logo

logo

logo

logo

logo

الزراعة الأحيائية (العضوية)

زراعه احياييه (عضويه)

Organic agriculture - Agriculture organique

الزراعة الأحيائية (العضوية)

 

الزراعة الأحيائية (العضوية) organic or biological agriculture نظام حديث يتبع في إدارة الإنتاج الزراعي من دون استخدام المركبات الكيمياوية، للمحافظة على صحة النظام البيئي الزراعي والتنوع الحيوي والزراعة المستدامة ودوراتها الحيوية والنشاط الحيوي في التربة، ويهدف إلى إيجاد نظام مستدام للإنتاج الزراعي على المستويات البيئية والاقتصادية والاجتماعية. ويعد التحسين الوراثي العضوي المنفذ الرئيسي لتنمية الزراعة العضوية وتطويرها.

لمحة تاريخية وأسس الزراعة العضوية وتنظيماتها

أدى إدخال التقنيات الحديثة في العمليات الزراعية، عقب الحرب العالمية الثانية، إلى ازدياد إنتاج كميات الكيماويات الزراعية المختلفة واستهلاكها، وإلى قفزة نوعية في مجال الإنتاج الزراعي ووقاية صحتي الإنسان والحيوان وذلك للحد من تفشي الكثير من الآفات، إلاّ أن تكثيف تداول المبيدات والأسمدة واستخدامها غير الرشيد وغير المسؤول في أثناء العقود الأخيرة من القرن العشرين، أساء إلى صحة الإنسان والحيوان، وازدادت قابليتهما للإصابة بالأمراض عن طريق تأثيرها المباشر، أو عن طريق استهلاك المنتجات الزراعية الغذائية والعلفية المعاملة بها.

بدأ تطوير الزراعة العضوية وتطبيقها العملي في عام 1943 في سويسرا بالتعاون بين بعض المهتمين بها مثل ماريا Maria وهانس Hanse من سويسرا والألماني راش P.H.Rusch. ثم اعتمدت من قبل بعض المزارعين في سويسرا والنمسا وألمانيا.

البلد الأوربي

مقدار المساحات للزراعة الحيوية (العضوية)  عام (2001) مقدرة بالهكتار

النسبة المئوية من إجمالي الأراضي الزراعية

إيطاليا

1230000

7.94%

إنكلترا

679631

3.69%

ألمانيا

632165

3.96%

إسبانيا

485079

1.66%

فرنسا

419750

1.40%

النّمسا

285500

11.30%

السّويد

193611

6.30%

الدانمارك

174600

6.51%

فنلندا

147943

6.60%

البرتغال

70857

1.80%

هولندا

38000

1.94%

إيرلندا

32355

0.73%

اليونان

24800

0.48%

بلجيكا

22410

1.61%

اللوكسمبورغ

1030

0.81%

الجدول (1) مساحات الزراعات العضوية في أوربا عام 2001

وبدأت الحكومات الأوربية في الستينات بدعم هذه الزراعة وتطويرها. وفي عام 1972 أسس الاتحاد الدولي لعدد من الهيئات الوطنية التي تهتم بالزراعة العضوية. وفي عام 1999 أقرت اللجنة الخاصة بمدوّنة الأغذية                CAC (Codex Alimentarius Commission) في أوربا التوجيهات والتنظيمات المتعلقة بإنتاج الأغذية العضوية وتصنيفها وتوضيبها وتسويقها. وتهدف هذه التنظيمات إلى متابعة عمليات الإنتاج العضوي للأغذية والمواشي والتأكد من صحة التوضيب والتصنيع والتسويق. وتجدر الإشارة إلى أن المعايير التي وضعها الاتحاد الدولي ولجنة مدوّنة الأغذية واللجنة الاقتصادية الأوربية صارت الأساس الذي تعتمده الدول في وضعها للقوانين ذات الصلة. ويبين الجدول (1) مدى انتشار الزراعة العضوية في عام 2001 في البلدان الأوربية ونسبتها المئوية من المساحة العامة. ويمكن ترتيب البلدان الأوربية تنازلياً بحسب مقدار مساحات الزراعة العضوية في عام 2001 كما يأتي: إيطاليا، إنكلترا، ألمانيا، إسبانيا، فرنسا، النمسا، السويد، الدانمارك، فنلندا، البرتغال، هولندا، اليونان، بلجيكا، اللوكسمبورغ. وعلى سبيل المثال، أجرت الوكالة الفرنسية للأمن الغذائي دراسات مقارنة حديثة، استمرت 18شهراً ونشرت نحو 30نشرة ذات صلة، في المجالات الصحية والغذائية والاقتصادية بين بعض أصناف المنتجات الزراعية العضوية والأخرى التقليدية من البندورة والكوسا والعنب والحبوب والبازلاء وعصير التفاح واللبن الرائب والفراريج، تحمل لصاقات الزراعة العضوية، بلون أخضر على خلفية بيضاء. وتبين، بحسب إحصائيات عام 2003، أن نسبة المستهلكين لهذه العضوية قد تجاوزت 73% وبلغت سوية اهتماماتهم التذوقية نحو 66% وسوية الأمن الصحي نحو 40%. كما أجريت دراسات عدة أخرى، ومنذ نحو عشرين عاماً، حول هذا الموضوع في مناطق متفرقة، ومازالت الآراء تتناقض بين مؤيد ومعارض، وعلى الرغم من ذلك فإن نسبة المستهلكين للمنتجات العضوية تبلغ عموماً اليوم نحو 47% من الفرنسيين. كما تطبق هذه الزراعة في فرنسا على نحو خاص في مجال الإنتاج الحيوي لزراعة الأشجار المثمرة، في كثير من البساتين الحديثة. وقد بلغت مساحة الأراضي المزروعة بالمحاصيل الحيوية أكثر من 500ألف هكتار في عام 2002، أي نحو 1.8% من مجموع الأراضي الزراعية، وتتزايد هذه النسبة طرداً بتزايد عدد المستهلكين والمزارع العضوية.

وفي تونس صدر القانون الخاص بهذه الزراعة عام 1999، وفي تركيا عام 2002، وينتظر صدروه في كل من مصر والمغرب ولبنان، أما في سورية فتقوم اليوم الهيئة العامة للبحوث الزراعية في وزارة الزراعة بوضع أسس الزراعة العضوية وتشريعاتها اللازمة بغية الوصول إلى الإنتاج الزراعي العضوي في المستقبل القريب وربطه بالتصدير وبالتعاون مع لبنان.

وفي لبنان منذ عام 2000 باشرت أربع منظمات غير حكومية، بالتعاون مع الجهات المعنية في إيطاليا وفرنسا وألمانيا، في تنفيذ مشروعات رائدة ومتميزة لإنتاج المحاصيل العضوية الزراعية لدى بعض المزارعين في عدة قرى في لبنان، وتعمل هذه المنظمات على بيع منتجاتها ووضع الملصقات عليها، وعلى ضمان جودتها وتطويرها، إضافة إلى تدريب المهندسين الزراعيين اللبنانيين، وإلى تقديم المشورة وتعزيز الدراية الفنية وإثارة الوعي البيئي في مجال الزراعة العضوية. كما تشرف على مشروع الزراعة المستدامة والتنمية الريفية. وتقوم المنظمة البيئية Green Line بالتعاون مع هيئة التنمية الألمانية GTZ في مجال الإنتاج العضوي للتفاح والعنب وبعض الخضار في لبنان وضمان جودة المنتجات وتخمير المواد والأسمدة العضوية وتحليل الترب، وتقديم المساعدات الفنية للمزارعين وتزويدهم بالمعلومات ذات الصلة، وبوضع المعايير الخاصة بالمنتجات العضوية اللبنانية.

أسس تطبيق الزراعة العضوية

ـ تحتاج الأراضي المزروعة بالمحاصيل الحولية إلى مدة سنتين للتحول من الزراعة التقليدية إلى الزراعة العضوية، أما الأراضي المزروعة بالمحاصيل المثمرة فتحتاج إلى 3 سنوات فأكثر، وتزرع بالمحاصيل على أنها منتجات في طريق التحول إلى منتجات عضوية، وتسوق على أساس الثقة المتبادلة.

ـ لابد من الحفاظ على خصوبة التربة ونشاطها الحيوي في أثناء مدة التحول، بزراعة الخضار المناسبة ونباتات الدبال الأخضر. أما حماية المحاصيل من الآفات المختلفة عند انتشار الأعشاب فتتحقق من دون اللجوء إلى استخدام المبيدات، وذلك بأن تزرع عملياً أصناف مقاومة للآفات، وتكافح الأعشاب بالحرق، إلى جانب استخدام الأعداء الطبيعية والمفترسات في المكافحة.

ـ وفي مجال توضيب المنتجات، يدوّن على لصاقات العبوات شعار المنتج العضوي، واسم المزرعة والمكان والزمان، واسم هيئة المعاينة أو رقمها المشفّر، ولايسمح بكتابة هذه المعلومات على اللصاقات إلا إذا كانت نسبة المكونات العضوية في المنتج لاتقل عن 95%.

ومن الإجراءات الأخرى التي يلزم تنفيذها زراعياً:

ـ إصدار التشريعات الخاصة بالزراعة الأحيائية في البلد المعني، مع مراعاة انسجامها مع التشريعات الدولية المماثلة.

ـ اتباع الدورات الزراعية في الزراعات الموسمية.

ـ انتقاء الأصناف النباتية المقاومة للآفات الرئيسية اعتماداً على التقانات الحيوية والهندسة الوراثية.

ـ استخدام أفضل مواعيد الزراعة ومسافاتها، وتحضير التربة على نحو جيد.

ـ استعمال كميات الأسمدة المناسبة التي تتلاءم وطبيعة الأرض والمحصول، في ضوء التحاليل المخبرية الضرورية.

ـ استخدام طرائق الري المناسبة وتصريف المياه الفائضة.

ـ قلع النباتات الموبوءة واتلافها حرقاً.

ـ تعقيم التربة بالبخار أو بالطاقة الشمسية.

ـ استخدام الطرائق البيولوجية في المكافحة، مثل استخدام الفرمونات ومصائد المواد الجاذبة أو الطاردة وذكور الحشرات العقيمة والمفترسات أو الطفيليات والمبيدات الاختيارية غير الضارة بالبيئة وفي الحدود الاقتصادية الاضطرارية.

وتجدر الإشارة إلى أن أفضل المنتجات الزراعية العضوية هي التي تنضج طبيعياً على نباتاتها وتكون مغذاة من تربة اكتسبت خصوبتها من التسميد بأسمدة عضوية ناضجة ومتخمرة، وخضعت لعمليات زراعية طبيعية ودورات زراعية موسمية بحسب المحاصيل الزراعية الحيوية. أما الأشجار المثمرة فتربى بالطرائق الأقرب إلى نموها الطبيعي وتطوره وبإجراء أقل ما يمكن من عمليات التقليم والتربية الشجرية، بحسب أطوارها الحياتية. وقد امتدت هذه الزراعة إلى المراعي والغابات الاصطناعية، إذ تعد الشجرة المثمرة بطبيعتها وخصائصها الحيوية بين الشجرتين الحراجية والمستزرعة.

وتقوم هيئات مختصة بالإشراف على التعليم والتدريب اللازمين في التطبيق العملي بغية الحصول على منتوج جيد وعلى نمو حسن وأفضل صحياً. كما يقوم مفتشون مجازون بمراقبة المزارع المنتجة مرة كل سنة على الأقل، وبإجراء تحاليل للترب والمياه والنباتات في أثناء المراحل المختلفة للإنتاج والتوضيب والتسويق.

مقارنة بين المنتجات الزراعية التقليدية والعضوية وأهميتهما الغذائية والصحية

تهدف الزراعة التقليدية أساساً إلى تحقيق أكبر إنتاج ممكن من محصول زراعي معين معتمدة على إضافة المخصبات إلى التربة وتسميدها، أما تراجع هذه الزراعة فيعود إلى انتشار الآفات الزراعية والأعشاب الضارة، مما يستوجب استعمال المبيدات على نطاق واسع جداً لمكافحتها على نحو مستمر. وقد أدى ذلك إلى تلوث التربة والهواء والمياه السطحية والجوفية والإضرار بالنمو الطبيعي للمحاصيل الزراعية وبخصوبة التربة والقضاء على الأعداء الطبيعية للآفات وظهور سلالات مقاومة من الآفات والأعشاب الضارة.

أما الزراعة العضوية فتهدف إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية والتنوع النباتي الحيوي وعلى خصوبة التربة والمياه النظيفة، إضافة إلى إنتاج المحاصيل الجيدة النوعية والكمية، واستغلال الخصائص الطبيعية للنباتات وقدراتها الذاتية على مقاومة الآفات المختلفة، وإنتاج سلالات محسنة وراثياً قادرة على مقاومة كثير من الآفات. وعلى هذا، فإن الزراعة الأحيائية تعتمد على عدم استعمال المبيدات ومكافحة الآفات والإصابات بالطرائق التقليدية. ويفضل دوماً استعمال الأسمدة العضوية المتخمرة. ومن المؤكد أن طعم ثمار فواكه الزراعة التقليدية يكون عادياً وغير مستساغ من قبل المستهلك بسبب الاستعمال المكثف للأسمدة المعدنية والمبيدات، إضافة إلى عدم إمكانية حفظها على نحو جيد على الرغم من استخدام أرفع التقانات، مما يجعل تسويقها أكثر صعوبة، لما تحتوي عليه من آثار متبقية للمبيدات والأسمدة السامة، أو لكونها اصطناعية الإنضاج.

وفيما يتصل بالإنتاج الحيواني، تربى الحيوانات على مساحات كبيرة بتقنية الزراعة الواسعة وفي الهواء الطلق ما أمكن، وتغذى بمنتجات غذائية عضوية، ويحدّ من استخدام المضادات الحيوية إلا بقصد المعالجة الصحية، وبمعدل مرتين على الأكثر في العام الواحد مع منع تسويق منتجاتها إبان ذلك، وضرورة تقييمها بدقة كبيرة،

الشكل (1) بعض المنتجات الزراعية العضوية

يعدّ المنتج الزراعي عضوياً عند احتوائه على نحو 95% من المكونات العضوية المحددة، ونصف عضوي إذا احتوى 70ـ95%، وغير عضوي باحتوائه على نسبة تقل عن 70%. وأثبتت الدراسات الجارية في فرنسا على المنتجات الزراعية العضوية بالمقارنة مع مثيلاتها الصنفية غير العضوية، أن نسب المكونات الميكرونية النباتية مثل البوليفينولات والكاروتينوئيدات ونسب البروتينات والدهون (الليبيدات) والفيتامينات والعناصر المعدنية والسكريات والمادة الجافة في الخضار الورقية والجذرية المنشأ كالخس والملفوف والجزر والكرّات، المنتجة بالزراعة العضوية أعلى فيها من المنتجات التقليدية، كما تحتوي عموماً على نسب من الماء أقل. أما المنتجات العضوية الخضرية، مثل البندورة والكوسا والفليفلة وغيرها، وثمار الفواكه التي يتوقف نضجها على نسبة الماء فيها، فلم يلاحظ أي فارق بهذه النسبة بمقارنتها مع مثيلاتها التقليدية، وقد تضاربت النتائج فيما يتعلق بالسكريات والبروتينات والدهون مما يتطلب التعمق في دراساتها. أما نسبة الأحماض الدهنيج المتعددة الإشباع والأحماض الأمينية في المنتجات العضوية فكانت أعلى فيها من المنتجات الزراعية التقليدية (الشكل ـ1).

أوضحت دراسات عدة في أوربا، وخاصة في إنكلترا، أن نسبة العناصر المعدنية الكبرى والزهيدة في الخضار والفواكه كانت عموماً أعلى في المنتجات العضوية، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالمنتجات العضوية من الحليب واللحم والبيض. كما كانت نسبة الفيتامينات في البطاطا العضوية المنشأ أعلى منها في البطاطا التقليدية المنشأ. ولوحظ أن المنتجات الزراعية العضوية قد خفضت من الإصابات المرضية وبالتحديد من الأمراض القلبية الوعائية وبعض السرطانات المرضية، وكان محتواها من البوليفنولات والكاروتينوئيدات الواقية صحياً أعلى منه في كثير من المنتجات الزراعية التقليدية أو يساويه (الجدول2).

المحصول المنتج

المركبات

النسب

تفاح (غولدن ديلشس)

بوليفينول

+58%

بندورة

(حموض فينولية وفلافونول)

+72.9%

- بوليفينون

=

دراق (صنفان)

حموض فينولية

+76.7%

بوليفينول

+13.6%

كمثرى (دويليامز)

بوليفينول

+11%

بطاطا (7أصناف)

بوليفينول

=

بصل

فلافونئيد

+18.6% من المادة الجافة

كوسا

بوليفينول

=

فريز (صنفان)

فلافونول وحموض فينولية

=

نبيذ

ريزفيرانول (Resveratol)

+25%

زيت الزيتون

بوليفينول

+86.4%

الجدول (2) التركيب الفينولي للمنتجات العضوية مقارنة مع المنتجات الزراعية اللاعضوية (التقليدية)

تحوي منتجات المحاصيل العضوية على نسب اقل من المعادن الثقيلة ومن النيترات (التي تتحول أحياناً في الأغذية إلى النتريت السام بالخزن السيئ)، إضافة إلى أن نسبة النتريت في المنتجات العضوية كانت أقل منها في مثيلاتها اللاعضوية. وما يقلق كثيراً أنصار الزراعة العضوية في المستقبل هو خطر تنامي إنتاج مقصود أو غير مقصود لمنتجات المحاصيل الزراعية المحوّرة وراثياً التي منع استخدامها في الزراعة العضوية بسبب خطورتها المحتملة على الصحة البشرية من دون حسبان النتائج المستقبلية.

كما تبين من الدراسات العلمية أن استعمال المبيدات الفطرية يؤدي إلى تكوين مستقلبات ثانوية ضارة وخطرة على الصحة البشرية، تفرزها العفنات المسرطنة والسامة. ويبدو أن الزراعة العضوية تمنع من تكوين هذه المستقلبات الضارة، مثل تريكوتيسين trichothecene في الحبوب، وباتولين patuline في الفواكه، ويمكن تفادي هذه الخطورة بتحضير جيد للسماد البلدي والسوائل المطروحة في حظائر الحيوانات المختلفة وفق أسس علمية دقيقة.

وأوضحت دراسات الشركة الدولية للبحوث الزراعية ISOTAR في سويسرا (1978ـ2002)، حول تأثير الزراعة العضوية في إنتاجية الترب بالمقارنة مع الزراعة التقليدية، أن الزراعة العضوية أدت إلى زيادة مردود القمح بنسبة 80%، وخفض نسبة استخدام الأسمدة المعدنية بنحو 34ـ54%، والمبيدات النباتية بنحو 97%. أما في البطاطا فقد ازداد المردود بنسبة 30ـ40% بسبب انخفاض نسبة الإصابة بالملديو، والإقلال من استعمال البوتاسيوم في التسميد، كما ازدادت نسبة المتعضيات المجهرية المتكافلة في التربة وعلى جذور القرنيات بمعدل الضعفين في الزراعة العضوية مما أدى إلى مضاعفة خصوبة التربة والنشاط الحيوي فيها. وازداد أيضاً نشاط الديدان الأرضية بمعدل 3مرات، ونسبة العناكب ومفصليات الأرجل المختصة بمهاجمة بعض الآفات بمعدل الضعفين، كما ارتفعت نسبة التكافل الإعاشي (المعايشة) بين الفطور والجذور بنحو 40% مما يساعد على تحسين التغذية المعدنية والعضوية على نحو أفضل في النباتات المختلفة.

دور الكيماويات والمبيدات الزراعية والأسمدة المعدنية في تلوث البيئة

أدى استخدام التقانات الحديثة في العمليات الزراعية على نطاق واسع إلى تزايد الطلب على إنتاج الكيماويات الزراعية المختلفة بغية حماية المحاصيل الزراعية من الآفات الضارة وزيادة إنتاجها وتحسين نوعيتها، ولتلبية الحاجة المتزايدة لإطعام البشرية. وتجدر الإشارة إلى أن الفاقد السنوي العالمي في إنتاج المحاصيل الزراعية، بسبب إصابتها بالآفات المختلفة يراوح بين 28.1و43.3% من الإنتاج الإجمالي (بحسب الإحصائيات الأخيرة لمنظمة الأغذية والزراعة FAO)، وتمثل هذه النسبة ربح الشركات المنتجة والمسوقة، بغض النظر عن درجة سميتها والأضرار التي يمكن أن تحدثها للإنسان والبيئة، إذ أن هناك حادثة تسمم في كل دقيقة نتيجة استخدام المبيدات في الدول النامية بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية وتقرير الحكومة الأمريكية ومحاضر المؤتمر الاستراتيجي لإدارة المبيدات في الولايات المتحدة الأمريكية. وتقدر نسبة التسمم بنحو 0.5مليون شخص سنوياً يموت منهم نحو 5000شخص، ولاتشمل هاتان النسبتان المصابين بالسرطانات، أو ممن أسقطن حملهن، أو الأطفال المشوهين منذ ولادتهم والميتين بسبب تعرضهم للمبيدات، إضافة إلى نفوق وتسمم العديد من الحيوانات الآهلة والبرية. وقد صار التلوث بالمبيدات لايعرف حدوداً جغرافية، وتمتد آثاره الضارة إلى كل التجمعات السكنية في العالم بوساطة الأطعمة والفواكه والخضراوات الملوثة ببقايا المبيدات السامة.

أما الجانب الآخر من الاستخدام غير الرشيد للمبيدات والكيمياويات فهو تلوث التربة وخاصة عندما تستخدم مواد ذات سمية عالية جداً وتركيب كيمياوي ثابت لمدة طويلة، كزرنيخ الكالسيوم ود.د.ت والمبيدات العضوية الفوسفورية وغيرها، وتعدّ استمرارية بقاء المبيدات السامة في التربة أكثر أهمية وخطورة على البيئة. أما المبيدات العضوية والحشرية العالية السمية والسريعة التفكك والتحلل فهي أقل ضرراً أو خطورة على البيئة، ويؤدي استعمالها إلى موت النحل والمفترسات الطبيعية وكذلك المبيدات المتوسطة والضعيفة السمية.

ويؤدي استخدام المبيدات المختلفة في معظم الحالات إلى الإخلال بالتوازن الطبيعي في التربة وخفض خصوبتها، على نحو لايمكن إصلاحه إلاّ على المدى البعيد.. كما تؤدي طبيعتها التراكمية في الكبد إلى تضخمه، وتكوين خراجات دماغية والتهابات رئوية وضعف النمو وتشويه الأجنة وعدم استقلاب عنصر الكلس.

وتشير الدراسات إلى أن الفاعلية العظمى للمبيدات المضافة إلى التربة تحدث مع إضافة الأسمدة الفوسفورية أو الأسمدة الكاملة، وخاصة عند استخدامها على نحو غير متوازن وغير مناسب لمتطلبات النباتات. ويؤدي وجود كميات كبيرة من النترات في التربة إلى سرعة غسلها بمياه الأمطار والري وتلوث المياه الجوفية. كما أن وجود كميات كبيرة من النترات والنحاس والكبريت في المنتجات النباتية خطر على النباتات وعلى الإنسان والحيوانات في غذائها، إذ يمكنها أن تكوِّن مركبات نتروزية مسرطنة. و يعزى في كثير من الأحيان الموت الجماعي للأسماك في مزارعها المائية في أثناء فصل الصيف إلى تأثرها بالمبيدات المختلفة وخاصة بشوارد النترات فيها والتي تنتقل مع المياه الجوفية.

حولت الشركات العالمية الكبرى المتخصصة بإنتاج المبيدات الزراعية وتسويقها العالم الثالث إلى أسواق رائجة لبضائعها، فأغرقته بمئات المركبات الكيمياوية المختبرة وغير المختبرة، المحرمة في دولها وغير المحرمة، وما كسد فيها من هذه المركبات، إذْ تقدر المنتجات المحظور استعمالها في الولايات المتحدة بنحو 25% من صادراتها من المبيدات، وأنها لم تسجل للاستعمال المحلي (تقرير مكتب المحاسب العام في الولايات المتحدة ـ حزيران 1979) ومع أن بعض هذه المبيدات (مثل د.د.ت، الدرين وداي الدرين وهبتاكلور وأندرين وكلودوين وأوجانوكلورينات وغيرها) تسبب السرطان والولادات المشوهة، تسوغ بعض الشركات العالمية تصدير المبيدات إلى العالم الثالث تحت شعار مكافحة الجوع وتحسين مستوى المعيشة.

دور المحاصيل المحوّرة وراثياً في خفض استخدام المبيدات السامة وفي زيادة المردود والآفات المستقبلية

يبدو أن عالم اليوم منقسم تماماً بين هؤلاء الذين يحبذون التوسع في إنتاج المحاصيل المحوّرة وراثياً genetically modified crops وأولئك الذين يخشونها ويشككون فيها، إذْ يدعي المشككون أن النباتات المحورة وراثياً يمكنها أن تعرّض البيئة والصحة لأخطار مقلقة جداً يصعب قبولها، مما دفع بعض الدول إلى تقييد زراعة هذه النباتات واستيراد منتجاتها. وتبين دراسات الوكالة الدولية لاعتماد التطبيقات التقانية الحيوية الزراعية منذ عام 1994م حتى عام 2000م أن رقعة الأراضي المخصصة لمحاصيل فول الصويا والذرة والقطن والبندورة والكانولا والبطاطا والقرع العسلي والباباظ والبطيخ وغيرها، قد اتسعت على نحو كبير جداً في لعض الدول الصناعية والنامية، لتصل مساحتها إلى نحو 4402 مليون هكتار، إلاّ أنها بدأت بالانخفاض في أثناء عام 2000م، بسبب تراجع المزارعين الأمريكيين عن زراعة الذرة المحورة وراثياً لركود تسويقها وللحاجة إلى مكافحة آفات بعض الأصناف الأخرى المحوّرة وراثياً. كما ألزمت وكالة حماية البيئة الشركات المنتجة لبذور القطن المحور وراثياً عدم بيعه في ولايتي هاواي وفلوريدا في الولايات المتحدة لفصلها عن نباتات القطن البري، ويقترح بعضهم زراعة محاصيل عادية ملاذاَ لمنع انخفاض صفة المقاومة للحشرات. ويرى الكثير من العلماء أن الجيل الراهن للمحاصيل المحوّرة وراثياً هو ضرب مؤقت من التحول للتفوق على الآفات بالحيلة أكثر مما هو كسب حقيقي وفعلي للزراعة، وتفضل البدائل الزراعة المستديمة ودوراتها الزراعية وطرائق الزراعة العضوية، على رش المبيدات أو استخدام الأسمدة أو النباتات المهندسة وراثياً.

وفي كندا أفاد المزارعون بأن هناك هجرة لنبات الكانولا المحور وراثياً من الحقول ليغزو حقول الحبوب (القمح والشعير والشوفان) عشباً ضاراً ومقاوماً للمبيدات العشبية المعروفة.

وفي كوالالمبور (ماليزيا) عقد المؤتمر الدولي عام 2004 للمنتجات المحوّرة وراثياً وسط جدل شديد حول أخطار هذه التقانة التي عدّها بعضهم وبالاً على البشرية أكثر منها وسيلة لمكافحة الجوع في العالم. وتبين عدم نجاح الجهود المبذولة من قبل الهيئات المتخصصة في نشر هذه التقانة وفرض منتجاتها الغذائية عالمياً باستثناء الولايات المتحدة.

وقد فرض الاتحاد الأوربي حظراً فعلياً على استيرادها من الولايات المتحدة، مما دفع واشنطن إلى رفع شكوى أمام منظمة التجارة العالمية، كما أكد خبراء البيئة أنه لايمكن ضمان خلوها من الأضرار والمخاطر في التغذية، وعدم وجود أي منتج محوّر وراثياً أقل ثمناً أو أفضل نوعاً من مثيله الطبيعي العضوي، وأن معظم المحاصيل المعدلة وراثيا ًتتطلب استعمال مبيدات حشرية أكثر كمية. وفي مواجهة تعاظم القلق العام يعكف الباحثون على دراسة العواقب الناجمة عن المحاصيل المحوّرة وراثياً وتأثيراتها المختلفة فيما بينها وفي البيئة، ومن المقرر أن توضح الصورة قريباً من قبل الوكالة الدولية لحماية البيئية لما يسمى بدفق الجينات flow of genes في محاصيل النباتات المحوّرة وراثياً والمكافحة المتكاملة للآفات النباتية.

هشام قطنا

الموضوعات ذات الصلة:

 

التربة ـ التربة (الأحياء الدقيقة في ـ) ـ تغذية النبات ـ الزبل.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ كاترين براون، «الأغذية المحورة وراثياً هل هي مأمونة»، (مجلة العلوم 8/9/2001).

ـ هشام قطنا وآخرون، الأمراض الفيزيولوجية والبيئية النباتية (منشورات جامعة دمشق 1996/2000).

- Agrobios (Paul Fascotto) Production biologique du fruit (Vence, France1988).

- ALINE RICHARD, Nutrition: le bio est -il vraiment meilleur pour la santé (La Recherche, No 367, France 2003).


التصنيف : الزراعة و البيطرة
المجلد: المجلد العاشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 296
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 553
الكل : 31908130
اليوم : 28160

بيتي (هانز ألبرخت-)

بيتي (هانز ألبرخت ـ) (1906 ـ …)   هانز ألبرخت بيتي Hans Albrecht Bethe فيزيائي، ألماني المولد، أمريكي الجنسية، درس الفيزياء في جامعة فرانكفورت. وقام ببحوثه النظرية في جامعة ميونيخ حيث حاز الدكتوراه عام 1928، وكانت أطروحته عن نظرية انعراج (حيود) الإلكترون.  عمل مع الفيزيائي الإيطالي أنريكو فِرْمي Fermi في رومة عام 1931 ثم عاد إلى ألمانية ودرس في جامعة توبنْغن Tubingen حتى عام 1933، انتقل بعدها إلى إنكلترة فدرّس في جامعتيْ مانْشِسْتر وبريستول، ثم هاجر إلى الولايات المتحدة، ثم صار في عام 1934محاضراً في جامعة كورْنِل Cornell في مدينة إيتاكة Ithaca (ولاية نيويورك) حيث ظل مقره الرئيسي،
المزيد »