logo

logo

logo

logo

logo

المرية

مريه

Almeria - Almeria

المرية

 

المَريَّة Al-Mariyya مدينة ومرفأ كبير من كورة (إقليم) إلبيرة من أعمال الأندلس، يسميها الإسبان ألميريا Almeria. وتزعم بعض المصادر أن اسمها الأصلي مرية بجانة؛ لأنها كانت لصيقة بجانة Pechina (التي شيدها الرومان، وسموها أورسي Urci)، وتبعد عنها بضعة كيلومترات. والمرية اليوم المدينة الرئيسية لمحافظة تحمل اسمها في أقصى الجزء الجنوبي من منطقة الأندلس Andalusia على البحر المتوسط. تغسل مياه المتوسط سواحلها، وتحيط بها جبال عارية وعرة المسالك تجعل من الصعب الوصول إليها برّاً، ويمتد عند قاعدتها بسيط أخضر عشبي. والناحية الوحيدة المنفتحة على الداخل عبر وادي آش تقع عند رأس غاتا Gata Cape. المنطقة قليلة الأمطار كثيرة الرمال، تجرفها السيول السريعة الجريان عند هطل المطر. في حين تسود التربة الخصبة الأودية المحيطة بها، وتكثر فيها الأشجار المثمرة. وقد شهدت هذه المنطقة المتناقضة المظهر أيام رفاه وازدهار في ظل الأندلس المسلمة أطنبت في وصفها المصادر العربية في المشرق والمغرب.

يرتبط تاريخ المرية الإسلامي بتاريخ بجانة التي شهدت ولادتها، وعاصرت تطورها. فقد دخل العرب المسلمون المنطقة إثر الفتح مباشرة (93- 95هـ/713- 715م)، واستوطنتها حتى وادي آش Guadix قبائل عربية يمانية وبعض قبائل البربر. وقد شهدت منطقة المرية إبان الوجود الإسلامي الذي استمر 765 سنة تبدلات كثيرة، فتحولت من بليدة ومرفأ صغير تابع لكورة (إقليم) بجانة إلى مدينة كبيرة وقاعدة مملكة يتبع لها بلدات كثيرة، مثل برجة وداليا وعدرة وقلعة بلش وبليسانة وبرشانة وشانيش وأندراش، وكل هذه المدن وكذلك إلبيرة وغيرها غدت تابعة لسلاطين غرناطة من بني النصر (بني الأحمر) في القرون الأخيرة من عمر الأندلس. أما اسمها «المرية» (وليس المارية) فاختلف فيه، ولعل أصلها المرئية أو مرآة البحر.

قلعة القصبة التي شيدها الناصر في المرية

تجمع المصادر العربية على أن المرية مدينة محدثة شيدها العرب لتكون رباطاً للفتح ومركز مراقبة متقدماً، وليست أزلية (أي قديمة قبل الفتح) كغيرها. وأقيمت عندها وعلى امتداد الساحل محارس (أبراج) للمراقبة والإنذار منذ أواسط القرن الثالث، وسكنتها حاميات دائمة. وحولها الخليفة الناصر الأموي عبد الرحمن الثالث سنة 344هـ/955م إلى مرفأ رئيسي ودار صناعة لأسطوله لموقعها البحري المميز قبالة موانئ الجزائر وتونس، وأقرب موانئ الأندلس إلى الإسكندرية وموانئ شرقي المتوسط. وشيد الناصر قلعتها (القصبة) على نهد صخري إلى الشمال الغربي منها؛ في طرف جبل غُدْر المشرف على حوض المرفأ، وطوقها بسلسلة من الأسوار والأبراج، وعمّرها بالقصور والمساكن والأسواق والحدائق المدرَّجة.

وفي عصر ملوك الطوائف تحولت المرية إلى حاضرة مملكة صغيرة مزدهرة تحت حكم الفتيين العامريين[ر: العامريون في بلنسية] خيران ثم زهير (403 - 429هـ/1013- 1038م)، ثم استقل بها بنو صُمادح (433- 484هـ/1041-1091م)، ثم خضعت للمرابطين فالموحدين فالمرينيين[ر]، ثم ضمت إلى مملكة غرناطة سنة 635هـ/1238م. وكانت موطن عدد من أكابر العلماء والأدباء الأندلسيين، ومنهم الشاعر ابن خاتمة الأنصاري، والجغرافي أحمد بن عمر بن أنس العذري الدلائي (393- 476هـ) والقاضي ابن المرابط محمد بن خلف المري (ت 486هـ). وقد سماها الجغرافيون العرب بوابة الشرق؛ ومفتاح التجارة معه، يرتادها القادمون من المغرب والمشرق، وينطلق منها تجار الأندلس. وفيها يكون ترتيب الأسطول الإسلامي الذي يخرج لغزو الفرنج.

 استولى ألفونسو السابع ملك قشتالة على المرية سنة 542هـ/114م، واسترجعها المسلمون سنة 552هـ. وهاجمها ملك أراغون جيمس الثاني في عام 709هـ/1309م، فلحقها دمار واسع، وهاجر أكثر أهلها إلى المغرب، وعانت اضطرابات داخلية وثورات دموية أنهكت مملكة غرناطة، وعرضتها للسقوط، وثار محمد الزغل على محمد الصغير آخر سلاطين غرناطة، ولجأ إلى المرية، ثم سلّمها إلى ملكي قشتالة فرديناند وإيزبيلا في أوائل عام 895هـ/أواخر 1489م.

ثمة مخطط للمدينة وضعه ل. توريز بلباس L.Torres Balbas في كتابه «المرية الإسلامية» Almeria islamica (قرن 14م)  يبين أن المدينة كانت في القرن الرابع للهجرة بيضوية متطاولة تزيد مساحتها مع القلعة على 19 هكتاراً، ويقدر عدد سكانها بنحو 27000 نسمة، وقد بلغت أوج ازدهارها في عهد المرابطين[ر]، فتكاثر سكانها، واتسعت صناعتها وتجارتها، وكان لها أسطولها التجاري والحربي، واشتهرت بصناعة الديباج (البروكار) والنسيج الموشى بالذهب والفضة والحرير العتابي، ويقال: إنها كانت تضم نحو 1000 مصنع للنسيج (الطراز). وإلى جانب النسيج اشتهرت المرية بصناعة السفن وصناعة الأسلحة والأدوات المعدنية من النحاس والحديد. وتأتيها المنتجات الزراعية من واديي أندراش والمنصورة حيث تنمو أشجار الزيتون والعنب وغيرها من أشجار الفاكهة والموز وقصب السكر. ويستخرج من مقالعها الرخام والمرمر، ومن مناجمها الذهب والفضة وبعض الأحجار الكريمة.

محمد وليد الجلاد

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الأمويون في الأندلس ـ بنو نصر (بنو الأحمر) ـ العامريون في بلنسية ـ عبد الرحمن الثالث ـ غرناطة ـ المرابطون ـ المرينيون.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ ياقوت الحموي، معجم البلدان (دار الكتب العلمية، بيروت 1990).

ـ محمد عبد الله عنان، الآثار الأندلسية الباقية في إسبانيا والبرتغال (مؤسسة الخانجي، القاهرة 1961).

ـ محمد عبد الله عنان، دول الطوائف منذ قيامها حتى الفتح المرابطي (دار الكاتب العربي، القاهرة 1969).

ـ أحمد بن حمر العذري الدلائي، ترصيع الأخبار، تحقيق عبد العزيز الأهواني (مدريد 1965).


التصنيف : التاريخ
المجلد: المجلد الثامن عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 458
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 598
الكل : 31778495
اليوم : 53956

التدابير التحفظية

التدابير التحفظية   التدابير التحفظية preventive measures هي إجراءات يتخذها القضاء لحماية أموال أو لصون حقوق، وذلك خشية أن يؤدي الزمن الطويل الذي يستغرقه حسم النزاع أمام القضاء بحكم مبرم، إلى تعرض الحقوق التي سيحكم بها للضياع أو الانتقاص، إذا ما قام المدين بعد إقامة الدعوى وتبلغها في مدة التقاضي الطويلة بتهريب الأموال محل النزاع أو أمواله الخاصة تخلصاً من التنفيذ عليها بعد صدور الحكم لمصلحة المدعي (صاحب الحق). وقد أوجد الشرع هذه التدابير المتنوعة ونص عليها في نصوص متفرقة انطلاقاً من حماية الحق موضوع الادعاء.
المزيد »