logo

logo

logo

logo

logo

المسؤولية الطبية

مسووليه طبيه

Medical responsibility - Responsabilité médicale

المسؤولية الطبية

 

المسؤولية الطبية la responsabilité médicale معروفة منذ القديم؛ عندما كان قانون حمورابي - الذي كان يطبق في بلاد ما بين النهرين في الألف الثانية قبل الميلاد - يقضي بقطع يد الطبيب الذي تسبّب في موت مريضه إذا كان رجلاً حراً، أو إذا تسبّب في تعطيل عينه التي كان يعالجها. أما إذا تسبّب الطبيب في موت عبد فكان يعوّض عبداً بعبد. وكان القانون الفرعوني يفرض في بعض الأحيان عقوبة الإعدام بحق الطبيب المخطئ. وكذلك الحال عند الإغريق؛ حيث كان الطبيب يُسأل إذا تسبّب بوفاة المريض نتيجة إهماله وتقصيره، أما إذا توفي المريض من دون إهمال من الطبيب فلم يكن يُسأل عن ذلك. أما في القانون الروماني؛ فكان من الممكن أن تصل عقوبة الطبيب الذي تعمّد ارتكاب الضرر إلى الإعدام، وكانت العقوبة تُنفّذ من قبل أهل المريض، الذين كان يحق لهم أيضاً المطالبة بثروة الطبيب المخطئ. وفي القانون الكنسي كانت عقوبة الطبيب، في حال وفاة المريض الناجمة عن إهماله، يمكن أن تصل إلى حد الإعدام، إذ يُسلم الطبيب إلى أهل المريض الذين كان باستطاعتهم قتله أو استرقاقه. زد على ذلك أنه إذا لم يُشفَ المريض، لم يكن الطبيب يستحق أجره.

وفي الشريعة الإسلامية[ر] يمكن الحجر على الطبيب الجاهل، وجاء في الحديث النبوي الشريف أن: «من تطبب ولم يكن بالطب معروفاً فأصاب نفساً فما دونها فهو ضامن».

وجاء في حديث نبوي آخر أن: «أي طبيب تطبب على قوم لا يعرف له تطبيب قبل ذلك فأعنت، فهو ضامن».

وقد نظمت القوانين المعاصرة المسؤولية الطبية ومنها القانون السوري، ومسؤولية الطبيب إما أن تكون جزائية أو مدنية أو مسلكية.

المسؤولية الجزائية

وهي على نوعين: المسؤولية الناشئة من الخطأ العادي، والمسؤولية الناشئة من الخطأ الفني.

- المسؤولية الناشئة من الخطأ العادي: وتكون في الحالات الآتية:

آ - مزاولة الطب من دون رخصة قانونية: تخضع مزاولة المهن الطبية في سورية لأحكام القانون الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /12/ لعام 1970 وتعديلاته. وتنص المادة /49/ من القانون المذكور على أن كل من زاول عملاً طبياً من دون أن تتوافر فيه الشروط القانونية التي تخوله حق الحصول على رخصة بمزاولة ذلك العمل يُغلق محله ويُصادر ما فيه من أدوات ومواد تتعلق بمزاولة العمل، وذلك بقرار من وزير الصحة يُنفّذ مباشرة بوساطة النيابة العامة، ويعاقب إضافة إلى ذلك بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، وبالغرامة أيضاً. وهذه العقوبة هي أشد من العقوبة المنصوص عنها في المادة/383/عقوبات، والتي تعاقب كل من يمارس من دون حق مهنة خاضعة لنظام قانوني بالحبس ستة أشهر على الأكثر، وبالغرامة أيضاً.

ب - الإجهاض[ر]: الإجهاض جريمة معاقب عليها في قانون العقوبات السوري بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، إذا تمت برضا المرأة، ويعاقب الفاعل بالأشغال الشاقة من أربع إلى سبع سنوات إذا أفضى الإجهاض أو الوسائل التي استُعملت في سبيله إلى موت المرأة، أما إذا نجم عن وسائل أشد خطراً من الوسائل التي رضيت بها المرأة، فتكون العقوبة من خمس إلى عشر سنوات (المادة 582). أما إذا تم الإجهاض دون موافقة المرأة فتكون العقوبة الأشغال الشاقة خمس سنوات على الأقل. وإذا أدى الإجهاض إلى الموت، فتكون العقوبة عشر سنوات على الأقل ( المادة 529) وتشدد هذه العقوبات، وفقاً لأحكام المادة /247/، إذا كان الفاعل طبيباً.

ج- كتم الجرائم: إذا قام الطبيب بإسعاف شخص يبدو أنه وقعت عليه جناية أو جنحة يمكن ملاحقتها من دون شكوى، ولم يخبر السلطة بها عوقب بالغرامة مئة ليرة سورية.

د- إفشاء سر المرضى: إذا قام الطبيب بإفشاء سر مريضه من دون سبب مشروع أو استعمله لمنفعته الخاصة أو لمنفعة شخص آخر عوقب بالحبس سنة على الأكثر وبغرامة لا تتجاوز المئتي ليرة، إذا نتج من الإفشاء ضرراً ولو معنوياً، طبقاً لأحكام المادة /565/ عقوبات.

وتجدر الإشارة إلى أن قانون التنظيم النقابي للأطباء البشريين اشترط أن يقسم الطبيب، قبل مزاولته المهنة، اليمين الآتية: «أقسم بالله العظيم أن أؤدي عملي بأمانة وشرف وأن أحافظ على سر المهنة وأحترم قوانينها وأنظمتها». كما ألزم قانون مزاولة المهن الطبية ذوي هذه المهن المحافظة على أسرار المهنة ضمن حدود القانون.

هـ- إعطاء تقرير طبي كاذب: إذا أقدم الطبيب على إعطاء تقرير طبي كاذب معد كي يُقدّم إلى السلطة العامة، أو كان من شأنه أن يجر على الغير منفعة غير مشروعة أو أن يلحق الضرر بمصالح الآخرين، يعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين. وإذا كان التقرير معداً كي يبرز أمام القضاء أو ليبرر الإعفاء من خدمة عامة فلا ينقص الحبس عن ستة أشهر، طبقاً لما جاء في المادة /455/ عقوبات.

و - عدم الإخبار عن الأمراض السارية: من الواجبات التي فرضها قانون مزاولة المهن الطبية على ذوي هذه المهن الإخبار عن الأمراض السارية وفقاً للقوانين النافذة.

وتعاقب المادة /590/ عقوبات كل من تسبّب عن قلة احتراز أو إهمال أو عدم مراعاة للقوانين أو الأنظمة في انتشار مرض سار من أمراض الإنسان بغرامة من مئة إلى مئتي ليرة، أما إذا أقدم الفاعل على فعله وهو يعلم بذلك من دون أن يقصد موت أحد، فيعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة أيضاً.

ز- وصف مادة مخدرة للمريض من دون قصد العلاج: حظرت المادة /15/ من قانون المخدرات رقم/2/لعام 1993 على الطبيب المرخص له بمزاولة المهنة وصف المواد المخدرة لأي مريض إلا بقصد العلاج الطبي، وكذلك حظرت عليه أن يحرر لنفسه وصفة بأي كمية من المواد المخدرة لاستعماله الخاص. وكل طبيب يخرق هذا الحظر يعاقب بالحبس وبالغرامة ومقدارها مئة ليرة، طبقاً لما جاء في المادة /63/ من قانون المخدرات.

ح- الرشوة: وقد يرتكب الطبيب هذا الجرم بوصفه موظفاً لدى الدولة أو بوصفه خبيراً لدى القضاء. فالطبيب الموظف أو الخبير الذي يلتمس أو يقبل لنفسه أو لغيره هدية أو وعداً أو أي منفعة أخرى ليقوم بعمل غير شرعي من أعمال وظيفته يُعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة أقلها ضعفا قيمة ما أخذ أو قبل به.

وتشدد المادة /22/ من قانون العقوبات الاقتصادي لعام/1966/ وتعديلاته العقوبة إلى الأشغال الشاقة لمدة لا تقل عن خمس سنوات. وإذا قبل الطبيب، بوصفه خبيراً قضائياً، رشوة من أحد الأطراف وقدم تقريراً كاذباً يجزم فيه بأمر مناف للحقيقة، أو يؤوله تأويلاً غير صحيح على علمه بحقيقته، يعاقب بالحبس ثلاثة أشهر على الأقل وبغرامة لا تقل عن مئة ليرة، وتشدد العقوبة إلى الأشغال الشاقة إذا كانت مهمة الطبيب تتعلق بقضية جنائية (المادة /402/عقوبات).

- المسؤولية الناشئة من الخطأ الفني: الخطأ الفني هو الخطأ الذي يرتكبه الطبيب في أثناء مزاولته المهنة والذي يكون للطب دخل مباشر في ارتكابه. في الحقيقة، يلتزم الطبيب أن يعطي العلاج النافع للمريض، وأن يحيطه بالعناية اللازمة مراعياً في ذلك وضع العلم الحالي أو المعطيات العلمية المكتسبة، وكل ذلك يتطلب من الطبيب أن يقوم بجملة من الأعمال الطبية، كإجراء بعض التحريات عن المريض، ووضع التشخيص، وإعطاء العلاج، والقيام بمداخلة جراحية، وإذا نجم عن أي عمل من هذه الأعمال ضرر، فلا يعني ذلك أن الطبيب مسؤول عن ذلك، وإنما يجب إثبات الخطأ في جانبه حتى تترتب مسؤوليته، وتكون المسؤولية الجزائية الناشئة من الخطأ الفني في الحالات الآتية:

آ- القتل الخطأ: إذا تسبب الطبيب في موت مريضه نتيجة إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين أو الأنظمة، فيعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، طبقاً لما جاء في المادة /550/عقوبات، وتقوم هذه الجريمة على ثلاثة أركان، وهي: الركن المادي ويتمثل بالفعل الذي قام به الطبيب المسبّب للموت. والركن المعنوي وهو الخطأ الذي وقع فيه الطبيب والناجم عن الإهمال أو قلة الاحتراز أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة، والركن الثالث والأخير وهو علاقة السببية بين الخطأ وبين وقوع الضرر المتمثل بالوفاة.

ب - الإيذاء غير المقصود: إذا تسبب الطبيب في إيذاء مريضه نتيجة خطأ ونجم عن ذلك تعطيل عن العمل يجاوز العشرين يوماً، أو إذا نجم عنه قطع عضو أو استئصاله أو بتر أحد الأطراف أو تعطيلها أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل، أو تسبب في إحداث تشويه جسيم أو أي عاهة أخرى دائمة أو لها مظهر العاهة الدائمة، يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنة. ويعاقب على كل إيذاء آخر غير مقصود بالحبس لمدة ستة أشهر على الأكثر وبغرامة لا تزيد على المئة ليرة. أما إذا لم ينجم عن الإيذاء مرض أو تعطيل عن العمل لمدة تجاوز العشرة أيام، فتعلق الملاحقة على شكوى المجني عليه، ويسقط الحق العام بنزول الشاكي عن شكواه. ويجب في هذا المقام الإشارة إلى أن المادة /185/ عقوبات تنص على أنه لا يعد الفعل الذي يجيزه القانون جريمة، ومن الأفعال التي يجيزها القانون بموجب هذه المادة العمليات الجراحية والعلاجات الطبية، المنطبقة على أصول الفن وذلك شريطة أن تتم برضا المريض أو رضا ممثليه الشرعيين، أو إذا كانت هناك حالة ضرورة ماسة.

ج- القتل الرحيم: وهو الفعل الذي يقوم به الطبيب، أو أي شخص آخر، ينهي به آلام مريض مصاب بمرض عضال غير قابل للشفاء، ويؤدي إلى قتله رحمة به.

وتختلف التشريعات المعاصرة في تجريم هذا الفعل، وتزداد الأصوات في الوقت الراهن التي تنادي بعدم العقاب على القتل الرحيم، وحديثا أصدر المشرع الأسترالي وكذلك الهولندي قانوناً يسمح بالقتل الرحيم بشروط معينة. أما في القانون السوري، فتعاقب المادة /537/ عقوبات من قتل إنساناً قصداً بعامل الإشفاق بناءً على طلب منه بالاعتقال المؤقت لمدة عشر سنوات على الأكثر. وتجدر الإشارة إلى أن الأديان السماوية تعارض السماح بالقتل الرحيم.

د- أحرز التقدم العلمي في مجالي الطب وعلم الأحياء، جملة من التطبيقات والممارسات الطبية الحديثة كالاستنساخ والإنجاب المساعد طبياً واختيار الجنس وتغيير الجنس، مما أدى إلى صدور تشريعات كثيرة في الدول الغربية وبعض الدول الإسلامية تضع الإطار القانوني لمثل هذه الممارسات، وتعاقب الطبيب الذي يخالف أحكامها. أما في سورية فلم يهتم المشرع بعد بمثل هذه الممارسات الأمر الذي ترك فراغاً قانونياً لابد من سده في أقرب وقت.

المسؤولية المدنية

لم يخصص المشرع السوري نصاً خاصاً لمسؤولية الطبيب المدنية في القانون المدني، كما هو عليه الحال في معظم القوانين الأجنبية كالقانون الفرنسي، حيث أصدر المشرع في عام /2002/ قانوناً خاصاً بحقوق المرضى يحمّل فيه المسؤولية المدنية للطبيب، ومن ثم تخضع هذه المسؤولية في سورية للأحكام العامة في القانون المدني، واستناداً إلى تلك الأحكام تكون مسؤولية الطبيب المدنية إما عقدية أو تقصيرية.

ـ المسؤولية العقدية: عندما يقوم الطبيب بمعالجة المريض بناءً على طلبه أو على طلب نائبه الشرعي، فيقوم بينهما عقد وهو عقد العلاج، وهذا العقد هو ملزم للجانبين إذ تنشأ التزامات متقابلة على عاتق الطرفين، ويلتزم الطبيب بموجب هذا العقد علاجَ المريض والعناية به وتحسين حالته الصحية قدر الإمكان، والتزام الطبيب العلاجَ هو التزام وسيلة، إذ يجب عليه أن يبذل جهده في استخدام جميع الوسائل الممكنة للوصول إلى شفاء المريض، ويفرض هذا الالتزام على الطبيب أن يكون يقظاً وحذراً في ممارسة مهنته، ويترتب على ذلك أنه إذا لحق بالمريض ضرر نتيجة العلاج، فلا يعدّ الطبيب مسؤولاً عن ذلك إلا إذا أثبت المريض خطأه، ويجمع الفقه القانوني على الطبيعة العقدية لمسؤولية الطبيب تجاه مريضه ويتفق ذلك مع رأي الفقه الإسلامي أيضاً حينما ذهب الفقيه الحنفي الكبير السرخسي إلى أن «فعل الفصاد والنزاع مضمون ضمان العقد» (المبسوط - ج26 - ص 149). ويرى الإمام الشافعي، في المشهور من قولين له في كتابه الأم، أن الطبيب لا يستحق الأجر إذا فعل مالا يفعله مثله، وهذا يدل على أن مسؤولية الطبيب هي عقدية في رأيه.

  وتقوم هذه المسؤولية على ثلاثة أركان وهي الخطأ والضرر وعلاقته السببية بين الخطأ والضرر.

- المسؤولية التقصيرية: يتوقف على تكييف مسؤولية الطبيب تجاه مريضه تحديد الآثار القانونية المترتبة عليها. ومما لا خلاف فيه حول طبيعة مسؤولية الطبيب تجاه الغير، فهي من دون أدنى شك، ذات طبيعة تقصيرية. ويمكن تطبيق أحكام المسؤولية التقصيرية على العلاقة بين الطبيب ومريضه في حالات معينه وهي:

آ- غياب العقد: ويكون الأمر كذلك إذا تدخل الطبيب من تلقاء ذاته لمعالجة شخص بحاجة إلى العلاج ونجم عن ذلك ضرر، وكذلك إذا تدخل الطبيب لمعالجة أحد الأشخاص بموجب نص قانوني أو بناء على أمر السلطة العامة، وكذلك الحال بالنسبة إلى الطبيب المدرسي، فإذا أدى تدخل الطبيب لمعالجة أحد الأطفال إلى إلحاق الضرر به، يمكن لولي الطفل مطالبته بالتعويض على أساس المسؤولية التقصيرية.

ب - رفع دعوى التعويض أمام القضاء الجزائي: يجيز القانون السوري للمضرور أن يطالب بالتعويض عن الضرر الذي لحق به أمام القضاء الجزائي إذا كان الفعل يعدّ جرماً جزائياً.

ومن ثم فإن الطبيب في مثل هذه الحالة يلزم دفع التعويض على أساس المسؤولية التقصيرية؛ وذلك لأن القاضي يقرر هنا إصلاح ضرر ناجم عن جنحة، وليس عن عدم تنفيذ عقد.

وتقوم المسؤولية التقصيرية أيضاً على ثلاثة أركان وهي:

- الخطأ: ويتمثل في الإهمال أو قلة الاحتراز أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة، ويقع عبء إثباته على المريض.

- الضرر، وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر.

ويستفاد ذلك من نص المادة /164/ من القانون المدني التي تلزم كل من ارتكب خطأ سبّب ضرراً للغير التعويض.

المسؤولية التأديبية 

يقضي قانون التنظيم النقابي للأطباء البشريين لعام 1981 بتأليف مجلس تأديب في كل فرع من فروع النقابة، وذلك لمحاكمة الأطباء الأعضاء بسبب إخلالهم بواجباتهم المهنية أو المسلكية أو مخالفتهم لأحكام هذا القانون أو قانون مزاولة المهنة أو ارتكابهم فعلاً منافياً لكرامة المهنة أو تصرفهم  في حياتهم  الخاصة تصرفاً اقترن بفضيحة شائنة. وأوجب القانون إحالة كل طبيب حُكم عليه نهائياً بعقوبة أو بتعويض في محكمة جزائية أو مدنية، وذلك نتيجة  أمور تمس استقامته أو شرفه، أو نتيجة ارتكابه مخالفة لقانون مزاولة المهنة؛ إلى مجلس التأديب من أجل محاكمته من الناحية المسلكية. ويجب على كل محكمة جزائية تصدر حكماً جزائياً بحق الطبيب أن تبلّغ نسخة عن هذا الحكم إلى رئيس مجلس الفرع الذي يتبع له الطبيب. وتتم المحاكمة أمام مجلس التأديب على درجتين:

1- مجلس التأديب في الفرع: ويُؤلف هذا المجلس بقرار من وزير العدل من: قاض لا تقل مرتبته عن رئيس محكمة البداية؛ يسميه وزير العدل، رئيساً، ومن طبيب من وزارة الصحة يسميه وزير الصحة، وثلاثة أطباء يسميهم مجلس النقابة، شـريطة أن يكون أحدهم على الأقل من مجلس النقابة، أعضاء. ويجب على وزير العدل أن يسمي - بناءً على اقتراح الجهة صاحبة الحق - رديفاً لكل من رئيس وأعضاء مجلس التأديب. وتُقام الدعوى أمام مجلس التأديب من قبل نقيب الأطباء أو رئيس الفرع مباشرة، أو بناء على شكوى أو إخبار خطي.  ويمكن أن تقام الدعوى أيضاً بناء على طلب الطبيب الذي يرى نفسه موضع تهمة غير محقة، فيرغب في وضع هذه التهمة تحت تقدير مجلس التأديب.

ويجب على مجلس التأديب أن ينظر في الدعوى في مدة شهر من تاريخ إقامتها. وإذا كان الفعل جرماً فيحق للمضرور، إضافة إلى ذلك تقديم شكواه إلى القضاء المختص. ولا يمكن إحالة الطبيب إلى مجلس التأديب إلا بعد استماع أقواله من قبل النقيب أو رئيس الفرع أو من ينتدبه أحدهما. وإذا تخلف الطبيب المدعو عن الحضور، فيمكن إحالته إلى مجلس التأديب دون سماع أقواله.

وينعقد مجلس التأديب في جلسات سرية. ويجب على الطبيب المشكو أن يحضر بنفسه، ويمكن له أن يستعين بمحام أستاذ أو طبيب للدفاع عنه، ويحق للمجلس أن يقرر الاستماع للشهود.

ويحق للمجلس التأديبي أن يحكم بإحدى العقوبات المسلكية الآتية:

آ- التنبيه من دون تسجيل أو مع التسجيل وذلك بموجب كتاب يرسل إلى الطبيب.

ب - التأنيب أمام مجلس التأديب.

ج- غرامة نقدية تراوح بين ( 300 إلى 3000) ل.س، ويكون لها صفة التعويض المدني، وتدفع إلى صندوق الفرع.

د- المنع من مزاولة المهنة مؤقتاً لمدة لا تزيد على سنة.

هـ- المنع من مزاولة المهنة نهائياً وشطب قيده في النقابة وفي سجل الأطباء لدى وزارة الصحة.

وتصدر قرارات مجلس التأديب وجاهية أو بمثابة الوجاهية.

2- مجلس التأديب المركزي: يقضي قانون التنظيم النقابي للأطباء البشريين بأن قرارات مجلس التأديب في الفروع تستأنف إلى مجلس التأديب المركزي للنقابة في دمشق، ويستفاد من ذلك أن هذا المجلس هو بمنزلة درجة ثانية من درجات المحاكمة المسلكية، ويؤلف هذا المجلس برئاسة قاض بدرجة مستشار على الأقل ويسميه وزير العدل، وعضوية طبيب من وزارة الصحة لا تقل مرتبته عن الثانية يسميه وزير الصحة، وثلاثة أطباء يسميهم مجلس النقابة على أن يكون أحدهم على الأقل من مجلس النقابة.

وتستأنف قرارات مجلس التأديب في الفروع إلى هذا المجلس في مدة عشرة أيام، تبدأ من اليوم الذي يلي تفهيم الحكم الوجاهي، أو من اليوم الذي يلي تاريخ تبليغه، وتصدر قرارات مجلس التأديب المركزي مبرمة، باستثناء القرارات الصادرة بمنع الطبيب من مزاولة المهنة نهائياً وشطب قيده، إذ تقبل الطعن بطريق النقض لدى الغرفة الجزائية في محكمة النقض.

وتُنفّذ الأحكام الصادرة عن مجالس التأديب، بعد أن تصبح مبرمة، بوساطة وزارة الصحة والنيابة العامة.

فواز صالح

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الجريمة، الحق، القانون، المسؤولية.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ عبد الوهاب حومد، دراسات معمقة في الفقه الجنائي المقارن، الطبعة الثانية (المطبعة الجديدة، دمشق 1987).

ـ منير رياض حنا، المسؤولية الجنائية للأطباء والصيادلة (دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية 1989).

- SYLVIE WELSCH, Responsabilité du médecin, 2e édition (Litec, Paris 2003).


التصنيف : القانون
المجلد: المجلد الثامن عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 620
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 508
الكل : 31253390
اليوم : 1578

مارتينو (بوهوسلاف-)

مارتينو (بوهوسلاف ـ) (1890ـ 1959)   بوهوسلاف مارتينو Bohuslav Martinu، مؤلف موسيقي تشيكي، وُلد في برج كنيسة القديس يعقوب في قرية بوليتشكا Policka، وتوفي في ليستال Liestal. كان والده إسكافياً، وقد تعهّد بمهمة الإشراف على الكنيسة وحراسة البرج وقرع أجراس الكنيسة. نشأ بوهوسلاف في برج الكنيسة وترعرع على صوت أجراسها، وتركت طبيعة الحياة التي عاشها في برج كان يرتفع عن سطح الأرض 35 متراً، أثرها على طباعه وأخلاقه، وجعله منظر القرية الصغيرة والطبيعة الجميلة التي كان يراقبها من نافذة البرج صباح كل يوم أكثر إحساساً بالحرية من أطفال قريته، فلم يستطع قبول الأسر المدرسي.
المزيد »