logo

logo

logo

logo

logo

المنفلوطي (مصطفى لطفي-)

منفلوطي (مصطفي لطفي)

Al-Manfaluti (Mustafa Lutfi-) - Al-Manfaluti (Mustafa Lutfi-)

المنفلوطي (مصطفى لطفي ـ)

(1289 ـ 1343هـ/1876 ـ 1924م)

 

مصطفى لطفي بن محمد لطفي ابن محمد حسن لطفي المنفلوطي، نابغة في الإنشاء والأدب، ومن الأدباء الذين كان لطريقتهم الإنشائية أثر كبير في الجيل المعاصر.

ولد في بلدة منفلوط من مدن الوجه القبلي بمصر، لأسرة حسينية النسب إذ ينتهي نسب أبيه إلى علي بن الحسين، وأمه تركية الأصل، وعرفت تلك الأسرة بالتقوى والعلم، وقد نبغ فيها منذ عهد بعيد عدد وافر من القضاة الشرعيين ونقباء الأشراف.

حفظ المنفلوطي القرآن الكريم في كتّاب بلدته، ثم التحق بالأزهر، فأخذ بنصيب وافر من علوم الدين واللغة وراح يقرأ- في الوقت نفسه - ويحفظ ما تقع عليه يده من أسفار أدبية اختلاسا، ويخالط أصحاب الأدب وأرباب الكتابة، واتصل بالشيخ محمد عبده اتصالاً وثيقاً، وتلمذ له، فأفاد منه كثيراً وسجن بسببه ستة أشهر لقصيدة قالها تعريضاً بالخديوي عباس حلمي وقد عاد من سفرٍ، وكان على خلافٍ مع محمد عبده، مطلعها:

قدومٌ، ولكن لا أقول: سعيدُ 

                          وعَوْدٌ ولكن لا أقول: حميدُ

ولي المنفلوطي عدداً من الأعمال الكتابية والإنشائية في وزارة المعارف (التربية) سنة 1909م ووزارة الحقانية (العدل) سنة 1910م وأمانة الجمعية التشريعية 1913 وأخيراً في أمانة مجلس النواب وظل فيها إلى أن أدركته الوفاة.

وقد رثاه عقب موته عدد من الشعراء والكتاب وفي مقدمتهم أمير الشعراء أحمد شوقي ومطلع قصيدته:

اخترت يوم الهول يوم وداع

                                  ونعاك في عصف الرياح الناعي

ورثاه أيضاً حافظ إبراهيم بقصيدة مطلعها:

 رحم الله صاحب النظرات

                            غاب عنا في أحرج الأوقات

على أن المنفلوطي - إلى جانب ممارسته الوظائف المختلفة - كان لا ينقطع عن الكتابة والتأليف، ويتابع نشر المقالات في الصحف موجهاً إلى مواطنيه رسالة الانبعاث والتحرر. وتعاقبت عليه المصائب «العائلية» فقابلها بالصبر والسلوان.

كانت شهرته الأدبية والصحفية قد ابتدأت تعلو منذ سنة 1907م، بما كان ينشره في جريدة «المؤيد» من المقالات الأسبوعية بعنوان «النظرات» فلفتت إليه الأنظار بما انطوت عليه من متعة الموضوعات المعالجة، وجاذبية الأسلوب المشرق.

وقد انفرد المنفلوطي بأسلوب نقي في كل ما كتب وألّف، وتتميز كتاباته بالوضوح والرشاقة والجمال وبصدق العاطفة في آرائه، واندفاعه الشديد من أجل إصلاح المجتمع، وتهذيب الفهم الديني الذي أساء أهل الدين إليه. وهو - في نظراته الأدبية - يميل إلى تجديد الأدب. وقد استطاع أن ينقذ كتاباته من الزينة اللفظية والزخارف البديعية، مع الإسهاب في التعبير عن الفكرة بألفاظ غزيرة.

لكن كتابته - مع هذا - يغلب عليها كثرة الترادف والالتفات إلى إيقاع الألفاظ من دون الاعتناء بالمعنى البعيد، فامتازت كتاباته بحسن النغمة الموسيقية وساعده على ذلك غنى مفرداته وحسن اختيارها وتأليفها، لأنه تأثر بالكتاب العباسيين المطبوعين الذين تتلمذ لهم كعبد الحميد بن يحيى، وابن المقفع والجاحظ. وكتاباته كلها مطبوعة بطابع البكاء والألم، وكأنه متأثر بشعراء العاطفة الغربيين (الرومنسيين [ر. الإبداعية]) أو لعله جنح إلى هذا اللون من الأدب لأنه يلائم حالة الشرق الإسلامي المتألم من الاستعمار، ومن انحطاط أحواله الاجتماعية والسياسية والدينية. وهو إسلامي العقيدة والأمل. يرمي في كتاباته كلها إلى إصلاح الشرق ورفع مستوى المسلمين، ويبغض المدنيّة الغربية لأنها عنده مصدر الشرور والآثام. وقد حمله ألمه وميله إلى البكاء على مجد الإسلام المفقود وانطباع نفسه على الرقّة والرحمة، على ألاّ يترجم من القصص الغربية إلا ما قوي فيه طابع الرحمة والبكاء.

وللمنفلوطي عدد من الكتب المؤلفة والمترجمة أشهرها:

1- «النظرات»: يقع في ثلاثة أجزاء، وهو مجموع مقالاته التي كان ينشرها في جريدة «المؤيد» ويضمّنها آراءه الأدبية ومواقفه الاجتماعية ومناهجه الإصلاحية.

2- «مختارات المنفلوطي»: يقع في ثلاثة أجزاء، ولكن لم يطبع منه سوى الجزء الأول، ويتضمن منتخبات من الأدب العربي.

3- «العبرات»: هي مجموعة قصص موضوعة أو مقتبسة من الفرنسية، تغلب عليها صبغة الحزن والتشاؤم.

4- وله عدد من الروايات المترجمة كلها عن الفرنسية. وكان المنفلوطي أول من نبّه الأذهان إلى جمال الأدب الغربي حين ترجمه بأسلوب حي مشرق. ولم يكن المنفلوطي يجيد الفرنسية، وإنما كان بعض العارفين بها يترجم له الرواية إلى العربية، فيتولى هو وضعها بقالبه الإنشائي وينشرها باسمه. ولئن عاب هذه الترجمات تصرف الكاتب فيها، فلقد كان من محاسنها أنها «ترجمت ترجمة حية» وهذه الروايات هي:

أ- الشاعر أو: (أوسيرانو دي برجراك Le poéte ou Cyrano de Bergerac) لمؤلفها إيدمون روستان Edmond Rostand.

ب - الفضيلة أو: (بول وفرجيني Paul et Virginei) لمؤلفها برناردان دي سانت بيير Bernardine de saint-pierre.

ج- ماجدولين أو: (تحت ظلال الزيزفون Sous l’ombre de tilleuls) لمؤلفها ألفونس كار Alphonse Karr.

د- في سبيل التاج (Pour la Couronne) لمؤلفها فرانسوا كوبيه François Coppée.

وللمنفلوطي شعر جيد فيه رقة وعذوبة، ولكنه شاعر مقلّ وكثير من أشعاره مقطوعات قصيرة، وقد سبقت الإشارة إلى قصيدته التي قالها معرّضاً بالخديوي عباس حلمي، ومن قصائده الطويلة أيضاً قصيدته «بين أسماء وعبد الله» وهي تحكي قصة أسماء بنت أبي بكر الصديق وابنها عبد الله بن الزبير بن العوام حينما حاصره الحجاج في مكة ، فاستشار أمه فأشارت عليه بالاستقتال فقاتل حتى قتل. ومطلع تلك القصيدة:

إن أسماء في الورى خير أنثى

                          صنعت في الوداع خير صنيع

ومن مقطوعاته القصيرة قوله :

إذا ما سفيه نالني منه نائـل

                          من الذّم لم يَحرج بموقفه صدري

أعود إلى نفسي فإن كان صادقاً

                عتبت على نفسي وأصلحت من أمري

وإلا فما ذنبي إلى الناس إن طغى

                هواها فما ترضى بخيرٍ ولا شـرّ

محمود فاخوري

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ نعيم الحمصي، الرائد في الأدب العربي (دمشق 1367هـ/1948م).

ـ عباس محمود العقاد، رجال عرفتهم (كتاب الهلال، القاهرة 1963م).

ـ طاهر الطناحي، الساعات الأخيرة (كتاب الهلال، القاهرة 1962م).

ـ محمد محمد زكي الدين، المنفلوطي، حياته، أقوال الكتاب والشعراء فيه (المكتبة التجارية، مصر، د.ت).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد التاسع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 744
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1801
الكل : 56257353
اليوم : 161543

التعقيم عند الرجل والمرأة

التعقيم عند الرجل والمرأة   تستعمل كلمة التعقيم sterilization في الطب بمعنيين: الأول في مجال الطهارة والنظافة والوقاية من الأمراض[ر]، والثاني في مجال الحد من النسل والإنجاب عند كل من الرجل والمرأة. ففي المجال الأول يقال مثلا تعقيم الحليب أو تعقيم الماء أو تعقيم الأدوات الجراحية أي جعلها عقيمة خالية من أي عنصر حيوي ضار ومؤذٍ وناقل للأمراض.  أما في المجال الثاني فهو تثبيط وظيفة الإنجاب عند كل من الرجل والمرأة، بمعنى أن تصبح المرأة أو الرجل عقيماً غير قادر على الإنجاب.
المزيد »