logo

logo

logo

logo

logo

سايكس بيكو (اتفاقية-)

سايكس بيكو (اتفاقيه)

Sykes-Picot Agreement - Accords Sykes-Picot

سايكس بيكو (اتفاقية ـ)

(1916)

 

أبرمت اتفاقية سايكس ـ بيكو Sykes-Picot بين وزير خارجية بريطانيا مارك سايكس ووزير خارجية فرنسا جورج بيكو، وكانت الاتفاقية تتويجاً لسياسة الأطماع الأوربية منذ الحروب الصليبية حتى الحرب العالمية الأولى.

كانت الحرب العالمية الأولى (1914ـ1918)، وما أعقبها من تغيرات في الظروف الدولية وتفكك السلطنة العثمانية وتنامي النزعات القومية لدى الشعوب التي حكمها العثمانيون مناخاً مواتياً لتحقيق هذه الأطماع. ولم يكن الاتفاق الودي الذي عقد بين فرنسا وبريطانيا عام 1904 سوى تمهيد لما سيجري فيما بعد؛ إذ لم تخفِ فرنسا في حينه أطماعها في سورية ولبنان، وبريطانيا في مصر والعراق، مع مراعاة الأطماع الروسية في مضائق البوسفور والدردنيل، في الوقت الذي تنامت فيه الحركة الصهيونية العالمية المطالبة بوطن قومي لليهود في فلسطين.

وفي عام 1916جرت محادثات بين الشريف حسين والإنكليز (مراسلات الحسين ـ مكماهون)، وعدوه بموجبها، بمساعدته على استقلال الولايات العربية عن الدولة العثمانية، وبتنصيبه ملكاً عليها، في الوقت الذي كانت تجري فيه مفاوضات سرية للغاية بين فرنسا وبريطانيا لاقتسام التركة العثمانية في ظل الأطماع الاستعمارية والصهيونية، ووافقت عليها فيما بعد روسيا القيصرية، وتم الاتفاق النهائي على هذه القسمة في 16 أيار عام 1916وأرفقت بخريطة حددت الحدود المتفق عليها ومناطق نفوذ كل دولة، وأودعت الاتفاقية والخريطة خزائن وزارات الخارجية في الدول المعنية، وعدت سراً من أسرار الدولة.

وأهم بنودها باختصار:

ـ الاعتراف باستقلال شبه الجزيرة العربية.

ـ تقسيم سورية الطبيعية إلى المناطق الآتية:

1 ـ المنطقة ـ آ ـ وتشمل سورية الداخلية ومن ضمنها مدن:دمشق وحمص وحماة وحلب والموصل.

2ـ المنطقة ـ ب ـ وتشمل المنطقة الواقعة مابين غزة والعقبة غرباً، وبلاد فارس والخليج العربي شرقاً.

3ـ المنطقة الزرقاء وتشمل المنطقة الممتدة من كيليكية في آسيا الصغرى إلى الشريط الساحلي حتى مدينتي صيدا وصور على البحر المتوسط.

4ـ المنطقة الحمراء وتمتد من بغداد في الشمال إلى البصرة في الجنوب.

5ـ المنطقة السمراء وتشمل فلسطين باستثناء عكا وحيفا الداخلتين ضمن النفوذ البريطاني.

ـ تعترف الدولتان الاستعماريتان بقيام دولتين عربيتين في المنطقة آ والمنطقة ب، بحيث تكون الأولى موالية لفرنسا والثانية موالية لبريطانيا.

ـ تحتفظ فرنسا بالمنطقة الزرقاء وبريطانيا بالمنطقة الحمراء، وللدولتين الحق في ممارسة السيطرة السياسية وفق رغبة كل منهما.

ـ تخضع المنطقة السمراء لإشراف دولي، بعد التشاور مع روسيا وشريف مكة، بغية تأمين المصالح الدينية لمختلف الطوائف. لكن تخوف بريطانيا من وقوع قناة السويس بيد القوات العثمانية، إضافة إلى النفوذ الصهيوني الضاغط داخل الحكومة البريطانية، كان وراء تعديل بنود الاتفاقية، فعدّت فلسطين هدفاً «استراتيجياً» ينبغي السيطرة عليه تمهيداً لقيام الدولة الصهيونية.

تعدّ اتفاقية سايكس ـ بيكو مثالاً صارخاً على الخداع الاستعماري والانقلاب على الوعود التي تعهد بها الحلفاء للعرب، وهي أساس تجزئة الأمة العربية وشرذمتها، وقد بقيت الاتفاقية طي الكتمان حتى قيام الثورة البلشفية في روسيا (1917)، واستيلاء الثوار على ملفات وزارة الخارجية ونشرها، فوقعت نسخة منها بيد الحكومة التركية التي سارعت إلى تقديمها للشريف حسين ليثبتوا له خيانة حلفائه و يشجعوه على العودة إلى الصف التركي، وبالمقابل زعم الانكليز أن هذه مكيدة من الأتراك وأكدوا له عزمهم على تنصيبه ملكاً على العرب.

وما كادت الحرب العالمية الأولى تضع أوزارها، حتى دخلت جيوش المنتصرين الولايات العربية، وانتشرت على نحو مدروس في جميع البلدان المشمولة بالاتفاقية، تمهيداً لتطبيقها فيما بعد على أرض الواقع، فدخل الفرنسيون إلى سورية والانكليز إلى العراق وفلسطين، وبدؤوا العمل على وضع حدود إقليمية، وفق مصالحهم، ضاربين عرض الحائط بالوعود التي قطعوها للعرب، وبدخول هذه القوات سنة1920 بدأت مرحلة جديدة في تاريخ المنطقة، مازال المشرق العربي يعاني من تداعياتها حتى اليوم.

علي سلطان

الموضوعات ذات الصلة:

 

الانتداب ـ عصبة الأمم.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ علي سلطان، تاريخ سورية، آخر الحكم التركي ( دار طلاس، دمشق 1987).

ـ محمد جميل بيهم، الانتداب الفرنسي في سورية والعراق (المطبعة الوطنية، صيدا 1968).

ـ زين نور الدين زين، الصراع الدولي في الشرق الأوسط وولادة دولتي سورية ولبنان (دار النهار، بيروت 1971).

 


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
المجلد: المجلد العاشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 642
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 724
الكل : 32776161
اليوم : 94380

أونغاريتي (جوسيبي-)

أونغاريتي (جوسيبي ـ) (1888ـ1970)   جوسيبي أونغاريتي Giuseppe Ungaretti شاعر إيطالي ينحدر من أسرة توسكانية مهاجرة، فقد ولد في الاسكندرية بمصر وتوفي في ميلانو بإيطالية. يُعدّ من كبار شعراء إيطالية في القرن العشرين. كان صحفياً وناثراً، كما كان رجل ثقافة وأدب وتأمل، إلى جانب كونه رجل مقاهٍ وحوارات وأسفار. وكان مواطناً عالمياً: فهو مصري المولد، فرنسي الثقافة والفكر، إيطالي الأصل، جذوره ضاربة في أرض أجداده ومرتبطة بعاداتها وتقاليدها ارتباطاً لاتُفصم عُراه. استقر في باريس منذ عام 1910، وتابع في الكولّيج دي فرانس College de France محاضرات الناقد الأدبي الفرنسي غوستاف لانصون Gustave Lanson، ومحاضرات جوزيف بدييه[ر] Joseph Bedier أستاذ أدب العصر الوسيط، كما واظب على حضور محاضرات الفيلسوف الفرنسي هنري برْغُسن[ر] Henri Bergson. وقد تردّد أونغاريتّي مدَّة إقامته في باريس على أكثر الأوساط الثقافية والفكرية والفنية الطليعية نشاطاً آنذاك. كما اطلع على أعمال ثُلَّةٍ من الشعراء الفرنسيين الذين أثّروا تأثيراً بالغاً في مسيرته الشعرية، أمثال شارل بودلير [ر] Charles Baudelaire، وستيفان مالاّرميه[ر] Stéphane Mallarmé، وأرتور رامبو[ر] Arthur Rimbaud، وجول لافورغ[ر] Jules Laforgue وكثير غيرهم كانوا مايزالون مجهولين في إيطالية. كما التقى أونغاريّتي في باريس شاعراً إيطالياً مولوداً في الاسكندرية وهو فيليبو تومّاسو مارينيتّي Filippo Tommaso Marinetti الذي برزت في شعره النزعة «المستقبلية» Futurisme ومؤداها: الثورة على الماضي بكل أساليبه الفنية، ومحاولة ابتكار موضوعات وأساليب فنية وأدبية تتمشى مع عصر الآلة. وبعد أن ترك أونغاريتّي باريس واستقر نهائياً في رومة، احتفظ بصداقة وثيقة العرى مع كل من الأديبيَن الفرنسيَين جان بولهان Jean Paulhan ، وبنيامين كريميو Benjamin Crémieux. تأثّر أونغاريتّي تحديداً بالشاعر الفرنسي مالاّرميه، فنظم شعراً على منواله فاشتهُر أمره، واندرج اسمه في الرباعي الإيطالي الكبير إلى جانب الشعراء أومبرتو سابا[ر] Umberto Saba ومونتالي وكوازيمودو. وقد بشّر هذا الرباعي، الذي ظهر في مرحلة مابين الحربين العالميتين، بنهضة شعرية في إيطالية. نفخ أونغاريتّي في بواكير إنتاجه روحاً جديدة في الشعر الإيطالي، وانطلق صوته غريباً عن قضايا الشعر الإيطالي السائد آنذاك، وتجاوز جميع محاولات ردود الفعل ضد المدرسة الدانّونزية المسيطرة التي أسسها وتزعمها الإيطالي غابرييله دانّونزيو[ر] Gabriele D'annunzio. كما خالف نهج الشاعر جوفانّي باسكولي[ر] Giovanni Pascoli، وبلور أسلوباً شعرياً جديداً في مبناه وفي معناه يمكن تلمس صداه فيما بعد عند الشاعر الفرنسي رنيه شار[ر] Rene Char. نظم أونغاريتّي ستة دوواين شعرية جمعها في خمسة مجلدات وهي على التوالي: 1ـ «غبطة الغرقى«L'Allegria dei naufragi  نظمه بين عامي 1914 و1916 ويحتوي بين دفتيه على ديوان صغير بعنوان «المرفأ الغائر» Il porto sepolto. وصف أونغاريتّي في ديوانه هذا أهوال الحرب ومآسيها، وعبّر فيه عن فرحة البقاء بعد انتهائها. ويُلمس في هذا الديوان شفافية التشاؤم البطولي الذي يطبع بطابعه مجموعة قصائد الديوان. 2ـ «الشعور بالزمن» Sentimento del tempo: نظم قصائده في الأعوام 1919-1937. عبّر فيه عن ضيقه بالعيش وتبرّمه به، واستحواذ فكرة الموت وهاجسه على نفسه، فبحث عن وطن حقيقي ضائع ومختبئ في ليل الزمان السحيق. كما بحث عن «البراءة الأولى». وتُظهر هذه الأحاسيس كلّها أن جرح النفي والاغتراب الذي كان يشعر به على الدوام لم يندمل بعد عنده. وقد زاد من حدة اغترابه عن وطنه آنذاك معارضته للفاشية وأفكارها، فشدّ الرحال من جديد وسافر إلى البرازيل ليدرّس فيها الأدب الإيطالي الحديث من عام 1937 حتى عام 1942. وقد بحث أونغاريتّي في ديوانه هذا عن أسلوب أكثر إتقاناً، وعن شكل شعري أكثر اتباعية. 3ـ «الألم» Il Dolore: نظم قصائده في الأعوام 1937-1946. في المدة التي درّس فيها أونغاريتّي في سان باولو وقعت أحداث جسام تركت بصماتها المأساوية على قصائد هذا الديوان. فقد توفي ولده في عام 1937 وكان له من العمر تسع سنوات، وأدمى قلبه احتلال النازيين رومة فصبّ أحزانه في قصائد فيها نُواحٌ يمزق القلوب.  4ـ «الأرض الموعودة» Terra Promessa:نظم  قصائده في الأعوام 1947-1950. شعر أونغاريتّي طوال حياته بأنه منفي؛ منفيٌّ في الأرض، هائم على وجهه، دائم التنقل والترحال، يحث السير أبداً نحو آفاقٍ جديدة. فقد وُلد في مصر التي تعجّ بشتى الأساطير، وبالسحر الذي يفتن الغرب. وقد بقي طوال حياته داعياً لهذه الازدواجية التي تجري في عروقه بين أصله الإيطالي ومولده المصري، ممزقاً بينهما؛ فبين بَهْرِه وهَلَعِه من الصحراء وتعلُّقه بسحر السراب وبحثه الدائم عن الواحات وترصده إياها، يتنازعه حنينه الذي ورَّثته إياه أمّه إلى أرض توسكانة Toscana. وقد اندمج هذان العالمان المتناقضان في ذهنه وروحه، فأبدع من وحيه ديوانه «الأرض الموعودة». وقد عبّر عن نفيه واغترابه في قصيدته القصيرة التي أهداها إلى صديقه العربي محمد شهاب، قرينه في الاغتراب وتوأم روحه. بحث أونغاريتّي بدأب وإصرار عن تلك الأرض السراب التي كلّما ظن أنه وجدها تلاشت من تحت قدميه واختفت. وقد عبّر عن ذروة اغترابه في قصيدته «الأنهار» التي يتحدث فيها عن نهر سيركيو Serchio الإيطالي، والنيل المصري، والسين Seine الفرنسي. ثلاثة أنهار تحمل في جريانها ثلاثة منابع ثقافية، كان قلب أونغاريتّي يخفق بها ويرتوي منها. لقد وصل أونغاريتّي في ديوانَيه «الألم» و«الأرض الموعودة» إلى حدّ الإبهام والغموض وإلى مرحلة «الشعر الصرف».  5 ـ «صراخٌ ومناظر» وهو آخر دواوينه، نظم أشعاره في الأعوام 1950- 1954. تضم هذه الدواوين الخمسة قصائد عروضها أحد عشر مقطعاً. ولأونغاريتّي كتابات نثرية. فقد كتب مجلدات كثيرة عن ذكرياته، وكتب مقالات ودراسات شرح فيها تجربته في الهرب من «قلق العصر» عن طريق الصفاء التقني في النظم الشعري، واللوذ بالأحلام، والتلاشي في الأحاسيس. وهذه كلّها منابع للخلاص الإنساني يمكن أن يبلغ الشعر فيها شأواً بعيداً لايخلو من غموض وانسجام. كما كتب أونغاريتّي دراسات في التصوير والمصورين ولاسيما كتاباته عن المصور والرسام والنحات الفرنسي جان فوترييه[ر] Jean Fautrier. وله كتابان: «الفقير في المدينة» Il povero nella città نشره في عام 1949، و«مفكرة شيخ» Il Taccuino del Vecchio وقد نشره في عام 1960. كما نشر كتاباً في عام 1961 عن ذكرياته بعنوان «انطلاقاً من الصحراء» Il Deserto e dopo. وله ترجمات مهمة. فقد ترجم سونيتات Sonnets شكسبير[ر]، وقصائد للشاعر الإسباني غونغورا[ر] Gongora، كما ترجم للشاعر الفرنسي راسين[ر] Racine، وللشاعر والمصور الإنكليزي بليك[ر] Blake، وبعضاً من قصائد مالاّرميه، وقصائد للشاعر الروسي يِسّينين[ر]. شعر أونغاريتّي بأكمله وبعمقه مرآة لسيرته الذاتية والمناسبات التي عاشها. فهو لم يترك مناسبة أو تجربة إلاّ ونظم فيها شعراً. ويُعدّ هذا الشعر اعترافات متلاحقة، لكنه تمالك فيها نفسه وكبح جماحها من شطط الحقيقة وخفاياها اللاذعة أحياناً. وقد أغرب أونغاريتّي في نظم قصائده وعزف فيها عن كل ماهو ثانوي واحتفظ بالجوهري، فأسقط من شعره كل ماهو تزييني وسهل. يُعدّ أونغاريتّي  رائداً من رواد المدرسة الهرمسية أو الإبهامية Hermétisme التي اختارت الإبهام والغموض منهجاً لها. وشعره رصينٌ دقيق المعنى والفِكرة، ليس فيه تكلّف، وليس فيه حشو ولا إسفاف، وهو يعيد القارئ في شعره إلى ماضٍ بعيد، ماضي ماقبل الولادة، ماضي الإنسان البدائي، فيصل بذلك في شعره إلى مرحلة الأسطورة. لقد انزوى أونغاريتّي في أشعاره في «عزلة ساطعة» يهيمن عليها إحساس حاد بالصمت. وكان يغوص في الأزمنة السحيقة، وفي السكون المطلق، وفي الفراغ الذي ملأ كل شيء ولاشيء يملؤه.   نبيل اللو   مراجع للاستزادة:   - G.OSSOLA,Giuseppe Ungaretti, Mursia, (Milano 1975). - P. BIGONGIARI, la congiuntura Ungaretti-Breton-Reverdy,in LApprodo letterario, nº17, (1972). - Y. CAROUTCH,.Ungaretti (Paris 1980).
المزيد »