logo

logo

logo

logo

logo

الساسانيون

ساسانيون

Sassanids / Sassanian - Sassanides

الساسانيون

(226 ـ 651م)

 

الساسانيون The Sassanids أسرة حكمت إيران والامبراطورية الفارسية منذ القرن الثالث الميلادي حتى منتصف القرن السابع الميلادي، حين قضى عليها العرب المسلمون عند فتحهم لإيران.

يعد إقليم فارس الذي يقع إلى الجنوب الغربي من إيران موطن انبعاث الحضارة الإيرانية من جديد؛ ففي القرن الثالث الميلادي أقام الساسانيون، دولة إيرانية، ذات دين قومي، هو الزرادشتية، وحكومة مركزية قوية، وجيشاً مدرباً نافسوا به جيوش الرومان.

أصلهم ونشأتهم

تتحدث المصادر عن ساسان جد هذه الأسرة، بأنه من أسرة نبيلة، تزوج فتاة من أسرة البازرنكيين المالكة في هذه المنطقة، كان سادناً لبيت النار في معبد الآلهة أناهيتا Anahita في مدينة اصطخر، وقد ورّث ابنه بابك وظيفته هذه، واستغل صلته بالبازرنكيين فعين ابنه أردشير في وظيفة عسكرية كبرى في مدينة درابجرد، ومنذ ذلك الوقت بدأ شأن الأسرة بالظهور.

وفي بداية سنة 212م تقريباً، نجح بابك في قتل ملك مدينة اصطخر وتولى مكانه، وأصبح ابنه أردشير سيداً على كثير من مدن إقليم فارس بعد التغلب على حكامها .

كتب بابك إلى الملك البارثي أردوان الخامس يستأذنه في تتويج ابنه الأكبر سابور (شابور) ملكاً على اصطخر، فرفض الملك أردوان طلبه وأجابه بأنه يعتبر بابك وابنه خارجين عن الطاعة (ثائرين) غير أن بابك مات بعد ذلك بقليل، فارتقى ولده سابور عرش إقليم فارس. لكن أردشير، الذي كان يطمح في العرش، رفض الاعتراف بأخيه ملكاً، وكادت الحرب تقع بينهما، إلا أن سابور توفي فجأة، وسويت الأمور بأن اعترف أخوة أردشير به ملكاً.

وبعد أن أخمد أردشير ثورة في درابجرد، عمل على تثبيت سلطته بغزو إقليم كرمان القريب، حيث استطاع أسر ملكه ولجش ( بلاش )، ثم توجه نحو سواحل الخليج العربي لإخضاعه. وتتحدث المصادر العربية والفارسية بإسهاب عن فتوحات أردشير وأعماله العسكرية في الأقاليم الإيرانية، وكيف تم له إخضاع أغلب الملوك لسيطرته، الأمر الذي أدى إلى احتدام الصراع ونشوب المعركة الكبرى بين جيش أردشير وجيش البارثيين الذي قاده الملك بنفسه في وادي الهرمزدجان بخوزستان،وفي هذه المعركة سقط الملك أردوان قتيلاً بيد أردشـير بحسب رواية الطبري، التي تضيف بأن أردشير قد وطىء بقدمه رأس الملك أردوان.  

ويعتقد المؤرخ نولدكه بأن المعركة ربما حدثت في سنة 224 م، وبعدها دخل أردشير طيسفون ظافراً، معتبراً نفسه وارث الفرثيين (الاشكانيين)، وفي السنين التالية أخضع أردشير ميديا وهمذان وحاصر مدينة الحضر، كما هاجم أذربيجان وأرمينيا، ويبدو أن هذه المناطق صمدت أمام زحف أردشير، ولم يستطع السيطرة عليها إلابعد قتال عنيف.ثم مد سلطانه على الأقاليم الشرقية، فأخضع سجستان ثم خراسان وخوارزم، ووصلت رسل ملك الكوشيين ومكران وتوران إلى أردشير معترفين بسيادته.

يصف الطبري والفردوسي والأصفهاني، أردشير بالرجل الحكيم والقوي، استطاع في سنوات قليلة إخضاع كل إيران الغربية وبابل والمناطق الشرقية، وجعلها تحت سيطرته المباشرة. كما نسبوا لأردشير بناء عدد كبير من المدن والمعابد التي حملت اسم الملك العظيم، مؤسساً للدولة الساسانية.

نظام الحكم والطبقات

كان نظام الحكم في الدولة الساسانيه نظاماً ملكياً مطلقاً، وقد تلقب حكام الفرس بلقب »شاهنشاه« ملك الملوك، وكتبوا على نقوشهم بأنهم ينحدرون من نسل الآلهة، لذلك يعتبر الملك وأسرته الطبقة الأولى، تليهم الطبقات الأربعة التي هي أصحاب الدين والحرب والتدبير والخدمة.

أقام الساسانيون سلطة مركزية، على أساس الدين الزرادشتي، استطاعت أن تكبح جماح الحكام الإقطاعيين، بحيث أصبحوا تابعين تبعية كاملة للشاهنشاه، و أنشؤوا نظاماً إدارياً محكماً معتمدين على النظم الإدارية وألقاب الموظفين التي ورثوها عن البارثيين.

كان على رأس هذه الإدارة كبير الوزراء «بزرجفرمدار» الذي كان يقوم بإدارة أمور الدولة تحت رقابة الملك، وينوب عنه في كثير من الأمور، مثل قيادة الجيش، والمفاوضات. ويلي كبير الوزراء مجموعة من الوظائف المهمة التي شغلها زعماء الطبقات، فعلى رأس رجال الدين منصب قاضي القضاة «الموبذان موبذ»، وعلى رأس رجال الحرب، قائد الجيش «إيران سباهبذ»، وعلى رأس الكتاب كبير الكتاب «دبيربد» وعلى رأس الزراع وبقية الحرف «الواستريوشانسلار».

كان جميع أصحاب هذه الوظائف بمثابة وزراء أو مستشارين للملك، كل بحسب تخصصه، لذلك كانوا يتغيرون أحياناً مع تغييرا لملك، ويضاف إلى كبار موظفي الدولة حكام الأقاليم «المرازية».

سيطرت السلالة الساسانية على إيران لمدة أربعة قرون ونيف، وحكم فيها نحو 40 ملكاً، وكان هدفها دوماً الدفاع عن استقلال إيران والحضارة الإيرانية إزاء الرومان (البيزنطيين) غرباً والقبائل التركية المغولية شرقاً.

أشهر ملوكهم :

ـ أردشير مؤسس الدولة (224 ـ 241م).

ـ سابور الأول (241 ـ 272م).

ـ نرسي (293 ـ 302م).

ـ سابور الثاني (ذو الأكتاف) (309 ـ 379م).

ـ بهرام الخامس (كور) (421 ـ 437م).

ـ قباذ (488 ـ 531م).

ـ كسرى أنوشروان (531 ـ 579م).

ـ كسرى أبرويز (591 ـ 628م).

حروبهم مع الرومان

ورث الساسانيون عن المملكة البارثية، الصراع مع الامبراطورية الرومانية، من أجل السيطرة على الأراضي الخصبة في شمالي بلاد الرافدين والجزيرة، وعلى الأماكن الاستراتيجية في أرمينية والقفقاس، تلك المناطق التي لم يكن ولاؤها للفرس أو للروم ثابتاً. وظل نهر الفرات الحد الفاصل بين الفرس والرومان حتى منتصف القرن الثالث الميلادي.

في سنة 253م هاجم الشاه سابور الأول أرمينيا وطرد منها الملك الأرميني ميتريداتس الذي كان موالياً للرومان، ونصب مكانه ملكاً أرمينياً موالياً للفرس الساسانيين، كذلك اصطدم سابور مع الامبراطور الروماني فاليريانوس في معركة جرت بينهما سنة 260م قرب مدينة الرها، فوقع الامبراطور الروماني في الأسر وسيق أسيراً مع أكثر من 60ألفاً من جنوده إلى إيران، وفي أثناء تراجع سابور الأول إلى إيران تعرض لهزيمة أمام ملك تدمر أذينة الثاني في شمالي سورية.

وفي عهد بهرام الثاني (276ـ293م) تجددت الحرب بين الفرس والرومان، فانتصر الرومان في البداية ودحروا الفرس حتى طيسفون، ولكن وفاة الامبراطور الروماني كاروس المفاجئة جعلت الجيوش الرومانية تنسحب إلى سورية.

وفي عهد الشاه نرسي (293ـ302م) عادت الحرب من جديد بين الطرفين في أرمينيا، وانتهت بهزيمة الفرس واضطر على أثرها نرسي أن يفاوض الرومان، فتم الاتفاق على الاعتراف بسلطة الفرس على بلاد النهرين، وبسلطة الرومان على أرمينيا، كما تقرر أن تكون مدينة نصيبين مركزاً لتبادل التجارة بين الطرفين.

في مطلع القرن الرابع الميلادي ساد الهدوء على الحدود بين الدولتين، طيلة حكم الامبراطور قسطنطين الكبير (305ـ337م)، وبعد وفاته تجدد النزاع، وحاصر سابور الثاني ذو الأكتاف مدينة نصيبين ثلاث مرات في سنوات 338 و346 و350م. وفي سنة 359م سقطت آمد (ديار بكر) بيده، كما احتل سنجار وبيت زبدي (جزيرة ابن عمر) سنة 360م.

وفي ربيع 363م توجه الإمبراطور يوليان نحو الشرق، ليضع حداً للاعتداءات الفارسية، بجيش مؤلف من خمسة وستين ألفاً، فعبر نهر الفرات على جسر من القوارب، كما عبر دجلة، ثم تابع زحفه نحو العاصمة الساسانية طيسفون، غير أن الحملة انتهت بمقتل الامبراطور، فعين الجند جوفيان امبراطوراً جديداً، غير انه انسحب بسرعة بعد أن وقع صلحاً خاسراً مع الفرس، تنازل فيه عن جميع الأراضي البيزنطية الواقعة إلى الشرق من نهر دجلة، وعن سنجار ونصيبين، وأصبح خط الحدود الجديد بين الدولتين بمحاذاة نهر الخابور.

أما القرن الخامس فقد تميز بسلام نسبي وهدوء على الحدود، بسبب انشغال البيزنطيين بمحاربة البرابرة القوط في الجبهة الشمالية الغربية من جهة، ولانشغال الفرس بالتصدي لغارات قبائل الهون على حدودهم الشمالية الشرقية من جهة أخرى.

 في بداية القرن السادس الميلادي استأنف الشاه قباذ الحرب على بيزنطة، فهاجم حران والرها وسقطت آمد في يده سنة 503م، بعد أن دفعت ثمناً باهظاً لمقاومتها التي دامت سبعة وتسعين يوماً.

وسعى الامبراطور انستاسيوس للاتفاق مع قباذ ولكن دون جدوى. وحاول الفرس محاصرة مدينة الرها «القاعدة البيزنطية للعمليات العسكرية في هذه المنطقة» بلا أي نتيجة، وانسحب قباذ واسترجع البيزنطيون آمد في سنة 504 ـــ 505م، ثم انتهت العمليات الحربية بمعاهدة سنة 506م.

في سنة 527م شهد الريف المجاور لنهري البليخ والخابور معارك طاحنة بين البيزنطيين والفرس، انتهت بعقد معاهدة سلام دائم في سنة 532م، تعهد البيزنطيون فيها بأن يدفعوا للفرس مبلغاً كبيراً من الذهب سنوياً، لكن السلام لم يدم طويلاً وجدد الفرس نشاطهم زمن كسرى أنوشروان، وتعرضت مدن الجزيرة للاجتياح أكثر من مرة من قبل الجيوش الساسانية أو من فرق المناذرة، ووصلوا حتى مدينة أنطاكية، وفي النهاية توصلا إلى سلام لمدة خمسين عاماً في سنة 562م.

لم تكد تنقضي عشر سنوات حتى اندلعت الحرب مرة أخرى، حين رفض جوستين الثاني تنفيذ الاتفاق السابق مع الفرس، وأعلن الحرب عليهم، فهاجم الفرس في سنة 573م مدينة دارا (حصن بيزنطة الحصين) واحتلوها، واستمرت الحرب سجالاً حتى أواخر القرن السادس الميلادي.

لم يقتصر الصراع بين بيزنطة وفارس على المناطق الخصبة والاستراتيجية، بل كانت طرق التجارة وبسط النفوذ السياسي، من أهم الميادين التي امتدت إليها المنافسة، وقد نجح الفرس في بسط نفوذهم على سواحل الجزيرة العربية واحتلوا اليمن، وأبعدوا الأحباش وحلفاءهم الروم عن سواحلها، وحققوا بذلك انتصاراً كبيراً على بيزنطة أواخر القرن السادس الميلادي.

وفي أوائل القرن السابع الميلادي جدد الفرس حملاتهم على سورية، فاحتلوا انطاكية سنة 611م ومدينتي حمص ودمشق سنة 613م، وحاول الامبراطور هرقل التصدي لهم في شمالي سورية، حيث اصطدم مع الفرس في معركة قرب انطاكية، فانهزم البيزنطيون ولاحقهم الفرس حتى كيليكيا و احتلوها أيضاً.

وفي سنة 614م تابع الفرس زحفهم من كيليكيا نحو الجنوب فاخترقوا سورية، واحتلوا مدينة القدس، وأباح شهربراز القائد الفارسي بيت المقدس لجنوده، فقتلوا من سكانها، حسبما ورد في المصادر البيزنطية، سبعة وخمسين ألفاً، كما أحرقوا الكنائس واستولوا على عود الصليب الذي صلب عليه المسيح، حسبما يعتقد المسيحيون، وأرسلوه إلى فارس. وفي سنة 619م جدد الفرس نشاطهم الحربي، فأرسلوا جيشاً إلى مصر بقيادة شهربراز، فانتصر على القوات البيزنطية المرابطة هناك، كما سقطت الاسكندرية بيد الفرس وخضعت لهم المدن المصرية الأخرى.

وبعد هذه الانتصارات الساحقة على بيزنطة سيطر الفرس على مصر وفلسطين وسورية وأرمينيا وما وراءها، فبدوا وكأنهم يستعيدون أمجاد الامبراطورية الأخمينية القديمة.

وكان لهذه التطورات دوي في أرجاء العالم القديم، أشار إليه القرآن الكريم في سورة الروم. لكن هذه القوة الجديدة كانت مزعزعة ومهددة بالانهيار بأسرع مما كان متصوراً، إذ سرعان ما تغير الموقف لمصلحة بيزنطة فلم يأت عام 628م حتى استعادت بيزنطة كل الأراضي التي كان الفرس قد استولوا عليها، بعد عدة حملات ناجحة على الأراضي الإيرانية.

وهكذا انتهت الحروب الطويلة الدامية بين الفرس والبيزنطيين، من دون تغييرات ملموسة في الحدود والعلاقات بين الدولتين العظميين، وعبثاً سقط آلاف الضحايا من الطرفين. فإيران لم تحصل على منفذ على البحر الأسود أو المتوسط، كما لم تستطع بيزنطة كسر طوق سيطرة الفرس على التجارة ببضائع الشرق الأقصى، وكل ما جناه الطرفان من هذه الحرب هو خروج كل منهما منهوك القوى.

استفاد من هذا الوضع العرب المسلمون الذين ظهروا قوةً ناهضةً جديدة في جزيرة العرب، استطاعت تقويض الدولة الساسانية وإنهاء وجودها في منتصف القرن السابع الميلادي.

أهمية الحضارة الإيرانية

كانت الدولة الساسانية تربط بين عالمي الشرق والغرب، بين الهند و بلدان حوض البحر المتوسط، ومع أنها توسطت هذا العالم القديم حافظت على استقلالها الثقافي، فالإيرانيون لم يصبحوا يونانيين ولا هنوداً، وكان في الأفكار الزرادشتية حيوية، كما أن الفن الإيراني أظهر ميزات الطبيعة الإيرانية واحتفظ بشخصيته، وحينما اختلطوا بغيرهم لم يفقدوا حضارتهم بل أبدعوا وأثروا في الشعوب التي حكمتهم في نواحي الأدب والفن والفلسفة.

وكثيراً ما يبدي الكتاب العرب إعجابهم بدولة الساسانيين العظيمة التي هي نموذج لفن السياسة في الشرق، كما يعجب هؤلاء الكتاب بالشعب الذي أقام هذه الدولة. يقول أبو الفدا: «كان ملوك الفرس من اعظم ملوك الأرض في قديم الزمان، ودولتهم وترتيبهم لا يماثلهم في ذلك أحد» وفي كتاب آخر مثل هذا المدح: «تعترف شعوب الأمم المختلفة بتفوق الفرس، ويعجبون بكمال حكومتهم، وبطريقتهم الفائقة في الحرب، وبقدرتهم على تنسيق الألوان وتجهيز الأطعمة والأدوية وطرازهم في اللبس وتنظيم ولاياتهم، وعنايتهم بجعل كل شيء في موضعه، وشعرهم وترسلهم وحسن منطقهم، ونظافتهم، وعظيم استقامتهم، وتمجيد ملوكهم. فلا نزاع في تفوق الفرس في هذه النواحي كلها».

محمود فرعون

الموضوعات ذات الصلة:

 

البارثيون ـ البيزنطيون ـ الرومان ـ سابور ذو الأكتاف.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ أرثر كريستنسن. إيران في عهد الساسانيين (دار النهضة العربية، بيروت 1982م).

ـ حسن بيرنيا. تاريخ إيران القديم (دار الثقافة للنشر 1992م).

ـ الطبري: تاريخ الرسل و الملوك، الطبعة الأوربية.

 


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد العاشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 571
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 509
الكل : 31895990
اليوم : 16020

حبيش الأعسم

حُبيش الأعسم   حُبيش بن الحسن الدمشقي نسبة إلى دمشق مسقط رأسه ولقب بالأعسم ليبس في ساعده. لم تذكر المراجع عام ولادته وعام وفاته، ولكن من المعروف أنه كان حياً في العقد الثالث حتى العقد الأخير من القرن الثالث الهجري، إذ كان في خدمة المتوكل العباسي الذي تولى الخلافة سنة 232هـ /847م، واستمر في خدمة الخلفاء العباسيين من بعده إلى عهد المقتدر الذي تولى الخلافة سنة 295هـ /908م.
المزيد »