logo

logo

logo

logo

logo

دنشواي (حادثة-)

دنشواي (حادثه)

Denshawai incident - Denshawai incidents

دنشواي (حادثة -)

 

سيطر الإنكليز، بعد احتلال مصر عام 1882، على مقدرات البلاد وحولوها إلى مزرعة قطن رخيصة، وتحكموا في إدارتها، واعتمدوا على بعض الأعوان من النفعيين والمتغربين، كما عملوا على تحطيم ثقافة مصر وعروبتها وإسلامها، وقطع صلتها بالسلطنة العثمانية والخلافة الإسلامية. ولكن الحركة الوطنية بزعامة مصطفى كامل[ر]، المقاومة للاحتلال الاستعماري الحاقد وسياسته، انبعثت في مصر وقاومت المعتمد البريطاني كرومر الذي كان الحاكم الحقيقي لمصر.

حادثة دنشواي، أسبابها وأحداثها

دنشواي بلدة تابعة لمركز شبين الكوم في مديرية المنوفية بالدلتا. وكانت المأساة في 13 حزيران 1906، عندما خرج خمسة ضباط إنكليز لصيد الحمام، وكان الفلاحون يعارضون هذا النوع من الصيد ويستاؤون منه، وفي هذه المرة تسببت بنادق الضباط في إشعال النار في جرن (بيدر) من أجران القمح، وجرحت إحدى فلاحات القرية، فهاج أهل القرية وحملوا على الضباط، فدافع هؤلاء عن أنفسهم ببنادقهم فأصابوا أربعة فلاحين في أرجلهم، ومنهم شيخ الخفر الذي جاء لإنقاذهم.

وكان سلاح الفلاحين الحجارة والعصي فقط، فأصابوا رأس ضابط وكسروا ذراع آخر. فأرسل الضباط الأربعة زميلهم الكابتن «بيل» Bell الذي أصيب في رأسه إلى المعسكر الذي يقع على بعد 8كم تقريباً من دنشواي، ليرسل لهم النجدة، ولكن الحر كان شديداً فأصيب بضربة شمس فسقط ومات في اليوم عينه.

وثارت ثائرة سلطات الاحتلال ونصبت المشانق في مكان الحادث قبل أن تعقد المحاكمة، وشكلت محكمة برئاسة بطرس غالي وزير الحقانية (العدل) وعضوية إنكليزيين، إضافة إلى فتحي زغلول رئيس محكمة مصر الابتدائية.

وبدأت المحاكمة في 27 حزيران 1906 بتهم القتل والاعتداء، وصدرت أحكام لا تقبل الطعن. وفي اليوم التالي، شنق أربعة من القرويين بحضور إخوانهم المتهمين وأقربائهم وسائر أهل القرية، الذين أكرهوا على شهود المنظر. والذين أعدموا هم: حسن علي محفوظ وهو شيخ طاعن في السن (75 عاماً) ويوسف حسن سليم وسيد عيسى سالم ومحمد درويش زهران. وحكم بالسجن المؤبد على اثنين أحدهما زوج المرأة التي جرحت، وحكم على أحدهم بالسجن خمس عشرة سنة وعلى ستة آخرين بجلد كل منهم علناً خمسين جلدة.

وحزنت مصر كلها، وثار الشعب لهذه الفظاعة، وشارك الشعراء في التعبير عن الغضب الشعبي، وألهب الشاعر أحمد شوقي مشاعر الشعب حين قال في هذه الحادثة:

  نيرون لو أدركت عهد كـرومر

لعرفت كيـف تنفـذ الأحكـام

وارتفع صوت مصطفى كامل مدوياً في صحف أوربا، يكشف عن فظاعة الاحتلال، واشتد ساعد الحركة الوطنية وأخذت تنظم صفوفها، وقام أحد الشباب الوطني باغتيال بطرس غالي الذي رأس محكمة دنشواي. وأعلن عن تكوين الحزب الوطني عام 1907. واضطر الإنكليز إلى إطلاق سراح المسجونين في الحادثة في أوائل سنة 1908م. حتى إن كرومر Krommer نفسه الذي كان غائباً عن مصر آنذاك، كتب يقول: «إني أعترف أن الأحكام قاسية جداً من دون ضرورة».

وأدرك الإنكليز نقمة الشعب المصري، فأرادوا انتهاج سياسة جديدة، كان من أولى خطواتها إحالة كرومر على التقاعد بحسب طلبه، بحجة اعتلال صحته عام 1907، بعد أن حكم مصر أربعة وعشرين عاماً.

وحاول المعتمد البريطاني الجديد في مصر «الدون غورست» Done Gorset تدعيم مركز بلاده في مصر، فانبرى له مصطفى كامل وألح في التأكيد على أن مصر للمصريين، وبين أن الاحتلال هو العدو الوحيد لمصر. ولكن المرض المتطاول لم يمهل هذا الزعيم الشاب إلا بضعة أشهر توفى بعدها.

وكانت حادثة دنشواي الدامية إيذاناً باشتعال الحركة الوطنية وزيادة السخط على الاحتلال وعاملاً هاماً وحدثاً تاريخياً كبيراً في اتساع رقعة الدعوة إلى الاستقلال ومضاعفة الجهود ضد الاحتلال. وقد صاحبتها إذ ذاك دعوة المطالبة بالدستور. لقد تركت مجزرة دنشواي جرحاً غائراً لم تغفره مصر للاحتلال البغيض حتى تم جلاء آخر جندي بريطاني عن مصر في 13/6/1956 بعد أربعة وسبعين عاماً من الاحتلال لتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة من النضال.

عبد الرحمن البيطار

 مراجع للاستزادة:

ـ عمر عبد العزيز عمر، دراسات في تاريخ مصر الحديث (1798 ـ 1914)، (الإسكندرية 1972).

ـ عبد الرحمن الرافعي، مصطفى كامل.


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 369
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1010
الكل : 59401446
اليوم : 33756

الدعوى البوليصية

الدعوى البوليصية   يرجع اسم الدعوى البوليصية أو البوليانية Action Paulienne إلى أحد رجال القانون الروماني (بولص) الذي يقال إنه الذي ابتدعها. كما يطلق على هذه الدعوى أيضاً اسم دعوى عدم نفاذ التصرفات، لأن الهدف منها هو عدم نفاذ التصرف الذي قام به المدين في مواجهة دائنه إذا توافرت شروط معينة. وقد جاء النص على حق الدائن في إقامة هذه الدعوى بالمادة (238) من القانون المدني السوري (237 مدني مصري)، حيث ذُكر فيها: لكل دائن أصبح حقه مستحق الأداء، وصدر من مدينه تصرف ضار به أن يطلب عدم نفاذ هذا التصرف في حقه، إذا كان التصرف قد أنقص من حقوق المدين أو زاد في التزاماته وترتب عليه إعسار المدين أو الزيادة في إعساره، وذلك متى توافرت الشروط المنصوص عنها لاحقاً.
المزيد »