logo

logo

logo

logo

logo

الإعلام

اعلام

Information - Information

الإعلام

 

الإعلام لغة من العلم، وأعلم فلاناً بالشئ أخبره به وعرّفه إياه. أما الكلمة الإنكليزية information الدالة على الإعلام، وكذلك الفرنسية التي تماثلها كتابة وتختلف عنها لفظاً، فمن الأصل اللاتيني informatio الذي يعني، كما في العربية، الإخبار والتوضيح والشرح. وإعلام الآخرين بخبر أو واقعة، أفراداً أو جماعات، قديم في المجتمعات البشرية وقد تنوعت أشكاله ومضامينه ووسائله، ويعد الإعلام من أغراض الصحافة ومحور اهتمامها مع الإلحاح على الجماهير. وقد ازداد هذا الإلحاح على الجماهير مع استعمال الوسائل السمعية والبصرية الحديثة. وغدا مصطلح الاتصال communication في الوقت الحاضر صاحب الحظوة والمقام الأول في البحوث التي تتناول الإعلام ونقل المعلومات بين المرسل والمتلقي ولاسيما حين يكون المستقبل جمهوراً واسعاً. والإعلام أو الاتصال فعالية ملازمة لوجود الإنسان، وهو ـ أي الإعلام ـ عامل مهم في التكامل الاجتماعي، فلا يمكن أن يستمر المجتمع ويتطور بالاتصال وحده مع أنه نشأ أصلاً على الاتصال.

وقد بدأ الإعلام اتصالاً بين الأفراد والجماعات باستخدام الإشارات والحركات والصوت، ثم كان اختراع الكتابة انعطافاً تاريخياً مهماً في العملية الإعلامية، كما كان اختراع الطباعة عام 1450 انعطافاً جذرياً آخر جعل تحقيق الإعلام ممكناً على نطاق واسع وسريع على أساس الوسيلة الناقلة للخبر وتعدد النسخ. وظهرت أول صحيفة يومية في العالم عام 1609 في ألمانية. بعد ذلك تسارعت التطورات الاجتماعية والاقتصادية والاكتشافات العلمية (التصوير 1822، والبرق 1838، والهاتف 1861، والإذاعة 1895، والتلفزيون 1934 فالمعلوماتية) وساعدت كلها على تطوير الإعلام عامة والإعلام الجماهيري خاصة.

أنواع الإعلام

ثمة نوعان للإعلام هما:

الإعلام الوجاهي (الشخصي): وهو الإعلام الذي يتم بين فرد وآخر، أو بين فرد واحد ومجموعة محدودة من الأفراد. ويختص الإعلام الوجاهي بقوة الحضور: فالمرسل فيه حاضر، وصوته هو حامل الرسالة الإعلامية، مما يجعل المرسل قادراً على زيادة قوة تأثير رسالته وفعاليتها بنبرات صوته ولهجته وإشاراته وحركاته. ويتميز هذا النوع من الإعلام بوجود قدر كبير من العفوية والمرونة والتغذية الراجعة أو الارتدادية المتمثلة بزيادة دعم التأثير عن طريق الاستمرارية والتكرار، ويكون المستقبل أو المتلقي حاضراً فيه أيضاً أمام المرسل الذي يعرف الجمهور الحاضر جيداً، ويراه، ويراقب ردود فعله، وتأثير رسالته فيه، الأمر الذي يمكنه من أن يجري على الرسالة التعديلات التي يراها مناسبة. هذه المزايا جعلت الإعلام الوجاهي مؤثراً وفعالاً حتى في أكثر المجتمعات الحديثة تطوراً وتعقيداً. وهذا ما يفسر استمرار استخدامه والاعتماد عليه، ولاسيما عندما يعمل بطريقة يدعم فيها وسائل الإعلام الجماهيري ويتكامل معها.

الإعلام الجماهيري: أدت التطورات الاجتماعية والاقتصادية، والثقافية والتعليمية، وتطبيقات الثورة العلمية والتقنية في مجال الاتصال إلى جعل الإعلام جماهيرياً. ويتصف الإعلام الجماهيري بأنه أصبح، مع التطور، مؤسسياًً وموازياً لتطور المجتمع وتعقده. فقد أصبحت الوسيلة الإعلامية ـ وليس الفرد ـ هي حاملة الرسالة الإعلامية، وأصبحت هذه الوسيلة قادرة على إيصال الرسالة إلى الملايين في وقت واحد، وأصبح الإعلام وحيد الاتجاه، من المرسل إلى المستقبل. وبرزت مسألة الاختيار، بمعنى أن الوسيلة الإعلامية هي التي تختار جمهورها، وأن الجمهور هو الذي يختار الوسيلة التي يرغب من الوسائل المتاحة. وأثبت التطور الاقتصادي التقني أن الإعلام الجماهيري يحتاج إلى عدد من الوسائل يقل عما كان يستخدم سابقاً، وبات واضحاً أن عدداً من المنتجين يستطيعون أن ينتجوا عدداً كبيراً من المنتجات الموحدة والنمطية والمتشابهة. ومن الخصائص المهمة للإعلام الجماهيري أنه يوجَّه إلى مستقبل متوسط، أي إلى نقطة متوسطة افتراضية تتجمع حولها أكبر كتلة من الجمهور. صحيح أن المؤسسة الإعلامية تتعامل مع أفراد، ولكنها لا تعرفهم شخصياً، والأبحاث الإعلامية تصنفهم فئاتٍ لا تهتم بفرديتهم. ومن الظواهر المهمة في مجال الإعلام الجماهيري المعاصر تزايد الارتباط القائم بين المؤسسة الإعلامية والمجتمع، وتزايد تفاعلها معه، حتى غدا من المتعذر فهم وسائل الإعلام بمعزل عن فهم المجتمع وعن دراسة التاريخ والاجتماع والفلسفة والاقتصاد وغيرها.

عناصر العملية الإعلامية وأنماطها

تتألف كل عملية إعلامية من مجموعة عناصر، تختلف وتتنوع بحسب نمط الاتصال المستخدم، ومع ذلك فثمة عناصر ثابتة في العمليات الإعلامية كافة وهي: المصدر الذي تصدر عنه المعلومات أو الوقائع أو الآراء، والمرسل الذي يقوم بصوغ هذه المعلومات وبترميزها وتحويلها إلى إشارات، والرسالة وهي المادة التي يرسلها المرسل، والوسيلة أي أداة نقل الرسالة أو بثها، والمستقبل وهو الجهاز الذي يقوم بفك رموز الرسالة، والجهة المتلقية أي الفرد أو الجمهور الذي يراد إيصال الرسالة إليه. وكثيراً ما يضيف الباحثون إلى هذه العناصر الغرض الذي يوجه العملية منذ بدئها.

أما أنماط الاتصال فأهمها أربعة. يلخص الأول العملية الإعلامية في الإجابة عن الأسئلة التالية: مَن يقول، وماذا يقول؟ وبأي وسيلة ولمن وبأي تأثير؟.

أما الثاني فيحدد ثلاثة مستويات للعملية الإعلامية: المستوى الفني العادي في نقل الرموز بدقة، والمستوى الدلالي، وهو مدى الدقة التي نقلت بها هذه الرموز والمعنى المطلوب إيصاله، ومستوى فعالية الاتصال أي كيفية تأثير المعاني التي تم استيعابها في سلوك المستقبِل أو المتلقي بالطريقة التي أرادها المرسل. ويطرح هذا النمط أيضاً مشكلة التشويش الذي تتعرض له الرسالة وتجعلها أقل فعالية.

أما النمط الثالث فيؤكد أهمية الخبرة المشتركة بين المرسل والمستقبل، (إن أكثر الرسائل جاذبية هي التي تقوم على أساس من خبرات مشتركة، وتلبي حاجات، وتقدم حلولاً). كما يؤكد أهمية التغذية الراجعة التي توضح كيف تم تفسير الرسالة وفهمها.

ويؤكد النمط الرابع الطابع الخاص في كل حالة من حالات الاتصال، ويفرق بين العوامل الثابتة والمتغيرة في كل عملية اتصال. فالمصدر ثابت ولكن آراءه واتجاهاته تختلف، والرسالة ثابتة ولكن مضمونها ومعالجتها قد يختلفان، والوسيلة ثابتة ولكن نوعها قد يختلف، والمستقبل ثابت كذلك ولكن خبرة أفراده واتجاهاتهم قد تختلف.

وظائف الإعلام

يسعى الإعلام إلى تحقيق وظائف معينة في المجتمع، وترتبط هذه الوظائف أساساً بفهم الدور الذي يقوم به الإعلام في المجتمع، وباحتياجات الناس المادية والفكرية والروحية، ولذلك فإن هذه الوظائف تختلف من مجتمع إلى آخر، ومن مرحلة يمر بها المجتمع الواحد إلى أخرى، ومن صحيفة إلى أخرى، ولها سمات مختلفة، وأحياناً متناقضة، الأمر الذي يجعل لهذه الوظائف  طابعاً نسبياً ومتغيراً، ويؤدي إلى تباين آثار الإعلام واختلافها في المجتمعات الإنسانية.

وتحدّد غالبية المنظّرين الإعلاميين وظائف الإعلام على النحو التالي:

ـ الإعلام: أي تزويد الفرد بالمعلومات الضرورية ليستطيع فهم نفسه ومجتمعه وعالمه، وليستطيع التصرف عن علم ومعرفة، وأن يتوصل إلى قرار سليم.

ـ التنشئة الاجتماعية: أي توفير المعرفة الضرورية لجعل الأفراد أعضاءً فعّالين في المجتمع، ومشاركين في الحياة العامة، ولدعم التآزر والوعي الاجتماعيين.

ـ تعزيز الدوافع: بمعنى دعم الأهداف المباشرة والنهائية للمجتمع، وتشجيع الدافع إلى الاختيارات والتطلعات الشخصية، ودعم الأنشطة الخاصة بالأفراد والجماعات التي تتجه صوب تحقيق الأهداف المتفق عليها.

ـ الحوار: أي تبادل الآراء في الحقائق القائمة للوصول إلى اتفاق حولها وتوضيح مختلف وجهات النظر حول القضايا المهمة.

ـ التربية ونشر المعرفة: على نحو يعزّز التطور الثقافي والفني والعلمي وتكوين الشخصية واكتساب المهارات.

ـ الترفيه: بمعنى التسلية والإمتاع على الصعيدين الفردي والجماعي.

ـ التكامل: أي توفير الفرص للأشخاص والجماعات والأمم بما يكفل الوصول إلى رسائل متنوعة تحقق حاجاتهم من التعارف والتفاهم.

ـ التسويق والإعلان: بمعنى الإسهام في تنشيط الاقتصاد عن طريق الترويج للسلع وتسويقها.

وثمة نظرية إعلامية أخرى تنطلق من مكانة الصحافة في المجتمع، وهي النظرية الاشتراكية في الصحافة، وهي تفرق بين مفهومي الوظائف والمهمات. وترى هذه النظرية أن وظائف الإعلام ثابتة في حين تكون مهماته متغيرة. وتحدد هذه النظرية ثلاث وظائف للإعلام:

ـ التحريض: بمعنى إيجاد علاقة فكرية عاطفية بين الفرد والوقائع والظواهر والتطورات، عن طريق نشر الأخبار وتحليلها من وجهة نظر محددة.

ـ الدعاية: بمعنى تقديم المادة الإعلامية التي تعتمد أساساً على التحليل العميق للأحداث والظواهر من موقف أيديولوجي محدد، والتي تتوجه أساساً إلى ذهن القارئ (أو المستمع أو المشاهد) وإلى وعيه وقناعاته بقصد إيجاد قناعات عميقة ودائمة، تكوّن الأسس العامة لتفكيره وفهمه الأحداث وسلوكه في المجتمع.

ـ التنظيم: إذا كان التحريض يحدد «ماذا يجب أن نفعل»، والدعاية تحدد «لماذا يجب أن نفعل» فإن التنظيم يحدد «كيف يجب أن نفعل هذا الشيء»، بمعنى كيف يمكن تغيير الأشياء بالاتجاه المطلوب.

الإعلام والعلم

يدرس العلم الظاهرات وتطورها، ويسعى إلى التعميم، أي إلى قانون موضوعي يفسر هذه الظاهرات. أما الإعلام فيتناول الأحداث والظاهرات والتطورات كما هي عليه فعلاً، ويعنى بالمهمات العملية المحددة في ضوء الواقع الراهن وحاجات الإعلام. وبهذا المعنى يكون الإعلام تاريخاً للوضع الراهن. ثم إن الإعلام يرصد الممارسة الاجتماعية التي تقوم على أساس القوانين الموضوعية التي اكتشفها العلم، كما أن الكتابة الإعلامية التي تؤلف الأساس فيه تعتمد مناهج التفكير التي اكتشفها العلم. يضاف إلى ذلك أن المادة الإعلامية تؤلف مادة أولية مهمة للعلم. ومن هذه الزوايا المتعددة والمتعاونة تُرى الصلة الوثيقة بين الإعلام والعلم.

الإعلام والأدب والفن

يرتبط الإعلام ارتباطاً وثيقاً بصورتين من صور النشاط الفكري الإنساني: الصورة العلمية النظرية، والصورة الفنية. ويعد الأدب والفن صورتين من صور الفهم الجمالي عند الفرد، ولكل منهما أهداف جمالية، ويسعى كل منهما إلى إبداع نموذج، أو صورة نموذجية للشخصية، ويركز على أن الفرد حالة نموذجية بذاتها، لذلك فإن الأنواع الأدبية والفنية تستخدم الصورة أسلوباً للتعبير عن الواقع وانعكاسه، في حين يهتم الإعلام بدراسة دور الفرد في المجتمع، ومن ثم فإن من الممكن النظر إلى الإعلام على أنه وجه من وجوه المعرفة لانعكاس الواقع في جميع مظاهره. وهذا ما يفسر كون جميع عناصر الكتابة الأدبية والفنية التي يستخدمها الإعلام، لا تخدم أهدافاً جمالية، بل تخدم المعرفة بالدرجة الأولى وتصوير الفرد في الإعلام ليس له هدف جمالي بحت، بل يقوم مقام الواقعة. فالإعلام يرى في الفرد واقعةً لمعالجة قضية ما. وهو يدرس الظاهرات والتطورات والوقائع والشخصية الإنسانية (المتفردة) من وجهة نظر معرفية. فليست مهمة الإعلام إيجاد لوحة للواقع عن طريق منظومة من الصور، بل إن مهمته كتابة التاريخ المعاصر ومواكبة حركة الحياة وعملية التطور. ومما تقدم يمكن القول: إن الإعلام فن قائم بذاته، يسعى إلى المعرفة الموضوعية للعالم، وإنه، من ثمّ، ليس خليطاً من العلم والفن بل إن له مكانه الخاص.

لغة الإعلام وأسلوبه

يتصف الإعلام بأنه يقدم مادة تتعلق بالأحداث والظاهرات والتطورات الجارية، وأنه، بسبب طبيعته، يغلب عليه أنه يقدم هذه المادة بسرعة تفرضها مواعيد النشر والبث وغير ذلك، وأنه يقدم هذه المادة لجمهور مشغول، ومتعجل، ومتعب، وله مستوى معين من الثقافة، ودرجة معينة من الاهتمام، وأنه يقرأ هذه المادة أو يشاهدها، أو يستمع إليها في أحوال مختلفة ولأهداف متنوعة، وبدرجات متفاوتة من التركيز. إن مجمل هذه الخصائص يفرض على الإعلام استخدام لغة وأسلوب يتميزان بقدر كبير من الشروط العملية، كالوضوح والسهولة والإيجاز والقابلية السريعة للفهم والاستيعاب، والبنية البسيطة البعيدة عن أي غموض، الخالية من أي تعقيد أو إبهام أو لبس، وقريبة من الحياة اليومية، ومن القارئ أو المستمع أو المشاهد.

أثر الإعلام

العملية الإعلامية عملية متعمدة وغائية، وكأنها تقول: «نحن نتصل لنؤثر، ونؤثر بهدف». ويتوقف أثر الإعلام على عوامل متعددة أهمها: انتقاء المادة المناسبة، ومعالجتها بطريقة مناسبة، ونقلها وتقديمها بأسلوب مناسب، إلى جمهور مناسب. وتؤكد البحوث الإعلامية المعاصرة أن تأثير الإعلام «عملية» معقدة  ومستمرة وتراكمية. وأن هذا التأثير لا يتوقف على خصائص الرسالة الإعلامية وحسب، بل كذلك على الأحوال التي يتم فيها إنتاج الرسالة وإيصالها، وعلى شخصية المستقبل، وعلى الأوضاع العامة في المجتمع. ومن الثابت أنه نادراً ما تعمل وسائل الإعلام وحيدة في عملية التأثير، بل تعمل ضمن مجموعة من القوى الوسيطة الخارجة عن عملية الإعلام. وتفيد هذه البحوث أن أثر الإعلام يشمل المجالات التالية: التنشيط (حض المتلقي على التفكير والتصرّف) والتدعيم (دعم قناعات وأفكار موجودة في ذهن المتلقي) والتحويل (العمل على تغيير بعض القناعات الموجودة في ذهن المتلقي أو تعديلها). ومع أن التركيز ينصب على تأثير مضمون وسائل الإعلام فإن ثمة من يرى أن المجتمع يتأثر بوسائل الإعلام ذاتها، أكثر مما يتأثر بمضمونها، وأن المطبعة أهم من أي شيء ومن كل شيء نشرته، وأن التلفزيون أهم من أي شيء أو من كل شيء تقدمه الشاشة، وينتهي إلى مقولة أن «الوسيلة هي الرسالة».

تكامل وسائل الإعلام

تؤكد البحوث الإعلامية المعاصرة أن العلاقة بين وسائل الإعلام المختلفة هي «علاقة تكامل لا تنافس». ومن الثابت أن وسيلة الإعلام القديمة لا تموت بظهور الوسيلة الجديدة، بل تكيف نفسها كي تستطيع أن تتعايش معها. فقد سيطرت الصحافة المقروءة عدة قرون، ومع ذلك لم تقض على الإعلام الوجاهي الشخصي. وحين ظهرت الإذاعة، لم يعد بين خصائص الصحافة السرعة في تقديم الأخبار، وأصبح في مقدمة مهماتها تفسير الأحداث وتوضيحها وشرحها. وعندما ظهر التلفزيون، قلّلت الصحافة من مواد التسلية والترفيه، وأكثرت من المواد التي تعطي خلفية للأحداث. ومن المحقق علمياً أن الاستماع إلى الإذاعة لا يتناقض مع قراءة الصحف، بل هو مكمل لها، كما أن التلفزيون ساعد الصحف، لأنه جعل الناس أقرب إلى الأحداث، ومكّن الصحافة من توسيع تغطيتها الإخبارية.

إن لكل وسيلة إعلامية مقدرة إقناعية مختلفة عما لغيرها. فالاتصال الوجاهي أكثر مقدرة على الإقناع من الصحيفة، والإذاعة أكثر سرعة وفاعلية ومقدرة على الاستهواء من الصحيفة، والصحيفة أكثر مقدرة على تفسير الأحداث وتحليلها من الإذاعة والتلفزيون، ولكن التلفزيون أكثر انتشاراً، وأكثر مقدرة على إعطاء الشعور بالمشاركة.

تؤكد البحوث أن ثمة تداخلاً بين مختلف الوسائل الإعلامية وأثرها وجمهورها، وأن هذه الوسائل لا تعمل منعزلة، بل تعمل على نحو متكامل. هذا ما يفسر حقيقة تعايش مختلف وسائل الإعلام (الفردية والجماهيرية، القديمة والحديثة، البصرية والسمعية، والسمعية ـ البصرية)، واستخدامها في المجتمع المعاصر.

ملكية وسائل الإعلام

تختلف ملكية وسائل الإعلام وتتنوع من مجتمع إلى آخر، ومن وسيلة إعلامية إلى أخرى. وتوجد في بعض الدول أشكال الملكية الثلاثة: الخاصة والتعاونية والعامة. ويحتدم الجدل حول سلبيات كل شكل منها وإيجابياته. فثمة من يرى أن الملكية الخاصة استطاعت أن تستفيد من المبادأة الفردية ومن المنافسة، وأن تحقق تطور الوسيلة الإعلامية وحيويتها، وأن توفر حيزاً واسعاً من الحرية، ومن دفع الأحداث لتحتل مكانتها في اهتمامات الفرد. ولكنها، في المقابل، حوّلت الوسيلة الإعلامية إلى سلعة، وخضعت لهيمنة رأس المال ولسيطرة الإعلان. ثم هناك من يقول إن الملكية التعاونية استطاعت إخراج الوسائل الإعلامية جزئياً من مأزقها التاريخي، ولكنها بقيت محدودة. وثمة من يرى أن الملكية العامة لوسائل الإعلام هي البديل الحقيقي للملكية الخاصة الذي يستطيع أن يحقق الطابع الوطني للإعلام ولاسيما في الدول النامية، وأن يحقق التطور المادي والتقني لهذه الوسائل، ويحررها من سيطرة الاحتكارات ورؤوس الأموال والإعلانات، ويجعلها تخدم المصالح الحقيقية للوطن والمواطن. ولكنها، في المقابل، أدت إلى نوع من الرسمية والجمود والنظرة الواحدية، والبيروقراطية، حتى انعكس الأمر سلبياً على فعالية هذه الوسائل، وعلى مقدرتها في التأثير في المستقبل.

البعد الدولي للإعلام

أبرز التطور التقني العاصف في مجال الإعلام مسألة البعد الدولي للإعلام وبات واضحاً ومؤكداً أن صورة الاتصال المعاصر هي انعكاس لواقع توزيع القوى على الساحة الدولية ولحقائق الوضع العالمي الجديد. كان الشعار المرفوع هو «التدفق الحر» للأنباء والمعلومات والآراء. ولكن الواقع الراهن يؤكد ظهور عقبات ضخمة أمام هذا التدفق الحر، أبرزها: الرقابة، وتكاليف الإنتاج الباهظة، وتزايد الطابع التجاري للتبادل الإعلامي، وتقويم مضمون الاتصال بوصفه سلعة يتم تسويقها وبيعها كأي سلعة أخرى، وإساءة استخدام سلطة الدولة، والممارسات الاحتكارية. هذه العوائق جعلت «التدفق الحر» يخدم مصالح الأقوى، الذي يملك موارد أكبر، وجعلت التدفق يستخدم أداة اقتصادية وثقافية وأيديولوجية للسيطرة على من لم تتوافر لديهم تلك الوسائل بالقدر نفسه. وهكذا برزت التبعية الإعلامية، وتحول «التدفق الحر» إلى تدفق باتجاه واحد ـ يتم على الصعيد الدولي من الدول الصناعية الغنية، إلى الدول الصناعية الأخرى الأقل تطوراً، كما يتم باتجاه الدول النامية، ويفرض عليها نوعاً من الهيمنة والغزو السياسي والأيديولوجي والثقافي والأخلاقي، الأمر الذي دفع بالدول النامية إلى السعي لتحقيق ما أصبح يعرف باسم «النظام الإعلامي الدولي الجديد»، الذي يهدف إلى تصحيح هذا الخلل.

أديب خضور

 

الموضوعات ذات الصلة

 

الاتصال ـ الإذاعة ـ الإعلان ـ التلفزيون ـ الصحافة.

 

مراجع للاستزادة

 

ـ شون ماكبرايد، أصوات متعددة وعالم واحد: الاتصال والمجتمع اليوم وغدا (الجزائر 1981).

ـ جيهان رشتي، الإعلام ونظرياته في العصر الحديث (دار الفكر العربي،القاهرة 1971).

-MARSHALL MCLUHAH, Understanding Media (Mc Graw Hill, N.Y.1964).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 782
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 540
الكل : 29578291
اليوم : 33207

أيوب (رشيد-)

أيوب (رشيد ـ) (1872 ـ 1941م)   رشيد أيوب، شاعر مهجري لبناني، ولد في بسكنتة، وهجرها قبل بلوغه العشرين من عمره، مع بدايات حركة الهجرة من لبنان وسورية إلى المهاجر الأمريكية، فاستقرّ في مدينة «نيو أورلينز» من ولاية لويزيانة، حيث اتّجر وأصاب قسطاً من النجاح، وكان طوال إقامته في تلك المدينة يحنّ إلى جو تتضوّع فيه رائحة الأدب العربي، فلا يجده حيث كان مقيماً، لذلك نزح إلى نيويورك طمعاً بمثل ذلك الجو، وهناك سكن في حي بروكلن، حيث يسكن معظم المهاجرين، بقي فيه حتى قضى نحبه بالغا من العمر سبعين عاماً.
المزيد »