الشيوعية
شيوعيه
Communism - Communisme
الشيوعية
الشيوعية Communism نظام اقتصادي ـ اجتماعي لا طبقي، الملكية فيه عامة، والعمل لكل الناس بحسب قدراتهم، ولكل فرد نصيب من الثروة العامة بحسب حاجاته. والشيوعية هي المرحلة الأعلى للاشتراكية[ر]، وبصفتها حركة سياسية، عمادها الأيديولوجي فلسفة المادية الجدلية[ر]. ويفترض من الدول التي تعتنق الشيوعية أن تساند المادية الجدلية فلسفة «رسمية» للدولة، وتأخذ بتطبيقها الاجتماعي وهو المادية التاريخية[ر].
تعود بدايات الأفكار الشيوعية إلى ما قبل الميلاد، إلى جمهورية أفلاطون[ر] (370ق.م) أولى مصنفات الشيوعية. التي لا تطلب المساواة للجميع، إنما تطلبها للنخبة الحاكمة، لأن انهماك هؤلاء في اقتناء الثروات، لا يساير الفضائل العليا، إضافة إلى أن المال والملكية هما جذور كل الشرور. وحديثاً، في القرن السادس عشر، نادى توماس مور More في كتابه «الطوبى» Utopia ت(1516) بالشيوعية، وأدخل ـ على العكس من أفلاطون ـ الجميع في نظامها، وإن كان قد استبقى العبيد لأداء الأعمال الشاقة والكريهة. كما تصور الإيطالي توماس كامبانيللا T.Campanella مدينة شيوعية على منوال يوتوبيا توماس مور وجمهورية أفلاطون، يتقاسم فيها الجميع العمل والثروة والنساء، وتؤلف الإنسانية جمعاء فيها امبراطورية واحدة، وأطلق عليها اسم مدينة الشمس Civitas Solis. وفي القرنين السابع عشر والثامن عشر كثرت دعوات الشيوعية، وأنتجت العديد من المؤلفات التي تتفق فيما بينها على أن المنافسة على الملكية هي أصل الخطيئة والجريمة والاضطراب.
وفي القرن التاسع عشر، دوّن ماركس Marx بالاشتراك مع أنغلز Engles البيان الشيوعي الشهير (1848)، حللا فيه الرأسمالية والاشتراكية الزائفة، وقدما تفسيراً للتاريخ يمهد لقيام النظام الشيوعي. وعرفت نظريتهما باسم «الاشتراكية العلمية» أو الشيوعية. ولما كان مصطلحا «الاشتراكية» و«الشيوعية» يستخدمان على التبادل، فقد أشار ماركس إلى أن الاشتراكية هي مرحلة أولى للانتقال إلى الشيوعية. فقد تبدو الاشتراكية والشيوعية متشابهتين، لكن تملك الأشياء، والأشياء التي تطالبان بتملكها، أمران مختلفان في النظامين، فأشياء الشيوعية هي السلع الاستهلاكية، وأشياء الاشتراكية هي الإنتاج. وهذه نقطة اختلاف رئيسية بين الاشتراكية (التي تركز على الإنتاج، وتنادي «من كل حسب قدراته ولكل حسب عمله وإنتاجه»)، والشيوعية التي تركز على الاستهلاك، وشعارها «من كل حسب قدراته ولكل حسب حاجاته».
ويقتضي التحول من الاشتراكية إلى الشيوعية سلسلة من التغيرات الكيفية، تتركز في خلق الأساس المادي والتقني للشيوعية، وترويج العلاقات الاجتماعية الشيوعية، والأخذ بالتربية الشيوعية، ليصبح العمل مطلباً حيوياً لكل فرد. ولابد أن يصاحب التغيرات في الاقتصاد تغيرات في البناء الفوقي، لتذوي الأنظمة والأيديولوجية السياسية والتشريعية، ولتذوي الدولة. فيكون الحزب بهذا قد أدى دوره التاريخي. فتتقارب الأمم في ظل الشيوعية في جميع المجالات وتصل إلى درجة الإلغاء التام للفروق بينها. وتكون الشيوعية بهذا الشكل الأعلى للتنظيم الاجتماعي، الذي يعمل على أساس قوى الانتاج المتطورة، والعلم والتكنولوجية والثقافة والإدارة الذاتية العامة الشيوعية.
ثم تمثّل لينين[ر] أفكار ماركس وأنغلز وأضاف إليها نظريته، فبرز مفهوم الماركسية - اللينينية مبدأً نظرياً للشيوعية، وتأسس أول مجتمع شيوعي في روسيا مع نجاح الثورة الشيوعية فيها عام 1917، حيث استولى لينين وحزبه البلشفي على السلطة، وقام اتحاد الجمهوريات السوفييتية الاشتراكية (الاتحاد السوفييتي)، وغيّر البلاشفة اسمهم إلى «الحزب الشيوعي»، وجعلوا الفلسفة الماركسية[ر] عقيدة، وأنزلوا كتب ماركس وأنغلز ولينين، مدةً من الزمن، منزلة التبجيل الشديد، وأقاموا على الأيديولوجية الماركسية حراساًً هم أعضاء الحزب، وزعماء هم المنظرون والشراح والمعلقون. وبدأت الحكومة بمعاقبة كل من يخالف الفكر الماركسي، وعدت ذلك مناهضة للحكم وقلباً للنظام العام. وأنشأت مجلة فلسفية، «تحت راية الماركسية» مهمتها التفسير والتعليق على كتب ماركس وأنغلز ولينين. وبهذا انفردت الشيوعية كاتجاه سياسي بتسييسها للفلسفة. وحاول الاتحاد السوفييتي القضاء على الرأسمالية من خلال نشر الثورة الشيوعية في العالم.
وخلف لينين ستالين، فحول الاتحاد السوفييتي إلى ديكتاتورية تعتمد على تحكم الدولة المطلق بالاقتصاد، وكبت أية معارضة. فتحولت الماركسية في عهده إلى عقيدة صارمة، ولم تفلح التغييرات المحدودة التي تمت بعد وفاته في قلب هذه المعايير.
وبعد الحرب العالمية الثانية، ساعد الاتحاد السوفييتي في فرض هذا النظام السياسي على الصين وكوبا والعديد من دول أوربة الشرقية. وفي آسيا أدى نجاح الثورة الشيوعية في الصين عام 1949 إلى نمو الأقاليم الشيوعية والحركات السياسية في دول أخرى شملت كوريا وفيتنام. وكانت هذه الأنظمة الشيوعية المركزية بعيدة تماماً عن المجتمعات النموذجية التي تخيلها كل من ماركس وأنغلز. في ذلك الوقت بدأت الحرب الباردة وسباق التسلح بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية.
وفي بداية الثمانينات من القرن العشرين، كان ثلث سكان العالم يعيشون تحت أنظمة شيوعية تشترك فيما بينها بصفات معينة وهي: تبني الماركسية ـ اللينينية، رفض الرأسمالية والملكية الفردية، وتسلط الدولة على النشاط الاقتصادي، والسيطرة المطلقة للحزب الواحد.
ومنذ نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، خضعت المجتمعات الشيوعية لتراجع وركود حقيقيين في أنظمتها الاجتماعية والاقتصادية، وأدى عدم الاستقرار الناتج من الإصلاحات التي بدأها غورباتشوف إلى سقوط النظام الشيوعي وتفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991، وانهيار الأنظمة الشيوعية في أوربا الشرقية وفي أنحاء أخرى من العالم. واندثرت الشيوعية كحركة عالمية موجهة مركزياً، ولم يعد هناك أمل حقيقي في عودتها. ولكن بعض الأحزاب الشيوعية مازالت موجودة تمارس اللعبة السياسية ضمن الأنظمة الديمقراطية. أما في الصين وبعض الدول الشيوعية الأخرى فقد غيّرت الإصلاحات الاقتصادية الجذرية صورة الأحزاب الشيوعية، ولم يتبق اليوم سوى نظامي كوبا وكوريا الشمالية، محافظين على الصورة التقليدية للأحزاب الشيوعية.
سوسن بيطار
الموضوعات ذات الصلة: |
الاشتراكية ـ الأممية ـ أنغلز ـ المادية الجدلية ـ الماركسية
مراجع للاستزادة: |
ـ جان توشار، تاريخ الأفكار السياسية، ترجمة ناجي دراوشة، وزارة الثقافة، دمشق 1984.
ـ كارل كورش، التصور المادي للنظرية الماركسية، ترجمة محمد كبة، مراجعة العفيف الأخضر، دار الطليعة، بيروت، 1973.
- M. M.Bober, Karl Marx‘s Interpretation of History (Cambridge, 1948).
التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
المجلد: المجلد الحادي عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 899
مشاركة :اترك تعليقك
آخر أخبار الهيئة :
- صدور المجلد الثامن من موسوعة الآثار في سورية
- توصيات مجلس الإدارة
- صدور المجلد الثامن عشر من الموسوعة الطبية
- إعلان..وافق مجلس إدارة هيئة الموسوعة العربية على وقف النشر الورقي لموسوعة العلوم والتقانات، ليصبح إلكترونياً فقط. وقد باشرت الموسوعة بنشر بحوث المجلد التاسع على الموقع مع بداية شهر تشرين الثاني / أكتوبر 2023.
- الدكتورة سندس محمد سعيد الحلبي مدير عام لهيئة الموسوعة العربية تكليفاً
- دار الفكر الموزع الحصري لمنشورات هيئة الموسوعة العربية
البحوث الأكثر قراءة
هل تعلم ؟؟
الكل : 59401463
اليوم : 33773
المجلدات الصادرة عن الموسوعة العربية :
-
المجلد الأول
-
المجلد الثاني
-
المجلد الثالث
-
المجلد الرابع
-
المجلد الخامس
-
المجلد السادس
-
المجلد السابع
-
المجلدالثامن
-
المجلد التاسع
-
المجلد العاشر
-
المجلد الحادي عشر
-
المجلد الثاني عشر
-
المجلد الثالث عشر
-
المجلد الرابع عشر
-
المجلد الخامس عشر
-
المجلد السادس عشر
-
المجلد السابع عشر
-
المجلد الثامن عشر
-
المجلد التاسع عشر
-
المجلد العشرون
-
المجلد الواحد والعشرون
-
المجلد الثاني والعشرون