logo

logo

logo

logo

logo

داريوس

داريوس

Darius - Darius

داريوس

 

داريوس هو الاسم الذي حمله عدة ملوك من الأخمينيين[ر]، وكان أشهرهم داريوس الأول وداريوس الثالث.

 

داريوس الأول (الكبير)

(550-486ق.م)

 

 

داريوس الأول على عرشه

 

داريوس Darius (باللغة الفارسية القديمة دارايوَش Darayavush، ويعرف في المصادر العربية باسم دارا) أعظم ملوك الامبراطورية الفارسية الأخمينية، اشتهر بعبقريته الإدارية ومشروعات البناء العظيمة. وهو ابن هيستابس، وينتسب إلى أحد فروع السلالة الأخمينية، اتصف بالحكمة والعقل منذ شبابه، تولى بعض المناصب، واشترك في الحملة على مصر، وعهد إليه بعد موت قمبيز بإعادة الجيش إلى العاصمة الفارسية، وهناك نجح مع أصدقائه وبعض رجال الدين من الكهنة الزرادشتيين في التغلب على ثورة الكاهن جوماثا (سمرديس المزعوم)، وتولى العرش عام 522ق.م.

اندلعت الثورات في كل أنحاء الامبراطورية بعد موت قمبيز، وكان عليه إخضاعها الواحدة تلو الأخرى. بدأ بإخضاع الثورة في عيلام، بعد تمرد أترين قريب حاكمها السابق، فأرسل داريوس جيشاً إلى الشوش، فقبض على المتمرد وقتله.

أما في بابل فقد أعلن أحد أبناء نابونيد الثورة، وأعلن نفسه ملكاً عليها باسم نبوخذ نصر الثالث، فتوجه داريوس على رأس جيش إلى بابل، وقد لاقى الجيش مصاعب كبيرة في عبور نهر دجلة نظراً لقوة الأسطول البابلي، لكن داريوس قام بهجوم مباغت، فعبر النهر وهزم البابليين الذين لجؤوا إلى داخل مدينتهم  وتحصنوا بها، ويشير هيرودوت أن حصار بابل استمر عشرين شهراً، ولم يستطع داريوس أن يدخلها إلا بخدعة. وربما يبالغ هيرودوت في مدة حصارها، لأن داريوس كان يعلم جيداً، أن السيطرة على بابل هي المفتاح للقضاء على كل الثورات الأخرى، ولذلك ركز اهتمامه لإخضاع المدينة، التي استسلمت في شباط 521ق.م.

وبعد ذلك هاجم داريوس مادي (ميديا)، وهزم جيشها، وقبض على ملكها وأعدمه شنقاً في همذان، كما عهد لبعض قادته في إخماد ثورة  بارثيا (خراسان) وكركان، وتم له ذلك.

وهكذا أخمد داريوس كل الثورات، وتمكن بما اتصف به من إرادة حديدية وقوة في التغلب على كل المشكلات التي واجهته، وأعاد توحيد الامبراطورية من جديد، وقد سجل داريوس انتصاراته هذه بالتفصيل في نقش  « بهستون » الشهير الذي دون بثلاث لغات، الفارسية القديمة، والبابلية، والعيلامية، فيقول: «خلال سنة واحدة، بعد أن أصبحت ملكاً خضت غمار تسعة عشر معركة، وبإرادة أهورامزدا انتصرت فيها جميعاً وأسرت تسعة ملوك».

عمل داريوس ستاً وثلاثين سنة متواصلة في البناء الداخلي والخارجي لهذه الدولة العالمية التي امتدت من الحدود الليبية في شمال إفريقيا غرباً حتى نهر الهندوس شرقاً. ومن البحر الأسود وبحر قزوين في الشمال حتى المحيط الهندي في الجنوب، ولم تكن حملاته ضد الهنود والسكيث والإغريق إلا لتدعيم حدود الامبراطورية.

فقد أراد داريوس من حملته ضد السكيث في جنوب روسيا، توجيه ضربة لهذه القبائل البدوية «المتوحشة» في عقر دارها، حتى لا تستطيع بعد ذلك استئناف تعدياتها على حدود بلاده الشمالية، لكن هذه المغامرة كانت خاسرة، ولم يستطع داريوس الاشتباك معهم بأي معركة، لأنهم كانوا في حالة البداوة ولا يستقرون في قرى ولا مدناً، ولذلك انسحبوا من طريق الجيش الفارسي بعد تخريب الحقول وردم الآبار، ثم بدأ فرسان السكيث يباغتونهم من حين لآخر، وهكذا دب اليأس إلى قلب داريوس وجيشه، وانسحب عائداً إلى بلاده ولكن قسماً من جيشه استولى على إقليم تراقيا، كما أخضع مقدونية لحكم الفرس.

وكانت ثورة المدن الإيونية في آسيا الصغرى ضد الفرس 499ق.م، ومشاركة الإغريق في هذه الثورة، الدافع الرئيس  لتثير طموحه لفتح بلاد اليونان، وخاصة بعد المعارك التي جرت بينه وبين اليونانيين.

يذكر هيرودوت أن الحملة التي أرسلها داريوس لاحتلال بلاد الإغريق حققت نجاحاً في بداية الأمر، فاستولت على مدينة ارتيريا واستعبدت سكانها، ثم اتجهت الحملة إلى شبه جزيرة أتيكا لتأديب أثينا، فنزلت القوات الفارسية في سهل الماراثون، حيث جرت المعركة المشهورة بين الفرس واليونانيين عام 490ق.م، والتي انهزم فيها الجيش الفارسي. وقد بالغ المؤرخون اليونان في وصفهم لهذه الحرب وعدد الجند الذين شاركوا فيها، واختلطت الحقيقة بالأسطورة.

تنظيم الامبراطورية

وصل التنظيم السياسي للامبراطورية الفارسية  إلى ذروته زمن داريوس الأول، فقد كان الملك يقف على رأس الدولة مزوداً بسلطة مطلقة ووراثية، يساعده مجلس النبلاء. لكن الملك لم يكن مؤلهاً، كما كان  الشأن في حضارات أخرى كمصر، لكنه يزعم بأنه يتلقى مساعدة الإله. ويدير الملك المملكة بمساعدة ولاة، وهم حكام كبار يلقب الواحد منهم ستراب Satrap ويعني حامي المملكة، يعينهم الملك وهم من نبلاء الفرس أو من الأسرة المالكة، وهؤلاء ينوبون عن الملك ويمثلونه في إدارة الولاية.

ولكل من هذه الولايات، التي وصل عددها إلى 20 ولاية، خراجها وخصوصيتها وعاداتها وتقاليدها المرعية، ويساعد الولاة حكام محليون للمناطق وقادة للثكنات والحاميات وكتاب ملكيون. وهناك المفتشون (جهاز الأمن السري) الذين يطْلعون الملك على أحوال المملكة ويزودونه بتقارير عنها، وقد يتمتعون أحياناً بصلاحيات استثنائية ومطلقة.

أما موزانة الدولة فكانت تنظم بدقة، وهي أساس الحياة الاقتصادية التي تطورت تطوراً لم تشهده من قبل بسبب اتساع السوق التجارية الكبيرة، وأوجد النقد محدود الوزن والقيمة، وقد اقتبس داريوس النظام النقدي من ليديا وعممه في كل أنحاء المملكة. ونظمت شبكة الطرق والبريد، وكان أشهرها الطريق الممتد من سارديس في آسيا الصغرى حتى سوسه بطول 2400كم، وكانت طريقاً للتجارة ولتحركات الجيوش بين جنوب غربي إيران حتى سواحل بحر إيجه، كما قام داريوس بتجديد القناة التي تربط النيل بالبحر الأحمر.

كما أنشئت مراكز للبريد وزودت بعدد كاف من الخيول السريعة، وكان حملة البريد في حركة دائمة ليل نهار، ومن ثم كانت أوامر الدولة تصل بسرعة إلى الأماكن الموجهة إليها.

في عهد داريوس صارت الزرداشتية الديانة الرسمية للفرس، ولكن داريوس سار على سياسة قورش الكبير، التي تقوم على احترام معتقدات وعبادات الشعوب الخاضعة للامبراطورية، بل وينسب إليه بناء عدد من المعابد المصرية والإغريقية. كما قام داريوس بإنشاء قصور ملكية فخمة في عواصم الامبراطورية، سوسة وبرسيبوليس وبابل وهمذان.

 

داريوس الثالث

 

تولى داريوس الثالث مقاليد الحكم (336-330ق.م) في زمن سادت فيه المنازعات بين أفراد الأسرة المالكة، وازدادت دسائس البلاط الملكي. وكثرت ثورات الشعوب الخاضعة للفرس، وأخذ حكام الولايات يسعون للاستقلال في ولاياتهم.

وفي هذا الوضع المتردي، قرر داريوس الثالث التصدي لغزو الإسكندر المقدوني للشرق، الذي بدأ عام 334ق.م بعبور الدردنيل إلى آسيا الصغرى، ثم اصطدم معه في معركة ايسوس Issos سنة 333ق.م قرب خليج اسكندرونة، فانتصر الإسكندر المقدوني، وتراجع  داريوس، وبدا الجيش الفارسي مترهلا، قليل التنظيم والتدريب، وفقد الشجاعة التي كان يتمتع بها أفراده من قبل.

وحاول داريوس الثالث الاستفادة من غنى الإمبراطورية، وكثرة مواردها للاستعداد لمنازلة جيش الإسكندر الذي التقى به ثانية شمالي أربيل سنة 331ق.م في معركة جاوجميلا فانهزم الفرس وفرّ داريوس باتجاه الشرق، حيث قتله أحد الحكام الفرس سنة 330ق.م وهكذا أُسقطت الدولة الأخمينية.

محمود فرعون 

مراجع للاستزادة:

ـ حسن بيرنيا، تاريخ إيران القديم، ترجمة محمد نور الدين وعبد المنعم السباعي (دار الثقافة، مصر 1992م).

ـ أنطون مورتكارت، تاريخ الشرق الأدنى القديم، ترجمة توفيق سليمان (دمشق).

 


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 145
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 577
الكل : 29654296
اليوم : 34306

الجدران

المزيد »