logo

logo

logo

logo

logo

رافايلو (سانتي-)

رافايلو (سانتي)

Raffaello (Sanzio-) - Raffaello (Sanzio-)

رافايلّو (سانتي -)

(1483-1520)

 

رافايلّو Raphaello (أو رفاييل Raphaël) مصور ومعماري إيطالي ولد في أوربينو وتوفي في روما. ولم يبلغ رافايلّو ما بلغه ميكلانجلو[ر] في التأثير وعمق الرؤية، ولم يكن أشد من ليوناردو دافنشي[ر] عمقاً، ولا أكثر منه رقة في تحليل الصورة، ولم يرق إلى مصاف جورجوني[ر] في عذوبة ألوانه، ولكن عظمته الحقة تكمن في موهبته التي لا تجارى، وفي تصوره للرؤية المثالية التي تنطوي عليها مخيلة الفنان، لا تلك التي تقع عليها عيناه في الواقع. كان في مقدمة الفنانين الذين يدينون بالاتجاه الإنساني، وكانت الاتباعية[ر] هي ما نشأ عليها وعاش، وكان للتوراة والإنجيل، وما فيهما من قصص وتعاليم دينية، كبير الأثر في حياته الفكرية.

من الممكن توزيع مسار رافايلّو في ثلاث مراحل متصاعدة الأهمية:

سانتي رافايلّو: «زواج العذراء»
(1504)
 
سانتي رافايلّو: «العذراء والطفل»
(1513-1514)
 

مرحلة ماركيه وأومبرية

(1500-1504)

نشأ رافايلّو نشأة فنية في محترف أبيه المصور المعروف جيوفاني سانتي الذي غرس في نفس ابنه حب الفن، وترعرع في محيط من يستطيعون الاتصال بالبلاط، فطُبع بدماثة الخلق ورقة الأدب، وهي الصفات التي أظهرها فيما بعد في فنه. ومن المرجح أيضاً أن المصور تيموتيو فيتي Timoteo Viti الذي عاد من بولونية الإيطالية إلى أوربينو قد نقل إلى الفتى رافايلّو ما كان قد أخذه عن كبار المعلمين في ذلك الزمان. وعندما توفي الأب أحس أعمامه الذين كانوا يتولون أمره أن مواهب الشاب خليقة بأن تتلقى التعليم من أعظم المصورين، فعهدوا بالفتى إلى المصور بيروغينو الذي يملك جميع الحيل التطبيقية التي يعرفها المصورون الفلورنسيون. وعندما ذهب بيروغينو إلى فلورنسة في عام 1502، وجب على الفتى رافايلّو تلبية مطالب أهل البلدة للصور الدينية، فرسم لكنيسة القديس فرانسيس صورة تمثل «تتويج العذراء» وفيها يقف الحواريون ومعهم ماغدولين حول تابوت خال. وفي اللوحة المسماة «سبوزاليزيو (زواج العذراء)» التي رسمها في عام 1504 وهو في الحادية والعشرين من عمره، يتضح أثر بيروغينو في تلميذه، باستثناء ما في لوحة التلميذ من فيض العاطفة والإحساس بالفراغ، والأناقة التي تضفي عليها نضارة تفتقدها لوحة بيروغينو التي استوحى منها رافايلّو.

ومن أهم اللوحات التي صورها الفنان في المرحلة الأولى، لابد من ذكر أهم اللوحات ذات الموضوعات الأسطورية والرمزية والدينية مثل: «آلهات النعم الثلاث» و«حلم الفارس» و«العذراء والرمانة» و«العذراء والطفل» مع القديسين يوحنا المعمدان ونيقولا، ولوحة المذبح الكبيرة «الصلب».

ذهب رافايلو إلى سيينا لمساعدة المصور بنتورتشيو، حيث استرعت انتباهه طائفة من التماثيل الإغريقية القديمة، وهي تماثيل ربات الجمال التي رسم صورة سريعة لها، فنما في الفنان الجانب الوثني الذي استطاع رافايلّو، أكثر من غيره من فناني النهضة، أن يجمعه في لوحاته جنباً إلى جنب والإيمان المسيحي في سلام وانسجام. ورسم رافايلّو في أوربينو لوحتين تمثلان القديس ميخائيل والقديس جورج، وذلك قبل ذهابه إلى فلورنسة.

مرحلة فلورنسة

في عام 1504 ذهب رافايلو إلى فلورنسة ليتعلم فيها مباشرة وعن كثب تطورات التأليف واللون والخطوط، فهو إن لم يفعل ذلك فلن يكون أكثر من رسام إقليمي موهوب محدود المجال. فدرس أعمال النحت القديمة والعمارة، ونقل عن مازاتشيو[ر] وبحث عن الصور التحضيرية التي أعدها دافنشي وميكلانجلو، فبدا له أن كل الصور التي شاهدها في أوربينو صوراً ميتة لا حياة فيها، وراح يقلد صورة الجوكندة في لوحته «مدالينا دوني» فأجاد في تصوير السيدة الفلورنسية. وسرعان ما ضاهت أعماله الفنية أعمال العمالقة الثلاثة، إذ أتقن طرائقهم في تمثيل الظل والنور والتشريح والوضعيات المأسوية.

حقق رافايلّو، في إقامته تلك، نقلة نوعية تجاوز بها أسلوب المدرسة الأومبرية الذي تميز بمغالاته في المنظور، وبتأليفه الهندسي المنتظم، واهتم بأسلوب تصويري يتجه نحو السرد وتسليط الضوء على الأحداث. من الممكن تتبع تطور مرحلته الفلورنسية عبر رسومه الكثيرة للعذراء. ففي لوحته الأولى «سيدة الدوق الأكبر» تتجلى تأثيرات فناني أومبرية، في حين أن لوحاته اللاحقة مثل: «الفلاحة الجميلة» و«سيدة الحسون» و«سيدة المظلة» تعكس ما أخذه رافايلّو من كل طراز وما فيه من عناصر ثمينة، فأخرج ما أخذه منها في أسلوبه الخاص دون سواه، إذ استحوذ على تقاليد التصوير الإيطالي وبلغ به حد الكمال، بل إنه استطاع في لوحته الأخيرة في فلورنسة «سيدة بلفدير» Belvédère، أن يجمع، مع ما سبق وتمثله، بين العمارة المصوَّرة والشخوص.

مرحلة روما

نادراً ما اجتمع في مدينة واحدة من الفنانين مثل العدد الذي اجتمع منهم في مدينة روما حين تلقّى رافايلّو دعوة من البابا يوليوس الثاني في عام 1508 ليحل محل الفنان سودوما في تزيين قصر الفاتيكان. كان التنافس على أشده بين الفنانين، وكان على رافايلّو أن يثبت جدارته في عداد العظام.

عهد يوليوس إلى رافايلّو بتصوير حجرة التوقيعات، وسر بالرسوم التحضيرية التي قام بها الفنان الشاب، فأمر بتغطية رسوم الفنانين الذين صرفهم بالجير، وطلب إلى رافايلّو تصوير جدران الحجرات الأربع: حجرة التوقيعات (1508 -1511)، وسميت بهذا الاسم لأن البابا كان يستمع فيها لاستئناف الأحكام ويوقع العفو عمن صدرت عليهم أحكام نهائية. فكان على الرسم أن يمثل اتحاد الدين والفلسفة، والثقافة القديمة والدين المسيحي، والكنيسة والدولة، والأدب والقانون، واتحادها جميعاً في حضارة النهضة. وحجرة أليودورو (1511- 1514) وهو اسم أهم لوحة في الحجرة الثانية. وحجرة حريق البلدة (1514-1517) التي تضم كرتونات Cartons (رسوم مائية على الورق المقوى لنقلها على سجاد جداري يعلق تحت نوافذ مصلّى السيستينا، ويطلق على هذه الكرتونات الموجودة اليوم في متحف فكتوريا وألبرت بلندن اسم «منحوتات بارثينون العصـر الحـديث») وتمثل تـلك الرسوم أعمـال الـرسل. وشرفـات الفاتيكـان (1517-1519). وغرفـة قسطنطين (1520-1524)، التي أتمها تلامذته بعد وفاته. ومن المهم تبيان عظمة هذا المشروع وضخامته، ولتكن اللوحة التي يطلق عليها «مدرسة أثينة» التي تصور وتضم جدلاً بين الفيلسوفين أفلاطون وأرسطو وقد أحاط بكل منهما أتباعه ومريدوه. والفيلسوف ديوجين في أسماله البالية، وفيثاغورس، وعالم الفلك بطلميوس، وزرادشت، وعالم الفلسفة إقليدس. إنها لوحة تمثل نضال الإنسان في سبيل بلوغ المعرفة من طريق العقل، وتنتظم اللوحة «الفنون السبعة» وما انتهى إليه العقل البشري من منجزات، كما تضم العلوم الثلاثة (النحو والبلاغة والمنطق)، والفنون الأربعة (الحساب والموسيقى والهندسة والفلك). وتكمن القيمة الحقيقية لمثل تلك الصور في التنسيق العام والرابطة بين عناصرها،وما ينطوي عليه الفراغ من إيقاع، فهي لوحات ذات طراز رفيع غير مألوف، إذ انحصر هم الفنان في ترتيب الشخوص، وتنسيق العلاقة بين مواقعها في الفراغ. وهذا هو الحس النادر الذي امتلكه رافايلّو دون سواه.

الأعمال الأخرى في روما

نفذ رافايلّو، إبان تزيينه لحجرات قصر الفاتيكان، الكثير من صور السيدات ذات روح خليقة بالخلود، منها: صورة «العذراء ذات التاج» التي يعود فيها إلى طرازه التقي المتواضع، و«سيدة البيت الأبيض» وهي دراسة طريفة بألوان قرنفلية وخضراء وذهبية، و«السيدة دي فولينو» وهي صورة عذراء جيلو وطفلها فوق السحاب، و«سيدة السمك» الجميلة في جميع أجزائها، وفي لوحة «الكونت كاستليوني» وفِّق رافايلّو أيّما توفيق في التقاط اللحظة العابرة.

حين قضى رافايلّو نحبه في عيد ميلاده السابع والثلاثين، كان قد قدم للإنسانية، في حياته القصيرة، أمجاداً فنية شامخة ومتنوعة تدعو إلى الدهشة وتثير الإعجاب.

ندى خباز 

الموضوعات ذات الصلة:

إيطالية ـ دا فنشي (ليوناردو ـ) ـ ميكلانجلو.  

مراجع للاستزادة:

ـ ثروت عكاشة، فنون عصر النهضة (الهيئة المصرية العامة للكتاب 1977).

ـ ول ديورانت، قصة الحضارة، النهضة (1967).


التصنيف : العمارة و الفنون التشكيلية والزخرفية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 726
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 695
الكل : 32179352
اليوم : 24598

تيكيان (فاهان-)

المزيد »