المقوسات (داء-)
مقوسات (داء)
Toxoplasmosis - Toxoplasmose
المقوسـات (داء ـ)
داء المقوسات toxoplasmosis مرض حاد ومزمن يصيب الحيوانات والبشر وينجم عن كائن وحيد الخلية من صنف البوائغclass sporozoa .
شوهد لأول مرة عام 1908 من قبل نيكولNicoll ومانسو Manceau في معهد باستور بتونس ضمن قارض إفريقي بري غوندي، وقد بدا لهما بشكل هيولى منحنية كالقوس، فأطلقا عليه اسم المقوسة toxoplasma المشتق من الكلمة اليونانية toxo التي تعني القوس، وأطلقا على نوعه اسم المقوسة الغوندية toxoplasma gondii. ولم توصف إصابته البشرية حتى عام 1923، ثم تبين في عام 1939 أن هذا الطفيلي هو سبب حوادث وفيات الأطفال المولودين حديثاً والمصابين بالتهاب الدماغ والنخاع encephalomyelitis. أما دورة حياة الطفيلي فلم تكشف إلا في عام 1970 حين أوضحها كل من فرانكل Frenkel وهيوتشيسون Hutchison.
والمقوسات كائنات حيوانية بوغية مجبرة التطفل داخل أية خلية ذات نواة ولها طريقتا تكاثر جنسية ولاجنسية، في نوع واحد من الكائنات هو السنورات، ويمكنها أن تتثوى أغلب الحيوانات ذات الدم الحار، البرية wild منها والآهلة domestic، لذا فهي أكثر الطفيليات عالمية، وتكون أخماجها مزمنة لا عرضية، وتبدو مظاهرها السريرية بثلاثة أشكال رئيسة هي: اعتلال عقدي لمفي lymphadenopathy حمي، وخمج مميت بسرعة للمرضى المنقوصي المناعة immunocompromised، وخمج الأطفال الخلقي.
شكل الطفيلي أ-طفيليات في سائل . ب- مستعمرة كيسية في الدماغ |
شكل الطفيلي
إن الأشكال الرئيسة لهذا الطفيلي هي البيضة المتكيسةoocyst والأتروفة trophozoite والكيسة النسيجية.
ـ البيضة المتكيسة: تطرح مع مفرغات السنورات والقطط بالخاصة، وتتصف بأنها بيضة ملقحة محاطة بغلاف ثخين وغير ناضجة، تنضج في البيئة الخارجية لتصبح حاوية على كيستي أبواغ sporocysts في كل منهما أربعة حيوانات بوغية sporozoits.
ـ الأتروفة: يستعمل هذا التعبير لدلالته على الأشكال التي يمر بها الطفيلي في أثناء تكاثره اللاجنسي، والمشار لهذه الأشكال بعدة مصطلحات هي الأقاسيم merozoites، والحيوان المتسرع tachyzoite المسؤول عن غزو الخلايا. تشاهد الأتاريف في أخلاط البدن وفي جميع أنماط الخلايا المنواة. ويختلف شكل الأتروفة حسب مكان توضعها. فتبدو في داخل الخلايا بشكل كروي أو بيضاوي، وتبدو في أخلاط البدن بشكل هلالي أو قوسي، يُفرَز من نهايتها الأمامية إنزيم يساعدها على اختراق الخلية لخمجها.
ـ الكيسة النسيجية: تشاهد الكيسة النسيجية في مختلف الأنسجة ولاسيما العضلية والعصبية، وتعد مرحلة من تطور الطفيلي. فتبدو الكيسة ضمن النسيج بشكل مستدير أو بيضاوي وفي داخلها كائنات تشبه الأتاريف وقد تتكاثر ببطء ضمن الكيسة لتصبح بأعداد تزيد عن ألف كائن حي.
دورة حياة الطفيلي
تتكاثر المقوسات الغوندية بطريقتين، أحداهما جنسية sexual تتم في السنورات فقط، والثانية لاجنسية asexual تحدث في الوسط الخارجي، وفي أنواع كثيرة من الكائنات الحيوانية.
ـ مراحل التطور في المضيف النهائي: عندما تبتلع السنورات، وبخاصة القطط الكيسات النسيجية المتوضعة ضمن نسج الحيوانات المخموجة التي تتغذى بها كالطيور والقوارض، أو تبتلع البيوض المتكيسة الناضجة المتوضعة على جسمها في أثناء لحسها لأشعارها وتنظيف نفسها، تنحل أغلفة الكيسة في سبيلها الهضمي وتتحرر الأقاسيم أو الحيوانات البوغية التي تدخل الخلايا الظهارية اللفائفية ileum. وفي داخل الخلايا الظهارية تخضع لتكاثر ينتج عنه تشكل أعداد كثيرة من الأقاسيم مسببة تمزق الخلية. عندئذ تبدأ الأقاسيم المتحررة بخمج خلايا ظهارية مجاورة لتعيد فيها تكاثراً لا جنسياً آخر. وبعد فترة تتميز الأقاسيم مشكلة عرسيات صغرية microgametocytes مذكرة، وعرسيات كبرية macrogametocytes مؤنثة، ثم يطرأ على العرسية المذكرة عدة انقسامات ينتج عنها 12- 13 عرساً صغرياً microgamete. أما العرسية المؤنثة فتتحول لعرس كبري macrogamete مؤنث دون حدوث انقسام فيها. ويلي ذلك اندماج الأعراس الناضجة المذكرة والمؤنثة لتشكل زيغوت zygote يتحول لبيضة متحركة ookinete، عندئذ تنتقل البيضة المتحركة من الخلايا الظهارية إلى لمعة الأمعاء حيث تحيط نفسها بغلاف كيسي ثخين، فتنقلب لبيضة متكيسة غير ناضجة، تطرح مع براز القطة إلى الوسط الخارجي. وتطرح عادة ملايين من هذه البيوض المتكيسة يومياً ولمدة 1 ـــ 3 أسابيع.
دورة حياة الطفيلي |
ـ مراحل التطور في الوسط الخارجي: عند وصول البيضة المتكيسة غير الناضجة إلى الوسط الخارجي، تحتاج لإتمام نضجها لرطوبة وحرارة معتدلة وأكسجين، فإذا توافرت لها هذه الشروط، تشكلت في داخلها كيستا أبواغ ثم تكونت ضمن كل كيسة أربعة حيوانات بوغية. وتصبح البيضة المتكيسة، عند تمام نضجها مقاومة لأغلب التبدلات البيئية فتبقى حية وخمجة في التربة لمدة سنة أو أكثر، كما أنها تقاوم الخمائر الهضمية مما يجعلها مسؤولة عن انتشار الطفيلي وانتقاله لكائنات أخرى عن طريق الفم . لكنها تتخرب إذا تعرضت لحرارة فوق 66 سلسيوس أو لمواد كيميائية كاليود أو الفورمالين.
ـ مراحل التطور في المضيف المتوسط: إذا التهمت البيوض المتكيسة الناضجة من قبل آكلات العشب (خراف، بقر، خنازير) أو الفئران والأرانب والدجاج والطيور، أو تناولها الإنسان مع الخضراوات أو الفواكه الملوثة بها، تصل إلى لمعة الأمعاء حيث تتحول البويغات لأتاريف ضمن الكيسة ثم تتحرر بتمزق الكيسة لتدخل البالعات macrophages، وبوساطتها تنتقل ضمن الجملة اللمفية الدموية المنشأ lymphohematogenous لجميع الأعضاء. وينتج عن متابعة التكاثر الانشطاري ضمن البالعات، تمزق البالعات وتحرر طفيليات جديدة قادرة على غزو أية خلية مجاورة لتتابع فيها دورة تكاثرية لاجنسية. ويتشكل حولها غلاف سميك يحيط بها ويحميها فتصبح كيسة نسيجية، وتبقى هذه الكيسات خمجة مدة حياة المضيف. وتتصف هذه الكيسات بأنها مقاومة للخمائر الهضمية مما يجعل لها شأناً في نقل المرض للحيوانات اللاحمة.
طرق انتقال العدوى
هناك عدة طرق وهي:
ـ تناول البيوض المتكيسة دون انتباه: مما يكسب الإنسان داء المقوسات. فعلى الرغم من أن القطط المصابة بخمج المقوسات الحاد تطرح البيوض المتكيسة مدة بضعة أسابيع فقط، فقد أظهرت الدراسات أن 1% من القطط المنزلية تطرح البيوض في أي وقت. وإن خروج أعداد كبيرة من هذه البيوض يومياً، ومقاومتها للتبدلات البيئية بعد نضجها وبقاءها بعد النضج حية لمدة طويلة، إن هي إلا عوامل تعزز انتشار البيوض المتكيسة الناضجة في التربة ثم انتقالها للأطفال في أثناء لعبهم في الحدائق وتماس أيديهم بتراب يحتمل تلوثه ببراز القطط. ويتم انتقالها للكبار بتلوث أيديهم في أثناء تبديل صناديق فضلات القطط، كما تنتقل لأي إنسان في الأوقات العاصفة بوساطة الغبار الحامل للبيوض فتدخل الفم وتبتلع. ويمكن للحشرات أن تنقلها بطريقة آلية بأطرافها إلى طعام الإنسان. ومن طرق العدوى أيضاً تناول البيوض المتكيسة الناضجة مع الماء والخضار والفواكه الملوثة.
ـ تناول الكيسات النسيجية: لقد تكرر كشف كيسات المقوسة النسيجية في اللحوم المستعملة للاستهلاك البشري. فهي شائعة بكثرة لدى 25% من الخنازير و10% من الخراف وأقل من 1% من البقر والدجاج. وعلى الرغم من القضاء على محتوى هذه الأكياس بحرارة الطبخ العادية، فقد وردت تقارير وبائية تثبت بالاختبارات المصلية الإيجابية وأحياناً بالعلامات السريرية حدوث عداوى ترتبط إما بتعامل الأشخاص بتقطيع اللحوم المصابة أو بتناول لحومها النيئة (كالكبة النيئة) أو لحومها القليلة النضج.
ـ العدوى بالأتاريف: إن نحو 2% من الحوامل يصبن بخمج المقوسات الحاد. وإن 10-20% فقط منهن تترافق إصابتهن بأعراض سريرية للمرض. وإن إصابة الأتاريف للأجنة يُحدث في ثلث إلى نصف الحوامل المصابات خمجاً حاداً، ولا يتعلق خطر الانتقال بوخامة مرض الأم بل بمرحلة الحمل التي حدثت في أثنائها الإصابة، وبوجود الأتاريف في دمها. وتتم عدوى الجنين من بؤر منتشرة في المشيمة تحتوي على الأتاريف.
ويمكن للأضداد IgG المتشكلة في دم الحامل خلال الأسبوع الثاني من إصابتها أن تحمي الجنين إذا دخلت إليه قبل الأتاريف، أما إذا وصلت الأتاريف للجنين قبل الأضداد فإصابته مؤكدة. تسبب إصابة الحامل بخمج حاد بالمقوسات في الثلث الأول حدوث إجهاضabortion أو إملاصstillbirth ، وفي الثلث الثاني لإصابة الجنين باعتلال دماغي encephalopathy، وفي الثلث الثالث لإصابته بأشكال مختلفة من التظاهرات أكثرها شيوعاً الشكل غير الظاهر الذي يصيب 60-70% من الأجنة، فلا تبدو على الطفل حين ولادته أية علامة للمرض، ويستمر كذلك سنوات وبعدها تظهر المضاعفات العصبية والعينية.
الإمراض والمناعة
وتستمر الأتاريف، إذا كان لدى المضيف عوز مناعي immunodeficiency، بالتكاثر السريع محدثة بؤراً نسيجية متنخرة عديدة ومنتشرة. ويكون هذا التنخر أعظم خطراً إذا حدث في الدماغ. أما في الأثوياء الطبيعيين، فيكبح الخمج الحاد بسرعة نتيجة تطور مناعة خلوية وخلطية humoral، وذلك بظهور مناعة متواسطة بالخلايا cell-mediated immunity لها شأن في تخليص المصاب من الأتاريف التي تكون خارج الخلايا.
وتتم المناعة الخلطية بتشكل الغلوبلين المناعي IgM أولاً، الذي يظهر منذ الأيام الأولى للإصابة ثم يرتفع عياره ليبلغ قيمته العظمى خلال 2- 3 أسابيع وبعدها يتراجع ويختفي في غضون 3-5 أشهر علماً أن هذا الضد لا يجتاز المشيمة ووجوده يدل على خمج حديث. كما يظهر في الأسبوع الثاني من الخمج الغلوبلين المناعي IgG الذي يبلغ قيمته العظمى خلال شهرين ثم يحافظ على هذه القيمة عدة أشهر ليبدأ بعدها بالتراجع دون أن يختفي. فوجوده يدل على دخول المقوسات للجسم في وقت ما. ويمكن لهذا الضد أن يعبر المشيمة.
لمحة وبائية
داء المقوسات مرض عالمي يظهر في أغلب الثدييات، وعديد من الطيور، كما تشاهد أخماجه البشرية في مناطق الكرة الأرضية كلها. ويزداد وقوعه incidence في المناطق المدارية والقليلة البرودة والجفاف في كل الفصول وفي جنسي البشر دون فارق بينهما، لكنها، تزداد مع زيادة العمر. ويشير المسح المصلي للبالغين الذين تمتد أعمارهم بين 20 و 40 سنة في كثير من البلدان أن نسب وجود أضداد المقوسات تتفاوت حسب المناطق الجغرافية، وعادات الأفراد، وشروط حياتهم الصحية. فهى تبلغ 60% في إيطاليا و 50-60% في فرنسا و50% في كل من تونس وبلجيكا وأميركا و25% في اليابان.
الأعراض السريرية
تتصف إصابة الإنسان بالمقوسات الغوندية بأنها سليمة غالباً ولا عرضية. ومع ذلك قد تترافق بمظاهر سريرية تختلف حسبما يكون الداء مكتسباً أو خلقياً.
1ـ داء المقوسات المكتسب: تختلف مظاهره السريرية باختلاف حالة المضيف إن كان سوياً أو منقوص المناعة.
أ- المضيف السوي: تبدو إصابته بأحد الأشكال الأربعة التالية: الشكل الحاد اللاعرضي والشكل الحاد العرضي، والشكل المزمن اللاعرضي، والشكل المزمن العرضي.
- الشكل الحاد اللاعرضي: إن المظهر السريري الأكثر شيوعا في هذه الحالة هو اعتلال عقدي لمفي موضع يصيب غالبا العقد القفوية محدثاً فيها ضخامة غير ممضة nontender تستمر مدة قبل تراجعها.
- الشكل الحاد العرضي: يبدأ بعد فترة حضانة تمتد من 5- 23 يوماً فيشكو المريض من حمى والتهاب الحلق وضخامة العقد الرقبية وآلام عضلية ومفصلية. ويبدي الفحص طفحاً حطاطياً بقعياً وضخامة عقدية تتناول كل العقد بما فيها العميقة خلف الصفاق retroperitoneal وأحياناً ضخامة الكبد والطحال. ويكشف الفحص المخبري زيادة في الكريات البيض مع زيادة نسبة اللمفاويات ووحيدة النواة ونقص نسبة العدلات وعدد الكريات الحمر. وقد تحدث لدى 10-20% من المصابين زيادة نسبة الحمضات. ويكشف فحص السائل النخاعي ارتفاع الألبومين وزيادة خلاياه. وقد يحدث أحياناً التهاب السحايا والدماغ meningoencephalitis أو ذات الرئة أو التهاب عضلة القلب أو التهاب الكبد. أما التهاب المشيمية والشبكية chorioretinitis فغير شائع في الخمج المكتسب وإن حدث كان غالباً متأخراً ووحيد الجانب.
- الشكل المزمن اللاعرضي: هو خمج كامن يستمر سنين عديدة أو مدى الحياة ولا يكشف إلا برؤية الضد IgG في المصل.
- الشكل المزمن العرضي: تشاهد في هذا الشكل أعراض موضعه تبدو بشكل التهاب مشيمية وشبكية وحيد الجانب أو بشكل إصابات قلبية أو رئوية أو عصبية.
ب- المضيف المنقوص المناعة: تصبح المقوسات ممرضة بشدة وخطرة إذا حدث لدى مضيف مصاب بداء هودجكن Hodgkin أو لمفوما أو ابيضاض الدم أو الذأب الحمامي أو تناول أدوية كابتة للمناعة. فإذا حدث خمج بدئي عنده، ترافق بانتثار وانتشار واسع خطير قد يحدث التهاباً رئوياً ناخراً necrotizing pneumonitis والتهاب عضلة القلب والتهاب الدماغ. ويكون الإنذار في هذه الحالة سيئا ينتهي بالوفاة.
2ـ داء المقوسات الخلقي: لما كانت آلية المناعة ضعيفة التطور في الرحم ، فإن نسبة كبيرة من الأخماج الجنينية ينتج عنها مرض سريري. فإذا انتشر خمج الجنين بالمقوسات للجملة العصبية المركزية كانت نتيجته مفجعة تنتهي غالبا بإجهاض أو إملاص، وإذا ولد الجنين حياً فقد يكون صغير الرأس microcephaly، أو مصاباً بموه الرأس hydrocephaly، أو بتكلسات مخية أو باختلاجات convulsions أو بتأخر نفسي حركي psychomotor. وإن مرضاً بهذه الوخامة يترافق غالباً بعلامات تضم الحمى واليرقان والتهاب الكبد وذات الرئة وطفحاً جلدياً. أما الأطفال المخموجين في الأشهر الأخيرة من الحمل، فتكون إصابتهم غير حادة، ويكون أكثرهم أصحاء عند الولادة لكنهم يصابون بعد أشهر أو سنين بالصرع epilepsy أو بتخلف عقلي retardation أو بحول strabismus. والظاهرة المتأخرة الأكثر شيوعاً قد تكون التهاب المشيمية والشبكية. فتبدو هذه الظاهرة عادة خلال العقد الثاني أو الثالث من العمر بشكل نوبات آلام عينية راجعة ونقص مترق وسريع في حدة البصر ثنائي الجانب ينتهي عادة بالعمى.
طرق التشخيص
التهاب الشبكيات والمشيمة الناخر هو مضاعفة ثابتة في داء المقوسات الولادي ،وقد ينتج العمى في نهاية الأمر عن ترقي الأفة غير المعالجة |
موه الرأس هو مضاعفة أساسية في داء المقوسات الولادي ،وتترافق عادة بتلف دماغي حقيقي |
التشخيص السريري لداء المقوسات: إن الأعراض السريرية من حمى، وضخامة العقد اللمفية، والآلام العضلية المفصلية، والتندبات في قعر العين، والتغيرات في تعداد كريات الدم وصيغتها، وملاحظة وجود تكلسات نقطية منتشرة على نحو منتظم في جميع أنحاء الدماغ ضمن الصورة الشعاعية لرأس الطفل، كل ذلك يوحي بالإصابة. أما التشخيص النوعي والأكيد فيمكن إثباته بعدة طرق منها مباشرة تعتمد على كشف المقوسة ومنها غير مباشرة تتم بالاختبارات المصلية التي تعد حاليا أساس التشخيص.
ـ الطرق المباشرة: في التهاب العقد اللمفية الحاد بالمقوسات يمكن توضيح الأتاريف في المقطع النسيجي بوساطة ملون رايت Wright stain أو غيمزا Giemsa، أو بالمجهر الإلكتروني والضد المتألق اللامباشر indirect fluorescent antibody في خزعات النسيج الدماغي.
ـ الطرق غير المباشرة: تعد الإجراءات المصلية طرق التشخيص الأولى ومن المألوف لإثبات وجود خمج حاد أن يتضح ارتفاع عيار الضد IgG لأربعة أضعافه بين نماذج المصل في طور المرض الحاد والنقاهة.
ومن الاختبارات العديدة المتطورة لكشف الأضداد IgG يستعمل بتواتر كبير اختبار التراص الدموي اللامباشر، واختبار الضد المتألق اللامباشر لحساسيتهما ونوعيتهما العاليتين. فتكشف غالباً بهذه الاختبارات عيارات 1: 1000 أو أكثر بعد خمج حاد ثم تنخفض هذه النسب تدريجياً لكنها تبقى مرتفعة عدة سنوات.
وإن اكتشاف الضد IgM يوفر تأكيداً سريعاً للخمج الحاد. واستعملت حديثاً المقايسات المناعية الإنزيمية enzyme immunoassays (EIA) لأنها أكثر حساسية من التألق المناعي ولكن يحدث بها بعض النتائج الإيجابية الكاذبة فعدلت بالمقايسة المناعية الإنزيمية القابضة للأضداد antibody-capture (EIA).
المعالجـة
لا يحتاج معظم المرضى لمعالجة لأن الخمج سليم ولا عرضي عادة ويشفى تلقائياً. وتقتصر المعالجة على الإصابات الوخيمة المستمرة أو الأعضاء الحيوية كالعين. كما تستعمل لأشخاص منقوصي المناعة والحوامل خوفاً من حدوث خمج حاد لهن أو استنشاط خمج كامن عندهن، إذ من الواضح أن المعالجة الباكرة للحوامل المصابات بخمج حاد ذات شأن لأنها تقلل من وقوع الأخماج الخلقية الوخيمة كما تنقص من نسبة الأشكال تحت السريرية عند الأطفال.
والدواء المستعمل حالياً هو البيريميثامين pyrimethamine مع السلفوناميد sulfonamide وبما أن الدواء الأول ماسخ teratogenic ، فيجب عدم استعماله في الثلث الأول من الحمل بل يستعاض عنه بإعطاء السبيراميسين spiramycin.
ومع أن البيريميثامين مع السلفوناميد مؤثرة بشدة في الحيوانات المتسارعة فإنها غير فعالة في الأشكال الكيسية. لذا أدخلت مؤخراً في المعالجة مادة آتوفاكون atovaquon وهي (هيدروكسي نفثو كينون hydroxynaphthoquinone) التي تملك تأثيراً مزدوجاً على الحيوانات المتسارعة والكيسات. لذلك فإن استعمال هذه المادة يمكن أن يحدث شفاء جذرياً لالتهاب الدماغ المقوسي.
الوقايـة
يجب أن توجه الوقاية بالدرجة الأولى للنساء الحوامل ولمنقوصي المناعة وهي تعتمد على تنظيف الأيدي جيداً بعد تماسها مع اللحوم غير المطهية وعدم تناول اللحوم النيئة أو غير المطهية جيداً، وغسل الخضار والفواكه جيداً، وغسل الأيدي جيداً قبل كل طعام، والقضاء على الحشرات لدورها في نقل الإصابة. علماً أن الكيسات المتوضعة في اللحوم يمكن أن تتلف بالطهي بدرجة 56 سلسيوس خلال مدة 15 دقيقة أو بتجميدها بدرجة - 20.
برهان الدين الحفار
مراجع للاسـتزادة: |
- C. MIMS, J. PLAYFAIR, D. WAKELIN, Medical Microbiology (Mosby 1993).
التصنيف : طب بشري
النوع : صحة
المجلد: المجلد التاسع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 290
مشاركة :اترك تعليقك
آخر أخبار الهيئة :
- صدور المجلد الثامن من موسوعة الآثار في سورية
- توصيات مجلس الإدارة
- صدور المجلد الثامن عشر من الموسوعة الطبية
- إعلان..وافق مجلس إدارة هيئة الموسوعة العربية على وقف النشر الورقي لموسوعة العلوم والتقانات، ليصبح إلكترونياً فقط. وقد باشرت الموسوعة بنشر بحوث المجلد التاسع على الموقع مع بداية شهر تشرين الثاني / أكتوبر 2023.
- الدكتورة سندس محمد سعيد الحلبي مدير عام لهيئة الموسوعة العربية تكليفاً
- دار الفكر الموزع الحصري لمنشورات هيئة الموسوعة العربية
البحوث الأكثر قراءة
هل تعلم ؟؟
الكل : 56269173
اليوم : 173363
المجلدات الصادرة عن الموسوعة العربية :
-
المجلد الأول
-
المجلد الثاني
-
المجلد الثالث
-
المجلد الرابع
-
المجلد الخامس
-
المجلد السادس
-
المجلد السابع
-
المجلدالثامن
-
المجلد التاسع
-
المجلد العاشر
-
المجلد الحادي عشر
-
المجلد الثاني عشر
-
المجلد الثالث عشر
-
المجلد الرابع عشر
-
المجلد الخامس عشر
-
المجلد السادس عشر
-
المجلد السابع عشر
-
المجلد الثامن عشر
-
المجلد التاسع عشر
-
المجلد العشرون
-
المجلد الواحد والعشرون
-
المجلد الثاني والعشرون