logo

logo

logo

logo

logo

أنكسيمانس

انكسيمانس

Anaximenes - Anaximène

أنكسيمانس

(ت نهاية القرن السادس ق.م)

 

أنكسيمانس الملطي Anaximane of Milet هو آخر فيلسوف معروف يمثل المدرسة الملطية أو الإيونية[ر]. وهو الذي خلف أنكسيمندرس[ر] في منصبه بعد موته نحو 546ق.م. ولا يكاد يُعرف من حياته، إلا شيء واحد، هو أنه كتب بالنثر الإيوني بأسلوب مبسّط جداً كتاباً لم يبق منه إلا جزء صغير جداً. وإذا عُرف شيء من تفاصيل أفكاره، فذلك بفضل ما كتبه عنه تيوفراست Théophraste.

يرى أنكسيمانس أن أصل الكون هو الهواء. خلافاً لما ذهب إليه طاليس من أن الأصل هو الماء، وخلافاً لما ادّعى أنكسيمندرس من أنه المبدأ اللامتعين واللامحدود كماً وكيفاً. وهذا الهواء شيء لامحدود، كمبدأ أنكسيمندرس تماماً. وقد آثر أنكسيمانس عنصر الهواء على غيره، لأنه أراد أن يكون العالَمُ حيّاً، يولد ويتنفس ويموت. ونُقِل عن ذلك الكتاب المفقود، قولُه: إن النفس، لأنها من الهواء، فهي في كلٍّ منا مبدأ توحيد، أي إنها تنشئ وحدة الفرد، والهواء يحتوي العالم في كليته. ولا محدودية الهواء هي لا محدودية في الكم لا بالكيف كما هي الحال عند أنكسيمندرس. وهكذا فإنه حين يقال: إن الهواء لا ينكشف للحواس، إلا بالحرارة أو البرودة أو الرطوبة أو الحركة، ولا ينكشف لها حين يكون متجانساً فإنه يجب أن يُفهمَ من ذلك، اللاتعيّن الظاهر بالنسبة للحواس فقط.

وتظهر أصالة أنكسيمانس في تصوُّره لرد الأشياء إلى المبدأ الذي تشتق منه، ثم تعود إليه. فكل تغيّر يتم في رأي هذا الفيلسوف، عن طريق تكاثف الهواء وتخلخله، أي بحسب تمدّده وتقلصه. وعلى ذلك فإن سبباً بعينه، يكفي بالفعل المتشابه لعناصره وبهذا تتحول الأشياء بعضها إلى بعض لتفسّر مختلف الحوادث. والنار هي الهواء المتخلخل، والرياح هي تكاثف قسم من الهواء الذي يُدفع بهواء أقل كثافة. فإذا ضغط الهواء أكثر، وزيدت كثافته نشأت السحب التي متى ازداد فيها التكاثف، تحوَّلت إلى أمطار وإلى آخر ما هنالك. فإذا ازداد التكاثف في الماء نشأت عنه الأرض ثم الصخور. وبالجملة فإن ازدياد التكاثف أو ازدياد التناثر اللذين يغيّران درجة تماسك الهواء ليسا في الواقع، إلا حادثين ميكانيكيين يؤديان إلى انفصال الأجزاء أو تجمعها. والهواء في الواقع، مثلُه مثل «لا محدود» أنكسيمندرس، يظل في حركة دائمة لا تتوقف. ومن جهة أخرى، فإن الهواء، من ثم، يبدو قوة حية، وذلك لأنه الإله. وهذا مثال على عدم التمييز، لدى هؤلاء المفكرين القدماء بين وجهة النظر الميكانيكية، ووجهة النظر الأخرى الدينامية.

وفي نظريته عن تكوّن العالم وبنيته، يبدو أن الأرض في رأيه هي أول ما ظهر. ولكي تبقى الأرض ثابتة، وتقاوم دفع الهواء الذي تستند إليه، يجب أن تكون سطحاً واسعاً أملس، كالطاولة مثلاً. وبدلاً من أن تشق الهواء، تقوم فوقه مثل الغطاء، وترغم كتلته على البقاء مضغوطة وساكنة. وبحكم التناثر المتزايد للأبخرة، وبمقدار ما تبتعد هذه عن الأرض، تتكون الكواكب والنجوم. ويبدو، مع ذلك أن هذه من طبيعة أرضية جزئياً، أو محاطة على الأقل بأجسام ترابية غير مرئية نشرت بوساطتها حوادث امتناع الإضاءة، أو نقص النور، لدى اعتراضها مسيرة الكواكب الأخرى. وهي محمولة أيضاً بالهواء، على صورة لوحات مطلية، أو صفائح نارية. أما النجوم الثابتة، التي لا تصدر أي حرارة، فهي أبعد النجوم. ويؤكد أنكسيمانس وجودها. وعلى كل حال، فإن تصوّر كرة سماوية صلبة شفافة، تصوّر متقدم، يُعَدُّ أنكسيمانس فيه رائداً لعلم الفلك القديم.  

 

حافظ الجمالي

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

الإيلية (المدرسة ـ) ـ الإيونية (المدرسة ـ).

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ جعفر آل ياسين، فلاسفة يونانيون من طاليس إلى سقراط (عويدات، بيروت 1975).

ـ عبد الرحمن بدوي، ربيع الفكر اليوناني (النهضة المصرية، القاهرة 1979).

ـ ماجد فخري، تاريخ الفلسفة اليونانية من طاليس إلى أفلوطين وبركليس (دار العلم للملايين، بيروت 1991).


التصنيف : الفلسفة و علم الاجتماع و العقائد
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 71
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 752
الكل : 60285332
اليوم : 39627

المركزية الديمقراطية

المركزية الديمقراطية   إن فكرة المركزية الديمقراطية فكرة صاغها لأول مرة نظرياً وطبقها عملياً ماركس وإنجلز في بناء ونشاط اتحاد الشيوعيين والأممية الأولى، ثم طورها ومارسها لينين في عصر ثورة البروليتاريا. ويفيد القاموس السياسي أنها «مبدأ أساسي في البناء التنظيمي للحزب الشيوعي السوڤييتي»، وقد أصبحت بعد ذلك مبدأً أساسياً لكل الأحزاب الشيوعية في العالم والأحزاب الثورية تحت مسمى آخر هو الديمقراطية المركزية خوفاً من أن يفهم من التعبير السابق أن هنالك خللاً فيه يقود إلى طغيان المركزية واستبعاد الديمقراطية وقمع الرأي الآخر، وذلك من أجل التأكيد والتركيز بأنه مفهوم بحاجة دائمة إلى التطوير المستمر وفقاً للظروف وبما يعزز الديمقراطية فيه. الهدف من المبدأ تعدّ المسألة التنظيمية من أهم المسائل التي تواجه الأحزاب الثورية باستمرار، ويعدّ الاهتمام بها والنجاح في تطبيق أصولها من أهم الشروط اللازمة لقيام تنظيم سياسي قوي يمارس كامل نشاطاته على أساس من الوحدة التنظيمية المدعمة بالوحدة الفكرية، والسياسة المركزية الديمقراطية تشكل العمود الفقري لبناء الوحدة التنظيمية لهذه الأحزاب.
المزيد »