logo

logo

logo

logo

logo

المسبحي (محمد بن عبيد الله-)

مسبحي (محمد عبيد الله)

Al-Masbihi (Mohammad ibn Ubaydullah-) - Al-Masbihi (Mohammad ibn Ubaydullah-)

المسبِّحي (محمد بن عبيد الله ـ)

(366 ـ 420هـ/977ـ 1029م)

 

محمد بن أبي القاسم عبيد الله بن أحمد بن إسماعيل بن عبد العزيز، الأمير المختار، عزّ الملك، المعروف بالمسبّحي الكاتب، الحرّاني الأصل، المصري المولد. أتت أسرته إلى مصر من «حرّان»، وفي مصر ولد محمد. ولا يٌعرف شيء عن حياته الأولى، ولا عن تربيته وتكوينه، ولكن يبدو من آثاره التي نسبت إليه، والتي وصل القليل منها، أنه تلقّى ثقافة أدبية وعلمية واسعة، ويظهر أنه بدأ حياته العامة جندياً ورجل إدارة، لأنه كان يرتدي زيّ الجند، وأنه اتصل بخدمة «الحاكم بن العزيز العبيدي» صاحب مصر، وقد ذكر المسبّحي في تاريخه أن أول تصرفه في خدمة الحاكم كان في سنة 398هـ، وذكر فيه أيضاً أنه تقلّد إدارة «القيس» (الفيوم) و«البهنسا» من أعمال الصعيد، ثم تولّى ديوان الترتيب، وكان يومئذٍ من مناصب الوزارة المهمة، ثم اصطفاه الحاكم وعيّنه في بطانته الشخصية.

وظلّ ذا حظوة حتى وفاة الحاكم بأمر الله سنة 411هـ، ولا يُعرف كيف كانت صلة المسبِّحي بالبلاط الفاطمي بعد وفاة الحاكم، ويبدو أنه اعتزل الحياة العامة، وانقطع للبحث والكتابة، وقد وضع كثيراً من مؤلفاته في هذه  الفترة من حياته التي امتدت بعد ذلك تسعة أعوام، وكان مما دفع الحاكم بأمر الله إلى تقريب المسبّحي منه صفاته الباهرة، فقد كان عارفاً بعلوم عصره، وكان راوية ومحدّثاً ساحراً، وكان شغوفاً بعلم النجوم الذي كان يشغف به الحاكم بأمر الله، وقد وضع المسبّحي فيه أكثر من مؤلف، وخصص حياته ومواهبه الممتازة لدراسة مصر وأحوالها وتاريخها، ووضع ذلك في تاريخه الكبير أو موسوعته الضخمة عن تاريخ مصر، والذي لو لم يذهب به الزمن وبكثير من آثاره، لبقي أعظم أثر عن مصر وتاريخها في المرحلة الأولى من الحكم الفاطمي.

وقد عدّد ابن خلّكان في كتابه «وفيات الأعيان» مصنّفات المسبّحي، وفيها ما يدل على ما كان يتمتع به ذهن المسبّحي الممتاز من نواحي التفكير والثقافة المتعددة، فقد ألّف المسبّحي في التاريخ والجغرافية والاجتماع والفلك، كتباً بل موسوعات ضخمة بلغت نحو ثلاثين مصنّفاً، منها كتاب «التاريخ الكبير» في ثلاثة عشر ألف ورقة، وهو عن أخبار مصر ومن حلّها من الولاة والأمراء والأئمة والخلفاء، وما بها من العجائب والأبنية، واختلاف أصناف الأطعمة، وذكر نيلها، وأسفار الشعراء، وأخبار المغنين، ومجالس القضاة والحكام، والأدباء، والمتغزّلين وغيرهم، وكتاب «التلويح والتصريح» وهو في معاني الشعر، وغيره، وهو في ألف ورقة، وكتاب «الراح والارتياح» وهو في ألف وخمسمئة ورقة، وكتاب «الغرَق والشَرَق» وهو في ذكر من مات غرقاً وشرقاً في مئتي ورقة، وكتاب «الطعام والإدام» وهو في ألف ورقة، وكتاب «درك البغية» في وصف العبادات والأديان، وهو في ثلاثة آلاف وخمسمئة ورقة، وكتاب في «قصص الأنبياء» عليهم السلام وأحوالهم وهو في ألف وخمسمئة ورقة، وكتاب «الأمثلة للدول المقبلة» وهو في النجوم والحساب، في خمسمئة ورقة، وكتاب «القضايا الصائبة في معاني أحكام النجوم» في ثلاثة آلاف ورقة، وكتاب «جونة الماشطة» في غرائب الأخبار والأشعار والنوادر في ألف وخمسمئة ورقة، وكتاب «الشجن والسكن في أخبار أهل الهوى وما يلقاه أربابه» في ألفين وخمسمئة ورقة، وكتاب «السؤال والجواب» في ثلاثمئة ورقة، وكتاب «مختار الأغاني ومعانيها». وغير ذلك كثير، غالبيتها العظمى ضاعت.

ومما سبق نفهم أن المسبِّحي ترك مصنّفات ضخمة، وآثاراً حافلة، تنم على غزارة إنتاج فكري مدهشة، وتشهد هذه الآثار من حيث تنوعها لصاحبها بطرافة يندر توافرها في رجل واحد.

بيد أنه لم يصل من هذا التراث شيء يذكر، وكل ما حُصِل عليه شذرات التقطت من بعض الكتب التي استقت معلوماتها من كتبه، وخاصة تاريخه الكبير عن مصر، والذي وصل منه القليل القليل.

كان المسبِّحي شاعراً أيضاً، وله شعرٌ جيد، ومنه هذه الأبيات التي رثى بها أم ولده، وهي:

ألا في سبيلِ اللهِ قلبٌ تقطّعا

                          وفادحةٌ لم تبقِ  للعينِ مدمعا

أصبراً وقد حلّ الثرى مَنْ أودّهُ

                          فللهِ همٌّ ما أشدَّ و أوجعــا

فياليتني للموتِ قد متُّ قَبْلَها

                          وإلا فليتَ الموتَ أذهَبْنا معا

ومن شعره أيضاً، هذه الأبيات التي أنشدها على البديهة حين زاره أبو محمد عبيد الله بن أبي الجوع، الأديب الوراق:

حللْتَ فأحللْتَ قلبي السرورا

                وكادَ لفرحتهِ أنْ يطيرا

وأمطرَ عِلمكَ سُحُب السماءِ 

                          ولولاكَ ما كان يوماً مطيرا

تضوّعَ نَشْرُك لمّا وردْتّ

                          وعادَ الظلامُ ضياءً منيرا

وكان ابن أبي الجوع شاعراً أديباً، له أشعار كثيرة  في المراسلات والمعاتبات، وكان نسخه في غاية الجودة.

وللمسبِّحي أيضاً قصيدة رثى بها والده حين تُوفي، جاء فيها:

خطبٌ يقلُّ له البكاءُ وينطوي

                          عنه العزاءُ ويَظْهَرُ المكتومُ

يا دهرُ قد أنشَبْتَ فيّ مخالبا

                          بالأســودين لوقعهنّ كلومُ

بأبي فجعْتُ فأيُ ثكلٍ مِثْلُه  

                          ثكلُ الأبوةِ في الشبابِ أليمُ 

قد كنتُ أجزعُ أن يلمَّ بهِ الردَى

                أو يعتريهِ مِنَ الزمانِ همومُ

عبدو محمود

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ ابن خلكان، وفيات الأعيان (بيروت 1971).

ـ محمد عبدالله عنان، مؤرخو مصر الإسلامية (القاهرة 1969).

ـ ابن عماد الحنبلي، شذرات الذهب (بيروت، طبعة مصورة، د.ت).

ـ ابن الأثير الجزيري، اللباب في تهذيب الأنساب (دار صادر، بيروت، د.ت).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الثامن عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 511
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 581
الكل : 31690849
اليوم : 45431

ابن حبيب (محمد-)

ابن حبيب (محمد -) (… - 245هـ/ … -860م)     أبو جعفر محمد بن حبيب بن أمية ابن عمرو الهاشمي بالولاء. من علماء بغداد باللغة والشعر والأخبار والأنساب الثقات، وحبيب اسم أمه، ولذلك يمنع من الصرف. ولا يعرف أبوه. وكانت أمه مولاة لمحمد بن العباس من بني هاشم، فنسب ابنها إليهم أيضاً. وهو لغوي كوفي المذهب من أصحاب الفرّاء، كما ذكر الزبيدي في طبقاته (ولم يكن بصرياً خلافاً لما ذكر بروكلمان في تاريخ الأدب)، ثم صار من علماء بغداد.
المزيد »