logo

logo

logo

logo

logo

الأرمن (إنسانية)

ارمن (انسانيه)

Armenians - Arméniens

الأرمن

 

يجمع أكثر المؤرخين أن الأرمن كانوا من بين مجموعات متلاحقة من قبائل ذات أصل آري, عرفت عرقياً باسم الشعوب الهندية الأوربية, واستقرت في البلقان[ر] أو في منطقة تسالية في شمالي اليونان[ر]. ثم عاد أفرادها مع الفريجيين والتراقيين إِلى آسيا الصغرى فعبروا البوسفور والدردنيل, وتوغلوا في الأناضول نحو مجرى الفرات الأعلى, وتغلبوا على السكان الحثيين القاطنين في تلك الأماكن واختلطوا بهم, في نحو القرن الثاني عشر ق.م. وانحدروا بعد ذلك من المرتفعات إِلى السهول الجنوبية وامتزجوا مع شعب الأورارتو[ر]. كذلك قدمت المنطقة قبائل من السريان والكلدان اندمجت بالمقيمين هناك. وقد تكونت الأمة الأرمنية من هذه العناصر الآرية والأورارتية والحثية, وقبائل منطقة وان, ومن القبائل التي استوطنت شرقي الأناضول, وكان ذلك نحو القرنين السابع والسادس قبل الميلاد. وفي تلك الحقبة بدأت تظهر على النقوش كلمة «أرمينية» وبدت لدى الشعب الأرمني, منذ القرن السادس قبل الميلاد, سمات تميزه منها: القامة المتوسطة القريبة من القصر, والجمجمة العريضة, واستطالة الوجه على نحافة وضيق, والشعر الأسود الفاحم, والصدر العريض, والشفتان الممتلئتان مع سعة الفك وقوته, وانبساط الخدين, وقنا الأنف, وميل البشرة إِلى السمرة, كما تميز هذا الشعب بصفات نفسية أهمها: الهدوء وتحمل المشاق إِلى جانب الحيوية والنشاط والقدرة على الإِنجاز.

تاريخ الأرمن

التاريخ القديم:

لم يتمتع الأرمن منذ القديم بالمنعة والسيطرة. اكتسح بلادهم البابليون والآشوريون والميديون ثم الفرس. وكان الفرس يختارون حكام البلاد من الأرمن غالباً, تعهدوا دفع الجزية لقاء احتفاظهم باستقلالهم الإِداري, ثم غدت أرمينية ساترابية (مقاطعة) تابعة للامبراطورية الفارسية, وذلك في عهد قورش. وبعد أن ساعد الأرمن الفرس في إِسقاط الدولة الليدية استطاع ديكران بن يراونت أن يجعل أرمينية ساترابية مستقلة, غير أن داريوس, الملك الفارسي, قضى على كل محاولة استقلالية. وقد تأثر الأرمن, في هذه الحقبة, بالتقاليد الفارسية في طراز معيشتهم, ودخل لغتهم كثير من الألفاظ الفارسية.

وبعد غزو الاسكندر المقدوني غدت أرمينية مملكة مستقلة تحت حكم الاسكندر نفسه, الذي عين حليفه الأرمني مهران على العرش, وهو من أسرة يراونت التي كانت تحكم المرزبانية. وبعد الاسكندر تولى السلوقيون حكم البلاد, وقسمت أرمينية قسمين رئيسين هما: أرمينية الكبرى وأرمينية الصغرى التي دعيت فيما بعد كيليكية (قيليقية) إِضافة إِلى مملكتين صغيرتين هما: صوفين وكوماجيني.

وكان تأثر الأرمن بالحضارة الهلينية كبيراً, وكان ذلك ما بين 321-190ق.م. وقد عين أنطيوخوس الثالث ارداشيس الأول حاكماً على أرمينية الكبرى وعين «زاره» على أرمينية الصغرى, وبعد موت أنطيوخوس استقل الملكان الأرمنيان عن السلوقيين, ثم ضم ارداشيس إِلى حكمه أرمينية الصغرى بعد موت زاره, ووحد البلاد, وأسس ملكية حكمها أفراد من أسرته, واستمرت قرابة قرنين من الزمن (من 189 ق.م إِلى السنة الأولى بعد الميلاد) ودعيت بالأسرة الارداشيسية ومن أشهر ملوكها ديكران الثاني الكبير (94-55ق.م).

ومنذ السنة الأولى الميلادية غدت أرمينية كالكرة يتقاذفها الفرس والرومان, يكتسح بلادهم الفرس فيحالفون رومة, ويحاربهم الرومان فيلجؤون إِلى الفرس. أما حكامهم فكانوا إِما من الفرس أو الرومان وقد اتفق الطرفان المتقاتلان الفرس والرومان في عهد نيرون على إِنهاء الحرب بينهما, وتنصيب ملك لأرمينية هو أخو ملك فارس, درطاد الأول الفارسي, وسميت أسرة درطاد بالأسرة الارشاغونية, وقد حكمت من سنة 66 إِلى 429م, ومن أشهر ملوك هذه الأسرة درطاد الثاني (217-238م) الذي يسمى أيضاً خسرو الأول الكبير, ودرطاد الثالث الذي اعتنق المسيحية وعمل على إِنشاء الكنائس.

وفي سنة 387م اتفق الرومان والفرس على تقسيم أرمينية إِلى إِقليمين أُلحق أحدهما بالدولة البيزنطية, وألحق الثاني, وهو الأكبر بالدولة الساسانية. ومنذ سنة 429م عادت أرمينية التي ألحقت بالدولة الساسانية مرزبانية فارسية, وبقيت كذلك حتى سنة 634م. وقد حاول الفرس جعل الأرمن إِيرانيين وإِكراههم على ترك ديانتهم المسيحية, ولكنهم اصطدموا بمقاومتهم التي كان يقودها «وارطان ماميكونيان» مما جعلهم يتخلون عن فكرتهم.

اختلفت أحوال الأرمن التابعين للفرس عن أحوال الأرمن التابعين لبيزنطة التي عملت على وضع المنطقة تحت إِشرافها إِشرافاً تاماً, ومعاملة الأرمن كالمواطنين من البيزنطيين, ولكن خلافهم الديني في التفاصيل مع بيزنطة جعلهم ينحازون إِلى الفرس شيئاً فشيئاً. وفي أواخر القرن السابع بعد الميلاد ظهر العرب على مسرح التاريخ.

الأرمن والعرب:

في عهد عمر بن الخطاب توجهت حملة عربية بقيادة عياض بن غَنْم إِلى سهول الجزيرة والأراضي الأرمنية حتى بلغت بَدْليس Bitilis ثم اتجهت إِلى خلاط Calatia (على بحيرة وان) وجبى عِياض الجزية ثم عاد إِلى الشام, وفي عهد عثمان بن عفان أُخضعت أرمينية للعرب أول مرة, وكان ذلك نحو سنة 24 أو25هـ/645 أو646م. وفي عام 33هـ/ 653م عقدت معاهدة صلح بين العرب والأرمن على أن تعفى الدولة الأرمنية من الجزية ثلاث سنوات, ثم يفرض عليها بعد ذلك تعبئة 15000 فارس من أموال الجزية لمساعدة العرب في حروبهم, وتعهد العرب باستقلال الإِمارات الأرمنية, وعدم إِرسال أحد من الأمراء أو القادة العرب إِلا إِذا زحف عليها الروم, وأبقي الحاكم تيودور الرشتوني على أرمينية وبلاد الكرج. ولم يعجب الاتفاق الامبراطور البيزنطي فهاجم أرمينية, وصدته القوات العربية والأرمنية معاً.وفي عهد الأمويين امتدت الفتوحات العربية فشملت أرمينية كلها, ونعم الطرفان, العربي والأرمني, في عهد معاوية بالعلاقات الطيبة, وزار حاكم أرمينية غريغور ماميكونيان دمشق واستقبله الخليفة معاوية بالترحيب.

وفي عهد عبد الملك بن مروان, وكان الحاكم في أرمينية آشوط الأرمني, شهدت أرمينية اضطرابات سببها اجتياح الخزر للبلاد, ودخول الامبراطور البيزنطي جوستنيان الثاني أرمينية للانتقام من العرب والأرمن معاً, ثم اختلّت العلاقات بين الأرمن والعرب, فأخذ أمراء الأرمن ينحازون مرة إِلى العرب ومرة إِلى الروم, وكانت بعض مناطق أرمينية تنتقل في ذلك الوقت بين الدولتين, وكان كثير من أمراء الأرمن يتنازعون السلطة فيما بينهم.

وكان الولاة العرب بعد فتح أرمينية قد اتخذوا بلدة دبيل مقراً لهم. وهي البلدة التي كان المرزبان الفارسي يتخذها مقراً له قبل الفتح الإِسلامي.

وفي العهد العباسي صارت أرمينية تشمل الإِمارات الأرمنية وأذربيجان[ر] وبلاد الجزيرة, وقد عيّن الخليفة العباسي أبو العباس السفاح أخاه أبا جعفر المنصور والياً على الجزيرة وأذربيجان وأرمينية, وفي عهد أبي جعفر نزحت إِلى أرمينية قبائل عربية كثيرة واستقرت فيها, وقد صالح أبوجعفر الامبراطور البيزنطي بعد أن خاص معه معارك كثيرة. ثم عيّن ساهاك البقردوني حاكماً على أرمينية.

وفي عهدي المهدي والرشيد, كانت أرمينية مقاطعة تتمتع بالحكم الذاتي, ويحكمها البطارقة الأرمن (وهم رؤساء الإِمارات الأرمنية) وكانوا يدفعون للدولة العباسية الجزية المقررة.

وفي عهد المعتصم عُين الأفشين عاملاً على أرمينية وأذربيجان فتحول إِلى مقاتلة بابك الُخرَّمي, فاستنجد هذا الأخير بالامبراطور البيزنطي الذي سارع إِلى نجدته, وتوغل في البلاد, يبطش بالحاميات العربية, غير أن أسر الأفشين لبابك (سنة 222هـ‎) جعل الامبراطور يعود إِلى بلاده.

وولى الخليفة المتوكل يوسف بن محمد عاملاً على أرمينية سنة 236هـ, فلم يحسن الإِدارة وأساء في تصرفاته وقبض على بعض الرؤساء وبعث بهم إِلى المتوكل. وغضب الأرمن لفعل يوسف وثاروا عليه وقتلوه سنة 237هـ, فوجه المتوكل بغا الشرابي إِلى أرمينية فأعاد إِليها الهدوء. وانتهج المتوكل سياسة جديدة عندما نصب آشوط بن سمباط البقردوني أميراً لأمراء أرمينية سنة 246هـ/ 861م. واستطاع هذا الأمير أن يخضع الأمراء الأرمن لسلطته كما ساعد العرب, فنُصِّب ملكاً على أرمينية واعترف به الملك البيزنطي وعقد معه حلفاً.

وبدءاً من هذا التاريخ حكمت الأسرة البقردونية (البغراتية أو البجراطية) أرمينية, ودام حكم ملوكها من سنة 272إِلى 464هـ/885 إِلى 1071م.

وكانت سياسة ملوك هذه الأسرة تهدف إِلى حفظ التوازن بين العرب والبيزنطيين والوقوف على الحياد بين الدولتين. ومن أشهر ملوك هذه الأسرة آشوط الثاني الذي لقبه الخليفة العباسي بشاهنشاه الأرمن, وآشوط الثالث الملقب بالرحيم الذي نقل العاصمة إِلى مدينة «آني» ونهضت في عهده البلاد عمرانياً وثقافياً.

ثم بدأت الإِمارات الأرمنية تتباعد وتفتقر إِلى الوحدة والتآلف, وتتحول إِلى دويلات ضعيفة لكل منها سياستها, فتوالت عليها النكسات والهزائم, وبدأت تتوالى عليها هجمات السلاجقة الأتراك, ورأى أحد أمرائها أن يتخلى عن دويلته لامبراطور بيزنطة مقابل منطقة سيواس في آسيا الصغرى, ثم انتقل بأربعين ألفاً من رجاله إِلى المنطقة المذكورة, فكانت هذه الهجرة الأرمنية الكبرى الأولى إِلى الشرق هي التي أضعفت المنطقة, وأعقبتها هجرات, فكانت نهاية دولة أرمينية الكبرى وانهيار حكم البقردونيين فيها, ووضع رجال الدين البيزنطيون يدهم على الأسقفيات والأديرة الغنية.

كان لبلاد أرمينية في الحقبة التي خضعت فيها للحكم العربي شأن اقتصادي مهم, فقد كان العدد الغفير من التجار والقوافل يعبرونها لتوسطها بين البحر الأسود وبلاد ما بين النهرين. وقد أفاض الجغرافيون العرب في وصف طرقها التجارية والحربية. وكان من أهم واجبات الولاة المسلمين الإِشراف على سلامة هذه الطرق.

أرمينية ما بين عامي 464و1335هـ/1071و1917م

أرمينية الكبرى:

بدأت غارات السلاجقة على أرمينية منذ عام 434هـ/1042م واستطاع الروم في البدء صد هجماتهم بفضل الحصون المنيعة التي كانت تحمي البلاد, ولكن السلاجقة ما لبثوا أن احتلوا «آني» ثم «قارص» ولم يأت عام 463هـ/1071م حتى أصبحت أرمينية «البيزنطية» تحت حكم السلاجقة, وذلك عقب معركة ملازكرد (ملازجرد) التي انتصروا فيها بقيادة ألب أرسلان على الروم. وتقسمت أرمينية بين عدة إِمارات سلجوقية كإِمارة خلاط التي أنشأها سقمان القطبي, وإِمارات خوي وسلماس وساسون.

وفي هذا الوقت بدأت قوة الكرج بالبروز. فبعد أن حرر هؤلاء بلادهم من حكم السلاجقة الأتراك احتلوا المقاطعات الشمالية والوسطى من أرمينية. وظل الوضع على هذه الحال حتى ظهور المغول الذين هاجموا خُوَارَزم وخُراسان وفارس والعراق وشمالي الهند وبلاد الكُرْج والأناضول وقضى زحف المغول على كل حضارة في تلك البلاد.

وبقي الأرمن طول المدة من القرن الثاني عشر إِلى الخامس عشر الميلادي يقاسون من الاكتساحات الطورانية (السلجوقية والمغولية والتركمانية), فبعد وفاة تيمورلنك خضعت أرمينية لحكم أوزون حسن (حسن الطويل) من الآق قيونلو (1453-1478م) الذي حكم البلاد الإِيرانية وبلاد الكُرْج وأرمينية. وفي هذا العهد بدأ التركمان يكونون العنصر الغالب في أرمينية إِلى جانب السكان الأصليين والكرد البداة, وكانت قد هاجرت إِلى أرمينية والأناضول قبيلتان تركمانيتان هما: آق قيونلو (الشاة البيضاء) وقره قيونلو (الشاة السوداء) واستقرتا فيها. وكانت وفاة أوزون حسن (سنة 882هـ/1478م) إِيذاناً بانحلال دولته وطمع شاه إِيران إِسماعيل الصفوي فيها, فأخذ يضم إِلى بلاده بالتدريج كل ما بقي منها لاسيما أرمينية. ولكن ذلك أثار عليه جاره العثماني محمداً الثاني (فاتح القسطنطينية) فنشبت الحرب بينهما, وكان من نتيجتها وضع أرمينية تحت حكم العثمانيين.

وحاول الشاه إِسماعيل استعادة الأراضي بعد موت محمد الثاني, فتغلب عليه سليم الأول مرة ثانية واحتل جميع بلاد أرمينية.

وفي بداية القرن السابع عشر الميلادي استولى عباس الأول شاه إِيران على إِقليم أرارات الأرمني من الأتراك العثمانيين, واجتاح أذربيجان, فعاد الأتراك واحتلوا البلاد, وأمر الشاه عباس بحرق إِقليم أرارات وما فيه من كنائس حتى لا يبقى لأعدائه شيء ينتفعون به. فاضطر أهالي البلاد من الأرمن إِلى النزوح عنها قاصدين أصفهان, حيث أنشأ الشاه لمن بقي منهم مدينة أسماها «جولفا». ثم كان لزعماء الكرد أثر في انتقال بلاد أرمينية من أيدي الفرس إِلى أيدي الترك, إِذ أصبح للكرد على مرّ الأيام مناطق كثيرة تخضع لسلطانهم المطلق, وقد استمرت المعارك بين الفرس والأتراك العثمانيين حتى سنة 1037هـ/1627م حين وقعت بينهما معاهدة سلام تخلى الشاه بموجبها عن إِقليم أرمينية وبلاد الكُرْج إِلى العثمانيين.

وفي عام 1148هـ/1735م عادت بلاد الكُرْج إِمارة تابعة لنادرشاه الذي استطاع أن يبسط نفوذه على أرمينية. ولكنه لّما رأى أنه غير قادر على حماية البلاد من العثمانيين ترك للروس أمر حمايتها, فوضع الروس يدهم على هذا الإِرث الذي مدّ سلطانهم أول مرة على بقاع أرمينية, وأعطاهم الحق بها بعد أن تنازل خليفة نادرشاه عن البلاد للقيصر.

وهكذا انضم إِلى أطراف النزاع طرف جديد هم الروس وكانت أولى المعارك بين الروس والفرس من أجل بلدة جنزرة, وانتهت بصلح غلستان الذي وضعت فيه الحدود الفاصلة بين بلاد القفقاس الخاضعة لروسية وبلاد فارس. ثم عدلت هذه الحدود في عام 1244هـ/1828م وأضحت كتلة جبل أرارات الكبرى هي الحدود الفاصلة بين الدول الثلاث المتنافسة, وانتقل بموجب هذا الصلح جزء كبير من أرمينية إِلى حكم ملك مسيحي, كما نص الصلح على أن يكون للمسيحيين الحق في الهجرة إِلى هذا الإِقليم, فاستفاد من ذلك رعايا الشاه من الأرمن, واستقر معظم المهاجرين في ناحية «قره باغ» التي استقبلهم سكانها من الأذربيجانيين ووطنوهم بين ظهرانيهم.

استمر النزاع بين الروس والعثمانيين وبين العثمانيين والفرس تدخلت فيه إِنكلترة وألمانية, واضطر العثمانيون إِلى التخلي عن إِقليم «خوطر» الأرمني للدولة الفارسية.

كذلك أدى الخلاف بين الروس والعثمانيين على البقاع المقدسة في أرمينية إِلى حرب جديدة عرفت بحرب القرم وكان ذلك ما بين 1853 و1856, ولما وضعت الحرب أوزارها تمتعت أرمينية بالسلام عشرين عاماً, ثم نشبت الحرب مرة ثانية بين روسية والدولة العثمانية وانتهت بصلح سان ستيفانو الذي أكده صلح برلين سنة 1878 وتخلت بموجب تركية لروسية عن جميع البقاع الواقعة على الحدود الروسية التركية القديمة, وكذلك عن جميع بلاد أردهان وقارص وباطوم.

وكان الأرمن يهاجرون في البدء إِلى روسية القيصرية يدفعهم إِلى ذلك فكرة الحرية والأمن غير أن روسية ما لبثت أن عمدت إِلى سياسة الدمج وإِذابة الفوارق العنصرية والدينية, وسعت إِلى جعل أرمينية مقاطعة روسية, فأقفلت المدارس الأرمنية وتدخلت في انتخاب «الجاثليق» الرئيس الديني الأرمني.

أما الأرمن الباقون في تركية فقط حظر عليهم حمل السلاح, وكانت كل مقاومة منهم تُعدُّ تمرُّداً. ثم جاء السلطان عبد الحميد بعشرات الآلاف من الأكراد البدو وأنزلهم في المناطق الأرمنية, وأنشأ منهم كتائب خيّالة مسلحة عرفت بالحميدية, كانت تنهب وتخرِّب في بلاد الأرمن. وأدى ذلك إِلى مذابح في ساسون وخربوط وطرابزون وأرضروم وأزرنجان وديار بكر وبدليس وسيواس وماردين وقيسارية (قيصرية), وقمعت مظاهرات حزب هنتشاك الأرمني في الأستانة.

وبدأ الأرمن في روسية يتسلحون ليساعدوا إِخوانهم في تركية, فخافت روسية من تزايد قوة الأرمن, وسلحت تتر أذربيجان وسيرتهم إِلى الأرمن, فأدى ذلك إِلى اصطدامات في باكو سنة 1905م. وعندما استولى حزب الاتحاد والترقي على الحكم في تركية كان للأرمن يد في مساعدته. فلما ألغى السلطان عبد الحميد الدستور لحق بالأرمن اضطهاد قاس, كما لحقهم مثل هذا الاضطهاد في نهاية الحكم العثماني عندما نفذ الأتراك سياسة التتريك. وكان من نتيجة ذلك وقوع ضحايا كثيرة من الأرمن في تركية, وهجرة الباقين منها إِلى سورية ولبنان ومصر وقبرص.

أرمينية الصغرى (مملكة كيليكية):

بعد أن بدأت هجمات السلاجقة على أرمينية أخذت الهجرات الجماعية الأرمنية تتوجه نحو كيليكية, كما توجه قسم كبير من الأرمن نحو بلاد القرم ومولدفية والمجر وبولندة.

وكان الأمير روبين البقردوني قد جمع أفراد الجالية الأرمنية في كيليكية وأنشأ فيها مملكة عرفت بأرمينية الصغرى (472-776هـ/1080-1375م), وكان ذلك في الوقت الذي جاء فيه الصليبيون. فتعززت العلاقات بين الطرفين, وناصر الأرمن الصليبيين. وعندما انتقل الحكم إِلى أسرة هيتوم وجد الملك المصاعب تكتنف بلاده, فالسلاجقة والروم في الشرق والمماليك في الجنوب, وأراد أن يستفيد من قوة كاسحة في الشرق هي المغول, فعقد مع الخان «منكو» حفيد جنكيز خان اتفاقاً أثار نقمة الملك الظاهر بيبرس فشنّ في سنة 664هـ حملة عسكرية اجتاح بها كيليكية, وتوالت بعد ذلك هجمات المماليك على دولة كيليكية حتى زمن السلطان الملك الأشرف, حين حاصر جيش المماليك مدينة سيس, كرسي دولة كيليكية, وفتحها في سنة 776هـ/1375م وقضى بذلك على دولة كيليكية (أرمينية الصغرى).

الأرمن (1917-1991):

أصبحت أرمينية جمهورية صغيرة مستقلة استقلالاً داخلياً ضمن الاتحاد السوفييتي[ر] وكانت تؤلف مع جمهوريتي أذربيجان وجورجية كياناً واحداً سُمي بجمهورية ما وراء القفقاس.

ومنذ عام 1936 ارتبطت مباشرة بالاتحاد السوفييتي وغدت أصغر جمهورياته الخمس عشرة. وقد قام الاتحاد السوفييتي بمحاولات لجعل أرمينية مركزاً يستقطب الأرمن المشتتين في العالم. وفي عام 1991 وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي والإِعلان عن استقلال جمهورياته أصبحت أرمينية دولة مستقلة ثم غدت عضواً في رابطة الجمهوريات المستقلة[ر.أرمينة (جمهورية -)].

الأرمن في العالم:

يعيش الأرمن المهاجرون في معظم أقطار أوربة وآسيا وأمريكة, فلهم جاليات في إِيران والهند وتركية والنمسة والمجر وبولندة وفرنسة وأمريكة وفي مصر وسورية ولبنان والعراق. وقد اختلفت المصادر في عددهم, فذهب بعضها إِلى أنهم ليسوا أكثر من مليونين ونصف المليون ووصلت مصادر أخرى بالعدد إِلى عشرة ملايين. وقد اشتهر الأرمني بالمثابرة وإِتقان العمل. ويمارس الأرمن التجارة والصناعات المهمة في البلاد التي يغدون مواطنين فيها. وهم يتكلمون لغة أوطانهم الجديدة إِضافة إِلى اللغة الأرمنية التي يتعلمونها في مدارسهم الأرمنية الخاصة بهم.

الديانة المسيحية والأرمن

تأثر الأرمن بديانات الدول التي حكمت بلادهم من الفرس والإِغريق, وقد تركت هذه الدول بصماتها الدينية على المعتقدات الروحية للأمة الأرمنية, فكانت تعبد الإِله «أهورامزدا» والإِله «ميثرا» ممثل الشمس والنور والنار عند الفرس, وقد سماه الأرمن «ميهر», كما عبدوا آلهة أخرى تقابل الآلهة اليونانية, وإِن ظهرت وفق أشكال أرمنية محلية.

وعند ظهور الديانة المسيحية صار لها أتباع وأنصار من الأرمن, وقد عانى هؤلاء من الاضطهاد في أيام خسرو (سنة 230م) ودرطاد الثالث. ثم إِن الملك درطاد اعتنق الديانة المسيحية وجعلها دين الدولة الرسمي عام 310م على الأرجح. وكان ذلك بتأثير غريغور بن أناك المعروف بالمنوّر. ودانت أرمينية بالمسيحية قبل أي دولة في العالم, وأصبح غريغور الرئيس الأعلى للكنيسة برتبة «جاثليق». وقد لقيت المسيحية مقاومة من الكهنة الوثنيين الأغنياء, ولكنها سرعان ما انتشرت. وبنى الملك مدينة اتشميازين (أواجميازين) لتكون كاتدرائيتها مقر الرئيس الديني الأعلى (الجاثليق). وغدا غريغور المنوّر شفيع أرمينية, ونسبت إِليه كنيستها فعرفت بالكنيسة الغريغورية الأرمنية.

والكنيسة الأرمنية مستقلة عن الكنائس المسيحية الأخرى وتسمى منذ سنة 506م بالكنيسة الرسولية المقدسة والجامعة. وللكنيسة الأرمنية تسع رتب لخدمة الدين, أولها الجاثليق (الكاثوليكوس) الذي يعدّ أكبر سلطة دينية وروحية لدى الأرمن, وللكاثوليكوسية الأرمنية اليوم مركزان واحد في اتشميازين (في جمهورية أرمينية), وآخر في انطلياس في لبنان, ويعرف باسم «كاثوليكوسية البيت الكبير لكيليكية».

وقد دخلت الكنيسة الأرمنية المجلس المسكوني للكنائس عام 1962م, وهي تعمل بنشاط في حركة تجميع الكنائس غير الخلقدونية.

اللغة والأدب

يجمع علماء اللغة المعاصرون أن اللغة الأرمنية فصيلة مستقلة من أسرة اللغات الهندية الأوربية, ليس لها فروع أو لغات مشتقة منها, ويعتقد أن الصور والرموز المنقوشة على الصخور التي عثر عليها في وادي نهر أراكس يمكن أن تكون شكلاً بدائياً للنصوص الأرمنية القديمة.

ولم تعرف اللغة الأرمنية حروفاً خاصة بها إِلا في أوائل القرن الخامس للميلاد, وقد استطاع «ميسروب ماشدوتس» Mesrop Mashdots سنة 405م أن يخترع الحروف الأرمنية مستفيداً من كفايته الأدبية واللغوية ومن إِتقانه للغات الرئيسية في زمانه وهي الإِغريقية والفارسية والسريانية. وسميت اللغة الأرمنية المصوغة بالأبجدية «غرابار» krapar, وإِلى جانبها كانت هناك لغة يتكلم بها الأرمن دعيت «اشخارابار» Achkharapar. وكانت أبجدية ميسروب مؤلفة من ستة وثلاثين حرفاً تكتب من اليسار إِلى اليمين, ثم أضيف إِليها بعد ذلك حرفان.

وكان أول عمل قام به الأرمن بعد وضع الأبجدية ترجمة الكتاب المقدس إِلى الأرمنية, كذلك ترجمة ما يتعلق بالشعائر المسيحية التي كانت من قبل تقرأ إِما بالفارسية أو السريانية أو اليونانية بحسب المناطق والأقاليم الخاضعة لنفوذ إِحدى الدول صاحبة اللغات.

ثم تلا ذلك حركة ترجمة واسعة امتدت من القرن الخامس الميلادي حتى منتصف القرن السابع, مما خلق جيلاً أرمنياً مثقفاً, وأعقب ذلك حركة تأريخ لتعريف الأرمن بتاريخهم. ومن أشهر المؤرخين موسى الخوريني الذي ولد في أواخر القرن السادس للميلاد. وقد وضع كتابه عن «تاريخ الأمة الأرمنية» ورجع به إِلى 2000 سنة قبل الميلاد. وقد كتب هذا التاريخ بأسلوب شعري في سرد الحوادث التي استوحاها الكاتب من الأناشيد القديمة والحكايات الشعبية الشفوية والآثار المدونة. ومن المؤرخين «غوفون» الذي أرخ لدخول العرب أرمينية, و«اريستاخوس» الذي شهد غزوات السلاجقة. كما أن بعض المتعلمين عالجوا موضوعات علمية تدور حول الطبيعة والرياضيات والجغرافية, وذلك منذ بداية القرن السابع الميلادي.

أما الشعر فقد بدأ ينظم في العصور السابقة للمسيحية, وتجمعت منه قصائد ومقطوعات كثيرة, وكان منشدها يسمى «آشوغ» أي الزجّال أو القوّال, وكان هؤلاء الزجالون يرتلون الأناشيد الملحمية للملوك ويشيدون بآلهتهم وأبطالهم, وكان المنشدون يترنمون بها على أنغام الآلات الموسيقية. ومن الأناشيد ما هو وطني النشأة, وما نقل عن حكايات الفرس والكرد وما كان مستوحى من أساطير الهند أو اليونان.

غير أن الملحمة الشعبية الأرمنية الخالصة تكونت بين القرنين التاسع والثالث عشر, ودونت باللهجة الأرمنية المحلية, ومن أشهرها ملحمة داود الساسوني التي تمثل كفاح الشعب الأرمني.

واشتهر شعراء لاهوتيون من الأرمن, منهم نرسيس شنورهالي الذي كان من دعاة استخدام اللغة العامية, وأهم قصائده «مناحة أورفه» التي تتألف من 4000 بيت شعري. ومن أدباء الكنيسة أيضاً ميسروب الذي مرّ ذكره ومخيتيار أو مخيطيار الذي أسس معهداً دينياً في القرن السابع عشر, انطلق منه تلاميذه يؤلفون ويترجمون ويطبعون الكتب, وما تزال مؤسسته حتى اليوم أحد المراكز التي تنتشر منها الثقافة الأرمنية إِلى مختلف الدول التي يوجد فيها أرمن. وقد انفتح الأرمن الذين هاجروا إِلى كيليكية على الأدب الغربي, فدخل الشعر عناصر لم تكن معروفة كالوصف والغزل وأثرت فيه حتى أخرجته عن نطاق الدين.

وقد بقيت اللغة الكلاسيكية لغة التعبير وإِن فقدت حيويتها ونضارتها, ثم اتجه التعبير شيئاً فشيئاً نحو لغة الحياة المحكية أي لغة الكلام وهي «الأشخارابار» التي صارت لغة الكتابة والقراءة, أما اللغة الأصلية (الغرابار) فما تزال اللغة الدينية للصلوات والتراتيل عند الأرمن. وقد أدى ذلك إِلى وجود لغتين يكتب بهما الأرمن اليوم: اللغة الشرقية المحكية والمكتوبة حديثاً في جمهورية أرمينية وإِيران, ولغة غربية انتشرت مع المغترب الأرمني وهي أقرب ما تكون إِلى لغة الغرابار.

ويبدو أن الشعر كان أوفر حظاً في أرمينية نفسها, وإِن كان ثمة أدباء أرمن تذكر آثارهم باستنادها إِلى التاريخ الأرمني. أما أدباء «الُمغْتَرب» الأرمن فيبحثون في أدبهم عن هويتهم الصحيحة بين أرمنيتهم ووطنهم الذي يعيشون فيه, وقد ترك بعضهم اللغة الأرمنية وأخذ يكتب لغة الوطن الجديد, كالكاتب الأمريكي الأرمني وليم سارويان. كما كتب بعض الأرمن الذين يعيشون في العالم العربي باللغة العربية, ومنهم عدد من مشاهير الكتّاب والصحفيين, من أقدمهم رزق الله حسون الذي أصدر جريدة «مرآة الأحوال» وكان يناظر فارس الشدياق, ومنهم كذلك أديب إِسحق[ر] الذي عمل في الصحافة والأدب.

ج.ت

الموسيقى الأرمنية

تأثرت الموسيقى الأرمنية بالموسيقى السورية والموسيقى اليونانية - البيزنطية, وتأثرت من بعد البيزنطية بالموسيقى التركية التي كانت لها بصماتها الواضحة في شعوب الشرق الأدنى. وتعود جذور الموسيقى الأرمنية إِلى نحو ثلاثة آلاف سنة, ويعود تاريخ النقوش في بعض المواضع الأثرية إِلى الألف الأول قبل الميلاد, إِذ اكتشف في هذه الحقبة بعض الآلات الموسيقية كالناي ذي الخمسة ثقوب المصنوع من الذهب, والصنوج المصنوعة من البرونز. واتخذت الموسيقى عند الأرمن, ما بين القرنين الثالث والرابع ق.م, صبغتها الخاصة من الملاحم المغنّاة التي تعود إِلى القرن السادس ق.م.

وأدى استقرار الدولة زمن الملك ديكران الثاني العظيم Dikran II (95-55ق.م) دوراً مهمّاً في نشوء الموسيقى الأرمنية الوطنيّة, إِذ تطورّت الأناشيد والقصائد. ونشأت فِرَقٌُ موسيقية من سَدَنَةِ المعابد والمرتِّلين ومن المنشدين القوَّالين الذين أسهموا في رفد الموسيقى والغناء بإِبداعاتهم. ويعد العصر الهليني بداية حقيقية للموسيقى والغناء في أرمينية.

بدأ الغناء الأرمني, وهو أحادي الصوت monophonic, بإِنشاد الملاحم على أنغام الآلات الموسيقية. وكان الزجّال أو المنشد يذكر مع القصيدة التي ينشدها النغم الذي سوف ينشد عليه الشعر, كما يعيّن أحياناً الآلة الموسيقية المرافقة, وكانت الأناشيد تلقى في الأعراس والمآتم. وبعد انتشار المسيحية, ظهرت الموسيقى الدينية واختلفت في أدائها وألحانها عن الموسيقى الشعبية. وكانت «المزامير» في البدء هي نصوص الترانيم الطقسية, ثم بدئ بتأليف القصائد الدينية المستوحاة من المزامير ومن حاجات الأرمن الروحية. وتتسم الألحان الأرمنية بنبرة حزينة تصور معاناة الشعب الأرمني في مسيرته التاريخية.

السلالم الموسيقية الأرمنية مبنية على ترابط سلاسل الأجناس (البعد ذو الأربع tetrachord) والعقود (البعد ذو الخمس pentachord) [ر.الموسيقى], شأنها في ذلك شأن ما كان لدى اليونان قديماً. وعلى هذا, فالموسيقى الأرمنية, كالبيزنطية والفارسية والعربية والتركية, هي موسيقى «ميكروتونية» microtonic أي إِنها تعتمد في تركيبها على الجزء الصغير من البعد الطنيني ton, وفيها سلالم شرقية تتصف باستعمال الفاصلة الثنائية المزيدة augmented second, كما هو الشأن في الموسيقى بوجه عام. ومازال الأمر كذلك في الكثير من الموسيقى الشعبية الأرمنية المركزة على السلم الطبيعي لا المعدل. أما الموسيقى الأرمنية المعاصرة, فهي متعددة الأصوات (بوليفونية) polyphonic ويصدق ذلك على الموسيقى الكنسية أيضاً.

وتشير المصادر التاريخية عن الموسيقى, بين القرنين العاشر والخامس عشر, إِلى تطوُّر فنّ صناعة الآلات الموسيقيّة مثل القيثارة الرباعيّة الأوتار والثُّمانية الأوتار, والمُسْتَحدثة كآلة السَنْطِير والقانون والأُرْغَانُونْ, كما تطوَّرَتْ مفاهيم العزف وتأليف القِطَعِ الموسيقيّة.

وظهر نَمَطٌ من الغناء والموسيقى عُرِفَ, في القرنين السابع عشر والثامن عشر بفنِّ العشق بفضل مؤسسة كوتشاغ نهابيد K.Nahabéd وقد انتشر هذا الفنّ مع الأرمن في بلدان المهجر والمُغْتَرَب وسادت موسيقى آلة السَّازْ Saz التي انتشرت بفضلها ألحان شعبيّة أرمنية قديمة يؤدّيها العازف الملحِّن الذي كان في كثير من الأحيان مؤلِّفاً لقصائده المغنّاة أو أحد رواة الشعر الملحميّ الغنائيّ.

وحاول الشمّاس كريكور كَابَاسَاكَلْيان Krikor Kabssakalian إِعادة تشكيل الأوزان الموسيقيّة والألحان القديمة المُعَقَّدة بكتاباتها وعلاماتها, بهدف استحداث أبجديّة موسيقيّة جديدة تشمل كلّ المقامات الموسيقية والألحان القديمة من دمج التدوين الموسيقي الأرمني الشرقي والبيزنطي, وهو وإِنْ لم ينجح في ذلك, فإِنّه وضع لبنة الأساس لعلم الأوزان الموسيقيّة الأرمنيّة الحديث.

سايرت الموسيقى الأرمنية الحديثة الركب الموسيقى الأوربي, وبدأ المؤلفون الموسيقيون الأرمن يصوغون ألحانهم وفق القوالب الموسيقية الغربية؛ منهم: ديكران جُوخَجْيان Dikran Djoukhadjian الذي عاش في اصطنبول (تركية) بين 1830 -1898م, وألّف أوبرا Opera «المِلك أَرْشَاغ الثاني» Le roi Archag II التي تُعد بداية تطوُّر فنّ الأُوبِرا الأوربي عند الأرمن.

وبين أهم الشخصيات في تاريخ الموسيقى الأرمنية: الراهب كوميداس Komitas (1869-1935م), الذي ولد في كوتينة غربي الأناضول وتوفي في باريس, وقد أطلق اسمه على المعهد الموسيقي الوطني في يريفان العاصمة. ويعد كوميداس مؤسس الموسيقى الكلاسيكية الأرمنية, فقد جمع الألحان والأغاني الشعبية ليصوغ منها موسيقى وطنية, وعرف, وهو المتضلع من الموسيقى الشرقية والغربية معاً, كيف يكتشف العناصر الأكثر حيوية, والخطوط الوطنية الأكثر بروزاً, فعمل فيها بدقة فنية عالية ليخرج نماذج حقيقية تعكس عمق الإِبداع الشعبي بنكهتها وحكمتها.

درس كوميداس أولاً في تفليس Tiflis عاصمة جورجية, ثم في برلين حيث تابع دراساته في التأليف والغناء والقيادة وعلم الموسيقى والتربية والفلسفة. وأشهر أعماله «القداس» التي وضع لها تعديلات أو تكييفات arrangements من ألحانه ومن الأغاني الشعبية, فصاغها على أساس الانسجام اللازم للجوقة الغنائية أو للرباعي الوتري أو لمجموعات أخرى.

ومن بين الموسيقيين الأرمن الذي جلّوا في تأليف الأوبرا في أواخر القرن التاسع عشر: أَرْمين ديكران Armenne Dikran في أوبراه «آنُوشْ» Anouch وهي أشهر أوبرا أرمنيّة حديثة تحظى بشعبيِّة واسعة داخل أرمينية وخارجها, وألكسندر سْبِندريان Alexandre Spendarian في أوبرا «ألماست» Almast وقد دعيت دار الأوبرا في يريفان باسمه. كما اشتهر في هذه الحقبة كل من: كارامورزا karamourza, ويكْماليان Yekmalian اللذان برعا باستخدام «الانسجام» harmony وتعدد الأصوات في موسيقى الجوقة الغنائية.

نشطت الأعمال السمفونية والجوقية الغنائية والفرق الموسيقية المختلفة في أرمينية في أوائل القرن العشرين, وأسهم الكثير من الموسيقيين في هذه الأنواع وغيرها من التآليف الموسيقية, فانتقلت مؤلفاتهم من الإقليمية إِلى العالمية. وبين هؤلاء أروتونيان Aroutunian وباباجانيان Babajanian, وخاتشادوريان Khatchatourian [ر], وأوغانسيان Oganessian, وكلهم من مواليد أواخر القرن التاسع عشر وأوائل العشرين. أما خارج أرمينية, فقد لمع هوفهانس Hovhaness الذي ولد عام 1911م في الولايات المتحدة الأمريكية, وكانت أكثر مؤلفاته تحمل عناوين أرمنية, منها حوارية (كونشرتو) للبيانو مع الوتريات بعنوان «سطوع النور» lousadzak, ومنها مؤلفات تحمل أسماء شخصيات أرمنية شهيرة مثل: خيريميان هايريغ khirimian Hairig, وديران Diran, وآفاك Avak. ويُعد شارل أزنافور Ch.Aznavour الذي أقام في فرنسة, من أشهر المغنين والملحنين الأرمن خارج وطنهم.

تشير لفظة «خال» Khal في الفولكلور الأرمني إِلى الغناء والرقص معاً. والأرمن يرقصون عندما يغنون, ويغنون في أثناء الرقص. ويكن تصنيف أغانيهم إِلى: أغاني الحياة, وأغاني العمل وأغاني الأعياد, وذلك إِضافة إِلى اهتمامهم بالأغاني الجوقية والموسيقى الخفيفة والحديثة للفرق الموسيقية. ثم إِن الكثير من الآلات الموسيقية الشعبية لديهم يشبه بالاسم والشكل والوصف تلك المعروفة لدى شعوب شرقية لها طابعها الموسيقى الخاص. ومن بين هذه الآلات, آلات وترية مثل العود والقانون والتار Tar (وصندوقها بشكل 8), والساز (وصندوقها بشكل نصف إِجاصة كالبزق), والسنطور, والكنار Knar, ومن بينها كذلك آلات النفخ مثل الدودوك duduk (بقصبة مزدوجة), والزورنة zourna التي تشبه البومبارد bombard من أسلاف الكلارينيت, والتوتاك toutak التي تشبه الصفارة fifre, والباركابيزوك parkapezouk التي تشبه القربة الاسكتلندية. ومن الآلات الإِيقاعية: الطبل الصغير أو ديهول dehole, والدف duph, ومن أنواعه دف بمقياس كبير كالمزهر, والنقارة naghara.

وأما الرقص الأرمني فقديم جداً كما هو عند باقي الشعوب. وقد نشأ فنّاً يؤدّيه كاهن أو ساحر قبالةَ جمهور المُتَعَبّدين, مرتدياً زيّاً خاصاً من جلد الماعز. ثم أصبح الرقص يؤدى من قبل الجماعة موقَّعاً من آلة إِيقاع لضبط حركات الراقصين. وقد فرض تنوُّعُ الأعمال تنوُّعُ حركات الراقصين مما استدعى وجود إِيقاعات متنوِّعَةً للرقصات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحالة الروحية المرافقة للعمل.

والراقص عند الأرمن القدماء جزء لا يتجزّأ من طقوس العبادة والشعائر الدينية الوثنية. ثم تحول إِلى اللياقة البدنية عند الشباب لرفد المحاربين, ومنه كانت الرقصة الحربية التي يؤديها شابان يتبارزان بالسيف, وقد جعل منها المؤلف الموسيقي خاتشادوريان «رقصة السيوف» وهي إِحدى الرقصات في مؤلفته باليه «غايانه» Gayaneh.

أما عن الرقص الَجماعي المُخْتَلَط بين الذكور والإِناث فيُعتقد أنَّه نشأ عن الممارسات الاجتماعية المرتبطة بحفلات الأعراس ومراسم الزواج والأعياد وبعض الطقوس الدينية الوثنية الشعائرية, كعيد نافاسارت Navassart, الوثني والاحتفالات المرافقة له.

والرقصات الأرمنية كثيرة ومتعددة المناسبات منها ذات أصل طوطمي كرقصة شجرة البخور, ورقصة شجرة المشمش, ورقصة النَحْس والدفن التي تُعَدُّ من الرقص الجَّنازيّ وكانت تهدف إِلى طرد الأرواح الشريرة التي تتجمّع حول رأس الميت. وقد تطوَّرَ مدلولُ هذه الرقصة فيما بعد إِلى إِحياء ذكرى الأموات أو المفقودين. وهناك رقصة دينية قديمة «ماخوخابري» makhokabri تُؤَدّى في الأعياد والمناسبات الحزينة والطقوس والشعائر والعبادات المرتبطة بالحزن والحداد.

ولم ينحصر الرقص الأرمني الشعبي في أرمينية, فقد حمله المهاجرون واللاجئون الأرمن الُمرَحَّلون من ديارهم إِلى المَهَاجِرِ والمُغْتَرَباتِ, ونشأت فرق للرقص الأرمني في كلِّ من إِيران وسورية ولبنان ومصر وأمريكة الشمالية وغيرها من البلدان؛ حافظت على تراثها الفنيّ, كفرقة الرقص الشعبي الأرمني اللبنانية بقيادة الفنان كيغام, وفرقة جمعية الجيل الجديد الثقافية للرقص الشعبي في سورية بقيادة الفنان السوري أبراهام كوستانيان.

أما الرقص الأرمني الحديث, فقد عني بالرقص التعبيري وهو «الباليه» الذي ظهرت بداياته في أرمينية في منتصف القرن التاسع عشر اعتماداً على المشاهد واللوحات الغنائية الراقصة في المسرحيات الغنائية القصيرة (الأوبريت) Operette ومن الفنانين الأرمن الذين عملوا في تصميم رقصات الباليه: آرباتوف واسمه الحقيقي يغيا يغياي يعقوبيان Yéghia Yéghiai Yacoubian (1884-1967). وقد عمل خارج أرمينية. والفنان ف. آريستاكيسيان V.Aristakéssian الذي أسس المحترف الحكومي Studio لفن الرقص عام 1924 في مدينة يريفان حيث درَّس فن الرقص الشعبي والكلاسيكي وفن الرقص القفقاسي ومن ثم أسَّسَ عام 1937م مع الفنان سيرونيان Sirounian معهد الرقص في يريفان. كذلك صمم الفنان آرباتوف رقصات باليه «السعادة» لخاتشادوريان وضمّنها لوحات شعبيةً راقصة زاوج فيها بين الرقص الشعبي الأرمني والرقص الكلاسيكي التعبيري, في حين صمم آنيسيموفا Anissimova رقصات باليه «غايانه», وصمم ي.تشانكا Yé Tchanga رقصات باليه «سبارتاكوس» لخاتشادوريان أيضاً.

هشام الشمعة

المسرح الأرمني

للمسرح الأرمني تاريخ قديم اكتنفته الأساطير. وكانت الفرق الشعبية تؤدي حفلات تمثيلية في الأعياد الدينية والمناسبات الوطنية. وبعد انتشار المسيحية بدأت تمثل مسرحيات في أفنية الكنائس والمعابد, واقتصر العمل المسرحي على هذا النحو إِلى أن خيّم السكون على المسرح حتى القرن الثامن عشر. وفي القرن التاسع عشر أخذ الأب ميناس المختياري يترجم مسرحيات لتمثل في المدارس, ثم أخذت موسكو تستقطب الحركة المسرحية الأرمنية مع قيام الجمهورية الأرمنية الاشتراكية السوفييتية (سابقاً), وفي يريفان اليوم عدة مسارح هدفها تحويل الفن المسرحي إِلى فن شعبي. وقد تم من أجل ذلك إِنشاء المعاهد المسرحية لتخريج الممثلين والمخرجين والمساعدين في مختلف اختصاصات المسرح. ومن أهم المسارح المعروفة: مسرح يريفان الدرامي (أو المسرح الأرمني), ومسرح يريفان الكوميدي, ومسرح يريفان الحكومي. وهناك مسارح أرمنية معروفة منها مسرح صوندوكيان الكبير.

العمارة والفنون الأرمنية

لأرمينية تاريخ فنون موغل في القدم, فالتنقيب الأثري فيها أسفر عن كشف مستوطنات بشرية تعود إِلى العصر الحجري الحديث (النيوليتي) الذي يصل إِلى الألف الثامن قبل الميلاد, وإِلى عصر المعادن (البرونز والحديد) الذي يصل إِلى الألف الثالث قبل الميلاد, مما يدل على قدم اشتغال سكان المنطقة بالتعدين وعلى وجود حضارة مستقرّة.

ومما ساعد على جودة العمارة والنحت في أرمينية غنى البلاد بأنواع الحجارة كونها هضبة واسعة ذات طبيعة جبلية. وتسمّى تلك البلاد باللغة الأرمنية كاراستان Karastan وتعني بلاد الحجر.

تعود نماذج التصوير الجداري والفسيفساء في أرمينية إِلى القرن الأول قبل الميلاد, أما المخطوطات الأرمنية المصورة (المنمنمات) فأقدمها يعود إِلى القرن العاشر الميلادي علماً بأن الألفبائية الأرمنية قد وضعت في بداية القرن الخامس الميلادي.

العمارة

أـ من البدايات حتى انتشار المسيحية

تعود المستوطنات البشرية في أرمينية إِلى الألف الثامن قبل الميلاد وهي المكتشفة في مواقع أرغانا Arghana قرب أفان Avan في غربي البلاد وفي موقع يعرف اليوم باسم تشالني تِبِسّي Tchalny Tépéssy. كما اكتشفت مستوطنات أخرى تعود إِلى الألف السابع قبل الميلاد فيها بقايا لعمارة من الحجارة المغموسة بالطين وعثر فيها على أدوات وأسلحة حجرية ومعدنية وفخارية ودمى ونقوش, ومن أقدم تلك المستوطنات موقع شنكافيت Chengavit على نهر هرازدان Harazdan جنوب غربي العاصمة الحالية يريفان Yérévan وموقع مدزامور Medzamor في سهل أرارات Ararat الذي يعود إِلى الألف الرابع قبل الميلاد. وفي منطقة اتشميازين Etchmiadzin التي ظلت مأهولة حتى العصر الوسيط, عُثر على مستوطنة تعود إِلى الألف الثالث قبل الميلاد عمل سكانها بالزراعة وتربية الماشية وعرفوا التعدين. وفي منطقة بحيرة سيفان Sévan عثر على مدينة في موقع لجاشين Ldjachen تعود إِلى الألف الثالث قبل الميلاد, وقد عرفت تلك المدينة أيضاً باسم بيرت شين Bertchen, وكانت تضم مباني سكنية وقلعة, وتبلغ مساحتها ما يقرب من خمسة وثلاثين هكتاراً. وفي منطقة أرتيك Artik التي تحوي تلالاً متعددة تم الكشف عن مستوطنة هوروم Horom من الألف الثالث قبل الميلاد أيضاً, وهي مدينة محصّنة بعدة حصون بنيت بالحجارة المغموسة بالطين, وقد استمر هذا الموقع مأهولاً حتى القرن الثاني عشر قبل الميلاد.

وقد لوحظ أن الخلية السكنية المنفردة ظهرت في أرمينية في الألف الرابع قبل الميلاد واستخدم في بنائها الطين, وكان شكل البناء مستديراً في أرمينية الشمالية, أما في المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية فقد ساد الشكل المربع. وقد تجاور شكلا البناء المستدير والمربع في منطقة سهل أرارات.

أما في الألف الثالث قبل الميلاد فقد تم التخلي عن البناء المستدير وساد البناء المربع وتعددت الوحدة المربعة في المسكن الواحد مما دعا إِلى تدعيم الجدران الخارجية للبناء بجعلها أكثر سماكة مما مهّد لظهور المدينة والعمارة العسكرية.

وفي الألف الثاني قبل الميلاد تطورت عمارة المدينة وخاصة في المنطقة الواقعة بين نهري غور Gour وأراكس Arax, فكبرت مساحة الأرض المبنية لأكثر من عشرة هكتارات, واستخدمت الكتل الحجرية والبناء وأقيمت الحصون المنيفة, وضمت المدينة في تخطيطها أزقة وشوارع منظمة وظهرت أماكن الاجتماع العامة كالمعابد. إِن من أهم مدن تلك المرحلة زوراكار Zorakar التي وفّر لها موقعها الخاص, على منحدر صخري ينتهي بواد حمايةً طبيعيةً جعلتها غير محتاجة إِلى كثير من التحصين. واستخدم نوعان من الأحجار في أبنية المدينة, الأول عادي للجدران والثاني أحجار مسطحة ومستطيلة استعملت في سقف الغرف. وتأتي أهمية موقع زوراكار (اسمها اليوم غوشنداش Gjochonndache) إِضافة إِلى ما تقدم باحتوائه على عمارة جنائزية على شكل أبهاء تبلغ مساحة الواحد منها نحو مئة وخمسين متراً مربعاً, وتشكل القبور في مجموعها «مدينة موتى» Necropole, كان المحرّض على بنائها المعتقد الشائع آنذاك, وهو عبادة أرواح الأجداد والإِيمان بانبعاثهم.

ويعد موقع مدينة دوشبا Duchba مثلاً على عمارة الألف الأول قبل الميلاد, وكانت تلك المدينة, التي تقع على الضفة الجنوبية لبحيرة فان Van, عاصمة مملكة أورارتو Urartu في القرن التاسع قبل الميلاد, وقد ورد اسمها في سجلات الملك الآشوري شلمنصر الثالث, وكانت تلك المدينة قائمة على مرتفع صخري وأسوارها مبنية بحجارة ضخمة طول الواحد منها نحو ثلاثة أمتار وكان كل سور يتألف من جدارين متوازيين تملأ الفجوة بينهما حجارة مغموسة بالطين.

وكان الملك الأرمني أرغشتي الأول Arguichti I قد أسس عام 782 ق.م مدينة إِيريبوني Érépuni, حسبما جاء في الوثائق المسمارية التي عثر عليها في أنقاض موقعها جنوب شرقي العاصمة الحالية يريفان, فكانت مركزاً اقتصادياً وإِدارياً وعسكرياً في سهل أرارات, وكان حصنها قائماً على هضبة مثلثة, وبلغت مساحته نحو هكتارين, ويحيط به سور أسفله من البازلت والحجر السماقي وأعلاه من الطين.

وقد عُثر في أنقاض قصر الملك الآشوري صارغون الثاني (722-705ق.م) على نصب تذكاري يخلّد انتصاراته على الأرمن, ونهبه لمعبد مدينة موساسير Moussassir التي تقع بين بحيرة فان وبحيرة رومية. وأكدت المعطيات الأثرية الحديثة تلك الواقعة التاريخية, كما بينت أن أسلوب بناء ذلك المعبد يشبه إِلى حد كبير أسلوب معبد البارتينون في أكروبول أثينة علماً بأنه سابق له بثلاثة قرون, في حين تختلف منحوتات المعبد الأرمني عن التي في الأكروبول, فأسلوبها محلّي يقارب في مفهومه النحت الرافدي.

والملاحظ أن فن العمارة في أرمينية في الألف الأول قبل الميلاد حمل تأثيرات آشورية, وهناك مدينة أخرى أسسها الملك أرغشتي الأول عام 776ق.م في شمالي أرمينية سميت «أراغشتي خينيلي» Arguichti Khinili, وغدت موقعاً دفاعياً واقتصادياً يبعد خمسة كيلومترات من نهر أراكس ويمتد حتى تل القديس داوود الصخري. تقارب مساحة المدينة عشرة كيلومترات مربعة وتضم قصر الملك ومعبد الإِله خالدي Khaldi, وكلاهما يحمل صفة الحصن الدفاعي إِضافة إِلى سور المدينة.

يقوم نظام تخطيط المدينة في ممالك أرمينية القديمة أساساً على القلعة المحصّنة المشيدة على تل عال والمنطقة السكنية المحيطة بها على سفوح التل. وكان تصميم المسكن يتألف من فسحة سماوية تحيط بها غرف مسقوفة. واتصفت القصور الملكية ومساكن النبلاء باحتواء الواحد منها على طابقين وأحياناً ثلاثة, فيخصص الطابق الأول للمؤن والثاني للمعيشة والاستقبال والرصد. وقد عرفَتْ المدن الأرمنية بدءاً من القرن التاسع عشر قبل الميلاد, نظام أقنية الري وأقنية الصرف الصحي مثل قناة شاميران Chamiran في مدينة فان. وارتقت تقانات البناء في أرمينية في القرن السادس قبل الميلاد فعم الاهتمام بالحجر المنحوت.

الواجهة الشمالية الغربية لكاتدرائية اتشميازين

(القرن الرابع الميلادي)

جدير بالذكر هنا أن أرمينية أصبحت في هذه الحقبة محمية في ظل امبراطورية فارس الأخمينية وتحظى بقسط من الاستقلال تحت حكم السلالة الأرمنية الأرفندونية Ervandouni, وظلت على هذه الحال ما يقارب القرنين بدءاً من منتصف القرن السادس قبل الميلاد, وقد جاء ذكر المدن الأرمنية ومبانيها في كتابات كل من المؤرخين هيرودوت (نحو 484-420ق.م) وكسينوفون (نحو 420-355ق.م).

وبعد سقوط الدولة الأخمينية خضعت منطقة أرمينية للهيمنة الهلينية حقبة امتدت من القرن الثالث قبل الميلاد حتى ما يقارب نهاية القرن الثالث الميلادي, وكما دخلت في علاقات فنية وثقافية وعمرانية مع رومة منذ القرنين الثاني والثالث الميلاديين. وقد تم في الحقبة الهلينية إِنشاء عدد من المدن أهمها: أرمافير Armavir ويرفانداغيرد Yervandaguerd وزاريشاد Zarichad وديكراناغيرد Dikranaguerd التي اشتهرت بمسرحها وبأسوارها التي بلغ ارتفاعها نحو خمسة وعشرين متراً, وكانت على درجة من الضخامة استوعبت مساكن الحامية واسطبلات الخيل. وقد كشفت حفريات مدينة غاراني Garni, وهي المقر الصيفي للملك, عن حمامات القصر الملكي وعن أرضيات مرصوفة بالفسيفساء.

ب - من انتشار المسيحية حتى العهد السوفييتي

أدى اعتناق الأرمن الديانة المسيحية عام 301 م إِلى تغيير نظام العمارة الأرمنية تبعاً لشعائر الدين الجديد. ويعود تأسيس كنيسة إِتشميازين Etchmiadzine وهي الكنيسة الأم في أرمينية إِلى 301-303م. ويعتقد أن واضع حجرها الأساس هو القديس غريغور المنوّر Grigor l'éluminateur شفيع الكنيسة الأرمنية.

كانت الكنيسة في أرمينية تتألف في البداية من جناح واحد مثل ما كان متبعاً في المعابد الوثنية السابقة, وقد تم تحويل عدد من المعابد الوثنية إِلى كنائس مسيحية, وحل الهيكل محل منصة المذبح وهو القسم الشرقي من الكنيسة حيث توجد المائدة Autel, كما هدم بعض المعابد وشيدت كنائس في مكانها بإِعادة استعمال حجارتها مثل كنيسة أفان Avan التي بنيت على أنقاض معبد وثني من القرن الأول قبل الميلاد.

ولقد تطور بناء الكنائس في أرمينية في القرنين الرابع والخامس فبدأ النموذج المؤلف من ثلاثة أجنحة المأخوذ عن نظام البازيليك[ر] Basilique البيزنطي مع المحافظة على الروح الأرمنية فيما يتصل بالنسب المعمارية والأسلوب والزخرفة, ومن ذلك كنائس كازاغ Kasagh وأشتراك Achtarak ودزرزرنافانك Dzirzernavank.

وكانت الأبنية البازيليكية في أرمينية تحوي أربعة أو ستة أزواج من الأعمدة وأحياناً سبعة ليمتد السقف المحمول عليها حتى خارج الجدار الشرقي للكنيسة مسافةً تحمي المحراب. وكان يعلو البازيليكات ذوات المحاريب الثلاثة سقف مثلثي (جملون) يغطي المحراب الأوسط. أما بازيليك أيريرويك Ererouyk وبازيليك تيكوز Tekir فتشبهان في مظهرهما الكنائس السورية, مثل كنيسة ترمانين (المهدمة اليوم) وكنيسة سمعان العمودي في شمالي سورية وخاصة تيجان الأعمدة والنوافذ.

وقد ظهرت القبة الخاصة بالكنيسة الأرمنية في القرن الخامس الميلادي واتخذ مخطط الكنيسة شكل صليب في القرنين الخامس والسادس. ثم تطورت القبة من هرم رباعي الوجوه إِلى سداسي أو ثماني الوجوه.

وتعد كنيسة زفارتنوتس Zvartnots, التي بنيت سنة 642-662م. بأمر من الجاثليق نرسيس الثالث دايتسي البنّاء Nerssés Daietsi III نموذجاً فريداً للعمارة الأرمنية, لتصميمها الدائري وطرازها المخروطي المتدرج وقبتها الدائرية المضلعة السطوح. ومن الكنائس الأرمنية المهمة في القرن السابع الميلادي كنيسة القديسة هرِبْسِمِه Hripsimé في موقع فاغارشاباد Vagharchabad وقد بنيت بأمر الجاثليق كوميداس Gomidas.

أدى قيام الدولة البقرادونية Bagratouni في أرمينية من القرن التاسع الميلادي حتى الحادي عشر, إِلى انتعاش دور المدينة. وفي عام 961 م صارت مدينة آني عاصمة للدولة وبرز في هذه المرحلة اسم المعمار تريدات Tridate الذي بنى كنيسة آني الكبرى (989-100م).

وقد نشط بناء الأديرة والكنائس في كيليكية وخاصة في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين مثل دير خستُنك Khestonk ودير هرونوس Hronos وكنيسة هاغبات Haghbat, وتعد كلّها من روائع العمارة الأرمنية في القرون الوسطى, ويلاحظ تأثير العمارتين البيزنطية والفرنجية على العمارة الأرمنية في تلك الحقبة.

كذلك شارك معماريون أرمن في تخطيط الحصون الصليبية في كيليكية وبنائها, مثل أسوار مدينة آني وقلعة سيس Sisse المتميزة ببواباتها الداخلية التي تفضي إِلى سبعة أجزاء معمارية تؤلف مجتمعة جسم قلعة سيس, وقلعة لامبرون Lambron.

وأدى الازدهار الاقتصادي في أرمينية في القرن السابع عشر إِلى توسّع شبكة الطرق البريّة مما دعا إِلى بناء عدد من الجسور على الأنهار.

ونمت حركة التوسع العمراني في أنحاء أرمينية في القرن الثامن عشر, واشتهرت في هذه المرحلة أسرة باليان Balian الأرمنية التي توارثت العمارة سبعة أجيال في زمن السلطنة العثمانية, وبنت في أرجائها منشآت كثيرة.

ج - العهد السوفييتي وما بعده

طغت نظم العمارة السوفييتية على أرمينية منذ سنة 1922م بعد استقرار السلطة السوفييتية هناك، فقد وضع المعمار الكسندر تامانيان A. Tamanian سنة 1924 خططاً لتوسّع مدينة يريفان حتى تستطيع احتواء مئة وخمسين ألف نسمة جدداً. ومع أن تامانيان تبنى طراز العمارة السوفييتية القائم على المبالغة في العناصر الكلاسيكية فقد قام أيضاً بإِدخال زخارف ورموز مقتبسة من العمارة الأرمنية التقليدية على واجهات الأبنية التي شيدت هياكلها من الإِسمنت المسلّح وتم إِكساؤها بالحجر والرخام من مقالع أرمينية. وقد لمعت في تلك الحقبة أسماء المعماريين الأرمن رافاييل إِسرائيليان R. Israelian وسارافيان Sarafian ومركاريان Markarian. وثمة محاولات اليوم لاستلهام العمارة الغربية المعاصرة في أرمينية، وهناك من يدعو إِلى تطعيم المنشآت المعاصرة بروح أرمنية شرقية تقليدية.

النحت

رافق فن النحت فن العمارة في أرمينية، فقد امتازت تيجان أعمدة المعابد الوثنية والفصور بالنحت المعمّق في الحجر، بالاعتماد على العناصر النباتية، مثل معبد قلعة غارني من القرن الثالث قبل الميلاد وقصر دفين Dvin من القرن الرابع الميلادي. وقد تجلت علاقة النحت بالعمارة بوضوح في بناء الكنائس الأرمنية على اختلاف مراحل تطوره.

ويمكن تصنيف أنواع المنحوتات المعمارية في أرمينية في فئات ثلاث هي:

النُّصب، والصليب الأرمني، وتزيين جدران المنشآت.

1ـ النُّصُب: للنصب في أرمينية أشكال متعددة مزينة بأنواع النحت المختلفة، فغالباً ما يقوم النصب على قاعدة قد تحتوي درجاً من ثلاث إِلى سبع درجات وأما النصب نفسه فيتألف من شكل رباعي الوجوه مزخرف بالنحت، ويرتفع نحو مترين إِلى أربعة أمتار فوق القاعدة، وأن يكون على شكل عمود ينتهي بتاج مزخرف وفوقه حجر الصليب المنحوت. يراوح ارتفاع النصب الأرمني كاملاً عن سطح الأرض بين أربعة وعشرة أمتار وقد يصل في بعضها إِلى خمسة عشر متراً. والنُّصب إِما جنائزية مقامة فوق أضرحة، أو تذكارات لأحداث مهمة أو تؤرخ لشخص ما.

ويلاحظ أن النصب المسيحية التي أقيمت في أرمينية من القرن الرابع حتى الثامن الميلاديين كانت أقرب إِلى النمط الوثني الذي كان سائداً قبل ذلك في البلاد، ومن بين تلك النصب اثنان جنائزيان من القرن السادس، واحد في أوتزون Otzoun وواحد في آغودي Aghoudi وهذا الأخير يُعد واحداً متميزاً في تاريخ هذا الفن.

وهناك نَصب دير تاتف Tathev بارتفاعه البالغ خمسة عشر متراً، ونُصب فوروتان Vorotan وتعود كلها إِلى القرن العاشر الميلادي.

2ـ الصليب الحجري الأرمني: عُرف هذا النوع من النحت باسم خاتشكار واقتصر وجوده في العالم المسيحي على أرمينية، وهو يتألف من حجر شاقولي يراوح طوله بين المتر الواحد والمترين ونصف، يحمل نقشاً يمثل صليباً منفتحاً في رؤوس سواعده الأربعة وتحيط به زخرفة هندسية ونباتية. وكان النحت الأرمني يبتكر في الزخرفة محاولاً قطع التناظر الممل بتبديل مجريات النقش على مدار السطح المنقوش.

والزخرفة في هذا النوع من النحت متواضعة طوال القرنين التاسع والعاشر الميلاديين، ثم أخذت تزداد غنىً منذ القرن الثاني عشر الميلادي. ويُعد الصليب الحجري الأرمني نصباً في حد ذاته ويقام على قاعدة بسيطة أو يعلو نصباً تذكارياً.

وقد تطور فن نحت الصلبان الحجرية في أرمينية وانتشر في أرجاء البلاد منذ القرن الرابع عشر الميلادي بفضل الأمراء والتجار الذين شجعوا بناء المنشآت وتزيين الأضرحة, وكانت الصلبان المنحوتة تتعدد حول المنشأة الواحدة أو على جدرانها.

ومن الصلبان الحجرية الأرمنية من القرن السابع الميلادي صليب مسلة تاتف Tatev في فوروتنافانك Vorotnavank, وكذلك صليب تزاغاتس Tzaghats في إِيغكناتزور Eghegnatzor من القرن الحادي عشر الميلادي, وصليب نصب كريكور توديفوردي Grigor Toudevordi من القرن الثاني عشر, وصلبان مغائر أيريفانك Ayrivanik من القرن الثالث عشر.

3ًـ تزيين جدران المنشآت: زيَّن النحت واجهات الكنائس الأرمنية وجدرانها الخارجية والداخلية, وهو على نوعين: زخرفي هندسي أو نباتي, وتشخيصي. وكان النحت الزخرفي يؤطّر الأبواب ويساير الأقواس في حين يوجد النحت التشخيصي على الجدران وفي أعلى الواجهات, ويجتمع نوعا النحت الزخرفي والتشخيصي ليشكّلا زينة لافتة للنظر. وأكثر النحت عميق غني بالتفاصيل ومتشعب, ويساعد على ذلك قابلية الحجر في أرمينية لمثل هذه الأعمال. أما أشهر الأعمال التزيينية فهي:

ـ آثار كنيسة زفارتنوس Zvartnots من القرن السابع الميلادي, وفيها زخارف نباتية كانت تؤطّر الأقواس الداخلية مع تمثال أحد القديسين فوق العمود عند التقاء القوسين, كما أن، تيجان أعمدة الكنيسة مزينة بالزخارف والجدلات أو تحمل نحتاً بارزاً لصقر مبسوط الجناحين.

منمنمة من إنجيل المصورين الثمانية (القرن 13م)

ـ زخارف كنيسة أغتمار Aghtamar من القرن العاشر الميلادي, وقد زينت جدرانها من الخارج بنحت زخرفي يمثل حلقات من الكرمة والرمان وأرانب مع منحوتات لقديسين بالطول الكامل, ومن أشهرها نحت بارز للسيدة العذراء جالسة على عرش المسيح وإِلى جانبها ملاك يحمل ملفاً.

ـ دير أيريفانك من القرن الثالث عشر ويحوي على مجموعة من الكنائس بعضها منحوت بأكمله في الصخر يشكل فراغ الكنيسة وما تضمه من أعمدة وأقواس وقبة قطعةً واحدة. وقد احتوت الجدران والقبة نحوتاً بارزة زخرفية وحيوانية تلفت النظر.

ـ دير نورافانك Noravank من القرن الرابع عشر الميلادي وفيه كنيسة مؤلفة من طابقين, ولكل طابق بوابة مزينة بالنحت البارز الزخرفي الدقيق مع نحت تشخيصي يمثل المسيح والعذراء والملائكة؛ وتتصل البوابتان بدرج مزدوج ومتناظر وهي من عمل النحات موميك Momik.

التصوير

تعود أقدم نماذج الفسيفساء التي وجدت في أرمينية إِلى مدينة غارني, ففي القصر الملكي قطع من القرن الأول قبل الميلاد وفي المعبد قطع من القرن الأول الميلادي.

وشاع فن التصوير الجداري في العصر الوسيط ورافق العمارة الكنسية في لمبات Lmbat وأروج Arouj من القرن السابع وجداريات كنيسة تيغران هونتس Tigran Honents في منطقة آني من القرن الثالث عشر الميلادي.

وأما المخطوطات المصورة (المنمنمات) فتشكل فناً مهماً من فنون العصر الوسيط في أرمينية. وقد حفظت مكتبات العالم منها ما يقارب خمسة وعشرين ألف كتاب أرمني مخطوط. ويحفظ معهد الدراسات الأرمنية في يريفان المسمى مَنتِناداران Mantenadaran والذي يحمل اسم واضع الألفبائية الأرمنية نحو سنة 405م, مسروب مشتوتس Masrop Machtots, أكثر من عشرة آلاف مخطوط من بينها ما يقارب الثلث مزين بالتصاوير, وهي على الغالب كتب دينية تمثل جميع مراحل فن الكتاب المصور في أرمينية.

وإِذا كان أقدم مخطوط أرمني مؤرخ يعود إِلى سنة 887م وهو الإِنجيل المسمى بإِنجيل لازاريف, فإِن المصادر الأدبية تؤكد وجود مدرسة لتصوير المخطوطات في القرن السابع الميلادي في كامسراكان Kamsarakan. وقد ظل هذا الفن مزدهراً طوال ثلاثة عشر قرناً إِلى أن توقف أوكاد في أوائل القرن التاسع عشر.

بدأ الأرمن بترجمة كتب الدين والتاريخ والعلوم إِلى لغتهم منذ القرن الخامس الميلادي حين تم وضع الألفبائية الأرمنية الأولى المقتبسة عن المسمارية. ويعتقد أن الكتب المصورة الأولى كانت متأثرة من حيث الأسلوب بالفن السوري المتمثل بإِنجيل رابولا من القرن السادس الميلادي من جهة, وبالفن الجداري الأرمني من جهة أخرى.

يحتوي إِنجيل إِتشميازين الشهير في صفحاته الأخيرة أربع منمنمات تمثل على التوالي بشارة العذراء مريم وبشارة زكريا وتقديم المجوس احترامهم للسيد المسيح وصلب المسيح, وتختلف هذه المنمنمات في أسلوبها عن باقي المنمنمات التي يحتوي الإِنجيل عليها, ويعتقد العلماء أن المنمنمات الأربع تلك تعود إِلى القرن السادس مع أن الإنجيل نفسه مؤرخ في سنة 989م, وأن الغاية من وجودها فيه هو حفظها وهي بذلك تعد أول المنمنمات الأرمنية المعروفة.

والجدير بالذكر أن إِنجيل إِتشميازين مغلف من وجهيه بصفيحتين من العاج المزين بالحفر البارز الدقيق يصور مشاهد دينية, وإِذا كانت الموضوعات المصوّرة في المخطوطات الأرمنية محدودة بقصص العهد الجديد, فإِن اختلاف المصورين في رؤاهم قد غيّر من رتابة تلك الموضوعات, مع وجود موضوعات علمانية مصورة في بعض كتب الدين مثل صورة معركة أفارايير التي جرت سنة 451 في كتاب إِنشاد من سنة 1482. وقد يعثر أيضاً على صور في حواشي الموضوع الرئيسي مستوحاة من الحياة اليومية أو من مشاهد الصيد ومن الرموز الوثنية والأساطير.

ويميز في بعض الصور نماذج لباس الأرمن أو الأثاث أو الأدوات أو بعض الشخصيات في عصر ما. كما يميز كثير من العناصر الزخرفية التي ترمز إِلى الخصب وتوحي بعالم الخلود كأشكال النبات المبتكرة والطيور.

ويمكن تصنيف المنمنمات الأرمنية في فئتين: الأولى نمطيّة تذكر بالتراث البيزنطي وفيها تأنق وصنعة, والثانية شعبية وفيها بساطة وتعبير, وتحمل كلها على تنوعها صبغة محلية واضحة.

ومن أشهر نماذج الفئة الأولى:

ـ إِنجيل إِتشميازين من سنة 989م.

ـ إِنجيل موغني من منتصف القرن الحادي عشر.

ـ كتاب الصلاة الذي صوره غريغور ميلدجتسي Grigor Mlidjetsi سنة 1173.

ـ إِنجيل هاغبات من سنة 1211 ويذكّر أسلوبه بمدرسة بغداد والمنمنمات العربية والسريانية من تلك الحقبة.

ـ كتاب القراءات العائد للملك هيثوم الثاني وينسب إِلى المصور طوروس روسلين Roslin Toros سنة 1286م.

ـ إِنجيل من القرن الثالث عشر وينسب إِلى المصور طوروس روسلين ومن أشهر صوره الملاك جبريل يبشر العذراء مريم.

ـ إِنجيل المصورين الثمانية من القرن الثالث عشر.

ومن نماذج الفئة الثانية:

ـ إنجيل مؤرخ سنة 1038 وفيه صورة مبتكرة لمعمودية المسيح.

ـ إِنجيل من أول القرن الرابع عشر, صوره سيمون أردجيشتي Simeon Ardjichti.

ـ إِنجيل مؤرخ سنة 1397 صوره رستاكس Rstakes في منطقة فان.

ـ إِنجيل من آخر القرن الرابع عشر صوره غريغور في منطقة تاتف.

ـ إِنجيل مؤرخ سنة 1585م صوره هاكوب تجوغايتسي Hagob Tjoughaetsi.

وقد أصدرت الدولة الأرمنية سنة 1952 أول مجموعة مصورة تحمل عنوان «المنمنمات الأرمنية القديمة», وسبقها صدور مجموعة تحمل الاسم ذاته مرافقة بدراسة مهمة وضعها العالم الروسي ا.ن.سفيرين A.N.Svirine سنة 1939م, كما صدرت دراسات كثيرة حول الموضوع في فرنسة والولايات المتحدة الأمريكية.

 وتجدر الإِشارة إِلى أن المنمنمات الأرمنية تعدُّ مع مثيلاتها السورية والقبطية والحبشية أنماطاً مهمة في تاريخ فنون الشرق في المرحلة البيزنطية.

غسان كجو, لوسي قصابيان, إِلياس الزيات

الموضوعات ذات الصلة:

الاتحاد السوفييتي - أرمينية - الأناضول - إِيران - بيزنطة - تركية - العثمانيون.

 

مراجع للاستزادة:

ـ ل.ل. استارجيان, تاريخ الأمة الأرمنية.

ـ مروان مدور, الأرمن عبر التاريخ.

ـ فؤاد حسن حافظ, تاريخ الشعب الأرمني منذ البداية حتى اليوم (القاهرة 1986م).

ـ آ. بارساميان و م.هاروتونيان, تاريخ الموسيقا الأرمنية (يريفان 1968م).

ـ غ.استيبانيان, لمحات من تاريخ المسرح الأرمني الغربي, الجزء 2,1(يريفان 1962ـ1969م).

ـ ج.خاتشادوريان, الرقصات الشعبية في منطقة تجافاخك (يريفان 1975م).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 933
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 524
الكل : 29649326
اليوم : 29336

هورفات (أودن فون-)

هورڤات (أُدون فون ـ) (1901 ـ 1938)   أُدون فون هورڤات Ödön von Horváth (بالهنغارية) أو إدموند يوزِف Edmond Josef، فون هورڤات (بالألمانية)، كاتب مسرحي وروائي وقاص نمساوي - هنغاري بارز من جيل ما بعد الحرب العالمية الأولى، يعده النقد الممثل الكلاسيكي للحداثة[ر] في أدب اللغة الألمانية وأول من وجه نقداً لاذعاً للحركة النازية[ر] وحذر من أخطارها القادمة. هو بكر عائلة نمساوية - هنغارية؛ إذ كان والده يوزف دبلوماسياً نمساوياً من أصول هنغارية أرستقراطية، وكانت والدته ماريا هِرْمينِه برينال Maria Hermine Prehnal سليلة أسرة نمساوية - هنغارية من أطباء الجيش الامبراطوري.
المزيد »