logo

logo

logo

logo

logo

أحمد غران

احمد غران

Ahmad Gran - Ahmad Gran

أحمد غران

(912-950 هـ /1506 -1543م)

 

أحمد غران بن إبراهيم, زعيم صومالي سيد مدينة هَرَر, وإمام دولة عَدَل, وقائد الفتح الإسلامي في إثيوبية, في الربع الثاني من القرن العاشر الهجري/ الربع الثاني من القرن السادس عشر الميلادي. ويسميه المسلمون صاحب الفتح, وأحمد الغازي, وأحمد المجاهد, إلا أنه اشتهر باسم: أحمد غران (أو غرانج كما يسميه الأوربيون أحياناً). ويعني هذا اللقب باللغة الأمهرية, الأَشْول, لأنه كان يضرب بالسيف بيده اليسرى. والمصدر الأول في التعرّف به, وتعرّف أعماله, المؤرخ العربي شهاب الدين أحمد بن عبد القادر الملقب «بعَرَب فَقيه» الذي اشترك معه شخصياً في حركة الجهاد, التي قادها في الحبشة النصرانية, تجاه النجاشيَّيْن لِبْنا دِنْغل (1508-1540م), وابنه كلوديوس (1540-1559م). فقد دون أخباره حتى عام 944هـ /1537م في كتابه «تحفة الزمان», الذي أعطي أيضاً عنوان «فتوح الحبشة».

ولد أحمد في إقليم حوبات من أعمال دولة عدل, في أسرة صومالية عمل أفرادها جنوداً في جيش أمير هرر وهذه الدولة هي إحدى «دول الطراز» الإسلامية التي قامت منذ القرن الثالث للهجرة/ التاسع للميلاد في شرقي وجنوبي شرقي الحبشة. وكانت تقع على الساحل الصومالي, مطلة على خليج عدن ومضيق باب المندب, وكانت تحتوي هرر وزيلع وبربرة, وتتاخم في الشمال منطقة الدناقلة. وهي التي ذكرها المؤرخون والجغرافيون العرب تحت اسم سلطنة زيلع. ويبدو أنها قد حلت منذ القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي محل دولة أوفات(إيفات)[ر] الإسلامية, التي كانت في القرنين السابع والثامن الهجريين/ الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين, أقوى الدول الإسلامية في الحبشة, لسيطرتها على طرق التجارة, وسعيها المتواصل للتخلص من تبعيتها للحبشة وقيادتها للحركة الجهادية تجاهها, فمنذ أن أفل نجم دولة أوفات في عام 818هـ /1415م على إثر سقوطها بيد النجاشي يسحاق واستشهاد أميرها القوي سعد الدين في حربه معه, وتشتت الأسرة العربية في شبه الجزيرة العربية, برز اسم عَدَل بدل أوفات مع أن هذا الاسم لا يذكره المؤرخون العرب ضمن «دول الطراز».

نشأ أحمد وفي دولة عدل صراع على السلطة, بين الطبقة الأرستقراطية الإسلامية التقليدية, التي تمثلها بصفة خاصة فئة التجار ومن يساندها من العلماء, وكانت هذه تدعو إلى دعم السلام مع الحبشة (إثيوبية) ولو بتأدية الجزية, وذلك لضمان مصالحها الاقتصادية, وبين الفئة العسكرية من الصوماليين المسلمين, التي كانت تسعى للتخلص من التبعية الحبشية عن طريق الجهاد, والتوسع في أرض الحبشة, فبذلك يكسب الصوماليون أراضي جديدة ينتشرون فيها, ويحصلون على الكثير من الخيرات والغنائم, وفي الوقت ذاته ينشرون الإسلام. ورافق هذا الصراع الداخلي, صراع خارجي مع الحبشة, ذلك الصراع الذي لم يتوقف منذ القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي. لأن الحبشة كانت حريصة على الحد من النشاط التجاري للمسلمين, وضم بلادهم إليها, ولاسيما أن الأراضي التي كانوا يسيطرون عليها, كانت تفوق في مساحتها أرض مملكة الحبشة النصرانية نفسها. وكانت تلك الأراضي تحيط بها من الجنوب والشرق مما جعلها مطوقة بالمسلمين, إذا ما أضيف إليها من الغرب السودان المسلم أيضاً.

وإلى جانب ذلك, كانت جميع الموانئ على ساحل البحر الأحمر بيد المسلمين, مما عزلها عن العالم الخارجي.

ويبدو أن القدرات العسكرية لأحمد غران قد ظهرت مبكرة, فالأخبار تذكر أنه حضر المعركة التي استشهد فيها الأمير محفوظ حاكم هرر, عام 923هـ/1517 م, وهو لما يتجاوز الثانية عشرة من عمره. وفتح له أخوه غاراد آبون - وكان على رأس الحزب العسكري - باب الطموح عندما قام بالاستيلاء على عرش زيلع عام 931هـ/1525م. مع أن الأهالي ثاروا على هذا الأخ وقتلوه, إلا أن أحمد غران كان قد صمم أن يسير في الطريق نفسها. وواتته الفرصة عندما حقق نصراً حاسماً على الأحباش في معركة أديس أو كبوت عام 933هـ/1527م, تلك المعركة التي انتقم فيها لمقتل الأمير محفوظ. فعلى إثرها, التف حوله بنو جلدته من الصوماليين لما أظهره من شجاعة وحنكة عسكرية, وفي الوقت ذاته تزوج من دِبْل مَعْبره ابنة الأمير محفوظ مكافأة له على نصره. وبذلك ضمن عرش هرر وولاء الطبقة العسكرية الصومالية. وشجعه هذا على أن يزيح عن العرش أمير عدل أبا بكر محمد - وهو من أسرة سعد الدين من آل وَلَشْمَع العربية - وأن يقيم بدلاً منه أميراً من الأسرة نفسها, كان أشبه بالدمية في يده. واكتفى هو بلقب إمام مؤكداً بذلك قيادته الدينية الإسلامية الشعبية, وأنه لا مطمح له في الملك, وإنما همه الإصلاح, والجهاد, وخدمة الإسلام, متشبهاً في ذلك بإمام اليمن, وإمام عُمان.

وبعد أن كوّن جيشاً قوياً من الصوماليين البدو الأشداء, أعلن عن رفضه دفع الجزية للنجاشي, وبدأ بذلك حربه الجدية مع الحبشة, التي استغرقت حياته كلها. ويمكن أن يميز في تلك الحرب مرحلتان:

الأولى: وتمتد خمسة عشر عاماً(933-948هـ/ 1527-1541م). وفيها كان أحمد غران والأحباش يتحاربان وحدهما من دون عون من الخارج. وتمكن في أثنائها من هزيمة النجاشي لبنا دنغل, في معركة مهمة في شِمْبرا كوره Shembra Kuré عام 942هـ/ 1535م, تابع بعدها, لمدة ست سنوات, فتوحاته في أرض الحبشة. فسيطر على الجزء الأكبر منها, وحصل على غنائم كثيرة. إلا أنه لم يفلح في تثبيت انتصاراته, لأن جيشه, المؤلف من صوماليين بداة, لاهم لهم سوى الغزو السريع وكسب الغنائم, لم يكن عوناً له في هذا المجال؛ ناهيك عن نقص السلاح, والاعتماد على الأسلحة القديمة التقليدية.

أما المرحلة الثانية: وهي قصيرة نسبياً لا تتعدى العام إلا قليلاً, فقد تميزت بوصول نجدات للطرفين من الخارج. فقد أرسلت البرتغال إلى إثيوبية النجدة العسكرية التي كان قد طلبها النجاشي منها, لأنها إلى جانب العامل الديني, كانت حريصة على تثبيت أقدامها في موانئ البحر الأحمر, بعد كشفها لطريق الهند.

وكانت النجدة, حملة من أربعمئة جندي ومئة وثلاثين عبداً, بقيادة كريستوفر دوغاما وكانت مزودة بالمدفعية والبنادق. وبالمقابل استنجد أحمد غران بالأتراك العثمانيين في اليمن. وتمكن البرتغاليون في بادئ الأمر من الانتصار, إلا أن أحمد غران عاد فتغلب عليهم, وقتل قائدهم. فأسرع البرتغاليون والأحباش معاً إلى إعادة تنظيم جيشهما, واستطاعا في معركة زَنْطرا Zantra قتل أحمد غران بطلقة رصاصة, فدب الذعر في صفوف جيشه, وتفرق شذر مذر, وكان ذلك في17 ذي القعدة 949هـ/ 22 شباط 1543م.

وعلى الرغم من أن الحرب الجهادية قد توبعت من بعده, من قبل بعض قادته من أسرته نفسها, وأبلت فيها أرملته بلاء حسناً, إلا أن المسلمين أضاعوا ما حققه لهم أحمد غران من فتوح.

ليلى الصباغ

الموضوعات ذات الصلة:

إثيوبية - الصومال.

 

مراجع للاستزادة:

ـ عرب فقيه, فتوح الحبشة, ترجمه للفرنسية رنيه باسه R. Basset تحت عنوان

- Histoire de la conquête de ľ Abyssine (Paris 1897-1901).

 - إبراهيم علي طوخان، « الإسلام والممالك الإسبانية بالحبشة», المجلة التاريخية المصرية, المجلد 8(القاهرة 1959).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 498
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 796
الكل : 60426302
اليوم : 81238

مابين النهرين (موسيقى-)

ما بين النهرين (موسيقى ـ)   قدمت مكتشفات المواقع الأثرية في بلاد ما بين النهرين وثائق وأدوات كثيرة، تثبت تطور الموسيقى وآلاتها الإيقاعية والوترية والنفخية. ومن التصنيف العلمي لهذه المكتشفات توصل العلماء إلى القول: إن سكان بلاد الرافدين قد عرفوا الآلات الموسيقية وطرق استخدامها منذ الألفين الثالث والثاني قبل الميلاد. يقول المؤرخ الموسيقي الشهير كورت زاكس C.Sachs: «إن الطبول وجدت آثارها في بلاد ما بين النهرين منذ عهد السومريين، وكانت على أشكال وهيئات وأحجام متعددة ومتفاوتة، وقد ضمت اثني عشر نوعاً».
المزيد »