logo

logo

logo

logo

logo

الصرف (عقد-)

صرف (عقد)

Exchange contract - Contrat d’échange

الصرف (عقد ـ)

 

يطلق الصرف exchange لغةً على عدة معانٍ، منها الفضل والزيادة، أي النافلة التي هي زيادة على الفريضة، جاء في الحديث: «من انتمى إلى غير أبيه لا يقبل الله منه صَرفاً ولاعدلاً»، فالصرف النافلة والعدل الفريضة. ومنها الرد والدفع. قال تعالى:)فاستجابَ له ربُّه فصرف عنه كيدَهُنَّ( (يوسف34) أي دفع كيدهن ورده. ومنها النقل والتحويل. قال تعالى: )صرف اللهُ قلوبَهم بأنهم قومٌ لايفقهون( (التوبة 127) أي حولها ونقلها عن الحق. ومنها مبادلة الدراهم بالدنانير أو العكس.

 ويطلق الصرف في الاصطلاح الفقهي الإسلامي على بيع الثمن بالثمن، بمعنى أنه بيع، كل واحد من عوضيه من جنس الأثمان. والمراد بالثمن: الثمن المطلق، وهو الذهب[ر] والفضة[ر]، مضروباً كان، أم بتراً، أم مصوغاً، أم غير ذلك، ولايدخل فيه الأثمان النسبية وهي المثليات، لأنها تصلح مبيعاً، وتصلح ثمناً فلا يكون بيعها صرفاً، وإن كان لها بعض أحكام الصرف. ويدخل في هذا الباب العملات الورقية والنقدية في هذه الأيام، لأن لها رصيداً ذهبياً محفوظاً، وكل قطعة منها هي عبارة عن وثيقة بيع أو شراء، لها ما يقابلها من هذا الرصيد المحفوظ. والتعامل بها في هذه الأيام يقوم مقام التعامل بالدراهم والدنانير في الأيام السالفة، فوجب أن تنزل منزلتها في الحكم الشرعي ـ وفي الاصطلاح القانوني يقصد بالصرف مبادلة نقود وطنية بنقود أجنبية، فهو مبادلة نقد بنقد آخر، أي هـو المقايضة على نقدين.

أنواع الصرف

الصرف نوعان: الصرف اليدوي أو المحلي، والصرف المسحوب، يتم الصرف اليدوي بين شخصين يقيمان في مكان واحد عن طريق المناولة والتسليم فوراً. كما إذا أراد شخص السفر إلى بغداد فسلم أحد الصيارفة بدمشق ليرات سورية ليسلمه مقابلها مباشرة دنانير عراقية.

أما الصرف المسحوب فهو الذي يتضمن إعطاء النقود البديلة في بلد آخر، أي إن العميل يحمل بجيبه أمراً بالصرف فقط يحصل بمقتضاه على النقود حال وصوله هذا البلد، فيتجنب بذلك مخاطر الطريق. وصورة هذا السحب كالتالي: إذا رغب سوري بالسفر إلى فرنسا، فإنه يدفع إلى صيرفي موجود بدمشق مبلغاً معيناً من النقود السورية أو الأجنبية ويأخذ ما يقابلها سنداً على عميل للصيرفي في فرنسا ثم يقبض من هذا الأخير قيمة السند التي كان قد دفعها بدمشق. هذا ويتقاضى القائم بعملية الصرف عمولة عن عمليته هذه، كما يستفيد أحياناً من فرق أسعار النقود في الزمان والمكان.

لقد ظهرت السفتجة أو الكمبيالة أول ما ظهرت كوسيلة لتحقيق مقايضة بين نقدين في مكانين مختلفين، أي إنفاذا وتنفيذاً لعقد الصرف، فيسلم أحد المتعاقدين الآخر مبلغاً من النقود في مكان التعاقد، ويرد له القابض بديلاً عنه في مكان آخر، وذلك بتسليمه كتاباً إلى مَدِين أو عميل للقابض في البلد المذكور يطلب فيه إليه دفع المبلغ لحامل الكتاب، وأطلق على هذه الصورة من عقد الصرف (صرف المسافة)، وقد استهدفت السفاتج أو الكمبيالات المحررة على الوجه المذكور تحقيق أغراض مختلفة، أهمها تلافي مخاطر نقل النقود وصعوباته.

وقد أطلق على مبادلة النقد على هذا الوجه، أي مبادلة محرر السفتجة للنقد الذي يتسلمه من حاملها في بلد إنشائها بالنقد الذي يطلب لمدينه تسليمه للحامل في بلد وفائها، وهو ما يشكل (عقد الصرف)، أطلق عليها cambio أي المبادلة من اللاتينية cambiare، ومن هنا جاءت كلمة (الكمبيالة) التي كانت تطلق في سورية على السفتجة، ولاتزال تستعمل للدلالة عليها في اللغة الدارجة ويستعملها القانون التجاري في مصر.

أركانه

لم يتعرض قانون التجارة السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 149 تاريخ 22/6/1949 وتعديلاته لعقد الصرف باعتباره من العقود التجارية ، إنما نصت الفقرة (د) من المادة السادسة منه على أنه تعد أعمال الصرافة والمبادلة المالية من الأعمال التجارية البرية بحكم ماهيتها الذاتية، ونصت المادة 409 منه على أن العمليات المصرفية غير المذكورة في هذا الباب ( الخاص بعمليات المصارف ) تخضع لأحكام القانون المدني المختصة بالعقود المختلفة الناجمة عن العمليات المذكورة، أو العقود التي تتصف بها هذه العمليات.

وبتطبيق النص الأخير يمكن القول إن الصرف هو أحد تطبيقات عقد البيع عندما تكون المبادلة بين نقود وطنية ونقود أجنبية، و من ثمَّ تتحدد أركانه بالإيجاب والقبول والمحل والسبب بشرائطها كما هي محددة في القانون المدني السوري، تطبيقاً لأركان عقد البيع والعقد بصفة عامة، اللهم إلا الصرف المسحوب كونه يتم بوساطة ورقة تجارية هي الكمبيالة أو السفتجة، والسبب ليس ركناً من أركان الالتزام التجاري الثابت في الكمبيالة، ولكن شريطة أن تراعى الشرائط الشكلية للكمبيالة أو السفتجة والمحددة في قانون التجارة السوري في المادة 410 وما بعدها.

وتجدر الإشارة إلى أن الفقه الإسلامي بمذاهبه المختلفة اهتم بعقد الصرف بصفة خاصة، إذ تجد في كتب التراث الإسلامي مباحث مخصوصة تعالج هذا العقد على أنه صورة خاصة من صور عقد البيع، وتشترط لصحة الصرف شروطاً خاصة، لأن محله من الأموال الربوية بالاتفاق وهي الأثمان المطلقة، فيشترط لصحته وتنزيهه عن الربا المذموم شرعاً علاوة على شرائط البيع عموماً التقابض في المجلس بأن يسلم المتبايعان أحدهما إلى الآخر النقد الذي في حوزته قبل أن يتفرقا بالأبدان، وإلا فسد العقد، فالصرف من العقود العينية في الفقه الإسلامي، ومع ذلك فإن الفقه الإسلامي ينزل سند السحب أو السند الذي يستخدم في إنشاء التزام مَنْ تلقَّى النقود على أن يسددها في مكان وزمان آخر منزلة قبض البدل ذاته في الصرف المسحوب.

طبيعته

يعد الصرف في صورتيه: الصرف اليدوي والصرف المسحوب، عملاً تجارياً ما دام من يقوم بهما يقصد إلى تحقيق ربح يتمثل إما في عمولة يحصل عليها مقابل إتمام عملية المبادلة، أو بالاستفادة من فروق الأسعار بين العملات المختلفة بسبب اختلاف الزمان والمكان. ويعد الصرف عملاً تجارياً ولو وقع منفردا،ً ويعلل هذا الطابع التجاري للصرف ولو وقع منفرداً، بأن الصرف يساهم في تداول النقود. ومع ذلك فإنه من الناحية العملية لا يقوم بعمليات الصرف عادة إلا المصارف أو من يحترف هذه العمليات من التجار أفراداً كانوا أم شركات، الأمر الذي أدى بالبعض إلى القول بأن أعمال الصرف لا تعد تجارية إلا إذا تمت على وجه الاحتراف، لأنها لا تكون لها فائدة من الناحية العملية إلا في هذه الحالة.

أهدافه ودوره في المجتمع

يهدف عقد الصرف بالنسبة إلى المصارف والشركات التي تمارس عمليات المصارف إلى تحقيق الربح كأي تاجر، حيث يستفيد من العمولة ومن فروق الأسعار بين العملات المختلفة.

إن الدول ذات الاقتصاد الموجه تحصر مشروعية عمليات الصرف بالمصارف الرسمية، وبوجه الإجمال فإن غرض المصارف والشركات التي تمارس عمليات الصرف هي الربح المتمثل في الفرق بين سعر بيع العملات الأجنبية وسعر شرائها لها. في حين يتمثل غرض المتعاملين مع المصارف وشركات الصرافة في تأمين حاجتهم من النقود الأجنبية، فهذا العقد يؤدي دوراً مهماً في تداول النقود، وهو يسهل تداوله، لاسيما الصرف المسحوب، فالمسافر الذي ينتقل بين الدول يحتاج إلى نقد يسهل تداوله في البلاد التي يسافر إليها، فيشتري المسافر عدداً معيناً من ذلك النقد، لايقبضه نقداً، بل يأخذ منه سنداً تجارياً له قوة النقد، يبيعه في أي مكان بالمبلغ نفسه الذي حدد فيه، أو بقيمته من عملة أخرى، وذلك أيسر تداولاً وأسلم من حمل النقود ذاتها.

أيمن أبو العيال

الموضوعات ذات الصلة:

 

العقد ـ القانون المدني.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ إلياس حداد، القانون التجاري، بري بحري جوي (الطبعة الثانية عشرة 2000ـ2001م).

ـ جاك الحكيم، الحقوق التجارية، الجزء الثاني (طبعة 1987).

ـ مصطفى البغا، فقه المعاوضات (مطبعة جامعة دمشق، القسم الثاني).

 

 


التصنيف : القانون
المجلد: المجلد الثاني عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 119
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 529
الكل : 31274285
اليوم : 22473

ووه (ايفلين-)

ووه (إيڤلين ـ) (1903ـ 1966)   يعد بعض النقاد الكاتب الإنكليزي إيڤلين ووه Evelyn Waugh أحد أبرز وجوه النقد الاجتماعي في عصره. ولد في لندن، ودرس في جامعات سَسِكس Sussex وأكسفورد، وعمل في التعليم والإدارة، كما خدم في الجيش البريطاني في أثناء الحرب العالمية الثانية، ولم يحالفه النجاح في أي من هذه النشاطات ولا في زواجه الأول في عام 1928، فتزوج زواجاً ثانياً دام طوال حياته. لم يتمتع بالصحة والتوازن النفسيين، وهو ما ظهر في كتاباته كافة، كما سبب له اسمه المؤنث كثيراً من المتاعب. تُوفِّي في مدينة تونتون Taunton جنوبي إنكلترا.
المزيد »