logo

logo

logo

logo

logo

معز الدولة البويهي

معز دوله بويهي

Mu'izz al-Daula al-Buwayhi - Mu'izz al-Daula al-Buwayhi

معز الدولة البويهي

(303 ـ 356هـ/915 ـ 967م)

 

أحمد بن بويه بن فناخسرو بن تمام ابن كوهي، السلطان معزّ الدولة أبو الحسين البويهي، والبويهيون سلالته من أبرز السلالات التي ظهرت في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي، وهي ذات تقاليد شيعية وكانت تقطن بلاد الديلم جنوب غربي بحر قزوين.

تمكن بنو بويه من مدّ سلطانهم على كثير من المناطق، إذ تمكن علي بن بويه من مدِّ سلطانه على بلاد الكرج إلى الأهواز، وتولى أخوه أحمد السلطة في كل جهات فارس الجنوبية، عندها كاتبه قواد بغداد وطلبوا منه المسير إليهم والاستيلاء على المدينة، ومن هؤلاء »ينال كوشه«عامل واسط الذي كاتب أحمد ودخل في طاعته واستقدمه.

تحرك أحمد من الأهواز ودخل العراق فاضطرب الناس ببغداد، فلما وصل إلى شرقي العراق زاد اضطراب الناس واختفى الخليفة العباسي المستكفي وأمير الأمراء ابن شيرزاد، ولما تملك أحمد بغداد في سنة 334 هـ / 945 م، تنافس الخليفة وأمير الأمراء في تأييده خوفاً من أن ينكل بهما، فوصل إليه الخليفة، ووقف بين يديه طويلاً وخلع عليه ولقّبه معزّ الدولة، ولقّب أخاه علياً عماد الدولة، وأخاه الحسن ركن الدولة.

أبقى معز الدولة على الخلافة العباسية لاعتبارات سياسية فقط، واستولى البويهيون على جميع أملاك الخليفة العباسي ودفاتره، وخصصوا له راتباً يومياً قدره خمسة آلاف درهم لم يكن يصله بانتظام، ثم قطع معز الدولة هذا الراتب وحددّ له إقطاعات يعيش منها. وجعلوا وظيفة أمير الأمراء وراثية في الأسرة البويهية، وظلت بأيدي أحفادهم حتى سنة 447 هـ /1055م.  وقد أهان معزّ الدولة الخلافة العباسية بإهانة الخليفة المستكفي عندما قبض عليه وسمل عينيه، ولإضعاف سلطة الخليفة عين ابنه بختيار أميراً للأمراء في سنة 334 هـ /945م.

ولم تقتصر سياسية معزّ الدولة على الحدّ من نفوذ الخليفة العباسي في بغداد، بل عمل أيضاً على إقرار نفوذه في البلاد التابعة للدولة العباسية، فعمل على إضعاف الحمدانيين في الموصل، والبريديين في البصرة، فاستأثر بالسلطة من دون الخليفة الذي لم يعد له من الخلافة إلا اسمها.

وعندما تسلّم المطيع لله الخلافة، استأثر معز الدولة بالسلطة دونه، وسلب منه حق إقامة وزير على ديوانه، وصار يتدخل في تعيين كاتبه على الإخراجات والإقطاعات.

وكان لهذه السياسة وغيرها أسوأ الأثر في العراق، فقامت الفتن الطائفية وثار الجند وانتشرت الفوضى وساد الفزع.

ومن أهم الأحداث في عهد معزّ الدولة حربه ضد الحمدانيين في الموصل، وضد البريديين في البصرة، فعلى إثر خلع الخليفة المستكفي ومبايعة المطيع لله، جهز ناصر الدولة بن حمدان صاحب الموصل جيشاً كبيراً لقتال معز الدولة وطَرْدِهِ من بغداد لأنه ساءه استيلاء المعز على بغداد، وخلعه المستكفي وسلبه حقوق الخلافة، فبلغ ذلك معز الدولة فجهز جيشاً وأرسله لملاقاته، فلما انهزم جيش البويهيين أمام الحمدانيين في بادئ الأمر، اضطر معز الدولة إلى أن يجهز جيشاً قاده بنفسه وأخذ معه الخليفة المطيع لله وسار إلى تكريت وكانت تحت نفوذ الحمدانيين فنهبها، وعاد بصحبة الخليفة إلى بغداد ونزلا بالجانب الشرقي وكان ناصر الدولة بالجانب الغربي منها، ثم قامت حرب شديدة بين الفريقين، إلى أن استقر معز الدولة البويهي في بغداد وناصر الدولة الحمداني في عكبرة، وظلت المناوشات قائمة بين الطرفين حتى تم الصلح بينهما.

وفي السنة نفسها التي استولى فيها معز الدولة على بغداد عام 334 هـ /945م، اصطلح مع أبي القاسم البريدي الحاكم في البصرة، إلا أن هذا الصلح لم يستمر طويلاً، ففي السنة نفسها انتفض ابن البريدي بالبصرة، فأرسل معز الدولة جيشاً لقتاله، ثم جهز جيشاً آخر بنفسه سنة 336 هـ /947م، ومعه الخليفة المطيع لله قاصداً طرد ابن البريدي من البصرة، فلما وصل قريباً منها هرب ابن البريدي إلى هجر قاعدة القرامطة الأساسية، ودخل معز الدولة البصرة وملكها، وأسقط إمارة البريديين.

تربع معز الدولة في السلطنة في بغداد اثنتين وعشرين سنة ( 334 . 356هـ/945 . 966م) استأثر فيها بالسلطة من دون الخليفة، ومد نفوذه على جميع بلاد العراق، وخُطب له في عمان، وكانت علاقته بأخويه عماد الدولة علي في فارس وركن الدولة حسن في الري وهمذان وأصبهان تقوم على أساس متين من المودة والصفاء، وظل يعمل على تحقيق سياستة حتى اعتراه المرض الذي مات منه وهو في طريقه لحرب صاحب البطائح على مقربة من البصرة، فوافته المنية، وهو في الثالثة والخمسين من عمره، فخلفه ابنه عز الدولة بختيار.

 

عمار النهار

الموضوعات ذات الصلة:

البويهيون.

مراجع للاستزادة:

ـ إبراهيم الكروي، البويهيون والخلافة العباسية (دار العروبة،الكويت 1982 ).

ـ عبد العزيز الدوري، دراسات في العصور العباسية المتأخرة (بغداد 1945م).

ـ علي الأعظمي، تاريخ الدولة الفارسية في العراق (بغداد 1927م).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد التاسع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 92
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1137
الكل : 35081407
اليوم : 144367

تقي الدين محمد بن معروف

تقي الدين محمد بن معروف (نحو 932 ـ 993هـ/1525 ـ 1585م)   تقي الدين محمد بن معروف بن أحمد، عالم فلكي، وراصد رياضي ومهندس ميكانيكي، اشتهر أوائل الحكم العثماني. ورد اسمه كاملاً ومدوناً بخط يده على مخطوط له عنوانه «الطرق السنية في الآلات الروحانية». يرجع في نسبه إلى الأمير ناصر الدين منكويرس، ابن الأمير ناصح الدين خمارتكين. أشارت معظم المراجع إلى أنه من مواليد مدينة دمشق، ثم انتقلت أسرته إلى مصر، حيث استقرت فيها. نشأ تقي الدين في بيت علم ودين، فقد كان والده قاضياً في مصر. ودرس هو علوم عصره، وأصبح قاضياً مثل أبيه. تحدث عن نفسه في أحد مؤلفاته، وهو «سدرة منتهى الأفكار في ملكوت الفلك الدوار» فقال: «ولما كنت ممن ولد ونشأ في البقاع المقدسة، وطالعت الأصلين «المجسطي»، و«كتاب إقليدس في الأصول» أكمل مطالعة، ففتحت مغلقات حصونها، بعد الممانعة والمدافعة. ورأيت ما في الأزياج المتداولة (الجداول الفلكية) [ر] من الخلل الواضح، والزلل الفاضح، تعلق البال والخلد بتجديد تحرير الرصد». وهذا يدل على أن تقي الدين قد اطّلع على الكتب العربية التي وردت فيها الأرصاد والحسابات الفلكية والأزياج فسعى لإصلاحها. واستخرج زيجاً وجيزاً مستعيناً بأبحاث أَلُغ بك، كما ذكر في كتابه «الدر النظيم في تسهيل التقويم». ويبدو من أقوال تقي الدين، التي وردت في كتابه «الطرق السنية في الآلات الروحانية» أنه زار اصطنبول، مع أخيه عام 953هـ/1546م. وربما كان ذلك بحكم وظيفته، أو رغبة في طلب العلم.  وفي تلك المدينة قام بمشاركة أخيه بتصميم آلة لتدوير سيخ اللحم على النار، فيدور من نفسه من غير حركة الحيوان. عمل تقي الدين في خدمة الوالي علي باشا، الذي كان يحكم مصر من قبل السلطان سليمان القانوني، بدءاً من عام 956هـ/1549م. فأهداه كتابين من مؤلفاته وهما «الطرق السنية في الآلات الروحانية»، و«الكواكب الدرية في البنكامات الدورية». وجاء في كتاب «كشف الظنون» أنه في عام 975هـ/1568م ألف تقي الدين كتاب «ريحانة الروح في رسم الساعات على مستوى السطوح» في قرية من قرى نابلس. ثم شرحها العلاّمة عمر بن محمد الفارسكوري شرحاً بسيطاً بإشارة من المصنف، وسماها «نفح الفيوح بشرح ريحانة الروح»، وفرغ منها في ربيع الأول 980هـ، ولها ترجمة إلى اللغة التركية موجودة نسخة منها في المكتبة الظاهرية بدمشق. رحل تقي الدين بعد ذلك إلى اصطنبول، حيث تقرّب من الخواجه سعد الدين، معلّم السلطان، وصار من خواصه الملازمين. ونظراً لبراعة تقي الدين في العلوم الفلكية دعمه الخواجه سعد الدين ليكون رئيساً للمنجمين في أواخر حكم السلطان سليمان، وكان ذلك عام 979هـ/1571م. كان تقي الدين يرغب في إنشاء مرصد في اصطنبول، على غرار مرصد مراغة، الذي أنشأه أَلُغ بك، لذلك قدّم تقريراً للسلطان، عن طريق الصدر الأعظم محمد باشا، ووساطة الخواجه سعد الدين، وشرح في تقريره أن الجداول الفلكية الموجودة صارت غير قادرة على إعطاء معلومات صحيحة، لذلك صارت الحاجة ملحة لعمل جداول فلكية تستند إلى أرصاد جديدة. استجاب السلطان لطلب تقي الدين، وبدأ بإنشاء المرصد أوائل عام 983هـ/1575م، وانتهى بناؤه وتجهيزه بالأجهزة والأدوات بعد ذلك بعامين. وحدث في ذلك الوقت ظهور مذنب في سماء اصطنبول، ولما شاهده تقي الدين في مرصده تقدم بالتهنئة للسلطان، متنبأ له بالنصر على الفرس، الذين كانوا في حرب مع الدولة العثمانية. وقد تحقق ذلك النصر، لكنه لم يكن مجرداً من الخسائر الفادحة. كما أن وباء الطاعون انتشر انتشاراً واسعاً في ذلك الوقت. فانتهز الفرصة قاضي زاده شيخ الإسلام هو وجماعته المنافسون للصدر الأعظم وللخواجه سعد الدين، وشنوا حملة معادية لإنشاء المرصد، ونجحوا بإقناع السلطان بهدمه، فتم لهم ذلك في عام 1580م. كان السلطان مراد قد كافأ تقي الدين، عقب إنشائه المرصد، فمنحه راتب القضاة، كما منحه قطائع درت عليه دخلاً كبيراً. إلا أن هدم المرصد كان له تأثير سيء في نفس تقي الدين، وقد توفي بعد ذلك بخمس سنوات، ودفن في مدينة اصطنبول. كان تقي الدين، كما يقول عن نفسه، في كتابه «الكواكب الدرية في البنكامات الدورية»، مغرماً منذ حداثته بمطالعة كتب الرياضيات، إلى أن أتقن الآلات الظلية والشعاعية علماً وعملاً، واطلع على نسب أشكالها وخطوطها. كما اطّلع على كتب الحيل الدقيقة والميكانيك، ورسائل علم الفرسطون والميزان وجر الأثقال. وكان يتقن معرفة الأوقات ليلاً ونهاراً، معتمداً على عدة أشكال من الآلات، وخاصة البنكامات الدورية (الساعات). وقد دوَّن فن الساعات الميكانيكية ومبادئها، وذكر عدداً من الآلات التي اخترعها. ولكي يبرهن على مدى تقدمه في العلوم الرياضية، ورغبته في نشر المعرفة، وضع عدة مؤلفات، منها رسالة «بغية الطلاب في علم الحساب»، وكتاب في الجبر عنوانه «كتاب النسب المتشاكلة». وكتاب في الفلك عنوانه «سدرة منتهى الأفكار في ملكوت الفلك الدوّار». وسجل في كتابه الأخير المشاهدات الفلكية التي حققها في مرصد اصطنبول. ووصف الآلات التي استعملها فيه، وماكان منها من مخترعاته، محتذياً في ذلك حذو العلامة نصير الدين الطوسي الذي كان يعدّه المعلم الكبير. كان تقي الدين وافر الإنتاج العلمي، قام بتصنيف عدد من الرسائل والكتب، ولما يزل أكثرها مخطوطات محفوظة في عدة مكتبات عالمية. وفي عام 1976 قام أحمد يوسف الحسن بتحقيق ودراسة مخطوط «الطرق السنية في الآلات الروحانية»، ونشره مصوراً في كتاب عنوانه «تقي الدين والهندسة الميكانيكية العربية»، وبين بالرسم والشرح شكل وعمل الآلات التي وردت في هذا الكتاب، وقال: «إن أهمية كتاب الطرق السنية في أنه يكمل حلقة مفقودة في تاريخ الثقافة العربية، وتاريخ الهندسة الميكانيكية». أما موضوعات الكتاب فتشمل مقدمة وستة أبواب. تكلم تقي الدين في مقدمة هذا الكتاب على الآلة المعروفة بحق أو علبة القمر، وهي مشابهة في تركيبها للساعات الميكانيكية. وفي الباب الأول: تكلم على أربعة أصناف من البنكامات، وهي ساعات رملية أو مائية، مما عرفه العرب في مطلع حضارتهم. وفي الباب الثاني: ذكر ثلاث آلات لجر الأثقال. وفي الباب الثالث: وصف أربع آلات لرفع الأثقال ومثلها لرفع الماء. وفي الباب الرابع: تكلم على عمل آلات الزمر الدائم والنقارات (ثلاثة أنواع) والفوارات المختلفة الأشكال (أربعة أنواع). وفي الباب الخامس ذكر أنواعاً شتى من آلات طريفة (أحد عشر نوعاً). وفي الباب السادس: وصف لسيخ اللحم الذي يدور بصورة آلية على البخار.   محمد زهير البابا   مراجع للاستزادة:   ـ بنو موسى بن شاكر، الحيل، تحقيق أحمد يوسف الحسن (معهد التراث العلمي العربي، حلب). ـ تقي الدين، الطرق السنية في الآلات الروحانية، تحقيق أحمد يوسف الحسن (معهد التراث العلمي العربي، حلب).
المزيد »