logo

logo

logo

logo

logo

غاندارا

غاندارا

Gandhara - Gandhara

غاندارا

 

تقع غاندارا Gandhara في شمال غربي الهند. وكانت تضم أجزاء من بلاد أفغانستان وباكستان، وفيها أدى امتزاج الثقافتين الهندية واليونانية إلى ولادة الفن «اليوناني ـ البوذي» في بيشاور Peshâwar الباكستانية أولاً بين منتصف القرن الأول والقرن الثالث الميلاديين، لينتشر بعدها في مناطق أخرى، ويزدهر في كشمير، ولاسيما في القرنين السابع والثامن.

رأس بوذا غاندارا -القرن الرابع

كان الاسكندر المقدوني غزا تلك البلاد عام 327ق.م، ومع أن اليونانيين لم يمكثوا فيها مدة طويلة؛ إلا أن الغزو المقدوني كان مقدمة لصلات ثقافية استمرت طويلاً بين الهند والأقطار التي تأثرت فنياً بالمدرسة اليونانية الكلاسيكية، وترى في الإنسان مقياس المقاييس الجمالية، فليس هناك أجمل من الإنسان ولا أذكى من عقله ولا أمهر من يديه مما جعل الفنانين يعدون الجسم الإنساني من أهم وسائل التعبير الفني والروحي معاً.

تجلى هذا كله في الفن البوذي في غاندارا التي عالج فيها الفنان البوذي روائعه الفنية متأثراً بالكلاسيكية classicisme وجمالياتها.

وبعد ما كان الفنانون البوذيون في المرحلة الأولى من مراحل تاريخ الفن البوذي الهندي (من القرن الثالث قبل الميلاد حتى القرن الأول الميلادي) في بلاد حوض الغانج، وفي عهود سلالة موريا وسونجا يبنون المباني التذكارية ويبشِّرون بولادة بوذا، وذلك بتصوير حلم أمه «مايا» وهي تبدو مضطجعة نائمة وإلى جانبها فيل كبير أبيض اللون، وبأنها ستلد مولوداً عظيماً وكبيراً كالفيل؛ راح الفنان الهندي في منطقة غاندارا يُقدِم للمرة الأولى على تمثيل بوذا شخصياً متأثراً بالفن اليوناني وجماليته الكلاسيكية.

وهكذا ساد الفن الهندي البوذي طابع إنساني خاص، وظهرت تفصيلات فنية جميلة خاصة كحركة اليدين، والرداء الذي يغطي جسم بوذا ويلتصق به مشكلاً ثنيات عديدة متوازية جميلة التكوين والتشكيل. ويعد تمثال «بوذا جالساً» المحفوظ في متحف جامعة ييل الأمريكية نموذجاً رائعاً لفن النحت البوذي الهندي في منطقة غاندارا.

وثمة تماثيل كثيرة لـ «بوذا واقفاً» بردائه المزين بالثنيات، ويعد تمثال الفتى المزين بالورود المكتشف في هدّا Hadda والمحفوظ في متحف غيمه Guimet في باريس أجمل نموذج يجمع بين جمالية الفن الهندي والفن الهلنستي في غاندارا في بداية القرن الأول الميلادي. وقد أدرك الفنان المبدع جمالية النحت بالإضاءة الموزعة على سطح التمثال وحسن الاهتمام بملامح الوجه والشعر الأجعد.

تطور الفن الهندي البوذي في شمال غربي الهند في غاندارا والولايات الواقعة على تخوم إيران في ولاية بيشاور الباكستانية، وفي كابيسا Kapisa في أفغانستان، ومواقع تنقيبات أثرية في كل من هدّا وباميان Bamyan حيث عثر على آثار تعود إلى عهد سلالة كوشانا Kushana متأثرة بالفن اليوناني، وقد عُرف هذا الفن باسم الفن اليوناني البوذي، وهو يجمع بين روحانية الفن البوذي الهندي وجمالية التشكيل الفني اليوناني الهلنستي.

تمثال بوديستفا فن ماتورا - القرن الثاني (متحف غيمه)

وهناك منحوتات كثيرة من النضيد schiste الأزرق والجص كانت تزين أديرة هدّا يظهر فيها بوذا للمرة الأولى متدثراً برداء ملتصق بجسمه له ثنيات جميلة تبدو كأنها مبللة وذلك على الطريقة اليونانية، ويبدو بوذا في أوضاع مختلفة ذات دلالات رمزية أسهمت في إثراء علم صور الفن البوذي الهندي؛ فالوجه له طابع مثالي كأنه نموذج الرب اليوناني أبولون Apollon مرسوم ببعض عناصر الفن الهندي مثل شحمة الأذن المتطاولة، ودائرة صغيرة بين الحاجبين، وتحوُّل ضفيرة الشعر إلى نتوء في الجمجمة.

وبالمقابل فقد ظهرت مع الفن اليوناني البوذي جمالية الطبيعة المحلية متأخرة ونمت في القرن الأول حتى القرن الثالث الميلادي بطراز ماتورا Mathura ـ أو فن ما قبل غوبتا Goupta.

وفي مناطق ديكان Dekhan في أماراڤاتي Amaravati الواقعة في وادي كريشنا في جنوبي الهند؛ ظهر بين القرنين الأول والرابع الميلاديين أسلوب فني نحتي فقد ثقله الطبيعي المحلي بتأثير الفن اليوناني البوذي فتميز بالبحث عن التعبير بالحركة، وبالوجوه المتطاولة وبانحناءة طقسية لطيفة للجسم ظهرت في عصر سانشي.

في القرن الثالث الميلادي امتزج فن غاندارا بفن ماتورا الهندي الصافي الذي قدم بوذا بخصره النحيل وكتفيه العريضتين، وقد تدثر برداء شفاف، فكوَّن الاثنان معاً فناً يجمع بين الاتجاه الرمزي الذي يؤكد الجانب الروحي في العقيدة، والاتجاه الحسي الجمالي الذي يعبر عن حب الحياة والتفاعل معها، ويقترب في الوقت ذاته من الفن الهندوكي (الهندوسي) التقليدي، واستمر ازدهار هذا الفن حتى القرن الخامس عشر الميلادي حين قضت عليه غزوات قبائل الرعاة الهون Huns.

بشير زهدي

 الموضوعات ذات الصلة:

الهلنستي (الفن ـ) ـ الهندي القديم (الفن ـ).

 مراجع للاستزادة:

ـ سعد المنصوري، فنون الهند ـ محيط الفنون ـ الجزء 2 ـ الفنون التشكيلية (دار المعارف بمصر 1970).

- G. Bazin, Histoire de l’art, de la préhistoire á nos jours (Garamond, Paris 1953).

- PHILIPPE STERN, Résumé du cours d’histoire générale de l’art section et Extrême - orient.


التصنيف : العمارة و الفنون التشكيلية والزخرفية
النوع : عمارة وفنون تشكيلية
المجلد: المجلد الثالث عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 759
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 499
الكل : 31644138
اليوم : 78993

الأكريلي (التصوير-)

الأكريلي (التصوير ـ)   التصوير الأكريلي acrylic painting تقنية حديثة في فن التصوير[ر]، بدأ استعمالها في النصف الثاني من القرن العشرين، باستخدام المساحيق اللونية المعروفة، ولكنها تختلف عن الألوان الزيتية والمائية التقليدية، بأنها معجونة بمستحلبات بوليميرية polymeres. وتلجأ مصانع الألوان إلى إنتاج «الألوان الأكريلية» و«الألوان الفينيلية» و«الألوان الأكريلوـ فينيلية» أي الألوان التي عجنت بالمستحلبين معاً بعد معالجة ملائمة.
المزيد »