logo

logo

logo

logo

logo

الغلط

غلط

Error - Erreur

الغلط

 

مفهوم الغلط

يعد رضا المتعاقدين ركناً أساسياً لكل عقد، ويتصل هذا الموضوع أوثق الاتصال بمبدأ سلطان الإرادة؛ فلكي يكون للإرادة العقدية سلطان على العاقدين وقوة إلزامية يجب أن تكون حرة من الآفات أو العيوب، وإلا فليس لها تلك القوة القانونية. ويعد من هذه العيوب الغلط erreur، والغلط في الفقه القانوني هو وهمٌ يقوم في نفس الشخص يجعله يعتقد خلاف الواقع، ويحمله ذلك على التعاقد.

أحكام الغلط

والغلط الذي يعد عيباً من عيوب الإرادة هو الغلط المؤثر أو الجوهري، وهو حالة وسطى بين الغلط المانع والغلط غير المؤثر.

فالغلط المانع لا يعيب الإرادة وحسب ولكنه يعدمها، وهو يتحقق إذا تعلق الاعتقاد الخاطئ بركن من أركان العقد كتطابق الإرادتين، فيعتقد أحد الطرفين أنه يبيع الشيء الذي يملكه والطرف الآخر يعتقد أنه يتلقاه على سبيل الهبة.

وعلى خلاف الغلط المانع، هناك الغلط غير المؤثر وهو الذي لا يتعلق بأي صفة جوهرية في العقد، ولا يؤثر من ثمَّ في إبرامه، فهو ليس من عيوب الإرادة، كالغلط المادي الذي يصحح تصحيحاً ويمضي العقد على الأساس الصحيح.

أما الغلط الذي يعد من عيوب الإرادة ويؤثر في العقد تأثيراً يجعله قابلاً للإبطال بطلب ممن وقع هذا الغلط فهو الغلط الجوهري، ويكون الغلط جوهرياً إذا بلغ حداً من الجسامة حيث يمتنع معه المتعاقد الآخر عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط. وقد أعطى القانون مثلين على الغلط الجوهري: الغلط في صفة جوهرية في الشيء محل العقد، والغلط في شخص المتعاقد، وقد أضاف الفقه على هذين المثلين: الغلط في القيمة، والغلط في الباعث، والغلط في القانون.

وتعد الأنواع الأربعة الأولى من الغلط غلطاً في الواقع، مقارنة بالغلط الخاص الذي هو غلط في القانون.

الغلط في صفة جوهرية للشيء

ويكون ذلك إذا وقع هذا الغلط في صفة للشيء جوهرية في نظر العاقدين، أو كانت الظروف المحيطة بالعقد وحسن النية المفروضة فيه تدل على أن تلك الصفة جوهرية في نظرهما، وذلك كما لو اشترى شخص قطعة من تاجر مختص بتجارة الأشياء الأثرية، والمشتري يعتقد أنها قطعة أثرية ثم تبين خلاف ذلك. فظروف العقد هنا، وهي كون الشراء من تاجر يتعاطى بتجارة الأثريات تدل على أن الطابع الأثري هو الدافع إلى شراء القطعة، ولولاها لما أقدم المشتري على الشراء، كما تدل في الوقت نفسه على أن البائع يظنُّ ـ كرفيقه ـ أن القطعة أثرية (الغلط مشترك)، أو أنه عالم بأنها غير أثرية، وغالطه رفيقه في توهمها أثرية (فيكون عندئذ سيء النية).

الغلط في شخص المتعاقد

يكون الغلط في شخص المتعاقد أو في صفة جوهرية من صفاته، إذا كانت ذات الشخص أو صفته هي الباعث الدافع إلى التعاقد، أي كانت محل الاعتبار في نظر الغلطان، كمن تعاقد مع شخص يظنه فناناً أو مهندساً ثم تبين خلافه.

الغلط في القيمة

هو توهم خاطئ ناشئ عن جهل المتعاقد بقيمة الشيء وعدم خبرته به، كما لو باع الشيء بثمن أقل من ثمن المثل.

الغلط في الباعث

يعد غلطاً في الباعث الحالة التي يشتري فيها شخص سيارة لظنّه أن سيارته قد تحطمت في حادثة ثم تبين لاحقاً أنها سليمة.

الغلط في القانون

يعد غلطاً في الحكم القانوني حالة الزوجة التي خارجت على نصيبها الإرثي بظن منها أنه الثمن، ثم تبين لها أن نصيبها هو الربع، والغلط في القانون ليس هو اعتذار بجعل القانون يقصد به تلافي تطبيقه، فهو غير جائز قانوناً، إنما يراد به التمسك بتطبيق القانون الذي لو كان المتعاقد يعلم حكمه لما أبرم العقد، فهو تمسك بالقانون وليس تهرباً منه.

شروط التمسك بإبطال العقد

ـ أن يكون الغلط مشتركاً: لا يكفي لإبطال العقد أن يقع أحد المتعاقدين في غلط جوهري على النحو السابق، بل لابد أن يكون المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الخطأ، أو كان على علم بغلط رفيقه، أو كان من السهل عليه أن يتبينه، وذلك كأن يشتري شخص تمثالاً على أنه أثري، ويظن البائع أنه كذلك حقاً، ثم يتبين بعد العقد أنه تمثال حديث، فإن طلب إبطال العقد من المشتري في هذه الحالة لا ينافي العدل، ولا يمس بالثقة أو الاستقرار في المعاملات.

ـ أن لا يكون التمسك بالبطلان على وجه يتعارض مع حسن النية، ويُقصد بذلك أن إقرار نظرية الغلط جاء حماية للإرادة، وليس سنداً للتعسف، وعلى هذا فإن من وقع في الغلط يكون ملزماً بالعقد إذا أظهر الطرف الآخر استعداده لتنفيذ العقد بالصورة التي كان الغلطان يتصورها ويقصد إليها. فلو غلط بائع أو مشتر في القيمة، وأظهر الطرف الآخر قبوله لتعديل القيمة بالقدر الذي وقع فيه الغلط، فليس للغلطان أن يظل متمسكاً بطلب إبطال العقد، بل يصبح لزاماً عليه، وإلا عدّ متعسفاً قاصداً إساءة استعمال حقه بطلب الإبطال واستغلاله لغير الوجه الذي شُرِعَ له.

إلياس حداد

 الموضوعات ذات الصلة:

الإكراه ـ التدليس ـ العقد.

 مراجع للاستزادة:

ـ عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، مصادر الالتزام، الجزء الأول.

ـ وحيد الدين سوار، النظرية العامة للالتزام (دمشق 1976م).


التصنيف : القانون
المجلد: المجلد الثالث عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 914
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 556
الكل : 29603264
اليوم : 58180

ماشادو (أنطونيو)

ماشادو (أنطونيو ـ) (1875 ـ 1939)   أنطونيو ماشادو إي رويث Antonio Machado y Ruiz شاعر وكاتب مسرحي إسباني، من جماعة «جيل 1898» التي ضمت كبار روائيي إسبانيا وشعرائها ومسرحييها ونقادها الذين دعوا في أعمالهم إلى ضرورة أن يعي الشعب الإسباني نفسه وموقعه ودوره في أعقاب الحرب الإسبانية - الأمريكية التي خسرت إسبانيا فيها آخر مستعمراتها. ولد ماشادور في مدينة إشبيلية (سِبييَّا) Sevilla بعد سنة من ولادة أخيه مانويل Manuel رفيق دربه شعرياً ومسرحياً. كانت عائلته متواضعة الحال، وقد اضطرّت في عام 1883 إلى الانتقال إلى مدريد. وفي أثناء مرحلة التعليم الثانوي واجهت الأسرة ضائقة مادية عسيرة، مما اضطر أنطونيو إلى العمل في مهن متعددة - ومنها التمثيل المسرحي - بتشجيع من بعض معلّمي مدرسته الذين اكتشفوا موهبته الأدبية والمسرحية.
المزيد »