logo

logo

logo

logo

logo

الطهطاوي (رفاعة-)

طهطاوي (رفاعه)

Al-Tahtawi (Rifa’a-) - Al-Tahtawi (Rifa’a-)

الطهطاوي (رفاعة ـ)

(1216 ـ 1290هـ/1801 ـ 1873م)

 

رفاعة الطهطاوي، رائدٌ من رواد حركة التنوير المصرية، ويُعَدُّ من أركان نهضة مصر في العصر الحديث. تميّز برؤية تنويرية واضحة، ووعي ناضج بالرغبة في انتشال مصر من هُوَّة التخلف والفقر والانهيار. والطهطاوي نسبةً إلى بلده طهطا، وهي إحدى مدن محافظة سوهاج في صعيد مصر، وقد تلقى الطهطاوي تعليمه الابتدائي فيها، ثم رحل إلى القاهرة، فالتحق بالأزهر الشريف سنة 1817م، وتتلمذ على يد الشيخ حسن العطار شيخ الأزهر آنذاك، وقد لمس هذا العالم النبوغ والعبقرية في شخص تلميذه، فبعد أن تخرّج في الأزهر سنة 1821، وكان عمره إحدى وعشرين سنة، درَّس في الأزهر سنتين، ثم انتقل إلى وظيفة إمام واعظ في الجيش المصري، فلما قرر محمد علي باشا إرسال أكبر بعثة إلى فرنسا للتخصص في مجموعة من العلوم التقنية العصرية، رشَّح شيخ الأزهر الطالبَ النابغةَ رفاعة الطهطاوي ليرافق البعثة إماماً واعظاً لها في مدينة باريس، وهناك جمع إضافة إلى عمله تعلُّم اللغة الفرنسية، فتفوَّق في تحصيلها، وأجادها قراءة ونطقاً واطلاعاً على أدب كبار الكتَّاب الفرنسيين، وأضاف إلى قراءاته دراسة ما كتبه رجال القانون الفرنسي، وأساتذة التاريخ والجغرافية.

عاد الطهطاوي إلى مصر سنة 1832م، وأُسْنِدتْ إليه وظيفة مترجم بمدرسة الطب، ثم انتقل إلى مدرسة المدفعية «الطوبجية» كي يعمل مترجماً للعلوم الهندسية والفنون العسكرية، وفي هذه الأثناء تعدى نشاطه الترجمة إلى حقل آخر، فأنشأ متحفاً للآثار يُعد أول متحف في تاريخ مصر، وأشرف على صحيفة «الوقائع المصرية» التي أنشأها أستاذه حسن العطار، وكانت تصدر باللغتين العربية والتركية، فأدخل تعديلات مهمة على أسلوب إخراجها، ولم يقتصر على تغيير الإخراج فحسب، بل كان يشغله الجانب التربوي المصري الذي كان متخلفاً آنذاك، فالتفتَ إلى التعليم يحاول إصلاحه، ومن موقعه بصفته مفتشاً للتعليم في مصرو تجرّأ على إعادة النظر في المناهج التعليمية وتطويرها، وأنشأ مجلّةً تُعنى بالشؤون التربوية، سماها «روضة المدارس» ولكن ولعه بالترجمة ظل يشده إليها، فلما أنشئت مدرسة اللغات سنة 1835، التي تغير اسمها إلى مدرسة الألسن أصبح ناظرَها، وألحق بها ما يسمى بـ (قلم الترجمة) وصار لمدرسة الألسن أثر كبير في الحياة الثقافية في مصر في القرنين التاسع عشر والعشرين.

حازت عبقرية رفاعة الطهطاوي رضا محمد علي باشا والي مصر، فقدَّر نشاطه العلمي والتربوي وأغدق عليه المال، ومنحه الأراضي والأطيان، حتى غدا ثريّاً جدّاً. وتعرَّض الطهطاوي لظروف قاسية أحياناً، منها أن الوالي عباس باشا الأول غضب عليه فنفاه إلى السودان، لأن عباساً هذا لم يكن صاحب توجه تربوي، بل عطّل الحركة التربوية في مصر، وأغلق المدارس، ولكنَّ الحسَّ التربوي عند الطهطاوي لاحقه حتى في السودان، فأنشأ أول مدرسة ابتدائية في ذلك القطر، وحاول بعد عودته إلى مصر أن يحيي مدرسة الألسن لتكون مركز إشعاع للفكر والتربية، ولاسيما أن التربية كانت هاجسه الأول، والتي يكمن فيها تغيير المجتمع المصري المتخلف، وقد عرَّفها الطهطاوي: بأنها عملية نمو تعمل على تكوين اتجاهات صالحة للفرد، وتؤثر في سلوكه وتصرفاته، ومن هنا توجه لتطوير الشق الثاني في المجتمع، وهو المرأة، فدعا إلى تعليم الفتاة، وأنشأ المدرسة السيوفية القريبة من القاهرة لتعليم الإناث، وآمن بوجوب مشاركة المرأة للرجل في الحياة العامة، شريطة أن تكون على جانب من العلم والثقافة، ولم ينس في عمله الإصلاحي التربوي تنظيم تدريس اللغة العربية، وأصدر كتباً في المناهج وإصلاح التدريس.

ترك رفاعة الطهطاوي مؤلفات كثيرة، تنم على ثقافة موسوعية تناولت حقولاً  معرفية كثيرة كالتربية والتاريخ والجغرافية وأصول المعادن والهندسة والطب وحتى الميثيولوجية وأصول الحقوق الطبيعية، كل ذلك بفكر منفتح متعمق، رائده الإصلاح والتنوير. فمن أبرز كتبه: كتاب «تخليص الإبريز في تلخيص باريز»، فهو مؤلَّف ينتسب إلى ما يسمى بأدب الرحلات في الثقافة العربية، وكتاب «المرشد الأمين للنبات والبنين» الصادر عام 1872 أي قبل وفاته بعام، وهو كتاب في أصول تربية الفتاة عرض فيه بجرأة الدعوة إلى مساواة الإناث بالذكور في طلب العلم، وكتاب «القول السديد في الاجتهاد والتجديد»، ويطرح فيه قضية تجديد الفكر الديني وتحريره من إسار التخلف وربطه بالعصر الحديث وقضايا الإنسان المعاصر. وهناك مؤلفات ومترجمات كثيرة غير ما ذكر هنا، تحمل قناعته بالإفادة الكبيرة من الحضارة الغربية في شتى المجالات، إضافة إلى مجموعة شعرية.

محمود الربداوي

مراجع للاستزادة:

 

ـ أحمد بدوي، رفاعة الطهطاوي (لجنة البيان العربي، القاهرة 1950).

ـ جمال الدين الشيال، رفاعة الطهطاوي، سلسلة أعلام الإسلام (دار إحياء الكتب العربية بمصر 1945).

ـ أحمد عزة عبد الكريم، تاريخ التعليم في مصر (وزارة المعارف العمومية، القاهرة 1945).


التصنيف : تربية و علم نفس
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الثاني عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 621
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1710
الكل : 56378140
اليوم : 50815

الرَّمَّية

الرمية   الرمية saprophytism هي أحد أنماط التغذية في الكائنات الحية المستمدة أقواتها من فضلات الكائنات الأخرى أو جثثها الميتة أو العفنة.  فالرمية تقابل من ناحية أولى بالطفيلية التي تتغذى كائناتها على حساب كائنات أخرى منتزعةً منها موادها الهضمية المعدة لاستعمالها الخاص كما هي الحال في تطفل الكشوث Cuscuta على الفصفصاء في نموذج أول، أو مستعملةً مادتها الحية ذاتها كما هي الحال في تطفل بعض الجراثيم والفيروسات التي تعيش داخل الخلايا الحية في نموذج آخر. وتقابل الرمية من ناحية ثانية بذاتية التغذية autotrophism التي تتغذى بها النباتات الخضراء أو بعض الجراثيم معتمدة فقط في إنتاج مكوناتها العضوية انطلاقاً من مواد معدنية.
المزيد »