logo

logo

logo

logo

logo

العدة

عده

Al-Idda - Al-Idda

العدّة

 

هي لغة: الإحصاء، مأخوذة من العَدَد، لاشتمالها على عدد الأقراء (الحيضات أو الأطهار) أو الأشهر، واصطلاحاً: مدة محددة شرعاً لانقضاء ما بقي من آثار الزواج، أو هي مدة تتربص (تنتظر) فيها المرأة، لمعرفة براءة رحمها، أو للتعبد (امتثال أمر الشرع) أو لتفجعها على زوجها. وهي مشروعة بالقرآن والسنة وإجماع الأمة كما يتبين.

حالات وجوبها

تجب العدة لأحد أسباب أربعة هي:

1ـ الفرقة بعد الدخول بالمرأة من زواج صحيح أو فاسد، أو بعد الخلوة الصحيحة (وهي التي يأمن فيها الطرفان الدخول عليهما، ويتمكنان من المتعة بعد العقد الصحيح) في رأي أكثر العلماء غير الشافعية، سواء أكانت الفرقة في حال الحياة بسبب طلاق أو فسخ (انحلال الزواج) أم بسبب الوفاة. وهذا يعني أن أصل وجوب العدة أحد أمرين: طلاق أو موت، والفسخ كالطلاق، ومثاله: الفسخ بخلع أو لعان أو رضاع أو لعيب أو إعسار ونحو ذلك.

2ـ التفريق للوطء بشبهة، كالموطوءة في زواج فاسد لعدم الشـهود في العقد أو تأقيت الزواج أو زواج المتعة، لأن وطء الشبهة في الزواج الفاسد كالوطء في الزواج الصحيح في شغل الرحم ولحوق النسب بالواطئ.

3ـ انتهاء الزواج بعد وفاة الزوج في العقد الصحيح، ولو قبل الدخول أو الوطء، لإطلاق الآيات القرآنية الموجبة للعدة.

4ـ الزنا بالمرأة: فالمزني بها كالموطوءة بشبهة، تجب العدة عليها في رأي المالكية والحنابلة، لأنه وطء يقتضي شغل الرحم، ولم يوجبها غيرهم، لأن الزنا لا يُثبت النسب، والعدة لحفظ النسب.

حكمة تشريعها

ليست العدة مشروعة من أجل التعرف على براءة الرحم وحسب، فهذا يمكن معرفته في الماضي بمجيء الحيض، وفي العصر الحالي بالتحليل المخبري، وإنما حكمة العدة لأسباب هي: التعرف على براءة الرحم، أو التعبد (امتثال أمر الشرع ولو لم يعرف السبب كالعدة للمرأة الكبيرة السن) أو إعطاء الفرصة للزوج بعد الطلاق ليعود لزوجته المطلقة بسبب الندم غالباً، أو للتفجع على الزوج بعد وفاة أو طلاق، فتتألم المرأة غالباً من ذلك، أو لتتذكر نعمة الزواج وتشكر الإله المنعم، وترعى حق الزوج وأقاربه، وتظهر التأثر لفقده، وتبدي مدى وفائها لزوجها، وتصون سمعتها وتحفظ كرامتها إذا خرجت من بيتها لغير ضرورة أو عذر، فقد لا تأبه بما حدث، فيتحدث الناس بشأنها، وينتقدونها، ويعيبون خروجها وزينتها، وخاصة من أقارب زوجها. قال الفقهاء: المقصود الأعظم من العدة، حفظ حق الزوج دون معرفة البراءة، ولهذا كانت عدة الوفاة بالأشهر، ووجبت العدة على المتوفى عنها زوجها التي لم يدخل بها، تعبداً (امتثالاً للشرع) مراعاة لحق الزوج.

أنواع العدة

العدة ثلاثة أنواع: عدة بالأقراء، وعدة بالأشهر، وعدة بوضع الحمل. والمعتدات ستة أصناف: الحامل، والمتوفى عنها زوجها، وذات الأقراء المفارقة في الحياة، ومن لم تحض لصغر أو يأس من الحيض وكانت المفارقة في أثناء الحياة، ومن ارتفع (امتنع) حيضها ولم تدر سببه، وامرأة المفقود. وعدة الطلاق ثلاثة أنواع: ثلاثة قروء لمن تحيض، وضع حمل الحامل، ثلاثة أشهر لليائس والصغيرة.

والقروء جمع قرء، والقرء له أحد معنيين: إما الحيض في رأي الحنفية والحنابلة، لأن الحيض علامة أو معرِّف لبراءة الرحم، فالذي يدل على  براءة الرحم إنما هو الحيض لا الطهر، ولأن المعهود في الشرع استعمال القرء بمعنى الحيض، كما في حديث النبيr للمستحاضة ـ فيما يرويه أبو داود والنسائي ـ «دعي الصلاة أيام أقرائك» أي حيضاتك. وإما الطهر في رأي المالكية والشافعية، لأن القرء مشتق من الجَمْع، فأصل القرء الاجتماع، وفي وقت الطهر يجتمع الدم في الرحم، ثم يخرج في أثناء الحيض (العادة الشهرية) من الرحم، ولأن الله تعالى قال: )فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ( (الطلاق 1) أي في وقت عدتهن.

أما عدة الأقراء: فلها أسباب، أهمها ثلاثة: الفرقة في الزواج الصحيح، والفرقة في الزواج الفاسد، والوطء بشبهة، ودليل وجوبها قول الله تعالى: )وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثلاثَةَ قُرُوءٍ( (البقرة 228). ولا تجب هذه العدة على المطلقة قبل الدخول، لقوله تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا( (الأحزاب 49) ولقولهr، فيما يرويه أحمد وأبو داود والنسائي، «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، تحدُّ على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً».

وأما عدة الأشـهر، فنوعان: نوع يجب بدلاً من الحيض، ونوع يجب أصلاً بنفسـه، أما الأول: فهو عدة الصغيرة، والآيسة (من المحيض) والمرأة التي لم تحض أصلاً بعد الطلاق، لقوله تعالى: )وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ( (الطلاق 4).

وسـبب وجوبها، الطلاق لمعرفة أثر الدخول، وهو سـبب عدة الأقراء المتقدمة أيضاً. وشرط وجوبها شيئان: الصغر أو الكبر أو فقد الحيض أصلاً، والدخول أو الخلوة الصحيحة في رأي الجمهور غير الشافعية، في الزواج الصحيح، وكذا في الزواج الفاسد في رأي المالكية، كزواج المتعة والزواج المؤقت.

وأما النوع الثاني، وهو عدة الأشهر الواجبة أصلاً بنفسها، فهي عدة الوفاة لقوله تعالى: )وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً( (البقرة: 234) أي بالأشهر القمرية.

وسبب وجوبها الوفاة، إظهاراً للحزن بفوات نعمة الزواج، ولو على امرأة كبيرة السن كسبعين أو ثمانين إذ لا تحيض. وشرط وجوبها، الزواج الصحيح وحسب، فتجب هذه العدة على المتوفى عنها زوجها، سواء أكانت مدخولاً بها أم غير مدخول بها، وسواء أكانت ممن تحيض أم ممن لا تحيض.

وأما عدة الحامل أو الحبلى: فتنتهي بوضع الحمل، لقوله تعالى: )وَأُولاتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ( (الطلاق 4). وسـبب وجوبها: الفرقة أو الوفاة، حتى لا تختلط الأنساب، وتشـتبه المياه، فلا يسقي رجلٌ بمائه زرع غيرِه. وشرط وجوبها: أن يكون الحمل من الزواج الصحيح أو الفاسد، لأن الوطء في الزواج الفاسد يوجب العدة.

وتنتهي عدة المتوفى عنها زوجها وهي حامل بوضع الحمل، ولو بعد الوفاة بساعة. ويشترط في الحمل الذي تنتهي به العدة شرطان: وضع جميع حملها أو انفصاله كله، فلاتنقضي بوضع أحد التوأمين ولا بانفصال بعض الولد.

وأن يكون الحمل منسوباً إلى صاحب العدة، ولو احتمالاً، كمنفي نَسَبٍ من الزوج بلِعان؛ لأنه يحتمل كونه منه، بدليل أنه لو استلحقه به لحقه، فإن لم يمكن نسبته إلى صاحب العدة، كولد الزنا المنفي نسبه قطعاً، فلاتنقضي به العدة.

وأقل مدة الحمل بالاتفاق ستة أشهر، وغالبها تسعة، وأقصاها أو أكثرها في بعض الآراء الفقهية وفي القانون: سنة. والدليل على أقل مدة الحمل: هو المفهوم من مجموع آيتين وهما قوله تعالى: )وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَولادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْن( (البقرة 233) وقوله سبحانه: )وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثلاثُونَ شَهْرًا( (الأحقاف 15).

فأقصى مدة الرضاع سـنتان بعدها يفطم الولد، فيبقى للحمل ستة أشهر، وهو الذي يقال له: سبيعي، أي ولد في بداية الشهر السابع.

وأما عدة المفقود (وهو الغائب الذي لم يعرف أحي هو أم ميت)، فليس لها مدة مقدرة في رأي الحنفية والشافعية، ولابد من التحقق من موته، وقدرَّها المالكية والحنابلة بأربع سنين، ثم تعتد عدة الوفاة: أربعة أشهر وعشرة أيام، عملاً باجتهاد عمر بن الخطاب. والمعمول به في أغلب القوانين أن طلب التفريق للغيبة يكون بعد سنة من غياب الزوج أو السجن، فتعتد بعد التفريق القضائي بالأشهر: أربعة أشهر وعشرة أيام.

وابتداء العدة حكماً في الزواج الصحيح بعد الطلاق أو الفسخ أو الموت، وفي الوفاة عقب الوفاة مباشرة. وفي الزواج الفاسد: بعد تفريق القاضي أو بعد المتاركة، وفي الوطء بشبهة من آخر الوطآت عند زوال الشبهة، بأن علم أنها غير زوجته، وأنها لا تحل، لأنه لا عقد.

ويتعلق بالعدة الأحكام الآتية: تحريم الخطبة، وتحريم زواج آخر أجنبي بها حتى تنقضي العدة، وحرمة الخروج من بيت الزوجية حتى لحج الفريضة، إلا لضرورة مطلقاً، كالاستطباب، أو لحاجة في النهار على أن تعود فتبيت في المنزل ليلاً، والسكنى في بيت الزوجية والنفقة في أثناء العدة.

نفقة المعتدة

واجبة على الزوج بحسب التفصيل الآتي:

1ـ إن كانت المعتدة مطلقة طلاقاً رجعياً، وجبت لها النفقة بأنواعها الثلاثة من طعام وكسـوة وسكنى.

2ـ وإن كانت معتدة من طلاق بائن، فإن كانت حاملاً، وجبت لها النفقة بأنواعها المختلفة لقوله تعالى: )أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ( (الطلاق 6) أي بحسب وسعكم وقدرتكم المالية وإن كانت غير حامل، فلا تجب لها نفقة الطعام والكسوة لمفهوم قوله تعالى: )وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ( (الطلاق 6) فدل بمفهومه على عدم وجوب النفقة لغير الحامل.

3ـ وإن كانت معتدة من وفاة، فلا نفقة لها، لانتهاء الزوجية بالموت، وأوجب المالكية لها السكنى مدة العدة إذا كان المسكن مملوكاً للزوج، أو مستأجراً ودفع أجرته قبل الوفاة.

4ـ وإن كانت معتدة من زواج فاسد أو شبهة، فلا نفقة لها، وأوجب لها المالكية إن كانت حاملاً النفقة على الواطئ.

5ـ الحداد على الزوج: بترك الطيب والزينة والكحل والدهن المطيب وغيره، بعد الوفاة اتفاقاً، وبعد كل فرقة من زواج صحيح غير المطلقة رجعياً، لأنها في حكم الزوجة، لكن الحداد بعد الفرقة بطلاق بائن بينونة صغرى أو كبرى واجب عند الحنفية، مستحب عند الجمهور.

6ـ ثبوت نسب المولود في أثناء العدة، وإذا اعترفت المعتدة بانقضاء عدتها، ثم جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار، ثبت نسبه، لظهور كذبها بيقين، فبطل الإقرار.

7ـ ثبوت الحق في الإرث في أثناء العدة بالاتفاق بعد الطلاق الرجعي، وكذا بعد الطلاق البائن في مرض الموت عند الجمهور غير الشافعية.

8 ـ لحوق الطلاق الجديد في العدة بالمطلقة طلاقاً ثانياً وثالثاً.

وهبه الزحيلي

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الزواج ـ الطلاق.

 مراجع للاستزادة:

 

ـ علاء الدين الكاساني، بدائع الصنائع (القاهرة 1328هـ).

ـ شهاب الدين القرافي، الذخيرة (دار الغرب الإسلامي، بيروت 1994).


التصنيف : الشريعة
النوع : دين
المجلد: المجلد الثالث عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 38
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 565
الكل : 31166947
اليوم : 68337

فينيشنكو (فلاديمير-)

ڤينيشنكو (ڤلاديمير ـ) (1880ـ 1951)   ڤلاديمير ڤينيشنكو Volodymyr Vynnychenko كاتب وسياسي أُكراني من أصول فلاحيّة، ولد في مقاطعة يليزاڤيت غراد Yelisavetgrad بمنطقة بولتاڤا Poltava. درس في جامعة كييڤ؛ لكنه لم يتمكّن من التخرج لضيق ذات اليد. اعتقلته السلطة الروسية الحاكمة عام 1903. انتسب إلى حزب الثورة الأُكرانيRUP، ثم إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي الثوري USDRP، وغادر بلاده مع بدء الحرب العالمية الأولى ساعياً إلى تعرّف الحركات الثورية وأدبها، ثم عاد إلى روسيا، وعاش فيها متخفياً، ونشر أدبه باسم مستعار.
المزيد »