واستخدامها في جداول زمنية وعملية.ويستخدم التعزيز في علم النفس المرضي لمعالجة الشذوذ النفسي والاضطرابات النفسية[ر] كالفصام [ر] والاكتئاب النفسي[ر]، وظهر هذا واضحاً في استخدام الدوبامين في اللذة والألم النفسي[ر] وإدمان الخمور والتدخين والمخدرات في الأبحاث الحديثة في علم النفس المرضي والعلاج السلوكي المعرفي. ولذلك يميل المعالجون الطبيون والنفسيون إلى الجمع بين تقنيات التعزيز في الطب وعلم النفس السلوكي والمعرفي معاً في منظومة جامعة شاملة موحدة، وضمن وصفات دقيقة في العلاج الطبي النفسي. ويقصد بالتعزيز الإيجابي كل ما يزيد من احتمال السلوك الذي يحدث بعد إعطائه في زيادة حدوث السلوك نفسه بالمستقبل. والتعزيز السلبي كل ما يزيد من احتمال السلوك الذي يحدث بعد سحبه في زيادة حدوث السلوك نفسه بالمستقبل. والعقاب الإيجابي هو إعطاء الأشياء الكريهة أو (المعزز السلبي) التي تؤدي إلى الهروب من المشكلة أو تجنبها أو الوقاية منها، أو خشية الوقوع بها في المستقبل. والعقاب السلبي هو حرمان الكائن الحي من أشياء ممتعة أو لذيذة كالحرمان من الطعام والشراب والكساء والجنس وغيرها من الأشياء الممتعة لكل إنسان. ويتحول العقاب الإيجابي والسلبي، الذي يهرب منه الكائن الحي من معزز سلبي إلى تعزيز سلبي يتقيه الإنسان لتجنب المكاره. ونتائج التعزيز قد تكون مباشرة فورية أو مؤجلة. وقد يكون الخمر والقمار والمخدرات ذات نتائج لذيذة مباشرة، لكنها مؤلمة على المدى البعيد، ولذلك لا تكون جميع نتائج التعزيز الإيجابي إيجابية دائماً. وقد يحتاج تطبيقها إلى دراسات معمقة ومعقدة، وفق الفروق الفردية التابعة لتاريخ التعزيز لدى الفرد. وتتوجه اليوم مؤسسات التعليم والعدلية والأمن والشرطة إلى الوقاية أكثر من العلاج، وإلى تخفيف العقاب لأغراض إنسانية وحضارية، وللتحكم بالسلوك بتقنيات جذابة أكثر منها نابذة، واستخدام جداول التعزيز الموزعة حسب الزمان وعدد الأعمال. دور التعزيز في التحكم بسلوك الحيوان والإنسان تدريب الحيوان: قامت محاولات عدة لتدجين الحيوانات وتدريبها. فحوّل الإنسانُ الذئابَ الشرسة إلى كلاب تخدم أغراضه، وهجّن حيوانات كثيرة شرسة ونباتية كالنمر إذ حوّله إلى هر، والحصان البري إلى أليف والبقر الجاموس والجمل والفيل والحمار، واستخدمها لأغراضه الخاصة، ودرّب حيوانات عدة لأغراض عروض السيرك والألعاب البهلوانية، أو للتمثيل بالسينما والتلفزيون والفيديو. وتتم آلية التدريب بمراقبة سلوك الحيوان وإعطاء التعزيز أو المكافأة فور قيام الحيوان بالعمل المرغوب فيه، ويزداد احتمال حدوث العمل، ويتعقد سلوكه وفق البرنامج التدريبي، وهذا ما طبقته مدرسة دورف Dorov في تدريب الحيوان في روسية، ومدرسة سكنر وغيره في تدريب الحيوان بألعاب السيرك وأعمال أخرى مفيدة يمكن متابعة تجاربها في برامج التلفزيون والفيديو المتعددة. تدريب الأطفال: يمكن تدريب الأطفال بالتعزيز (وقد يتم بعضها وهو جنين في بطن أمه كالتدريب على الطرب للموسيقى) والقيام بالإشارة المطلوبة بتعزيزها أو النطق المناسب للغة الأطفال والكبار، وكذلك تدريب الأطفال على أعمال يومية مثل ضبط البول والتبرز، والقيام بالنظافة الجسمية والبيئية في المنزل والمدرسة والحي. ويتدرج التدريب بالتعزيز في برامج يعدها الكبار للأطفال أو من خلال لعب الأطفال ضمن برامج الحاسوب. ويتم التدريب بالتعزيز في الروضة والتعليم الابتدائي على التحكم بسلوك القراءة والكتابة والحفظ والمطالعة والمناقشة وعصف الدماغ والإبداع، وكذلك تعلم العلوم اللغوية والإنسانية والرياضيات والعلوم الطبيعية والاجتماعية والمعلوماتية لجميع الأطفال، وخاصة المعوقين، والحرجين والمنطويين. ويفضل بتدريب الحيوان والأطفال استخدام المعززات فوراً بعد العمل في بداية التدريب، ثم تأجيلها إلى جداول تعزيزية تضبط السلوك بتوابع التعزيز. التعلم يعد التعزيز أهم مكون في عمليات التعلم في مختلف الأعمال والمستويات، سواء بتعلم بسيط لضبط سلوك الغدد والعضلات الملساء في الكائنات الحية ونشاطها، بالتعلم الإشاري أو بتعلم إجرائي متسلسل يتناول العضلات المخططة والعقل، يطور فيها الإنسان بيئته الطبيعية والاجتماعية. ويؤكد التعزيز بالتعلم سلاسل الأعمال المعقدة التي يعزز كل سلوك لاحق فيها بالسلوك السابق له، سواء في المعلومات أم المهارات المعقدة، وكذلك يستخدم في طريقة التعلم الذاتي المبرمج بالكتاب والحاسوب لمواد متعددة. العلاج السلوكي المعرفي والطبي يستخدم التعزيز العضوي (الدوبامين) وفي تنبيه مراكز اللذة عند الحيوان والإنسان مما يزيد من احتمال السلوك الذي يأتي بعد التعزيز مباشرة، أو يتوقع حدوثه في المستقبل. وقد أمكن، باستخدامه في شروط مضبوطة وجيدة، التحكم في علاج أمراض نفسية عدة مثل العقد النفسية والفصام والاكتئاب ونسيان الكبار أو الخرف في مرض الزهايمر)، وأمراض عضوية كالارتعاش (مرض باركنسون)، ومازالت الأبحاث جارية لمعالجة أمراض أخرى. التعزيز في المشكلات المعقدة يستخدم التعزيز في معالجة المشكلات المعقدة بالتقدم التدريجي خطوة خطوة في حل المشكلات السياسية أو الاجتماعية المعقدة كما يستخدم في الحروب الكونية، ولهذا لجأت اليونسكو في ميثاقها الأساسي إلى محاولة تجنب الحروب بالتربية الإنسانية والعالمية، والتعاون بين الدول. كما لجأت الدول الكبرى إلى استخدام المال والمعلومات والسلاح لضبط سلوك الدول الصغيرة. وقد يستخدم في معالجة مشكلات طارئة خطرة كالعمليات الإرهابية في خطف الطائرات والسيارات والأشخاص وفي المفاوضات السياسية على المشكلات المعقدة، ولذلك لا يعطى التعزيز إلا بعد قيام الجانب الآخر من المفاوضات بإرضاء وتعزيز الجانب المفاوض الأول بتلبية مطالبه، وعندما تتوازن الظروف يتفق المفاوضان والوسطاء بينهما على التزامن في الحلول لينال كل جانب المعززات المناسبة له، وغالباً ما تكون هذه الحلول تنازلاً عن بعض المنافع، لنيل منافع أخرى يراها كل جانب مناسبة له. وتستخدم جداول التعزيز أيضاً في عمليات المغامرات والمقامرات الاحتمالية أو المحسوبة. ويبدو من مختلف النظريات والتطبيقات المستخدمة في التعزيز أنه صار تقانة لضبط سلوك الإنسان والتحكم به في حالات السلوك السوي والشاذ، ولذلك لابد من التعمق في دراسته للاستفادة منه في الحياة اليومية.   فخر الدين القلا   الموضوعات ذات الصلة:   بافلوف ـ ثورندايك ـ دوبامين ـ واطسن.   مراجع للاستزادة:   ـ ب. ف. سكنر، «تكنولوجية السلوك الإنساني»، ترجمة عبد القادر يوسف، سلسلة عالم المعرفة 32 (آب 1980، الكويت). ـ فخر الدين القلا، أصول التدريس (مديرية الكتب الجامعية، جامعة دمشق).
المزيد »