logo

logo

logo

logo

logo

الأيوبيون

ايوبيون

Ayyubids - Ayyoubides

الأيوبيون

(570 ـ 658هـ/1175 ـ 1259م)

 

ينتسب الأيوبيون الذين حكموا مصر والشام واليمن والحجاز إلى أيوب بن شاذي من الأكراد الروَّادية، وهم قبيلة من قبائل الأكراد الهذبانية، وقد استقرَّت هذه القبيلة في بلدة دَوِين وهي بلدة من نواحي أَرّان آخر حدود أذربيجان قرب تفليس، ورَدَّ بعضهم أصل هذه القبيلة إلى العرب المهاجرين من الجزيرة العربية، ونسبوهم إلى بني أمية، ويبدو أنَّ هذا النسب أوردَه من أراد التقرب منهم حين أضحوا ملوكاً وسلاطين.

الأيوبيون قبل تأسيس الدولة

اختلف المؤرخون في بدايات إسهام الأسرة الأيوبية في حوادث التاريخ الإسلامي، فبعضهم يذكر أن جدهم شاذياً كان قد دخل في خدمة بني شدَّاد الأكراد حكَّام أرَّان وأرمينية، فلما فقد بنو شداد مدينة دَوين التحق شاذي بخدمة مجاهد الدين بهروز الغياثي شحنة بغداد (صاحب الشرطة) الذي عينه مستحفظاً (ناظراً) لقلعة تكريت، فلما توفي شاذي خلفه ابنه أيوب في منصبه، ويذكر آخرون أن نجم الدين أيوب بن شاذي خدم السلطان محمد بن ملكشاه السلجوقي (ت511هـ) فجعله مستحفظاً لقلعة تكريت لأمانته، ثم أقطعها السلطان مسعود السلجوقي بن محمد لمجاهد الدين بهروز الغياثي شحنة بغداد، فأبقى نجم الدين مستحفظاً للقلعة وفي سنة 526هـ/1131م كاتب السلطان مسعود عماد الدين زنكي صاحب الموصل وطلب مساعدته لمحاربة سلجوق شاه بن السلطان محمد، الذي سار إلى بغداد في جيش كبير مع أتابكه قراجة الساقي فوصل إليها قبل وصول السلطان مسعود، وهزم قراجة الساقي عماد الدين الذي لجأ إلى تكريت في أسوأ حال فساعده نجم الدين وأخوه شيركوه في عبور نهر دجلة، وقدما له المال والمساعدات. وحدث أن قَتل أسد الدين شيركوه أحد كتّاب الأمير بهروز صاحب تكريت، وخشي هو وأخوه نجم الدين عاقبة الأمر فخرجا موليين شطر الموصل والتحقا بخدمة عماد الدين زنكي سنة 532هـ/1137م الذي رحَّب بهما عرفاناً بالجميل الذي أسدياه إليه.

وحينما استخلص عماد الدين بعلبك من البوريين[ر] سنة 534هـ/1139م استناب عليها نجم الدين أيوب، وبقي نائباً عليها حتى مقتل عماد الدين سنة 541هـ/1146م. فقصد مجير الدين أبق صاحب دمشق قلعة بعلبك وحاصرها، فصالحه نجم الدين لأنه خشي أن لا يُنجدَه أولاد زنكي بسرعة، وسلَّم إليه القلعة لقاء إقطاع كبير في بلد بعلبك وانتقل ليقيم في دمشق وصار من كبار أمرائها، أما أسد الدين شيركوه فقد بقي في خدمة نور الدين محمود بن زنكي الذي ورث عن أبيه أملاكه في الشام، فأقطعه حمص وأسند إليه قيادة الجيش.

وكان لشيركوه وأخيه نجم الدين يد طولى في ضم مدينة دمشق إلى سلطان الزنكيين سنة549هـ، وتسليم بعلبك سنة550هـ فتعززت مكانة الأخوين عند نور الدين الذي أقطع أسد الدين شيركوه الرحبة، وولّى نجم الدين النظر على دمشق وولى صلاح الدين يوسف[ر] شحنة المدينة (شرطتها). وأقام صلاح الدين مدة في دمشق ثم التحق بحلب وصار من خواص الملك العادل نور الدين[ر].

وكانت الفوضى قد عمت مصر في ذلك الحين وبلغت أوجها في عهد الخليفة العاضد لدين الله لضعف الخلافة الفاطمية وتسلط أصحاب الوزارة على الحكم وتنافس كبار رجال الدولة على هذا المنصب، وما نجم عنه من فتن ودسائس، وخاصة بين المنصور ضرغام بن سوار وأمير الجيوش شاور بن مجير السعدي وقد أطمع هذا الوضع الصليبيين في مصر فوجهوا اهتمامهم إليها وراحوا يتحينون الفرص لغزوها، ولم يكن يمنعهم عنها سوى خشيتهم من نور الدين الذي كان يترصد تحركاتهم ولا يترك سانحة إلا واستغلها من أجل إضعافهم واسترداد ما وسعه استرداده من البلاد التي يسيطرون عليها. وكان لجوء شاور إلى نور الدين طالباً مساعدته على استرداد وزارته في مصر من مغتصبها ضرغام السبب المباشر في قيام الحملات النورية الثلاث على مصر سنة 559هـ/1163م وسنة 562هـ/1166-1167م، وسنة 564هـ /1169م  حين أرسل العاضد إلى نور الدين يستغيث به ويعرض عليه إرسال شيركوه على رأس حملة ثالثة لتخليصه من شاور والصليبيين الذين صارت لهم اليد الطولى في مصر، ويبذل له ثلث خراج البلاد وأن يقيم شيركوه عنده في عسكره على أن يتكفل بإقطاعاتهم. واستجاب نور الدين إلى طلب العاضد وقد قر رأيه على توحيد البلاد كلها في وجه الصليبيين، وأمر شيركوه أن يتجهز للمسير إلى مصر، وبذل له الأموال الوفيرة وأمر صلاح الدين بأن يخرج مع عمه، وحثه على الإسراع، لأنه كما قال نور الدين: «إذا أهملنا أمرها ملكها الفرنج ولا يبقى لنا معهم مقام بالشام وغيره». وصلت الحملة إلى حدود مصر في ربيع الأول سنة 564هـ/1169م ولما علم الصليبيون بقدومها رحلوا عن مصر من دون أن يحققوا شيئاً من أهدافهم ودون أن يتلقوا من شاور الأموال التي كان قد وعدهم بها، ودخل شيركوه القاهرة في 17جمادى الآخرة سنة 564هـ/يناير1169م، واستقبل المصريون الحملة النورية الثالثة بالترحاب، واستوزر العاضد شيركوه بعد مقتل شاور، ولقبه الملك المنصور.

توفي شيركوه سنة 564هـ بعد شهرين من توليه الوزارة، فتولى صلاح الدين يوسف ابن نجم الدين أيوب الوزارة مكانه بتكليف من الخليفة العاضد، ولما استقرَّ صلاح الدين بمنصب الوزارة في مصر كان أول أعماله تثبيت مركزه فيها فاستمال الرعية بأن أبطل المكوس، وسيطر على الجند المصري، وقضى على المؤامرات التي واجهته في مطلع حكمه.

وفي صفر سنة 565هـ نزلت قوات الصليبيين على بر دمياط، ولكن صلاح الدين استطاع بمساعدة النجدات التي أرسلها نور الدين وأعماله الحربية في الشام أن يبعدهم عنها بعد حصار دام خمسين يوماً، ثم تحوّل صلاح الدين بعدها من الدفاع إلى الهجوم، فهاجم قلعة الداروم ومدينة غزة، ثم توجه إلى أيلة (العقبة) فاستردها. وأرسل إلى نور الدين يطلب منه السماح لأبيه وإخوته بالقدوم إلى مصر.

وفي ثاني جمعة من المحرم سنة 567هـ/1174م قطع صلاح الدين الخطبة للخليفة العاضد الفاطمي، وأقامها للمستضيء العباسي، وكان العاضد مريضاً على فراش الموت وتوفي من دون أن يعلم ما حدث. وكان صلاح الدين قد مهَّد لهذا الأمر بأن ضيق على أنصار الفاطميين، وعزل قضاة مصر من الشيعة، وأحدث مدارس على مذاهب السنة، وتقوى بزيادة عدد جنده وبتحصين مدن مصر.

كان سقوط الخلافة الفاطمية حدثاً كبيراً في تاريخ العالم الإسلامي؛ فقد عادت وحدة الخلافة وتسلم صلاح الدين الخلع والأعلام والرايات السود من الخليفة العباسي.

وفي سنة 568هـ أرسل صلاح الدين أخاه طوران شاه، لتأديب النوبيين الذين هاجموا الصعيد، فاستولى على قلعة إبريم، ونشر عسكره في بلاد النوبة، ثم ارتد إلى قوص، فأقام فيها إلى أن جرده صلاح الدين لفتح اليمن سنة 569هـ/1173م تلبية لطلب الخليفة العباسي بعد أن عصى فيها أحد دعاة الفاطميين وقطع الخطبة لبني العباس.

توحيد مصر والشام واستقرار الدولة الأيوبية

توفي الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي سنة 569هـ/1174م، ولم يكن بين رجال البيت الزنكي من يصلح أن يكون خلفاً لنور الدين، كما لم يكن من المنتظر أن تبقى منطقة الشام والجزيرة التي كانت تحت حكم نور الدين محافظة على وحدتها وقوتها، ولاسيما أن الأمراء الزنكيين والقادة الكبار في جيش نور الدين دخلوا فوراً بعد وفاة سيدهم في تنافس على وصاية ابنه الصغير الملك الصالح إسماعيل الذي كان في الحادية عشرة من عمره، يضاف إلى ذلك أن الخطر الصليبي كان يهدد المنطقة، والإمدادات الأوربية لم تنقطع عن قوى الصليبيين فيها. لذلك صار متوقعاً أن يتقدم أحد أمراء نور الدين الأقوياء ليملأ الفراغ ويجمع الصف، وقد رأى صلاح الدين نفسه غداة وفاة نور الدين في المركز الأقوى؛ فهو أمير مصر الغنية المنيعة وتحت إمرته فرق عسكرية عدة من الأكراد والتركمان والعرب من مصر والشام، وقد مال إليه كثير من أمراء الشام وكاتبوه.

لم يتدخل صلاح الدين في هذه المسألة فور وفاة نور الدين، بل أرسل إلى الملك الصالح يهنئه بالمُلك ويعزيه بوفاة والده، ويعلن إخلاصه له في الخدمة كما كان لأبيه. لكن الخلافات التي تفشت في بلاد الشام بين كبار الأمراء، واهتمامهم بتحقيق مطامع شخصية وتنافسهم على السلطة، والخوف من استغلال الصليبيين للوضع، دفع بعض رجالات الشام إلى الاستنجاد بصلاح الدين، طالبين منه التدخل.

توجه صلاح الدين إلى دمشق، ولكي يجعل من توجهه إليها عملاً شرعياً بعث برسالة إلى الخليفة العباسي، أوضح له فيها، أنه إنما خرج لإنقاذ الصالح إسماعيل من أطماع المحيطين به، وللإشراف بنفسه على تربيته وتدبير ملكه، والقضاء على الفرقة التي أطمعت الفرنجة في المسلمين. وتوحيد البلاد لما في ذلك من قوة تساعد على تحريرها منهم.

تسلم صلاح الدين دمشق في ربيع الأول سنة 570هـ/تشرين الثاني1174م تحت شعار الولاء للملك الصالح، ولم تعترضه مقاومة تذكر، فلما استقر ملكه فيها استخلف أخاه سيف الإسلام طغتكين، وسار إلى مدينة حمص ودخلها في جمادى الأولى سنة 570هـ/كانون الأول1174م، ثم دخل حماة في أواخر الشهر نفسه. وحصل في شهر ذي القعدة من ذلك العام على اعتراف الخليفة المستضيء العباسي بسلطنته على الشام ومصر، وأرسل إليه الخليفة التشريعات والأعلام السود، فكان ذلك بداية تأسيس الدولة الأيوبية.

لم تفتح حلب أبوابها لصلاح الدين بالسهولة التي استطاع بها أن يدخل كلاً من دمشق وحمص وحماة، بل أعاقته إليها صعوبات كثيرة، ومقاومة كبيرة من صاحبها الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين وصاحب الموصل عز الدين مسعود بن مودود ومقدَّم الإسماعيلية وزعيم بلاد الدعوة راشد الدين سنان والصليبيين، ولم يستطع صلاح الدين ضم حلب إلا في المحرم سنة 579هـ، بعد حصار قصير الأمد ومفاوضات مع صاحبها عماد الدين زنكي بن مودود بن زنكي الذي وافق على تسليم المدينة مقابل سنجار. وكان الملك الصالح إسماعيل قد توفي سنة 577هـ، ثم خضعت له الموصل بعد أن حاصرها صلاح الدين، وتوسط الخليفة لإبقائها في يد الزنكيين على أن يقروا بسلطته عليهم، وهكذا تم له توحيد البلاد الجزرية والشامية والمصرية.

صلاح الدين والصليبيون

لم يدخل صلاح الدين في صراع حاسم مع الصليبيين في المرحلة الأولى من حكمه إذ كان مشغولاً فيها بتوحيد البلاد تحت سلطانه كي يتمكن بطاقاتها من تحقيق هدفه وتحرير البلاد من الصليبيين، ولما أتم ما أراد لبث يتحين الفرص ليدخل مع الصليبيين في صراع مباشر، وجاءَته الفرصة حين نقض أرناط (رينو دي شاتيون) صاحب الكرك العهد المعقود بين صلاح الدين والصليبيين، وتعرض سنة 582هـ لقافلة غزيرة الأموال كثيرة الرجال فأخذهم عن آخرهم ونهب أموالهم ودوابهم وسلاحهم، فأرسل إليه صلاح الدين يلومه ويُقبح فعله وغدره ويتوعده إن لم يطلق الأسرى والأموال، فلما رفض أرسل صلاح الدين، الذي كان آنئذ في دمشق، إلى جميع الأطراف باستدعاء العساكر لحرب أرناط، وتوجه بنفسه إلى بصرى، ومنها إلى الأردن ونزل بثغر الأقحوان.

حين بلغ الصليبيين خبرُ اجتماع العسكر الأيوبي وتقدمه نحو الأردن اجتمعوا واصطلحوا ودخل صاحب طرابلس معهم، بعد أن كانت بينه وبين صلاح الدين معاهدة، واحتشدوا عند صفورية (قرب نهر الأردن) وكانوا خمسين ألفاً (وقيل عشرين ألفاً). غير أنهم لم يدخلوا في اشتباك مباشر مع قوات صلاح الدين، وأراد صلاح الدين إجبارهم على الانتقال إلى مواقع مناسبة له لدخول المعركة، فهاجم طبرية واستولى عليها في 21 ربيع الآخر سنة 583هـ/1187م، واستعصت عليه قلعتها، عند ذلك ترك الصليبيون مواقعهم في الصفورية وتحركوا قاصدين طبرية نجدة لصاحبتها وكان هذا ما أراده صلاح الدين. وفي يوم السبت 25 ربيع الآخر 583هـ/5 تموز 1187م نزل الصليبيون قرون حطين[ر] حيث دارت معركة حاسمة انتهت بتدمير القوى الرئيسية للفرنجة، وكانت من أكبر الانتصارات العربية الإسلامية. ولم تقتصر نتائج المعركة على أسر ملك بيت المقدس وضياع مملكته ووقوع العسكر الصليبي بين القتل والأسر بل كانت مفتاح الفتوح الإسلامية، وبها تيسر استرداد بيت المقدس وأكثر مدن الساحل. إلاَّ أن صلاح الدين لم يتوجه مباشرة لفتح القدس، وإنما سار إلى مدن الساحل فاستولى على عكا وتبنين وصيدا وبيروت وعسقلان والأماكن المحيطة بالقدس ،ثم انطلق لتحرير المدينة المقدسة، ودخلها منتصراً في 27 رجب سنة 583هـ/1187م، وعمت البشائر بلاد الإسلام بهذا الفتح المبين.

كان لسقوط بيت المقدس بيد صلاح الدين واسترداد الساحل الشامي أثر كبير في إحداث رد فعل عنيف لدى العالم المسيحي الغربي، خرج على أثره القسس والرهبان إلى جميع دول الغرب يدعونها للنصرة على المسلمين واستعادة الأراضي المقدسة، وتوجهت إلى المشرق حملة جديدة هي الحملة الصليبية الثالثة كان من أبرز قادتها فردريك بربروسة امبراطور ألمانية الذي مات غرقاً والحملة في طريقها إلى الشام، وفيليب أوغست ملك فرنسة الذي انسحب عائداً إلى بلاده قبل أن تبلغ الحملة هدفها، وريتشارد قلب الأسد ملك إنكلترة الذي وصل في نهاية سنة 586هـ/1191م إلى جزيرة قبرص واستولى عليها، وغدت أهم قواعد إمداد بقايا الصليبيين في المشرق، وساعد وصول ريتشارد قلب الأسد على سقوط عكا في أيدي الصليبيين سنة 587هـ بعد حصار دام سنتين وقتال ضار حولها، وفي شعبان سنة 588هـ عقد صلح الرملة، واستقبل الفريقان هذا الصلح بارتياح شديد لما نالهم من طول الحرب، وتوفي صلاح الدين في 27 صفر 589هـ/3 آذار 1193م، وهو في السابعة والخمسين من عمره، ودُفن في دمشق.

الدولة الأيوبية بعد صلاح الدين

كان صلاح الدين قد قسم مملكته الواسعة الأطراف بين أولاده وأفرادٍ من عائلته، فجعل مملكة دمشق لابنه الأفضل نور الدين علي، وهو أكبر أولاده، وأوصى له بالسلطنة، وجعل الديار المصرية لولده العزيز عثمان، والمملكة الحلبية لولده الظاهر غازي غياث الدين، وترك الكرك والشوبك وبلاد جعبر وبلداناً كثيرة قاطع الفرات لأخيه العادل، وحماة لابن أخيه محمد بن تقي الدين عمر، وحمص والرحبة وغيرها لحفيد عمه شيركوه، أسد الدين شيركوه بن ناصر، واليمن بمعاقله ومخاليفه في قبضة السلطان ظهير الدين سيف الإسلام طغتكين بن أيوب أخي صلاح الدين.

لم يكن الأفضل يصلح للزعامة لضعفه وانشغاله عن شؤون الرعية بأموره الخاصة، وأخفق في المحافظة على ود أصحاب الأمر من حوله، فنبذ أمراء والده ومستشاريه، ووضع ثقته في وزيره ضياء الدين بن الأثير، مما دفع بالأمراء إلى الفرار إلى مصر، حيث التفوا حول أخيه الملك العزيز، وأوغروا صدره على الأفضل، وقد أسفر هذا التحريض عن نزاع بين الأخوين دام سبع سنوات، وانتهى بتوحيد البيت الأيوبي تحت زعامة العادل أخي صلاح الدين سنة 596هـ/1200م. وترتب على السلطان الجديد الوقوف في وجه الصليبيين الذين كانوا ينظرون إلى جهود العادل في توحيده البلاد تحت سلطانه بعين القلق، وأخذوا يوجهون أنظارهم اتجاه مصر، بعد أن أدركوا أنها القاعدة الكبرى التي اعتمد عليها الأيوبيون في نشاطهم الداخلي والخارجي. ونفذ الصليبيون تحمسهم هذا بتجهيز حملة رابعة إلى المشرق، ولكنها انحرفت هذه المرة واستولت على القسطنطينية وأقامت مملكة لاتينية فيها، وأدَّى ذلك إلى الدعوة إلى حملة صليبية جديدة لتحقيق ما لم تحققه الحملة الرابعة، ألا وهو احتلال مصر.

توجهت هذه الحملة نحو دمياط بقيادة جان دي بريين ملك بيت المقدس (الذي خلف أملريك الثاني على الحكم) والكاردينال بلاجيوس المندوب البابوي الذي زعم لنفسه القيادة قبل نهاية سنة 615هـ/1218م، وفي أثناء حصار دمياط توفي السلطان العادل في 17 جمادى الآخر سنة 615هـ/31 آب 1218م والبلاد في خطر داهم، فخلفه ابنه الملك الكامل[ر] في حكم مصر، وكانت له السلطنة، وحكم أخوه عيسى المعظم دمشق وموسى الأشرف الجزيرة وخلاط وحرَّان وغيرها. أما مملكة حلب فقد بقيت بيد حفيد صلاح الدين لأن والدَهُ الملك الظاهر غازياً كان زوج ابنة العادل صفية الست خاتون.

نجح الأيوبيون في صد الحملة الخامسة على دمياط بتعاونهم ووقوفهم صفاً واحداً أمام هجمات الصليبيين؛ ولكن الأيوبيين ما لبثوا حين زال خطر العدو، أن عادوا إلى منازعاتهم الداخلية لتحقيق مطامع إقليمية.

وبلغ الخلاف أشده بين السلطان الملك الكامل وأخيه الملك المعظم، سنة 620هـ/1223م بسبب رغبة الأخير في توسيع مناطق نفوذه في بلاد الشام، فاستولى على بعض أعمال حماة مثل المعرَّة وسلمية، وكانت لابن عمه الملك الناصر صلاح الدين قلج أرسلان، ولكن الملك الكامل فرض على أخيه الملك المعظم ترك ما استولى عليه فكان ذلك بداية الخلاف بينهما.

أدَّت الخلافات الشديدة بين أبناء السلطان الملك العادل وعبث فلول الخوارزمية المنهزمين أمام المغول على تخوم البلاد إلى إضعاف السلطنة الأيوبية مما شجع الفرنجة على إرسال حملة صليبية جديدة إلى المشرق، وإلى عقد اتفاق يافا سنة 626هـ/1228م مدة عشر سنوات بين الامبراطور فريدريك الثاني والكامل. وقد نص هذا الاتفاق على تسليم مدينة القدس للفرنجة على ما هي عليه، لا تجدد أسوارها ولا يكون للفرنج شيء من ظاهرها، بل تكون جميع القرى للمسلمين، وأن يكون الحرم الشريف بما حواه من الصخرة المقدسة والمسجد الأقصى بأيدي المسلمين، واستثنيت قرى معدودة تركت للفرنج على طريقهم من عكا إلى القدس.

أدَّى تسليم بيت المقدس للصليبيين بتلك السهولة إلى إثارة موجة عارمة من السخط والأسى في العالم العربي والإسلامي، وعد وصمة في جبين السلطان الكامل وعصره، وقد استغل ابن أخيه الملك الناصر داود هذه الحادثة فأمر خطيب المسجد الأموي بإثارة المسلمين على سلوك عمه، وحاول الكامل تسويغ عمله بالقول: «إنه لم يسمح لهم إلا بكنائس وآدر (ديارات) خراب، والحرم وما فيه من الصخرة المقدَّسة وسائر المزارات بأيدي المسلمين، وشعار الإسلام قائم على ما كان عليه، ووالي المسلمين متحكم على رساتيقه وأعماله».

لما وقع الاتفاق بين الكامل وفردريك الثاني توجه الملك الكامل إلى ظاهر دمشق في جمادى الأولى سنة 626هـ، وأقام الملك الأشرف على محاصرتها، ولما طالت مدة الحصار ونفد ما في يد الملك الناصر من المال اضطر إلى مفاوضة عميه على أن يكون للناصر داود الكرك والشوبك وأعمالهما والصلت والبلقاء والأغوار جميعها ونابلس وأعمال القدس وبيت جبريل، ثم تنازل الناصر داود عن الشوبك للسلطان الكامل، وبقي للسلطان الكامل مع الشوبك، الخليل وغزَّة وطبرية وعسقلان والرملة ولِدْ، وسُلّمت دمشق للأشرف مقابل تسليم الرقة والرها وحرَّان وسروج وغيرها للكامل.

انحلال الدولة الأيوبية وسقوطها

بدأ انحلال الدولة الأيوبية منذ أواخر حكم الملك الكامل، وكان لهذا الانحلال مظاهر متعددة على رأسها:

ـ نشوب حروب بين أمراء الأيوبيين كادت تكون مستمرة.

ـ زوال فكرة السلطان الأكبر الذي كان يعترف به وبسلطته جميع الأمراء الأيوبيين، ويعدون أنفسهم تابعين له، فزال بذلك التضامن بين أفراد الأسرة، وتبع ذلك محاولة كل منهم الحفاظ على إمارته ولو بالاستعانة بالفرنجة وغيرهم، بعد أن كانت فكرة قتال الصليبيين وإخراجهم واجب الأسرة الرئيسي.

وقد تجلَّت الخلافات الأُسرية في سنة 634هـ حين طلب الأشرف موسى من أخيه الكامل الرقة لتكون قوة له وعلفاً لدوابه إذا جاز الفرات فرفض الكامل وأغلظ له الجواب،  فأرسل الأشرف إلى حماة وحلب وبلاد الشرق فحالفهم على أخيه الكامل، وكادت الحرب تقع بين الفريقين لولا وفاة الأشرف في المحرم سنة 635هـ/آب 1237م، وانتقل ملك دمشق بعده إلى أخيه الصالح إسماعيل بعهد منه.

استمر الصالح إسماعيل كسلفه في تحالفه مع أقربائه على أخيه السلطان الكامل، مما دفع الكامل إلى الخروج إلى دمشق بعد أن استمال إليه ابن أخيه الناصر داود، فحاصرا دمشق حصاراً شديداً، واضطر الصالح إسماعيل تحت ضغط هذه القوة إلى النزول عن دمشق إلى الملك الكامل مقابل بعلبك والبقاع وبصرى. وتوفي الملك الكامل في مدينة دمشق في رجب سنة 635هـ/آذار 1238م، فبايع كبار رجال دولته ابنه الأصغر الملك العادل الثاني سيف الدين أبا بكر (635-637هـ/1238-1240م) بعهد من أبيه، متجاهلين ابنه الأكبر الملك الصالح نجم الدين أيوب[ر] الذي استخلفه والده على البلاد الشرقية ومنها آمد وديار بكر، فلما بلغ الملك الصالح نجم الدين أن أخاه الأَصغر قد تسلم السلطنة بمصر وأن الملك الجواد مظفر الدين يونس بن مودود بن العادل قد استقرَّ في دمشق نائباً عن العادل، عظم الأمر عليه، وقصد الشام بجند الشرق سنة 636هـ/1239م ومَلَك دمشق من صاحبها مقابل إعطائه سنجار وعانة، ثم قرر التوجه إلى مصر لأخذها من أخيه العادل واستناب ابنه المغيث عمر على دمشق، ونجح في دخول القاهرة في ذي القعدة سنة 637هـ/حزيران1240م إثر مؤامرة دُبرت على أخيه، وبذلك انتهى حكم العادل وتربع الصالح أيوب على عرش السلطنة.

كان الصالح أيوب شخصية قوية، وقد شهد عصره أحداثاً داخلية وخارجية مهمة. من ذلك أن أقاربه عارضوه ونهضوا لمجابهته، فاسترد عمه الصالح إسماعيل مدينة دمشق وسجن المغيث عمر نائبه فيها، ثم تحالف مع الملك الناصر داود، والملك المجاهد صاحب حمص ومع الصليبيين، وتوجه الجميع قاصدين مصر، فسار إليهم الصالح أيوب الذي كان قد استقدم إليه الخوارزمية، وجرت معركة بظاهر غزة سنة 642هـ/1244م هُزم فيها الصالح إسماعيل وحلفاؤه هزيمة منكرة، واستعاد الصالح أيوب في السنة نفسها بيت المقدس بمساعدة جنوده الخوارزمية، كما نجح في تحرير بعض المدن على الساحل إضافة إلى طبرية ونابلس، ثم أرسل الصالح أيوب الخوارزمية في صحبة معين الدين بن الشيخ لأخذ دمشق، وبعد حصار أرهق أهل دمشق، اتُّفِق على أن يخرج الصالح إسماعيل إلى بعلبك ويسلم دمشق إلى الصالح نجم الدين أيوب.

أدَّى تحرير بيت المقدس إلى قدوم حملة صليبية سابعة بقيادة لويس التاسع ملك فرنسة، توجهت إلى دمياط مباشرة سنة 647هـ/1249م واستطاعت دخول المدينة والتوغل جنوباً حتى المنصورة، وتوفي السلطان الملك الصالح في أثناء صَدِّ هذه الحملة، فقامت أرملته شجرة الدر بتسيير الأمور فأخفت خبر وفاة زوجها، وراحت تصدر الكتب والمراسيم باسم السلطان، كما أخذت البيعة لابنه الملك المعظم طوران شاه المقيم في حصن كيفا، وأرسلت إليه تحضه على الحضور، وتمت على يديه هزيمة هذه الحملة الصليبية التي كان معظم أفرادها من الفرنسيين، ووَقَعَ الملك لويس التاسع أسيراً، وعقد اتفاق تقرر فيه جلاء الصليبيين عن دمياط ودفع 800 ألف قطعة ذهبية فدية، على أن يُطلق سراح الملك لويس بعد تسليم دمياط ودفع نصف ما هو مقرر من الفدية، وأن يعقد بين الطرفين صلح مدته عشر سنوات.

قُتل طوران شاه على يد مماليك أبيه قبل أن يتمم تنفيذ الاتفاق السابق مع الصليبيين، فأدَّى ذلك إلى سقوط الدولة الأيوبية في مصر وقيام دولة المماليك في 29 المحرم سنة 648هـ/4 أيار1250م. ولم يعترف أيوبية الشام بشرعية تولي المماليك الحكم في مصر وعقدوا العزم على قتالهم واستخلاص البلاد منهم، وتولى الملك الناصر يوسف صاحب حلب تدبير الأمر وانضم إليه أكثر ملوك بني أيوب الآخرين، وفيهم الصالح إسماعيل والناصر داود بن المعظم، والأشرف موسى بن المنصور صاحب حمص، ودخل الناصر دمشق وملكها وامتنعت عليه الكرك والشوبك اللتان كان قد تغلب عليهما الملك المغيث عمر ابن الملك العادل (الثاني) ابن الكامل بعد مقْتل المعظم طوران شاه، وقد طلبه المصريون ليملِّكوه عليهم، فلم يقبل خشية أن يصيبه ما أصاب ابن عمه طوران شاه، أما الناصر يوسف فإنه توجه بمن معه بعد استيلائه على دمشق إلى غزَّة قاصداً الديار المصرية، ولكنَّ الأيوبيين لم يفلحوا في دخولها فارتد الملك الناصر إلى دمشق. وانشغل الأيوبيون بعدها بخلافاتهم الداخلية وبخطر المغول الذين اجتاحوا العالم الإسلامي، واستولوا على بغداد، وقضوا على الخلافة العباسية في 14 صفر656هـ/20 شباط 1258م ثم زحفوا إلى الشام.

كان للأسطورة التي أُشيعت عن المغول بأنهم قوة لا يمكن قهرها أعظم الأثر في انتشار الذعر بين أهالي الشام، فمنهم من فَرَّ إلى القرى، ومنهم من لاذ بالبادية، ومنهم من لجأ إلى مصر في حين تسابق الملوك والأمراء الأيوبيون في الشام، وقد شلَّهم الخوف إلى تقديم الولاء وإعلان الخضوع لهولاكو، سواء بالحضور طائعين أو بإرسال الرسل والمبعوثين، واعتذر الملك الناصر صاحب حلب ودمشق عن عدم حضوره  وأرسل ولده العزيز محمداً سفيراً عنه ومعه هدايا وتحف كثيرة، ولكن هولاكو لم يقبل عذره وهدده وتوعده.

أما صاحب الكرك الملك المغيث فتح الدين عمر فقد أرسل ابنه الملك العزيز، فاجتمع بهولاكو في مدينة تبريز، وقدَّم إليه رسالة من والده يلتمس فيها أماناً له ولإمارته فحصل عليه.

ولم تجد محاولات الملك الناصر يوسف المقيم في دمشق الوقوف في وجههم، وأخفق نائبه في حلب الملك المعظم طوران شاه بن صلاح الدين في صدهم عنها، فسقطت حلب في صفر سنة 658هـ، واستسلمت دمشق في 26 ربيع الأول 658هـ/13 آذار 1260م وتسلمها نواب هولاكو. وتابع المغول زحفهم جنوباً حتى اصطدموا بقوات المماليك عند عين جالوت بقيادة الملك المظفر قطز، ودارت الدائرة عليهم فانهزموا وتشتت شملهم وطوردوا حتى أخرجوا من الشام التي غدت مملوكية، ولم يبق في يد الأيوبيين منها سوى الكرك وحماة.

دولة الأيوبيين في الشام ومصر واليمن

كان على رأس الحكم في الدولة الأيوبية، السلطان الذي يقسم حكم أراضي السلطنة بين أبنائه وإخوته وأفراد من أسرته وكبار رجال الدولة، على أن يأتمروا بأمره ويتعاونوا جميعاً لصد الأخطار الخارجية، وكانت المناطق التي تتبع كل واحد منهم تتفاوت في مساحتها بحسب مركزه وقرابته من السلطان أو مدى اتصاله به ومقدرته، وحين يتوفى حاكم إحدى المناطق، يتولى ابنه في الغالب حكم ما كان لأبيه، بموافقة السلطان، ونشأت تبعاً لذلك دول أيوبية شبه مستقلة ضمن السلطنة، منها من الشمال إلى الجنوب، أيوبية حصن كيفا، وأيوبية ميافارقين، وأيوبية حلب، وأيوبية حماة، وأيوبية حمص، وأيوبية دمشق، وأيوبية بعلبك، وأيوبية الكرك، وأيوبية مصر، وأيوبية اليمن.

أيوبية حصن كيفا (629ـ930هـ/1232ـ1524م)

نشأت هذه الدولة الأيوبية سنة 629هـ/1232م بعد أن قضى السلطان الملك الكامل على دولة بني أرتق في حصن كيفا في ديار بكر وجعل ابنه الملك الصالح نجم الدين أيوب حاكماً على هذا الحصن، ولذلك فإن الصالح أيوب هو أول حكامها، وخلفه ابنه طوران شاه (635-648هـ/1237-1250م).

وكان لهذه الدولة علاقات بسلاجقة الروم الذين زاحموها على حكم بعض المناطق. وخضعت للمغول سنة 658هـ/1260م ووضع الموحد بن طوران شاه نفسه تحت حمايتهم. ثم اضطربت أمور الأيوبيين في حصن كيفا ونازعهم عليه  تيمورلنك، ثم أوزون حسن 866هـ/1461م من أمراء الآق قوينلو[ر]، وعاد الحصن إلى الأيوبيين بعد وفاة أوزون حسن الذي سيطر عليه مدة 20 سنة. وبقي حصن كيفا تحت حكم الأيوبيين حتى استولى عليه الأتراك العثمانيون سنة 930هـ/1524م ولاضطراب حكم هذه الدولة فإن سني حكم حكامها غير معروفة بالتحديد وسني بعضهم الآخر تقريبية.

حكام حصن كيفا

1 ـ الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل

629-635هـ/1232-1237م

2 ـ الملك المعظم غياث الدين طوران شاه بن الصالح

635-648هـ/1237-1250م

 3 ـ الملك الموحد تقي الدين عبد الله بن طوران شاه

648-658هـ/1250-1260م

 4 ـ الملك الكامل أبو بكر الأول بن الموحد تقي الدين

لا يعرف تاريخ تولّيه ونهاية حكمه

 5 ـ الملك العادل مجير الدين محمد بن الكامل أبو بكر

لا يعرف تاريخ تولّيه ونهاية حكمه

 6 ـ الملك الصالح شهاب الدين غازي بن العادل مجير الدين

لا يعرف تاريخ تولّيه ونهاية حكمه

 7 ـ الملك الصالح أبو بكر الثاني بن العادل شهاب الدين غازي

توفي 780هـ/1378م

 8 ـ الملك العادل سليمان الأول بن العادل شهاب الدين غازي

توفي 780هـ/1378م

 9 ـ الملك الأشرف شرف الدين أحمد الأول بن العادل سليمان الأول

لا يعرف تاريخ توليه ونهاية حكمه

 10 ـ الملك الصالح صلاح الدين خليل الأول بن الأشرف أحمد الأول

توفي 836هـ/1432م

 11 ـ الملك الناصر بن الصالح صلاح الدين خليل الأول

توفي 856هـ/1452م

 12 ـ الملك الكامل أحمد الثاني بن الصالح صلاح الدين خليل الأول

توفي 856هـ/1452م

 13 ـ الملك العادل خلف بن محمد بن الأشرف أحمد الأول

توفي 866هـ/1461م

سنة 866ـ886هـ استولى الآق قوينلو على حصن كيفا

 14ـ خليل الثاني بن العادل سليمان الأول.

لا يعرف تاريخ توليه ونهاية حكمه

 15 ـ سليمان الثاني بن خليل الثاني (المرة الأولى)

لا يعرف تاريخ توليه ونهاية حكمه

 16 ـ حسين بن خليل الثاني

لا يعرف تاريخ توليه ونهاية حكمه

 17 ـ سليمان الثاني بن خليل الثاني (المرة الثانية)

 انتهى حكمه سنة 930هـ/1514م

استولى العثمانيون على أراضي  حصن كيفا

 أيوبية ميافارقين وسنجار (596-658هـ/1200-1260م)

استولى صلاح الدين الأيوبي على ميافارقين سنة 581هـ/1185م وجعل عليها تقي الدين عمر بن شاهنشاه نائباً عنه، ثم صارت من أملاك العادل أخي صلاح الدين سنة 591هـ/1194م، ولما صار العادل سلطاناً سنة 596هـ/1199م جعل ابنه الأوحد نجم الدين أيوب والياً عليها، فتأسست بذلك سلالة أيوبية في ميافارقين وسنجار من أبناء الملك العادل وأحفاده، وبقيت هذه الدولة قائمة حتى استيلاء المغول عليها سنة 658هـ/1260م.

حكام ميافارقين

1 ـ الملك الأوحد نجم الدين أيوب بن العادل سيف الدين أبو بكر

596 -607هـ/1199-1210م

2 ـ الملك الأشرف مظفر الدين موسى بن العادل سيف الدين أبو بكر

 607-617هـ/1210-1220م

 3 ـ الملك المظفر شهاب الدين غازي بن العادل سيف الدين أبو بكر. (628هـ استيلاء المغول المؤقت)

 617-628هـ/1220-1230م

 4ـ الملك الكامل ناصر الدين محمد بن المظفر شهاب الدين غازي

 642-658هـ/1244-1260م

 سنة 658هـ/1260م استولى المغول عليها

 أيوبية حلب (589-658هـ/1193-1260م)

 حاصر صلاح الدين حلب غير مرة بدءاً من سنة 570هـ/1175م، وعقد مع حكّامها الزنكيين صلحاً ثم واتته الأمور بوفاة حاكمها الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين سنة 577هـ/1181م، فتم له ضم حلب إليه.

بقيت حلب تحت حكم صلاح الدين يحكمها نواب من قبله، وكان يحكمها ابنه الملك الظاهر غياث الدين غازي إلى حين وفاته سنة 589هـ/1193م، وقد استمر حكمها في أسرة الظاهر غياث الدين غازي حتى سقوطها بيد المغول سنة 658هـ/1260م ومقتل ملكها الناصر صلاح الدين يوسف وأخيه الظاهر غازي على أيديهم في جمادى الأولى سنة 659هـ/نيسان1261م، وكان الناصر يوسف قد ضم إليه دمشق منذ سنة 648هـ/1250م.

حكام حلب

1 ـ الملك الظاهر غياث الدين غازي بن الناصر صلاح الدين

 589-613هـ/1193-1216م

 2ـ الملك العزيز غياث الدين محمد بن الظاهر غياث الدين غازي

 613-634هـ/1216-1236م

 3ـ الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن العزيز غياث الدين محمد

 634-658هـ/1236-1260م

 استولى المغول على حلب سنة 658هـ/1260م ثم صارت نيابة مملوكية.

 أيوبية حماة (574-742هـ/1178-1341م)

 جعل صلاح الدين حكم حماة لابن أخيه المظفر تقي الدين عمر بن نور الدين شاهنشاه ابن نجم الدين أيوب سنة 574هـ/1178م الذي أسس فيها أسرة أيوبية حاكمة.

تعرَّضت حماة في أثناء حكم الملك المنصور الثاني محمد (642-683هـ/1244-1248م) لخطر الغزو المغولي، واستطاع ملكها الحصول على ا لأمان، وسلَّم المدينة والقلعة للمغول، ثم أقرَّه عليها سلطان المماليك الملك المظفَّر لجهوده في معركة عين جالوت، وبذلك عاد الحكم الأيوبي تحت سلطان المماليك.

توفي الملك المنصور في دمشق بعد أن أقرَّ المماليك ابنه الملك المظفر محموداً في مملكته، فساد الهدوء الداخلي حماة في عهده وشارك السلطان قلاوون في معارك كثيرة.

 اختلف الأيوبيون بعد وفاة المظفر على من يخلفه في الحكم سنة 698هـ/1298م، فصارت حماة تابعة للمماليك مباشرة حتى سنة 710هـ/1310م حين عاد حكمها إلى الأيوبيين في شخص أبي الفداء الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل الذي ظل مرتبطاً بالسلطان محمد بن قلاوون بصداقة قوية، وخلفه في حكمها ابنه الملك الأفضل ناصر الدين محمد الذي لم ينل ثقة أهالي حماة كأبيه، ومالبث أن عُزل على يد توصون المملوكي الذي نقله إلى دمشق، وجعله أميراً من أمرائها، بعد أن حكم حماة عشر سنين. وبعزل الملك الأفضل انتهى حكم البيت الأيوبي وصارت حماة نيابة مملوكية، وانتقل حكم بلاد الشام نهائياً إلى المماليك.

حكام حماة

 1ـ الملك المظفر (الأول) تقي الدين عمر بن نور الدين شاهنشاه بن نجم الدين أيوب

 574-587هـ/1178-1191م

 2ـ الملك المنصور محمد (الأول) بن المظفر تقي الدين عمر

 587-617هـ/1191-1220م

 3ـ الملك الناصر قلج أرسلان بن المنصور محمد

 617-626هـ/1220-1229م

 4ـ الملك المظفر تقي الدين محمود (الثاني) بن المنصور محمد (الأول)

 626-642هـ/1229-1240م

 5ـ الملك المنصور محمد (الثاني) بن المظفر محمود (الثاني)

 642-683هـ/1240-1284م

 6ـ الملك المظفر علي (الثالث) بن المظفر محمود (الثاني)

 683-698هـ/1284-1298م

 حكم ولاة المماليك حماة من سنة 698-710هـ/1298-1310م

 7ـ الملك أبو الفداء المؤيد عماد الدين إسماعيل بن المظفر محمود الثاني

 710-733هـ/1310-1331م

 8ـ الأفضل ناصر الدين محمد بن أبي الفداء المؤيد إسماعيل

 733-742هـ/1331-134

 ثم استولى المماليك على حماة سنة 742هـ/1341م

 أيوبية حمص (574-662هـ/1178-1262م)

 ضم صلاح الدين حمص إلى أملاكه في جمادى الأولى سنة 570هـ/كانون الأول1174م وعين عليها أقاربه، وجعلها في سنة 574هـ/1178م لابن عمه الملك القاهر محمد بن أسد الدين شيركوه الذي أسس فيها منذ ذلك الحين سلالة أيوبية حاكمة، ومن الجدير بالذكر أن حمص كانت من إقطاع والده أسد الدين شيركوه في أيام السلطان نور الدين الزنكي.

 شاركت مملكة حمص في الأحداث العامة التي تعرَّضت لها الدولة في قتال الصليبيين والمغول، وكان أول حكامها من الأيوبيين الملك القاهر محمد بن أسد الدين شيركوه الذي توفي سنة 581هـ/1185م فخلفه ابنه الملك المجاهد شيركوه في حكمها فأحسن السيرة وحفظ المملكة حتى وفاته سنة 637هـ/1139م فخلفه في الحكم ابنه الملك المنصور إبراهيم الذي كان شجاعاً عالي الهمة، قاتل جلال الدين منكبرتي وكان له يد طولى في هزيمته.

 تولى بعده ابنه الملك الأشرف[ر] مظفر الدين موسى (644-661هـ/1245-1262م) الذي كان له أثر كبير في أحداث بلاد الشام إبَّان حكمه، وهو الذي صدَّ المغول عن حمص وهزمهم وأبعدهم عنها بعد معركة عين جالوت، ولما توفي الملك الأشرف في حمص ضم المماليك حمص إلى حكمهم المباشر.

حكام حمص

 1ـ الملك القاهر محمد بن أسد الدين شيركوه

 574-581هـ/1178-1185م

 2ـ الملك المجاهد شيركوه بن الملك القاهر محمد

 581-637هـ/1185-1239م

 3ـ الملك المنصور إبراهيم بن المجاهد شيركوه

 637-644هـ/1239-1245م

 4ـ الملك الأشرف مظفر الدين موسى بن المنصور إبراهيم

 644-661هـ/1245-1262م

ثم استولى المماليك على حمص.

 أيوبية بعلبك (574ـ658هـ/1178ـ126)

 ضم صلاح الدين بعلبك إلى دولته منذ أن بدأ عملية التوحيد سنة 570هـ/1174م وجعل محمد بن المقدَّم عليها، وما لبث هذا أن خلع طاعته، فأخرجه صلاح الدين منها وأعطاها لأخيه طوران شاه سنة 574هـ فبدأ بذلك حكم الأيوبيين في بعلبك، فلما ذهب طوران شاه سنة 575هـ إلى الاسكندرية بمهمة حلَّ مكانه ابن أخيه عز الدين فَرُّخ شاه، الذي لبث في بعلبك حتى وفاته سنة 578هـ/1182م فخلفه على حكمها ابنه الملك الأمجد بهرام شاه حتى سنة 627هـ/1230م، ثم استولى عليها الملك الصالح إسماعيل بن العادل الأول باسم أخيه الملك الأشرف موسى الذي حكم دمشق بين سنتي 626ـ635هـ ونافسه عليها الملك الصالح نجم الدين أيوب الذي انتزعها منه سنة 644هـ/1246م وبعد وفاة الصالح أيوب 647هـ/1249م تولى بعلبك عدد من الولاة حتى دهمها المغول سنة 658هـ/1260م وانتهى بذلك حكم الأيوبيين على بعلبك.

حكام بعلبك

1ـ الملك المعظم طوران شاه بن نجم الدين أيوب

 574-575هـ/1178-1179م

 2ـ عز الدين فرخ شاه بن نور الدين شاهنشاه بن نجم الدين أيوب

 575-578هـ/1179-1182م

 3ـ الملك الأمجد بهرام شاه بن عز الدين فرخ شاه

 578-627هـ/1182-1230م

 4ـ الملك الصالح إسماعيل بن العادل أبو بكر نائباً عن أخيه الأشرف صاحب دمشق

 627-635هـ/1230-1237م

 5ـ الملك الصالح إسماعيل بن العادل أبو بكر

 635-644هـ/1237-1246م

 أيوبية دمشق (589-658هـ/1193-1260م)

 تأسست دولة أيوبية دمشق بعد وفاة صلاح الدين سنة 589هـ، وكان أول من تولى حكمها الملك الأفضل نور الدين علي بن صلاح الدين سنة 589هـ، ثم انتقل حكمها إلى عمه العادل محمد بن أيوب الذي أعاد توحيدها مع مصر سنة 596هـ/1199م واستمر ذلك حتى سنة 615هـ/1218م. وبعد وفاته تولى حكمها ابنه الملك المعظم عيسى بن العادل وخلفه ابنه الملك الناصر داود سنة 624هـ، ثم عاد حكمها ثانية سنة 626هـ لأبناء العادل الملك الأشرف موسى أولاً ثم الملك الصالح إسماعيل ثم الملك الكامل محمد بن العادل حتى 635هـ. بعد وفاة الكامل انتقل حكم دمشق إلى ولديه الملك العادل الثاني بين سنتي 635-637هـ/1238-1240م والملك الصالح نجم الدين أيوب بين سنتي 637-643هـ/1240-1245م.

 وبعد وفاة الملك الصالح نجم الدين أيوب انتقل حكم دمشق إلى ابنه الملك المعظم طوران شاه حتى سنة 648هـ/1250م حين استولى عليها الملك الناصر صلاح الدين يوسف الذي ضمها إلى مملكته في حلب، وبقيت تحت حكمه إلى أن استولى عليها المغول سنة 658هـ/1260م ثم استردها المماليك لتصبح نيابة مملوكية.

حكام دمشق

 1ـ الملك الأفضل نور الدين علي بن صلاح الدين الأيوبي

589-592هـ/1193-1197م

 2ـ الملك العادل (الأول) سيف الدين محمد أبو بكر بن نجم الدين أيوب

592-615هـ/1197-1218م

 3ـ الملك المعظم شرف الدين عيسى بن العادل (الأول)

615-624هـ/1218-1226م

 4ـ الملك الناصر صلاح الدين داود بن المعظم عيسى

624-626هـ/1226-1228م

 5ـ الملك الأشرف مظفر الدين موسى بن العادل (الأول)

626-635هـ/1228-1237م

 6ـ الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن العادل (الأول) (المرة الأولى)

 635هـ/1237م

 7ـ الملك الكامل محمد بن العادل (الأول)

 635هـ/1237م

 8ـ الملك العادل (الثاني) بن الكامل محمد

635-637هـ/1237-1239م

 9ـ الملك الصالح عماد الدين إسماعيل (المرة الثانية)

637-643هـ/1239-1245م

 10ـ الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل محمد

 643-647هـ/1245-1249م

 11ـ الملك المعظم طوران شاه بن الصالح أيوب

647-648هـ/1249-1250م

 12ـ الملك الناصر صلاح الدين يوسف

648-658هـ/1250-1260م

ثم استولى المغول على دمشق

 أيوبية الكرك (584ـ661هـ/1188ـ1262م)

 تأسست الدولة الأيوبية في الكرك بعد تحريرها من الصليبيين سنة 584هـ/1188م وكان أول حكامها الملك العادل سيف الدين محمد أبو بكر بن أيوب، ثم انتقل حكمها إلى ابنه الملك المعظم عيسى في سنة 592هـ/1195م، وبقيت تحت حكمه حتى وفاته سنة 624هـ/1226م فخلفه في حكمها ابنه الملك الناصر داود، وكان آخر حكامها الملك المغيث فتح الدين عمر بن الملك العادل الثاني الذي تولى حكمها سنة 648هـ/1250م. وحينما تعرّضت الشام لخطر المغول حاول إبعادهم عن إمارته، فأرسل ابنه الملك العزيز إلى هولاكو برسالة يلتمس فيها أماناً له ولإمارته فحصل عليه، ثم شارك في جهاد المغول في عين جالوت، وبعد الانتصار أرسل كتبه إلى الملك المظفر قطز طالباً منه إبقاءه في مملكته، فأجابه بأن يتولى الكرك والشوبك فقط ويسلمه السلط والخليل والبلقاء، وبعد تسلم الملك الظاهر بيبرس حكم دولة المماليك اعتقل المغيث عمر سنة 661هـ/1262م، وبذلك سقطت دولة الكرك الأيوبية.

حكام الكرك

 1ـ الملك العادل بن نجم الدين أيوب

584-592هـ/1188-1195م

 2ـ الملك المعظم عيسى بن العادل

592-624هـ/1195-1226م

 3ـ الملك الناصر داود بن المعظم عيسى

624-647هـ/1226-1249م

 4ـ الملك المغيث فتح الدين عمر بن العادل بن الكامل

648-661هـ/1250-1262م

استولى عليها المماليك

 أيوبية مصر (569ـ650هـ/1174ـ1252م)

 يمكن القول إن الدولة الأيوبية في مصر، تأسست عقب وفاة نور الدين محمود زنكي سنة 569هـ/1174م، إذ بدأ بوفاته استقلال صلاح الدين الأيوبي لها عن الزنكيين، وتأسيس الدولة الأيوبية، واستمر في حكمها حتى وفاته سنة 589هـ/1193م، ثم حكمها بعده ابنه الملك العزيز عثمان حتى وفاته سنة 595هـ/1198م، ولما توفي انتقل حكمها إلى ابنه الصغير الملك المنصور محمد حفيد صلاح الدين، ولكن الملك العادل محمد انتزع الحكم لنفسه بفتوى شرعية، وانتقل حكم مصر بذلك إلى الملك العادل وأبنائه.

تعرَّضت مصر في عهد الملك العادل للحملة الصليبية الخامسة التي هاجمت دمياط وتوفي العادل في أثنائها، فخلفه في حكمها ابنه الملك الكامل ناصر الدين محمد بين سنتي 615-635هـ/1218-1238م، وخلفه ابنه الملك العادل الثاني بين سنتي 635-637هـ/1238-1240م، ثم انتقل حكمها إلى أخيه الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل الذي حكم بين سنتي 637-647هـ/1240-1249م. وتعرضت مصر في عهده إلى الحملة الصليبية السابعة، وتوفي الملك الصالح أيوب في أثناء ذلك، فخلفه ابنه الملك المعظم طوران شاه (647-648هـ/1249-1250م) ولما قتله المماليك انتقل الحكم إلى شجرة الدر زوجة أبيه الملك الصالح سنة 648هـ/1250م، واستولى المماليك على مصر وحكموها في البداية باسم الملك الأشرف مظفر الدين موسى بن صلاح الدين يوسف بن الملك المسعود أتسز بن الكامل حتى سنة 650هـ/1252م.

حكام مصر

1ـ الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب

 569-589هـ/1174-1193م

 2ـ الملك العزيز عماد الدين عثمان بن الناصر صلاح الدين يوسف

 589-595هـ/1193-1198م

 3ـ الملك المنصور محمد بن العزيز عثمان

 595-596هـ/1198-1199م

 4ـ الملك العادل سيف الدين محمد أبو بكر بن أيوب

 596-615هـ/1199-1218م

 5ـ الملك الكامل ناصر الدين محمد بن العادل (الأول)

615-635هـ/1218-1238م

 6ـ الملك العادل (الثاني) سيف الدين أبو بكر بن الكامل

 635-637هـ/1238-1240م

 7 ـ الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل محمد

 637-647هـ/1240-1249م

  8ـ الملك الصالح طوران شاه بن الصالح نجم الدين أيوب

 647-648هـ/1249-1250م

 9ـ الملك الأشرف مظفر الدين موسى بن صلاح الدين

 648-650هـ/1250-1252م

ثم استولى عليها المماليك.

 أيوبية اليمن (569-626هـ/1173-1229م)

 تأسست هذه الدولة منذ أن أرسل صلاح الدين الأيوبي أخاه المعظم طوران شاه إلى اليمن لضمها إلى الدولة الأيوبية وتخليصها من أتباع الفاطميين وغيرهم، وبقي في حكمها حتى سنة 577هـ/1181م حين تسلم حكمها أخوه سيف الإسلام طغتكين، وبعد وفاته سنة 593هـ/1196م تولى حكمها ابن طغتكين معز الدين إسماعيل، الذي استمر في حكمها حتى سنة 598هـ/1201م. وبوفاته انتقل حكم اليمن إلى أخيه الملك الناصر أيوب الذي حكمها سنة 611هـ/1214م.

 بعد وفاة الناصر أيوب استولى سليمان بن شاهنشاه بن المظفر عمر على اليمن بموافقة جند اليمن وتلقب بالمظفَّر سليمان، ولم يقبل السلطان الملك العادل بذلك فأوعز إلى ابنه الملك الكامل أن يرسل قوى لإعادة الأمور إلى نصابها، فأرسل ابنه أتسز يوسف إليها فاستطاع إزاحة المظفر سليمان، واستولى على الحكم وتلقَّب بالملك المسعود صلاح الدين، لم يحسن المسعود صلاح الدين السيرة في اليمن، وقتل عدداً كبيراً من أشرافها، وبقي في الحكم حتى سنة 626هـ/1229م حين استولى بنو رسول على حكمها وأنهوا الحكم الأيوبي.

حكام اليمن

 1ـ الملك المعظم شمس الدين طوران شاه بن نجم الدين أيوب

 569-577هـ/1173-1181م

 2ـ سيف الإسلام طغتكين بن نجم الدين أيوب

 577-593هـ/1181-1196م

 3ـ معز الدين إسماعيل بن سيف الإسلام طغتكين

 593-598هـ/1196-1201م

 4ـ الملك الناصر أيوب بن سيف الإسلام طغتكين

 598-611هـ/1201-1214م

 5ـ سليمان بن شاهنشاه بن المظفَّر عمر

 611-612هـ/1214-1215م

 6ـ الملك المسعود صلاح الدين يوسف بن الكامل محمد

 612-626هـ/1215-1229م

أهم الإسهامات الحضارية

 اهتم الأيوبيون بتشكيل جيش قوي لمواجهة خطر الصليبيين من جهة ولتوحيد الجبهة العربية الإسلامية من جهة أخرى، وبدأ تشكيل الجيش الأيوبي منذ حملة شيركوه الثالثة على مصر، ومع أن عدداً من الأمراء الأتراك التابعين لنور الدين انسحبوا مع فرسانهم بعد تولي صلاح الدين الوزارة سنة 564هـ، فإن الأسدية وغيرهم من الفرسان الأكراد التابعين لشيركوه ظلوا في خدمة صلاح الدين، وقبل مضي عام واحد كان صلاح الدين قد ألَّف حرساً من العساكر عُرفوا بالصلاحية تحت إمرة أبي الهيجا، ثم أخذ جيشه يزداد زيادة مستمرة بتجنيد العساكر في جيشه وجيش أمرائه حتى وصل عدد أفراده سنة 567هـ/1171م إلى اثني عشر ألفاً من الفرسان عدا غلمانهم.

 إضافة إلى القوات العسكرية التي شكلها صلاح الدين في مصر، فإنه أضاف إليها قوات الشام والجزيرة وديار بكر وغيرها من المناطق التي دخلت تحت سلطانه، وكان كل اتفاق بين صلاح الدين والأمراء المسلمين ينص على أن تنضم قواتهم العسكرية إلى قواته عند إعلان الجهاد على الصليبيين، ومن هذه التجمعات كانت تتكون جيوش صلاح الدين التي كانت تصل أحياناً إلى أربعة عشر ألف فارس أو أقل أو أكثر، ففي سنة 583هـ/1187م وصل عدد أفراد الجيش الذي اشترك في حطين اثني عشر ألفاً، لأن قوات مصر لم تكن تخرج بكاملها لقتال الصليبيين في الشام، بل كان يترك ما لا يقل عن نصف العسكر فيها لحفظ ثغورها، وحين ينهك الجند المقاتلة يعودون إلى قواعدهم للاستراحة والتجهيز.

إلى جانب المقاتلة من فرسان ومشاة كان الجيش يضم فرقاً من الحجارين الذين يقومون على المجانيق والعرَّادات، والنقابين الذين ينقبون تحت الأسوار والمشرفين على النار التي تُرمى على أبراج العدو المحاصر، وكانت نفقات الجيش المصري كبيرة بلغت سنة 585هـ/1189م 3.670.600 دينار من مجموع المصروفات العامة البالغة 4.653.190 دينار وكانت رواتب الطواشية في عهد صلاح الدين تراوح بين 700- 1200 دينار.

استمر اهتمام الأيوبيين بالجيش بعد وفاة صلاح الدين للحفاظ على ممالكهم ولمواجهة الأخطار المحدقة بهم، وكانت أهم فرق الجيش في العهد الأيوبي الأسدية، رجال أسد الدين شيركوه ثم الصلاحية، والعادلية والكاملية والأشرفية والصالحية وغيرها. وكان يرأس الجيش الأمير الكبير وهو القائد الأعلى، ويأتي بعده الطلب وهو الأمير المقدَّم الذي له علم معقود وبوق مضروب، وكان عدة كل طلبٍ بين سبعين ومئتي رجل، وكانت الدروع والأسلحة المودعة في الزردخانة توزع على العساكر قبل القيام بحملة كما كان يصرف لهم عطاء خاص ينفقونه في أمور الحملة.

وكان لكل من كبار الأمراء وصغارهم إقطاعات وتصرف لمماليكهم جامكيات أو عطاء معين أو تجعل لهم حصص من أحد الإقطاعات ونفقات مؤن وعلوفة، وكان على المقطعين أن يؤدوا خدمات إقطاعية، منها ما هو مالي مثل ضريبة الجوالي (الجزية) من أهل الذمة والزكاة من المسلمين، ومنها ما هو على شكل خدمات مدنية مثل رعاية شؤون الأمن في الإقطاع والعناية بالزراعة وصيانة الجسور فضلاً عن الواجبات الحربية.

ولما كانت قوة الممالك الأيوبية كامنة في جيوشها كان ديوان الجيش من أهم دواوينها، فكان مسؤولاً عن توزيع الإقطاعات وتغييرها بالنسبة لأجناد السلطان وأجناد الأمراء، ومسؤولاً عن إثبات أسماء المقطعين من الأمراء وإقطاعاتهم على اختلاف درجاتهم وجميع أفراد الجيش دون استثناء. وكان لديوان الجيش علاقة وثيقة بديوان المالية الذي يهتم بكل القضايا التي تتعلق بالضرائب والموارد والنفقات والخزائن.

كان يتبع الاهتمام بالجيش القيام بتحصين المناطق الحساسة في البلاد، فقد بُدئ ببناء سور ضخم من الحجارة يحيط بالقاهرة والقلعة والفسطاط في عهد صلاح الدين، واكتمل بناؤه في عهد السلطان الملك الكامل محمد، كما بنيت القلعة على جبل المقطم لتشرف على الدفاع عن القاهرة وتكون مقراً لحكمها، وسُوِّرت مدينة تِنيس وبنيت فيها قلعة، ورمم سور دمياط، وأُصلح سور الاسكندرية كما بنيت قلاع عدة في بلاد الشام ومنها قلعة دمشق.

 وجه صلاح الدين اهتمامه للأسطول حتى غدا قوة يحسب حسابها، وأفرد له ديواناً عرف بديوان الأسطول، وخصص له موارد مهمة، منها حاصلات إقليم الفيوم والنطرون وإيراد ديوان الزكاة الذي بلغ في سنة من السنوات زيادة على خمسين ألف دينار. وفي سنة 587هـ نجح الأسطول المصري في صد هجوم جريء للفرنج على مياه البحر الأحمر المنيعة إلا أنه لم يستطع منع السفن الفرنجية من جلب أعداد كبيرة من المحاربين الفرنج المتحمسين لاحتلال بيت المقدس من المسلمين. وإذا كانت الحملة الصليبية الثالثة قد أخفقت في احتلال بيت المقدس فإنها وجهت ضربة قاضية للبحرية المصرية في أثناء محاولتها نجدة الحامية الإسلامية في عكا التي حاصرتها الأساطيل الأوربية.

 ويذكر المقريزي أن الاهتمام بالأسطول قلَّ بعد وفاة صلاح الدين سـنة 589هـ وصار لا يُفكَّر في أمره إلاَّ عند الحاجة، فإذا دعت الضرورة إلى تجهيزه طُلب له الرجال وقُبض عليهم من الطرقات وقيدوا في السلاسل نهاراً وسجنوا في الليل كي لا يهربوا ولا يصرف لهم إلاّ الشيء القليل من الخبز ونحوه، فصارت خدمة الأسطول عاراً يُسب به الرجال، بعدما كان خُدَّام الأسطول يقال لهم المجاهدون في سبيل الله.

اهتم صلاح الدين بالتغلب على المشكلات الاقتصادية التي واجهها إبان حكمه وخاصة الأزمة الاقتصادية، إذ نفدت العملة الذهبية والفضية من أسواق مصر، لذلك اتجه إلى الترحيب بالتجار الإيطاليين وإغرائهم بالعودة إلى نشاطهم التجاري السابق في الاسكندرية. وعقد معاهدات تجارية مع ممثلي البندقية وجنوة وبيزة سنة 569هـ/1173م. وقد بلغ عدد السفن التابعة للدول الأوربية والراسية في ميناء الاسكندرية في شتاء سنة 584هـ/1188م سبعاً وثلاثين سفينة.

 وبعد معاهدة الصلح التي عُقدت سنة 588هـ نمت العلاقات التجارية مع جنوة وبيزة والبندقية وعُقدت مجموعة من الاتفاقات في عهد السلطان الملك العادل منح بموجبها التجار تخفيضاً للرسوم الجمركية وتسهيلات إدارية.

وكانت البضائع المتاجر بها خاضعة لضرائب (أو مكوس) يتولى تحصيلها الديوان، وكانت ضريبة الوارد تؤخذ على البضائع التي تباع فعلاً، أما التي لم تجد لها سوقاً بالبلاد فلا يدفع عنها أربابها ضريبة وارد، ويسمح لهم بإعادة تصديرها من دون دفع رسوم، على أن لا تكون السلعة حديداً أو خشباً أو قاراً، إذ يتحتم عندها بيعها للحكومة بسعر السوق، أما ضريبة الصادر فيجري تحصيلها على جميع السلع التي يشتريها التجار الأجانب من داخل البلاد.

ومع أن سلاطين بني أيوب قاموا ببعض الإجراءات لحماية الفلاحين، بتحديدهم الإيجارات والجبايات التي يدفعها الفلاح لسيده الإقطاعي، فإن مشاركة السلطان الملك الكامل في الأعمال الاقتصادية، كاستخراج المعادن واستثمار الغابات وزراعة قصب السكر أدَّى إلى مصاعب جمة بعد موت الكامل بسبب التداخل بين المشروعات الحكومية والخاصة، إضافة إلى الاختلاس الذي كان الموظفون يمارسونه عند تراخي الإدارة وتغاضيها.

 أما أرباب الحرف فقد انتظموا في العهد الأيوبي في نقابات تولى كل منها شيخ كار، وعالجت كتب الحسبة الطرق والأساليب التي اتخذتها الدولة للإشراف على هذه النقابات كي تتوافر المواد الغذائية في الأسواق، وكان المحتسبون يتفقدون الأسواق ويقفون على ما اتخذه أرباب الحرف من أساليب الغش، ويحاولون منعها ويعاقبون كل من يرتكب المخالفات.

اهتم الأيوبيون بالعلم والعلماء، فقد كان صلاح الدين يجمع حوله رجال العلم، ويحضر مجالسهم ليستمع إليهم ويشاركهم في أبحاثهم، وكان ابنه الملك العزيز عثمان عالماً بالحديث والنحو، وكان السلطان الملك الكامل يناظر العلماء، وعنده مسائل غريبة من فقه يمتحن بها فمن أجاب عنها قدَّمه.

واشتملت خزانة بهرام شاه بن فرخ شاه صاحب بعلبك على مئة ألف مجلد، وكان الملك المعظم عيسى بن الملك العادل راغباً في الأدب حتى إنه كان يعطي كل من يحفظ المفصَّل للزمخشري مئة دينار وخلعة. وقد نال العلماء في العهد الأيوبي مكانة محترمة، وكان لهم أثرهم في أمور الدولة وفي المجالس العلمية. ونهض الأيوبيون بفتح المدارس للمذاهب الأربعة مع أنهم شافعيون (إلا الملك المعظم عيسى وابنه الناصر داود اللَّذين اتبعا المذهب الحنفي)، وزاد عدد المدارس في تلك الحقبة زيادة كبيرة، وكان الاهتمام بها ضمن إطار حركة الإحياء السني، واهتمت هذه المدارس بالثقافة الدينية من علوم القرآن الكريم والحديث الشريف والفقه الإسلامي إلى جانب العلوم اللغوية والتاريخية والاجتماعية وعلم الطب وعلوم أخرى متفرقة، أما العلوم العقلية والفلسفية فلم يتح لها الانتشار لموقف الأيوبيين منها.

ولسيطرة فكرة الحرب والجهاد المقدس على عواطف الناس وعلى السلاطين أنفسهم، لم يعد هناك متسع من الوقت لدى الجميع للتوسع في حياة الترف والقيام بالاحتفالات كتلك التي سادت عند أسلافهم الفاطميين وخلفائهم المماليك، كما بدا الاقتصاد في الحفلات العامة متخففاً من الإسراف في الاحتفالات بالأعياد الدينية والرسمية.

وقد فرض الوضع العام على الجميع الاهتمام بأمر دينهم، يدل على ذلك كثرة المصلين والمتعبدين وكثرة المؤسسات الدينية من مساجد ومدارس وخانقاوات وأربطة بنيت للنساء والرجال، واستخدمت الرباطات النسائية لغايات أخرى غير حياة العبادة والزهد، فقد جُعِلت ملاجئ للنساء المطلقات والأرامل صيانة لهن حتى يتزوجن أو يرجعن إلى أزواجهن، وكان لهذه المؤسسات أوقاف تضمن مورداً ثابتاً لها، وكان لهذه الأوقاف إدارة تشرف عليها يرأسها متولي الأوقاف الذي يسهر على إنفاق أموالها في الجهات المخصصة لها.

وكثرت في ذلك الوقت السقايات (السبلان) في كثير من المدن وخاصة التي لها مكانة دينية كمكة وبيت المقدس، وفي الخانات والمحطات والنزل الواقعة على طرق المسافرين والتجار، واتصفت هذه الحقبة كذلك بكثرة الحمامات التي كان يشرف عليها المحتسب، وكان يفرض عليها الاهتمام بالنظافة وطيب الرائحة والضرب على أيدي السارقين وعدم دخول أصحاب الأمراض المعدية إليها، وازداد عدد الفنادق والخانات والقيساريات التي تخدم التجار والمسافرين.

يتضح مما تقدَّم أن الحركة العمرانية كانت مزدهرة على انهماك الدولة في محاربة الفرنج الصليبيين، ويغلب على العمائر الأيوبية عموماً طابع التواضع والتقشف ولكنها، من ناحية ثانية، تتميز بالمتانة والقوة وإتقان التخطيط والبناء، وكان الاعتماد كلياً على الحجر مادة للبناء. وحدث تطور ملحوظ في فنون العمارة العسكرية، فقد فاقت الأبراج والأسوار بارتفاعها وحجمها الكبير وضخامة حجارتها التي يغلب عليها النوع البارز، كل ما هو معروف من قبل، وأحسن مثل على ذلك قلعة حلب، وقلعة دمشق، وقلعة بصرى، ومازالت هذه القلاع تحافظ على أصالتها إلى اليوم.

 

أمينة بيطار

 

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

 أيوب (الملك الصالح ـ) ـ الصليبية (الحروب ـ) ـ حطين ـ حلب ـ حماة ـ دمشق ـ الزنكيون ـ السلاجقة ـ صلاح الدين الأيوبي ـ العادل (الملك ـ) ـ عين جالوت ـ القاهرة ـ الكامل (الملك ـ) ـ المماليك.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ أبو شامة، تاريخ الروضتين في أخبار الدولتين (دار الجبل، بيروت).

ـ ابن واصل، مفرِّج الكروب في أخبار ملوك بني أيوب (مطبعة جامعة القاهرة 1953م، وطبعة المطبعة الأميرية 1957م).

ـ ابن الأثير، الكامل في التاريخ (دار صادر، بيروت1966م).

ـ أحمد بن إبراهيم الحنبلي، شفاء القلوب في مناقب بني أيوب، تحقيق ناظم رشيد (وزارة الثقافة والفنون، العراق 1978م).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 498
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 557
الكل : 31143026
اليوم : 44416

البيضا

البيضا   موقع أثري يقع على بعد 5كم شمالي مدينة البتراء النبطية، على سطح تبلغ مساحته 6كم، وعلى ارتفاع نحو 1000م عن سطح البحر. اكتشفته ديانا كيركبرايد D.Kirkbride عام 1956، ونقبت في الموقع على مدى ثمانية مواسم بين عامي 1958و1983، ونتج من هذه التنقيبات الكشف عن مرحلتين استيطانيتين، ترجع الأولى للمرحلة النطوفية والثانية للعصر الحجري الحديث قبل الفخاري «ب».
المزيد »