logo

logo

logo

logo

logo

فاليس (جول-)

فاليس (جول)

Vallès (Jules-) - Vallès (Jules-)

ڤاليس (جول -)

(1832-1885)

 

جول ڤاليس Jules Vallès، واسمه في الأصل «فاليز» Vallez، روائي وصحفي فرنسي ولد في منطقة تقع شمال غربي فرنسا لأسرة تنتمي للطبقة البرجوازية الصغيرة، لم تتمكن على الرغم من كل محاولاتها اليائسة من الانسلاخ عن أصولها القروية. أمضى طفولة تعسة تركت ندبها على مجمل حياته وأعماله، فكان أكثر ما عاناه في طفولته الإكراه، إذ لطالما أجبر وأشقاؤه على احترام القواعد الأخلاقية والاجتماعية الصارمة، والتكيّف مع الأفكار المسبقة للحفاظ على الصورة التي يمليها المركز الاجتماعي المرجو. ولم تكن التربية التي تلقاها ڤاليس في المدرسة أحسن حالاً، بل كانت امتداداً لما لقيه في أسرته، ولقد وجد في المدرسة الثانوية نماذج مطابقة لشخصية أبيه وعاش البيئة ذاتها والقهر عينه.

كان ڤاليس مجتهداً في دراسته، ولم يتفوق لذكائه بل لدأبه. وعندما اندلعت ثورة عام 1848 كان ما زال يتابع تعليمه في مدينة نانت Nantes الفرنسية، فشارك بحماس شديد في التظاهرات، وهنا بدأ عداؤه للمؤسسة الأسرية والتعليمية يأخذ أبعاداً جديدة والتحمت لديه النقمة على الذات بالثورة في روابط لا تنفصم عراها.

نال الشهادة الثانوية بعد عناء وحصل على موافقة ذويه ليقيم في باريس، وهناك فُجِعَ على الصعيد السياسي إذ كان من المناضلين في سبيل تأسيس الجمهورية آنذاك، وكان مستاءً من عودة الامبراطورية عند كلّ تغيير، وعدّ أنه ينتمي للجيل «الذي تحمّل أكبر إساءة في التاريخ». عانى أعوام عدة فاقةً حقيقيةً كسب في أثنائها النقود بكل الوسائل المتاحة فمارس مختلف المهن وأغربها. لكن كتبه التي بدأ بنشرها عام 1857 لفتت إليه الأنظار، ففتحت له الصحف الباريسية أبوابها. وبدأ بذلك حياته المهنية الحقيقية وغدا واحداً من أكبر الصحفيين في عصره، وكانت كتاباته معادية للامبراطورية. أدار عدة صحف منها الطريق «لا رو» La Rue، وتميَّز بجرأته وموهبته، فأودت به صراحته إلى السجن مرات عدة. وانتخب نائباً عن الدائرة الخامسة عشرة فانهمك في إدارة صحيفته «صيحة الشعب» Le Cri du peuple وفي عمله في الجمعية الوطنية حيث انبرى يدافع عن اشتراكية لا مركزية وعن حرية الصحافة. نجا بأعجوبة من محاولة اغتيال، ولجأ إلى لندن هارباً من ترصد رجال القصر به. عاد إلى باريس بعد تسعة أعوام من الشقاء والفاقة، وأحيا صحيفته «صيحة الشعب» ليدعم بقلمه الحملة المناهضة للاستعمار والنزعة العسكرية. توفي في باريس حيث ووري الثرى في جنازة ضخمة صاخبة، شارك فيها مؤيدوه ومعارضوه على حد سواء.

برع ڤاليس بكتابة رواية السيرة، وأطلق بكتابتها العنان لأسلوبه المتحرر من القيود. نشر عدة مؤلفات أولها كتاب بعنوان «المال» L’Argent عام (1857) لفت إليه أنظار القرّاء والنقّاد، خاصة بسبب مقدمته التي اتّسمت بالحدّة. وكتب رائعته الأدبية ثلاثية «جاك فينترا» المؤلفة من ثلاثة كتب روائية: «الطفل» L’Enfant عام (1879)، «الشاب» Le Bachelier عام (1881)، و«الثائر» L’Insurgé، الذي نشر بعد عام على وفاته بفضل جهود أمينة سرّه.

انعكس تمرّد ڤاليس في أسلوبه الذي يفيض بنزعة ثورية تتّقد حماسة وحيوية. وهو أسلوب قوي يتَّسم أحياناً بالصلابة والعنف، وتطغى عليه النزعة الساخرة حتى في أحلك الظروف. وتجنَّب المذاهب والعقائد وابتعد عن أصحابها وعن المتحذلقين ومدّعي المعرفة.

كان الشعر الذي نظمه ضعيفاً، كذلك الأمر في كتاباته المسرحية التي لا مجال لمقارنتها من حيث القيمة الفنية برواياته، خاصة روايته «الثائر» التي تحكي سيرته الذاتية، واستطاع ڤاليس أن يرصد فيها ما هو آني بإحساس متدفق، وأن يجمع نبض الحياة بومضات غضبه وحماسة التزامه ورؤيته الساخرة للحياة، فجعلها صدى لأحاسيسه المرهفة وخيبات أمله، كما أبدع في مقالاته الصحفية.

يعدُّ ڤاليس كاتباً ملتزماً ذا تجربة إنسانية ثرّة، وأما مؤلفاته التي أخذت في معظمها طابع السيرة الذاتية فاتّسمت بديناميكية مذهلة نابعة من إحساس طاغ بالتمرد. يرى بعض النقاد في كتبه أهمية تاريخية، ويعزو بعضهم أهميتها لحضورها الإنساني القوي وصوتها المدوّي. كما كان ذا نزعة واقعية لكنه عادى النزعة الطبيعية، وهكذا ظلَّ على هامش المدارس الأدبية والاتجاهات التي سادت في عصره، متفرداً بمواقفه وأسلوبه وعصيّاً حتى على التعريف.

لبانـة مشـوّح

مراجع للاستزادة:

- I.R.BELLET,Oeuvres, (éd. Gallimard, Paris,1975).

- Europe, nº spécial,déc. (1957 et juin-juillet-août 1968).


التصنيف : الآداب اللاتينية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الرابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 243
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1092
الكل : 45601597
اليوم : 2280

إيليس (غيولا-)

إيلْيَس (غيولا ـ) (1902ـ1983)   غيولا إيلْيَس Gyula Illyes كاتب وشاعر هنغاري، ولد في راسِغرِسْبوشتا Racegrespuszta، وتمكن مع منشئه القروي ومايحيط به من أوضاع صعبة من تثقيف نفسه. وألجأه العمل السياسي الذي بلغ أوجه في بلاده عام 1919 إلى فرنسة حيث انصرف إلى الدراسة الجامعية في السوربون والنشاط النقابي حتى عام 1926 حين عاد إلى بلاده. وقد أثمرت تجربته هذه رواية «مهاجرو الهون في باريس» (1946) Les Huns à Paris؛ وهي سيرة ذاتية تنطوي على تحليل للوجه الاجتماعي للحياة في ظل النظام شبه الإقطاعي الذي كانت تعانيه طبقتا الفلاحين والعمّال الزراعيين، ولما عاد إلى بودابست شاعراً له شأنه، أسس عام 1941 مجلة «ماغيار غيسلاك»، وصار رئيس تحرير مجلة «نيوغات» Nyugat. وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية انتخب نائباً عن حزب الفلاحين وصار رئيس تحرير مجلة «فالاز» Vàlasz التي أوقفت عام 1949 بسبب تعرضها لانتقادات الحزب الشيوعي. يعدّ إيلْيَس في أكبر الشعراء الهنغار في القرن العشرين، ومن دواوينه «الأرض الثقيلة» Terre lourde و«العودة» (1928) Le retour، و«تحت سماوات محلقة» (1935) Sous des cieux volants و«دلائل الشيخوخة» (1970) Les symptômes de vieillesse. ويمتاز إنتاجه بالوفرة والتنوع، فقد كان شاعراً، وكاتب قصص ومقالات ومسرحيات، يتناول بالتحليل النقدي القضايا الاجتماعية المعاصرة، ولاسيما مشكلات مجتمع الفلاحين في هنغارية. لذا يعد بحق شاعر الأمة، ذلك أن نتاجه الأدبي الذي التزم فيه التنديد بالبؤس الغالب في الريف قد اقترن مدة نصف قرن كامل بقضايا أمته المصيرية، وأدّى على أكمل وجه المهمة التي نُذِر لها؛ ألا وهي مهمة قيادة المجتمع نحو التحضّر. وتعدّ أعمال إيلْيَس مثالاً للأدب المرتبط بحركة التاريخ، وإبرازاً لإخلاص الكاتب لأصله القروي وللأمل في الارتقاء الاجتماعي والفكري إلى حياة جديرة بأن تُحيا في ظل النظام الاشتراكي. أعجب إيلْيَس بالثقافة الفرنسية إعجابه بالروح الشعبية في هنغارية، فجمع التأثير السريالي إلى الأعراف الهنغارية. وقد طبعت هذه الازدواجية مؤلفاته على مختلف أنواعها: فمنها الدواوين الشعرية وأولها «الأرض الثقيلة»، والروايات مثل «راديسيل» (1971) والمسرحيات مثل مسرحية «المفضَّل»  (1963) Favori، والتراجم كرائعته عن الشاعر الهنغاري الكبير بيتوفي[ر] (1936) Petofi. يتصف أسلوب إيلْيَس النثري بنقائه وشدة إثارته للمشاعر، وبالسهولة التي يضع فيها الصورة الواقعية في خدمة التعبير الفكري. وهو يمثّل بذلك الاندماج والتكامل بين الإبداع الريفي من جهة والفكر والأدب من جهة أخرى. ويعد ديوانه الأول «الأرض الثقيلة» إدراكاً ذاتياً ملتزماً الأرض الأم، وولادة فن هَمّه المحافظة على التوازن بين الذات والعالم. ويتجلى موقف إيلْيَس ناطقاً بلسان طبقة اجتماعية ثم مرشداً روحياً للأمة في تصوير مناظر طبيعية حميمة في خاصيتها، وفي السرد والتأملات الموقوفة على التضامن الإنساني، والتوزع الصاخب بين التعنيف والتهديد من جهة، والحلم والآمال المرجوة من جهة أخرى. ذلكم هو المسار الفكري والروحي الذي خطّه إيلْيَس لنفسه، ونذر له روحه في المجموعات التالية: «تحت سماوات محلّقة»، و«النظام وسط الخراب» (1937) L'ordre dans les ruines، و«في عالم خاص» (1939) Dans un monde à part. وقد أبدى إيلْيَس اهتماماً وتعاطفاً مع التجربة السوفيتية، واتسم موقفه هذا بالشجاعة. ومنذ عام 1936 صار كل نتاج أدبي له موقفاً سياسياً في مضمونه الثوري وأهمية تأثيره. ففي «كنوز الشعر الفرنسي» Trésor de la poésie française الذي نشره عام 1942 متضامناً مع فرنسة المهزومة أمام الاجتياح الألماني، عبَّر إيلْيَس عن احتجاجه على إمبريالية النازيين الفكرية. ولم يعد يكتفي بموقف الأديب الملتزم فدخل بنفسه المعترك السياسي ليصير بعد التحرير نائباً عن حزب الفلاحين، ولكنه، بعد تخلّيه عن رئاسة تحرير مجلة «فالاز» اعتكف على ضفاف بحيرة البَلاتون. وتحول منزله مع الزمن إلى منتدى أدبي ريفي يستقطب الكثير من المفكرين، ومن بينهم عدد من الشعراء الفرنسيين أمثال بول إيلوار[ر] وأوجين جيلفيك وبيير إمانويل. ألّف إيلْيَس بين عامي 1952 و1963 مجموعة كبيرة من الروايات أهمها «مثال أوزورا» (1952) L'exemple d'Ozora، و«لهب المشعل» (1953) Flamme de Torche، وضع فيها الشخصيات الروائية في خضم الصراعات التاريخية الكبرى، وأكد من خلالها الحاجة الملحة إلى ربط قضية الثورة بالقضية الوطنية. ومنذ عام 1965 صار البطل عند إيلْيَس ضحية تتنازع مشاعره السياسة والأخلاق. وتتمثل صورة البطل هذه في شخصية ماكسيموم بيترونيوس في مسرحية «المفضَّل». تتلخص الأهداف الإنسانية التي أوقف عليها إيلْيَس مجمل دواوينه الشعرية في البقاء شاهداً على التاريخ، وفي التعبير الصادق عن هموم الأمة، كما في أزمات اليأس التي مرت بها، وفي التشبّث العنيد بالمقاومة، والرغبة المتجددة أبداً بقيام نظام متناسق الأجزاء. من دواوينه في هذه المرحلة «قبضات أيد» (1956) Poignées de mains، و«الشراع المائل» (1965) Voile Penchee، و«أسود وأبيض» (1968) Noir et blanc، وقد انتهج فيها الكاتب أسلوباً مميزاً يخفف فيه تواترُ الفصول وسكينة الطبيعة من حدّة الشكوك ومرارة القلق. ثم لايلبث الشعور بالمسؤولية أن يعاود تأججه في صدر الشاعر بفضل فكر متّقد تنتشله صور الواقع من أعماق الهاوية التي يقبع فيها. وصار إيلْيَس في السبعينات الممثل المثالي للتقاليد الشعبية التقدمية، وغدت سلطته المعنوية أشبه بالأسطورة، ولكن قلقاً جديداً انبعث من نتاجه الأدبي على مختلف أنواعه، كما في دواوينه «قصائد مهجورة» (1971) Poemés abandonnés، و«كل شيء ممكن» Tout est possible و«وصية غريبة»  (1977) Testament étrange، و«قضية عامة» (1981) Affaire publique. ومن دراساته ومقالاته الاجتماعية: «البوصلة في اليد» (1975) Boussole à la main ، و«عليك أن تعيش هنا» (1976) Tu dois vivre ici، ومن مسرحياته «لنتعافَ» (1977) Ressaisissons-nous. وتمثل روايته «صفحات بياتريس» (1979) Les pages de Béatrice التي تدور أحداثها حول ثورات 1918-1919 سيرته الذاتية. ويبقى إيلْيَس الموجه الأخلاقي الواقع فريسة لصراع داخلي شرس، في زمن عاق تأتي الكوارث فيه من العدم ويصعب إيجاد مسوّغ أخلاقي لها. توفي إيلْيَس في منزله الواقع على ضفاف نهر البالاتون.   لبانة مشوح   مراجع للاستزادة:   - L.GARA, Gyula Illyes, (Paris 1966).
المزيد »