logo

logo

logo

logo

logo

فريغة (فريدريك غوتلوب-)

فريغه (فريدريك غوتلوب)

Frege (Friedrich Gottlob-) - Frege (Friedrich Gottlob-)

فريغه (فريدريك غوتلوب -)

(1848-1925)

 

فريدريك (فريدريش) غوتلوب فريغِه Friedrich Gottlob Frege، رياضي ومنطقي ألماني، أمضى حياته العلمية كلها في مدينة يينا Jena، ويعدُّ المؤسس للمدرسة المنطقية المعاصرة، وواضع المنطق الرياضي، وله فضل تطوير الطريقة التحليلية في المنطق واللغة. تعود شهرته إلى كتاب رسل[ر] Russell «مبادئ الرياضيات» Principles of Mathematics، حيث قدَّم المؤلف فيه تذييلاً ضمّنه أهم نظريات فريغه المنطقية، فكان أول بحث منشور يكشف عن عبقريته وأصالته، وبقيت أعماله حتى وقت قريب تُقرأ في الترجمة الإنكليزية أكثر مما تقرأ لغته في الأصل.

اشترك فريغه مع عالم منطق إيطالي يدعى جوزيبه بيانوGiuseppe Peano  ما بين (1858-1932) بتطوير جزء كبير من أبحاث المنطق الرياضي، وكان أحد دعاة ما يعرف بالمذهب المنطقي Logicism، وهو اتجاه يدعو إلى رد التصوّرات الرياضية الأساسية إلى تصوّرات منطقية خالصة، والذي تبلور في صورته النهائية في كتاب رسل «المبادئ» الذي اشترك فيه مع وايتهد Whitehead.

اهتم فريغه بالمنطق اهتماماً خالصاً كاهتمامه بالرياضيات تماماً، فدرس المنطق التقليدي واتجه نحو إقامة منطق أكثر شمولاً من منطق جورج بولGeorge Boole  ما بين (1815-1864) مؤسس نظرية جبر الأصناف، فارتبطت الفلسفة عنده بالرياضيات والمنطق، وكان هدفه إيجاد لغة صورية مثالية، تجنباً لشبهات اللغة العادية، تعتمد لغة المفهوم والرمز، وخالية من أي مفهوم عياني أو تجريبي، كما سعى إلى استنباط المعاني الرياضية من الصور المنطقية في إطار المنطق العام، فأظهر أن الرياضيات الخالصة عامة ليست إلا استمراراً بالمنطق الاستنتاجي الصوري. وقد أدى اهتمام فريغه بالمسائل المنطقية الصرفة، وخاصة دراسته لبناء الجمل والقضايا الحملية وماهية الصدق والمعاني والدلالات، إلى تأسيس ما سيعرف لاحقا بعلم الدلالات (السيمانطيقا) semantics الصورية.

أصدر فريغه كتابه الأول عام 1879 بعنوان «لغة المفاهيم» Begriffsschrift، عمد فيه إلى تطبيق النسق الاستنباطي على الرياضيات، وإحالة علم الحساب إلى بناء صوري له حدوده الأولية وتعريفاته ومصادراته ونظرياته المستنبطة، فتمكن من خلال اتجاهه الرمزي الجديد من أن يزود أجيال المناطقة والرياضيين بأربع تصورات أساسية:

تصور نظرية «حساب القضايا»، فكرة «دالة القضية»، فكرة سور القضية التي أصبحت مع دالة القضية تؤلف نظرية «حساب المحمول».

استطاع فريغه بدقة تحليلاته المنطقية ودراسته للمنطق التقليدي وكشف عيوبه وخاصة في مسألة القضايا، أن يكشف لأول مرة في تاريخ المنطق اختلاف القضية الحملية عن القضية العامة، وتوصل إلى نقطتين مهمتين: الأولى أن القضية العامة شرطية متصلة، والثانية التمييز بين محتوى الحكم Judgement وتقريره assertion، وقد أفضى هذا التمييز إلى موقف عام من المنطق أراد فيه تخليص المنطق والرياضيات من أي رواسب سيكولوجية اقترنت بهما.

ورأى فريغه في دراسته أسس وقوانين الحساب في كتابه «أسس علم الحساب» Grundlagen der Arithmatik الذي نشر عام 1884 أن الرياضيات تعمل وفق نسق استنباطي، وأن الحساب إنما هو نسق متطور من المنطق، فبذل جهوده لتعريف الأعداد تعريفات منطقية بحتة، رافضاً كل التعريفات السائدة آنذاك عن الأعداد فقدَّم تعريفاً للأعداد الأصلية يقوم على فكرة «مساو لكذا» شرط أن نفهم من قولنا هذا المقابلة بين مجموعتين مقابلة واحد بواحد، فالعدد فئة تضم مجموعة من الفئات التي بينها وبين فئة معلومة علاقة مساواة واحد بواحد،لكن فكرة العدد ذاتها لا نصل إليها بوساطة العدّ، ذلك لأن العد ليس الكثرة، فإذا كان لدينا خماس من الأشياء أو الناس فإن هذا الخماس يكون كثرة ولكنه ليس العدد خمسة، وأي عدد أخذناه يختلف تمام الاختلاف عن الكثرة المكونة من وحدات قدرها هذا العدد، فالعدد 3 ليس هو أي ثالوث من الأشياء، وكذلك العدد اللامتناهي لا نصل إليه بوساطة العد. وقادته نظريته في الأعداد هذه إلى فلسفة ترى أن الأعداد ليست مجرد رموز من صنع الإنسان، وإنما هي أشياء لها موضوعيتها واستقلالها عن الإنسان والأشياء، وأن على الإنسان أن يكتشفها.

ثم عرض فريغه أسس النسق الاستنباطي في المنطق، فكان أول من وضع أصول نظرية «حساب القضايا» و«حساب الدّالات» مستخدماً مصطلحات رمزية بحتة كانت عسيرة الفهم والمتابعة، مما اضطر رسل لاستبدالها بمصطلحات منطقية أخرى. ومن أهم الأفكار التي قدمها لشرح هاتين النظريتين: استخدامه لمفهوم السور الكلي في القضايا، مع دراسة ثوابت الفصل والربط في القضايا المركبة، وفكرتي التضمن والسلب والتكافؤ، واستخدام لغة الترميز في التعبير عن تلك الثوابت والحجة، فوضع كل صورة من صور القضايا إضافة إلى صياغة القضية بلغة الدالة في دالة منطقية يبطل معها التمييز بين الموضوع والمحمول، ويعرّف فريغه الدالة بأنها ذلك «الجزء من التعبير الذي يظل باقياً في حالة استبدال رمز بآخر» وأن الجزء الذي يمكن استبداله نسميه «حجة الدالة» argument of the function. وقد ربط فريغه الدالة بقيمة الصدق حين وجد في الدالة أو التعبير مكاناً خالياً «غير مشبع» إذا ملأناه بحجة تصبح للدالة قيمة صدق تماماً، كما المحمول في القضية يحدد قيمة صدقها، وبهذا فسر المفهوم والتعبير اللغوي بلغة الدالة المنطقية. وقد ميز فريغه أيضا في كتاب «التصورات» بين الأشياء والتصورات تبعاً لمعايير أهمها أن الأشياء تتسم بخصائص واقعية ندركها ونطلق عليها أسماء في حين أن التصورات لا تتمتع بتلك الخصائص، إضافة إلى أن الفكرة (أو التصور) مرتبطة بأحوال الشخص الشعورية والذهنية وهي تحتاج لحامل، وكذلك فالتصور غالباً ما يكون محمولاً في القضية، كما أن لكل تصور موضوع خاص يرتبط به، لذلك فالتصورات تختلف باختلاف الأشخاص، وقد استخدم فريغه فكرته في تمييز الأشياء من التصورات في نظريته الأصلية عن المعنى في مقال نشره عام 1892 بعنوان حول «المعنى والدلالة» كشف عن مواقف جديدة في النظر إلى القضايا وأسماء الأعلام، وهي تلك الصور اللفظية التي تشير إلى موجود ما، فقرن الاسم بإشارته، وهو شيء محدد يشير إليه الاسم «فأرسطو» اسم يشير إلى ذلك الفيلسوف الإغريقي الذي سُمي بذلك الاسم، ثم رأى أن العبارة التي تصف اسماً ما مكافئة من الناحية المنطقية لذلك الاسم، إلا أن فريغه ميَّز اسم العلم من معناه، فعبارة «تلميذ أفلاطون» و«معلم الإسكندر» عبارتان تشيران إلى شخص واحد وهو أرسطو لكن معناهما مختلف، فمعنى الكلمة أو الاسم نتاج ما يُفهم من العبارة فهو يختلف باختلاف السياق الذي يوجد فيه هذا الاسم نافياً الثبات عنه، مما أدى إلى اختلاط معنى الاسم، وما يثيره في الذهن لدى السامع أو القارئ، وهذا ما رفضه فيتغنشتاين[ر] Wittgenstein لاحقاً، أما أسماء الأعلام الخرافية فلا إشارة لها، ولكنها تحمل معنى إذا دخلت في قضية. ومن جهة القضايا فقد عَدَّ أن القضية اسم علم تشير إلى شيء واقعي هو قيمة صدقها، وهذه القيمة قائمة في عالم المعاني المستقل عن عالمي الإنسان والأشياء المادية، وهو عالم لا يخلق بل يكتشف، فكانت نظرته هذه دعماً منطقياً لتلك الواقعية التي أظهرها في نظريته عن الأعداد والتي انتقدها رسل في إطار ما سماه «النظرية الوصفية». والقضايا لا تختلف بالقياس إلى معناها، وإنما بالقياس إلى قيمة صدقها فاستخدم فريغه التعبير المنطقي «دالة الصدق»، فحين القول إن القضية تشير إلى قيمة صدق، فالمعنى أن محتواها ينبغي أن يكون صادقاً أو كاذباً، ومادامت القضية صادقة أو كاذبة تشير إلى شيء واقعي، ويجب النظر إليها على أنها اسم علم، فبالتالي يمكن استخدامها في لغة منطقية كاملة.

أسدت أعمال فريغه المنطقية خدمات جليلة للمنطقيين الجدد، وأخذ الاهتمام به يزداد بعد أن طور رسل ووايتهد وبيانو رمزيته المنطقية، كما تأثر كارناب[ر] Carnap وكواين Quine بنظريته في حساب القضايا التي ترادف المنطق الرياضي، فكان سعي فريغه في مذهبه المنطقي نحو وضع قواعد لنسق سيميائي قد اكتمل مع مؤلف كارناب «التركيب المنطقي للغة»، وإذا كان المطلوب عموماً بناء رياضيات العقل البشري وتطهير المنطق من النزعة النفسانية، فإن أفكار ومفاهيم فريغه كانت بحق رائدة وأساسية تجعل من النسق المنطقي نسقاً محكماً يفي بأغراض البحث العلمي.

سوسان إلياس

الموضوعات ذات الصلة:

 المنطق.

مراجع للاستزادة:

ـ محمود فهمي زيدان، المنطق الرمزي، نشأته وتطوره (دار النهضة العربية، بيروت لبنان 1973).

ـ يحيى هويدي، ما هو علم المنطق، دراسة نقدية للفلسفة الوضعية المنطقية (مكتبة النهضة المصرية، القاهرة 1966).


التصنيف : الفلسفة و علم الاجتماع و العقائد
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الرابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 521
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 566
الكل : 29655282
اليوم : 35292

مرلانت (ياكوب فان-)

مِرلانت (ياكوب فان ـ) (1225ـ 1291)   ياكوب فان مرلانت Jacob van Maerlant أحد رواد الشعر الإرشادي الوعظي didactic ومن أهمّ كتّاب العصور الوسطى في هولندا. ولد في بلدة فري فان بروغِّه Vrije van Brugge، وتُوفِّي في مدينة دامِّه Damme. وتبقى تفاصيل حياة الشاعر في كنف المجهول إلا أنه كان قندلفتاً في كنيسة مرلانت، وعمل لدى بعض نبلاء منطقته، وصار عام 1266 كاتباً في القصر الأميري في دامِّه. تظهر مؤلفاته غزارة علمه واطلاعه الواسع على المؤلفات المكتوبة باللاتينية والفرنسية.
المزيد »