logo

logo

logo

logo

logo

الصدقة

صدقه

Sadaqa - Sadaqa

الصدقة

 

الصدقة هي تمليك للمحتاج، تقرباً إلى الله تعالى وقصداً للثواب في الآخرة غالباً.

أنواعها

الصدقة من حيث وجوبها وعدمه نوعان: صدقة واجبة، وصدقة التطوع. أما الواجبة فهي الزكاة[ر] المفروضة على من ملك من المسلمين نصاباً حال عليه الحول. إذ تدخل في عموم الصدقة، قال تعالى:)خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها( (التوبة: 104). وتعد صدقة الفطر من الصدقات الواجبة أيضاً. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللهr فرض رسول اللهr زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر، والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين (رواه البخاري ومسلم)، والصاع عند الحنفية يساوي 1572غ.

فصدقة الفطر واجبة عند الحنفية على كل مسلم مالك للنصاب ولو غير تام، ولو لم يحل عليه الحول، غير مشغول بدين أو حاجة أصلية كسكن وثياب، وأثاث بيت، وعند جمهور الفقهاء تجب صدقة الفطر على كل من ملك ما زاد عن قوته وقوت عياله في يوم العيد وليلته، وكان فاضلاً عن حوائجه الأصلية، يخرجها الرجل عن نفسه وعمن يعوله كأولاده الصغار.

وأما صدقة التطوع، فهي سنة، وهي في شهر رمضان آكـد، وكذا عند الأمور المهمة وعند المرض والسفر، وفي مكة والمدينة شرفهما الله تعالى، وفي الجهاد والحج وفي الأوقات الفاضلة كعشر ذي الحجة وأيام العيد. وصدقة التطوع من حيث موضوعها إما أن تكون تمليكاً لعين المال المتصدق به، وإما أن تكون تمليكاً لمنفعته وثماره، وهذا هو الوقف الخيري فهو حبس العين من قبل المالك نفسه وإخراجها عن دائرة التمليك والتملك والتصدق بمنفعتها أو صرف منفعتها في وجوه البر كالفقراء والمساكين. روى مسلم أن رسول اللهr قال: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث»، وذكر الصدقة الجارية، وهي محمولة عند الفقهاء على الوقف الخيري.

الهدف من الصدقة

يقصد بالصدقة: التقرب إلى الله تعالى والطمع في ثواب الآخرة، والصدقة بحسب هذا القصد منها تتميز عن الهبة من جهة، وعن الهدية من جهة أخرى. فالثلاثة (الصدقة ـ الهبة ـ الهدية) هي تمليك للعين بلا عوض حال الحياة تطوعاً، إنما تتميز الهبة بأنها الأعم، فيمكن أن تكون من غني لفقير وقد لا تكون، ويمكن أن يقصد بها الثواب في الآخرة وقد لا يكون. كما تتميز الصدقة عن الهدية من حيث القصد أيضاً، في أن الهدية تمليك لمن يرغب بالتقرب والتحبب إليه من الناس، وغالباً ما تقترن الهدية بنقل العين المهداة إلى مكان الموهوب له، أما في الهبة والصدقة فقد لا يكون كذلك. والأفضل لمن يتصدق نفلاً أن ينوي لجميع المؤمنين والمؤمنات لأنها تصل إليهم ولا ينقص من أجره شيء.ولايجوز للمتصدق الرجوع في صدقته، لأن آخذها يملكها بالقبض.

أركانها وشروطها

لايشترط في الصدقة إيجاب ولا قبول، فما أكثر ما كان رسول اللهr يتصدق، وكذلك أصحابه رضوان الله عليهم، ولم يعهد أو ينقل أنه كان يجري إيجاب وقبول بين المتصدق ومن يتصدق عليه. وعند المالكية: الصدقة من صور التزام المعروف في مذهبهم، وهو إلزام الشخص نفسه شيئاً من المعروف وإيجابه على نفسه من تلقاء نفسه عندما يكون بنية التقرب إلى الله تعالى. وهذا الالتزام إذا لم يكن على وجه المعاوضة، كحالة الصدقة، فإنه لايتم إلا بالحيازة، ويبطل بالإفلاس والموت قبلها. ولا يجبر قضاءً على الوفاء بالصدقة أو على الوعد بها عند جمهور الفقهاء إنما يجبر ديانة فيأثم بعدم الوفاء. أما عند المالكية فيجبر على الوفاء قضاء إذا كان الملتزم له بها معيناً، ما لم يفلس الملتزم أو يمت أو يمرض مرض الموت قبل أن يحوز الملتزم له أو يحصل منه ما يقوم مقام الحيازة، كجديته وسعيه في طلب الوفاء بالصدقة. أما إذا لم يكن الملتزم له بالصدقة معيناً فالمشهور عند المالكية أنه يؤمر ديانة بالوفاء بما التزم به ولايقضى عليه به، لأنه لا أجر له على معروفه إذا قضي عليه به فأخرجه كارهاً، فكان لا بد من إخراجه باختياره ومحض إرادته حتى يثاب من الله على نيته، فإذا امتنع عن الوفاء بما التزمه كان آثماً، جاء في المدونة للإمام مالك «إذا شرط المتفاوضان عند معاملتهما ثلث الربح للمساكين جاز ذلك، ولا أحب لهما الرجوع فيه، ولا يقضى بذلك عليهما». وهناك قول آخر عند المالكية أنه ينبغي أن يقضي به عليه الحاكم ويجبره على التنفيذ دون حاجة إلى مخاصمة أو ادعاء وتصبح الصدقة بالاتفاق واجبة يلزم الوفاء بها بالنذر.

على أنه يشترط لصحة الصدقة أن تكون بطيب من كسب المتصدق، فيجب أن يحذر المتصدق من أن يأخذ مالاً فيه شبهة ليتصدق به. قال عبد الله بن عمر «لأن أرد درهماً من حرام أحب إلي من أن أتصدق بمائة ألف درهم، ثم بمائة ألف درهم حتى بلغ ستمائة ألف». وتستحب الصدقة بما فضل عن كفاية المتصدق أو كفاية من يعوله، فإن تصدق بما ينقص مؤنة من يعوله أثم، فمن عنده نفقة عياله وما يحتاج إليه لعياله ودينه، فلا يجوز له أن يتصدق به، فإن فضل عن ذلك شيء فيستحب ـ في الأصح عند الشافعية ـ أن يتصدق بجميع الفاضل إن صبر على الضيق، بأن كان يعلم من نفسه حسن التوكل والصبر عن المسألة، فله ذلك، وإلا، بأن كان لا يعلم من نفسه حسن التوكل والصبر فلا يجوز. ويكره عند الحنفية ولا يجوز عندهم لمن لا صبر له على الضيق أن ينقص نفقة نفسه عن الكفاية التامة، وصرف الصدقة سراً أفضل.

مستحقوها

يستحب للمتصدق أن يحسن إلى المحتاجين من ذوي رحمه وجيرانه وصرفها إليهم أفضل من غيرهم، ولأشد القرابة عداوة الصدقة أفضل، ولا يحل للغني أخذ صدقة التطوع مظهراً للفاقة، لقوله صلى الله عليه وسلم ( كيّتان من نار) للذي مات من أهل الصفة فوجدوا عنده دينارين. ومن يحسن الصنعة يحرم عليه السؤال وما يأخذه حرام. ولا تجوز الصدقة للنبي وآل بيته. روى البخاري ومسلم واللفظ لمسلم عن أبي هريرةt أن النبيr كان إذا أتي بطعام يسأل عنه، فإن قيل: هدية أكل منها، وإن قيل: صدقة لم يأكل منها.

دورها الاقتصادي والاجتماعي في المجتمع

للصدقة تأثير مهم في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع الإسلامي، ولاسيما إذا تم أداؤها بآدابها. فمن الناحية الاقتصادية: روى أبو عبيدة عن الفاروق عمرt أنه قال: «إذا أعطيتم فأغنوا» فبالصدقات، ولاسيما الزكاة المفروضة منها، يعم الانتفاع بالمال من جهة، وتبقى ملكية المال لصاحبه، فيبقى معها الطموح من جهة ثانية، وبفضل الزكاة نجحت شريعة الإسلام في العصور الإسلامية عبر التاريخ في اجتثاث الفقر ونشر الرخاء الاقتصادي في المجتمع المسلم دون أن يرهق الأغنياء، أو يعطل الناس عن السعي والعمل. فعند الشافعي، وفي رواية عن الإمام أحمد رحمهما الله تعالى: يجوز أن يعطى الفقير أو المسكين ما يستأصل شأفة فقره ويقضي على أسباب عوزه وفاقته، وإن كان حِرَفياً أو صانعاً يعطى ثمن الآلات والأدوات وإن كثرت، وإن كان تاجراً يعطى رأسمالاً يكفيه، وهذا من شأنه أن يزيد من فئة الأغنياء المنتجة في المجتمع، فلا يكون أكثر أفراده عالة على قلة منهم.

وأما من الناحية الاجتماعية: فالصدقة من أبرز مظاهر التكافل الاجتماعي، فمساعدة ذوي الحاجة يوطد دعائم المحبة والمودة بين الفقراء والأغنياء، وينـزع من القلوب الحسد والحقد، لأن القلوب جُبلت على حب من أحسن إليها، وبذلك ينشأ المجتمع قوياً متماسكاً خالياً من الجرائم بزوال أسبابها من الفقر والفاقة.

ولذلك يستحب أن يحسن إلى ذوي رحمه وجيرانه، وصرفها إليهم أفضل من غيرهم، والقرابة البعيدة الدار مقدمة على الجار الأجنبي؛ لأنها حينئذ صدقة وصلة. ولهذه الأهمية أيضاً ندب الإسلام إلى التصدق ولو بشيء نزر يسير، قال تعالى: )فَمَنْ يَعْملْ مِثْقَالَ ذَرّةٍ خَيْراً يَرَه ومَنْ يَعْملْ مِثْقَالَ ذَرّةٍ شَراً يَرَه( (الزلزلة 7)، وفي الحديث الصحيح «اتقوا النار ولو بشق تمرة» (رواه البخاري ومسلم والترمذي)، كما يستحب أن يخص بنفقته أهل الخير والمحتاجين. ومن تصدق بشيء كره له أن يتملكه مجدّداً من جهة من دفعه إليه بمعاوضة أو هبة، ويحرم المن بالصدقة، وإذا منّ بطل ثوابها، ويستحب أن يتصدق بما يحبه، قال الله تعالى:)لَنْ تَنَالوا البَرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا ِممَّا تُحِبُّون( (آل عمران 92) ويكره التصدق بالرديء، قال تعالى:)ولا تَيَمَّمُوا الخَبِيث منه تُنفِقُونَ( (البقرة 267).

أيمن أبو العيال

الموضوعات ذات الصلة:

 

الزكاة.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ عبد المجيد محمود مطلوب، نظرية الإرادة المنفردة في الفقه الإسلامي، (1989).

ـ تقي الدين الحسيني الحصني، كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار ( دار الخير).

 


التصنيف : الشريعة
النوع : دين
المجلد: المجلد الثاني عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 93
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1089
الكل : 45601187
اليوم : 1870

أوبيتس (مارتن-)

أوبيتس (مارتن ـ) (1597 ـ 1639)   مارتن أوبيتس Martin Opitz، كاتب وأديب ألماني ولد في مدينة بونتسلاو Buntzlau (سيليزية). ويعد أحد أهم أدباء عصره على صعيد الشعر ونظرية الأدب والترجمة. نشأ في أجواء البرجوازية المدينية في مقاطعة شليزين، ودرس القانون ثم العلوم الإنسانية والآداب الكلاسيكية. واضطرته حرب الثلاثين عاماً[ر] إلى التنقل بين هولندة ورومانية وعدة إمارات ألمانية، حيث عمل مدرساً ثم مستشاراً دبلوماسياً لدى أمراء كاثوليك وبروتستنت.
المزيد »