فييتنام (تاريخيا)
فييتنام (تاريخيا)
Vietnam - Viêt-nam
تاريخ ڤييتنام
يرجع تاريخ ڤييتنام إلى الألف الثالثة ق.م تقريباً، فقد أثبتت التنقيبات الأثرية أن ثمة حضارة زراعية نشطة كانت معروفة هناك تطورت ونمت عبر اتصال أجناس أسترالية وآسيوية نتج منها شعب عرف عند علماء السلالات باسم (لاكڤييت Lac Viet) كان يقيم في سهل دلتا النهر الأحمر مهد الحضارة الڤييتنامية.
تعد مملكة «فان لانغ» Vang Lang أول مملكة ڤييتنامية (700ـ 258ق.م) تحدثت عنها المصادر التاريخية ثم حلت محلها مملكة «أولاك» Au Lac واستمرت حتى بداية الاحتلال الصيني (214ق.م)، حين سقطت على يد القائد الصيني «تروي دا» Treu Da الذي أقام على أنقاضها مملكة مستقلة عام 196ق.م تدعى «نام ڤييت» Nam Viet. وبعد حكم أسرة «هان» الغربية للصين ضم الامبراطور «وودي» Wudi «نام ڤييت» عام 111ق.م إلى الصين وعيّن عليها حاكماً من أسرته وأبقى الإدارة المحلية بيد الأرستقراطية الڤييتنامية إلى أن أتت أسرة «هان» الشرقية سنة 23م، واتبعت سياسة دمج تعسفية أدت إلى ثورات عدة، كانت أولاها ثورة الإقطاعيين (40م) التي قادتها الأختان «ترونغ» Trung اللتان طردتا الصينيين وأقامتا مملكة مستقلة ثلاث سنوات، ثم عاد الصينيون وحاولوا القضاء على الحضارة الڤييتنامية وإحلال حضارة «الهان» محلها. استغل الڤييتناميون ضعف الامبراطورية الصينية وأعلنوا استقلالهم، وفي عام 939م حققوا نصراً كبيراً على القوات الصينية وأسس «نغوكوين» Ngo Quyen أول مملكة ڤييتنامية وطنية دامت حتى سنة 944م حين ضعفت وتمزقت إلى 12 مقاطعة متناحرة، إلى أن وحَّد البلاد الإقطاعي «دين بو لينه» Dinh Bo Linh وأصبح امبراطوراً وسمى البلاد «داي كو فيت» Dai Co Viet.
عرفت ڤييتنام الاستقرار بمجيء سلالة «لي» (1010ـ1225) Le التي أسست مملكة «داي فييت» Dai Viet وقامت بنقل العاصمة إلى «تانغ لونغ» Thang Long(هانوي حالياً) وخلفتها سلالة «تران» (1225ـ1413) Tran التي واجهت المغول الذين سيطروا على الصين وأصبحوا على أبواب »داي فييت«. غير أن الصين عادت واحتلت مملكة داي فييت عام 1428، لكنها انسحبت عام 1527 بعد مقاومة عنيفة، ثم انقسمت الأسرة الحاكمة إلى فرعين حاكمين «نغوين» Nguyen في الجنوب و«ترينه« Trinh في الشمال، وشهدت البلاد حروباً دامية بين الفرعين ترافقت مع قدوم أول سفينة أوربية لسواحل ڤييتنام تحمل تجاراً ومبشرين استقروا في »داي فييت«. في عام 664م سيطرت الامبراطورية المنشورية على الصين وتطلعت إلى احتلال «داي فييت». وبعد نضال طويل قاده الأخوة «تاي سون» Tay Son، تخلص الڤييتناميون من السيطرة المنشورية في عام 1789، واستمرت أسرة «تاي سون» في الحكم حتى عام 1802، ثم أطاح بها «نغوين آنه» Nguyen Anh بمساعدة فرنسية ونصَّب نفسه امبراطوراً باسم «جيالونغ» Gia Long وسمى البلاد «ڤييتنام» Viet-Nam. ومنذ ذلك الحين تزايد نفوذ فرنسا التي احتلت ڤييتنام في سنة 1884، وقامت بتقسيمها إلى ثلاث مناطق «كوشنشين» Cochinchine و«أنام»Annam و«تونكين» Tonkin.
حرب الهند الصينية الأولى
(1940ـ 1954):
يعد عام 1930 بداية النهضة القومية في الهند الصينية حين أسس «هوشي منه»[ر] الحزب الشيوعي الڤييتنامي، وباشر نضاله ضد الفرنسيين سنة 1939 مستفيداً من انقسامهم بين ديغول وبيتان، وجاء احتلال اليابان لڤييتنام 1940 ضربة قاصمة للفرنسيين. غير أن «هوشي منه» واصل نضاله ضد اليابان حتى هزيمتها في الحرب العالمية الثانية واستسلامها في 14آب/أغسطس 1945، وتابع نضاله ضد الفرنسيين فسيطر على تونكين بمساعدة صينية وجعل «هانوي» عاصمة له. وفي أواخر 1946شن «هوشي منه» هجوماً كاسحاً احتل فيه «أنام» ومعظم «تونكين»، وامتدت الحرب دون جبهات واضحة لأنها حرب عصابات بقيادة «جياب» Giap. ولمواجهتها، أنشأ القائد الفرنسي «دو تاسينيي» De Tassigny جيشاً من الڤييتناميين والكمبوديين واللاووسيين باسم «اتحاد الهند الصينية» لكن ميزان القوة كان في مصلحة قوات «الفييت منه» منذ 1949 لوجود تنسيق بين «هوشي منه» و«ماو تسي تونغ» الذي زوّد الجيش الثوري بالمعونات اللازمة. طلبت فرنسا مساعدة عسكرية من واشنطن القلقة من المد الشيوعي في الهند الصينية، وهكذا بدأت المساعدات العسكرية والمالية الأمريكية تأخذ طريقها إلى ڤييتنام، لكن القوات الڤييتنامية أحرزت انتصارات عدة على القوات الفرنسية، كان آخرها الانتصار الكبير في معركة «ديان بيان فو» Dien Bien Phu التي تم في أعقابها التوقيع على اتفاق جنيف بين الحكومة الفرنسية والثوار الڤييتناميين في تموز/يوليو 1954 الذي تم بموجبه تقسيم ڤييتنام إلى ڤييتنام الشمالية (الديمقراطية) عاصمتها هانوي وجمهورية ڤييتنام الجنوبية وعاصمتها سايغون.
حرب الهند الصينية الثانية
(1956ـ 1975):
اتجهت أمريكا إلى تعزيز نفوذها في المنطقة بدعمها لنظام الرئيس (نغو دينة دييم Ngo Dinh Diem) الذي اتصف نظامه بحملات قمع ضد معارضيه، فقام الڤييتناميون الجنوبيون بثورة مناهضة له سنة 1960، تلاها سلسلة انقلابات زعزعت كيان تلك الدولة، ومن ثمَّ وجدت أمريكا نفسها مجبرة على التورط في حرب حقيقية 1964. ونتيجة دعم جمهورية ڤييتنام الديمقراطية، امتد مسرح الحرب إلى الهند الصينية برمتها، فكانت الإمدادات تدخل ڤييتنام عن طريق لاووس وكمبوديا، ويعد عام 1968 منعطفاً تاريخياً في حرب ڤييتنام الثانية، فقد اضطرت الولايات المتحدة إلى دخول مفاوضات في باريس من أجل السلام. ولدى وفاة الرئيس «هوشي منه» (1969) استغل الأمريكيون وحكومة سايغون ذلك لتقديم شروط جديدة، ولكن نتيجة الضربات المتوالية للثوار أعلن الرئيس نيكسون في عام 1970 انسحاباً شكلياً في إطار إدارة جديدة للحرب هي «الڤتنمة» Vietnamisation لتخفيف عدد الجنود الأمريكيين، كما واصل نيكسون الانفتاح على موسكو والصين ليوقع بعد مفاوضات مضنية مع هانوي معاهدة باريس (27/1/1973) التي حظيت باعتراف الدول العظمى.
لكن بعض العراقيل التي خلقتها حكومة سايغون، وتباطؤ واشنطن في سحب مستشاريها جعلت الحكومة الثورية المؤقتة تشن هجوماً عسكرياً على طول الحدود مع كمبوديا إلى أن سقطت سايغون في (29/4/1975). وهكذا انتهت الحرب الصينية الثانية باندحار الجيش الأمريكي. بعدها تشكلت اللجنة الثورية الأولى في سايغون برئاسة القائد «تران فان ترا» Tran Van Tra وأخذت بتطبيق الثورة الثقافية التي وحدّت شطري ڤييتنام (عام 1976).
مع بداية ثمانينات القرن العشرين، شهدت الأوضاع توتراً ملحوظاً بين الصين وڤييتنام حول بعض الجزر في أرخبيلي الباراسيل سبارتلاي، ومما زاد هذا الصراع حدة وقوف موسكو إلى جانب هانوي، ودور القوات الڤييتنامية في إسقاط نظام بول بوت Pol Pot، زعيم الخمير الحمر وحليف بكين الاستراتيجي في كمبوديا، جرت على إثرها بعض المواجهات العسكرية بين الطرفين ولكن من دون نتائج حاسمة، إلا أن زوال الاتحاد السوڤييتي(سابقاً) الذي تزامن مع سياسة الانفتاح التي اعتمدتها الصين في السنوات الأخيرة، إلى جانب انسحاب ڤييتنام من كمبوديا، أدى إلى إزالة أسباب التوتر لتشهد المنطقة بعض الاستقرار وعودة العلاقات إلى سابق عهدها بين البلدين.
عبد العزيز شحادة المنصور
التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الخامس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 92
مشاركة :اترك تعليقك
آخر أخبار الهيئة :
- صدور المجلد الثامن من موسوعة الآثار في سورية
- توصيات مجلس الإدارة
- صدور المجلد الثامن عشر من الموسوعة الطبية
- إعلان..وافق مجلس إدارة هيئة الموسوعة العربية على وقف النشر الورقي لموسوعة العلوم والتقانات، ليصبح إلكترونياً فقط. وقد باشرت الموسوعة بنشر بحوث المجلد التاسع على الموقع مع بداية شهر تشرين الثاني / أكتوبر 2023.
- الدكتورة سندس محمد سعيد الحلبي مدير عام لهيئة الموسوعة العربية تكليفاً
- دار الفكر الموزع الحصري لمنشورات هيئة الموسوعة العربية
البحوث الأكثر قراءة
هل تعلم ؟؟
الكل : 59401466
اليوم : 33776
المجلدات الصادرة عن الموسوعة العربية :
-
المجلد الأول
-
المجلد الثاني
-
المجلد الثالث
-
المجلد الرابع
-
المجلد الخامس
-
المجلد السادس
-
المجلد السابع
-
المجلدالثامن
-
المجلد التاسع
-
المجلد العاشر
-
المجلد الحادي عشر
-
المجلد الثاني عشر
-
المجلد الثالث عشر
-
المجلد الرابع عشر
-
المجلد الخامس عشر
-
المجلد السادس عشر
-
المجلد السابع عشر
-
المجلد الثامن عشر
-
المجلد التاسع عشر
-
المجلد العشرون
-
المجلد الواحد والعشرون
-
المجلد الثاني والعشرون