logo

logo

logo

logo

logo

العبور الوراثي

عبور وراثي

Crossing over - Entrecroisement

العبور الوراثي

 

إن أعداد صبغيات الكائن الحي أقل كثيراً من أعداد مورِّثاته (جيناته) genes التي تحملها، وعلى هذا فإن كل صبغي يمتلك مجموعة من المورثات تدعى مجموعة ارتباطية، وقد أشار إليها ساتون Sutton منذ عام 1903. وتتساوى أعداد المجموعات الارتباطية مع أعداد أشفاع الصبغيات، فالإنسان يمتلك 23 شفعاً من الصبغيات والمجموعات الارتباطية، مقابل أربعة أشفاع في ذبابة الخل (الدروزوفيلا ميلانوغاستر Drosophila melanogaster)، وهكذا.

يقصد بالارتباط الوراثي genetic linkage وجود مجموعة من المورثات على الصبغي، ويؤدي ذلك إلى عدم توزعها بشكل مستقل حسب قوانين مندل Mendel [ر. مندل (غريغور ـ)]. وكان مورغن Morgan أول من أثبت الترتيب الخطي للمورثات على الصبغيات، وأشار إلى أن درجة (أو شدة) الارتباط بين المورثات تتوقف على المسافات التي تفصل بينها. أما في حالة الوراثة المندلية Mendelian genetics فإن ما يعرف بالتوزع المستقل للصفات يحدث عندما تقع المورثات المسؤولة عنها في صبغيات مختلفة.

العبور الوراثي genetic crossing- over، هو تبادل فيزيائي في مواقع بعض المورثات على الصبغيات القرينة، مؤدياً إلى تكوين اتحادات جديدة (عبورية) تختلف عن الأنماط الأبوية. وتحدث هذه الظاهرة في نسبة معينة من الأعراس الناتجة من أفراد غير متماثلة اللواقح. أما في الحالات العادية، التي لا يحدث فيها العبور الوراثي، فإن المورثات المرتبطة تنتقل كوحدة واحدة من جيل إلى آخر.

من أوائل التجارب التي أوضحت مفهومي الارتباط والعبور، تجربة نفّذها بانِت Punnett وباتسون Bateson على البازلاء، درسا فيها الصفات الآتية:

أزهار حمراء = R-، أزهار بيضاء = rr.

حبوب طلع طويلة = L-، حبوب طلع مستديرة = ll.

الآباء:

 

 ppll  X PPLL

   

لجيل الأول:

 

 PpLl

   

الجيل الثاني:

النمط الوراثي

العدد الملاحظ

العدد المرتقب

النسبة المرتقبة

 

P-L-

284

215

9

 

P-ll

21

71

3

 

ppL-

21

71

3

 

ppll

55

24

1

 

الجدول (1)

ووجدا زيادة في عدد أعراس المورثتين PL وpl بالموازنة مع أعراس المورثتين Pl وpL، وهذا ما توضحه دراسة توزع الصفات في الجيل الثاني وفق الجدول (1).

وتوضح هذه النتائج عدم وجود توزع مستقل للمورثات (ومن ثم الصفات) وحدوث ظاهرتي الارتباط والعبور الوراثيين.

يتضح مما سبق أن الارتباط يمثل علاقة فيزيائية بين المورثات، ومن ثم فإن الحصول على اتحادات جديدة يتم عن طريق انقسام وتبادل فيزيائي بين أشفاع المورثات المتوضعة بترتيب خطي على الصبغيات المتقابلة، إذ تتعلق نسبة العبور بطول المسافة بين المورثتين المتجاورتين، فبازدياد هذه المسافة تزداد فرصة حدوث التصالب chiasma بين شفعي الصبغي، والعكس صحيح. وغالباً ما يكون الارتباط تاماً بين المورثتين اللتين تكونان أقرب ما يمكن من منطقة القُسَيْم (الجزيء) المركزي centromere، علماً بأنه لا يوجد ارتباط تام في معظم الأنواع المتكاثرة جنسياً إلا نادراً.

الشكل (1)

أشار مورغان عام 1910 إلى أن الحصول على اتحادات جديدة يكون نتيجة تبادل أجزاء بين أشفاع الصبغيات في أثناء الانقسام المنصف (الاختزالي) meiosis، ففي الطور التحضيري الأول prophase I وفي الدور التزاوجي zygotene تقترب الصبغيات المتناظرة ويحصل الاقتران synapsis بين جميع الأجزاء المتشابهة على الصبغيات القرينة ويستمر حتى الدور الضام pachytene، حيث ينقسم كل صبغي إلى كروماتيدتين chromatids وتصبح الوحدة الثنائية مكونة من أربع كروماتيدات مشكلة ما يسمى الرباعيات tetrads. وقد لوحظ في نهاية هذا الدور أو بداية دور التضاعف diplotene تشكل تصالب واحد أو أكثر على شكل حرف (X)، تتقاطع فيه الكروماتيدات غير الشقيقة معاً، ويلي ذلك حدوث انقسام في منطقة التقاطع، والتحام جديد (الشكل 1).

أ ـ (اليسار): انعزال زوجين من المورثات المحمولة على زوجين من الصبغيات والحصول على نوعين من الأعراس (من دون عبور).

ب ـ (اليمين): الحصول على أربع أنواع مختلفة من الأعراس نتيجة لحدوث عبور مفرد.

تطبيقات العبور الوراثي

رسم الخرائط الصبغية هو من أهم تطبيقات ظاهرة هذا العبور إذ يحدد فيه ترتيب تتابع المورثات في الصبغي الواحد والمسافات الصبغية بينها. وتقدر المسافة الصبغية بين موقعي مورثتين بالمسافة التي تسمح بحدوث نسبة عبور مقدارها 1%. فإذا كانت نسبة العبور 15% بين المورثتين A وB مثلاً، فإن هذا يعني أن المسافة بينهما هي 15وحدة عبورية أو سنتي مورغان Centi Morgan.

ولأن نسبة الاتحادات الجديدة بين المورثتين المرتبطتين ثابتة في ظروف بيئية محددة فإن هذا التكرار الثابت والمسمى بالقيمة العبورية يساعد على رسم الخارطة الصبغية. ويمكن ايضاح طريقة ذلك كما يأتي:

لتحديد مواقع ثلاث مورثات على صبغي معين، تجرى تجربة تدعى تجربة الثلاث نقاط، اعتماداً على العلاقة الهندسية بين ثلاث نقاط واقعة على خط مستقيم، فإذا كانت المورثات A وB وC واقعة على صبغي واحد، فإن المسافة AC هي إما حاصل جمع أو طرح المسافتين AB وBC.

فإذا افترض أن نسبة العبور بين A وB = 5% (أي المسافة بينهما هي خمس وحدات صبغية).

وبين A و C= 7% وبين B وC =12%، أمكن القول إن المورثة A تقع بين B وC على النحو الآتي:

أما إذا كانت نسبة العبور بين B وC مساوية لـ 2% فإن ترتيب هذه المورثات يكون على النحو الآتي:

 

مثال: الصفات الثلاث «الجسم الأصفر والعيون البيضاء والجناح الملتحم العروق» متنحية ومرتبطة بالجنس في ذبابة الخل، وتوجد بينها قيم العبور الآتية:

1.5% بين مورثتي الجسم الأصفر (y) والعيون البيضاء (w).

5.4% بين مورثتي العيون البيضاء (w) والجناح الملتحم العروق (v).

6.9% بين مورثتي الجسم الأصفر (y) والجناح الملتحم العروق (v).

وعلى ذلك يمكن تعيين مواقع المورثات المذكورة على الصبغي X على النحو الآتي:

وبافتراض أن عبوراً في منطقة صبغية معينة لا علاقة له بعبور في منطقة أخرى من الصبغي ذاته، فإن احتمال حدوث عبورين في وقت واحد في موقعين مختلفين من الصبغي الواحد يكون مساوياً لجداء الاحتمالين المستقلين لكل منهما، وإن حدوث عبور مفرد في منطقة ما من الصبغي يخفض قليلاً أو كثيراً من احتمال حدوث عبور آخر مفرد في منطقة أخرى من الصبغي نفسه وهو ما يعرف بالتداخل (أو التعارض) interference. وعملياً فإن حدوث العبور المزدوج أو المتعدد يخفض كثيراً من نسب العبور.

ساعد تحديد المسافات الوراثية ومن ثم تحديد نسب العبور الحقيقية في رسم الخرائط الصبغية chromosome maps لعدد كبير من الكائنات مثل ذبابة الخل وعدد من البكتريا والذرة الصفراء والقمح والشعير وفول الصويا وغيرها، ومكّن علماء الوراثة والتربية من تحديد المورثات المسؤولة عن الصفات ومعرفة فيما إذا كانت مرتبطة فيما بينها أم لا. ولهذا الموضوع أهمية كبيرة في وضع برامج التحسين الوراثي الهادفة إلى نقل الصفات الاقتصادية سواء عن طريق التهجين أو التطفير أو بوسائل الهندسة الوراثية.

هذا وقد طورت طرائق حديثة وتقانات معقدة لتجديد مواقع المورثات على الصبغيات، واستخدمت بكفاءة عالية في مشروع الجينوم البشري [ر] الذي أعلنت نتائجه في مطلع القرن الجاري.

محمد معلا

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الوراثة (علم ـ).

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ بدر جابر، أساسيات علم الوراثة (منشورات جامعة تشرين، اللاذقية 1984).

ـ غسان غياث، الوراثة النباتية، (منشورات جامعة دمشق 1980).

ـ أسامة العوا، جرجس شهلا، علم الوراثة (منشورات جامعة دمشق 1978).

ـ محي الدين عيسى، مبادىء علم الوراثة، (منشورات جامعة دمشق 1977).

- L.BENJAMIN, Genes (Oxford Uni­ver­sity, Press 1997).

- F.W.STAHL, Genetic Recombination (W.H. Freeman, New York 1979).

- S. KLUG WILLIAM & R. MICHAEL CUMMINGS, Concepts of Genetics (Prentice Hall Inc., sixth ed. 2000).


التصنيف : الزراعة و البيطرة
النوع : صحة
المجلد: المجلد الثاني عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 881
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 538
الكل : 31170193
اليوم : 71583

داود بن علي الظاهري

داود بن علي الظاهري (201-270هـ/816-884م)   أبو سليمان داود بن علي بن خلف الفقيه الظاهري، مولى أمير المؤمنين المهدي العباسي، عالم بالقرآن والأثر، إمام مذهب الظاهرية وأحد المجتهدين الذين يعتمدون في استنباط الأحكام الشرعية على ظاهر النصوص من القرآن والسنة النبوية، دون تعليل الأحكام، ولا تأويلها، ومن غير أخذ بالقياس والرأي الشامل للاستحسان والمصلحة المرسلة ونحوهما، وكان داود أول من أسس هذا الاتجاه الاجتهادي.
المزيد »